فصل في الجماعة

[ فصل في الجماعة وهى من المستحبات الاكيدة في جميع الفرائض (1)، ] فغريب إذا كان المراد قصده في قبال الميت، إذ لا يحصل بذلك تفريغ ذمة الميت. نعم إذا كان المراد النيابة عن الولي في إفراغ ذمة الميت - نظير ما إذا استؤجر شخص على النيابة عن الميت فمات ذلك الشخص الاجير وقام وارثه مقامه، فانه ينوي النيابة عن مورثه في افراغ ذمة الميت الاول -، فهذا المعنى صحيح في نفسه، لكنه لا دليل عليه، ولا مقتضي له. ولعل مراد المصنف ذلك، والعبارة قاصرة. والله سبحانه أعلم. والحمد لله رب العالمين - أولا وآخرا - وله الشكر. فصل في الجماعة (1) وعن المنتهى والذكرى - ظاهر - الاجماع عليه. ويدل عليه. صحيح زرارة والفضيل: (قلنا له: الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال عليه السلام: الصلاة فريضة. وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له) (* 1). ودعوى: كون ظاهره السؤال عن كونها فريضة أولا مفروغا عن مشروعيتها، فليس في مقام التشريع ليؤخذ باطلاقه. مدفوعة: بان ظاهر الجواب كونه في مقام بيان أصل المشروعية في عامة الصلاة. فاما أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 158 )

 

يكون صارفا للسؤال عن ظاهره فيحمل على السؤال عن أصل المشروعية وكونها بنحو الفريضة. أو يحمل الجواب على التفضل بزيادة البيان، كقوله (ع) فيه: (الصلاة فريضة) الذي لم يكن مسؤلا عنه أصلا. وأضعف من ذلك توهم كون النفي فيها واردا على العموم، فتدل على كون الجماعة سنة في خصوص مورد نفي فرضها وهو غير معلوم. إذ فيه: أن ذلك إنما يصح لو كانت كلمة: (كل) بنفسها موضوعا للنفي لا ما لو كان موضوعه الجمع المحلى باللام وكانت مؤكدة، إذ حينئذ يكون النفي عاما وتكون كلمة (كل) مؤكدة لعموم النفي. مع أنه - لو سلم ذلك - كان الصحيح دالا على كون الجماعة ليست مفروضة في مجموع الصلوات، بل هي مفروضة في بعضها وسنة في غير مورد الفرض، فالشك إنما يكون في كل مورد أنها سنة أو فريضة، لا أنها مشروعة أو غير مشروعة مضافا إلى مثل رواية ابن أبي يعفور: (لا صلاة لمن لم يصل في المسجد مع المسليمن إلا من علة) (* 1). ومن ذلك يظهر الاشكال فيما عن ظاهر بعض من اختصاص الحكم بالخمس اليومية. ولا سيما وقد تواترت النصوص في مشروعيتها في بعض آخر غيرها، كالايات والاموات. نعم لا بأس بالاشكال في مشروعيتها في صلاة الاحتياط - بناء على المنع عنها في مطلق النافلة -، لاحتمال كونها منها. وكذا المنذورة، فان الظاهر من الفريضة والنافلة ما كانت بعنوان كونها (صلاة) فريضة أو نافلة، والمنذورة بعنوان كونها (صلاة) نافلة وأنما تجب بعنوان كونها (منذورة). ولذا يجب فعل المنذور ولو لم يكن صلاة، كما هو ظاهر. ومثلها ما وجبت بأمر الوالد والسيد والاجارة ونحوها وأما صلاة الطواف فمشروعية الجماعة فيها مبنية على وجوبها، كما سيأتي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 8.

 

===============

 

( 159 )

 

[ خصوصا اليومية (1) منها. وخصوصا في الادائية (2)، ولا سيما في الصبح (3) والعشاءين، وخصوصا لجيران المسجد (4) أو من يسمع النداء (5). وقد ورد في فضلها وذم تاركها من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات، ففي الصحيح " الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ - أي الفرد - باربع ] في محله إن شاء الله. (1) كما نص عليه جماعة. وتشير إليه بعض النصوص المتعرضة لها بالخصوص، كرواية السكوني: (قال رسول صلى الله عليه وآله: من صلى الخمس في جماعة فظنوا به خيرا) (* 1) ونحوها غيرها. (2) لاختصاص بعض النصوص بها. فلاحظ رواية ابن أبي يعفور (* 2) وغيرها. (3) لاختصاص بعض نصوص الثواب بها. وقد عقد لها في الوسائل بابا (* 3). (4) لرواية ابن مسلم: (لا صلاة لمن لم يشهد الصلاة من جيران المسجد، إلا مريض أو مشغول) (* 4). (5) لرواية زرارة: (من سمع النداء فلم يجب من غير علة فلا صلاة له) (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 2) المراد بها روايته المتقدمة قريبا جدا. (* 3) راجع الوسائل باب: 3 من ابواب صلاة الجماعة. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 160 )

 

[ وعشرين درجة ((* 1). وفي رواية زرارة:) قلت لأبي عبد الله (ع): ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين؟ فقال (ع): صدقوا فقلت: الرجلان يكونان جماعة؟ قال (ع): نعم، ويقوم الرجل عن يمين الامام) (* 2). وفي رواية محمد بن عمارة: (قال: ارسلت إلى الرضا (ع) أساله عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته مع جماعة، فقال (ع): الصلاة في جماعة أفضل) (* 3)، مع أنه ورد: (إن الصلاة في مسجد الكوفة تعدل الف صلاة. وفي بعض الاخبار الفين). بل في خبر: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل مع سبعين الف ملك بعد صلاة الظهر فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام وأهدى اليك هديتين لم يهدهما إلى نبي قبلك. قلت: ما تلك الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات، والصلاة الخمس في جماعة. قلت: يا جبرئيل، ما لامتي في الجماعة؟ قال: يا محمد، إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة، وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد الفا ومائتي صلاة، وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة الفين واربعمائة صلاة، وإذا كانوا ]

 

 

____________

(1) الوسائل باب: 1 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 33 من ابواب احكام المساجد حديث: 4.

 

===============

 

( 161 )

 

[ ستة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة، وإذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة، وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر الفا ومائتي صلاة، وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بل ركعة ثمانية وثلاثين الفا واربعمائة صلاة، وإذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وسبعين الفا والفين وثمانمائة صلاة. فان زادوا على العشرة، فلو صارت السموات كلها قرطاسا والبحار مدادا والاشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة. يا محمد صلى الله عليه وآله تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير من ستين الف حجة وعمرة، وخير من الدنيا وما فيها بسبعين الف مرة. وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مائة الف دينار يتصدق بها على المساكين. وسجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خير من عتق مائة رقبة) (* 1) وعن الصادق (ع): (الصلاة خلف العالم بالف ركعة. وخلف القرشي بمائة) (* 2). ولا يخفى أنه إذا تعدد جهات الفضل تضاعف الأجر فإذا كانت في مسجد السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره، وإذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك، وإذا كانت ]

 

 

____________

(1) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 162 )

 

في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره وكذا إذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف، أو كانت عند علي (ع) الذي فيه بمائتي الف، وإذا كانت خلف العالم أو السيد فأفضل، وان كانت خلف العالم السيد فأفضل، وكلما كان الامام أوثق وأورع وأفضل فافضل، وإذا كان المأمومون ذوي فضل فتكون أفضل، وكلما كان المأمومون اكثر كان الاجر أزيد. ولا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافا بها، ففي الخبر: " لا صلاة لمن لا يصلي في مسجد إلا من علة، ولا غيبة لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا. ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته، وسقطت بينهم عدالته، ووجب هجرانه. وإذا دفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذره، فان حضر جماعة المسلمين وإلا أحرق عليه بيته). وفي آخر (إن أمير المؤمنين (ع) بلغه إن قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال: إن قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا، فلا يواكلونا، ولا يشاربونا، ولا يشاورونا ولا يناكحونا أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة. واني لاوشك بنار تشعل في دورهم فاحرقها عليهم أو ينتهون. قال: فامتنع المسلمون من مواكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين) (* 1) - إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة -.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب احكام المساجد: 9.

 

===============

 

( 163 )

 

[ فمقتضى الايمان عدم الترك من غير عذر. لا سيما مع الاستمرار عليه، فانه - كما ورد - لا يمنع الشيطان من شئ من العبادات منعها، ويعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة ونحوها حيث لا يمكنهم انكارها، لأن فضلها من ضروريات الدين. (مسألة 1): تجب الجماعة في الجمعة (1)، وتشترط في صحتها. وكذا العيدين (2) مع اجتماع شرائط (3) الوجوب وكذا إذا ضاق الوقت عن تعلم القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته على التعلم (4). وأما إذا كان عاجزا عنه أصلا ] (1) إجماعا من المسلمين كافة - كما عن المعبتر - أو العلماء كافة - كما عن التذكرة. والنصوص به متواترة (* 1). والمراد من الوجوب: الوجوب الوضعي، أو الارشادي، أو الغيري. فقوله: (وتشترط في صحتها) راجع إليه أو ملزوم له. (2) بلا خلاف أجده فيه بل بالاجماع صرح بعضهم، كما في الجواهر. ويدل عليه جملة من النصوص، كصحيح زرارة عن أبي جعفر: (من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه) (* 2) ونحوه غيره. (3) فلو اختل بعضها استحبت فرادى وجماعة على المشهور. وسيأتي الكلام فيه في محله. (4) إن كان المراد من وجوب الائتمام حينئذ عدم صحة صلاته منفردا

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل ابواب صلاة الجمعة والجماعة، وابواب اعداد الفرائض، وابواب القراءة والقنوت. فان كثيرا منها يدل على المطلوب. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب صلاة العيد الحديث: 3.

 

===============

 

( 164 )

 

فهو يتوقف على عدم ثبوت مشروعيتها - كذلك - في ظرف عدم التعلم. لكن الظاهر عموم المشروعية، لأدلة البدلية الخاصة، مثل ما في رواية ابن سنان من قول الصادق (ع): (لو أن رجلا دخل في الاسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلي) (* 1). وقريب منه غيره، فانها تشمل صورة القدرة على الائتمام وعدمها. بل وأدلة البدلية العامة، مثل قاعدة الميسور، على تقدير تمامية عموم أدلتها لمثل المقام. وتوهم: أنه يشكل تطبيق أدلة البدلية المذكورة مع القدرة على الصلاة جماعة، فانها أحد أفراد الواجب الاولي الذي يجب تعيينا عند العجز عن الفرد الآخر. وهذا الوجوب العقلي قرينة على صرف أدلة البدلية إلى غير الفرض. مندفع: بأن ذلك يتم لو كان الائتمام أحد افراد الواجب. وليس كذلك، بل هو من قبيل المسقط لوجوب القراءة المعتبرة في الصلاة، كما سيأتي استظهاره من النصوص. فمع عدم التمكن من القراءة لا موجب عقلا لفعل المسقط فتسقط القراءة بالعجز لا غير، فيكون تطبيق القاعدة على ما عدا القراءة من الاجزاء والشروط في محله. نعم لو لم تتم أدلة القاعدة المذكورة، ولم يستفد من الصحيح البدلية المطلقة كان مقتضى إطلاق دليل الجزئية بطلان الفاقد له وحنيئذ فان كان إجماع على وجوب الصلاة كان مقتضى الدلالة الالتزامية لاطلاق دليل الجزئية تعين الائتمام، ولا مجال للاكتفاء بالفرادى. لكنك عرفت تمامية دلالة الصحيح. نعم يمكن اختصاصه بصورة عدم تقصيره بترك التعلم، وحينئذ فالمرجع في صورة تقصيره في ذلك أصالة الفساد. بل تمكن دعوى: وجوب الائتمام عقلا في الفرض، فرارا عن استحقاق العقاب على تقدير تركه وفعل الصلاة منفردا - لترك القراءة الواجبة اختيارا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 165 )

 

[ فلا يجب عليه (1) حضور الجماعة وان كان احوط. وقد تجب بالنذر (2) والعهد واليمين، ولكن لو خالف صحت الصلاة (3) وإن كان متعمدا، ] باختيار ترك التعلم - فان ترك القراءة اختيارا - ولو بترك التعلم - موجب للعقاب على تقدير ترك الائتمام، بخلاف ما لو صلى مأموما، فانه لم يترك واجبا فعليا يستحق عليه العقاب. لكن ذلك مختص بصوره ترك التعلم لابنية الائتمام في آخر الوقت، إذ لو تركه ناويا للائتمام في آخر الوقت لا يكون عاصيا بترك القراءة، وفي آخر الوقت تسقط القراءة للتعذر ولا موجب لفعل المسقط. (1) مما تقدم تعرف ان هذا يتوقف على كون الائتمام مسقطا، بحيث لا يمنع التمكن منه من إجراء أدلة البدلية - العامة أو الخاصة - لاثبات مشروعية صلاة الفرادى بلا قراءة. (2) لعموم أدلة الوفاء بها. (3) كما استظهره في الجواهر وغيرها. لعدم صيرورتها شرطا بالنذر ثم احتمل في الجواهر الفساد أيضا. ويمكن تقريب وجه الصحة: بأن أدلة الوفاء بالنذر إنما اقتضت وجوب الصلاة جماعة، وذلك لا يقتضي بطلان الصلاة فرادى إلا بناء على أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده. فتأمل. فان قلت: التحقيق أن مفاد قول الناذر: (لله علي أن أفعل كذا) جعل حق وضعي له سبحانه، لان الظاهر من (اللام) كونها للملك، ومن (الظرف) كونه مستقرا، نظير قولك: (لزيد علي مال). فمقتضى أدلة نفوذ النذر وصحته هو ثبوت مضمونه، فيكون الفعل المنذور ملكا له سبحانه، نظير ملك المستأجر لفعل الاجير. ومقتضى عموم قاعدة السلطنة في الاموال والحقوق قصور سلطنة الناذر عن كل ما ينافي المنذور، وإذا لم

 

===============

 

( 166 )

 

يكن للناذر سلطنة على الصلاة فرادى - لمنافاتها للصلاة جماعة - كانت الصلاة فرادى محرمة فتبطل. ولاجل ذلك نقول: ببطلان بيع منذور الصدقة، لمنافاة بيعه للصدقة المنذورة. قلت: السلطنة على المال والحق تتصور - بدأ - على نحوين: (أحدهما): السلطنة الحقيقية في الأمور الاعتبارية، فيكون معنى سلطنة زيد على ماله. قدرته على بيعه وهبته وإجارته ونحوه من الامور الاعتبارية. (وثانيهما): السلطنة التشريعية في الأمور الحقيقية، فيكون معنى سلطنته على ماله: جواز أكله وشربه واتلافه ونحوها من الامور الحقيقة. فان كان مفاد قاعدة السلطنة المجعولة لذي المال والحق هو السلطنة - بالمعنى الاول - اقتضت قصور سلطنة الغير - بالمعنى الاول -، فيكون مفاد القاعدة: اثبات السلطنة - بالمعنى الاول - ونفي السلطنة لمن سواه - بالمعنى الاول - الراجع إلى نفي قدرة الغير على كل تصرف اعتباري. وان كان مفادها السلطنة - بالمعنى الثاني - اقتضت قصور سلطنة الغير - بالمعنى الثاني - أيضا. والظاهر من دليل القاعدة ارادة السلطنة - بالمعنى الاول -، فتدل على نفي السلطنة - بالمعنى الاول - عن الغير، ونفي السلطنة - بالمعنى الاول - عن الغير لا يستتبع تحريما، لان إثباتها - بالمعنى الاول - للمالك لا يستتبع جوازا تكليفيا، ولذا نقول: لا تدل قاعدة السلطنة على جواز كل تصرف في المال جوازا تكليفيا، ولا يصح الرجوع إليها في الشبهة التحريمية والوجوبية. وعلى هذا فتطبيق قاعدة السلطنة في المقام لا يقتضي حرمة ما ينافي المنذور، لتقتضي فساد الصلاة فرادى. بل يمكن منع استتباع نفي السلطنة - بالمعنى الثاني - عن غير ذي الحق للتحريم، فان الامر بالاهم وان كان يمنع من قدرة المكلف على المهم إلا أنه لا يوجب تحريمه، فان عدم جعل الجواز أعم من جعل التحريم.

 

===============

 

( 167 )

 

بل يمكن - أيضا - منع تحريم الصلاة فرادى في المقام - ولو بناء على أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده - فان الصلاة فرادى والصلاة جماعة ليستا من قبيل الضدين، بل من قبيل الفردين لماهية واحدة، يتبادلان على مصلحة واحدة، إذا وجد أحدهما حصلت مصلحة الطبيعة وخلى الفرد الآخر عنها، وليستا ذات مصلحتين يلزم من حصول إحداهما فوات الاخرى. والتحقيق أن يقال إن نذر الصلاة جماعة راجع إلى تعيين ما في الذمة في صلاة الجماعة، فاما ان يكون النذر منوطا باشتغال ذمة المكلف بالواجب - حدوثا وبقاء - بحيث يرجع محصل نذر الناذر إلى نذر الصلاة جماعة على تقدير بقائها في ذمته، فلا ينبغي التأمل حينئذ في جواز فعل الصلاة فرادى. ولا منافاة فيها للنذر بوجه، لأن الوجوب المشروط بشئ لا يقتضي حفظ شرطه. وإما أن لا يكون منوطا به إلا حدوثا، ويكون مرجع النذر إلى نذر إبقاء الواجب في الذمة وعدم الاتيان بفرد منه إلا الصلاة جماعة، فلا ينبغي التأمل في فساد الصلاة فرادى، لأنها تفويت للمنذور الذي هو متعلق حق الله سبحانه فيحرم، وإذا حرمت الصلاة بطلت. وهذا التحريم ليس مستفادا من قاعدة السلطنة على الحق - كي يتوجه عليه ما ذكر: من أن مفاد القاعدة السلطنة الحقيقة على الامور الاعتبارية، لا السلطنة التشريعية في الامور الحقيقية، كي تستتبع تحريما لتصرف غير السلطان - وإنما يستفاد التحريم المذكور من دليل حرمة التصرف في مال الغير وحقه بلا إذن من صاحبه. ومن ذلك يظهر أنه لو نذر أن يتصدق بشاة معينة لم يجز له ذبحها ولا يصح له بيعها. (أما الأول): فلحرمة التصرف في موضوع حق الغير. (وأما الثاني): فلقاعدة السلطنة على الحق والمال. ومن ذلك يظهر الحكم فيما لو نذر الصلاة في المسجد أو قراءة سورة معينة أو نحو

 

===============

 

( 168 )

 

[ ووجبت حينئذ عليه الكفارة (1). والظاهر وجوبها أيضا إذا كان ترك الوسواس (2) موقوفا عليها، وكذا إذا ضاق الوقت (3) عن ادراك الركعة، بأن كان هناك إمام في حال الركوع، بل ] ذلك، فان المخالفة في جميعها موجبة للبطلان. هذا كله بناء على أن مفاد صيغة النذر إثبات حق لله تعالى. أما بناء على أن مفادها مجرد الالتزام بالمنذور، بأن يكون معنى (لله علي كذا) (التزمت لله علي)، فيكون اللام متعلقة ب‍ (التزمت) والظرف لغو، فليس هناك ما يقتضي ثبوت حق له تعالى. فلا موجب للبطلان، لعدم التحريم إلا بناء على أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده على إشكال عرفته. وقد تقدم في مبحث القراءة بعض الكلام في المقام. (1) هذا بناء على صحة الصلاة فرادى في محله. أما بناء على البطلان فقد يشكل لعدم المخالفة واقعا، فيكون كما لو صلى صلاة باطلة. وفيه: أن البطلان الاتي من قبل النذر لا يمنع من صدق المخالفة للنذر، كما هو محرر في بعض أدلة القول بالاعم في الاصول. (2) الظاهر أنه لا إشكال في حرمة الوسواس. وقد يستفاد من صحيح ابن سنان: (ذكرت لأبي عبد الله (ع) رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت: هو رجل عاقل. فقال أبو عبد الله (ع): وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شئ هو فانه يقول لك: من عمل الشيطان) (* 1). وقد تقدم بعض الكلام فيه في كتاب الطهارة. (3) لانحصار امتثال الامر بالصلاة في الوقت في الصلاة جماعة. لكن لو خالف صح قضاء، لوقوع كل جزء في غير وقته. إلا إذا لم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب مقدمة العباداب حديث: 1.

 

===============

 

( 169 )

 

[ وكذا إذا كان بطيئا في القراءة في ضيق الوقت، بل لا يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين (1) ] يستفد من دليل القضاء إلا مشروعيته بعد خروج تمام الوقت. لكنه غير ظاهر، إلا من جهة عدم صدق الفوت في الفرض، لامكان الاداء. ومنه يعلم الحكم فيما بعده. (1) بناء على وجوب اطاعتهما مطلقا، كما يستفاد من جملة من النصوص. ففي رواية محمد بن مروان عن الصادق (ع) - في الوالدين - (وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فان ذلك من الايمان) (* 1) أو لأن ترك إطاعتهما عقوقا معدود في الكبائر في النصوص الكثيرة المتضمنة لتعداد الكبائر. وقد عقد لها في الوسائل بابا في كتاب الجهاد (* 2). أو لأنها إحسان اليهما فيجب بظاهر قوله تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا...) (* 3). لكن في الجواهر استقرب صحة صوم الولد مع نهي الوالد عنه، لعدم ما يدل على وجوب اطاعتهما في ذلك ما لم يستلزم إيذاء بذلك من حيث الشفقة، وكأنه لعدم إمكان الالتزام بوجوب الاطاعة مطلقا، فيتعين حملها على الاستحباب كما قد يومئ إليه ذيل رواية محمد بن مروان. ومنع كون تركها عقوقا مطلقا، فان الظاهر أنه ضد البر - كما في القاموس - بل قد يظهر من صحيح عمر بن يزيد قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن إمام لا بأس به في جميع أموره غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 92 من ابواب احكام الأولاد حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 36 من ابواب جهاد النفس. (* 3) الاسراء: 23.

 

===============

 

( 170 )

 

[ (مسألة 2): لا تشرع الجماعة في شئ من النوافل (1) ] خلفه؟ قال (ع): لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا) (* 1) أن العقوق مرتبة عالية من الاساءة. بل ظاهره أن الاستمرار على إغاظتهما لا تنافي العدالة فلا تكون محرمة. وأما الآية فمفسرة - في صحيح أبي ولاد أو حسنه - بأن يحسن صحبتهما، وان لا يكلفهما أن يسألاه شيئا مما يحتاجان إليه وان كانا مستغنيين (* 2). ولا يمكن الالتزام بظاهره، كما لعله ظاهر. وكأن ما التزم به في الجواهر - من وجوب اطاعتهما في خصوص الامر الصادر عن الشفقة بحيث يكون تركها ايذاء لهما - معقد إجماع، والا فلم أجد ما يدل عليه من النصوص (* 3) بالخصوص عاجلا. وللنظر في المسألة محل آخر إن شاء الله. (1) إجماعا محكيا عن المنتهى والذكرى وفي كنز العرفان. ويدل عليه الخبر المعتبر - المحكي عن العيون - عن الفضل عن الرضا (ع) في كتابه إلى المأمون: (لا يجوز أن يصلي تطوع في جماعة، لأن ذلك بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) (* 4). ونحوه خبر الأعمش (* 5). وما ورد في المنع عن الجماعة في نافلة شهر رمضان (* 6)، مما لا يبعد اسئفادة عموم الحكم منه. وما في خبر محمد بن سليمان المروي في باب استحباب زيادة الف ركعة في شهر رمضان من الوسائل عن الرضا (ع) - وعن جماعة عن الصادق والكاظم (ع) - من قوله النبي صلى الله عليه وآله: (واعلموا أنه لا جماعة في نافلة) (* 7).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 92 من ابواب احكام الأولاد حديث: 1. (* 3) مرت الاشارة إلى مواضع اكثرها في المسألة: 5 من فصل صلاة الاستيجار. (* 4) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 6) الوسائل باب: 10 من ابواب نافة شهر رمضان. (* 7) الوسائل باب: 7 من ابواب نافلة شهر رمضان: 6.

 

===============

 

( 171 )

 

[ الاصلية وان وجبت بالعارض. بنذر أو نحوه (1)، حتى صلاة الغدير على الاقوى (2)، ] وعن المدارك والذخيره: الميل إلى الجواز. لصحيح هشام: عن المرأة تؤم النساء؟ قال (ع): تؤمهن في النافلة، فاما المكتوبة فلا) (* 1) ونحوه صحيحا الحلبي وسليمان بن خالد (* 2). ولصحيح عبد الرحمن: (صل باهلك في رمضان الفريضة والنافلة، فاني أفعله) (* 3). والاول لاإطلاق لها - والصحيح الاخير مخالف لصريح الصحاح الدالة على كون الاجتماع في نافلة شهر رمضان بدعة، التي يجب تقديمها عليه. مع قرب دعوى: إرادة الصلاة في بيته لا في المسجد. (1) لما تقدم. مضافا إلى أن وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح لتبدل حكم المنذور. فإذا كانت النافلة غير مشروعة جماعة ولا راجحة، امتنع شمول إطلاق المنذور لها، فلا يكون الاتيان بها جماعة وفاء للنذر. (2) كما هو ظاهر المشهور. للاطلاق المتقدم. وعن جماعة كثيرة: المشروعية فيها، لمرسل أبي الصلاح. أو لان عمل الشيعة على ذلك - كما عن ايضاح النافع -. لكن الاطلاق لا قصور فيه. والعمل غير ثابت. والمرسل لا يصح الاعتماد عليه في مثل المقام. وأما قاعدة: (التسامح في أدلة السنن) فغير ثابتة. بل الظاهر من أخبارها أن ترتب الثواب على مجرد الانقياد، فلا طريق لاثبات المشروعية. ولو سلم ثبوتها فانما تجري حيث لا دليل على نفي المشروعية، أو على الحرمة الذاتية، وحينئذ فاطلاق المنع المتقدم - وارد عليها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9 و 12. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 13.

 

===============

 

( 172 )

 

ولو اغمض النظر عن ذلك فاطلاق أدلة الاحكام الاولية للصلاة - مثل (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) - يدل أيضا على عدم المشروعية، لوجوب الرجوع إلى العام عند الشك في المخصص للشبهة المفهومية - ومنه المقام -. ولو سلم جريانها وعدم ورود دليل المنع عليها، فانما تجدي لو كانت أحكام الجماعة - من سقوط القراءة وغيره - أحكاما لاستحباب الجماعة مطلقا. أما لو كانت من أحكام استحبابها الذاتي، فثبوت الاحكام المذكورة يتوقف على كون مفاد القاعدة حجية الخبر الضعيف، إذ حينئذ يكون مرسل أبي الصلاح حجة على استحبابها الذاتي، فتترتب عليه الاحكام أما لو كان مفادها هو الاستحباب العارضي - لعنوان البلوغ الذي هو عنوان ثانوي لم تجد في ترتب الاحكام. كما أنه لو كانت الاحكام المذكورة أحكاما لذات الجماعة في عرض الاستحباب، بنحو تكون ملازمة له. فان كان مفاد القاعدة حجية الخبر الضعيف، فحيث أنها تدل على حجيته في خصوص الاستحباب، دون سائر مداليله المطابقية والالتزامية، كان إطلاق أدلة الاحكام الأولية مثل: (لا صلاة الا بفاتحة الكتاب) - معارضا للخبر الضعيف في ثبوت الاستحباب، لأن ذلك الاطلاق يدل بالالتزام على نفي الاستحباب. وهو حجة فيه. ولا يكون المرسل معارضا للاطلاق في ثبوت مؤداه - من وجوب القراءة - لعدم حجية المرسل في ذلك وان كان مدلولا التزاميا، لعدم دلالة القاعدة على حجيته في المدلول الالتزامي، وإنما تدل على حجيته في خصوص الاستحباب. فتختص المعارضة بينهما في ثبوت الاستحباب لاغير، وبعد التساقط يرجع إلى أصالة عدم المشروعية في الجماعة، ويحكم بوجوب القراءة وغيرها من الاحكام الاولية، للاطلاق من دون معارض. نعم لو كان مفادها نفس الاستحباب العارضي كانت معارضة للاطلاق

 

===============

 

( 173 )

 

[ إلا في صلاة الاستسقاء (1). نعم لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض، كصلاة العيدين (2) مع عدم اجتماع شرائط الوجوب والصلاة المعادة جماعة (3)، والفريضة المتبرع (4) بها عن الغير، والمأتي بها من جهة الاحتياط الاستحبابي. ] المذكور، لدلالة أحدهما على أحد المتلازمين والآخر على نفيه، فيتحقق بينهما التكاذب الذي هو قوام التعارض. وحيث أن بينهما عموما من وجه فالمرجع الاصل في كل واحد من الاحكام، كاصلالة البراءة من وجوب القراءة، ومن مانعية الزيادة الركنية، بل مطلق الزيادة العمدية. لكن يشكل الرجوع إلى الأصل كلية، من جهة العلم الاجمالي بوجوب المتابعة - بناء على وجوبها النفسي - أو القراءة مثلا. بل قد يدور الامر بين الوجوب والحرمة في خصوص بعض الموارد - كما في الصلاة الجهرية - بناء على حرمة القراءة ذاتا، ولو شك بين الثلاث والاربع - وقد حفظ الامام أنها ثلاث - فانيدور أمره بين التسليم والاتيان بركعة منفصلة، وبين ترك التسليم والاتيان بركعة متصلة إلى غير ذلك. (1) إجماعا ونصوصا. (2) كما يأتي إن شاء الله تعالى. (3) فانها لا تشرع إلا جماعة، نظير صلاة الاستسقاء. واتي - إن شاء الله تعالى - دليل ذلك. (4) فان موضع النفل هو حيثية التبرع لا نفس الصلاة، لما تقدم في مبحث القضاء من أن المتبرع يقصد امتثال الامر الوجوبي المتوجه إلى الميت ولذا يشكل استثناؤها من عدم مشروعية الجماعة في النافلة. ولا مجال للتوقف في مشروعيتها جماعة لأجل أنها نافلة. نعم لو كان التوقف في ذلك لاجل التوقف في إطلاق دليل مشروعية الجماعة كان له وجه.

 

===============

 

( 174 )

 

[ (مسألة 3): يجوز الاقتداء في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي الاخرى أيا منها كانت (1)، ] لكن الأوجه خلافه، إذ لا وجه له ظاهر. ولا سيما أن دليل التبرع - كدليل القضاء - إنما يقتضي استحباب الاتيان بما على الميت بماله من الاحكام التي منها صحة الاتيان به جماعة. ومثلها المأتي بها احتياطا استحبابيا، فان الباعث هو الامر الوجوبي المحتمل تعلقه بها بما لها من الكيفية ولو جماعة. وحينئذ يصح أن يقتدي فيها بمن يصلي الفرض، وبمن يعيد احتياطا استحبابا مع الاتفاق في الجهة، بل ومع الاختلاف إذا كان برجاء مطابقة احتياط الامام للواقع لا مطلقا، لاحتمال مخالفته للواقع، فلا تكون صلاة صحيحة. أو تكون نافلة لو كان قد قصد الامام القربة المطلقة. (1) بلا خلاف فيه في الجملة، بل عن المنتهى والتذكرة والمعتبر: (لو صلى الظهر مع من يصلي العصر صح. ذهب إليه علماؤنا). وعن الاول زيادة: (أجمع). ويدل عليه خبر عبد الرحمن البصري عن الصادق عليه السلام - في من نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى قال (ع): (وان ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب ثم صلى العتمة بعدها) (* 1). وصحيح حماد عن الصادق (ع): (عن رجل إمام قوم فصلى العصر وهي لهم الظهر، فقال (ع): أجزأت عنه وأجزأت عنهم) (* 2). وصحيح ابن مسلم في المسافر: (قال (ع): وان صلى معهم الظهر فليجعل الاولتين الظهر والاخيرتين العصر) (* 3) إلى غير ذلك.. وعن الصدوق (ره): (لا بأس أن يصلي الرجل الظهر خلف من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 63 من ابواب المواقيت حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 53 من ابواب الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 18 من ابواب الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 175 )

 

[ وان اختلفا في الجهر والاخفات، والاداء والقضاء (1)، والقصر والتمام (2). ] يصلي العصر. ولا يصلي العصر خلف من يصلي الظهر، إلا أن يتوهما العصر). ويستدل له بصحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): (عن إمام كان في الظهر فقامت امرأة بحياله تصلي معه وهي تحسب أنها العصر هل يفسد ذلك على القوم؟ وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر؟ قال (ع): لا يفسد ذلك على القوم، وتعيد المرأة صلاتها) (* 1). وهي - كما ترى - على خلاف مدعاه، للامر فيها بالاعادة في صورة توهم العصر. وقد أفتى هو فيها بالصحة ولعل الامر بالاعادة لأجل محاذاة الامام أو لتقدمها على الرجال، مع موافقة الصحيح لأشهر مذاهب العامة، كما في الوسائل. (1) ويدل عليه خبر عبد الرحمن المتقدم، وإطلاق رواية اسحاق: (قلت لأبي عبد الله (ع): (تقام الصلاة وقد صليت، فقال (ع): صل واجعلها لما فات) (* 2). (2) مطلقا على المشهور. وعن علي ابن بابويه: المنع من اقتداء كل من الحاضر والمسافر بالآخر ويشهد له صحيح الفضل عن الصادق (ع): (لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري، فان ابتلي بشئ من ذلك فأم قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلم) (* 3). ولكنه غير ظاهر في المنع، فضلا عن صلاحية معارضته للنصوص الصحيحة الظاهرة في الجواز كصحيح ابن مسلم المتقدم، وصحيح حماد: (عن المسافر يصلي خلف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 53 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 55 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 176 )

 

[ بل والوجوب والندب، فيجوز اقتداء مصلي الصبح أو المغرب (1) أو العشاء بمصلي الظهر أو العصر، وكذا العكس ويجوز اقتداء المؤدي بالقاضي والعكس، والمسافر بالحاضر والعكس، والمعيد صلاته بمن لم يصل والعكس، والذي يعيد صلاته احتياطا - استحبابيا أو وجوبيا - بمن يصلي وجوبا. نعم يشكل اقتداء (2) من يصلي وجوبا بمن يعيد احتياطا ولو كان وجوبيا. بل يشكل اقتداء (3) المحتاط بالمحتاط، إلا إذا كان احتياطهما من جهة واحدة. (مسألة 4): يجوز الاقتداء في اليومية أيا منها كانت أداء أو قضاء بصلاة الطواف (4) كما يجوز العكس. ] المقيم. قال (ع): يصلي ركعتين ويمضي حيث شاء) (* 1). ونحوهما غيرهما. وان كان مورد الجميع ائتمام المسافر بالحاضر. (1) العمدة - في عموم الحكم هنا وفيما بعده -: التسالم عليه عند الاصحاب والغاء خصوصية الموارد المنصوص عليها في النصوص المشار إليها. (2) لعدم إحراز كون الامام مصليا. (3) إلا أن يكون الاحتياط استحبابيا، وكان الاقتداء برجاء المطابقة للواقع، كما تقدم. (4) لا دليل عليه ظاهر إذ الاطلاق في الادلة ممنوع. وقاعدة التسامح قد عرفت حالها. نعم لا تبعد دعوى: استفادته من إطلاق معقد الاجماع على عدم اعتبار تساوي الفرضين. مع عدم تنصيصهم على المنع في المقام. بل مع تنصيص بعض على الجواز، من دون تعرض لخلاف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 177 )

 

[ (مسالة 5): لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك. والأحوط ترك العكس - أيضا - وإن كان لا يبعد الجواز (1). بل الاحوط ترك الاقتداء فيها ولو بمثلها من صلاة الاحتياط حتى إذا كان جهة الاحتياط متحدة، وإن كان لا يبعد الجواز في خصوص صورة الاتحاد كما إذا كان الشك الموجب للاحتياط مشتركا بين الامام والمأموم. (مسألة 6): لا يجوز اقتداء (2) مصلي اليومية أو الطواف بمصلي الآيات أو العيدين أو صلاة الاموات. وكذا لا يجوز العكس، كما أنه لا يجوز اقتداء كل من الثلاثة بالآخر (مسألة 7): الاحوط عدم اقتداء (3) مصلي العيدين ] فيه. ولابد من التأمل في كلماتهم. وكذا الحال في المنذورة - بناء على مشروعية الجماعة فيها - إذ لا يظن من أحد تخصيص مشروعية الائتمام بمصلي المنذورة لاغير. (1) لأن عدم مشروعية الجماعة في النافلة إنما يقتضى بطلانها على تقدير كونها نافلة، لا على تقدير كونها فريضة. ودعوى: أن الاجتزاء بها موقوف على الاتيان بها صحيحة على كل من التقديرين. غير ظاهرة. نعم ليس للامام ترتيب أحكام الجماعة، للشكل في انعقادها. ومنه يظهر عدم جواز الاقتداء فيها بمثلها، فلا يجو، لكل من الامام والمأموم ترتيب أحكام الجماعة في غير الاحتياط المشترك. (2) هو من بديهيات المذهب أو الدين - كما قيل - لعدم الدليل عليه، بناء على ما عرفت من عدم إطلاق يرجع إليه في نفي الشك في اعتبار شرطية شئ في الجماعة. (3) ينبغي أن يكون الحكم هنا هو الحكم في صلاة الطواف. لكن

 

===============

 

( 178 )

 

[ بمصلي الاستسقاء وكذا العكس وان اتفقا في النظم. (مسألة 8): أقل عدد تنعقد به الجماعة - في غير الجمعة والعيدين - إثنان، أحدهما الامام (1)، سواء كان المأموم رجلا أو امرأة (2)، بل وصبيا مميزا (3) ] الظاهر من الفتاوى ونصوص صلاتي العيدين والاستسقاء هو مشروعية الجماعة فيها مع الاتفاق بين الامام والمأمومين فيها. (1) إجماعا حكاه جماعة كثيرة: والنصوص به مستفيضة، كحسن زرارة أو صحيحه: (قلت لأبي عبد الله (ع): الرجلان يكونان جماعة؟ قال (ع): نعم، ويقوم الرجل عن يمين الامام) (* 1) ونحوه غيره. وما عن الصدوق (ره): من أن الواحد جماعة. محمول - كبعض النصوص (* 2) على إرادة الفضل لو كان قد أراد الجماعة فلم تتيسر له: أو إذا أقام للصلاة فانه يصلي خلفه صف من الملائكة. (2) بلا إشكال ظاهر. وفي رواية الصيقل: (كم أقل ما تكون الجماعة؟ قال (ع): رجل وامرأة) (* 3) (3) كما عن جماعة كثيرة من الأساطين. ويشهد له خبر أبي البختري: (إن عليا (ع) قال: الصبي عن يمين الرجل في الصلاة إذا ضبط الصف جماعة) (* 4) ومقتضاه عدم الفرق بين القول بكون عباداته شرعية أو تمرينية لكنه ضعيف ولم تثبت شهرة جابرة له، وان كان لا يبعد اعتبار الحديث بلا حاجة إلى جابر. فراجع.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 8.

 

===============

 

( 179 )

 

[ على الاقوى. وأما في الجمعة والعيدين فلا تنعقد إلا بخمسة (1) أحدهم الامام. (مسألة 9): لا يشترط في انعقاد الجماعة - في غير الجمعة والعيدين - نية الامام الجماعة والامامة (2)، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحققت الجماعة، سواء كان الامام ملتفتا لاقتداء الغير به أم لا. نعم حصول الثواب في حقه موقوف على نية الامامة (3). وأما المأموم فلابد له من نية الائتمام (4) فلو لم ينوه لم تتحقق الجماعة في حقه وان تابعه في ] (1) أو سبعة. والكلام فيه في محله. (2) بلا خلاف. بل الاجماع عليه محكي - صريحا وظاهرا - عن جماعة. بل عن التذكرة: (لو صلى بنية الانفراد مع علمه بأن من خلفه يأتم به صح عند علمائنا). وهذا هو العمدة فيه، إذ لا إطلاق يقتضي الصحة وكون الامامة من قبيل الايقاع الذي يكون وظيفة للمأموم - فانه الذي يجعل الامام إماما، لا أن الامام هو الذي يجعل نفسه إماما - لا يمنع من احتمال اعتبار قصده للامامة المجعولة له، كما في الجماعة الواجبة. (3) فان ظاهر أخبار الثواب كونه مستحقا بالاطاعة، المتوقفة على القصد والاختيار، لا مطلقا، فلا يثبت بدونهما. ومنه يظهر: أنه لا يكفي في ترتب الثواب مجرد الالتفات إلى إمامته، بل لابد من قصد التسبيب، بأن يهيئ نفسه للامامة. (4) إجماعا مستفيض النقل. وهو الذي يقتضيه: أصالة عدم انعقاد الجماعة بدون نية، إذ لا إطلاق يرجع إليه في نفي اعتبارها. بل اعتبار الامامية والمأمومية في انعقاد الجماعة من القطعيات التي تستفاد من النصوص، كما

 

===============

 

( 180 )

 

[ الاقوال والافعال. وحينئذ فان أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت صلاته (1) وإلا فلا. وكذا يجب وحدة الامام (2)، فلو نوى الاقتداء باثنين ولو كانا متقارنين (3) في الاقوال والافعال لم تصح جماعة، وتصح فرادى إن أتى بما يجب على المنفرد، ولم يقصد التشريع (4) ]. يظهر بأدنى ملاحظة لها. وفي النبوي المشهور: (إنما جعل الامام إماما ليؤتم به...). ومنه ومن غيره يظهر: أن المراد من نية الائتمام، جعل المأموم الامامة للامام، ونية متابعته بعنوان كونه إماما، لا مجرد نية المتابعة له في الافعال مثلا. (1) ولعله لا خلاف فيه، إذ لا دليل على كون مجرد المقارنة بين فعله وفعل الامام قادحا في صحة صلاته. والاصل البراءة. وما في القواعد: (من أنه لو تابع من غير نية بطلت صلاته) لابد أن يكون محمولا على مالو أدت المتابعة إلى ترك ما يجب على المنفرد زيادة أو نقيصة. أو على ارادة أن يعمل عمل المأموم، كترك القراءة، وإلا كان غير ظاهر. (2) وكأنه إجماع، كما عن مجمع البرهان. ويقتضيه الاصل المتقدم. (3) كما نص عليه جماعة. (4) وإلا بطلت، سواء أكان التشريف راجعا إلى التشريع في أمر الصلاة - بأن لا يقصد امتثال أمرها، بل يقصد امتثال أمر آخر يشرعه هو، وهو الأمر المتعلق بالصلاة التي يشرع فيها الائتمام باثنين - فان بطلان الصلاة حينئذ ظاهر، إذ الامر الواقعي لم يقصد امتثاله، وما قصد امتثاله ليس بواقعي بل تشريعي. أم كان التشريع في أمر الائتمام باثنين، فيكون الائتمام بهما صادرا عن ذلك الامر التشريعي، ونفس الصلاة صادرة عن أمرها الحقيقي

 

===============

 

( 181 )

 

[ ويجب عليه تعيين الامام (1) بالاسم، أو الوصف، أو الاشارة الذهنية، أو الخارجية، فيكفي التعيين الاجمالي (2)، كنية الاقتداء بهذا الحاضر، أو بمن يجهر في صلاته - مثلا - من الائمة الموجودين أو نحو ذلك. ولو نوى الاقتداء باحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة، وان كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك، في الاثناء أو بعد الفراغ. ] لكن اقتضاءه لبطلان الصلاة مبني على أن حرمة التشريع تسري إلى العمل الخارجي ولا يختص بالعمل النفسي. وعلى أن موضوعها ذات العمل المقتدى به لا مجرد الاقتداء العنواني. والظاهر صحة المبنيين معا. وقد تقدم في النية: تقريب بطلان الصلاة إذا كان الرياء بايقاعها في المسجد أو جماعة أو نحو ذلك. (1) بلا خلاف، كما عن الذخيرة. وعن مجمع البرهان: (كأنه مجمع عليه) للاصل المتقدم. (2) قد استشكل فيه في الجواهر: بأن الترديد في المصداق - كالترديد في المفهوم - يشك في شمول الادلة له. لكنه مما لا ينبغي، إذ ينفيه ظاهر الفتاوى. وتنزيلها على التعيين المفيد للتشخيص عند المعين في غير محله. كيف لا، ولازمه بطلان ائتمام الصفوف المتأخرة وغيرهم ممن لا يرى الامام؟ إذ لا تعين للامام عندهم إلا بنحو الاجمال. والتعيين قبل الصلاة قد لا يحصل ولو حصل لا يجدي في صحة الائتمام في تمامها، إذ التعيين عندهم شرط في الابتداء والاستدامة، فإذا انتفى في حال من الحالات بطل الائتمام. فلابد أن يكون مرادهم ما يعم الاجمالي. نعم يشكل الاكتفاء بالتعيين الاجمالي بمثل (من يختاره بعد ذلك)، أو (من يسلم قبل صاحبه) ونحو ذلك من العناوين المستقبلة غير المنطبقة حال النية.

 

===============

 

( 182 )

 

[ (مسألة 10): لا يجوز الاقتداء بالمأموم (1)، فيشترط ألا يكون إمامه مأموما لغيره. (مسألة 11): لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم (2) وأتم منفردا (3)، وان علم أنه قال بنية الدخول (4) في الجماعة. نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام - كالانصات ونحوه - فالاقوى عدم الالتفات (5) ولحوق أحكام الجماعة، ] (1) إجماعا، كما عن التذكرة والذكرى. ويقتضيه الاصل المتقدم. (2) لأصل العدم. وعن الذكرى: (أنه لا يلتفت بعد تجاوز المحل) وكأنه لقاعدة التجاوز. وفيه: أن القاعدة إنما تجري مع الشك في وجود ماله دخل في المعنون في ظرف الفراغ عن احراز العنوان. والشك في النية شك في أصل العنوان، فلا يرجع في نفيه إلى القاعدة. (3) بناء على أنه يكفي في ترتيب أثر حكم العام جريان أصالة عدم الخاص الذي هو أحد الاحتمالات في المسألة. أما بناء على أن أصالة عدم الخاص إنما يجدي في نفي حكم الخاص لاغير، فاتمامه منفردا في المقام يتوقف على نية الانفراد احتياطا. ولولاها احتمل أن يكون مأموما، كما احتمل أن يكون منفردا. (4) وعن الذكرى: أنه يمكن بناؤه على ما قام إليه، فان لم يعلم شيئا بنى على الانفراد، لأصالة عدم نية الائتمام. وفيه: أن مورد نصوص البناء على ما قام إليه غير ما نحن فيه. وظاهرها وجوب البناء على ما افتتح الصلاة عليه، وهو في المقام مشكوك. (5) كما استظهره شيخنا الاعظم (قده). وعلله بتجاوز المحل. ولكنه يتوقف على حجية الظهور المذكور في اثبات نية الاقتداء فعلا، لينتقل منها

 

===============

 

( 183 )

 

[ وان كان الاحوط الاتمام منفردا. وأما إذا كان ناويا للجماعة، ورأى نفسه مقتديا وشك في أنه من أول الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالامر أسهل (1). (مسألة 12): إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو، فان لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته (2) وصلاته - أيضا - (3) ] إلى ثبوتها من أول الأمر. لكن حجية الظهور في ذلك لا تخلو من إشكال وان كان لا يبعد البناء عليها عند العقلاء، كحجية ظهور القول. فلا حظ. (1) إذ لا اعتماد فيه على ظهور حال ليتكلف في إثبات حجيته. نعم يتوقف - كالفرض السابق - على جريان قاعدة التجاوز لاثبات نية الائتمام من أول الأمر. وهو مشكل، لان الظاهر من أدلة القاعدة الاختصاص بالفعل الذي له محل لو ترك فيه كان تركه تركا لما ينبغي أن يفعل حين تركه. ونية الجماعة في أول الامر ليست كذلك، فلو تركها المكلف لم يكن تاركا لما ينبغي أن يفعل. ومجرد بنائه في الاثناء على كون صلاته جماعة لا يوجب كون ترك النية من أول الامر تركا لما ينبغي أن يفعل. كما يظهر بالتأمل. وقد تقدم نظيره في مبحث النية. (2) إذ لو صحت فاما أن تكون بامامة زيد أو بامامة عمرو. وكلتاهما ممتنعة، لعدم الاول. وفسق الثاني. وسيجئ - في المسألة الرابعة والثلاثين من فصل أحكام الجماعة - ماله نفع في المقام. (3) على المشهور المعروف، بل لم يعرف فيه خلاف. ولا وجه له ظاهر، إلا دعوى: كون صلاة الجماعة وصلاة الفرادى حقيقتين متباينتين فلا يكون قصد الصلاة جماعة قصدا لصلاة الفرادى ولو بنحو تعدد المطلوب فإذا بطلت الجماعة - لما سبق - بطلت الصلاة فرادى، لعدم القصد.

 

===============

 

( 184 )

 

ولكنها في غاية السقوط، إذ الجماعة خصوصية في الصلاة الواجبة موجبة لتأكد مصلحتها - نظير الصلاة في المسجد بالنسبة إلى أصل الصلاة - فكما جاز في قصد الصلاة في المسجد أن يكون بنحو تعدد المطلوب - بأن يكون قصده منحلا إلى قصدين، قصد للمقيد بما هو مقيد، وقصد لذات المقيد يكون في ضمن القصد الاول - وان يكون بنحو وحدة المطلوب - بأن لا يكون له إلا قصد واحد قائم بالمقيد بما هو مقيد غير قابل للتحليل - جاز أن يكون قصد الصلاة جماعة كذلك - أعني: بنحو تعدد المطلوب تارة، وبنحو وحدة المطلوب أخرى -. ولازم الاول صحة الصلاة على تقدير بطلان الجماعة، لكون ذات الصلاة تكون حينئذ مقصودة مطلقا. نعم لازم الثاني البطلان، لعدم كون ذات الصلاة مطلقا مقصودة، فلو صحت في ظرف بطلان الجماعة فقد صحت بلا قصد وهو ممتنع. وأما احتمال كون قصد الائتمام مبطلا تعبدا للصلاة - كالحدث - فمنفي باصل البراءة، الجاري في نفي احتمال المانعية. ومنه يظهر أنه لا وجه للبطلان إذا ترك القراءة أو نحوها - مما لا يقدح تركه في صحة الصلاة إذا كان تركه سهويا - أو زاد سجدة أو نحوها إذا كان لا يقدح فعله سهوا، لعموم دليل الصحة في مثل ذلك، كحديث: (لا تعاد الصلاة...) (* 1) ونحوه، فكما لا يقدح ذلك لو لم يكن قد نوى الائتمام، لا يقدح - أيضا - إذا كان قد نواه فلم يصح له، لعدم الفرق في عموم الدليل. كما أنه لو فعل ما يبطل سهوا - كزيادة الركوع أو السجدتين في ركعة - فالحكم البطلان. لعموم أدلة البطلان بذلك فاللازم إذا تقييد البطلان المذكور في المتن بأن يكون قصد الجماعة بنحو وحدة المطلوب. أو بما إذا فعل ما يوجب البطلان سهوا. هذا وسيجئ - في المسألة الرابعة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب أفعال الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 185 )

 

[ إذا ترك القراءة، أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد، وإلا صحت على الاقوى. وان التفت في الاثناء ولم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا (1)، وان كان عمرو - أيضا - عادلا - ففي المسألة صورتان: إحداهما: أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيل أن الحاضر هو زيد (2). وفي هذه الصورة تبطل جماعته (3). ] والثلاثين من فصل أحكام الجماعة - ما له نفع في المقام. فانتظر. (1) لبطلان الجماعة وعدم ما يوجب بطلان الصلاة فيجب إتمامها. وينبغي - بناء على ما سبق - تقييده بصورة كون قصد الجماعة بنحو تعدد المطلوب وإلا بطلت الصلاة أيضا. (2) وحينئذ يكون من نوى الائتمام به هو الحاضر المقيد بكونه زيدا المعنون به: (3) لعدم الامام الذي نوى الائتمام به، لانتفاء المقيد بانتفاء قيده. لكن هذا يتم إذا كان قصده للمقيد بنحو وحدة المطلوب. أما إذا كان بنحو تعدد المطلوب - بان كان له داعيان أحدهما يدعو إلى الائتمام بزيد والآخر يدعو إلى الائتمام بالحاضر وان كان عمروا، فلما اعتقد انطباق زيد على الحاضر أثر الداعيان أثرهما، فانبعث قصد واحد إلى الائتمام بالحاضر مقيدا بانه زيد، إلا أنه صالح للتحليل إلى قصدين: أحدهما: قائم بالمقيد بما هو والآخر قائم بذات المقيد مطلقا - فلا وجه للبطلان، لتحقق القصد إلى الائتمام بالحاضر ولو كان عمرا. وبالجملة: ينبغي إجراء ما ذكروه في الانشائيات المتقومة بالقصد - من العقود والايقاعات - الواردة على المقيدات في المقام إذ الجميع من باب واحد.

 

===============

 

( 186 )

 

[ وصلاته - أيضا - ان خالفت صلاة المنفرد (1). الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر، ولكن تخيل أنه زيد فبان أنه عمرو (2). وفي هذه الصورة الاقوى صحة جماعته وصلاته. فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه في التطبيق. (مسألة 13): إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الامامة الآخر صحت صلاتهما (3). أما لو علم ] (1) قد عرفت إشكاله. (2) هذا - أيضا - على قسمين: (أحدهما): أن يكون تخيل أنه زيد من قبيل الداعي إلى الصلاة خلفه. (والثاني): أن يكون تخيل أنه زيد من قبيل المقارنات الاتفاقية، كما لو صلى خلف عمرو وهو يعتقد أنه ابن خمسين سنة، وكان في الواقع ابن واحدة وخمسين سنه. والحكم في الجميع الصحة، لتحقق القصد إلى الامام المعين. وتوهم: إلحاق الأول بالصورة الأولى، لأن الداعي ملازم للمدعو له، فيمتنع الائتمام بالنسبة إلى الشخص الحاضر مع عدم قيام الداعي فيه، فيكون - مثالا - كالتقييد بنحو وحدة المطلوب. مندفع: بان الداعي إنما يؤثر في تحقق القصد والارادة بوجوده العلمي، وهو حاصل مع الحاضر، غير منفك عنه. وانما المتخلف عنه هو الداعي بوجوده الخارجي وليس هو بداعي في الحقيقة، فلا يقدح تخلفه. ولذا اشتهر أن تخلف الدواعي لا يقدح في صحة الانشائيات، من العقود والايقاعات. (3) إجماعا، كما في المنتهى. لرواية السكوني التي عمل بها الاصحاب - كما عن جماعة، منهم الشهيد الثاني -. وفيهما: (قال أمير المؤمنين (ع)

 

===============

 

( 187 )

 

[ أن نية كل منهما الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد. ولو شكا فيما اضمراه (1) ] في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت إمامك. وقال الآخر: كنت إمامك فقال (ع): صلاتهما تامة. قلت: فان قال كل واحد منهما: كنت أءتم بك. قال (ع): صلاتهما فاسدة وليستأنفا) (* 1) واطلاقهما يقتضي عدم الفرق بين فعل كل منهما ما يقدح في صلاة المنفرد لو وقع سهوا وعدمه إلا أن يدعى: أن الغالب في الصورة الأولى موافقتها لصلاة المنفرد، كما أن الغالب في الصورة الثانية مخالفتها لها فتحمل الرواية على الغالب، وكأنه لأجل ذلك قيد البطلان - في المتن - بصورة المخالفة لصلاة المنفرد. لكن عليه كان اللازم تقييد الصحة - في الصورة الاولى - بصورة الموافقة لصلاة المنفرد ومثله ما لو كان الوجه في التقييد بذلك عدم الجابر للرواية إلا في صورة المخالفة، فان لازمه - أيضا - التقييد في الصورة الاولى، لعدم الجابر. هذا ولا يبعد دعوى: ظهور الرواية في كون السؤال فيها عن الصحة من حيث قصد الامامة والمأمومية، بلا نظر إلى أمر آخر زائد عليها. فتدل الرواية على عدم قدح قصد الامامة، وعلى قدح قصد المأمومية، فتصح في الصورة الأولى إذا لم تخالف صلاة المنفرد بنحو توجب بطلانها بمقتضى القواعد، كما أنها تبطل في الصورة الثانية مطلقا. ولعل كلام الاصحاب منزل على ذلك أيضا. فتأمل جيدا. (1) شك كل منهما، تارة: يكون في نية نفسه، وأخرى: في نية صاحبه، وثالثة: فيهما معا. (أما في الاولى): لا شك في صحة الصلاة على تقدير العلم بنية صاحبه للامامة، وانما الشك في صحة الجماعة وفسادها لتردد نيته بين نية الامامة والمأمومية. ولو علم بنية صاحبه للمأمومية كان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 188 )

 

[ فالاحوط الاستئناف، وان كان الاقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ، أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك. ] الشك في صحة الصلاة والجماعة معا، لانه إن كان قد نوى المأمومية أيضا فالصلاة والجماعة باطلتان، وان كان قد نوى الامامة فهما معا صحيحتان، فالمرجع في إثبات صحة الصلاة قاعدة الفراغ، وفي إثبات صحتها مع الجماعة أصالة عدم نية المأمومية. ولا تعارض باصالة عدم نية الامامة لعدم الاثر، لما عرفت من أن نية الامامة ليست شرطا في صحة الجماعة، فضلا عن صحة الصلاة. وأما في الصورة الثانية: فلا شك في صحة الصلاة على تقدير العلم بنية نفسه للامامة. وأما إن علم بنيته للمأمومية كان الشك في صحة الصلاة والجماعة معا، والمرجع قاعدة الفراغ أو أصالة عدم نية صاحبه للمأمومية، كما سبق بعينه. نعم قد يستشكل في جريان قاعدة الفراغ هنا لقصور بعض أدلتها - مثل قوله (ع): (هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) (* 1) عن شمول المقام، إذ لا مجال لكونه أذ كفي عمل غيره ونيته. لكن الظاهر اندفاعه باطلاق بعض أدلتها، ولا سيما وكونه أوفق بالارتكاز العقلائي وبظاهر بعض النصوص، كرواية الحسين ابن أبي العلاء الواردة في نسيان تحريك الخاتم في الغسل والوضوء (* 2). وأما في الصورة الثالثة: فالشك يكون في صحة الجماعة والصلاة معا وفسادهما كذلك، وصحة الصلاة وفساد الجماعة. ومقتضى قاعدة الفراغ صحة صلاتهما. وكذا أصالة عدم نية المأمومية. ولا تصلح في الفرض لاثبات صحة الجماعة، بل مقتضى إجرائها فيهما بطلانها. بل لو عمل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 42 من ابواب الوضوء حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 41 من ابواب الوضوء حديث: 2.

 

===============

 

( 189 )

 

[ (مسألة 14): الاقوى والاحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا (1)، وإن كان الآخر أفضل وأرجح نعم لو عرض للامام ما يمنعه من إتمام صلاته - من موت (2) أو جنون أو إغماء (3)، ] أحدهما ما يوجب بطلان صلاة المنفرد كان مقتضى أصالة عدم المأمومية فيهما بطلان صلاته. لكنها ساقطة بقاعدة الفراغ. فلاحظ. (1) لاصالة عدم مشروعيته. ولا إطلاق يرجع إليه في إثباتها، بل إطلاق أدلة الاحكام الاولية تنفيها. وعن التذكرة والنهاية: الجواز. وعن الذكرى: أنه احتمله إذا كان المنتقل إليه أفضل. واستدل له بالاستصحاب. وبالنصوص - الواردة في المسألة الاتية - لالغاء خصوصية موردها. وهما كما ترى، إذ اليقين إنما كان في جواز الائتمام بالثاني في ابتداء الصلاة وهو غير مشكوك، بل المشكوك الائتمام به في الاثناء، وهو غير متيقن في زمان. فتأمل. مضافا إلى أنه من الاستصحاب التعليقي الذي ليس بحجة. فالمرجع عموم أدلة أحكام المنفرد - والغاء خصوصية مورد النصوص غير ظاهر، إذ لا يساعده ارتكاز عرفي ولا غيره. (2) كما في صحيح الحلبي عن الصادق (ع): (عن رجل أم قوما فصلى بهم ركعة ثم مات. قال (ع): يقدمون رجلا آخر يعتدون بالركعة ويطرحون الميت خلفهم) (* 1). ونحوه ما في توقيع محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري (* 2). (1) ليس في النصوص ما يدل على حكمهما. لكن ظاهر الاصحاب عدم التوقف في كل عذر مساو للموت.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب غسل الميت حديث: 4.

 

===============

 

( 190 )

 

[ أو صدور حدث (1)، بل ولو لتذكر حدث سابق (2) - جاز للمأمومين تقديم (3) ] (1) كما تضمنه جملة من النصوص، كصحيح سليمان عن الصادق (ع): (عن الرجل يؤم القوم فيحدث ويقدم رجلا قد سبق بركعة كيف يصنع قال (ع): لا يقدم رجلا قد سبق بركعة، ولكن يأخذ بيد غيره فيقدمه) (* 1) (2) كما في رواية زرارة عن أحدهما (ع): (عن إمام أم قوما، فذكر أنه لم يكن على وضوء، فانصرف وأخذ بيد رجل فأدخله فقدمه، ولم يعلم الذي قدم ما صلى القوم. فقال (ع): يصلي بهم...) (* 2). ومن النصوص المذكورة ونحوها، ومما ورد في الرعاف (* 3)، وفي الأذى في البطن (* 4)، وفي اقتداء الحاضر بالمسافر (* 5)، وفي الاعتلال (* 6) يستفاد عموم الحكم لكل عذر مانع للامام عن إتمام صلاته - كزيادة ركن أو نقيصته، أو استدبار أو التفات أو نحوها - أو عن الامامة، إما لاتمام صلاته - كامامة المسافر للحاضر، أو السابق للمسبوق -، أو لفقد بعض شرائط الامامة، كما ستأتي الاشارة إليه في المتن. (3) إجماعا - كما عن جماعة - على الجواز - بالمعنى الأعم - في الجملة. وأما جوازه بالمعنى الأخص - بمعنى جوازه وجواز الانفراد - فعن التذكرة: الاجماع عليه، وان كان ظاهر ما في صحيح ابن جعفر (ع) - الوارد في إمام أحدث - من قوله (ع): (لا صلاة لهم إلا بامام) (* 7)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 40 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 40 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5 وباب: 72 حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 72 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 72 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 40 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 72 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 191 )

 

[ إمام آخر (1) واتمام الصلاة معه، بل الاقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه اتمامها مختارا، كما لو صار فرضه الجلوس (2) حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به، لما ياتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد. (مسألة 15): لا يجوز للمنفرد العدول (3) إلى الائتمام في الاثناء. (مسألة 16): يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد - ولو اختيارا - في جميع أحوال الصلاة (4) على الاقوى، وان ] هو الوجوب. إلا أنه يجب حمله على تأكد الاستحباب، أو على الجماعة الواجبة. (1) ولو لم يكن من المأمومين. لاطلاق بعض النصوص. ولظهور آخر كروايه زرارة المتقدمة. ونحوها صحيح جميل (* 1). وأما ما في صحيح ابن جعفر (ع) من قوله (ع): (فليقدم بعضهم) (* 2). ورواية أبي العباس - الواردة في ائتمام الحاضر بالمسافر - من قوله (ع): (أخذ بيد بعضهم فقدمه) (* 3). فيمكن أن يكون محمولا على الفضل أو لانه أسهل. (2) كما عرفت. (3) لما تقدم في أول المسألة السابقة. (4) على المشهور. وعن المدارك والحدائق: أنه المعروف من كلام الاصحاب. وعن الرياض: نفي الخلاف فيه، إلا من المبسوط. بل عن الخلاف وظاهر المنتهى أو صريحه. وفي التذكرة: نسبته إلى علمائنا وأحد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) هذا بعض صحيح ابن جعفر المتقدم في التعليقة السابقة. (* 3) الوسائل باب: 72 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 192 )

 

قولي الشافعي. وعن النهاية وارشاد الجعفرية: الاجماع عليه. وهو العمدة إن تم. وأما ما في الجواهر، من الاستدلال له بالاصل، وإطلاق ما دل على جواز التسليم قبل الامام (* 1) واستصحاب جواز الانفراد، وظهور أدلة مشروعية الجماعة في استحبابها ابتداء واستدامة، وما ورد في الموارد المتفرقة من جواز المفارقة (* 2) فغير ظاهر التمامية، إذ الاصل إنما يقتضي جواز الانفراد تكليفا وعدم استحقاق العقاب عليه، لا جوازه وضعا - بمعنى صيرورته منفردا، بحيث يجري عليه حكم المنفرد، من جواز ترك المتابعة - لو قيل بوجوبها على المأموم - ووجوب إعمال قواعد الشك لو حصل له، ولا يرجع إلى الامام الذي انفرد عنه وغير ذلك من أحكام المنفرد -. ولا إطلاق فيما دل على جواز التسليم قبل الامام. بل ظاهره جواز المفارقة بالتسليم، بلا تعرض فيه للمفارقة بغيره، والاستصحاب إنما يجدي في إباحة الانفراد تكليفا لا في جوازه وضعا، كما عرفت. وإلا فهو يقتضي بقاء الائتمام وعدم حصول الانفراد بمجرد نيته. ومنه يظهر أنه لو فرض لأدلة مشروعية الجماعة إطلاق يقتضى مشروعيتها في كل جزء - مثل ما ورد من أن الركعة مع الامام تعدل كذا - فلا يصلح للحكومة على استصحاب بقاء الائتمام بعد نية الانفراد إذا كانت نية الانفراد بعد تمام الركعة، لأن مجرد المشروعية في جزء لا يقتضي بطلانها عند انتهائه، فيستصحب بقاء الامامية والمأمومية بعده. اللهم إلا أن يدعى: أن الكلام المذكور وارد لنفي الشك من هذه الجهة، فيكون مشرعا للانفراد بعد الائتمام بعد الانفراد. فتأمل. وما ورد في الموارد المتفرقة لا يمكن الرجوع إليه في المقام، لاختصاصه بالعذر، من عروض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 64 من ابواب صلاة الجماعة. (* 2) الوسائل باب: 18 و 47 من ابواب صلاة الجماعة.

 

===============

 

( 193 )

 

ضرورة مانعة من اتمام الامام صلاته، أو مانعة من إمامته - كتمام صلاته - كما في إمام المسبوق، أو الامام المسافر للحاضر أو نحو ذلك. ومن ذلك استشكل في الحكم جماعة، كاصحاب المدارك والاثنى عشرية والذخيرة والحدائق - على ما حكي عن بعضهم - بل عن المصابيح: ترجيح المنع. ولا بأس به، لو لا أن الحكم مظنة الاجماع، إذ ما عن المبسوط - من قوله (ره): (من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته " يمكن أن يكون محمولا - ولو بقرينة الاجماع المحكي في الخلاف على الجواز - على صورة عدم نية الانفراد. كما قد يشهد له استدلاله - المحكي عنه - بقوله (ع): (إنما جعل الامام إماما ليؤتم به) (* 1) بل لا يبعد أن يكون ذلك هو ظاهر عبارته. ولذا نسب إليه القول بالبطلان جماعة، فيما لو ترك المتابعة مع عدم نية الانفراد، اعتمادا على العبارة المذكوزة. ويؤيد ذلك: أن تعبيره في الخلاف عن محل الكلام هكذا: (إن نقل نية الجماعة إلى حال الانفراد قبل أن يتمم المأموم يجوز ذلك وتنتقل الصلاة حال الانفراد، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: تبطل صلاته). نعم يبعد الحمل المذكور محكي عبارته في المبسوط، الظاهرة في عدم بطلان الصلاة بترك المتابعة عمدا. اللهم إلا أن يكون مراده بالعبارة صورة الاستمرار على ترك المتابعة. وأما ما عن ناصريات السيد: من أنه إن تعمد سبقه إلى التسليم بطلت صلاته، فلا يقدح مثله في الاجماع، لمخالفته النص والفتوى. مضافا إلى أن ما ذكره مما لا يساعده دليل، بل الاصل ينفيه. بل سيأتي: أن مقتضى الاصل عدم اقتضاء مفارقة الامام لبطلان الصلاة وان كانت بلا نية الانفراد، فضلا عن صورة نية الانفراد. وبالجملة: رفع اليد عن الاجماعات المدعاة على الجواز، المؤيدة بنسبته

 

 

____________

(* 1) يأتي تفصيل ذلك - ان شاء الله تعالى - في المسألة: 7 من فصل احكام الجماعة.

 

===============

 

( 194 )

 

[ كان ذلك من نيته في أول الصلاة، لكن الاحوط عدم العدول إلا لضرورة (1) ] إلى الاصحاب، أو المعروف بينهم. وبنفي الخلاف في كلام بعض. وبعدم ظهوره لأجل تلك العبارة المحكية عن المبسوط، المحتملة لغير ما نحن فيه - في غير محله. ولا سيما مع عموم الابتلاء بالفرض، فيبعد جدا: أن يكون حكمه المنع مع وضوح جوازه عند الاصحاب. ولذا عد الجواز - في الجواهر - من الواضحات. ثم إنه لو لم يتم الاجماع المذكور يشكل البناء على صحة الجماعة لو كان المأموم ناويا للمفارقة من أول الأمر، للشك في صحة انعقاد الجماعة حينئذ والأصل عدمه، بناء على عدم إطلاق يرجع إليه في نفي اعتبار مشكوك الشرطية أو المانعية. كما أنه لو عرض له قصد الانفراد في الاثناء. فالاشكال في جواز المفارقة تكليفا يختص بالقول بوجوب المتابعة، فلو بني على عدم الوجوب فلا إثم على كل حال. كما أن الاشكال في صحة الصلاة يختص بصوره مخالفتها لصلاة المأموم، كما لو عرضه الشك وكان الامام حافظا دون ما لو لم تكن كذلك. والله سبحانه اعلم. (1) فانه لا نزاع في جواز المفارقة لعذر، كما عن المدارك والذخيرة والحدائق. وعن المنتهى: الاجماع عليه. لكن يبقى الاشكال في المراد بالعذر، فانه لم يذكر في النص ليؤخذ باطلاقه، وانما ذكر في كلمات الاصحاب. والاخذ باطلاقه محل تأمل. والمتيقن منه خصوص ما يوجب ارتفاع التكليف، من حرج أو ضرر. واستفادته مما ورد في جواز التسليم قبل الامام غير ظاهرة. ومثلها استظهار ارادة الحاجة والغرض من العذر في كلامهم. ومجرد عدم تعرضهم لتحديده غير كاف في إرادة الاطلاق ولا سيما بملاحظة ذكرهم للعذر استثناء من عدم جواز المفارقة، الظاهرة في

 

===============

 

( 195 )

 

[ ولو دنيوية، خصوصا في الصورة الثانية (1). (مسألة 17): إذا نوى الانفراد بعد قراءة الامام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة (2). بل لو كان ] المفارقة بلا نية الانفراد. وعموم العذر حينئذ لمطلق الحاجة والغرض مما لا يظن الالتزام به. ولذا حكي عن شرح المفاتيح: أن المراد بالعذر هنا خصوص المواضع التي ورد في الشرع جواز المفارقة فيها. (1) قد يشكل ذلك بأن المراد من نية الانفراد من أول الامر إن كان هو نية الائتمام في بعض الصلاة فالاحوط الانفراد لا الائتمام، للعلم بصحة الانفراد. إما لمشروعية الائتمام في بعض الصلاة الملازم لصحة الانفراد. وإما لعدم مشروعيته فهو منفرد من أول الامر. وان كان هو نية الانفراد، بمعنى عزل الامام عن الامامة مع نية إمامته في تمام الصلاة - كما هو الظاهر - فكل واحد من الائتمام والانفراد موافق للاحتياط ومخالف له، إذ كما أن البقاء على الائتمام موافق لاحتمال عدم جواز نية الانفراد مخالف لاحتمال كونه منفردا من أول الامر، لقدح تلك النية في الائتمام من أول الامر، ويكون الانفراد أوفق بالاحتياط حينئذ. فتأمل جيدا. وكيف كان فالظاهر عدم جواز نية الائتمام في بعض الصلاة، إذ لا دليل على مشروعيته حينئذ. والاصل ينفيها. (2) كما ذكره جماعة، لان الامام ضامن للقراءة وتجزئ قراءته. وصريح بعض: وجوبها. واستوجهه في الذكرى. وكأنه لان الضمان والاجزاء حال الائتمام لا يقتضي ثبوتهما حال الانفراد، وحيث لا دليل على ذلك يكون عموم دليل وجوب القراءة محكما بعد الانفراد. وفيه: أن مقتضى إطلاق الضمان والاجزاء عدم الفرق بين الحالين. ولذ لا ريب في ذلك لو انفرد بعد الركوع، ولا يعامل معاملة تارك القراءة. نعم لو كان

 

===============

 

( 196 )

 

[ في اثناء القراءة يكفيه - بعد نية الانفراد - قراءة ما بقي منها (1)، وان كان الاحوط استينافها، خصوصا إذا كان في الاثناء. (مسألة 18): إذا أدرك الامام راكعا يجوز له الائتمام والركوع معه ثم العدول إلى الانفراد اختيارا، وان كان الاحوط ترك العدول حينئذ (2)، خصوصا إذا كان ذلك من نيته أولا (3). ] مفاد أدلة الضمان والاجزاء عدم وجوب القراءة على المأموم اختص ذلك بحال كونه مأموما، فإذا انفرد قبل الركوع وجب عليه أن يقرأ، لخروجه عن كونه مأموما، كما لو بلغ الصبي في أثناء الوقت. لكنه خلاف ظاهر ألسنة أدلتهما، كما سيأتي إن شاء الله. (1) كذا ذكره جماعة - أيضا - لاطلاق القراءة في أدلة الضمان والاجزاء الموجب لصدقها على الكثير والقليل. ودعوى: الانصراف إلى خصوص التمام غير مسموعة. وعن التذكرة والنهاية والمسالك وغيرها: وجوب إعادة السورة التي انفرد فيها، ولا يلزم إعادة الفاتحة معها. وكأنه لأجل أنها شئ واحد غير قابل للتجزئة. ولكنه كما ترى. (2) لم يتضح وجه تخصيص المقام بالاحتياط، فان الظاهر - كما في الجواهر - جواز الانفراد في جميع حالات الصلاة. نعم احتمل بعض: توقف انعقاد الجماعة على إدراك الركوع، بحيث لو أدركه في أثناء القراءة وفارقه قبل الركوع انكشف عدم انعقاد الجماعة من أول الامر. لكنه جزم في الجواهر بأن الظاهر الفساد. ويأتي في المتن التعرض له. (3) قد عرفت الكلام في نظيره.

 

===============

 

( 197 )

 

[ (مسألة 19): إذا نوى الانفراد بعد قراءة الامام وأتم صلاته، فنوى الاقتداء به في صلاة أخرى قبل أن يركع الامام في تلك الركعة أو حال كونه في الركوع من تلك الركعة جاز، ولكنه خلاف الاحتياط (1). (مسألة 20): لو نوى الانفراد في الاثناء لا يجوز له العود (2) إلى الائتمام. نعم لو تردد في الانفراد وعدمه ثم عزم على عدم الانفراد صح (3). بل لا يبعد (4) جواز العود إذا كان بعد نية الانفراد بلا فصل، وان كان الاحوط عدم العود مطلقا. (مسألة 21): لو شك في أنه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه (5). ] (1) أما جواز الانفراد فلما عرفت. وأما جواز الائتمام به في صلاة المأموم الثانية فلعله من القطعيات. وأما أنه خلاف الاحتياط فلا تظهر خصوصية في المقام تقتضيه. (2) لما عرفت من عدم الدليل على المشروعية. (3) يتم ذلك لو كان الانفراد من قبيل الايقاع المحتاج إلى نية - كما هو الظاهر، نظير عزل الوكيل والولي - فانه حينئذ بالتردد لا يخرج عن كونه مأموما، ولا ريب في جواز البقاء على الائتمام عندهم. أما لو كان الانفراد عبارة عن عدم نية الائتمام فبالتردد يكون منفردا فلا يجوز له الائتمام بعده. (4) لكن عرفت أنه لا دليل عليه. والاصل ينفيه. (5) لاصالة عدمه.

 

===============

 

( 198 )

 

[ (مسألة 22): لا يعتبر في صحة الجماعة قصد (1) القربة من حيث الجماعة، بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة. فلو كان قصد الامام من الجماعة الجاه (2) أو مطلب آخر دنيوي، ولكن كان قاصدا للقربة في أصل الصلاة صح. وكذا إذا كان قصد المأموم من الجماعة سهولة الامر عليه، أو الفرار من الوسوسة، أو الشك، أو من تعب تعلم القراءة أو نحو ذلك من الاغراض الدنيوية صحت صلاته، مع كونه قاصدا للقربة فيها. نعم لا يترتب ثواب الجماعة إلا بقصد القربة فيها (3). ] (1) أما في الامام فلما عرفت من عدم اعتبار نيته للجماعة، فضلا عن نية القربة. وأما في المأموم فالعمدة فيه ظهور تسالم الاصحاب عليه. مضافا إلى السيرة القطعية على صحة الجماعة، إذا كان الداعي إليها بعض الاغرض الدنيوية. ولولا ذلك لاشكل الامر من جهة عدم الدليل، ولا الاصل النافي لاعتبار مشكوك الاعتبار. بل الاصل يقتضي الاعتبار، لأصالة عدم انعقاد الجماعة بدونه، كما أشرنا إليه مرارا. ولذا لم يذكره أحد في شرائط الامام أو المأموم أو الائتمام. (2) قد يشكل بأن قصد الجاه من الجماعة عين قصد الرياء بها. وقد تقدم: أن قصد الرياء بالجماعة راجع إلى قصده بالصلاة جماعة فتبطل به الصلاة، وفيه: أن قصد الامام الجاه بالجماعة تارة: من حيث الاتيان بها على وجه القربة وامتثالا للأمر، وأخرى: من حيث كونه موضع الوثوق بين المأمومين واعتقادهم صلاحيته للامامة. والرياء في الثاني ليس بحرام شرعا، وان كان من الصفات الذميمة، فتحريمه تحريم أخلاقي لا شرعي. نعم الاول حرام لكن الظاهر من المتن ارادة الصورة الثانية. (3) كما تقدم.

 

===============

 

( 199 )

 

[ (مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا - كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا - فان تذكر قبل الاتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت (1)، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد، وإلا بطلت (2). (مسألة 24): إذا لم يدرك الامام إلا في الركوع، أو أدركه في أول الركعة أو في أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه، وتحسب له ركعة. وهو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة على الاقوى (3)، ] (1) إذ احتمال البطلان من جهة قدح نية الائتمام منفي باصل البراءة كامثاله. نعم لو كان قصده الائتمام على نحو وحدة المطلوب كان البطلان في محله، كما أشرنا إليه في المسألة الثانية عشرة. (2) إن حصل منه ما يوجب البطلان لو وقع سهوا، كما تقدم. (3) كما هو المشهور شهرة عظيمة، بل عن ظاهر الخلاف والمنتهى: الاجماع عليه. للنصوص الكثيرة. منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): أنه قال: (إذا أدركت الامام وقد ركع، فكبرت وركعت - قبل أن يرفع الامام رأسه - فقد أدركت الركعة. وإن رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة) (* 1) ونحوه صحيح سليمان بن خالد (* 2) وخبر زيد الشحام (* 3) وقريب منه روايتا معاوية بن ميسرة وشريح (* 4). ومنها:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 45 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4 وملحقه.

 

===============

 

( 200 )

 

مادل أن من خاف أن يرفع الامام رأسه جاز له أن يركع في مكانه ويمشي راكعا أو بعد السجود، كصحيح عبد الرحمن: (إذا دخلت المسجد والامام راكع فظنت أنك إن مشيت إليه رفع رأسه قبل أن تدركه، فكبر واركع، فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك...) (1) ونحوه غيره ومنها: ما دل على استحباب اطالة الامام للركوع إذا أحس بمن يريد الاقتداء به (* 2) فلاحظها. وعن الشيخ (ره) في النهاية والاستبصار وموضع من التهذيب والقاضي وغيرهما: أنه لا تدرك الركعة إلا إذا أدرك تكبيرة الركوع. ويشهد له صحيح ابن مسلم: (إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام للركعة فلا تدخل في تلك الركعة) (* 3) وصحيحه الآخر: (لا تعتد بالركعة إذا لم تشهد تكبيرها مع الامام) (* 4) ونحوهما صحيحاه الآخران (* 5) وحسن الحلبي أو صحيحه في الجمعة: (إذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الاخيرة فقد أدركت الصلاة، فان أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع ركعات) (* 6) لكنها: - كما ترى - لا تصلح لمعارضة ما سبق، لامكان حمل روايات ابن مسلم على الفضل. وحمل الشرطية الثانية في رواية الحلبي على ما بعد الركوع، والشرطية الاولى على نفس الركوع. لكن هذا الحمل بعيد وخارج عن الجمع العرفي. ومقتضى ذلك الرجوع إلى المرجحات، وهو يقتضي الاخذ بالروايات السابقة، لأنها أشهر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 50 من ابواب صلاة الجماعة. (* 3) الوسائل باب: 44 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 44 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 44 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1، 4. (* 6) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 201 )

 

[ بشرط أن يصل إلى حد الركوع قبل رفع الامام رأسه، وان كان بعد فراغه من الذكر على الاقوى (1). فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه، بل وكذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع الامام في رفع الرأس، وان لم يخرج بعد عن حده على الاحوط (2). وبالجملة: إدراك الركعة في ابتداء الجماعة ] ثم إن مورد بعض تلك النصوص، والمتيقن من بعضها الآخر هو الصورة الاولى - أعني بها ما إذا لم يدرك الامام إلا في الركوع - فعموم الحكم لجميع الصور العمدة فيه: ظهور الاتفاق على عدم الفرق بينها. (1) كما هو المعروف، الذي يقتضيه إطلاق النصوص. وعن العلامة (ره) في النهاية: اعتبار الذكر قبل أن يخرج الامام عن حد الراكع. وكأنه للتوقيع المروي عن الاحتجاج عن صاحب الزمان (ع)، وفيه: (إذا لحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة الركوع) (* 1) لكنه ضعيف لا يصلح لتقييد غيره. مع وهنه باعراض الاصحاب، ولا سيما مع إباء بعض ما سبق عن التقييد. (2) وعن الروض والمسالك والمدارك: أن ظاهر الرواية فوات الركعة وعن جامع المقاصد: (يلوح من الرواية الفوات). وكأنه لا طلاق الرفع قبل أن يركع المأخوذ في رواية الحلبي موضوعا للفوات، بل وفي غيرها ايضا. لكن الظاهر من الرفع الرفع عن حد الركوع الشرعي، لاعن حد شخص الركوع المأتي به للامام. ولذا لا يظن الالتزام بأنه لو رفع رأسه عن حد ركوعه الشخصي ولم يخرج عن حد الركوع الشرعي، وبقي مستمرا على ذلك ذاكرا لا يجوز الائتمام به.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5.

 

===============

 

( 202 )

 

[ يتوقف على ادراك ركوع الامام قبل الشروع في رفع رأسه. وأما في الركعات الأخر فلا يضر عدم (1) ادراك الركوع مع الامام، بأن ركع بعد رفع رأسه، بل بعد دخوله في السجود أيضا. هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الامام. وأما إذا دخل فيها من أول الركعة أو اثنائها واتفق أنه تأخر عن الامام في الركوع فالظاهر صحة صلاته (2) وجماعته فما ] (1) يعني: في بقاء الائتمام، لاستصحاب بقائه. أما في ادراك الركعة الثانية فالذي يلوح من كلماتهم في صلاة - الجمعة فيما لو زوحم المأموم عن السجود مع الامام في الركعة الاولى حتى رفع الامام رأسه من ركوع الثانية -: المفروغية عن عدم الفرق بين الركعة الاولى والثانية، وأنه لو أدركه بعد رفع رأسه من ركوع الثانية فقد فاتت تلك الركعة. ولم يحتمل أحد جواز أن يقوم ويركع بدون قراءة ويلحقه في السجود. وظاهر جامع المقاصد وكشف اللثام ومفتاح الكرامة وغيرها: الاتفاق عليه. فلاحظ كلماتهم فيما لو زوحم المأموم في الجمعة عن السجود في الركعة الاولى. ولعله الذي تقتضيه أصالة عدم ادراك الركعة. بل لعله يستفاد من النصوص المتقدم إليها الاشارة، بالغاء خصوصية موردها. فتأمل. ومع ذلك فقد يظهر من شيخنا الاعظم (ره) اختصاص الحكم المذكور بالركعة الاولى، وأنه معلوم من النص والفتوى. وأما إذا ادركه راكعا فالخلاف في إدراكه للركعة الثانية هو الخلاف المتقدم في الركعة الاولى، كما صرح به في كشف اللثام وغيره. وان كان ظاهر محكي المنتهى الاتفاق على ادراكها به. فلا حظ. (2) لعدم المقتضي لبطلانها. وأما صحة جماعته - بمعنى: كونه مدركا

 

===============

 

( 203 )

 

[ هو المشهور - من أنه لابد من إدراك ركوع الامام في الركعة الاولى للمأموم في ابتداء الجماعة، وإلا لم تحسب له ركعة - مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الامام (1) أو قبله بعد تمام القراءة، لا فيما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها، وان صرح بعضهم بالتعميم (2). ] للركعة - فهو المشهور ظاهرا، بل الظاهر أنه داخل في معقد الاجماع - المحكي عن التذكرة والمدارك وغيرهما - على إدراك الركعة بادراك الامام قبل الركوع. ويشهد له صحيح ابن الحجاج عن أبي الحسن (ع): (في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة، فلما ركع الامام ألجأه الناس إلى جدار أو اسطوانة فلم يقدر على أن يركع - ثم يقوم في الصف - ولا يسجد حتى رفع القوم رؤوسهم، أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع قال (ع): (يركع ويسجد، لا بأس بذلك) (* 1) ونحوه خبره الآخر في الجمعة وغيرها (* 2) وموردهما وان كان هو الضرورة، إلا أن ظهورهما في تحقق الانعقاد قبل طروء الضرورة كأنه لا مجال لدفعه. (1) كما هو مورد ظاهر النصوص المتقدمة. وفي الجواهر: (لاإشكال في عدم اعتبار ركوع المأموم مع الامام في الانعقاد بعد فرض اقتدائه في أثناء القراءة أو ابتدائهما). (2) هذا حكاه في الجواهر في مبحث جواز نية الانفراد احتمالا. ثم قال: (هو واضح الفساد). وفي مفتاح الكرامة عن الموجز الحاوي وكشف الالتباس: الحكم بفوات الجماعة لو زوحم المأموم عن ركوع الاولى، فلما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 204 )

 

[ ولكن الاحوط الاتمام (1) - حينئذ - والاعادة. (مسألة 25): لو ركع بتخيل ادراك الامام راكعا ولم يدرك بطلت صلاته (2)، بل وكذا لو شك في إدراكه وعدمه (3). ] ركع وسجد وحده بعد ارتفاع الزحام أدرك الامام رافعا رأسه من الركعة الثانية. وظاهرهما الحكم بالتعميم. كما أن ظاهر نهاية الاحكام والتذكرة وجامع المقاصد: الاشكال فيه، لاستشكالهم في فوات الجمعة في الفرض المذكور بل عن المعتبر ونهاية الاحكام والتذكرة - فيما لو ارتفع الزحام وقد رفع الامام رأسه من ركوع الثانية: - أنه يتمها ظهرا. وظاهرهم الجزم بعدم الانعقاد. فتأمل. (1) فانه مقتضى الأصل. وأما الاحتياط بالاعادة، فللخروج من شبهة الخلاف. (2) لزيادة الركن التي لم يثتب اغتفارها. وفيه: أن زيادة الركن مبنية على عدم سقوط القراءة، إذ لو بني على سقوطها - لحديث: (لا تعاد...) (* 1) ونحوه مما دل على اغتفار نقص القراءة - فالركوع في محله. ولا موجب للبطلان سواه. نعم يختص ذلك بمورد يعذر فيه بترك القراءة والهوي إلى الركوع. وسيأتي. نعم لا ينبغي التأمل في فوات تلك الركعة، للنصوص السابقة. وفي جواز الائتمام في الركعات اللاحقة الاشكال المتقدم في جواز الائتمام في الاثناء. إلا أن يستفاد مما سيأتي فيما لو ادرك الامام في السجدتين الاخيرتين. لكنه في غير محله، إذ لو قيل بجواز بقائه على الائتمام هناك فليس هو من الائتمام في الاثناء. (3) الحكم فيه من حيث صحة الصلاة هو ما عرفته فيما قبله. أما من

 

 

____________

(* 1) مرت الرواية في المسألة: 12 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 205 )

 

[ والاحوط في صورة الشك الاتمام (1) والاعادة، أو العدول (2) إلى النافلة والاتمام، ثم اللحوق في الركعة الاخرى. (مسألة 26): الاحوط عدم الدخول (3) إلا مع الاطمينان بادراك (4) ركوع الامام، ] حيث صحة الائتمام والحكم بادراك الركعة ظاهرا فهو أن ظاهر النصوص المتقدمة - في إدارك الركعة بادراك الامام راكعا - أن الشرط اقتران ركوع المأموم وركوع الامام. وحينئذ فالاقتران المذكور إن كان من الاعتباريات المحضة - التي ليس لها خارجية أصلا، بل هو منتزع من ركوع المأموم في زمان ركوع الامام - أمكن إثباته باستصحاب ركوع الامام إلى زمان ركوع المأموم، فيترتب عليه أثره، وهو إدارك الركعة. هذا إذا علم تاريخ ركوع المأموم وجهل تاريخ رفع الامام رأسه. أما لو انعكس الامر، فأصالة عدم ركوع المأموم في حال ركوع الامام مقتضيه للبطلان. وكذا لو جهل تاريخ الامرين معا فانه - أيضا - يحكم بالبطلان لأصالة عدم انعقاد الجماعة. وان كان للاقتران نحو خارجية فالاستصحاب في الصورة الأولى لا يثبته، إلا بناء على القول بالأصل المثبت. (1) يعني: مأموما. ووجه الاحتياط بذلك: أنه أخذ بطرفي الشك معا. (2) قد يشكل - كونه أحوط - بعدم الدليل على الجواز حينئذ، ولا سيما بناء على البطلان ظاهرا، لدوران الصلاة بين أن تكون باطلة واقعا، وان تكون صحيحة جماعة، ولا مجال للعدول في كل منهما. فتأمل. (3) يعني: في الصلاة جماعة. (4) لأن القصد المعتبر في صحة العبادة هو القصد إلى الفعل الصحيح. ومن المحتمل: أن لا يتحقق الا مع العلم، أو الاطمئنان بالصحة.

 

===============

 

( 206 )

 

[ وان كان الاقوى جوازه مع الاحتمال (1). وحينئذ فان أدرك صحت، وإلا بطلت (2). (مسألة 27): لو نوى وكبر فرفع الامام رأسه قبل ] (1) إذا يكفي في عبادية العبادة صدورها عن إرادة المأمور به لأمره سواء أكان ذلك بتوسط الجزم بالانطباق، كما في العبادات الجزمية، أم بتوسط احتماله، كما في جميع موارد الاحتياط. من دون فرق بينهما في حيثية صدور الفعل عن إرادة المأمور به لأمره. وقد أشرنا إلى ذلك في شرح بعض مسائل التقليد، وفي (حقائق الاصول). (2) قد عرفت أن البطلان في المقام يتوقف على عدم تطبيق حديث: (لا تعاد الصلاة..) ونحوه. والظاهر أنه مع الاطمئنان يكون معذورا في ترك القراءة، فيشمله الحديث. بل الظاهر المفروغية عن حجية الاطمئنان في المقام. بل لعله في كل مقام، لبناء العقلاء عليها وعدم ثبوت الردع عنه. أما مع الظن بادارك الركوع أو الشك فلا مجال للمعذورة، لعدم الدليل على الحجية، ولا على الرخصة في ترك القراءة، ليجري حديث: (لا تعاد...) ويكون الركوع في محله. نعم بناء على أن الشرط مجرد ركوع المأموم في زمان ركوع الامام - إما لأنه المفهوم من الادلة، أو لرجوع التقارن إليه - أمكن أن يكون استصحاب بقاء الامام راكعا إلى زمان ركوع المأموم كافيا في الحكم بالادراك ظاهر، فيترتب عليه أثره وهو عدم وجوب القراءة فيكون ذلك منشأ لصحة تطبيق الحديث الشريف وتصح لأجله الصلاة. هذا ولكن المستفاد من النصوص الواردة في إدراك الركوع، والمعلوم من السيرة جواز الركوع بمجرد احتمال ادراك الامام راكعا، احتمالا معتدا به، فضلا عن الظن به. وعليه فلو ركع كذلك ولم يدركه راكع صحت صلاته، ولا يضره فوات القراءة، على ما عرفت.

 

===============

 

( 207 )

 

[ أن يركع أو قبل أو يصل إلى حد الركوع لزمه الانفراد (1) أو انتظار الامام (2) ] (1) لا ينبغي الاشكال في جواز الانفراد هنا، ولو قيل: بعدم جوازه اختيارا، لعدم انعقاد الجماعة، فيكون منفردا من أول الامر. ولا دليل على قدح بمجرد نية الائتمام بلا انعقاد له. والأصل البراءة. واحتمال ثبوت أحكام المأموم له إلى آخر الصلاة منفي بالعمومات المتضمنة للاحكام الأولية. (2) جواز الانتظار ظاهر محكي المبسوط، قال: (لو أدرك الامام وقد رفع رأسه من الركوع استفتح الصلاة وسجد معه السجدتين ولا يعتد بهما. وان وقف حتى يقوم إلى الثانية كان له ذلك). ومثله ما عن البيان والروض والمسالك والروضة والفوائد الملية. وقد يشهد له خبر عبد الرحمن: (إذا وجد الامام ساجدا فاثبت مكانك حتى يرفع رأسه، وان كان قاعدا قعدت وان كان قائما قمت) (* 1) وموثق عمار: (عن رجل أدرك الامام وهو جالس بعد الركعتين قال (ع): يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الامام حتى يقوم) (* 2) نعم يعارض ذلك ما تضمن الأمر بالسجود مع الامام من النصوص، كرواية المعلى عن الصادق (ع): (إذا سبقك الامام بركعة فادركته وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتد بها) (* 3) ورواية معاوية بن شريح: (ومن أدرك الامام وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتد بها) (* 4) ورواية ربعي والفضيل المروية في المستند: (ومن أدرك الامام وقد رفع (رأسه ظ)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 208 )

 

[ قائما إلى الركعة الاخرى فيجعلها الاولى له، إلا إذا أبطأ الامام بحيث يلزم الخروج عن صدق الاقتداء (1). ولو علم قبل أن يكبر للاحرام عدم إدراك ركوع الامام، لا يبعد جواز دخوله وانتظاره (2) إلى قيام الامام للركعة الثانية، مع ] من الركوع فليسجد معه، ولا يعتد بذلك السجود (* 1) ولا يبعد كون الجمع العرفي بينها هو الحمل على التخيير. ولأجل ذلك يظهر أنه كان على المصنف (ره) أن يضم عدلا آخر إليه - وهو السجود مع الامام - كما صنعه غيره. كما لاوجه لتخصيص الطائفة الثانية بالركعة الاخيرة كما سيأتي منه، وقد حكي التنصيص على عدم الفرق بين الأخيرة وغيرها عن جماعة - كالشيخ والعلامة والشهيدين والأردبيلي - لاطلاق النصوص. بل صريح رواية المعلى في غيرها. ولعل الوجه في عدم ضم العدل الآخر بناؤه على ظهور الطائفة الثانية في استئناف التكبير، وهو في هذه المسألة في مقام بيان ما يصح به التكبير من دون حاجة إلى استئنافه. وسيأتي الكلام في ذلك. (1) يعنى: في ارتكاز المتشرعة، الذي هو حجة لا الارتكاز العرفي إذ القدوة ليست من المفاهيم العرفية. ولذ لا يرجع إلى العرف في معرفة أجزائها وشرائطها، بل هي من المخترعات الشرعية، سواء أقلنا بالحقيقة الشرعية أم بالمرادات الشرعية. (2) إذا كان الانتظار مشروعا - لموثق عمار المتقدم - لم يكن وجه ظاهر للتوقف في جواز دخوله، مع التصريح فيه بالافتتاح. نعم استشكل العلامة - رحمه الله - في محكي المختلف في جواز الدخول. وعلله: بلزوم زيادة الركن - وهو السجدتان - وبالنهي عن الدخول في الركعة عند فوات

 

 

____________

(* 1) راجع المستند المسألة: 5 ج: 1 ص: 550.

 

===============

 

( 209 )

 

[ عدم فصل يوجب فوات صدق القدوة، وإن كان الأحوط عدمه. (مسألة 28): إذا أدرك الامام وهو في التشهد الاخير يجوز له الدخول معه (1)، ] تكبيرها في صحيح ابن مسلم عن الباقر (ع) (* 1). ولكنه كما ترى، إذ الأول - مع أنه لا يتم بناء على المشهور من وجوب الاستئناف - لا يصلح للاعتماد عليه في مقابل النصوص، لو تمت دلالتها على عدم الاستئناف. وكيف كان فلا يمنع من الدخول مع الانتظار والثاني وإن اقتضى المنع عن أصل الدخول، الا أنك عرفت في المسألة الرابعة والعشرين وجوب رفع اليد عنه، أخذا بظاهر الأخبار الدالة على جواز الدخول حال ركوع الامام وإدراك الركعة بذلك، كما هو المختار له (رحمه الله). (1) على المشهور شهرة عظيمة. لموثق عمار عن الصادق (ع): (عن الرجل يدرك الامام وهو قاعد يتشهد، وليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه. قال (ع): لا يتقدم الامام ولا يتأخر الرجل، ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام، فإذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته) (* 2) ولا يعارضه موثقه السابق - وإن توقف في الحدائق لذلك - لاختلاف موردهما، فان مورد هذا الموثق التشهد الاخير الذي هو محل الكلام، ومورد الموثق السابق (* 3) التشهد الاول. وقد عرفت تعارض النصوص فيه، وأن الجمع العرفي يقتضي التخيير فيه. كما لا يعارضه صحيح ابن مسلم (متى يكون يدرك الصلاة مع الامام؟ قال (ع): إذا أدرك الامام وهو

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكر الرواية في المسألة: 24 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) المراد به هو موثق عمار المتقدم في المسألة: 27 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 210 )

 

[ بأن ينوي ويكبر ثم يجلس معه ويتشهد (1)، فإذا سلم الامام يقوم فيصلي من غير استئناف للنية والتكبير (2)، ويحصل له ] في السجدة الاخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام) (* 1) وإن عول عليه في المدارك، فجعل أقصى ما تدرك به الجماعة إدراك السجدة الأخيرة، كما هو مضمون الصحيح: (فإذا رفع الامام رأسه من السجدة الأخيرة فاتت الجماعة) - إذ فيه: أنه يمكن الجمع بين الصحيح المذكور والموثق، فيحمل الصحيح على إدراك تمام فضل الركعة مع الامام بادراكه في السجدة الأخيرة، ويحمل الموثق على ادراك الفضل في الجملة لو أدركه في التشهد، فانه نوع من الجمع العرفي بين الحديثين، وحمل للظاهر على الأظهر ويشهد به - أيضا - ما في خبر معاوية بن شريح: (ومن أدرك الامام - وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة فقد أدرك الجماعة، وليس عليه أذان ولا إقامة) (* 2). (1) قد يشكل فعله بعنوان الخصوصية، لخلو النص - ككثير من كلماتهم - عن التصريح به. نعم عن المعتبر والمنتهى والتذكرة وغيرها: إن شاء تشهد معه وإن شاء سكت. ولعل المراد فعله بعنوان الذكر المطلق ولا بأس به حينئذ. (2) قطعا، كما عن الذكرى والروض، بل إجماعا، كما عن المهذب البارع. وفي مفتاح الكرامة: (إن رواية عمار منجبرة بالاجماع المنقول والمعلوم). ويقتضيه ظاهر الموثق المتقدم، فان قوله (ع) فيه: (فأتم الصلاة...) ظاهر في الاتمام بدون استئناف. وظاهر محكي النافع:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 49 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) مرت الاشارة إلى الرواية في المسألة: 27 من هذا الفصل. .

 

===============

 

( 211 )

 

[ بذلك فضل الجماعة (1)، وإن لم يحصل له ركعة. (مسألة 29): إذا أدرك الامام في السجدة الاولى أو الثانية من الركعة الاخيرة (2)، وأراد إدراك فضل الجماعة نوى وكبر وسجد معه السجدة أو السجدتين وتشهد، ثم يقوم ] وجوب الاستئناف. وقد يشهد له خبر ابن المغيرة: (كان منصور بن حازم يقول: إذا أتيت الامام وهو جالس قد صلى الركعتين فكبر ثم اجلس، فإذا قمت فكبر) (* 1). لكنه لا يصلح لمعارضة الموثق، لعدم إسناده إلى المعصوم. وعدم وجدان القائل به، كما عن الرياض. مع أنه في التشهد الوسط. (1) كما هو المحكي عن جماعة. وكأن المراد فضلها في الجملة. ولعله حينئذ لا خلاف فيه، كما عن مجمع البرهان. ويقتضيه ظاهر الامر به في موثق عمار، وصريح خبر معاوية بن شريح المتقدمين (* 2). ولعل تنظر العلامة (قده) في ذلك - في القواعد - واستشكاله - في محكي النهاية - محمول على إرادة فضل الصلاة من الأول جماعة. ومثله ما عن التذكرة والايضاح: من أن الاقرب أنه لا تحصل فضيلة الجماعة. ويشهد بذلك تنظره - أيضا - لو أدركه رافعا رأسه من الركوع، مع أن صريح الصحيح المتقدم - لابن مسلم (* 3) - إدراك فضل الصلاة مع الامام حينئذ. (2) قد عرفت الاشكال في هذا التخصيص، كما تقدمت أيضا النصوص الدالة على الحكم المذكور في المسألة السابعة والعشرين.

 

 

____________

(* 1) الفقيه ج: 1 باب: 56 حديث: 94 صفحة 260 طبع النجف الأشرف. (* 2) تقدم ذكرهما في المسألة: 28 من هذا الفصل. (* 3) تقدمت الرواية في المسألة: 28 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 212 )

 

[ - بعد تسليم الامام - ويستأنف الصلاة (1)، ولا يكتفي بتلك ] (1) وعن المدارك وغيرها: نستبه إلى الأكثر، لزيادة الركن في الفرض الأول. وللنهي عن الاعتداد بها في خبري المعلى وابن شريح (* 1) بناء على رجوع الضمير إلى الصلاة. لكن زيادة الركن لا تقدح إذا دل الدليل على الصحة. والنهي عن الاعتداد بجنس السجدة، ولا سيما وفي الجواهر حكى - عما تحضره من نسخة الوسائل -: تثنية الضمير في خبر المعلى، فيتعين إرجاعه إلى السجدتين. مع أنه لو فرض إجماله فالامر بالسجود والتكبير - الظهار في الدخول بعنوان امتثال أمر الصلاة - يكون قرينة على رجوعه إلى السجود. ومن هنا كان ظاهر محكي المبسوط والنهاية والسرائر عدم الاستئناف، بل ربما مال إليه الاردبيلي - على ما حكي - وقد أتعب في الجواهر نفسه الزكية في تقريبه وتقويته. هذا والتحقيق: أن نسخة تثنية الضمير وتقويته ينبغي أن تكون ساقطة بعد كون المعروف من نسخ الوسائل التأنيث، فضلا عن اتفاق نسخ التهذيب عليه ظاهرا. وإرجاعه الضمير المفرد المؤنث إلى جنس السجدة مما لا يصح لأن جنسها السجود، فيدور الأمر بين رجوع الضمير إلى الصلاة - ومقتضاه لزوم الاستئناف - وبين رجوعه إلى الركعة وظاهره حينئذ عدمه -. والظاهر من خبر المعلى هو الثاني، ولا سيما وكون الاعتداد بالركعة مظنة التوهم لادراك الامام فيها، كما لو أدركه في آخر الركوع. وعليه يتعين حمل خبر ابن شريح عليه لو لم يكن ظاهرا في ذلك. مع أنه لو فرض إجماله فغاية الامر عدم صلاحيته لاثبات صحة الصلاة، لاأنه يصلح لمعارضة خبر المعلى الدال على صحتها. وأما رواية ربعي والفضيل (* 2).

 

 

____________

(* 1) مر ذكرهما في المسألة: 27 من هذا الفصل. (* 2) تقدم ذكر الرواية في المسألة: 27 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 213 )

 

[ النية والتكبير، ولكن الاحوط اتمام الاولى بالتكبير الاول ثم الاستئناف بالاعادة. (مسألة 30): إذا حضر المأموم الجماعة فرأي الامام راكعا وخاف أن يرفع الامام رأسه إن التحق بالصف، نوى وكبر في موضعه (1) وركع ثم مشى في ركوعه، أو بعده، أو في سجوده (2)، ] - فلو ثبتت - فهي على الصحة أدل. فالقول بالصحة قريب جدا، لأنه الظاهر من النصوص. ثم إن استئناف التكبير كما يحتمل وجوبه يحتمل تحريمه، لأنه قطع الفريضة، فالاحوط - الذي به يؤخذ بالمحتملين معا - أن يكبر تكبيرا، مرددا بين الافتتاح - على تقدير لزوم الاستئناف - وبين الذكر المطلق، على تقدير لزوم الاتمام. والله سبحانه أعلم. (1) بلا خلاف في شئ من ذلك، ولا في جواز مشيه في ركوعه بل عن الخلاف والمنتهى، وظاهر التذكرة والذكرى: الاجماع عليه. لصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): (عن الرجل يدخل في المسجد فيخاف أن تفوته الركعة. فقال (ع): يركع قبل أن يبلغ القوم، ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم) (* 1). (2) هذا وما بعده يستفاد من مجموع نصوص الباب. مع أن احتمال قدحه في الصلاة مندفع بالأصل، والنص الدال على جواز المشي فيها إلى القبلة، كرواية محمد بن مسلم عن ربعى (* 2) واحتمال قدحه في الجماعة غير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5 وباب: 44 من ابواب مكان المصلي حديث: 2.

 

===============

 

( 214 )

 

[ أو بعده، أو بين السجدتين (1) أو بعدهما (2)، أو حال القيام للثانية (3) إلى الصف (4)، سواء كان لطلب (5) المكان الافضل، أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده، أو لغير ذلك. وسواء كان المشي (6) إلى الأمام، أو الخلف أو أحد الجانبين. بشرط أن لا يستلزم (7) الانحراف عن ] حاصل، بل المحتمل قدح عدمه. نعم في إمكان فرض المشي في حال السجود نوع خفاء وإشكال. فتأمل. (1) الظاهر زيادة (أو). (2) لصحيح إسحاق: (قلت لأبي عبد الله (ع): أدخل المسجد وقد ركع الامام فاركع بركوعه - وأنا وحدي - وأسجد، فإذا رفعت رأسي أي شئ أصنع؟ قال (ع): قم فاذهب إليهم فان كانوا قياما فقم معهم، وإن كانو جلوسا فاجلس معهم) (* 1). (3) بلا خلاف. وعن ظاهر المنتهى: الاجماع عليه. ويدل عليه صحيح عبد الرحمن: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا دخلت المسجد والامام راكع فظننت أنك إن مشيت إليه رفع رأسه قبل أن تدركه فكبر واركع، فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك، فإذا قام فالحق بالصف) (* 2) (4) متعلق بقوله: (مشى). (5) هذا التعميم مقتضى الأصل. بل قد يقتضيه إطلاق النص. (6) هذا مقتضى الاطلاق. (7) إذ ليس نظر النصوص إلا إلى الاذن في المشي والبعد، وكونه لامع القوم، فادلة سائر موانع الصلاة والجماعة محكمة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 215 )

 

[ القبلة، وأن لا يكون هناك مانع آخر، من حائل أو علو أو نحو ذلك. نعم لا يضر البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار على الاقوى (1)، إذا صدق (2) معه القدوة، وإن كان الأحوط (3) اعتبار عدمه أيضا. والاقوى عدم وجوب جر الرجلين (4) حال المشي، ] (1) لاطلاق النصوص، لو لم يكن المتيقن منها ذلك. خلافا لما عن التذكرة والذكرى والبيان والروض والمسالك وجامع المقاصد وغيرها: من تقييده بما إذا لم يكن بعد يمنع الائتمام بل في مفتاح الكرامة: نسبته إلى الأصحاب، حيث استثنوا هذه المسألة من حكمهم بكراهة الوقوف في صف وحده إذا كان في الصفوف فرجة، وأنه به نطقت كلماتهم وطفحت عباراتهم والناظر في كتب الاستدلال يقطع بذلك من دون شك ولا شائبة إشكال انتهى. لكن حمل النصوص وكلام الجماعة على ذلك غير ظاهر. (2) تقدم الكلام في المراد منه، وظاهر عدم اشتراط ذلك. (3) تقدم وجهه. (4) كما هو المشهور. لا طلاق النصوص. وعن الغرية وفوائد الشرائع وتعليق النافع: الوجوب. وعن الموجز وجامع المقاصد والمسالك: عده من الشروط، لمرسل الفقيه: (روى أنه يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى) (* 1) لكنه - مع ضعفه في نفسه، وإعراض المشهور عنه - غير وارد في خصوص المقام بل هو مطلق، ليكون معارضا لنصوص المقام بالعموم من وجه، الموجب للرجوع إلى أصالة البراءة لو كان المحتمل خصوص كونه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. وقد مر في المسألة: 5 من فصل تكبيرة الاحرام، والمسألة: 8 من فصل القيام في الجزء السادس من هذا الشرح تفصيل الكلام في أدلة اعتبار الطمأنينة - ومنها رواية السكوني الناهية عن المشى حال القراءة - فلاحظ.

 

===============

 

( 216 )

 

[ بل له المشي متخطيا على وجه لا تنمحي صورة الصلاة. والأحوط ترك الاشتغال (1) بالقراءة والذكر الواجب أو غيره، مما يعتبر فيه الطمأنينة حاله. ولا فرق في ذلك بين المسجد وغيره (2). فصل يشترط في الجماعة (3) - مضافا إلى ما مر في المسائل المتقدمة - أمور: ] شرطا للصلاة. بل معارض باطلاق ما دل على جواز المشي في الصلاة، وما دل على جواز التخطي فيها، مما يوجب تقديمه عليه وحمله على الاستحباب وكأنه - لذلك - حكي عن الدروس وغيرها: أنه ينبغي أن يجر رجليه. (1) بل هو المتعين، كما عن جماعة منهم الشهيدان، لما عرفت من عدم إطلاق في النصوص يقتضي جوازه، فدليل الطمأنينة في الامور المذكورة محكم. (2) إذ النصوص وإن اشتملت على المسجد، لكن المفهوم منها كون موضوع الحكم مجرد خوف فوت ركوع الامام في أي محل انعقدت الجماعة وأن ذكر المسجد لكونه موضع انعقادها غالبا. فصل (3) لا بأس بالعترض إلى ما يقتضيه الأصل عند الشك في صحة الجماعة - للشك في اعتبار شئ شرطا أو مانعا، في الائتمام، أو في الامام أو المأموم - فنقول: تارة يكون الشك في الصحة حدوثا، واخرى: يكون فيها بقاء فان كان الأول فالمرجع أصالة عدم انعقاد الجماعة، لان انعقادها إنما يكون

 

===============

 

( 217 )

 

بجعل الامامة للامام من المأموم في ظرف اجتماع الشرائط، فإذا شك في شرطية شئ مفقود، أو مانعية شئ موجود - للامام أو المأموم أو الائتمام - فقد شك في الانعقاد، الملازم للشك في حصول الامامة للامام والمأمومية للمأموم، والأصل العدم في جميع ذلك. وبعبارة أخرى: الشك في المقام في ترتب الاثر على الجعل المذكور، ومقتضى الاصل عدمه. نعم قد يدعى: أن الأصل في المقام عدم الشرطية أو المانعية المشكوكتين ومقتضاه صحة الجعل والسبب، وهو حاكم على الاصل المتقدم، لأنه أصل سببي، وذلك الأصل مسببي. وفيه: أن أصالة عدم الشرطية أو المانعية سواء أكانت راجعة إلى استصحاب عدمهما، أم إلى أصالة البراءة منهما، كما هو مضمون حديث: (رفع مالا يعلمون...) (* 1) لا تصلح لاثبات السببية التامة للواجد لمشكوك المانعية، أو الفاقد لمشكوك الشرطية، إلا بناء على الأصل المثبت لان ثبوت السببية التامة للواجد فرع ملاحظته مطلقا شاملا للواجد، وهذا ليس من آثار عدم المانعية للمشكوك بل ملازم لها، من جهة العلم الاجمالي بالجعل على أحد النحوين، إما مطلقا أو مقيدا بالعدم. وكذا يقرر ذلك بالاضافة إلى الفاقد لمشكوك الشرطية. فان قلت: ما الفرق بين المقام ومقام تردد الواجب بين الاقل والأكثر؟ فان المشهور هناك: الرجوع إلى البراءة الشرعية في نفي وجوب الجزء المشكوك أو الشرط، مع جريان الاشكال المذكور فيه. قلت: مبنى الرجوع إلى البراءة الشرعية هناك هو إمكان التفكيك بين الوجوبات الضمنية في التنجز وعدمه، فلو أمكن - أيضا - التفكيك بين السببية الضمنية فيهما أمكن الرجوع إلى البراءة الشرعية هنا. لكنه غير ظاهر. ولذا وقع القائلون بالبراءة في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس حديث: 1. ويدل عليه - ايضا - الحديث: 3 من الباب المذكور.

 

===============

 

( 218 )

 

مقام دفع شبهة الغرض في حيص وبيص، مع أنها من قبيل ما نحن فيه. ولم يكتفوا في دفع تلك الشبهة بالرجوع إلى البراءة الشرعية، بل التزموا في دفعها بوجوه أخرى مذكورة في محالها. وقد عد من الواضحات وجوب الاحتياط عند الشك في جزئية شئ أو شرطيته للوضوء أو الغسل أو التيمم إذا كان الموضوع هو الطهارة الحاصلة من أحدها، ولم يكتف في البناء على حصولها بالرجوع إلى البراءة الشرعية في نفي الجزئية أو الشرطية المشكوكة والوجه فيه: ما أشرنا إليه من عدم إمكان التفكيك بين الأحكام الوضعية الضمنية في التنجز وعدمه، بخلاف الأحكام التكليفية. فتأمل جيدا. وهذا هو العمدة في الاشكال على جريان الأصل المذكور. وأما الاشكال عليه: بأن حديث الرفع غير ظاهر الشمول للاحكام الوضعية. ففيه مع أن الظاهر من بعض النصوص (* 1) الوارد في الاكراه على الطلاق والعتاق والصدقة عمومه لها -: أنه يغني عنه استصحاب عدم الشرطية. ومثله في الضعف الاشكال عليه بأن مقتضى عموم: (لاصلاة الا بفاتحة الكتاب) (* 2) عدم انعقاد الجماعة مع الشك، لأنه إذا دل على وجوب القراءة فقد دل بالالتزام على انتفاء الجماعة، للملازمة بين وجوب القراءة وعدم انعقاد الجماعة، وحينئذ لا مجال لأصالة عدم الشرطية، لأن الأصل لا يعارض الدليل، وجه الضعف: أن العام لا يكون حجة في مثل

 

 

____________

(* 1) لعل المراد به ما في الوسائل باب: 12 من ابواب كتاب الايمان حديث: 12 الوارد في الحلف مكرها بالطلاق والعتاق والصدقة المشتمل على استلال الامام - عليه السلام - بحديث الرفع. وان كان المقصود الأحاديث الدالة على البطلان بالاكراه فهى كثيرة متفرقة في ابواب الوسائل، لاحظ باب: 12 من ابواب كتاب الأيمان، وباب: 37 من ابواب مقدمات الطلاق وغيرهما من ابواب المعاملات - بالمعنى الأعم -. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب الصقراءة في الصلاة حديث: 5.

 

===============

 

( 219 )

 

هذا المدلول الالتزامي، فلا مانع من الأصل الجاري لاثبات عنوانه الخاص الذي هو عنوان الجماعة في الفرض، وحينئذ يكون الخاص هو المرجع - وهو ما دل على سقوط القراءة في الجماعة - المقدم على عموم: (لاصلاة الا بفاتحة الكتاب). وربما يدفع الاشكال المذكور: بأن عموم: (لا صلاة الا بفاتحة الكتاب) إنما يدل على عدم انعقاد الجماعة - في مورد الشك في الشرطية أو المانعية - لو كان دليل سقوط القراءة عن المأموم من قبيل المخصص لذلك العموم، لكنه ليس كذلك، بل إنما يدل على الاجتزاء بقراءة الامام، وحينئذ يكون معاضدا لما دل على اعتبار الفاتحة في الصلاة، لا معارضا مخصصا له. نعم لولا دليل الاجتزاء بقراءة الامام، كان مقتضى حكم العقل وجوب قراءة المأموم نفسه، فدليل الاجتزاء إنما يعارض حكم العقل المذكور، لادليل وجوب القراءة، وحيئنذ فالأصل الظاهري المنقح لعنوان الجماعة إنما يعارض الحكم العقلي المذكور. ومن المعلوم أن حكم العقل يسقط بمجرد قيام الحجة على خلافه ولو كان أصلا ظاهريا. وجه الضعف: أن قوله (ع): (لاصلاة الا بفاتحة الكتاب) دال على عدم الاجتزاء بقراءة الامام باطلاقه الأحوالي كان حجة في المدلول الالتزامي وهو عدم انعقاد الجماعة عند الشك - كان معارض للاصل الظاهري، ويرجع الاشكال. والمتحصل من جميع ما ذكرنا: هو أنه لا أصل لأصالة عدم الشرطية، وأن المتعين هو الرجوع إلى أصالة عدم انعقاد الجماعة وعدم الامامة للامام وعمد المأمومية للمأموم، فيرجع إلى حكم المنفرد. وربما يتمسك في المقام باطلاق أدلة أحكام الجماعة لنفي اعتبار مشكوك الشرطية. وفيه: - مع أنه لا يتم فيما لو كان الشك في الاعتبار عند

 

===============

 

( 220 )

 

العرف -: أنه يتوقف على كون المراد بالجماعة الموضوع العرفي، وليس كذلك، بل المراد منها معنى شرعي، فلا مجال للرجوع إلى العرف في تشخيصه. وليس الأمر بالصلاة جماعة إلا كالأمر بالصلاة والصيام والحج ونحوها من موضوعات الأحكام مما أريد به معنى خاص غير المفهوم العرفي. ولذا لا يجوز الرجوع إلي إطلاقها في نفي احتمال الشرطية والجزئية. هذا كله إذا كان الشك في انعقاد الجماعة حدوثا ومن أول الأمر. وإن كان الثاني - وهو الشك في انعقاد الجماعة بقاء - فالمرجع استصحاب البقاء واستصحاب كون الامام إماما والمأموم مأموما، فتترتب الاحكام إلى أن يعلم بفسادها. ثم إنه لو فرض عدم وفاء الأصول في مقام اثبات الجماعة ونفيها، فالمأموم - لأجل أنه يعلم إجمالا، إما بوجوب القراءة، وإما بوجوب المتابعة - يتعين عليه - بحكم العقل - الاحتياط بالجمع بينهما. إلا أن يقال: يتم ذلك لو كان سقوط القراءة عن المأموم من باب التخصيص. أما لو كان من باب الاجتزاء بقراءة الامام، فلأجل أن الاصل يقتضي عدم الاجتزاء بها - فتجب على المأموم ظاهرا - ينحل العلم الاجمالي بقيام المنجر على أحد طرفيه، فالمرجع في وجوب المتابعة أصالة البراءة. إلا أن يبتلى بزيادة الجزء، إذ يعلم حينئذ بوجوب المتابعة أو قادحية الزيادة، فيجب عليه الاحتياط في الامرين معا. لولا أن قادحية الزيادة مرجعها وجوب الاعادة. وإذ دار الامر بين وجوب الاعادة ووجوب أمر آخر فالعلم الاجمالي بوجوب أحدهما ينحل بقاعدة الاشتغال الموجبة للاعادة، ولا مجال حينئذ لوجوب المتابعة. ومن ذلك يتحصل: أنه لو فرض قصور الأصل عن إثبات صحة الجماعة وفسادها كان مقتضى القواعد البناء على وجوب القراءة وقادحية الزيادة، اللذين هما من أحكام صلاة المنفرد. نعم لو قيل بعدم وجوب المتابعة - حسبما يأتي

 

===============

 

( 221 )

 

[ أحدها: أن لا يكون بين الامام والمأموم حائل يمنع عن مشاهدته (1)، ] إن شاء الله تعالى كان مقتضى الأصل عدم وجوب القراءة، وعدم قدح الزيادة، كما هو حكم صلاة المأموم. ولو شك المأموم بين الثلاث والأربع - وكان الامام حافظا للثلاث - فعلى تقدير صحة الجماعة يتعين البناء على الثلاث، وعلى تقدير فسادها يتعين البناء على الاربع. ومع عدم الحجه على أحد الامرين يتعين الاستئناف، للشك في صحة كل من البناءين، ومقتضى قاعدة الاشتغال وجوب اليقين بالفراغ المتوقف على الاستئناف. (1) إجماعا صريحا وظاهرا، محكيا عن جماعة، منهم الشيخ والفاضلان والشهيد والمحقق الثاني وغيرهم. لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) - المروي في الكافي -: (إن صلى قوم وبينهم وبين الامام مالا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر مالا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة فان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة، إلا من كان من حيال الباب. قال: وقال: هذه المقاصير لم تكن في زمان أحد من الناس، وإنما أحدثها الجبارون، ليست لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة. قال: وقال أبو جعفر (ع): ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض، لا يكون بين الصفين مالا يتخطى، يكون قدر ذلك: مسقط جسد الانسان) (* 1). وكذا رواه في الفقيه، بتقديم قوله (قال أبو جعفر (ع)...) (* 2) على قوله: (وإن صلى)، مع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 62 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 62 من ابواب صلاة الجچاعة حديث: 2. وقد قطع الرواية صاحب -

 

===============

 

( 222 )

 

[ وكذا بين بعض (1) المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالامام كمن في صفه من طرف الامام أو قدامه ] تفاوت يسير (* 1) لا يخل بالمراد. وأما موثق أبي الجهم عن الرضا (ع): (عن الرجل يصلي بالقوم في مكان ضيق، ويكون بينهم وبينه ستر أيجوز أن يصلي بهم؟ قال (ع): نعم) (* 2) فلابد من طرحه أو تأويله. ولا سيما وفي بعض نسخه: (شبر) بدل: (ستر) (* 3) - ولعله أنسب بالصدر. فتأمل - فلا يكون مما نحن فيه. (1) عند علمائنا، كما عن الذكرى وغيرها، بل إجماعا، كما عن المنتهى وغيره. ويقتضيه الصحيح المتقدم، المطابق لمقتضى الأصل في المقام نعم في الوسائل (* 4) روى الصحيح بنحو يختص بما بين الامام والمأمومين فانه (ره) رواه هكذا: (إن صلى قوم وبينهم وبين الامام سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة...) إلى آخر ما سبق - لكن الموجود في الكافي (* 5) والفقيه (* 6) والتهذيب (* 7) يعم ما بين المأمومين أنفسهم أو يختص بذلك، كما تقدم. فيلحظ.

 

 

____________

(* 1) - الوسائل (ره) فذكر بعض فقراتها مما يرتبط بالمقام - في باب: 59 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. فلاحظ. (* 1). راجع التعليقة على الوسائل ج: 5 صفحة: 462 طبعة ايران الحديثة. (* 2) الوسائل باب: 59 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) راجع الوافي باب اقامة الصفوف ج: 2 صفحة 161. (* 4) تقدم ذكر الرواية في التعليقة للسابقة. (* 5) لاحظ الكافي ج: 3 صفحة 385 حديث: 4 طبعة ايران الحديثة. (* 6) لاحظ الفقيه ج: 1 باب: 56 الجماعة وفضلها حديث: 54 صفحة: 253 طبع النجف الأشرف. (* 7) لاحظ التهذيب ج: 3 صفحة 52 طبع النجف الأشرف.

 

===============

 

( 223 )

 

[ إذا لم يكن في صفه من يتصل بالامام، فلو كان حائل ولو في بعض أحوال (1) الصلاة - من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود - بطلت الجماعة، من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره، ولو شخص (2) انسان لم يكن مأموما (3). نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا. أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها (4) وبين الامام أو غيره من المأمومين مع كون الامام رجلا، بشرط أن تتمكن (5) ] (1) للاطلاق، وإن استفيد من بعض الكلمات عدم البأس فيه، لكنه غير ظاهر الوجه. ودعوى: انصراف النص إلى الدخول مع الحائل - كما في رسالة شيخنا الأعظم (ره -) ممنوعة. (2) لا طلاق السترة. وعطف الجدار عليها، إما من عطف الخاص على العام، وإما لا رادة غير المبنية على الثبات. مع أن الأصل - المتقدم تحريره - كاف في إثبات العموم. (3) وإلا فلا إشكال في عدم قدح حيلولته، ضرورة صحة الصفوف المتأخرة. (4) بلا خلاف ظاهر إلا من الحلي، كما عن الرياض وغيرها، بل عن التذكرة: نسبته إلى علمائنا. لموثق عمار (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار فيها نساء، هل يجوز لهن أن يصلين خلفه؟ قال (ع): نعم، إن كان الامام أسفل منهن. قلت: فان بينهن وبينه حائطا أو طريقا. فقال (ع): لا بأس) (* 1). ومنه يظهر ضعف ما عن الحلي. (5) شرطية التمكن تابعة لشرطية المتابعة في الجماعة. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 60 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 224 )

 

[ من المتابعة، بأن تكون عالمة (1) بأحوال الامام، من القيام والركوع والسجود ونحوها. مع أن الأحوط فيها - أيضا - عدم الحائل. هذا وأما إذا كان الامام امرأة أيضا فالحكم كما في الرجل (2). الثاني: أن لا يكون موقف الامام أعلى (3) من موقف ] (1) كذا ذكر جماعة. لكن العلم مما لا دخل له في تحقق المتابعة، وإنما له دخل في تحقق العلم بها، فيمكن حال الجهل بذلك صدور الافعال الصلاتية برجاء المتابعة. وعليه فلا خلل في الجماعة، ولا في الامتثال على تقدير المصادفة. (2) عن ظاهر محكي الغرية: الاجماع. لقصور الموثق عن شمول ذلك، فالمرجع فيه الأصل، المقتضي لعدم المشروعية مع الحائل. أو إطلاق الصحيح، بناء على عموم القوم والامام فيه للمرأة، ولو لالغاء خصوصية الذكورية فيه، كما في كثير من المقامات. لكن قد يعارض ذلك بجريان مثله أيضا. فتأمل. (3) على المشهور، كما عن جماعة، بل عند علمائنا، كما عن التذكرة ونحوه ما عن غيرها. لموثق عمار - المروي في الفقيه والكافي، وفي التهذيب عن الكافي - عن الصادق (ع): (عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي فيه، فقال - عليه السلام -: إن كان الامام على شبه الدكان أو على موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم، وإن كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل - إذا كان الارتفاع منهم (* 1) بقدر شبر [ يسير ] فان كان أرضا مبسوطة، وكان

 

 

____________

(* 1) في الكافي: (ببطن مسيل). وكذا عن بعض نسخ التهذيب. وعن أخرى: (يقطع ميلا). وعن ثالثة: (بقدر شبر). وعن رابعة: (بقدر يسير). وعن الفقيه. -

 

===============

 

( 225 )

 

[ المأمومين، علوا معتدا به (1)، دفعيا كالابنية ونحوها - ] في موضع منها ارتفاع، فقام الامام في الموضع المرتفع، وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة إلا أنهم في موضع منحدر، قال (ع): لا بأس) (* 1). ويعضده موثقه المتقدم في الحائل (* 2) -. ويؤيده بعض النصوص العامية (* 3) على الظاهر. وعن الخلاف: الكراهة، مدعيا عليه أخبار الفرقة وإجماع الطائفة. ولعل المراد: التحريم، بقرينة دليله، إذ الرواية ظاهرة في التحريم. وهو مظنة الاجماع، فضلا عن الاجماع على الكراهة. وتردد في الشرائع وظاهر النافع. ومثله غيره. ولا وجه له ظاهر. وعن المدارك: (إن الرواية ضعيفة السند، متهافتة المتن، قاصرة الدلالة، فلا يسوغ التعويل عليها في حكم مخالف للأصل). وفيه: أن الموثق حجة. ولا سيما إذا كان لعمار، فقد حكي عن الشيخ: الاجماع على العمل برواياته. والتهافت ليس في محل الاستدلال الذي هو الصدر. والدلالة غير قاصرة. ومدلوله موافق للأصل المتقدم. (1) كما في الشرائع والقواعد وعن اللمعة. بل هو المنسوب إلى

 

 

____________

- (يقعطع سبيلا). وعن التذكرة: (بقدر شبر). وعن الذكرى: (ولو كان أرفع منهم بقدر اصبع إلى شبر فان كان...) - منه مد ظله -. (* 1) الوسائل باب: 63 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. والمذكور موافعق لرواية الكافي وهناك اختلاف في المتن بين الكافي وبين التهذيب والفقيه، فان شئت الوقوف عليه فراجع الفقيه ج: 1 صفحة 253 ط النجف الأشرف، التهذيب ج: 3 صفحة 386 ط النجف، الكافي ج 3 صفحة 386 ط ايران الحديثة وقد اشار إلى وجود هذا الاختلاف المصنف دام ظله في التعليقة الآتية. (* 2) تقدم قريبا في الكلام على الامر الأول. (* 3) راجع الذكرى الفرع: 6 من المسألة: 3 من شرط اعتبار الموقف، والجواهر ج: 13 صفحة: 166 ط النجف، والحدائق ج: 11 صفحة: 111 ط النجف.

 

===============

 

( 226 )

 

[ لا انحداريا على الأصح، من غير فرق بين المأموم الأعمى والبصير (1) ] ظاهر الاكثر، لو كان المراد منه الرجوع إلى العرف. أخذ باطلاق الرواية، وإعراضا عن قوله (ع): (وإن كان أرفع منهم...)، لاختلاف نسخ الكافي والفقيه والتهذيب فيه اختلافا فاحشا. مع مخالفتها للتذكرة والذكرى - المروي فيهما أيضا - المختلفتين في أنفسهما. وفيه: أن ذلك يوجب الرجوع إلى الأصل، لأجل الاجمال الناشئ من اقتران الكلام بما يصلح للقرينية، وعن آخرين - كالدروس والموجز الحاوي والجعفرية وغيرها -: تقديره بما لا يتخطى، اعتمادا على صحيح زرارة، الآتي في التباعد. وفيه: انه ظاهر في المسافة لا العلو. وعن جماعة تقديره بشبر، اعتمادا على بعض نسخ الرواية. وفيه: أنه غير ظاهر أيضا، إلا إذا كانت أداة الشرط الثانيه غير وصلية - كما هي كذلك على تقدير نسخة (الفاء) بدل (الواو) - وكان جزاؤها محذوفا وهو قوله: (جاز) - أو موجودا - وهو قوله: (لا بأس) - لا الشرطية الثانية، وإلا لم تدل على جواز الارتفاع الدفعي. وذلك كله وإن كان غير بعيد - لأن جعل أداة الشرطية الثانية وصلية يستلزم المنع عن ارتفاع الامام التسنيمي ولو كان أقل من إصبع، وهو خلاف الضرورة. وكذا لو جعل جزاء الشرطية الثانية قوله (ع): (فان كان أرضا...)، لأن ذلك يستلزم المنع عن الارتفاع بأقل من اصبع في غير الارض المبسوطة - إلا أن ثبوت نسخة الشبر غير واضح. نعم عن التذكرة وإرشاد الجعفرية: الاجماع على اغتفار العلو اليسير. ومقتضي ما عن التذكرة - من أنه هل يتقدر بشبر أو بما لا يتخطى -: المفروغية عن جواز العلو بما دون الشبر، فان تم إجماعا كان هو المعتمد، وإلا فالمرجع الاصل الذي عرفته. (1) خلافا لما عن أبي علي حيث قال: (لا يكون الامام أعلى في

 

===============

 

( 227 )

 

[ والرجل والمرأة (1). ولا بأس بغير المعتد به مما هو دون الشبر (2)، ولا بالعلو الانحداري (3)، حيث يكون العلو فيه تدريجيا على وجه لا ينافي صدق انبساط الارض. وأما إذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر فيه (4). ولا بأس بعلو المأموم (5) على الامام ولو بكثير (6). ] مقاومه بحيث لا يرى المأموم فعله، إلا أن يكون المأمومون أضراء، فان فرض البصراء الاقتداء بالنظر وفرض الاضراء الاقتداء بالسماع...). بل ظاهره الخلاف في مانعية العلو غير المانع عن النظر. ولا وجه له ظاهر. (1) لقاعدة الاشتراك، الموافقة في المقام للاصل. (2) قد عرفت الكلام فيه. (3) بلا خلاف، كما في الرياض. ويستفاد من الشرطية الثالثة في الموثق، ولو بناء على كونها جزاء للثانية. نعم - عليه، وعلى تقدير ثبوت نسخة الشبر - لا إطلاق لها بنحو تشمل صورة الارتفاع بأكثر منه. وحينئذ يكون العمدة - في جواز ذلك في المبسوطة -: الاجماع. (4) بل لعله المتعين. للاصل. (5) إجماعا صريحا - كما عن الخلاف والتنقيح والمفاتيح وغيرها - وظاهرا كما عن المنتهى والمدارك والذخيرة والرياض. لما في ذيل الموثق المتقدم من قوله: (وسئل فان قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه، قال (ع): لا بأس. قال: وان كان الرجل فوق بيت أو غير ذلك - دكانا كان أم غيره - وكان الامام يصلي على الارض أسفل منه جاز للرجل أن يصلي خلفه ويقتدي بصلاته، وان كان أرفع منه بشئ كثير). (6) كما في الموثق. وعن التذكرة والغرية: الاجماع على صحة صلاة

 

===============

 

( 228 )

 

[ الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الامام (1) بما يكون كثيرا في العادة (2)، إلا إذا كان في صف (3) متصل بعضه ببعض حتى ينتهي إلى القريب. أو كان في صف بينه وبين ] المأموم وان كان على شاهق. وإطلاق النص يقتضيه. وعن جماعة: تقييده بما لم يؤد إلى العلو المفرط. وعن النجيبية: دعوى الاجماع عليه. ولا وجه له، إلا أن يوجب انتفاء القدوة بحسب ارتكاز المتشرعة. فتأمل جيدا. (1) إجماعا صريحا - كما عن المدارك والذخيرة والمفاتيح - وظاهرا، كما عن التذكرة وغيرها. وهو الذي يقتضيه الأصل المتقدم. (2) عندنا - كما عن التذكرة - وكاد أن يكون إجماعا - كما في الرياض - بل عن إرشاد الجعفرية: (لا يضر البعد المفرط مع اتصال الصفوف إذا كان بين كل صفين القرب العرفي، إجماعا). هذا والذي يظهر - من عبارة المتن ونحوها -: عدم قادحية البعد، وانما القادح كثرة البعد، ويظهر من عبارة ارشاد الجعفرية ونحوها: أن القادح نفس البعد، فيعتبر في انعقاد الجماعة القرب. والفرق بينهما ظاهر. ثم إن الظاهر من مرجعية العرف كونه مرجعا في تحديد المفهوم من البعد أو الكثرة، فالموضوع للمانعية هو ما يفهم منه عندهم، سواء أكان له مطابق خارجي أم لا. والظاهر من مرجعية العادة كون موضوع المانعية ما جرت عادة المتشرعة على تركه. والفرق بينهما أيضا ظاهر. مع أن حمل العادة على ذلك يستلزم كون التحديد بذلك أضيق من التحديد بما لا يتخطى، مع أن ظاهرهم خلافه إلا أن يكون المراد من العادة العادة في التافهم عند استعمال اللفظ، فترجع حينئذ إلى العرف. فتأمل. (3) إذ من المعلوم بالضرورة - كما في الجواهر - عدم اعتبار القرب بين الامام وكل واحد من المأمومين.

 

===============

 

( 229 )

 

[ الصف المتقدم البعد المزبور - وهكذا - حتى ينتهي إلى القريب والأحوط - احتياطا لا يترك - أن لا (1) يكون ] (1) إذ عن الغنية: (لا يجوز أن يكون بين الامام والمأمومين، ولا بين الصفين مالا يتخطى، من مسافة أو بناء أو نهر)، ثم ادعى الاجماع عليه. فان ذكر البناء والنهر قرينة على إرادة مالا يتخطى بين مسجد المأموم وموقف الامام. وعن أبي الصلاح وجماعة من متأخرى المتأخرين: موافقته في ذلك، بل لعله ظاهر السيد (ره)، بل ربما نسب إلى ظاهر الكليني والصدوق. لصحيح زرارة - المتقدم - (* 1) عن أبي جعفر (ع): (إن صلى قوم بينهم وبين الامام مالا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر مالا يتخطى فليس ذلك - كما في التهذيب - لهم بصلاة (إلى أن قال): وأيما امرأة صلت خلف إمام وبينها وبينه مالا يتخطى فليس لها تلك بصلاة) ودلالة الفقرات الثلاث على الوجوب لا مجال لا نكارها. ولا سيما بملاحظة اقترانها بحكم الحائل. ودعوى: قوة الظن بارادة الفضيلة منها، لا تجدي في قبال الظاهر. ومثلها: دعوى: استفادة الفضيلة مما روي متقدما عليه - كما في الفقيه - أو متأخرا عنه - كما في الكافي والتهذيب - من قوله (ع): (ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض، ولا يكون بين الصفين مالا يتخطى، يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان إذا سجد) (* 2) فانها ممنوعة، إذ لو سلم ظهور (ينبغي) في الاستحباب، فلا معين لعطف (لا يكون) على مدخولها، بل من الجائز عطفه على (ينبغي)، كما يشهد

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في الأمر الأول من الأمور المعتبرة في الجماعة. (* 2) الوسائل باب: 62 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 230 )

 

به ترك حرف المصدر. وكما ان الظاهر من (تواصل الصفوف) تواصلها بلحاظ حال السجود، يكون الظاهر من (بين الصفين) ذلك الحال. وحمل التواصل على حال القيام، وقوله (ع): (ولا يكون بين...) على أن يكون تفسيرا له. بعيد عن الظاهر، لا موجب للمصير إليه. وعلى هذا تكون الصحيحة دليلا لما عن الغنية وغيرها. ولو سلم ظهروه في التفسير - كما هو الظاهر على تقدير عدم (الواو) في قوله (ع): (ولا يكون) كما في نسختي الكافي والتهذيب - يمكن رفع اليد عنه بقرينة ما سبق. ورجوع اسم الاشارة في قوله (ع): (قدر ذلك،) إلى (بين) - ليكون الكلام إثباتا بمنزلة الاضراب - لا ينافي ذلك، إذا كان المراد منه تقدير البعد الجائز بذلك. مع أن الأظهر رجوعه إلى الموصول، لأنه أقرب. بل هو المتعين لكون مسقط جسد الانسان مما لا يتخطى. اللهم إلا أن يحمل على ما هو نظير الاستخدام، بأن يراد من الصفين - الملحوظين في هذا الكلام - الموقفان ودعوى ظهور (ما لا يتخطى) - في الفقرات الثلاث - فيما بين الموقفين - فيتعين حمله على الفضيلة، للقطع بجواز البعد اكثر من ذلك - ممنوعة كدعوى: كون ذلك مقتضى إطلاق النص، لا متناع ثبوت الاطلاق الشامل للقليل والكثير في التحديدات، كما هو ظاهر بالتأمل. بل هو في نفسه محتمل له ولما بين المسجد والموقف. ويتعين حمله على الأخير بقرينة قوله (ع): (فليس ذلك الامام...) بضميمة القطع بجواز الفصل بأكثر من ذلك فيما بين الموقفين. ومن هذا كله يظهر لك عدم ثبوت الاعراض الموجب لوهن الصحيح لجواز أن يكون الوجه فيه بعض ما ذكر، مما عرفت دفعه، كما ربما يشهد به ما عن المحقق (ره): من أن اشتراط ذلك مستبعد فيحمل على الافضل أو احتمال إرادة الحائل مما لا يتخطى، كما عن المختلف. أو غير ذلك.

 

===============

 

( 231 )

 

[ بين موقف الامام ومسجد المأموم، أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من مقداره الخطوة التي تملا الفرج (1)، ] ومعارضة الفقرة الثالثة بموثق عمار - المتقدم في ائتمام المرأة مع الحائل (* 1) - بل الفقرات الثلاث، لعدم القول بالفصل بين الرجل والمرأة، وحينئذ فحمل الصحيح على الفضل أولى من التصرف في الموثق مندفعة: بأن حمل الصحيح على الفضل وإن كان أولى من تقييد الطريق بما يتخطى لندرة ذلك، إلا أن حمل السؤال في الموثق على كونه سؤالا من حيث كون الطريق طريقا ومعبرا للمترددين، لامن حيث المسافة - كما قد يقتضيه اقترانه بالحائل - أولى من حمل الصحيح على ما ذكر. هذا والانصاف أن هذا الحمل بعيد جدا، بل لعل أبعد من حمل الطريق على ما يتخطى، فيشكل بذلك الأخذ بظاهر الصحيح، ولا سيما بناء على نسختي الكافي والتهذيب الخاليتين من ذكر (الواو) في قوله (ع): (لا يكون بين...) فان ذلك يعين حمل الكلام على كونه تفسيرا للتواصل المستحب، وتكون الفقرات كلها بمعنى واحد. والمظنون أن هذا هو الوجه في عدم تحديد المشهور للبعد المانع بذلك، بل عن الخلاف: الاجماع على جواز البعد بنحو الطريق. وحمله على ارادة الطريق الذي يتخطى غير ممكن في كلامه وإن أمكن في النص، كما يظهر بالتأمل. ثم إن مقتضى ترك الاستفصال في الموثق عدم الفرق في البعد بالطريق بين الواسع وغيره كما لا يبعد - أيضا - أن يكون البعد غير الكثير - الجائز عند المشهور - شامل لذلك أيضا. ولا يبعد أن المعيار في الجائز ما ينافي اتحاد الجماعة عرفا ومع الشك في شئ من مراتب البعد يرجع إلى أصالة عدم الانعقاد التي عرفتها. والله سبحانه أعلم. (1) كما هو الظاهر من قوله (ع): (ما لا يتخطى).

 

 

____________

(* 1) لاحظ الرواية في الكلام على الأمر الاول من الأمور المعتبرة في الجماعة.

 

===============

 

( 232 )

 

وأحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة. والأفضل (1) - بل الأحوط (2) أيضا - أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الانسان إذا سجد، بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل. الرابع: أن لا يتقدم المأموم على الامام في الموقف (3) فلو تقدم في الابتداء أو الاثناء بطلت صلاته (4) إن بقي على ] (1) كما هو مقتضى (التواصل) الذي ينبغي. (2) لاحتمال كونه المراد من النصوص. فتأمل. (3) إجماعا صريحا وظاهرا حكاه جماعة، منهم الفاضلان والشهيد والمحقق الثاني. ويكفي فيه - مضافا إلى ذلك - الأصل. (4) إجماعا، كما عن التذكرة والذكرى والغرية، سواء أكان عند التحريمة أم في أثناء الصلاة، كما صرح به في معاقد الاجماعات. لكن عن الذكرى: " لو تقدم عمدا على الامام فالظاهر أنه يصير منفردا...) - يعني: تصح صلاته وتبطل جماعته -. ولعل هذا قرينة على إرادة البطلان من حيث المأمومية، كما استظهره شيخنا الاعظم (ره). ويقتضيه حديث: (لا تعاد...) لو كان التقدم سهوا - فتأمل - بل أصالة البراءة - أيضا ولو كان عمدا. ودليل الشرطية والمانعية - في أمثال المقام لو تم - فهو ظاهر في الشرطية والمانعية في الجماعة لا في نفس الصلاة. ويحتمل أن يكون مرادهم ما لو بقي على نية الائتمام، كما يظهر من حكمهم بالبطلان فيما لو تقدمت سفينة المأموم واستصحب المأموم نية الائتمام لكنه ينافي الاجماع - حينئذ - ما عن الخلاف: (من عدم البطلان في ذلك لعدم الدليل). ومنه يظهر الاشكال في حكم المصنف (ره) بالبطلان

 

===============

 

( 233 )

 

[ نية الائتمام، والأحوط تأخره عنه، وإن كان الأقوى جواز المساواة (1). ولا بأس - بعد تقدم الامام في الموقف أو ] ولو مع بقاء نية الائتمام. نعم لو أدى ذلك إلى ما يوجب بطلان صلاة المنفرد كان القول بالبطلان في محله. ولعله مراد الجماعة أيضا. (1) على المشهور. وفي الرياض: (لا خلاف فيه إلا من الحلي). وعن التذكرة: الاجماع عليه. وربما يستدل له باطلاق الأمر بوقوف المأموم الواحد عن يمين الامام (* 1). والاذن بالوقوف حذاء الامام إذا لم يجد مكانا في الصف (* 2). والأمر بقيام المرأة وسطا ولو أمت النساء (* 3). وبالنهي عن أن يبدو بهم إمام إذا دخلوا السمجد قبل أن يتفرق جميع من فيه وأرادوا أن يصلوا جماعة (* 4). ونوقش في الجميع: بأنه لا إطلاق فيه. مع أنه في موارد خاصة. ومثله ما ورد في اختلاف المصلين في الامامية والمأمومية. ومجرد امتناع الفرض حينئذ إلا مع اعتقاد كل منهم التقدم - وهو بعيد - لا ينافي ذلك لا مكان السؤال وإن بعد الفرض، وإذ أن السؤال عن حيثية الاختلاف فالجواب يكون عنها لا غير. ومثله يقال فيها بالاضافة إلى اعتبار التقدم في الأفعال أيضا. فلا حظ. نعم روى الحميري: (أنه كتب إلى الفقيه (ع) يسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة (ع)، هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة. (* 2) الوسائل باب: 57 من ابواب صلاة الجماعة. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة. (* 4) الوسائل باب: 65 من ابواب صلاة الجماعة.

 

===============

 

( 234 )

 

[ المساواة معه - بزيادة المأموم على (1) الامام في ركوعه ] عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا؟ فأجاب وقرأت - التوقيع ومنه نسخت -: أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة، بل يضع خده الايمن على القبر. وأما الصلاة فانها خلفه ويجعله الامام ولا يجوز أن يصلي بين يديه، لأن الامام لا يتقدم، ويصلي عن يمينه وشماله) (* 1). فان الظاهر من الجملة الاخيرة كونها استئنافا لا معطوفة على (يصلي) ولا على (يتقدم). وظاهرها اختصاص التقدم على الامام بالمنع دون المساواة له. لكن رواها في الاحتجاج عن الحميري عن صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه) - هكذا -: (ولا يجوز أن يصلي بين يديه ولا عن يمنيه ولا عن يساره، لأن الامام لا يتقدم ولا يساوى) (* 2). والظاهر اتحاد الرواية والمروي عنه. لكن القاعدة في مثل ذلك إجراء أحكام التعارض أيضا. ومقتضاه ترجيح الأولى، لاعتبار طريقها وإرسال الثانية لكن الخروج بها عن الاصل، وعما دل على وجوب تقدم الامام - من الاخبار الكثيرة المتفرقة في أبواب الجماعة - لا يخلو من إشكال. ولا سيما مع عدم ظهور الامام فيها في إمام الجماعة. فتأمل جيدا. وقد تقدم في مكان المصلي - في مسألة التقدم على قبر المعصوم - ما له نفع في المقام. (1) كما عن نهاية الاحكام التصريح به، بل لعله ظاهر كل من جعل الممنوع تقدم الامام في الموقف. وعن الروضة: (المعتبر فيه العقب قائما، والمقعد - وهو الالية - جالسا، والجنب نائما).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب مكان المصلي حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب مكان المصلي ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 235 )

 

[ وسجوده لطول قامته ونحوه، وان كان الأحوط مراعاة (1) عدم التقدم في جميع الأحوال، حتى في الركوع والسجود والجلوس. والمدار على الصدق العرفي (2). (مسألة 1): لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة (3) في أحوال الصلاة وإن كان مانعا منها حال السجود (4)، كمقدار الشبر، بل أزيد أيضا. نعم إذا كان مانعا حال الجلوس فيه اشكال، لا يترك معه الاحتياط. ] (1) بل لعله المتعين، كما يقتضيه إطلاق المنع من التقدم، ومن لم يتقدم بعقبه وتقدم برأسه في الركوع والسجود - لطول قامته -. فهو متقدم في الجملة. والأصل كاف في المنع عنه. وما عن المدارك: من نسبة الاكتفاء بالتساوي في الموقف بالعقب وإن تقدم المأموم بالاصابع إلى الأصحاب، غير بالغ درجة الحجية. ولذا حكي عن نهاية الاحكام وغيرها: اعتبار الاصابع والعقب معا. وهو الذي يقتضيه الاصل المذكور. (2) كما عن الذخيره والرياض. والمراد: أن المعيار في التقدم والتساوي هو نظر العرف لا نظر العقل ومداقته، لأن ذلك منصرف النص وكلماتهم. فتأمل. (3) بلا خلاف ولا إشكال، كما في الجواهر. لعدم كونه من الجدار والسترة المذكورين في النص. واحتمال كونه مانعا مستقلا مقطوع بخلافه. (4) بلا خلاف يعرف. نعم حكي في مفتاح الكرامة عن المصابيح (أن الصحة لا تخلو عن إشكال، لا طلاق لفظ السترة والجدار). وفيه: أنه لو سلم صدقهما فهما منصرفان عن مثله. مع أن المحكي في الجواهر - عنه -: الاستشكال في خصوص ما لو منع حال الجلوس. ونسب

 

===============

 

( 236 )

 

[ (مسألة 2): إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع - لثقب في وسطه مثلا - أو حال القيام - لثقب في أعلاه - أو حال الهوي إلى السجود - لثقب في أسفله - فالاحوط والاقوى فيه عدم الجواز، بل وكذا لو كان في الجميع، لصدق الحائل (1) معه أيضا. ] إلى غيره: عدم المنع حينئذ، لاطلاق أدلة. وعدم إرادة ما يشمله من السترة والجدار. لكن الأول ممنوع. والثاني خلاف إطلاقهما. والعلم بعدم إرادته منهما غير حاصل، فاشكاله في ذلك في محله فتأمل. (1) لفظ الحائل غير مذكور في النص. نعم ذكر في كلماتهم مقيدا بما يمنع المشاهدة، وإنما المذكور في النص: السترة والجدار (* 1). وكما يحتمل أن يكون المراد منهما مطلق الساتر المانع عن المشاهدة، يحتمل أن يكون مطلق الحائل وإن لم يمنع عنها. وإذ أن الثاني أظهر، إذ يساعده - مضافا إلى اطلاق الجدار الشامل للجدار المخرم - قرينة المناسبة بين الحكم والموضوع، فان الظاهر منها كون المانع هو انفصال المصلين بعضهم عن بعض بنحو لا يكونون مجتمعين في الصلاة، سواء أكانت مشاهدة أم لم تكن. وهذا هو المدار في الحائل. فإذا لم يكن منافيا للاجتماع، ولا موجبا للتفرق، لم يكن قادحا وإن كان مانعا عن المشاهدة. وإذا كان مانعا عن الاجتماع وموجبا للتفرق كان قادحا في الجماعة وإن لم يكن مانعا عن المشاهدة. ومن هنا كان اللازم الحكم بالمنع في الفرض الثاني، فضلا عن الاول. مع أنه لو فرض تساوي الاحتمالين فالاصل كاف في المنع. ومنه يظهر وجه الحكم في المسألة الثالثة والخامسة.

 

 

____________

(* 1) مر ذلك في الكلام على الأمر الأول من الأمور المعتبرة في الجماعة.

 

===============

 

( 237 )

 

[ (مسألة 3): إذا كان الحائل زجاجا يحكي من ورائه فالاقوى عدم جوازه (1). للصدق. (مسألة 4): لا بأس بالظلمة (2) والغبار ونحوهما، ولا تعد من الحائل. وكذا النهر والطريق (3)، إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة. (مسألة 5): الشباك لا يعد من الحائل (4)، وإن كان ] (1) وعن كشف الغطاء: جوازه، لتحقق المشاهدة فيه، المعتبر عدمها في ظاهر النص وصريح الفتوى. لكن عرفت حال النص. وأما الفتوى فمن المحتمل كون المراد منها إخراج الحائل القصير. مع أن في كون المراد من المشاهدة فيها ما يعم المشاهدة في الزجاج تأملا، أو منعا. (2) قطعا، كما في الجواهر، بل لعله من الضروريان غير المحتاجة إلى الاستدلال عليها ببعض النصوص الدالة عليها. (3) وعن المنتهى: نسبته إلى الاكثر. وعن الذخيرة: نسبته إلى المشهور. لعدم كونهما من السترة والجدار. واحتمال كونهما مانعا عن انعقاد الجماعة مستقلا مقطوع بخلافه. بل قد عرفت: دلالة موثق عمار على عدم منع الثاني في المرأة. وعن أبي الصلاح وابن زهرة: المنع في الاول، وعن الثاني: نقل الاجماع عليه. وفيه: ما عرفت. والاجماع ممنوع. نعم في المدارك: (إنه جيد جدا إذا كان مما لا يتخطى)، لاطلاق صحيحة زرارة المتقدمة (* 1). لكن عرفت الاشكال في حجية الصحيحة. ولو تمت فليس المنع للحائل بل للبعد. (4) يعني: المانع من الاقتداء، على المشهور شهرة عظيمة، بل لم

 

 

____________

(* 1) مر ذلك في الكلام على الأمر الأول من الأمور المعتبرة في الجماعة.

 

===============

 

( 238 )

 

[ الاحوط الاجتناب معه، خصوصا مع ضيق الثقب، بل المنع في هذه الصورة لا يخلو عن قوة، لصدق الحائل معه. (مسألة 6): لا يقدح حيلولة (1) المأمومين بعضهم لبعض، وإن كان أهل الصف المتقدم الحائل لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين (2) لها. (مسألة 7): لا يقدح عدم مشاهدة (3) بعض أهل الصف الأول - أو أكثره - للامام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف، ولا أطولية الصف الثاني - مثلا - من الأول. (مسألة 8): لو كان الامام في محراب داخل في ] يعرف الخلاف فيه إلا من الشيخ (ره) وابن زهرة والحلبي، بل محكي كلام الاخيرين غير ظاهر في الخلاف. وعن الاول: الاستدلال عليه بالاجماع وصريح الصحيح المتقدم. وفيه أن الاجماع ممنوع. والصحيح قد عرفت اختصاص دلالته على المنع بصورة حصول التفرق وعدم الاجتماع، فلا يمنع عنه في غير ذلك. نعم مع الشك في ذلك يكون المرجع أصالة عدم انعقاد الجماعة. كما أنه المرجع - أيضا - لو بني على إجمال الدليل، لما عرفت من عدم الاطلاق الصالح للمرجعية في نفي الشك في الشرطية والمانعية. (1) إجماعا، بل ضرورة. (2) والعمدة في الصحة حينئذ: هي السيرة القطعية التي ادعاها في الجواهر وغيرها، وإلا - فلو فرض قصور أدلة قدح البعد والحائل عن شمول الصف المتقدم - فاحتمال اعتبار توالي الافتتاح في صحة الاقتداء يوجب الرجوع إلى الأصل، الموجب لاجراء حكم المنفرد. فتأمل. (3) فانه من القطعيات.

 

===============

 

( 239 )

 

[ جدار ونحوه لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار (1) ممن يحول الحائط بينه وبين الامام، ويصح اقتداء من يكون مقابلا للباب (2)، لعدم الحائل بالنسبة إليه، بل وكذا من على جانبيه ممن لا يرى الامام، لكن مع اتصال الصف على الاقوى (3)، ] (1) فانه المتيقن من الصحيح المتقدم، ومن معاقد الاجماعات على قدح الحائل. (2) كما صرح به في النص. (3) بل هو المنسوب إلى الشيخ (ره) ومن تبعه. وفي الكفاية: (لم أجد من حكم بخلافه) وفي الرياض: (لا يكاد يوجد فيه خلاف إلا من بعض من تأخر، حيث أنه - بعد ما نقل ما في المنتهى عن الشيخ ومن تبعه - استشكله، فقال: (وهو متجه إن ثبت الاجماع على أن مشاهدة بعض المأمومين تكفي مطلقا، وإلا كان في الحكم المذكور إشكال، نظرا إلى قوله (ع): (إلا من كان بحيال الباب) فان ظاهره قصر الصحة على صلاة من كان بحيال الباب. وجعل بعضهم هذا الحصر إضافيا بالنسبة إلى الصف الذي يتقدمه عن يمين الباب ويساره. وفيه عدول عن الظاهر يحتاج إلى دليل) - انتهى -. وهو حسن) - انتهى ما في الرياض -. ومراده من (بعض من تأخر): صاحب الذخيرة. ومراد الذخيرة من (بعضهم): صاحب المدارك. وعن المصابيح: تخصيص الحكم المذكور في المتن بالمنتهى والمدارك ومن تبعهما. وأنه مخالف لظاهر النص وفتوى الاصحاب، حيث صرحوا بأن الصحيح صلاة من يقابل الباب. واستند في ذلك إلى عبارة الشرائع والقواعد والتحرير ونحوها، قال في الشرائع: (إذا وقف الامام في محراب داخل فصلاة من يقابله ما ضية، دون صلاة من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه. وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف

 

===============

 

( 240 )

 

الاول، لانهم يشاهدون من يشاهده). وقال في القواعد: (لو صلى الامام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده). وقريب منهما غيرهما. هذا ولكن دلالة الصحيح (* 1) على ما ذكره غير ظاهرة، إذ ما يقصد التمسك به منه إن كان ما تضمن النهي عن الصلاة خلف المقاصير. ففيه - مع إجمال (المقاصير)، وعدم العلم بكيفيتها -: لا يكون ظاهرا فيما ادعي، بل ظاهر قوله (ع): " ليست لمن صلى خلفها...) عدم الاتصال أصلا بين المأمومين وبين إمامهم الذي يصلي فيها. وإن كان قوله (ع): (وان كان بينهم سترة أو جدار...) فيتوقف على كون المستثنى هو خصوص الشخص المصلي بحيال الباب، في قبال جانبيه ممن كان على يمنيه ويساره. وهو - مع أنه يقتضي بطلان صلاة جميع الصفوف المتأخرة إلا من كان منها بحيال الباب، كما اعترف به في ظاهر حاشية المدارك. وهو خلاف المصرح به في العبارات السابقة، بل الظاهر عدم القائل به، إذ ما يتوهم من تلك العبارات هو بطلان صلاة أهل الصف الاول ممن كان على جانبي المحاذي للباب لا غير - غير ظاهر، بل لا يبعد - بقرينة مناسبة الحكم والموضوع - إرادة قدح الحائل الموجب لانفصال المأمومين عن الامام، أو انفصال بعضهم عن بعض بنحو لا يتصل بالامام ولو بواسطة، كالصفوف التي تكون جناحا للمقصورة أو خلفها. ولذا يستفاد منه قدح الحائل بين أهل الصف الاول في صحة صلاة من ينفصل عن الامام، دون من يتصل به، مع أنه غير مورد الصحيح. إذ ليس الوجه في هذا الاستفادة إلا ما ذكرناه من كون الصحيح في مقام اعتبار الاتصال بالامام ولو بواسطة، ويشير إلى ذلك - أيضا - أن موضوع الحكم - في الفقرة السابقة على الفقرة المذكورة - الصف،

 

 

____________

(* 1) مر ذكره في الكلام على الأمر الأول من الأمور المعتبرة في الجماعة.

 

===============

 

( 241 )

 

فقوله (ع): (من كان...) يكون المراد منه نفس الصف، كما تقدم تفسيره بذلك من المدارك. وكذلك التعبير بالخلف في الفقرة اللاحقة - أعني: قوله (ع): (لمن صلى خلفها...) - فان الظاهر منه غير جهة الباب، فالمستثنى منه في الفقرة المذكورة الصف الذي يكون خلف المقصورة، لا ما يكون في جهة بابها. هذا مضافا إلى صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (لا أرى بالصفوف بين الاساطين بأسا) (* 1). فان الظاهر أن المراد منه نفي البأس بالاساطين بين الصفوف، وأن الوجه في جواز ذلك - مع أن الاساطين حائلة بين المأمومين - هو اتصال بعضهم ببعض من الجهات الأخرى. وبعد ملاحظة هذه القرائن الداخلية والخارجية لا ينبغي التأمل في كفاية الاتصال بالامام ولو بواسطة، وعدم قدح الحائل من جهة إذا كان الاتصال من الجهة الاخرى. وأما كلمات الاصحاب فظاهر بعضها وان كان ما ذكرنا، إلا أن عدم تعرضهم للخلاف في هذه الجهة، واتفاقهم على صحة صلاة جميع أهل الصفوف المتأخرة عن الصف الاول - مع أن الحكم ببطلان طرفي الصف الاول لعدم الاكتفاء بالمشاهدة من أحد الجانبين، يوجب الحكم ببطلان طرفي الصف الثاني لحيلولة طرفي الصف الاول بينهم وبين الوسط الذي هو بحيال الامام، فلا تتيسر لهم المشاهدة إلا من أحد الجانبين، وهكذا الحال في طرفي الصف الثالث وما بعده من الصفوف - كل ذلك قرينة على إرادة بطلان صلاة الصف المنعقد عن يمين المحراب ويساره ولذا حكي عن جماعة تصوير فرض صلاة الامام في محراب داخل بما ذكر في المتن في صدر المسألة والحكم بأن ذلك ألصق بالمقام.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 59 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 242 )

 

[ وإن كان الأحوط العدم. وكذا الحال إذا زادت الصفوف إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلا للباب ووقف الصف من جانبيه، فان الأقوى صحة صلاة الجميع وإن كان الأحوط العدم بالنسبة إلى الجانبين. (مسألة 9): لا يصح اقتداء (1) من بين الاسطوانات مع وجود الحائل بينه وبين من تقدمه، إلا إذا كان متصلا بمن لم تحل الاسطوانة بينهم. كما أنه يصح إذا لم يتصل بمن لا حائل له، لكن لم يكن بينه وبين من تقدمه حائل مانع. ] وبما ذكرنا يندفع ما يقال: من أن غاية ما يمكن هو التشكيك في دلالة الصحيح على المنع في محل الكلام، لكن الأصل كاف في المنع عنه. والاجماع على خلافه غير ثابت. وصحيح الحلبي مما لا مانع من التفكيك بين مورده وبين محل الكلام - أعني: مالو كان ا لحائل موجبا لتعدد المكان، كالمسجد وخارجه - ولكن الانصاف يقتضي البناء على حمل الصحيح على مجرد قدح الحائل المؤدي إلى انفصال المأمومين عن الامام، أو بعضهم عن بعض، بقرينة ما ذكرناه. واحتمال مانع آخر - غير الحيلولة على النحو المذكور - منفي بالاجماع، فلا مجال للاصل. ولا بد من التأمل. وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في صحة الصفوف المتأخرة المنعقدة في أروقة المشاهد المشرفة، التي تستطيل بحيث تواجه جدار الروضة المقدسة إذ ليس ذلك مما يراد من النص قطعا. مع الاجماع على عدم اعتبار أمر زائد على ما تضمنه، ولو بملاحظة الاجماع على صحة الجماعة المستديرة على الكعبة الشريفة، كما ستأتي ان شاء الله. (1) الكلام في هذه المسألة يعرف مما سبق.

 

===============

 

( 243 )

 

[ (مسألة 10): لو تجدد الحائل في الاثناء فالأقوى بطلان الجماعة، ويصير منفردا (1). (مسألة 11): لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به - لعمى أو نحوه - لم تصح جماعة (2). فان التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد (3) أتم منفردا، والا بطلت. (مسألة 12): لا بأس بالحائل غير المستقر (4). كمرور شخص من إنسان أو حيوان أو غير ذلك. نعم إذا اتصلت المارة لا يجوز وإن كانوا غير مستقرين. لاستقرار المنع حينئذ. ] (1) لاطلاق النص. ودعوى انصرافه إلى الدخول مع الحائل ممنوعة وإن صدرت من شيخنا الاعظم (ره). (2) لفقد الشرط الواقعي بظاهر الدليل. (3) المراد ما ينافي صلاة المنفرد مطلقا ولو كان سهوا، لعموم دليل منافاته. أما لو فعل ما لا ينافيها إلا عمدا - كترك القراءة ونحوه - صحت صلاته. لعموم حديث: (لا تعاد...) (* 1) ولا ينافي ذلك قوله (ع) - في الصحيح -: (فليس تلك لهم بصلاة) (* 2) ونحوه - مما دل على بطلان الصلاة بفوات شرط الجماعة - لحكومة الحديث عليه أيضا. على نحو حكومته على أدلة الشرطية والمانعية، فيجب حمله على صورة فوات ما يقدح في الصحة فواته ولو سهوا. أو على بطلان الصلاة بعنوان كونها جماعة (4) كما نص عليه بعض. لانصراف النص عنه، ولليسرة المستمرة عليه. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) مر الحديث المذكور في المسألة: 12 من فصل صلاة الجماعة. (* 2) مر ذكره في الكلام على الأمر الأول من الأمور المعتبرة في الجماعة.

 

===============

 

( 244 )

 

[ (مسألة 13): لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بني على عدمه (1). وكذا لو شك قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه. وأما لو شك في وجوده وعدمه - مع عدم سبق العدم - فالظاهر عدم جواز الدخول (2)، الا مع الاطمئنان (3) بعدمه. (مسألة 14): إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام، ولكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس والمفروض زواله حال الركوع أو الجلوس، هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه وجهان. والاحوط كونه مانعا من الاول. وكذا العكس، لصدق وجود الحائل (4) بينه وبين الامام. (مسألة 15): إذا تمت صلاة الصف المتقدم وكانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة إلى الصف المتأخر، لكونهم حينئذ حائلين (5) غير مصلين. نعم إذا قاموا بعد الاتمام بلا فصل ودخلوا مع الامام في صلاة أخرى لا يبعد بقاء (6) ] (1) للاصل. (2) للشك في المانع غير المحرز عدمه بالأصل. وأصالة عدم المانع لا دليل عليها - كلية - ما لم ترجع إلى الاستصحاب. نعم ثبت بناء المسلمين - أو العقلاء - عليها في بعض الموارد، غير ما نحن فيه. (3) بناء على حجيته، كما هو الظاهر. وإلا أشكل البناء عليه. (4) والاكتفاء بمجرد المشاهدة لا دليل عليه. (5) وانصراف الحائل عن مثلهم ممنوع. (6) إذ يكون حينئذ من قبيل الحائل غير المستقر. لا أقل من الشك

 

===============

 

( 245 )

 

[ قدوة المتأخرين. (مسألة 16): الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز (1) معه الاقتداء. (مسألة 17): إذا كان أهل الصفوف اللاحقة - غير الصف الأول - متفرقين، بأن كان بين بعضهم مع البعض فصل أزيد من الخطوة التي تملا الفرج. فان لم يكن قدامهم من ليس بينهم وبينه البعد المانع، ولم يكن إلى جانبهم - أيضا متصلا بهم - من ليس بينه وبين تقدمه البعد المانع لم يصح اقتداؤهم، وإلا صح (2). وأما الصف الاول فلابد فيه من عدم الفصل بين أهله، فمعه لا يصح اقتداء - (3) من بعد عن الامام أو عن المأموم من طرف الامام بالبعد المانع. (مسألة 18): لو تجدد البعد في أثناء الصلاة بطلت الجماعة وصار منفردا (4). وإن لم يلتفت وبقى على نية الاقتداء ] في شمول إطلاق الحائل، فيرجع إلى استصحاب بقاء الامامة. ولأجله يرتفع الاشكال - أيضا - من جهة لزوم البعد المانع لو اتفق، لعدم ثبوت مانعية مثله أيضا، فان الاستصحاب رافع للشك من هذه الجهة. (1) للاطلاق. والاكتفاء بالمشاهدة غير ظاهر من النص، كما تقدم. (2) للاكتفاء بالقرب من إحدى الجهات ولو بتوسط المأمومين، إجماعا ظاهرا، كما تقدم. (3) لأن البعد ببن أبعاض الصف الاول مانع من الاقتداء - كالبعد بين الصفوف - إجماعا، وإن لم يف به النص. (4) لاطلاق دليل الشرطية، الموجب لعدم الفرق بين الحدوث

 

===============

 

( 246 )

 

[ فان أتى بما ينافي صلاة المنفرد - من زيادة ركوع - مثلا - للمتابعة أو نحو ذلك - بطلت صلاته. وإلا صحت (1). (مسألة 19): إذا انتهت صلاة الصف المتقدم - من جهة كونهم مقصرين، أو عدلوا إلى الانفراد - فالاقوى بطلان اقتداء المتأخر، للبعد (2). إلا إذا عاد (3) المتقدم إلى الجماعة بلا فصل. كما أن الأمر كذلك من جهة الحيلولة أيضا. على ما مر. (مسألة 20): الفصل - لعدم (4) دخول الصف المتقدم في الصلاة - لا يضر بعد كونهم متهيئين للجماعة، فيجوز لأهل الصف المتأخر الاحرام قبل إحرام المتقدم، وإن كان الأحوط خلافه. كما أن الأمر كذلك من حيث الحيلولة على ما سبق. (مسألة 21): إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة، وإن كانوا غير ملتفتين للبطلان. نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحه. ] والبقاء، كما سبق نظيره في المسألة العاشرة. (1) كما عرفت الكلام في نظيره. (2) هذا مع انصرافهم عن مواضعهم. وإلا فالبطلان - للحائل أيضا - كما تقدم. (3) قد عرفت الكلام في نظيره. (4) تقدم الكلام في مثله في المسألة السادسة.

 

===============

 

( 247 )

 

[ ولا يضر. كما لا يضر فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة (1) بحسب تقليدهم، وإن كانت باطلة بحسب تقليد الصف المتأخر. (مسألة 22): لا يضر الفصل بالصبي المميز (2) ما لم يعلم بطلان صلاته. (مسألة 23): إذا شك في حدوث البعد في الاثناء بني على عدمه (3)، وإن شك في تحققه من الأول وجب إحراز عدمه (4). إلا أن يكون مسبوقا بالقرب، كما إذا كان ] (1) قد يشكل ذلك بناء على عدم الاجزاء - لتحقق البعد والحائل ومجرد الصحة في نظر المصلي الموجب لمحض المعذورية العقلية لا يرفع القادحية بل وكذا لو قيل بالاجزاء، للشك الموجب للرجوع إلى أصالة عدم المشروعية. لكن الظاهر: المفروغية عن صحة الاقتداء - حينئذ - إذا كان الاجزاء للصحة الواقعية ولو في حال الجهل، كما سيأتي ذلك فيما لو اختلف الامام والمأموم اجتهادا أو تقليدا، إذ المسألتان من باب واحد. اللهم إلا أن يقال: دليل مانعية البعد والحائل منصرف عن مثل ذلك. واحتمال اشتراط اتفاق المأمومين في صحة الصلاة واقعا وإن كان يوجب الرجوع إلى الأصل المتقدم، إلا أنه مندفع بالاجماع على خلافه. لكنه لا يخلو من تأمل ظاهر. (2) الكلام فيه كالكلام فيما قبله. ولا ينبغي الاشكال في جواز الفصل به - على تقدير مشروعية عباداته، بل مطلقا - لو أمكن الاعتماد على خبر أبي البختري المتقدم في المسألة الثامنة من أول المبحث. فتأمل. (3) لاستصحاب عدمه، الجاري في عامة الموانع المسبوقة بالعدم. (4) يعني: بعلم أو علمي أما الاصل فلا مجال له مع الجهل بالحال

 

===============

 

( 248 )

 

[ قريبا من الامام الذي يريد أن يأتم به، فشك في أنه تقدم عن مكانه أم لا. (مسألة 24): إذا تقدم المأموم على الامام في أثناء الصلاة - سهوا أو جهلا أو اضطرارا - صار منفردا (1)، ولا يجوز له تجديد الاقتداء (2). نعم لو عاد بلا فصل لا يبعد بقاء قدوته (3). (مسألة 25): يجوز - على الأقوى - الجماعة بالاستدارة حول الكعبة (4). ] السابقة. وأصالة عدم المانع - كلية - قد عرفت انها غير ثابتة. أما مع كونه مسبوقا بالبعد فالمرجع استصحابه المانع من صحة الائتمام. (1) لاطلاق دليل مانعية البعد. (2) لما سبق. (3) تقدم الكلام في نظيره. (4) كما عن الاسكافي والشهيدين والمحقق الثاني وشيخه ابن هلال وغيرهم. وعن الذكرى: الاجماع عليه عملا في الأعصار السابقة. وهو العمدة، إذ لو لاه لكان الشك في المشروعية كذلك كافيا في البطلان، لأصالة عدمها، فضلا عما دل على اعتبار تقدم الامام أو عدم تأخره، فان ظاهره التقدم في الجهة، وهو غير حاصل في الفرض. وحمله على إرادة التقدم بلحاظ الكعبة الشريفة، أو الدائرة المفروض حولها - التي يكون مركزها وسط الكعبة - خلاف الظاهر. مع أن لازمه عدم مشروعية الجماعة داخل الكعبة، لامتناع فرض التقدم وعدمه حينئذ. وأشكل منه: تقييد الدليل بصورة يكون استقبال الامام والمأمومين

 

===============

 

( 249 )

 

[ والأحوط عدم تقدم المأموم (1) على الامام - بحسب الدائرة - ] إلى جهة واحدة، إذ مع أنه خلاف الاطلاق - لازمه جواز الجماعة في داخل الكعبة على التعاكس، بأن يكون وجه كل منهما إلى الأخر، أوقفا كل منهما إليه، وهو مما لا مجال للالتزام به. فالعمدة - إذا - الاجماع المذكور، لو تم. ولا يخلو من تأمل. كيف! وفي القواعد ومحكي المنتهى: المنع واستشكله في نهاية الأحكام المدارك والذخيرة، لعدم تقدم الامام. أو مساواته. لكن الظاهر ثبوت السيرة عليه في عصر المعصومين (ع)، من دون نكير منهم (ع) - كما أشار إليه في محكي الذكرى - فيكون دليلا على الصحة في قبال ما ذكر. (1) هذا الاحتياط - بتمامه - ذكره في الجواهر ومنشؤه: التوقف عن الجزم بقدح التقدم المذكور، لاحتمال اختصاص قدح التقدم بصورة التوجه إلى جهة واحدة، بل ظاهر الجواهر: الجزم به، وكون الاحتياط المذكور استحبابيا. أقول: ظاهر من جوز الفرض: المفروغية عن قدح التقدم فيه أيضا وإنما الاشكال في معيار التقدم، وأنه الكعبة الشريفة، أو الدائرة الوهمية التي يكون مركزها وسط الكعبة. فالأول صريح محكي جامع المقاصد وغيره. وظاهر مفتاح الكرامة: حكايته عن الشهيدين والمحقق الثاني وشيخه وأبي علي الاسكافي. وظاهر آخرين: الثاني. وبين الامرين عموم من وجه لأن البيت الشريف لما كان مربعا، فان وقف الامام مستقبلا أحد أضلاعه واستقبل المأموم إحدى زواياه جاز أن يكون الامام متقدما - بحسب الدائرة - متأخرا بحسب البنية الشريفة. وفي العكس تنعكس الحال. وإذ عرفت أن الأصل في المقام يقتضي عدم المشروعية، ولا إجماع على الجواز مطلقا، بل الجواز - كذلك - مظنة الاجماع فاللازم الحكم بقدح تقدم

 

===============

 

( 250 )

 

[ وأحوط منه عدم أقربيته مع ذلك إلى الكعبة. وأحوط من ذلك (1) تقدم الامام - بحسب الدائرة - وأقربيته مع ذلك إلى الكعبة.