فصل في القراءة

فصل في القراءة يجب في صلاة الصبح والركعتين الاولتين من سائر الفرائض قراءة سورة الحمد (2)، ] وانحر) قال (ع): " النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره " (* 1) (1) في محكي الرضوي: " فصف قدميك... إلى أن قال: ولا تتكئ مرة على رجلك ومرة على الاخرى " (* 2) ومنه يظهر وجه المستحب التاسع. فصل في القراءة (2) إجماعا كما عن الخلاف والوسيلة والغنية والمنتهى والتذكرة والذكرى والروض و المدارك والبحار والحدائق وغيرها، وفي الجواهر: " يمكن دعوى تواتر الاجماع عليه ". واستفادته من النصوص المتفرقة في أبواب القراءة قطعية كصحيح محمد بن مسلم: " عن الذي لايقرأ فاتحة الكتاب في صلاته.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب القيام حديث: 3. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 7.

 

===============

 

( 148 )

 

[ وسورة كاملة غيرها (1) بعدها ] قال (ع): لا صلاة له إلا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات " (* 1) وموثق سماعة: " عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب. قال (ع): فليقل أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم. ثم ليقرأها مادام لم يركع فانه لاصلاة له حتى يقرأ بها في جهر أو إخفات " (* 2) ونحوهما غيرهما. نعم ليس فيها تعرض ظاهر لو جوبها في كل ركعة من الاولتين، لكن وضوح الحكم يمنع من التوقف فيه لذلك. (1) كما هو الظاهر من المذهب، أو مذهب الاصحاب، أو الاظهر من مذهبهم،، أو إجماعي، أو نحو ذلك من العبارات المحكية عنهم في مقام نقل فتوى الاصحاب، وعن جماعة نسبته إلى المشهور. واستدل له بجملة من النصوص. منها: صحيح منصور. " قال أبو عبد الله (ع): لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر " (* 3). وفيه: أنه ظاهر في النهي عن تبعيض السورة والقران بين السورتين، ولا تدل على وجوب السورة التامة. ومنها: مصحح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها؟ ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار " (* 4). وفيه: أن مفهوم الوصف ليس بحجة، إذ يجوز أن يكون النكتة في التعرض للمريض بخصوصه عدم تأكد الاستحباب في حقه، كما يشير إليه تخصيص قضاء صلاة النافلة بذلك.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب القراءة في الصلاة حديث 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5.

 

===============

 

( 149 )

 

مع أن أداءها لا تجب فيه السورة أيضا. ومنها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " لا بأس بأن يقر الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الاوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا " (* 1). وفيه: أن هذا اللسان من البيان يناسب الاستحباب جدا، وقد ورد نظيره في ترك الاذان ففي خبر أبي بصير: " إن صليت جماعة لم يجزي إلا أذان وإقامة وإن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك يجزئك الاقامة إلا الفجر والمغرب " (* 2) وفي صحيح أبي عبيدة: " رأيت أبا جعفر (ع) يكبر واحدة واحدة في الاذان. فقلت له: لم تكبر واحدة واحدة؟. فقال (ع): لا بأس به إذا كنت مستعجلا " (* 3). ومنها: صحيح معاوية بن عمار: " قلت لابي عبد الله (ع): أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال (ع): نعم. قلت: فإذا قرأت الفاتحة أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة. قال (ع): نعم " (* 4). وفيه: أنه وارد في مقام بيان جزئية البسملة لكل سورة، ولذا لم يتعرض فيه للصلاة فضلا عن خصوص الفريضة. ومنها: صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) الوارد في المأموم المسبوق: " قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب وسورة فان لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب " (* 5). وفيه: أنه ليس واردا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب 2 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 21 من ابواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 11 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 150 )

 

في مقام تشريع وجوب السورة، وإنما هو وارد في مقام إبقاء مشروعيتها على ماهي عليه من الوجوب والاستحباب، لدفع توهم سقوط القراءة عن المأموم مطلقا حتى المسبوق ومنها: صحيح محمد عن أحدهما (ع): " عن الرجل يقرأ السورتين في الركعة؟ فقال (ع): لا لكل ركعة سورة " (* 1). وفيه: أنه ظاهر في كون الموظف والمشروع لكل ركعة سورة في قبال توظيف السورتين للركعة لا أنه يجب لكل ركعة سورة. ومنها: صحيح معاوية بن عمار: " من غلط في سورة فليقرأ: (قل هو الله أحد) ثم ليركع " (* 2)، وفيه: أن تخصيص (قل هو الله أحد) بالذكر شاهد بأن المراد أنها تجزئ عن السورة التي غلط فيها، وصحيح محمد بن إسماعيل قال: " سألته (ع) قلت: أكون في طريق مكة فننزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب أيصلي المكتوبة على الارض فيقرأ أم الكتاب وحدها أم يصلي على الراحلة فيقرأ فاتحة الكتاب والسورة؟ قال (ع): إذا خفت فصل على الراحلة المكتوبة وغيرها وإذا قرأت الحمد وسورة أحب إلي ولا أرى بالذي فعلت بأسا " (* 3). قال في الوسائل حاكيا ذلك عن بعض المحققين: " لولا وجوب السورة لما جاز لاجله ترك الواجب من القيام ". وفيه: أن ظاهر الجواب أن تعين الصلاة على الراحلة إنما هو من جهة الخوف في النزول - كما هو ظاهر السؤال - لامن جهة ترجيح السورة على القيام، وإلا فلا ريب في ترجيح القيام والاستقبال والاستقرار على السورة، فلو فرض ظهور الرواية في خلاف ذلك وجب طرحه - مع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 43 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 151 )

 

أن قوله (ع): " وإذا قرأت الحمد وسورة أحب إلي "، ظاهر في استحباب السورة. ومنه أيضا يظهر سقوط الاستدلال به بتقريب أن ظاهر السؤال اعتقاد السائل وجوب السورة، فلو لم تكن كذلك لوجب ردعه فان قوله (ع): أحب إلي صالح للردع. ومنها: خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) أنه قال: " إنما أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا وليكون محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل وإنما بدأ بالحمد دون سائر السور... " (* 1) وفيه: أنه ليس في مقام التشريع، بل في مقام حكمة التشريع على إجماله من الوجوب والندب، مع احتمال أن يكون المراد البدأة بالاضافة إلى الركوع. ومنها: خبر يحيي بن عمران الهمداني: " كتبت إلى أبى جعفر (ع): جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها، فقال العباسي (العياشي خ ل): ليس بذلك بأس. فكتب بخطه: يعيدها مرتين على رغم أنفه " (* 2) (يعني العباسي). وفيه: أن من المحتمل قريبا أن يكون المراد من الاعادة إعادة السورة من جهة ترك جزئها وهي البسملة فالمراد أن السورة بلا بسملة لاتجزئ عن السورة المأمور بها سواء أكان للوجوب أم الاستحباب - مع أنها لو كانت ظاهرة في إعادة الصلاة أمكن أن يكون ذلك للتبعيض لا لجزئية السورة. واستدل أيضا بمداومة النبي صلى الله عليه وآله على فعلها. وفيه: أنها أعم من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 6.

 

===============

 

( 152 )

 

الوجوب، وتتميمه بقوله صلى الله عليه وآله: " صلوا كما رأيتموني أصلي (* 1) " قد تقدم الاشكال فيه بأن الكلام الشريف مجمل الدلالة في نفسه على الوجوب والاستحباب وغيرهما، ضرورة اشتمال صلاته على بعض المندوبات والمباحات والتمييز محتاج إلى قرينة كانت موجودة في وقت الخطاب غير ظاهرة لدينا وبالاخبار الدالة على تحريم العدول من سورة التوحيد والجحد إلى ما عدا سورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة كصحيح الحلبي: " إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع إلا أن تكون في يوم الجمعة " (* 2). وفيه: أن حرمة العدول لا تنافي الاستحباب ولا تلازم الوجوب. هذا ولو سلم دلالة ما ذكر على الوجوب فهي معارضة بما دل على جواز الاقتصار على الفاتحة، كصحيح علي بن رئاب عن أبي عبد الله (ع): " سمعته يقول بأن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة " (* 3) والجمع العرفي بينها حملها على الاستحباب، أما الحمل على حال المرض أو الاستعجال أو الخوف - كما عن الشيخ (ره) - فهو بعيد، ولاسيما الاول، وليس بناؤهم على ارتكابه في أمثال المقام، ولذا قال في المعتبر: " واعلم أن ما ذكره الشيخ (ره) تحكم في التأويل والظاهر أن فيه روايتين وحمل إحداهما على الجواز والاخرى على الفضيلة أقرب " ونحوه ما في المنتهى في آخر الفرع الرابع في مسألة جواز التبعيض. وأما الحمل على التقية فهو وإن كان قريبا في نفسه لكنه خلاف القواعد المقررة في باب التعارض من أن ارتكابه مشروط بتعذر الجمع العرفي الموجبة

 

 

____________

(* 1) كنز العمال ج: 4 صفحة: 62 حديث 1196 وتقدم في فصل تكبيرة الاحرام. (* 2) الوسائل باب: 69 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 153 )

 

في المقام العمل على نصوص النفي، ولاسيما مع اعتضادها بنصوص التبعيض، مثل صحيح أبان بن عثمان عمن أخبره عن أحدهما (ع) قال: " سألته هل تقسم السورة ركعتين؟ قال (ع): نعم إقسمها كيف شئت " (* 1) وصحيح سعد بن سعد الاشعري عن ابي الحسن الرضا (ع) قال: " سألته عن رجل قرأ في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزئه في الثانية أن لايقرأ الحمد ويقرأ ما بقي من السورة؟ قال (ع): يقرأ الحمد ثم يقرأ ما بقي من السورة " (* 2). وصحيح زرارة: " قلت لابي جعفر (ع)، رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه ويمضي في قراءته أو يدع تلك السورة ويتحول عنها إلى غيرها؟ فقال (ع): كل ذلك لا بأس به وإن قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع " (* 3)، ونحوها صحاح عمر بن يزيد (* 4)، وعلى بين يقطين (* 5) واسماعيل بن الفضل (* 6) وغيرها، فان رواية هؤلاء الاجلاء لذلك تأبى وروده مورد التقية، كيف وهم أعيان حملة الحديث وأمناء الله تعالى على حلاله وحرامه؟ وكأنه لذلك مال إلى القول بعدم الوجوب جماعة كالاسكافي وابن أبي عقيل والديلمي والمحقق والعلامة في المعتبر والمنتهى، وقواه في التنقيح، وهو خيرة المدارك والذخيرة والكفاية والمفاتيح على ما حكي عن بعضها. لكن مع ذلك كله فالنفس لا تطمئن بعدم الوجوب، للشهرة العظيمة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب القراءة في الصلاة حديث 6. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5. (* 6) الوسائل باب: 5 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 154 )

 

[ إلا في المرض (1) والاستعجال (2)، فيجوز الاقتصار على الحمد، وإلا في ضيق الوقت (3) ] على الوجوب، بل الاجماع ممن يعتد بفتواهم من القدماء عليه، فالمسألة لا تخلو من إشكال ولاسيما مع ضعف بعض المناقشات السابقة، فالتوقف فيها متعين والاحتياط طريق النجاة. (1) عليه الوفاق كما في المعتبر، وبلا خلاف بين أهل العلم كما في المنتهى وإجماعا كما في كشف اللثام، وعن البحار، لمصحح عبد الله بن سنان المتقدم (* 1)، وإطلاقه يقتضي عدم الفرق بين ما يشق لاجله القراءة وغيره لكن لا يبعد انصرافه بمناسبة الحكم والموضوع إلى خصوص الاول، وفي المعتبر والمنتهى وعن البحار عده من موارد الضرورة. (2) إجماعا كما عن التذكرة وفي كشف اللثام، وظاهر المعتبر والمنتهى عده وفاقيا، لصحيح الحلبي المتقدم (* 2)، وخبر الحسن الصيقل: " قلت لابي عبد الله (ع): أيجزئ عني أن أقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مستعجلا أو أعجلني شئ؟ فقال (ع): لا بأس " (* 3). وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل يكون مستعجلا يجزئه أن يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها؟ قال (ع): لا بأس " (* 4) ولا يبعد انصرافها أيضا إلى صورة حصول المشقة بفواتها. (3) بلا كلام كماعن التنقيح، وبلا خلاف كماعن المدارك، وإجماعا كماعن البحار، ويقتضيه مضافا - إلى الاصل لعدم ظهور إطلاق فيما هو

 

 

____________

(* 1) راجع اول الفصل. (* 2) راجع اول الفصل. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 6.

 

===============

 

( 155 )

 

مظنة الحجية على وجوب السورة ليرجع إليه عند الشك - ما ورد في المستعجل وفي المأموم المسبوق إذا لم يمهله الامام (* 1). اللهم إلا أن يستشكل فيه لو كان الضيق عن إدراك الركعة مع السورة بأن وجوب فعل الصلاة وكونها حاجة موقوف على سقوط جزئية السورة، إذ لو كانت جزء أ في هذه الحال لا يتحقق الادراك للركعة، فلا وجوب ولاملاك للامر، ولا حاجة إلى فعل الصلاة، فلا مجال لاستفادة السقوط من النصوص ولو بتوسط الاولوية، وكذا الحال لو كان الوجه في السقوط الضرورة التي انعقد الاجماع على سقوط السورة معها إذ لاضرورة مع ثبوت الجزئية، لسقوط الامر حينئذ. نعم يتم ذلك لو كان الضيق عن إدراك تمام الصلاة، فان ملاك الامر باتيان تمام أجزائها في الوقت حاصل، فيمكن حينئذ دعوى صدق الحاجة والضرورة، فهذا الفرض أولى بالسقوط مما قبله لا العكس كما ذكر في الجواهر، وإن كان الظاهر تأتي نظير الاشكال في الفرض السابق كما عن الكركي، لان المراد من الحاجة والضرورة في كلام الاصحاب ما كان كذلك مع قطع النظر عن ثبوت السورة وسقوطها، وليس كذلك في المقام، إذ على تقدير ثبوت السورة يكون تركها موجبا لبطلان الصلاة، فتفوت الحاجة والضرورة المقصودتان من الترك. نعم دعوى الاستفادة مما ورد في المسبوق في محلها، لاتحاد الجهة في المقامين فتمكن حينئذ دعوى القطع بالاولوية، ولاسيما بناء على ما هو الظاهر من أن المتابعة شرط في الائتمام المستحب، إذ المقصود من ترك السورة حصول الائتمام بالركوع وهو مستحب. هذا والعمدة الاصل بعد دعوى عدم الاطلاق في أدلة الوجوب، أو دعوى الاجماع على السقوط.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك كله في اول الفصل.

 

===============

 

( 156 )

 

[ أو الخوف (1) ونحوهما من أفراد الضرورة، فيجب الاقتصار عليها (2) وترك السورة، ولا يجوز تقديمها عليها (3)، فلو قدمها عمدا بطلت الصلاة للزيادة العمدية (4) إن قرأها ثانيا (5) ] (1) كما تقدم في صحيح الحلبي (* 1). (2) فرارا عن الوقوع في الحرام. نعم لو لم تكن الضرورة محرمة لم يجب. (3) إجماعا بل ضرورة كما قيل، واستدل له في المستند بصحيح محمد ابن مسلم وموثق سماعة المتقدمين في مسألة وجوب الفاتحة (* 2) راويا لهما " يبدأ " بدل " يقرأ "، والموجود في النسخة المصححة من الوسائل التي تحضرني " يقرأ " بدل " يبدأ " كما سبق. (4) كما عرفت من وجود العموم الدال على البطلان بها، فراجع. (5) الظاهر صدق الزيادة بمجرد فعل مالا يكون جزءا بقصد الجزئية، ولا يتوقف صدقها على فعله ثانيا، بل لو عرضه في أثناء الفاتحة ما يوجب سقوط السورة من مرض و نحوه فصلاته باطلة للزيادة وإن لم يقرأها بعد ذلك لسقوطها عنه. ثم إن صدق الزيادة موقوف على القول بوجوب السورة، إذ على القول باستحبابها يكون حال السورة المقدمة حال المستحبات المأتي بها في غير محلها التي عرفت عدم صدق الزيادة في الصلاة عليها فلا تبطل الصلاة. نعم يكون فعلها حينئذ تشريعا محرما، لكن عرفت أن ذلك لا يقتضي البطلان. اللهم إلا من جهة عدم شمول ما دل على نفي البأس عن قراءة القرآن له. لكن لو سلم لايهم لعدم شمول الكلام الممنوع في الصلاة له

 

 

____________

(* 1) راجع اول الفصل. (* 2) راجع اول الفصل.

 

===============

 

( 157 )

 

[ وعكس الترتيب الواجب إن لم يقرأها، ولو قدمها سهوا وتذكر قبل الركوع أعادها بعد الحمد (1)، أو أعاد غيرها، ولا يجب عليه إعادة الحمد إذا كان قد قرأها (2). ] أيضا فيكون المرجع في مانعيته أصل البراءة. وقد يعلل البطلان بلزوم القران بين السورتين، وفيه أنه لو بني على مبطلية القران فشموله لمثل ذلك - ولاسيما لو أعاد السورة نفسها - محل إشكال. (1) لصحة الصلاة حينئذ، لعدم قدح الزيادة السهوية كما يقتضيه عموم: " لا تعاد الصلاة " (* 1). ويشهد له خبر علي بن جعفر (ع): " عن رجل افتتح الصلاه فقرأ سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة قال (ع): يمضي في صلاته ويقرأ فاتحة الكتاب في ما يستقبل " (* 2) وحينئذ يجب امتثال الامر بالسورة بعد الفاتحة فيعيدها أو يقرأ غيرها، لاطلاق دليلها. (2) خلافا لجماعة - كما قيل - وربما يستظهر من كل من عبر باستئناف القراءة كماعن المنتهى والتذكرة والتحرير ونهاية الاحكام والالفية وغيرها، ووجهه أن مخالفة الترتيب الموجبة لبطلان الجزء كما تكون بتقديم المتأخر، كذلك تكون بتأخير المتقدم، وكما تبطل السورة بتقديمها تبطل الفاتحة بتأخيرها فلابد من إعادتهما معا، وفيه: أن الظاهر من دليل اعتبار الترتيب في القمام: أنه يعتبر في الفاتحة أن تكون بعدها سورة، وفي السورة أن تكون قبلها فاتحة، فإذا قرأ السورة ثم قرأ الفاتحة كانت السورة مخالفة للترتيب، إذ لم تكن قبلها فاتحة وليست كذلك الفاتحة، لامكان أن تكون بعدها سورة، فإذا قرأ السورة بعدها وقعتا معا على وفق الترتيب. نعم لو كان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب الركوع حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 158 )

 

[ (مسألة 1): القراءة ليست ركنا، فلو تركها وتذكر بعد الدخول في الركوع صحت الصلاة (1)، ] مفاد دليل الترتيب: أنه يعتبر في الفاتحة أن لا تتقدم عليها سورة، وفي السورة أن لا تتأخر عنها فاتحة، كانتا معا باطلتين، ولازمه لو ذكر بعد الفراغ من السورة قبل الفاتحة عدم تمكنه من قراءة الفاتحة مرتبة، لانه إذا قرأها قرأها بعد سورة فلا تكون مرتبة فبحديث: " لا تعاد الصلاة ". يسقط اعتبار الترتيب، فيقرؤها فاقدة للترتيب ثم يقرأ السورة بعدها، أما لو ذكر بعد تمام الفاتحة، فلاجل أنه لا يلزم من اعتبار الترتيب بطلان الصلاة ولزوم إعادتها، وإنما يلزم بطلان السورة والفاتحة فقط، لا مجال لتطبيق حديث: " لا تعاد الصلاة ". فالترتيب باق على اعتباره وتبطلان معا، وعليه إعادة الفاتحة ثم السورة. لكن هذا المعنى غير مراد من أدلة الترتيب قطعا، بل المراد منها المعنى الاول الذي عرفت أن مقتضاه إعادة السورة وحدها. ثم إنه قد يستفاد من خبر علي بن جعفر (ع) المتقدم (* 1) عدم لزوم إعادة السورة، لكنه غير ظاهر في ذلك، بل المحتمل أو الظاهر إرادة أنه يمضي في صلاته فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يأتي بما بعدها من سورة وغيرها، ولاوجه لحمل قوله (ع): " في ما يستقبل " على الركعات اللاحقة، ليكون ظاهرا في عدم وجوب قراءة الفاتحة بعد السورة المنسية، ليكون مخالفا للاجماع. (1) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه - مضافا إلى الاجماع على عدم ركنيتها - جملة من النصوص كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال: " إن الله عزوجل فرض الركوع والسجود وجعل القراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه " (* 2)

 

 

____________

(* 1) تقدم في التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 27 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 159 )

 

[ وسجد سجدتي السهو (1) مرتين: مرة للحمد، ومرة للسورة (2)، وكذا إن ترك إحداهما وتذكر بعد الدخول في الركوع صحت الصلاة، وسجد سجدتي السهو، ولو تركهما أو إحداهما وتذكر في القنوت أو بعده قبل الوصول إلى حد الركوع رجع وتدارك (3)، وكذا لو ترك الحمد وتذكر بعد الدخول في ] وموثق منصور بن حازم قال: " قلت لابي عبد الله (ع): إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها فقال (ع): أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت: بلى. قال (ع): تمت صلاتك إذا كان نسيانا " (* 1) ونحوهما غيرهما. (1) هذا بناء على وجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة لمرسل سفيان: " تسجد سجدتي السهو لكل زيادة تدخل عليك أو نقصان " (* 2) وسيأتي إن شاء الله في محله الاشكال فيه. مع أنه يعارضه في المقام قوله (ع) في ذيل الصحيح: " ولا شئ عليه " ولما كان التعارض بالعموم من وجه كان الواجب في مورد المعارضة الرجوع إلى أصالة البراءة من وجوب السجود، وحمل الثاني على نفي الاعادة أو الاستئناف ليس أولى من تخصيص المرسل بغير المقام، بل لعل الثاني أقرب لئلا يلزم التأكيد. (2) هذا مبني على صدق تعدد الزيادة في المقام بزيادة الفاتحة وزيادة السورة. لكن يأتي في محله إن شاء الله: أن المعيار في وحدة الزيادة وتعددها وحدة السهو وتعدده، فترك السورة والفاتحة إن كان عن سهو واحد فالسجود واحد، وإن كان عن أكثر فأكثر. (3) لان فعل القنوت لا يوجب فوات المحل لعدم الدليل عليه، بل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 32 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 160 )

 

[ السورة رجع وأتى بها، ثم بالسورة. (مسألة 2): لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال (1)، ] يكون فعله نفسه في غير محله لفوات الترتيب، فيلغى ويجب امتثال الامر بالفاتحة والسورة. (1) بلا خلاف أجده، كما في الجواهر، وعن الحدائق نسبته إلى الاصحاب، واستدل له بخبر سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (ع): " لا تقرأ في الفجر شيئا من آل حم " (* 1) وظاهره إما المانعية في خصوص الفجر مطلقا وإن لم يفت الوقت، أو الارشاد إلى عدم الاجتزاء بها عن السورة، وكلاهما أجنبي عن المدعى. نعم قد تتم دلالته بخبره الآخر عن عامر بن عبد الله: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: من قرأ شيئا من آل حم في صلاة الفجر فاته الوقت " (* 2). لكنه لا يخلو من إجمال، إلا أن يستظهر منه وقت الفضيلة وحينئذ لا يكون مما نحن فيه. اللهم إلا أن يستفاد من الجمع بينهما أن النهي في الاول للكراهة، لاجل فوات وقت الفضيلة، فيستفاد منه النهي التحريمي لفوات وقت الاجزاء، للقطع بعدم الفرق. وفيه: أنه لو تم ذلك كان الظاهر من النهي النهى العرضي، نظير النهي عن أحد الضدين لوجوب الآخر، على التحقيق من عدم اقتضائه النهي وأنه من باب النهي عن أحد المتلازمين لحرمة الآخر، كما هو كذلك في المورد، فلا يكون تحريميا حقيقيا كما هو ظاهر المدعى. اللهم إلا أن يبنى على اقتضاء الامر بالشئ النهي عن ضده، لكنه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 44 من ابواب القراءة في الصلاة: حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 44 من ابواب القراءة في الصلاة: حديث: 1.

 

===============

 

( 161 )

 

[ فان قرأه عامدا بطلت صلاته (1) وإن لم يتمه إذا كان من ] خلاف التحقيق، أو يكون مراد القائلين بالحرمة ذلك، وهو غير بعيد عن ظاهر تعليل الحكم في المعتبر والمنتهى بأنه يلزم منه الاخلال بالصلاة أو بعضها حتى يخرج الوقت عمدا. وهو غير جائز. (1) كما نسب إلى المشهور بل إلى الاصحاب إما للتحريم المستفاد من الخبر الموجب للبطلان، أو لانه ملكف بالسورة القصيرة، فان اقتصر على الطويلة لزم نقص الجزء عمدا، وان قرأ القصيرة لزم القران المبطل، أو لعدم كون السورة المقروءة جزءا، لامتناع التكليف بالفعل في وقت لا يسعه، فالاتيان بها بقصد الجزئية كما هو المفروض زيادة عمدية مبطلة. لكن عرفت الاشكال في استفادة التحريم من النص، واختصاص التكليف بالسورة القصيرة ممنوع، وعدم اتساع الوقت للطويلة إنما يرفع فعلية التكليف بها لاملاكه، وإلا فهي والقصيرة سواء في وجود الملاك، فإذا اقتصر على الطويلة لم تلزم النقيصة، ولو قرأ القصيرة معها فبطلان الصلاة بالقران محل إشكال كما يأتي إن شاء الله. ومن ذلك يظهر ما في دعوى عدم كون السورة الطويلة جزءا لامتناع التكليف بالفعل في وقت لا يسعه، فان ذلك إنما يرفع فعلية التكليف بها لاملاكه. ولاجل ذلك اختار في الجواهر عدم الصحة لو كان قد أدرك ركعة وكان تشاغله بها مفوتا للوقت بحيث لا يحصل له مقدار ركعة معللا له بأنها لا تصلح أداء، لعدم إدراك ركعة منها في الوقت، ولاقضاء، لعدم مساعدة أدلته، لظهورها في المفتتحة عليه، أو التي كانت في الواقع كذلك، وان لم يعلم المكلف كما لو صلي بزعم سعة الوقت ركعة ثم بان قصوره قبل إحرازها، فان الصحة حينئذ بناء على عدم وجوب التعرض للاداء والقضاء في النية متجهة، بخلاف المقام الذي فرض فيه سعة الوقت في نفس

 

===============

 

( 162 )

 

[ نيته الاتمام حين الشروع، وأما إذا كان ساهيا فان تذكر بعد الفراغ (1) أتم الصلاة وصحت وإن لم يكن قد أدرك ركعة من الوقت أيضا (2) ولا يحتاج إلى إعادة سورة أخرى، ] الامر لكنه فات بتقصير المكلف. وإن أمكن أن يخدش أيضا بظهور ابتنائه على أن ملاك وجوب القضاء غير ملاك وجوب الاداء، ففي فرض السعة في نفس الامر لا يمكن أن تصح قضاء لانتفاء ملاكه. لكن المبنى المذكور خلاف ظاهر أدلة القضاء، إذ الظاهر منها وحدة ملاك الاداء والقضاء، غاية الامر تجب خصوصية الوقت بملاك آخر، وعليه لافرق بين الفرض المذكور وفرض الضيق في نفس الامر إن نوى امتثال الامر الادائي بطلت، وان نوى الجامع بينه وبين القضائي صحت. ومما ذكرنا يظهر لزوم تقييد البطلان في عبارة المتن بصورة قصد الامر الادائي وعدم إدراك الركعة. ثم إن كان المصلي قصد قراءة السورة الطويلة من حين شروعه في الصلاة فالصلاة باطلة من حين الشروع في السورة المذكورة، وإن قصد قراءتها بعد فراغه من الفاتحة تبطل من حين شروعه في السورة، ولا مجال للعدول من جهة الزيادة العمدية. (1) يعني: من السورة. (2) لاجل ما عرفت من أن الوجه في البطلان في صورة قصد الامر الادائي هو الخلل من جهة قصد الامتثال، لم يكن وجه للفرق بين العمد والسهو في البطلان وعدمه، لان قصد الامتثال شرط مطلقا تبطل العبادة بفقده ولو سهوا.

 

===============

 

( 163 )

 

[ وإن تذكر في الاثناء عدل إلى غيرها (1) إن كان في سعة الوقت وإلا تركها (2) وركع وصحت الصلاة (3). (مسألة 3): لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة (4)، فلو قرأها عمدا استأنف الصلاة، وإن لم يكن قرأ الا البعض ولو البسملة أو شيئا منها إذا كان من نيته حين الشروع الاتمام، أو القراءة إلى ما بعد آية السجدة، وأما لو ] (1) محافظة على إيقاع الصلاة الواجبة أداء التي نواها. (2) يعني: إذا كان الوقت حال التذكر لا يسع سورة ترك السورة الطويلة ويركع من دون عدول إلى سوره أخرى، بناء على ما تقدم من سقوط السورة لضيق الوقت. (3) إذ لا خلل في النية ولافي المنوي إلامن جهة قراءة بعض السورة الطويلة سهوا، وزيادة القراءة سهوا غير قادحة. (4) على المشهور، بل في كشف اللثام نسبة المنع إلى فتوى علمائنا أجمع إلى الانتصار، والخلاف، والغنية، وشرح القاضي لجمل السيد، والتذكرة ونهاية الاحكام، ولم يعرف فيه خلاف إلا عن الاسكافي، مع أن محكي كلامه غير صريح في ذلك. واستدل للمشهور بخبر زرارة عن أحدهما (ع) قال: " لا تقرأ في المكتوبة بشئ من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة " (* 1) وموثق سماعة قال: " من قرأ: (إقرأ باسم ربك) فإذا ختمها فليسجد... إلى أن قال: ولا تقرأ في الفريضة: (إقرأ) في التطوع " (* 2) وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه قال: " سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 40 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 164 )

 

النجم أيركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؟ قال (ع): يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع وذلك زيادة في الفريضة ولا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة " (* 1). هذا، وظاهر صدر الخبر الاخير: المفروغية عن جواز القراءة وإنما كان السؤال عما يلزمه على تقدير القراءة. وحمله على صورة وجود العذر من سهو أو غيره - مع أنه خلاف ظاهره، لعدم تعرض السائل لذلك - مناف لقوله (ع) في ذيله: " ولا يعود... "، كما أن قوله (ع): " يسجد... " صريح في صحة الصلاة، فقوله (ع): " فذلك زيادة في الفريضة " لابد أن يحمل - بقرينة توقف صدق الزيادة على قصد الجزئية المنتفي في المقام - على إرادة أنه شبه الزيادة، لا أنه زيادة حقيقة، ولا أنه بحكم الزيادة - أعني البطلان - لمنافاته لحكمه (ع) بصحة الصلاة، فحينئذ لا يبعد حمل: " ولا يعود " على الكراهة. ودعوى: أن قوله (ع): " ولا يعود " ظاهر في الحرمة فيكون رادعا لما في ذهن السائل - أعني الجواز - كما هو ظاهر الصدر. مندفعة: بأن قوله (ع): " وذلك زيادة... " قرينة على أن النهي من جهة صدق الزيادة لا للحرمة تعبدا، والنهي من جهة الزيادة راجع إلى قادحية الزيادة، وقد عرفت أن الرواية صريحة في الصحة وعدم قدح الزيادة، فيتعين التصرف في قوله (ع): " ولا يعود " بالحمل على الكراهة، فانه أولى كما هو ظاهر بأقل تأمل، فيحمل النهي في غيره من النصوص على الكراهة أيضا، لما في ذلك من الزيادة الصورية. وقريب من خبر ابن جعفر (ع) خبره الآخر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال: " سألته عن إمام يقرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 165 )

 

كيف يصنع؟ قال (ع): يقدم غيره فيسجد ويسجدون وينصرف هو وقد تمت صلاتهم " (* 1). اللهم إلا أن لا يكون الخبران جامعين لشرائط الحجية ولاسيما بعد إعراض الاصحاب عنهما، وحكاية الاجماع على خلافهما فيتعين العمل بظاهر النهي في غيرهما. وعليه: نقول: النهي المذكور إما أن يحمل على الحرمة التكليفية أو الارشاد إلى المانعية أو إلى عدم الجزئية، والثاني أظهر كما هو الحال في كلية النواهي الواردة في أمثال المقام، وعلى كل حال لو قرأها عمدا بقصد الجزئية كانت زيادة عمدية مبطلة، هذا مع قطع النظر عن التعليل بأن السجود زيادة في المكتوبة، أما بالنظر إليه فيحتمل فيه أمران: الاول: أن يكون إرشاديا إلى طريق الاحتفاظ على الصلاة من طروء مبطل وهو سجود العزيمة. والثاني: أن يكون إرشاديا إلى حكم العقل بالحرمة لان في قراءة سورة العزيمة إلقاء النفس في موضوعية التكاليف المتزاحمة، لعدم القدرة على امثثالها أعني حرمة قطع الصلاة الثابت أولا ووجوب السجود للعزيمة الحادث بقراءة السورة الذي لا يمكن موافقتهما معا، والثاني إن لم يكن أظهر الاحتمالين في النهي يجب البناء عليه عقلا، إذ لافرق في حرمة تفويت غرض المولى بين تفويته اختيارا وبين تعجيز النفس عنه بعد ثبوته وبين إيجاد سبب ثبوته في ظرف العجز عن تحصيله كما في المقام، ومثله أن يتزوج في ظرف عجزه عن الانفاق على زوجته كما سيشير إليه المصنف (ره) في المسألة التاسعة والعشرين من فصل قواطع السفر، لاأقل من أن يكون هذا الحكم العقلي قرينة على حمل النهي عليه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5. والمصدر خال من لفظة " هو " غير انها موجودة في التهذيب وفي الوسائل باب 42 من ابواب قراءة القرآن. وكذلك يوجد اختلاف في لفظ الحديث بين ما ينقله صاحب الوسائل في باب 40 وما ينقله في باب 42. فانه في الاخير " فيتشهد وينصرف هو وقد تمت صلاتهم ".

 

===============

 

( 166 )

 

نعم لو لم يتم ذلك بأن بني على عدم التزاحم وأن وجوب السجود رافع لموضوع حرمة قطع الفريضة، لاتبعد دعوى ظهور النص في الاول. وعليه فان قرأ السورة ولم يسجد في أثناء الصلاة عصى في ترك السجود وصحت صلاته. ودعوى: أنه بمجرد قراءة آية السجدة يتوجه إليه الامر بالسجود فتفسد صلاته نظير ما لو أمر بالقئ أو الجنابة في نهار الصوم لاكله للمغصوب، أو لمضي اربعة اشهر من وطئ الزوجة فكما أن الامر المذكور يبطل الصوم وإن لم يحصل منه القئ أو الجنابة كذلك في المقام الامر بالسجود المبطل يبطل الصلاة وإن لم يحصل منه السجود. وهذه الدعوى قد استوضحها في الجواهر لكنها مندفعة: بأن مسألة القئ والجنابة في الصوم ليست من باب التزاحم بين الملاكين في الوجودين. بل من باب التزاحم بين الجهات في الشئ الواحد بلحاظ الوجود والعدم، لان الصوم عبارة عن ترك الجنابة والقئ، فإذا كان فيهما مصلحة غالبة خرج الصوم عن كونه راجحا، وانتفى ملاكه فامتنع التقرب به ولاجل ذلك لا يصح التقر بشرب الخمر بلحاظ أن فيه مصلحة في الجملة، كما يستفاد من قوله سبحانه: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (* 1) لما فيه من المفسدة الغالبة المانعة من تحقق الميل إليه، وتحقق ملاك الامر به، وإذ لاميل ولا ملاك لا مجال للتقرب. أما مسألة الصلاة والسجود فهي من باب التزاحم بين الملاكين، لان الصلاة ليست ترك السجود، بل هي الافعال الخاصة المشروطة بترك السجود، فهو خارج عنها غير مقوم لملاكها فيجوز أن يكون في الصلاة ملاك الامر الموجب لرجحانها وان كان ترك السجود

 

 

____________

(* 1) البقرة: 219.

 

===============

 

( 167 )

 

[ قرأها ساهيا فان تذكر قبل بلوغ آية السجدة وجب عليه العدول إلى سورة أخرى (1) ] حراما، فيجوز التقرب بالصلاة وان عصى بترك السجود. وبالجملة: تزاحم الجهات في الوجود الواحد راجع إلى التدافع في ترجيح الوجود والعدم، فإذا كان إحداها أقوى كان لها التأثير دون الاخرى، ومع التساوي لارجحان في كل منهما وتزاحم الجهات في الوجودين راجع إلى التدافع في فعلية الامر مع وجود الرجحان والملاك في كل منهما فيجوز التقرب بكل منهما وإن عصى بترك الآخر، نظير باب التضاد بين المهم والاهم، فانه يجوز التقرب بالمهم كما يجوز التقرب بالاهم. هذا كله بناء على عدم حكم العقل بحرمة التفويت، أما بناء على حكمه بذلك فتحرم السورة، ويكون الاتيان بها بقصد الجزئية زيادة مبطلة نعم موضوع التحريم في الحقيقة هو قراءة آية السجدة لانها الموجبة للتفويت، فنسبة الحرمة إلى جميع السورة مجاز بلحاظ بعضها كما هو ظاهر، وحينئذ حكم قراءة ما عداها من آيات السورة حكم قراءة أبعاض سائر السور فان كانت قراءة بعض غيرها من السورة بقصد الجزئية مبطلة، كانت قراءة ما قبل آية السجدة كذلك وان لم ينو حين الشروع قراءة آية السجدة، وان لم تكن مبطلة - كما هو الظاهر ويشير إليه نصوص العدول من سورة إلى أخرى (* 1) وبعض نصوص القران (* 2) - لم تكن هي مبطلة وإن نوى قراءة آية السجدة، إلا إذا كان نية ذلك موجبة لخلل في قصد الامتثال على ما تقدم في نية فعل القاطع بعد ذلك. فراجع. (1) أما على ما ذكرنا من أن المحرم قراءة آية السجدة لاغير، فلان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35، 36، 69 من ابواب القراءة في الصلاة. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 168 )

 

[ وإن كان قد تجاوز النصف (1)، وإن تذكر بعد قراءة آية السجدة أو بعد الاتمام، فان كان قبل الركوع فالاحوط إتمامها (2) إن كان في أثنائها، ] حرمة قراءتها مانع من الاكتفاء باتمام السورة، فاطلاق وجوب قراءة سورة يقتضي العدول إلى غيرها، من دون لزوم محذور، ولزوم القران الممنوع عنه - لو سلم موضوعا وحكما - فلا بأس به في المقام، لما دل على جواز العدول من سورة إلى أخرى، ولانه من السهو غير القادح لعموم: " لا تعاد الصلاة ". ومنه يظهر الحكم على القول بحرمة قراءة جميع آيات السورة، فان عموم عدم قادحية السهو يشمله ايضا، فما في التذكرة من الاشكال في العدول في الفرض غير ظاهر، ولذا قطع في الجواهر بوجوب العدول إذا ذكر قبل أن يتجاوز النصف ومحل العدول. (1) كما قواه في الجواهر، لان مادل على المنع عن العدول بعد تجاوز النصف لو سلم مختص بصورة الاجتزاء بالاتمام، فلا يشمل ما نحن فيه. (2) المحكي عن البيان الجزم بالعدول مع التذكر قبل الركوع، وإن كان قد اتمها، وكذا عن المحقق الثاني وقواه في الجواهر، لاطلاق ما دل على النهي عن العزيمة المقتضي لعدم الاجتزاء بها، المستلزم تقييد إطلاق وجوب السورة بغيرها من السور، فيجب الاتيان بسورة أخرى وإن ذكر بعد الفراغ. لكن عرفت أن مقتضي تعليل النهي بأن السجود زيادة في المكتوبة أن المنع إرشادي وأن سورة العزيمة كغيرها من السور واجدة لملاك الجزئية، فمع عدم تنجز الحرمة لاجل السهو لامانع من التقرب بالسورة، فتكون جزءا من الصلاة، ولا حاجة إلى سورة أخرى، وكأن هذا هو مراد من علل تعين الاتمام بأنه قد وقع فيما يخشى منه. هذا بناء على أن حكمه السجود فورا واستئناف الصلاة، والثمرة الفارقة

 

===============

 

( 169 )

 

[ وقراءة سورة غيرها (1) بنية القربة المطلقة بعد الايماء إلى السجدة (2)، ] بينه وبين ما اختاره في البيان أنه لو عصى في ترك السجود صحت صلاته على هذا القول، وبطلت على ما اختاره في البيان، إلا أن يأتي بسورة أخرى أما بناء على أن حكمه الايماء أو السجود بعد الفراغ، فقصور شمول النهي عن العزيمة عن فرض السهو أظهر، لعدم انطباق التعليل عليه، فالجمع بين القول بوجوب الايماء والقول بعدم الاجتزاء بالعزيمة لو قرأها سهوا غير ظاهر وكأن وجه كون الاحوط إتمامها: أن التذكر في الاثناء بعد تجاوز السجدة ملازم للتذكر بعد تجاوز النصف، لان آية السجدة في (حم) السجدة و (الم) السجدة بعد النصف الاول، وفي سورتي (النجم) (والقلم) في آخر السورة، فاطلاق مادل على عدم جواز العدول بعد تجاوز النصف يقتضي وجوب الاتمام، فرفع اليد عنها مخالفة لذلك، ولا مجال لدعوى انصراف الاطلاق عن المورد كما في الفرض السابق، لكون المفروض هنا قراءة الآية والوقوع في المحذور بخلاف الفرض السابق. (1) عملا باحتمال ما جزم به في البيان وغيره كما سبق. (2) قد اعترف غير واحد بظهور الاتفاق على صحة الصلاة بقراءة سورة العزيمة سهوا. وإنما الخلاف في أنه يسجد في الاثناء بعد قراءة آية السجدة - كما في كشف الغطاء - أو يؤخر السجود إلى ما بعد الفراغ - كما هو المعروف على ما يظهر من الجواهر - أو يومئ بدل السجود - كما اختاره غير واحد - أو يجمع بين الايماء في الاثناء والسجدة بعد الفراغ - كما حكي عن بعض - أقوال، وكأن الاول لعدم قصد الجزئية بسجود العزيمة فلا يكون زيادة، ولما تقدم من النصوص الدالة على جواز قراءة العزيمة والسجود لها في الاثناء. وفيه: أن الكلام في المقام بعد البناء على

 

===============

 

( 170 )

 

عدم جواز السجود للعزيمة في الفريضة، وأنه مبطل لها عملا با لنصوص المتقدمة، ورفعا لليد عن معارضها كما عرفت. ووجه الثاني: ترجيح مادل على حرمة الابطال على مادل على فورية السجود. وفيه: أن ذلك مما تأباه نصوص المنع عن قراءة العزيمة. ووجه الثالث: جملة من النصوص كخبر ابن جعفر (ع): " عن الرجل يكون في صلاة في جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع؟ قال عليه السلام: يومئ برأسه. قال: وسألته عن الرجل يكون في صلاة فيقرأ آخر السجدة فقال (ع): يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الاربع ثم يقوم فيتم صلاته إلا أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماء " (* 1). وخبر أبي بصير: " إن صليت مع قوم فقرأ الامام: (إقرأ باسم ربك) أو شيئا من العزائم وفرغ من قراءته ولم يسجد فأومئ إيماء " (* 2). وخبر سماعة: " وإذا ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزئك الايماء والركوع " (* 3). وفيه: - مع أن الاخيرين موردهما الخوف من السجود للتقية - أنها مختصة بالسماع، فالتعدي إلى القراءة محتاج إلى إلغاء خصوصية المورد، وذلك غير ظاهر بنحو ترفع به اليد عن إطلاق نصوص الامر بالسجود عند قراءة العزائم الشامل للسهو. ووجه الرابع: أنه مقتضى قاعدة الاشتغال، للعلم الاجمالي بوجوب أحد الامرين، كما يقتضيه النظر إلى دليلي القول الثاني والثالث. وفيه: أن الرجوع إلى قاعدة الاشتغال يختص بصورة عدم البيان، ولكن البيان حاصل، فان نصوص الايماء - إن تم الاستدلال بها - تعين القول الثالث

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب قراءة القران حديث: 3، 4. (* 2) الوسائل باب: 38 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 37 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 171 )

 

[ أو الاتيان بها، وهو في الفريضة، ثم إتمامها وإعادتها من رأس، وإن كان بعد الدخول في الركوع ولم يكن سجد للتلاوة فكذلك أومأ إليها، أو سجد وهو في الصلاة، ثم أتمها وأعاد ها وإن كان سجد لها نسيانا أيضا، فالظاهر صحة صلاته (1)، ولا شئ عليه، وكذا لو تذكر قبل الركوع مع فرض الاتيان بسجود التلاوة أيضا نسيانا، فانه ليس عليه إعادة الصلاة حينئذ. (مسألة 4): لو لم يقرأ سورة العزيمة لكن قرأ آيتها في أثناء الصلاة عمدا بطلت صلاته (2)، ولو قرأها نسيانا أو استمعها من غيره أو سمعها فالحكم كما مر (3) من أن ] وإلا تعين العمل باطلاق نصوص الامر بالسجود عند قراءة العزيمة الشامل للسهو والعمد فيسجد فورا ويستأنف الصلاة، وتأخير السجود إلى ما بعد الفراغ مخالفة لهذه النصوص. هذا وقد عرفت مما ذكرنا أن القول بوجوب السجود فورا فتبطل صلاته به هو الاقرب، لكن لم أقف على قائل به. ثم إن كون الاحوط ما في المتن يراد كونه الاحوط في الجملة، وإلا فا لاقوال متباينة لا يمكن الجمع بينها عملا إلا بالتكرار. (1) إذ لا تعاد الصلاة من زيادة سجدة نسيانا، وكذا الحال في الفرض الآتي. (2) لظهور النصوص في كون النهي عن قراءة العزيمة بلحاظ آية السجدة فيجري على قراءة آية السجدة ما يجري على قراءة السورة، وقد عرفت ما هو الاقوى هناك فيجري هنا أيضا. (3) قد عرفت أن السماع حكمه الايماء وإتمام الصلاة لاغير، ويلحقه

 

===============

 

( 172 )

 

[ الاحوط الايماء إلى السجدة أو السجدة وهو في الصلاة، وإتمامها وإعادتها. (مسألة 5): لا يجب في النوافل قراءة السورة (1) وإن وجبت بالنذر (2) أو نحوه فيجوز الاقتصار على الحمد ] الاستماع، بل هو منه فيدخل تحت إطلاق دليله، وأما قراءتها نسيانا فحكمها كما سبق من أن الاقرب انه يسجد ويستأنف الصلاة ولو عصى فترك السجود صحت صلاته. (1) لاأجد فيه خلافا نصا وفتوى، كذا في الجواهر، وفي التحرير والمنتهى نفي الخلاف فيه، وفي المستند دعوى الاجماع عليه، ويشهد له - مضافا إلى ذلك والى حديث: " رفع مالا يعلمون " (* 1) بناء على جريانه في المستحبات عند الشك في الجرئية إذلا إطلاق في دليل الجزئية يشمل النافلة - مصحح ابن سنان: " يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل و النهار " (* 2). بناء على أن المراد من قضاء صلاة التطوع فعلها، أو تتمم دلالته على المدعى بعدم القول بالفصل كصحيح ابن يقطين: " سألت الرضا (ع) عن تبعيض السورة فقال (ع): أكره ولا بأس به في النافلة " (* 3) (2) لان الظاهر من الفريضة والنافلة المأخوذين موضوعا للثبوت والسقوط: ما يكون فريضة أو نافلة بعنوان كونه صلاة لا بعنوان آخر، والوجوب بالنذر أو الاجارة أو أمر الوالد أو السيد أو نحو ذلك لا بعنوان الصلاة فلا يخرجها عن موضوع حكم النافلة، وكذا الحال في جواز قراءة العزيمة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 173 )

 

[ أو مع قراءة بعض السورة. نعم النوافل التي تستحب بالسور المعينة يعتبر في كونها تلك النافلة قراءة تلك السورة (1) لكن في الغالب يكون تعيين السور من باب المستحب في المستحب على وجه تعدد المطلوب (2) لا التقييد. (مسألة 6: يجوز قراءة العزائم في النوافل (3) وإن وجبت بالعارض (4) فيسجد بعد قراءة آيتها (5) وهو في الصلاة، ثم يتمها. (مسألة 7): سور العزائم أربع: ] (1) كما يقتضيه دليل تشريعها (2) هذا - مع أنه يتوقف على ورود أمر بالمطلق مثل الامر بصلاة ركعتين للحاجة، وإلا فلو لم يكن إلا الامر بالمشتملة على السورة لاوجه لفهم تعدد المطلوب - مبني على عدم وجوب حمل المطلق على المقيد في المستحبات، وقد تقدم الكلام فيه في بعض مباحث الاذان والاقامة. (3) الظاهر أنه لا خلاف فيه - كما في الحدائق - وعن الخلاف الاجماع عليه، ويشهد له - مضافا إلى ما قد يستفاد من تخصيص المنع في أدلته بالفريضة، والى إطلاق بعض نصوص الجواز المحمول على النافلة - خصوص موثق سماعة المتقدم (* 1): " ولا تقرأ في الفريضة إقرأ في التطوع ". (4) كما تقدم في المسألة السابقة. (5) بلا إشكال ظاهر، ويقتضيه - مضافا إلى إطلاق مادل على فورية السجود بضميمة مثل حديث الرفع بناء على جريانه في المقام لرفع

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 3.

 

===============

 

( 174 )

 

[ (الم السجدة) و (حم السجدة) و (النجم) و (إقرأ باسم) (1). (مسألة 8): البسملة جزء من كل سورة (2)، ] قادحية السجود - ظاهر موثق سماعة فراجعه. (1) بالاجماع المحقق والمحكي مستفيضا - كما في المستند - ويشهد له صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: " إذا قرأ شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلاتكبر قبل سجودك ولكن تكبر حين ترفع رأسك، والعزائم أربع: حم السجدة، وتنزيل، والنجم، واقرأ باسم ربك " (* 1) وصحيح داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) قال: " إن العزائم أربع: إقرا باسم ربك الذي خلق، والنجم، وتنزيل السجدة، وحم السجدة " (* 2) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: " قال: إذا قرئ بشئ من العزائم الاربع فسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء... " (* 3). (2) إجماعا كما عن الخلاف، ومجمع البيان، ونهاية الاحكام، والذكرى وجامع المقاصد، وظاهر السرائر وغيرها، وفي المعتبر نسبته إلى علمائنا، ويشهد له جملة من النصوص كصحيح ابن مسلم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن السبع المثاني والقرآن العظيم هي الفاتحة؟ قال (ع): نعم. قلت: بسم الله الرحمن الرحيم من السبع؟ قال (ع): نعم هي أفضلهن " (* 4). وخبر يحيى بن عمران الهمداني: " كتبت إلى أبي جعفر (ع): جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده بأم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي: ليس

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 42 من ابواب قراءة القرآن حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 42 من ابواب قراءة القرآن حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 42 من ابواب قراءة القرآن حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 11 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 175 )

 

[ فيجب قرائتها عدا سورة براءة (1). (مسألة 9): الاقوى اتحاد سورة (الفيل) و (لايلاف) وكذا (والضحى) و (ألم نشرح) (2) ] بذلك بأس؟ فكتب (ع) بخطه: يعيدها مرتين على رغم أنفه " (* 1). - يعني العباسي -. نعم في بعض النصوص: جواز تركها من السورة (* 2)، وفي بعضها: جواز تركها إلا في افتتاح القراءة من الركعة الاولى (* 3)، وفي بعضها: جواز تركها من الفاتحة في الاولى (* 4) والجميع لا مجال للعمل به بعد حكاية الاجماعات القطعية على خلافه، فليحمل على التقية. (1) للاجماع. (2) عن الانتصار نسبته إلى آل محمد صلى الله عليه وآله وعن الامالي نسبة الاقرار به إلى دين الامامية، وعن السرائر والتحرير ونهاية الاحكام والتذكرة والمهذب البارع وغيرها أنه قول علمائنا، ويشهد له المرسل في الشرائع: روى أصحابنا أن (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة، وكذا (الفيل) و (لايلاف) " (* 5) ونحوه المرسل المحكي عن الهداية (* 6)، والفقه الرضوي (* 7)، ومجمع البيان (* 8)، والمسند (* 9)، عن أبي العباس - على

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3 - 4. (* 4) الوسائل باب: 12 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 10 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 9. (* 6) الهداية باب القراءة صفحة: 7. (* 7) مستدرك الوسائل باب: 7 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3. (* 8) الوسائل باب: 1 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 4. (* 9) مستدرك الوسائل باب: 7 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 176 )

 

ما عن السياري -: " (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة ". والمسند عن شجرة أخي بشر النبال - على ما عن البرفي -: ألم تركيف ولايلاف سورة واحدة " (* 1). ونحوه مسنده عن أبي جميلة (* 2)، وضعف سندها منجبر باعتماد الاصحاب عليها، ويؤيدها صحيح زيد الشحام: " صلى بنا أبو عبد الله (ع) الفجر فقرأ (الضحى)، و (ألم نشرح) في ركعة " (* 3) وخبر المفضل بن صالح عن أبي عبد الله (ع): قال: " سمعته يقول: لاتجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا (الضحى) و (ألم نشرح)، و (ألم تركيف) و (لايلاف قريش) (* 4). بحمل السورة فيه على المعنى الدارج عند الناس. ومن ذلك يظهر ضعف ما في المعتبر من قوله: " لقائل أن يقول: لا نسلم أنهما سورة واحدة بل لم لا يكونا سورتين وإن لزم قراءتهما في الركعة الواحدة على ما ادعوه فنطالب بالدلالة على كونهما سورة واحدة وليس في قراءتهما في الركعة الواحدة دلالة على ذلك، وقد تضمنت رواية المفضل تسميتها سورتين ". وتبعه عليه جماعة، بل نسب إلى المشهور بين من تأخر عنه وإن كان يشهد له خبر المفضل - بناء على حمل السورة فيه على السورة الحقيقية الواقعية وعلى كون الاستثناء متصلا كما هو الظاهر - إلا أنه يتعين حمله على إرادة السورة بالنظر الدارج - كما سبق - جمعا بينه وبين تلك المراسيل المعتمد عليها، واحتمال أن المراد بالمراسيل المسانيد المتضمنة للجمع بين السورتين، مثل صحيح الشحام وخبر المفضل بعيد جدا.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 7 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 7 من ابواب القراءة في الصلاة حديث ملحق حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 4) الوساتئل باب: 10 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 5.

 

===============

 

( 177 )

 

[ فلا يجزئ في الصلاة إلا جمعهما مرتبتين مع البسملة بينهما (1). ] وأما صحيح الشحام الآخر: " صلى بنا أبو عبد الله (ع) فقرأ في الاولى (الضحى) وفى الثانية (ألم نشرح لك صدرك) " (* 1) فاجمال الفعل فيه مانع عن صلاحيته للمعارضة لغيره، ومثله صحيحه الثالث: " صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرأ بنا (الضحى) و (ألم نشرح) " (* 2). مضافا إلى إجماله من حيث كون القراءة في ركعتين أو ركعة، وأما خبر داود الرقي المنقول عن الخرائج والجرائح عن داود الرقي عن أبي عبد الله (ع) - في حديث - قال: " فلما طلع الفجر قام فأذن وأقام وأقامني عن يمينه وقرأ في أول ركعة (الحمد) و (الضحى) وفي الثانية بالحمد و (قل هو الله أحد) ثم قنت " (* 3). فضعف سنده وإجمال الفعل فيه مانع عن العمل به، مع إمكان حمله على إرادة السورتين معا من (الضحى). هذا ولكن الانصاف أن حصول الوثوق بصدور هذه المراسيل ممنوع إذ ليست هذه المراسيل الاكمرسل الشرائع - مع أنه ناقش في المعتبر بما ذكر. (1) كما عن جماعة، بل عن المقتصر نسبته إلى الاكثر، لثبوتها في المصاحف المعروفة عند المسلمين من صدر الاسلام، ولقاعدة الاحتياط، للشك في قراءة سورة بتركها. وفيه: أن ثبوتها في المصاحف أعم من الجزئية، فان بناء أكثر أصحاب المصاحف على عدم جزئية البسملة من كل سورة، ومع ذلك يثبتونها في مصاحفهم، فاثباتها في المصاحف ناشئ من اعتقاد أن سورة الايلاف سورة مستقلة، فاثبتوا البسملة في صدرها كما اثبتوها في صدر كل سورة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 10.

 

===============

 

( 178 )

 

[ (مسألة 10): الاقوى جواز قراءة سورتين (1) ] باعتقاد أنها جزء - مع أن المحكي عن مصحف أبي سقوطها (* 1)، وأما كون المرجع عند الشك في قاعدة الاحتياط فغير ظاهر، بل المرجع أصل البراءة، للشك في وجوب قراءتها، لاجمال مفهوم السورة، وليست من قبيل المفهوم المبين كي لا يكون التكليف مشكوكا بوجه ويكون الشك في المحصل. وكأنه لذلك اختار كثير العدم، بل عن البحار: نسبته إلى الاكثر، وعن التهذيب: أنه قال: " عندنا لا يفصل بينهما بالبسملة ". وعن التبيان ومجمع البيان: أن الاصحاب لا يفصلون بينهما بها. (1) كما عن جماعة كثيرة، وحكاه في كشف اللثام عن الاستبصار، والسرائر، الشرائع، والمعتبر، والجامع، وكتب الشهيد، وجعله الاقوى، بل عن البحار والحدائق نسبته إلى جمهور المتأخرين ومتأخريهم. ويقتضيه الجمع بين مادل على النهي عنه كصحيح محمد عن أحدهما (ع): " سألته عن الرجل يقرأ السورتين في الركعة. فقال (ع): لالكل سورة ركعة " (* 2) وخبر منصور ابن حازم قال أبو عبد الله (ع): " لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر " (* 3). وغيرهما، وبين ما دل على الجواز كصحيح علي بن يقطين: " سألت أبا الحسن (ع) عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة. قال (ع): لا بأس " (* 4). فيحمل الاول على الكراهة كما يشير إليه خبر ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن رجل قرأ سورتين في ركعة. قال (ع): إن كانت نافلة فلا بأس وأما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 9.

 

===============

 

( 179 )

 

[ أو أزيد في ركعة مع الكراهة في الفريضة (1)، والاحوط ] الفريضة فلا يصلح " (* 1). وموثق زرارة قال أبو جعفر (ع): " إنما يكره أن تجمع بين السورتين في الفريضة فأما النافلة فليس به بأس " (* 2) وماعن مستطرفات السرائر عن كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع): " لاتقرنن بين السورتين في الفريضة فانه أفضل " (* 3). وموثق زرارة: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقرن بين السورتين في الركعة فقال: إن لكل سورة حقا فأعطها حقها من الركوع والسجود " (* 4). ومن ذلك يظهر ضعف ما نسب إلى المشهور بين القدماء من عدم الجواز، بل عن الصدوق أنه من دين الامامية، وعن السيد أنه من متفرداتهم ودعوى أن ذلك يوجب سقوط أخبار الجواز عن الحجية من جهة الاعراض غير ظاهر، لجواز أن يكون ذلك ترجيحا لنصوص المنع، بل من الجائز أن يكون المراد من النهي عنه في كلام بعض وعدم الجواز في كلام آخر الكراهة، والتعبير بذلك كان تبعا للنصوص، بل عن ظاهر المبسوط الكراهة وعن التذكرة حكاية ذلك عن المرتضى (ره)، وكيف كان فالقول بالجواز متعين. (1) الكراهة هنا على حد الكراهة في العبادات ليست هي لرجحان الترك على الفعل، لامتناع التعبد بالمرجوح، بل هي إما لملازمة الترك لعنوان أرجح من الفعل كما يشير إليه موثق زرارة الاخير، أو لانطباق عنوان على الترك يكون أرجح من الفعل، كما يشير إليه صحيح زرارة المروي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 13. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 180 )

 

[ تركه وأما في النافلة فلا كراهة (1). (مسألة 11): الاقوى عدم وجوب تعيين السورة قبل الشروع فيها (2) ] عن المستطرفات. لكن الاشكال في كيفية انطباق العنوان ذي المصلحة على الترك، لانه إن كان عدميا كيف يكون ذا مصلحة؟ وإن كان وجوديا كيف يتحد مع الترك العدمي مع وضوح تباين الوجود والعدم؟ وفي أنه على تقدير الانطباق يكون الترك أرجح من الفعل، فكيف يمكن التعبد بالفعل المرجوح؟ وليس هو من باب تزاحم الملاكات في الوجودين، بل من تزاحم الجهات في الوجود الواحد الذي أشرنا إليه في مسألة قراءة العزيمة في الفريضة، وفي مسألة اجتماع الامر والنهي من تعليقة الكفاية. يعين حمل الصحيح على الموثق فتكون الكراهة من جهة تفويت حق السورة لاغير. (1) بلا خلاف ولا إشكال، كما تضمنته النصوص السابقة وغيرها، بل النصوص المتضمنة لتشريعه في نوافل مخصوصة لا تحصى كثرة، كما يظهر من مراجعة كتب الاعمال والعبادات. (2) يعني: لا يجب تعيين البسملة للسورة، فله أن يقرأ البسملة من دون تعيين أنها لسورة خاصة، ثم يقرأ سورة بعدها. ومحصل الكلام: أنه لا ينبغي التأمل في أن معنى قول القائل: قرأت القرآن أو الخطبة أو القصيدة أو نحوها. هو أداؤها بمثل الفاظها، ومثله قرأت الكتاب. فان مفاده أداء الكتابة بالالفاظ المطابقة لها، فلابد فيها من اللحاظ الاستعمالي للمقروء كلحاظ المعنى عند اسعتمال اللفظ فيه، ولا يكفي مجرد التلفظ بالالفاظ المطابقة للمقروء مع عدم لحاظه وقصده، فان ذلك ليس قراءة له، بل قول مطابق له، وفرق ظاهر بين معنى: " قلت قول

 

===============

 

( 181 )

 

زيد " ومعني: " قلت مثل قول زيد " فان الاول إنما يصدق مع اللحاظ الاستعمالي، بخلاف الثاني فانه يصدق بدونه. والسر في ذلك: أن جعل قول زيد مقروءا لك، ومقولا لك، مع أنه ليس كذلك قطعا، لان قوله شخص من اللفظ معدوم ومقولك شخص آخر غيره، هو لاجل أن الحكاية بينهما اقتضت نحوا من الاتحاد بينهما كما هو مذكور في مبحث الاستعمال، ولولاه لم يصح أن تقول: قلت: قوله. ولا: قرأت قصيدته. بل تقول: قلت مثل قوله. وقرأت مثل قصيدته. وعلى هذا ما يجري على لسان السكران والنائم والمجنون من التلفظ ببعض آيات القرآن، ليس قراءة للقرآن، لانتفاء قصد الحكاية، وانتفاء اللحاظ الاستعمالي، الذي عرفت اعتباره فيها. اللهم إلا أن يقال: اللحاظ موجود لهم في بعض القوى وإن لم يكونوا كغيرهم، كما هو غير بعيد. إذا عرفت هذا نقول: لما كانت سور القرآن المجيد أشخاصا من اللفظ نزل به الروح الامين (ع) على النبي صلى الله عليه وآله وكان مع كل سورة شخص من البسملة، فوجوب قراءه كل سورة تامة حتى بسملتها راجع إلى وجوب التلفظ بألفاظ السورة بقصد حكايتها بتمامها، حتى بسملتها، فإذا بسمل لا بقصد حكاية بسملة خاصة من بسملات السور لا يصدق أنه قرأ بسملة من تلك البسملات، فإذا قرأ سورة خاصة بعدها كسورة التوحيد لم يكن قارئا لسورة التوحيد بتمامها حتى بسملتها، بل يكون قارئا لما عدا البسملة منها فلا تجزئ. ومن ذلك كله يظهر لك: الاشكال فيما ذكره في الجواهر في المسألة الثامنة من الاستدلال على عدم وجوب التعيين بمنع تأثير النية في التشخيص، قياسا على المركبات الخارجية، أو بمنع توقف التشخيص عليها، بل قد يحصل بغيرها وهو الاتباع بسورة للصدق العرفي، وقد أطال (ره) في

 

===============

 

( 182 )

 

تقريب ذلك وتأييده بما لا يخفى الاشكال فيه بعد التأمل فيما ذكرنا. فراجع وتأمل. فان قلت: الواجب في الصلاة كلي السورة الجامع بين أفراده، فإذا كانت البسملة مشتركة بين جميع السور كان الواجب من البسملة الكلي الجامع بين أفرادها، فإذا قرأ البسملة ولم يقصد منها بسملة معينة لكن قصد حكاية الكلي الجامع بين البسملات، فقد امتثل الامر بالبسملة وبقي عليه امتثال الامر بكلي السورة عدا البسملة، فإذا جاء بعدها بفرد من السورة فقد خرج عن عهدة التكليف بالسورة تامة. قلت: ما هو جزء كل سورة شخص وحصة من كلي البسملة، فقراءة السورة عبارة عن حكاية سورة مع الشخص الخاص من البسملة، وحكاية الجامع ليست حكاية لذلك الشخص، فتكون بسملة السورة التي يقرؤها غير مقروءة ولا محكية، فكيف يخرج بذلك عن عهدة الامر بقراءة السورة التامة؟. فان قلت: إذا قصد حكاية كلي البسملة صدق على ذلك الكلي أنه مقروء، ولضرورة صدق الكلي على كل واحد من أفراده يصدق على كل من بسملات السور أنها مقروءة، فإذا قرأ بعد ذلك سورة فقد قرأها مع بسملتها. قلت: سراية حكاية الكلي إلى الفرد ممنوعة، كما يظهر من قياسها بحكاية اللفظ الموضوع للمعني الكلي، فان حكايته عنه ليست حكاية عن الفرد، ولا استعمال اللفظ فيه استعمالا له في الفرد، فإذا حكى كل البسملة لم تكن حكايته حكاية لافرادها، فإذا أمر بقراءة سورة مع بسملتها - أعني الحصة الخاصة المصدرة بها السورة في زمان نزولها - لم يخرج عن عهدة التكليف المذكور بحكاية الكلي الصادق عليها وعلى غيرها من حصص البسملة ومن ذلك يظهر الاشكال في صدق قراءة القرآن على حكاية الجامع

 

===============

 

( 183 )

 

[ وإن كان هو الاحوط. نعم لو عين البسملة لسورة لم تكف لغيرها (1)، فلو عدل عنها وجب إعادة البسملة. ] بين الآيات المشتركة مثل: (فبأى آلاء ربكما تكذبان) (* 1)، (فذوقوا عذابي ونذر) (* 2)، (الحمد لله رب العالمين) (* 3)، (الم) (* 4) إلى غير ذلك، لان قراءة القرآن المأخوذة موضوعا للاحكام يراد بها حكاية تلك الحصص الخاصة من الكلام المنزل، وحكاية الجامع بينها ليست حكاية لها، فلو حرم على الجنب قراءة آيات العزيمة لم يحرم عليه قراءة الجامع بين بسملات سورها، وكذا الحال في كتابة القرآن، فلو كتب الجامع بين الآيات المشتركة لم يحرم مسه على المحدث، ويكون الحال كما لو كتبها لانشاء معانيها لاغير، بل الظاهر عدم صدق القرآن على الجامع بين الآيات المشتركة، إذ القرآن هو نفس الحصص الخاصة، الجامع اعتبار ينتزعه العقل منها. ومجرد صحة انتزاعه منها غير كاف في كونه قرآنا. نعم لو كان المحكي نفس الافراد جميعها كان المحكي قرآنا، وكانت الحكاية قراءة للقرآن، فلو ضم إليها أي سورة شاء أجزأه - على إشكال - لاحتمال الانصراف إلى الحكاية الاستقلالية. (1) لانها غير بسملتها الملحوظة جزءا لها فلاوجه لكفايتها عنها، وإن تردد فيه كاشف اللثام، بل عن ظاهر محكي البحار: الجزم بعدم صيرورتها جزءا بذلك، بحيث لا تصلح لصيرورتها جزءا من غيرها، محتجا

 

 

____________

(* 1) مكررة في سورة " الرحمن " في احدى وثلاثين آية. (* 2) مكررة في سورة " القمر " في آيتين: 37، 39. (* 3) مكررة في القرآن. في سورة الفاتحة. وفي سورة الانعام: 45 وفي سورة يونس: 10 وفي سورة الصافات: 182 وفي سورة الزمر: 75 وفي سورة غافر: 65. (* 4) اول سورة البقرة. وآل عمران. والعنكبوت. والروم. ولقمان. والسجدة.

 

===============

 

( 184 )

 

[ (مسألة 12): إذا عين البسملة لسورة ثم نسيها فلم يدر ما عين وجب إعادة البسملة لاي سورة أراد (1)، ولو علم أنه عينها لاحدى السورتين من الجحد والتوحيد ولم يدر أنه لايتهما أعاد البسملة وقرأ إحداهما ولا تجوز قراءة غيرهما (2) ] بالكتابة، وبخبر قرب الاسناد الآتي في مسألة العدول، وبأنه يلزم اعتبارهم النية في باقي الالفاظ المشتركة غيرها كقول: الحمد لله. لكن فيه منع ذلك في الكتابة فانها كالقراءة حكاية متقومة بالقصد، وخبر قرب الاسناد لا ينافي اعتبار القصد كما سيأتي، والالتزام بذلك في جميع الالفاظ المشتركة لا محذور فيه، وكونهم لا يقولون بذلك ممنوع. (1) وإن احتمل تعيين البسملة للسورة التي أرادها، للشك في تحقق قراءة بسملتها فيرجع إلى قاعدة الاشتغال. (2) لشروعه في إحداهما بقراءة بسملتها ولايجوز العدول عنهما إلى غيرهما كما سيأتي إن شاء الله. ثم إن الاكتفاء بقراءة إحداهما ينبغي أن يبتني على جواز العدول من الجحد والتوحيد إلى الاخرى، وإلا فلو بني على عدمه - كما سيأتي - يجب عليه الجمع بين السورتين بلا إعادة البسملة، للعلم الاجمالي بوجوب قراءة ماعينها المرددة بينهما. فيأتي باحداهما المعينة بقصد الجزئية، والاخرى بقصد القربة المطلقة. نعم لو بني على حرمة القران وشموله للقراءة ولو بعنوان القربة أشكل الحال في صحة الصلاة، للدوران بين المحذورين، وكذا لو بني على اعتبار الموالاة بين البسملة والسورة بنحو ينافيها قراءة سورة بينهما، لعدم إمكان الموافقة القطعية حينئذ، كما أنه لو بني على أن ذلك عذر في جواز العدول جازت قراءة غيرهما فتأمل جيدا.

 

===============

 

( 185 )

 

[ (مسألة 13): إذا بسمل من غير تعيين سورة فله أن يقرأ ما شاء (1)، ولو شك في أنه عينها لسورة معينة أولا فكذلك (2) لكن الاحوط في هذه الصورة إعادتها بل الاحوط إعادتها مطلقا لما مر من الاحتياط في التعيين. (مسألة 14): لو كان بانيا من أول الصلاة أو أول الركعة أن يقرأ سورة ممعينة فنسي وقرأ غيرها كفى (3)، ولم يجب إعادة السورة، وكذا لو كانت عادته سورة معينة فقرأ غيرها. (مسألة 15): إذا شك في أثناء سورة أنه هل عين البسملة لها أو لغيرها وقرأها نسيانا بنى على أنه لم يعين غيرها (4). ] (1) قد عرفت في المسألة الحادية عشرة إشكاله. (2) كأنه لاصالة عدم تعيينها لسورة معينة، لكن تعيين السورة لم يجعل موضوعا لحكم شرعي، وإنما موضوع الحكم - بناء على مذهب المصنف (ره) - هو قراءة البسملة المطلقة، وأصالة عدم تعيين السورة لا يصلح لاثباته إلا على القول بالاصل المثبت - مع أنها معارضة بأصالة عدم قصد البسملة المطلقة. (3) إذ لا قصور في قراءتها من حيث كونها عن قصد وإرادة، غاية الامر أن تأثير الداعي في الارادة كان ناشئا عن نسيان الداعي الاول، الذي كان يدعو إلى قراءة السورة، التي بنى على قراءتها أول الصلاة، لكن هذا المقدار لا يوجب خللا ولا نقصا في المأمور به. (4) قد عرفت أن التعيين للغير لا أثر له شرعي، فالعمدة جريان قاعدة التجاوز لاثبات البسملة التي هي جزء، لعدم الفرق في موضوع

 

===============

 

( 186 )

 

[ (مسألة 16): يجوز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا (1) ما لم يبلغ النصف (2) ] قاعدة التجاوز بين الجزء وجزء الجزء كما سيأتي إن شاء الله، لصدق التجاوز بالنسبة إلى الجميع. (1) بلا خلاف ظاهر في الجملة، والنصوص به مستفيضة أو متواترة كصحيح عمرو بن أبي نصر السكوني: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ: قل هو الله أحد. و: قل يا أيها الكافرون. فقال (ع): يرجع من كل سورة إلا من: قل هو الله أحد. و: قل يا أيها الكافرون " (* 1). وصحيح الحلبي: " قلت لابي عبد الله (ع): رجل قرأ في الغداة سورة قل هو الله أحد. قال (ع): لا بأس ومن افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس إلا قل هو الله أحد ولا يرجع منها إلى غيرها، وكذلك قل يا أيها الكافرون " (* 2). ونحوهما غيرهما، ولافرق بين أن تكون المعدول إليها قد أراد قراءتها أولا فقرأ غيرها أو بدا له ذلك في الاثناء، إذ الاول مضمون الاول والثاني مضمون الثاني. (2) المعروف عدم جواز العدول مع تجاوز النصف، بل ظاهر مجمع البرهان وعن ظاهر المفاتيح الاجماع عليه، وفي مفتاح الكرامة: كاد أن يكون معلوما. وفي الجواهر: الظاهر تحقق الاجماع عليه. ويؤمئ إليه خبر الذكرى الآتي، لكن في موثق عبيد عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها. قال (ع): له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها " (* 3) وفي كشف الغطاء العمل به وجعل الاحوط

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 35 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 36 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2

 

===============

 

( 187 )

 

مراعاة النصف، لكنه غير ظاهر بعد مخالفته لما ذكر. وإنما الخلاف في جوازه مع بلوغ النصف، كما حكاه في مفتاح الكرامة عن المقنعة والنهاية والمبسوط والشرائع والمعتبر والمنتهى والتذكرة والتحرير والارشاد والبيان والالفية وكشف اللثام وغيرها. بل قيل إنه المشهور، وعدمه كما حكاه في مفتاح الكرامة عن السرائر وجامع الشرائع والدروس والموجز وجامع المقاصد والروض والمقاصد العلية غيرها. بل قيل إنه الاشهر، وفي الذكرى أنه مذهب الاكثر. قولان، وليس في النصوص ما يشهد للثاني كما شهد بذلك في الذكرى. نعم في الفقه الرضوي: " فان ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع إلى سورة الجمعة وإن لم تذكرها إلا بعدما قرأت نصف سورة فامض في صلاتك " (* 1). وهو مع ضعفه في نفسه معارض بغيره مما دل على جواز العدول مع بلوغ النصف، كخبر قرب الاسناد عن علي بن جعفر (ع) عن أخيه (عليه السلام): " عن الرجل أراد سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع إلى السورة التي أراد؟ قال (ع): نعم ما لم تكن قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون " (* 2). وخبر البزنطي عن أبي العباس المروي في الذكرى (* 3) مقطوعا - كما عن نسختين منها - بل في الحدائق حكاية ذلك عن جميع النسخ التي وقف عليها، وعن جامع المقاصد والروض روايته مقطوعا أيضا أو مضمرا عنه (ع) كما في نسخة الفاضل الهندي من الذكرى أو مسندا إلى الصادق (ع) (الرضا (ع) خ ل) كما في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 53 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 35 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 36 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 188 )

 

نسخة المجلسي منها: " في رجل يريد أن يقرأ سورة فيقرأ في أخرى. قال (ع): يرجع إلى التي يريد وإن بلغ النصف ". وصحيح الكناني والبزنطي وأبي بصير كلهم عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يقرأ في المكتوبة بنصف سورة ثم ينسى فيأخذ في أخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل أن يركع قال (ع): يركع ولا يضره " (* 1). نعم مورد الاخير الناسي كما أن مورد الاولين خصوص صورة إرادة السورة المعدول إليها. ولاجل ذلك كان ظاهر الذكرى وجامع المقاصد المنع من العدول عند بلوغ النصف إذا لم يكن أراد غيرها، أما إذا قرأ غير ما أراد جاز له العدول، بل قال في الذكرى - بعد رواية أبي العباس: " قلت هذا حسن ويحمل كلام الاصحاب والروايات على من لم يكن مريدا غير هذه السورة لانه إذا قرأ غير ما أراده لم يعتد به ولهذا قال يرجع فظاهره تعين الرجوع ". ويشكل بأنه إذا قرأ غير ما أراد فهذه القراءة ناشئة عن أرادة أخرى غفلة عن الداعي إلى الارادة الاولى فلا وجه لعدم الاعتداد به. ولو سلم فالاصحاب قد عرفت اختلافهم في ذلك واختلاف ظاهر كلماتهم، وأما الروايات فقد تقدم منه (ره) الاعتراف (* 2) بأنه لم يقف على رواية تدل على الاعتبار بالنصف، كي تحمل على غير من أراد، وأيضا فان النصوص المذكورة وإن كانت قاصرة عن إثبات الجواز عند بلوغ النصف، لكن في الاطلاقات الدالة على جواز العدول من سورة إلى أخرى كفاية في إثباته، إذ المتيقن في الخروج عنها صورة التجاوز عن النصف لاغير فيرجع في صوره بلوغ النصف إليها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4. (* 2) راجع الصفحة السابقة.

 

===============

 

( 189 )

 

[ إلا من الجحد والتوحيد (1). فلا يجوز العدول منهما إلى غيرهما، بل من إحداهما إلى الاخرى (2) بمجرد الشروع فيهما ولو بالبسملة (3)، نعم يجوز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين (4) ] (1) على المشهور كما عن جماعة، بل عن مجمع البرهان الاجماع عليه، ويشهد له صحيحا السكوني والحلبي وخبر علي بن جعفر (ع) المتقدمة (* 1)، وما عن المنتهى والبحار والذخيرة من التوقف فيه ضعيف، ومثله ما في المعتبر من أن الوجه الكراهة لقوله تعالى: (فاقرءوا ما تيسر من القرآن) (* 2) ولا تبلغ الرواية - يعني رواية السكوني - قوة في تخصيص الآية. انتهى، فان الصحيح المذكور المعتضد بغيره يخصص الكتاب، وعليه العمل في غير المقام من مباحث القراءة وغيرها - مع أن إطلاق الآية ليس فيما نحن فيه لئلا يلزم التقييد المستهجن. نعم يمكن أن يكون وجه المنع ما سيأتي مما دل على جواز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين يوم الجمعة مع استحباب قراءتهما فيه، بدعوى أنه لو وجب الاتمام لما جاز العدول لفعل المستحب. وفيه: انه لا ملازمة كما يظهر من جواز قطع الفريضة لغير الواجب مع عدم جوازه في نفسه. (2) لاطلاق نصوص المنع. (3) كما يقتضيه ظاهر الاستثناء في النصوص ولاسيما خبر ابن جعفر (ع) والظاهر أنه لاإشكال فيه. (4) كما هو المشهور، ويشهد له جملة من النصوص كصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرا

 

 

____________

(* 1) تقدم الاولان في اول المسألة. والاخير في التعليقة السابقة. (* 2) المزمل: 20.

 

===============

 

( 190 )

 

[ في خصوص يوم الجمعة (1) حيث انه يستحب في الظهر أو ] قل هو الله أحد. قال (ع): يرجع إلى سورة الجمعة " (* 1). وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع إلا أن تكون في يوم الجمعة فانك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها " (* 2). ونحوهما غيرهما، وبها يقيد إطلاق المنع عن العدول عنهما. فما عن ظاهر الانتصار والسرائر وغيرهما من عموم المنع ضعيف. نعم مورد الجميع سورة التوحيد، فالتعدي عنها إلى سورة الجحد إما بعدم القول بالفصل، أو بمعارضة إطلاق المنع عن العدول عنهما باطلاق خبر ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن القراءة في الجمعة بما يقرأ. قال (ع): سورة الجمعة: وإذا جاءك المنافقون وإن أخذت في غيرها وإن كان قل هو الله احد فاقطعها من أولها وارجع إليها " (* 3) ولاجل أن بين الاطلاقين عموما من وجه يرجع في مورد المعارضة إلى استصحاب التخيير، أو عموم جواز العدول ما لم يتجاوز النصف - مضافا إلى إمكان دعوى كون إطلاق خبر ابن جعفر (ع) أقوى، بقرينة قوله (ع): " وإن كان قل هو الله أحد ". الظاهر في كون سورة التوحيد أولى بالاتمام من غيرها، فإذا جاز العدول عنها جاز عن غيرها بطريق أولى. (1) المحكي عن الفقيه والنهاية والمبسوط والسرائر: أن ذلك في ظهر الجمعة. وعن صريح الشهيدين والمحقق الثاني: أن ذلك في الجمعة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 69 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 69 من ابواب القراءة في الصلاة حديث 2. (* 3) الوسائل باب: 69 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 191 )

 

[ الجمعة منه أن يقرأ في الركعة الاولى الجمعة وفي الثانية المنافقين، فإذا نسي وقرأ (1) غيرهما حتى الجحد والتوحيد يجوز العدول اليهما ] وظهرها. بل عن البحار: الظاهر أنه لا خلاف في عدم الفرق بينهما وكأنه حمل كلام الاولين على ما يعم الجمعة، بأن يراد من الظهر الصلاة أعم من أن تكون رباعية وثنائية، وعن الحدائق: أن ذلك في صلاة الجمعة لا ظهرها. وعن التذكرة وجامع المقاصد وظاهر الموجز والروض أو صريحهما: أن ذلك في الجمعة والظهر والعصر. وهو الذي يقتضيه إطلاق ما في صحيح الحلبي من قوله (ع): " في يوم الجمعة " (* 1). ولا مجال للاخذ به بالاضافة إلى الصبح، لعدم توظيف الجمعة والمنافقين فيها وتوظيفهما في خصوص الظهرين والجمعة، الموجب ذلك للانصراف إليها لاغير وذكر الجمعة في غيره من النصوص الظاهر في خصوص صلاة الجمعة لا يقتضي تقييده، لعدم التنافي بينهما، ومن ذلك يظهر ضعف الاقوال الاخر، وأضعف منها ما عن الجعفي (ره) من الاقتصار على ذكر الجمعة وصبحها والعشاء ليلتها. (1) عن المحقق والشهيد الثانيين تخصيص الحكم بصورة النسيان، وعن ظاهر المختلف نسبته إلى الاكثر، وكأنه لاختصاص مثل صحيحي ابن مسلم والحلبي به (* 2)، لكنه لا يصلح لتقييد خبر ابن جعفر (ع) (* 3) الشامل له وللعامد، فالبناء على العموم أظهر كما عن البحار ونسب إلى إطلاق الفتاوى.

 

 

____________

(* 1) المتقدم في الصفحة السابقة. (* 2) المتقدمان في الصفحجة: 189، 190. (* 3) المتقدم في الصفحة السابقة.

 

===============

 

( 192 )

 

[ ما لم يبلغ النصف (1) وأما إذا شرع في الجحد ] (1) أو ما لم يتجاوز النصف - على الخلاف السابق - والتحديد بذلك محكي عن السرائر والدروس وجامع المقاصد والروض وغيرها. بل عن المسالك والحدائق: أنه المشهور. وعن البحار نسبته إلى الاكثر، وكأنه للجمع بين هذه النصوص وبين ما تقدم (* 1) من عموم المنع إذا بلغ النصف وتجاوزه كما في كشف اللثام، وعن المحقق والشهيد الثانيين الاستدلال له بأنه مقتضى الجمع بين ما تقدم من النصوص المطلقة في جواز العدول، وبين رواية صباح بن صبيح عن الصادق (ع): " عن رجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ قل هو الله أحد. قال (ع): يتمها ركعتين ثم يستأنف " (* 2). بحمل الاول على صورة عدم التجاوز والثانية على صورة التجاوز، وفيه أنه جمع تبرعي لا شاهد عليه، بل ظاهر رواية الصباح صورة الالتفات بعد الفراغ من سورة التوحيد، فلا تنافي تلك النصوص بوجه ومنه يظهر الاشكال فيما عن ظاهر الكليني وتبعه عليه جماعة من الجمع بالتخيير، فانه إنما يكون جمعا عرفيا لو كان ظاهر رواية الصباح الالتفات في الاثناء كما لا يخفي، فإذا لامانع من الاخذ باطلاق نصوص جواز العدول الشامل لصورة التجاوز عن النصف، ولا يعارضه عموم المنع، إذ قد عرفت أنه لادليل على المنع إلا الاجماع المتقدم على عدم جوازه حينئذ، وهو غير ثابت في المقام، لما عن المبسوط والنهاية والتحرير والارشاد والتذكرة والمنتهى وغيرها: من إطلاق جواز العدول. وعن صريح بعض متأخري المتأخرين ذلك أيضا. نعم يمكن أن يعارض إطلاق نصوص المقام باطلاق رواية الذكرى

 

 

____________

(* 1) في الصفحة: 187. (* 2) الوسائل باب: 72 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 193 )

 

[ أو التوحيد عمدا، فلا يجوز العدول اليهما (1) أيضا على الاحوط. (مسألة 17): الاحوط عدم العدول من الجمعة والمنافقين إلى غيرهما في يوم الجمعة وإن لم يبلغ النصف (2). ] المتقدمة (* 1)، ولاجل أن بينهما عموما من وجه يرجع إلى عموم المنع عن العدول عن سورتي الجحد والتوحيد، لكنه موقوف على حجية الرواية سندا وعدم أظهرية نصوص المقام منها، وقد تقدم وجه الاشكال في الاول، ولا تبعد دعوى أظهرية نصوص المقام منها كما لا يخفى بأقل تأمل. نعم إن ثبت الاجماع على عدم جواز العدول من غير الجحد والتوحيد بعد تجاوز النصف إلى الجمعة والمناقين، أمكن التعدي إلى الجحد والتوحيد للاولوية، ولا يعارض بالعكس، لعدم إمكان تقييد الاجماع. اللهم إلا أن يدعى كون الالوية ظنية لا يعول عليها، إذ يمكن التشكيك في الاجماع، فيلتزم بالتعدي عن الجحد والتوحيد إلى سائر السور فيحكم بجواز العدول عنها بعد تجاوز النصف إلى الجمعة والمنافقين. (1) تقدم بيان وجه ضعفه. (2) لان تجويز العدول من الجحد والتوحيد اليهما محافظة على قراءتهما - مع كونه ممنوعا في نفسه - يدل على أهميتهما من العدول الممنوع عنه، والعدول عنهما إلى غيرهما مخالفة لذلك الاهتمام. ويؤيده ما عن كتاب الدعائم: " وكذلك سورة الجمعة أو سورة المنافقين في الجمعة لا يقطعهما إلى غيرهما وإن بدأ بقل هو الله أحد قطعها ورجع إلى سورة الجمعة أو سورة المنافقين " (* 2) لكن لا يخفى: أنه لو تم لاقتضى وجوب قراءة السورتين وليس كذلك كما سيأتي - مضافا إلى أن جواز العدول يمكن أن يكون لقصور مقتضي

 

 

____________

(* 1) في صفحة: 187. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 51 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 194 )

 

[ (مسألة 18): يجوز العدول من سورة إلى أخرى في النوافل مطلقا وإن بلغ النصف (1) ] المنع، لا لاجل الاهمية كما لا يخفى، وخبر الدعائم ضعيف لا يعول عليه. (1) كما عن ظاهر الشيخ (ره) في النهاية أو صريحه، وكذا ظاهر الذكرى حيث قيد المنع من العدول بعد تجاوز النصف بالفريضة، بعد ذكر جواز العدول قبل ذلك في الفريضة والنافلة، بل قيل: إنه نسب إلى ظاهر الاصحاب من جهة إيرادهم الحكم في طي أحكام الفرائض. وفيه: أن تقييد مثل حرمة القران وقراءة العزيمة بالفريضة في كلماتهم وعدم التقييد بها هنا في كلام كثير منهم، شاهد بعموم الحكم للنافلة، ويقتضيه إطلاق نصوص المنع المتقدمة. وفي المستند اختار المنع على القول بحرمة قطع النوافل، لعموم الاخبار والجواز على القول بجوازه، لان دلالة أخبار المنع بعد التجاوز عن النصف وفي الجحد والتوحيد إنما هو من حيث الامر بالمضي في الصلاة، أو إثبات البأس في الرجوع، ونحوهما مما يتوقف ثبوته في النوافل على عدم جواز قطعها. وفيه: أن ظاهر أخبار المنع تعين السورة التي شرع فيها لاداء الوظيفة المقصودة منها، وعدم صلاحية المعدول إليها لذلك، ولا يرتبط بمسألة حرمة القطع وجوازه، ولذا نقول بحرمة العدول في الفريضة حتى في مورد كان يجوز فيه قطعها، كما لا يرتبط بمسألة وجوب السورة وعدمه، ولذا نقول بحرمة العدول في الفريضة أيضا، إذا كان لا تجب فيها السورة كما في المريض والمستعجل. نعم قد يشكل التعدي إلى النافلة في عدم جواز العدول بعد تجاوز النصف لان العمدة في المستند فيه الاجماع، وهو غير حاصل في النافلة كما تقدم

 

===============

 

( 195 )

 

[ (مسألة 19): يجوز مع الضرورة العدول بعد بلوغ النصف (1) حتى في الجحد والتوحيد كما إذا نسي بعض السورة، أو خاف فوت الوقت باتمامها، أو كان هناك مانع آخر، ومن ذلك ما لو نذر أن يقرأ سورة معينة في صلاته فنسي وقرأ غيرها فان الظاهر جواز العدول وإن كان بعد بلوغ النصف، أو كان ما شرع فيه الجحد أو التوحيد (2). ] في كلام الذكرى، ولعله يقتصر في منع إلحاق النافلة في الفريضة عليه، وحينئذ يكون ما ذكره في محله فتأمل. (1) كما صرح به في الجواهر، وغيرها لانسباق غير ذلك من نصوص المنع، واختصاصه بصورة إمكان الاتمام، فيبقى العدول في غيرها على أصالة الجواز. (2) إذا نذر قراءة سورة معينة في صلاته فمرجع نذره إلى أحد أمرين: الاول: نذر أن لايقرأ سورة إلا ما عينها، فإذا قرأ غيرها كانت قراءتها مخالفة للنذر فتبطل، فإذا قرأها نسيانا والتفت في الاثناء لم يقدر على إتمامها للنهي عنها من أجل مخالفة النذر، فيتعين عليه العدول. الثاني: نذر أن يقرأها على تقدير اشتغال ذمته بسورة، فإذا قرأ غيرها لم يكن ذلك مخالفة للنذر، لان النذر المشروط بشرط لا يقتضي حفظ شرطه، فلا مانع من تفويت شرطه بافراغ ذمته عن السورة الواجبة في الصلاة بقراءة سورة غير المنذورة. فلو قرأ غيرها نسيانا فان كانت مما يجوز العدول عنها جاز له الاتمام والعدول، وإن كان مما لا يجوز العدول عنها وجب عليه إتمامها، ولا مسوغ للعدول، لما عرفت من أنه ليس في إتمامها مخالفة للنذر بوجه، فعموم المنع عن العدول عنها بلا مزاحم. ولاجل أن الظاهر من نذر قراءة

 

===============

 

( 196 )

 

سورة معينة هو الاول أطلق المصنف (ره) جواز العدول، بل عرفت أنه واجب. هذا ولكن بنى غير واحد من الاعيان على بطلان النذر في المقام، لاعتبار رجحان متعلقة في وقته وهو مفقود، لكون المفروض حرمة العدول بعد تجاوز النصف، ومن السورتين مطلقا. فإذا كان حراما في وقته امتنع نذره وكان باطلا، وكذا الحال في كل مورد يطرأ على المنذور ما يوجب مرجوحيته: كأمر الوالد أو السيد، أو التماس المؤمن، أو غيرها، فان طروء واحد من الامور المذكورة لما كان موجبا لمرجوحية المنذور يكشف عن فساد النذر من أول الامر. وفيه: أنه إذا فرض أن حرمة العدول مشروطة بامكان الاتمام فالنذر على تقدير صحته رافع لذلك الامكان، لرفعه مشروعية الاتمام فالبناء على بطلان النذر تخصيص لدليل نفوذه من دون وجه ظاهر. وإن شئت قلت: يعتبر في صحة النذر رجحان المنذور في وقته، ويعتبر في حرمة العدول مشروعية السورة التي شرع فيها، فإذا نذر أن لايقرأ يوم الاثنين إلا سورة الدهر مثلا، فشرع في غيرها نسيانا حتى تجاوز نصفها، امتنع حينئذ الجمع بين صحة النذر وحرمة العدول إلى سورة الدهر، لانه إن صح النذر كان إتمام السورة التي شرع فيها غير مشروع لانه مخالفة للنذر، وإذا كان الاتمام غير مشروع لم يحرم العدول إلى سورة الدهر، كما أنه إذا حرم العدول إليها كانت قراءتها مرجوحة، وإذا كانت قراءتها مرجوحة بطل نذرها، وحينئذ فاما أن يبنى على بطلان النذر بدعوى: أن حرمة العدول ترفع موضوعه وهو رجحان المنذور، ولا يصلح هو لرفعها، لان إمكان الاتمام المعتبر في حرمة العدول يراد منه الامكان لا بالنظر إلى أمر سابق تصلح الحرمة لرفعه، أو يبنى على عدم حرمة العدول بدعوى: أن صحة النذر ترفع

 

===============

 

( 197 )

 

موضوع الحرمة - أعني مشروعية الاتمام وإمكانه - فيجوز لذلك العدول، ولا تصلح الحرمة لرفعه لان الرجحان المعتبر في موضوع النذر يراد منه الرجحان لا بالنظر إلى أمر لاحق يصلح النذر لرفعه، وإما أن يبنى على بطلان النذر وعدم حرمة العدول تخصيصا لدليلهما. وهذه الاحتمالات الثلاثة هي الاحتمالات الجائزة التي يتردد بينها ويحتاج في تعيين واحد منها إلى معين. وهناك احتمالات أخرى غير جائزة: منها: البناء على بطلان النذر وعدم حرمة العدول على نحو التخصص لا التخصيص - كما فيما سبق - بأن يكون كل من النذر وحرمة العدول رافعا لموضوع الآخر فلا مجال له للزوم الدور. ومنها: البناء على ثبوتهما معا، فمع أنه يلزم منه التكليف بغير المقدور. أنه تخصيص لما دل على اعتبار الرجحان في النذر، ولما دل على اعتبار إمكان الاتمام في حرمة العدول بلا وجه. ثم إنه إذا لم يكن ما يوجب ترجح أحد الاحتمالين الاولين على الآخر يتعين البناء على الثالث للتعارض الموجب للتساقط. لكن لا ينبغي التأمل في ترجيح الاحتمال الثاني على الاول عرفا. فانهما وإن كانا مشتركين في تقييد دليل شرطية السبب، إذ في الاول: تقييد دليل اعتبار إمكان الاتمام فيراد منه الامكان لا بالنظر إلى أمر سابق تصلح الحرمة لرفعه، وفي الثاني: تقييد دليل شرطية الرجحان في النذر فيراد منه الرجحان لا بالنظر إلى أمر لاحق يصلح النذر لرفعه، لكن التقييد الثاني أقرب عرفا تنزيلا للسببين المذكورين بمنزلة السببين الحقيقيين المتنافيين اللذين يكون السابق منهما شاغلا للمحل ومانعا من تأثير اللاحق، فلو فرض تأخر النذر عن حرمة العدول كان هو المتعين للبطلان، وكذا الحال في جميع الموارد التي يتعارض فيها دليل وجوب الوفاء بالنذر ودليل وجوب شئ أو حرمته المشروط بشرط بنحو يصلح أن يكون كل من الدليلين على تقدير صحة تطبيقه رافعا لموضوع الآخر، فان

 

===============

 

( 198 )

 

[ (مسألة 20): يجب على الرجال الجهر بالقراءة (1) ] كان أحدهما سابقا والآخر لاحقا صح تطبيق الدليل السابق وسقط بالاضافة إلى اللاحق، مثل ما لو نذر زيارة الحسين (ع) في كل عرفة ثم ملك الزاد والراحلة - بناء على أن الاستطاعة المأخوذة شرطا لوجوب الحج يراد بها ما يعم الاستطاعة الشرعية - فانه لا يجب عليه الحج، ومثل ما لو نذرت المرأة أن تصوم كل جمعة ثم تزوجت فمنعها زوجها من الصوم فانه لا تجوز اطاعته في مخالفة النذر. نعم لو اقترن السببان سقطا معا لعدم المرجح، فلاحظ. والله سبحانه أعلم. (1) كما هو المشهور كما عن جماعة كثيرة. بل عن الخلاف: الاجماع عليه. ويشهد له صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه. فقال (ع): أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الاعادة، فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته " (* 1)، ومفهوم صحيحه الاخر عنه (ع): " قلت له: رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه، أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه، وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه، وقرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه، فقال (ع): أي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلاشئ عليه " (* 2). والمناقشة فيهما بظهور التعبير ب‍ " ينبغي " في السؤال في مطلق الرجحان، وفي الاول باحتمال كون " نقص " بالمهملة لا بالمعجمة وهو يصدق بترك المستحب - كما ترى. لوضوح اضطرار السائل إلى التعبير بما هو ظاهر في القدر المشترك بين الوجوب والاستحباب بعد فرض كونه جاهلا بالوجوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب القراءة في ا لصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 199 )

 

كما يقتضيه ظاهر الواجب عن صورة العمد، إذ لو كان السائل عالما بالوجوب لم يحتج إلى الجواب عن صورة العمد بالبطلان لوضوح ذلك، واما إطلاق النقص فهو ظاهر في البطلان، ولاسيما في مقابل إطلاق التمام المقتضي للصحة. وهذان الصحيحان هما العمدة في إثبات الوجوب. أما مداومة النبي صلى الله عليه وآله على الجهر فلا تصلح لاثباته لانها أعم. وقوله صلى الله عليه وآله: " صلوا كما رأيتموني أصلي " (* 1) فقد عرفت الاشكال عليه، والاستدلال بهما عليه - كما في المعتبر وغيره - ضعيف. ومثلهما ما في خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) في ذكر العلة التي من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض: " إن الصلوات التي يجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار ان هناك جماعة " (* 2)، وما في صحيح عبد الرحمان بن الحجاج عن القراءة خلف الامام فقال (ع): " وأما الصلاة التي يجهر فيها فانما أمر بالجهر لينصت من خلفه " (* 3)، وما في خبر محمد بن حمران (عمران خ ل) عن أبي عبد الله (ع): من تعليل ذلك بأنه: " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله كان أول صلاة فرض الله تعالى عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف الله عزوجل إليه الملائكة تصلي خلفه فأمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله... " (* 4)، فان الوجوب والامر غير ظاهرين في الوجوب الاصطلاحي إلا بالاطلاق، وهو مفقود لعدم سوق الكلام للتشريع، ولو سلم فالعلة في الاولين استحبابية لا تصلح لاثبات الوجوب، مع أنهما غير شاملين لغير الامام. وأضعف من ذلك الاستدلال بما تضمن: أن الصلاة منها جهرية

 

 

____________

(* 1) كنز العمال ج: 4 صفحة 62 حديث: 1196. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 200 )

 

ومنها إخفاتية كما صنع في الوسائل فلاحظ. هذا وعن الاسكافي والمرتضى في المصباح: عدم الوجوب، وعن المدارك: الميل إليه وفي الكفاية: أنه غير بعيد، وفي البحار: انه لا يخلو من قوة، لصحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه موسى (ع) قال: " سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة، هل عليه أن لا يجهر؟ قال (ع): إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل " (* 1)، وبه ترفع اليد عن ظاهر الصحيحين الاولين فيحملان على الاستحباب. وفيه - مع أن حمل الصحيحين على الاستحباب بعيد جدا، ولاسيما في أولهما الدال على الوجوب من وجوه، المتأكد الدالالة عليه، ولاسيما بملاحظة كون السؤال عنه لاعن أصل الرجحان كما هو ظاهر -: أنه لا مجال للعمل به بعد إعراض الاصحاب عنه، ودعوى الاجماع على خلافه. مع أن السؤال فيه لا يخلو عن تشويش، لانه إذا فرض فيه أن الفريضة مما يجهر فيه بالقراءة كيف يصح السؤال عن أنه عليه أن لا يجهر؟! فالسؤال كذلك لابد أن يكون عن لزوم الاخفات في غير القراءة من الاذكار أو فيها في بعض الاحوال، وذلك مما يوجب الاجمال المسقط عن الحجية. نعم في المعتبر (* 2) روايته هكذا: " هل له أن لا يجهر "، وفي كشف اللثام، ومفتاح الكرامة، وعن قرب الاسناد (* 3) روايته هكذا: " هل عليه أن يجهر " لكنه لا يدفع الاضطراب. نعم مقتضى قاعدة الخط أن تكون: " إن " مكسورة شرطية لا مفتوحة مصدرية. لان نونها لا تظهر إذا كانت عاملة كما في المقام، ويكون تقدير الكلام: هل عليه شئ إن لم يجهر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 6. (* 2) في المسألة: 8 من القراءة صفحة: 175. (* 3) صفحة: 94 وهو موافق لما في التهذيب.

 

===============

 

( 201 )

 

[ في الصبح، والركعتين الاولتين من المغرب والعشاء (1)، ] لكنه أيضا بعيد. وكيف كان فالعمدة في طرح الصحيح ما عرفت. وأضعف من ذلك الاستدلال بقوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) (* 1) إذ لو ثبت أن المراد من الجهر ما يتجاوز الحد في العلو ومن الاخفات أن لا يسمع نفسه - كما تضمنه بعض الاخبار المفسرة فتدل على وجوب ما بين ذلك - أمكن تقييد إطلاقها بما ذكر. مع أن الآية الشريفة قد اختلفت النصوص وكلمات المفسرين في تفسيرها، وإن كان الاظهر ما ذكرنا. (1) أما ثبوت الجهر في قراءتها فلا إشكال فيه ولا خلاف، ويقتضيه جملة من النصوص المتقدم بعضها، وأما عدم ثبوته في غيرها فالظاهر أنه كذلك. ويشهد له - مضافا إلى ما في خبر محمد بن حمران المتقدم (* 2) المتضمن لتخصيص الجهر والاخفات بالقراءة، وما في خبر يحيى بن أكثم " أنه سأل أبا الحسن (ع) عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار وإنما يجهر في صلاة الليل؟ فقال (ع): لان النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس بها... " (* 3)، ومثلهما جملة من النصوص الواردة في صلاة الجماعة وصلاة الجمعة، وصلاة يوم الجمعة فانها اشتملت على تخصيص الاخفات والجهر بالقراءة على نحو يفهم أنه شئ مفروغ عنه، وأنها موضوع الجهر والاخفات اللازمين في الصلاة - صحيح ابن يقطين عن أبي الحسن موسى (ع): " سألته عن التشهد، والقول في الركوع والسجود والقنوت للرجل أن يجهر به؟ قال (ع): إن شاء جهر به وإن شاء لم يجهر " (* 4)، ونحوه صحيح

 

 

____________

(* 1) الاسراء: 110. (* 2) راجع التعليقة السابقة. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب القراءة في الصلاة، حديث 3. (* 4) الوسائل باب: 20 من ابواب القنوت حديث: 1.

 

===============

 

( 202 )

 

[ ويجب الاخفات في الظهر والعصر في غير يوم الجمعة، وأما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة (1)، ] علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) (* 1)، فان الجمع بينهما وبين إطلاق ما دل على أن صلاة الليل جهرية وصلاة النهار إخفاتية (* 2): بحمله على خصوص القراءة أولى من البناء على عمومه والاقتصار في الاستثناء منه على خصوص ما ذكر في الصحيح، ومما ذكرنا يظهر الوجه في وجوب الاخفات في خصوص القراءة في الظهر والعصر. (1) إجماعا كما في القواعد، وعن التذكرة، ونهاية الاحكام، والذكرى والبيان، وقواعد الشيهد، وجامع المقاصد، وغيرها، وفي المعتبر: " لا يختلف فيه أهل العلم "، وعن التنقيح: " أجمع العلماء عليه ". ويقتضيه - مضافا إلى ما في خبر محمد بن حمران المتقدم (* 3) - صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) في حديث: "... والقراءة فيها بالجهر " (* 4) وصحيح العزرمي عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع): إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها " (* 5) وما في صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال (ع): "... وليقعد قعدة بين الخطبتين، ويجهر بالقراءة " (* 6)، وقريب منها غيرها المحمولة على

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب القنوت حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 22 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2 وباب: 25 من نفس الابواب، حديث: 1 و 3. (* 3) في صفحة: 199. (* 4) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجمعة حديث: 5. (* 6) الوسائل باب: 6 من ابواب صلاة الجمعة حديث: 5.

 

===============

 

( 203 )

 

[ بل في الظهر أيضا على الاقوى (1). ] الاستحباب بقرينة الاجماع المدعى في كلام الجماعة. نعم استشكل في الجواهر بعد نقله الاجماع المذكور بقوله: " لكن ظني أن المراد منه مطلق الرجحان مقابل وجوب الاخفات في الظهر في غير يوم الجمعة، لعدم التصريح بالندب قبل المصنف (ره) على وجه يكون به إجماعا. نعم حكي عن مصباح الشيخ، وإشارة السبق، والسرائر، والاصباح، بل عن المنتهى: أنه أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أنه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة، ولم أقف على قول للاصحاب في الوجوب وعدمه. بل في كشف اللثام: أكثر الاصحاب ذكروا الجهر فيهما على وجه يحتمل الوجوب ". وحينئذ يشكل رفع اليد عن ظاهر النصوص، وكون الامر به في مقام توهم الحضر فلا يدل على الوجوب - لو تم - لا يطرد في الجميع. فتأمل جيدا. (1) للنصوص الآمرة به كصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع) لنا: صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة، وأجهروا بالقراءة، فقلت إنه ينكر علينا الجهر بها في السفر، فقال (ع): إجهروا بها " (* 1)، وخبر محمد بن مروان قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة ظهر يوم الجمعة كيف نصليها في السفر؟ فقال (ع): تصليها في السفر ركعتين، والقراءة فيها جهرا " (* 2)، ولعله ظاهر صحيح عمران الحلبي قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة؟ قال (ع): نعم " (* 3) ونحوه مصحح الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 204 )

 

[ (مسألة 21): يستحب الجهر بالبسملة (1) في الظهرين للحمد والسورة. ] أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال (ع): نعم " (* 1) المحمولة على الاستحباب بقرينة صحيح جميل: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الجماعة يوم الجمعة في السفر، فقال (ع): يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر، ولا يجهر الامام فيها بالقراءة، إنما يجهر إذا كانت خطبة " (* 2)، ونحوه صحيح ابن مسلم (* 3) فيحمل النهي على نفي الوجوب بناء على وجوبه في صلاة الجمعة، أو نفي تأكد الاستحباب بناء على استحبابه. لكن قد يشكل ذلك بعدم ظهور كونه جمعا عرفيا، ولاجله يتعين الاخذ بظاهر النصوص الاول المعول عليها عند الاصحاب وحمل النهي في الصحيحين على التقية كما عن الشيخ (ره)، ويشير إليه ما في صحيح ابن مسلم الاول. وحينئذ فالقول بالوجوب مطلقا أحوط إن لم يكن أقوى، إذ ماعن ابن إدريس (ره) من المنع مطلقا ترجيحا لنصوص المنع لاعتضادها باطلاقات الاخفات في صلاة النهار في غير محله، بعد ما عرفت من النصوص الكثيرة المعول عليها المحكي عن الخلاف الاجماع على صحة مضمونها، وكذا ماعن المرتضى (ره) من التفصيل بين الامام فيجهر، وغيره فلا لخبر ابن جعفر (ع): " عن رجل صلى العيدين وحده والجمعة هل يجهر فيهما؟ قال (ع): " لا يجهر إلا الامام " (* 4) لمعارضته بمصحح الحلبي المتقدم المعول عليه دونه، مع ضعفه في نفسه. (1) في المعتبر: جعله من منفردات الاصحاب، وفي التذكرة: نسبته

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 9. (* 4) الوسائل باب: 73 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 10.

 

===============

 

( 205 )

 

إلى علمائنا، وعن الخلاف: دعوى الاجماع عليه. ويشهد له صحيح صفوان: " صليت خلف أبي عبد الله (ع) أياما، فكان إذا كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) وكان يجهر في السورتين جميعا " (* 1) وخبر أبي حفص الصائغ: " صليت خلف جعفر (ع) بن محمد (ع) فجهر ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) " (* 2) والمرسل عن أبي حمزة: " قال علي بن الحسين (ع): ياثمالي إن الصلاة إذا أقيمت جاء الشيطان إلى قرين الامام فيقول: هل ذكر ربه؟ فان قال: نعم، ذهب، وإن قال: لا، ركب على كتفيه فكان إمام القوم حتى ينصرفوا، فقال: جعلت فداك أليس يقرأون القرآن؟ قال (ع): بلى ليس حيث تذهب ياثمالي إنما هو الجهر ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) " (* 3)، وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) في كتابه إلى المأمون قال (ع): " والاجهار ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) في جميع الصلوات سنة " (* 4)، وما في جملة من النصوص من عده من علامات المؤمن (* 5) وعن أبي الصلاح: وجوبه في ابتداء الحمد والسورة في الاولتين، وربما يحكى عن القاضي في المهذب والصدوق وجوبه مطلقا حتى في الاخيرتين، وكأنه لخبر الاعمش عن جعفر (ع): " والاجهار ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة واجب " (* 6)، وخبر سليم بن قيس عن أمير المؤمنين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 21 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 21 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 6. (* 5) راجع الوسائل باب: 56 من ابواب المزار ومستدرك الوسائل باب: 17 من ابواب القراءة في الصلاة. وباب: 30 من ابواب الملابس. فهناك أحاديث تدل على ذلك. (* 6) الوسائل باب: 21 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5.

 

===============

 

( 206 )

 

عليه السلام في خطبة طويلة: "... وألزمت الناس بالجهر ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) " (* 1). وفيه: أن ضعف الخبرين في نفسهما، وإعراض الاصحاب عنهما مانع من الاعتماد عليهما في ذلك، مضافا إلى عدم تعرض ثانيهما للصلاة. فتأمل، وأما صحيح الحلبيين عن أبي عبد الله (ع): أنهما سألاه عمن يقرأ ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) حين يريد أن يقرأ فاتحة الكتاب قال (ع): نعم، إن شاء سرا وإن شاء جهرا، قلت: أفيقرؤها مع السورة الاخرى؟ فقال (ع): لا " (* 2)، فما في ذيله من الترخيص في ترك البسملة في السورة يقرب وروده مورد التقية فلا يصلح لنفي الوجوب. اللهم إلا أن يفكك بين صدره وذيله. فتأمل. وعن ابن الجنيد: تخصيص الاستحباب بالامام، وكأنه للنصوص الواردة فيه. لكنها لا تصلح لتقييد المطلق الشامل للمنفرد ولاسيما مع إبائه عن ذلك، وعن الحلي: تخصيص الحكم بالاولتين لاختصاص الادلة بالصلاة الاخفاتية التي يتعين فيها القراءة ولا تتعين القراءة إلا في الاولتين، مضافا إلى قاعدة الاحتياط، إذ لا خلاف في صحة صلاة من لا يجهر بالبسملة وفي صحة صلاة من جهر فيها خلاف. وفيه: أن جملة من نصوص الباب خالية عن التقييد بالاولتين، فالعمل على إطلاقها متعين، وبها ترفع اليد عن قاعدة الاحتياط، مع أنها مبنية على عدم جواز الجهر في الاخيرتين، وعلى كون المرجع في الشك في الشرطية والجزئية قاعدة الاحتياط، والثاني ممنوع، والاول محل إشكال كما يأتي، ولذا قال في المعتبر: " قال بعض المتأخرين: مالايتعين فيه القراءة لا يجهر فيه لو قرئ، وهو تخصيص لما نص عليه الاصحاب ودلت عليه الروايات... ".

 

 

____________

(* 1) روضة الكافي ج: 8 صفحة: 61 الطبعة الحديثة. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 207 )

 

[ (مسألة 22): إذا جهر في موضع الاخفات، أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت الصلاة (1)، وإن كان ناسيا أو جاهلا ولو بالحكم صحت، سواء كان الجاهل بالحكم متنبها للسؤال ولم يسأل أو لا (2)، لكن الشرط حصول قصد القربة منه، وإن كان الاحوط في هذه الصورة الاعادة. (مسألة 23): إذا تذكر الناسي أو الجاهل قبل الركوع لا يجب عليه إعادة القراءة (3)، بل وكذا لو تذكر في أثناء القراءة حتى لو قرأ آية لا يجب إعادتها، لكن الاحوط الاعادة (4) خصوصا إذا كان في الاثناء. ] (1) كما عرفت. (2) للاطلاق الشامل للصورتين جميعا، واستظهر في الجواهر من منظومة الطباطبائي (ره) وجوب الاعادة في المتنبه، بل حكى التصريح به عن غير واحد لدعوى انصراف الصحيح، لكنه (ره) قوى خلافه، وهو في محله، ومن هنا يظهر أن المراد من الصورة في قوله في المتن: الاحوط في هذه الصورة، الصورة الاولى لا الثانية كما يقتضيه ظاهر العبارة. (3) كما عن غير واحد التصريح به، لاطلاق النص، ولاطلاق حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1). في صورة النسيان وكذا في صورة الجهل بناء على ما هو الظاهر من عمومه لها، كما سيأتي إن شاء الله في محله. ومن ذلك يظهر نفي الاعادة أيضا لو تذكر في أثناء القراءة. (4) كأن وجهه احتمال اختصاص الصحيحين بصورة الالتفات بعد الفراغ، فيكون المرجع ما دل على وجوب التدارك قبل تجاوز المحل. وفيه

 

 

____________

(* 1) تقدم مرارا. راجع مسألة: 18 من فصل القيام.

 

===============

 

( 208 )

 

[ (مسألة 24) لا فرق في معذورية الجاهل بالحكم في الجهر والاخفات بين أن يكون جاهلا بوجوبهما، أو جاهلا بمحلهما (1) - بأن علم إجمالا أنه يجب في بعض الصلوات الجهر وفي بعضها الاخفات إلا أنه اشتبه عليه أن الصبح مثلا جهرية والظهر اخفاتية، بل تخيل العكس - أو كان جاهلا ] ما عرفت من إطلاق الصحيحين، ولو سلم فوجوب التدارك يتوقف على دعوى كون الجهر والاخفات من شرائط القراءة، فإذا فاتا بطلت، ووجب التدارك إذا كان الالتفات قبل الدخول في الركن. لكن الدعوى المذكورة خلاف ظاهر النصوص، إذ ظاهرها وجوب الجهر أو الاخفات في القراءة لا أنهما شرط فيها، وحينئذ لا يمكن تداركهما إلا باعادة الصلاة من رأس، وهو خلاف حديث: " لا تعاد الصلاة ". كما تقدم نظيره في مسألة القراءة جالسا، ويأتي توضيحه في مبحث الخلل. ثم إنه ربما يتوهم اختصاص الصحيحين بالتذكر بعد الفراغ بقرينة قوله (ع) في أحدهما: " وقد تمت صلاته ". وفيه: أن المراد منه تمامية المقدار الواقع منها، ولاسيما بملاحظة عدم صدق العمد، والمدار في الاعادة عليه كما تقتضيه الشرطية الاولى فيه، والشرطية الثانية من قبيل التصريح بمفهومها. مع أن في الصحيح الآخر كفاية بالاضافة إلى خصوص الناسي. (1) كما صرح بذلك في جامع المقاصد، لكن في الجواهر: " إن شمول الدليل لمثل ذلك محل نظر أو منع، فيبقى تحت القاعدة " وفيه: أنه لا يظهر الوجه في النظر أو المنع، لصدق " لا يدري " في المقامين، إذ الظاهر منه أنه لا يدري أن الجهر أو الاخفات الذي فعله مما لا ينبغي، وهو حاصل في الصورتين ولعدم صدق العمد معه.

 

===============

 

( 209 )

 

[ بمعنى الجهر والاخفات (1) فالاقوى معذوريته في الصورتين كما أن الاقوى معذوريته إذا كان جاهلا بأن المأموم يجب عيله الاخفات عند وجوب القراءة عليه وإن كانت الصلاة جهرية فجهر (2)، لكن الاحوط فيه وفي الصورتين الاولتين الاعادة. (مسألة 25): لا يجب الجهر على النساء (3) في الصلاة الجهرية، ] (1) كما في جامع المقاصد. واستغربه في الجواهر، لضرورة عدم سوق الدليل لبيان حكم ذلك. وفيه أن الضرورة المدعاة غير ظاهرة، فانها خلاف إطلاق النص المؤيد بمناسبة الحكم والموضوع كما لا يخفى، ولا يصدق أنه فعل ذلك عمدا الذي هو المدار في وجوب الاعادة كما يستفاد من الشرطية الاولى. (2) كما صرح به بعض لاطلاق النص، ودعوى الانصراف عنه، ممنوعة. نعم لو كان وجوب الجهر أو الاخفات بعنوان غير الصلاة من خوف أو نحوه لم تبعد دعوى انصراف النص عنه. (3) إجماعا كما في جامع المقاصد، بل نقل الاجماع عليه مستفيض أو متواتر. ويشهد له خبر ابن جعفر (ع): " أنه سأل أخاه عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال (ع): لا، إلا أن تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها " (* 1)، وضعفه بعبدالله بن الحسن العلوي منجبر بما عرفت، وما في ذيله محمول على الندب لعدم القائل به كما في الجواهر، وفي كشف اللثام: " لم أظفر بفتوى توافقه "، ونحوه ما في غيره، ولاسيما بملاحظة عدم وجوب ذلك على الرجل المقتضى لعدم وجوبه على المرأة الاشتراك أو بالاولوية.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 210 )

 

وعن جماعة من الاساطين: الاستدلال على الحكم في المقام: بأن صوتها عورة يحرم إسماعه للاجنبي، بل في كشف اللثام: " قلت: لاتفاق كلمة الاصحاب على أن صوتها عورة يجب عليها إخفاؤه عن الاجانب ". وفيه: منع ذلك لعدم الدليل عليه، والسيرة القطعية والنصوص على خلافه. مع أنه إنما يفيد مع سماع الاجنبي لا مطلقا كما هو المدعى. اللهم إلا أن يكون المراد من كونه عورة أنه يجب إخفاؤه في الصلاة كجسدها. كما يقتضيه ظاهر الاستدلال به على عموم نفي الجهر على المرأة ولو لم يسمعها الاجانب لكنه كما ترى - مع أنه يقتضي حرمة الجهر لا مجرد عدم وجوبه، وهو خلاف ظاهر قولهم: " ليس على النساء جهر "، بل في الجواهر: " أنه خلاف مذهب المستدل به فانه يذهب إلى التخيير بينه وبين الاخفات " - أنه مخالف لما دل على جواز رفع صوتها بالقراءة إذا أمت النساء، كصحيح ابن جعفر (ع): " عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير قال (ع): قدر ما تسمع " (* 1) ونحوه صحيح ابن يقطين (* 2) فان الظاهر من " تسمع " كونه مبنيا للمفعول أو للفاعل على أن يكون من باب الافعال، يعني بقدر ما يسمعها الغير، كما يقتضيه - مضافا الى كونه واردا في مقام تقدير رفع صوتها - ما ورد من أنه ينبغي للامام أن يسمع من خلفه كل ما يقول. فان مساق الجميع واحد. ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما قيل: من أن المراد منه بقدر ما تسمع نفسها فلا يدل على جوار الجهر. وبالجملة: الاستدلال بأن صوتها عورة إن كان المراد منه: أنه يحرم إسماعه للاجنبي فلاوجه لعموم الدعوى، وإن كان المراد: وجوب إخفائه فلاوجه لجواز الجهر منها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 211 )

 

[ بل يتخيرن بينه وبين الاخفات (1) مع عدم سماع الاجنبي، وأما معه فالاحوط إخفاتهن (2)، وأما في الاخفاتية فيجب عليهن الاخفات (3) ] ثم إنه قال في الذكرى: " ولو جهرت وسمعها الاجنبي فالاقرب الفساد مع علمها، لتحقق النهي في العبادة " وتبعه عليه غير واحد، منهم كاشف اللثام. لكن حكى في الجواهر عن الحدائق وحاشية الوحيد: الاشكال عليه: بأنه لاوجه للفساد، لكون النهي عن أمر خارج، قال في الجواهر: " وفيه أن ليس الجهر إلا الحروف المقروءة، ضرورة كونها أصواتا مقطعة، عاليا كان الصوت أو خفيا، فليس هو أمرا زائدا على ما حصل به طبيعة الحرف مفارقا له كي يتوجه عليه البطلان كما هو واضح ". وقد يشكل: بأن الجهر زيادة في الصوت فتكون مرتبة من مراتب الوجود تختص بالنهي، ولا يسري إلى غيرها من صرف الوجود، لكن في كون الفرق بين الجهر والاخفات من قبيل الفرق بين الشديد والضعيف والاكثر والاقل تأمل ونظر، إذ الجهر - كما سيأتي - منتزع من ظهور جوهر الصوت، ويقابله الاخفات، وظهور جوهر الصوت يحصل غالبا من زيادته. (1) كما يقتضيه رفع الجهر وعدم الدليل على وجوب الاخفات. (2) قد عرفت وجهه وضعفه. (3) كما هو الاشهر، بل قيل إنه المشهور، ويقتضيه تعرضهم لنفي الجهر من دون تعرض لنفي الاخفات، فان ذلك ظاهر في ثبوته عليهن، وعن جماعة: التخيير بينه وبين الجهر، لعدم الدليل على وجوب الاخفات عليهن، لاختصاص الصحيح الدال على لزومه بالرجل، وفيه: أن مقتضى قاعدة الاشتراك التعدي إلى المرأة، كما في غيره من الموارد.

 

===============

 

( 212 )

 

[ كالرجال، ويعذرن فيما يعذرون فيه (1). (مسألة 26): مناط الجهر والاخفات ظهور جوهر الصوت وعدمه (2)، فيتحقق الاخفات بعدم ظهور جوهره وإن سمعه من بجانبه قريبا أو بعيدا. ] (1) كما استظهره في جامع المقاصد لقاعدة الاشتراك. (2) قد اختلفت عباراتهم في مقام الفرق بين الجهر والاخفات، ففي الشرائع: " إن أقل الجهر أن يسمع القريب الصحيح السمع إذا استمع، والاخفات أن يسمع نفسه إن كان يسمع "، ومقتضاها - لو قدر الاخفات معطوفا على الجهر - أن يكون أقل الاخفات أن يسمع نفسه، فيكون أكثر الاخفات أن لا يسمع نفسه، فحينئذ لا يكون تصادق بين الجهر والاخفات موردا. وأما كما ذكره غير واحد: من أن لازمه أن يكون الاكثر أن يسمع غيره فيكون بينهما تصادق، فغير ظاهر، لان أكثر الاخفات أشد مراتبه خفاء، وإسماع الغير ليس أشد خفاء من إسماع النفس. ومن ذلك يظهر اندفاع الاشكال على عبارة النافع: " وأدنى الاخفات أن يسمع نفسه ". بأنها كالنص في أن للاخفات فردا آخر يتحقق باسماع الغير، مع أنه يصدق عليه أيضا حد الجهر، فيلزم تصادق الجهر والاخفات مع أنهما من المتضادين، فان ذلك حمل للعبارة على خلاف ظاهرها. نعم اتفاقهم ظاهرا على عدم صحة القراءة إذا لم يسمع نفسه ولو تقديرا مانع أيضا من حمل الكلام على ما ذكرناه. وعليه فالاشكال على عبارة النافع متوجه على كل حال، أما عبارة الشرائع فيدفع الاشكال عنها جعل العطف فيها من قبيل عطف الجملة على الجملة، فيكون مفادها مفاد عبارة القواعد: " أقل الجهر إسماع القريب تحقيقا أو تقديرا، وحد الاخفات إسماع نفسه "، ونحوها عبارتا الذكرى والدروس على - ما حكي بناء على

 

===============

 

( 213 )

 

أن المراد منها التحديد في الاخفات من طرفي الاقل والاكثر - كما هو مقتضى إطلاقها - فيكون التحديد بالنسبة إلى الجهر بالاضافة إلى الاقل، وبالنسبة إلى الاخفات بالاضافة إلى كل من الاقل والاكثر، وعن الموجز: " إن أعلى الاخفات أدنى الجهر "، وإشكال التصادق وارد عليها كاشكال المساهلة في التعبير، إذ العبارة التي يؤدي بها التصادق بلا مساهلة هي: " إن أدنى الجهر أدنى الاخفات " لا أعلى الاخفات، لما عرفت من أن أعلى الاخفات أشد اخفاتا. وكيف كان فظاهر الجميع: أن المائز بين الجهر والاخفات إسماع الغير وعدمه، غاية الامر أن مقتضى بعض العبارات أنه يعتبر في الاخفات عدم إسماع البعيد، فيكون بينهما العموم من وجه، لاعدم الاسماع أصلا - كما يقتضيه البعض الآخر منها - ليكون بينهما التباين. والذي ذكره المحقق الثاني ومن تأخر عنه أن المائز بينهما إظهار الصوت على النحو المعهود وعدمه، فالجهر إظهار الصوت ويلزمه إسماع الغير، واخفاؤه وهمسه إخفات وإن سمعه القريب وقد يظهر من عبارته أن ذلك مراد الاصحاب قال (ره): " الجهر والاخفات حقيقتان متضادتان كما صرح به المصنف (ره) في النهاية، عرفيتان يمتنع تصادقهما في شئ من الافراد إلى أن قال: وربما وقع في عبارات الفقهاء التنبيه على مدلولهما من غير التزام لكون ذلك التنبيه ضابطا، فتوهم من زعم أن مرادهم من ذلك الضابط أن بينهما تصادقا في بعض الافراد، وبطلانه معلوم ". هذا ولاجل أنه لم يرد من قبل الشارع الاقدس تحديد لهما فمقتضى الاطلاق المقامي الرجوع فيهما إلى العرف كسائر المفاهيم المأخوذة موضوعا للاحكام في الكتاب والسنة، وما ذكره المحقق (ره) هو الموافق للعرف فيتعين الركون إليه. ودعوى الاجماع على خلافه ممنوعة، ولو سلمت فالاجماع

 

===============

 

( 214 )

 

[ (مسألة 27): المناط في صدق القراءة قرآنا كان أو ذكرا أو دعاءا ما مر في تكبيرة الاحرام من أن يكون بحيث يسمعه نفسه (1) تحقيقا أو تقديرا بأن كان أصم أو كان هناك ] الذي لا يأبه به هو وأتباعه من الاساطين لا يؤبه به، ولاسيما بعد احتمال أن يكون ذلك مرادهم من تلك العبارات كما ذكره، وان كان احتمال ذلك في بعض عباراتهم بعيدا، فانها آبية له جدا. قال في المنتهى: " أقل الجهر الواجب أن يسمع غيره القريب أو يكون بحيث يسمع لو كان سامعا، بلا خلاف بين العلماء، والاخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سامعا، وهو وفاق، لان الجهر هو الاعلان والاظهار وهو يتحقق بسماع الغير القريب فيكتفى به، والاخفات السر، وإنما حددناه بما قلنا لان ما دونه لا يسمى كلاما ولاقرآنا، وما زاد عليه يسمى جهرا "، فان استدلاله على ما ذكره: من أن الجهر الاعلان والاظهار وأن الاخفات السر، كالصريح في غير ما ذكره المحقق (ره)، فالعمدة في عدم الركون إلى الاجماع المذكور عدم ثبوته بنحو يوجب الاعتماد عليه. نعم في الجواهر استشكل فيما يستعمله كثير من المتفقهة من الاخفات بصورة المبحوح، بل لو أعطي التأمل حقه أمكن دعوى تسمية أهل العرف مثله جهرا، كما أنه يسلبون عنه اسم الاخفات، لااقل من أن يكون ذلك مشكوكا فيه أو واسطة لا يندرج في اسم كل منهما. انتهى، وقريب منه كلام غيره، لكن لا يبعد كونه من الاخفات عرفا، ومع الشك في ذلك فلاجل أن الشبهة مفهومية فمرجع الشك إلى الشك في التكليف كان المرجع فيه أصل البراءة، ووجوب الاحتياط في الشك في المحصل إنما يكون إذا كان المورد من قبيل الشبهة المصداقية لا المفهومية، كما فيما نحن فيه. (1) قد مر فيه بعض الكلام.

 

===============

 

( 215 )

 

[ مانع من سماعه، ولا يكفي سماع الغير (1) الذي هو أقرب إليه من سمعه. (مسألة 28): لا يجوز من الجهر ما كان مفرطا خارجا عن المعتاد (2) كالصياح فان فعل فالظاهر البطلان. ] (1) لاطلاق ما دل على اعتبار سماع النفس من النص (* 1) والفتوى ودعوى كون سماعه ملحوظا طريقا إلى العلم بوجوده، فإذا تحقق وجوده بسماع الغير كفى فيها - مع أنها خلاف ظاهر النص والفتوى -: أن لازمها عدم الحاجة إلى السماع لو علم وجوده، ولا يظن إمكان الالتزام به. (2) كما صرح به في الجواهر حاكيا له عن العلامة الطباطبائي (ره) وغيره، وعن الفاضل الجواد في آيات أحكامه: نسبته إلى الفقهاء الظاهر في الاجماع عليه. ويقتضيه قوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك) (* 2) بعد تفسيره برفع الصوت شديدا كما في موثق سماعة (* 3)، وفي صحيح ابن سنان " على الامام أن يسمع من خلفه وإن كثر؟ قال (ع): ليقرأ قراءة وسطا يقول الله تبارك وتعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " (* 4) فان المراد من الوسط - ولو بقرينة الموثق المتقدم - ما يقابل رفع الصوت شديدا، ولاجل أن الظاهر من النهي في المقام الارشاد إلى المانعية يتجه البطلان على تقدير المخالفة. نعم لو كان النهي مولويا فاقتضاؤه للبطلان يتوقف على سرايته للقراءة كما أشرنا إليه آنفا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1 و 4 و 6. (* 2) الاسرى: 110. (* 3) الوسائل باب: 33 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 33 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 216 )

 

[ (مسألة 29) من لا يكون حافظا للحمد والسورة يجوز أن يقرأ في المصحف (1)، بل يجوز ذلك للقادر الحافط أيضا على الاقوى (2)، ] (1) وإن تمكن من الائتمام، إجماعا كما عن الخلاف، وفي المنتهى: " إنه قول أكثر أهل العلم "، لاطلاق الادلة من دون مقيد، وللنص الآتي مع أنه مقتضى أصالة البراءة. (2) كما عن التذكرة ونهاية الاحكام وغيرهما، ونسب إلى ظاهر الشرائع وغيرها. ويقتضيه - مضافا إلى الاصل والاطلاق لصدق القراءة معه - مصحح أبان عن الحسن بن زياد الصيقل: " سأل الصادق (ع) ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه؟ قال (عليه السلام): لا بأس بذلك " (* 1)، نعم في خبر ابن جعفر (ع): " عن الرجل والمرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه ويقرأ ويصلي؟ قال (ع): لا يعتد بتلك الصلاة " (* 2)، لكن الجمع يقتضي الحمل على الكراهة. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن جماعة من الاعاظم منهم الشهيدان، والمحقق الثاني، والعلامة الطباطبائي (قدس سرهم): من المنع عنه اختيارا للانصراف عنه، ولانه المعهود، ولان القراءة في المصحف مكروهة إجماعا ولا شئ من المكروه بواجب، ولان الصلاة معها في معرض البطلان بذهاب المصحف أو عروض ما يمنعه أو نحوهما، ولخبر ابن جعفر المتقدم بعد حمل المصحح على النافلة، والجميع كما ترى!! إذ الاولان: ممنوعان، والكراهة في العبادة لا تنافي الوجوب، والرابع: ممنوع في بعض الاحوال، ولو اتفق لا يقدح في صحة العبادة، والجمع بين الخبرين بما ذكر لا شاهد له، وأما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 41 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 217 )

 

[ كما يجوز له اتباع من يلقنه آية فآية (1)، لكن الاحوط اعتبار عدم القدرة على الحفظ وعلى الائتمام. (مسألة 30): إذا كان في لسانه آفة لا يمكنه التلفظ يقرأ في نفسه، ولو توهما (2) والاحوط تحريك لسانه بما يتوهمه ] خبر عبد الله بن أبي أوفى: " إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله فقال: إني لا أستطيع أن احفظ شيئا من القرآن فماذا أصنع؟ فقال صلى الله عليه وآله له: قل سبحان الله والحمد لله " (* 1) حيث لم يأمره بالقراءة في المصحف فلا مجال للاستدلال به في المقام، لان مورده صورة الاضطرار التي تجوز فيها القراءة في المصحف إجماعا كما عرفت. (1) الكلام فيه قولا وقائلا ودليلا في الجملة كما سبق. (2) ويكتفي بذلك عن القراءة كما مال إليه في الجواهر، مستدلا عليه بما ورد فيمن منعه عن القراءة خوف، ونحوه كصحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل هل يصلح له أن يقرأ في صلاته ويحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال (ع): لا بأس أن لا يحرك لسانه يتوهم توهما " (* 2). ونحوه خبره الآخر المروي عن قرب الاسناد (* 3)، ومرسل محمد بن أبي حمزة: " يجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس " (* 4).

 

 

____________

(* 1) ذكر البيهقي هذا الحديث في سننه الكبرى ج: 2 صفحة: 381 بالفاظ مختلفة. ففي بعضها: " إني لا أحسن القرآن فعلمني شيئا يجزيني من القرآن ". وفي بعضها: " لا أحسن شيئا من القرآن.... " وفي ثالثة: " لا استطيع ان آخذ من القرآن شيئا فعلمني.... ". غير ان المفاد واحد. (* 2) الوسائل باب: 52 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 52 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 52 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 218 )

 

[ (مسألة 31) الاخرس يحرك لسانه (1). ] وفيه: أن الاخذ بظاهر الاولين غير ممكن، وحملهما على ما نحن فيه لاقرينة عليه، والثالث وارد في غير ما نحن فيه، والعمل به في المقام غير ظاهر، والمتعين الاخذ باطلاق خبر السكوني عن الصادق (ع): " تلبية الاخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته باصبعه " (* 1) إذ موضوع المسألة إما أحد أفراد الاخرس أو أنه أحد افراد المراد منه، فحمل الخبر على غيره غير ظاهر، وكأنه لذلك جعل المصنف (ره) الاحوط تحريك اللسان، وإن كان الاولى له الاحتياط بذكر الاشارة أيضا، وأولى منه ما ذكرنا من إجراء حكم الاخرس في المقام. (1) بلا خلاف أجده في الاول كما في الجواهر. نعم عن نهاية الشيخ: الاكتفاء بالايماء باليد مع الاعتقاد بالقلب، ولعله - كما في مفتاح الكرامة - أراد بالاعتقاد تحريك اللسان معه، وإن كان ذلك بعيدا، وعن جماعة منهم الفاضلان، والمحقق، والشهيد الثانيان: عدم ذكر الاشارة بالاصبع هنا، وكأنه لاجل أن إضافة الاشارة إلى الضمير تقتضي إرادة الاشارة المعهودة له، وهي في خصوص ما يعتاد الاشارة إليه بالاصبع لا مطلقا، وثبوت ذلك بالنسبة إلى الالفاظ المقروءة لا يخلو من إشكال أو منع، نعم تعارف الاشارة إلى معاني الالفاظ قطعي لكنها لا يعتبر قصدها كما عرفت، وفي كشف اللثام: " عسى أن يراد تحريك اللسان إن أمكن، والاشارة بالاصبع إن لم يمكن، ويعضده الاصل ". وهو كما ترى خلاف الظاهر. ومثله احتمال رجوع الاشارة بالاصبع في الخبر إلى التشهد خاصة. ثم إن المذكور في كتب المحقق والعلامة وغيرهما وجوب عقد القلب بها أيضا، وقرب في الجواهر أن يكون المراد عقد القلب بمعنى اللفظ،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 59 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 219 )

 

[ ويشير بيده (1) ] وحكاه أيضا عن الدروس، والذكرى، وحكى عن جامع المقاصد منع ذلك لعدم الدليل عليه في الاخرس ولافي غيره، ولو وجب ذلك لعمت البلوى اكثر الخلائق ثم قال: " والذي يظهر لي أن مراد القائلين بوجوب عقد قلب الاخرس بمعنى القراءة وجوب القصد بحركة اللسان إلى كونها حركة للقراءة، إذ الحركة صالحة لحركة القراءة وغيرها فلا يتخصص إلا بالنية... ". أقول: قد عرفت سابقا أن القراءة حكاية للالفاظ المقولة، فالمعنى المستعمل فيه لفظ القارئ نفس الالفاظ الخاصة، أما معانيها فأجنبية عنها، فكيف يمكن أن يدعى وجوب قصدها تفصيلا أو إجمالا؟! كيف؟! وتصدق القراءة في حال كون اللفظ المقروء مهملا لا معنى له أصلا، وعليه فلابد أن يكون المراد عقد القلب بنفس الالفاظ المحكية بالقراءة، وهو ظاهر الخبر أيضا تنزيلا لاقواله الصلاتية منزلة أقواله العادية في بدلية تحريك اللسان والاشارة عنها، على اختلاف المحكي من حيث كونه لفظا تارة كباب الحكاية والقراءة، وغيره أخرى كما في بقية موارد الافهام والاعلام، وعدم إمكان ذلك في بعض أفراد الاخرس مثل الاصم الذي لم يعقل الالفاظ ولاسمعها ولم يعرف أن في الوجود لفظا ممنوع إن أريد القصد الاجمالي، لان قصده إلى فعل ما يفعله الناطق على الوجه الذي يفعله قصد للفظ إجمالا، وهو في غاية السهولة، ولعل ذلك هو مراد جامع المقاصد. فتأمل جيدا. (1) المذكور في النص الاصبع (* 1)، إلا أن الظاهر منه الجنس الشامل للواحد والكثير، وهو المراد من اليد إذ الاشارة بها إنما تكون بأطرافها أعني الاصابع. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) تقدم في اول المسألة السابقة.

 

===============

 

( 220 )

 

[ إلى ألفاظ القراءة بقدرها (1). (مسألة 32) من لا يحسن القراءة يجب عليه التعلم وإن كان متمكنا من الائتمام (2) ] (1) إشارة إلى ما تقدم من عقد القلب بالالفاظ المحكية ولو إجمالا. (2) فلو تركه وائتم أثم وصحت صلاته، كما نسب إلى ظاهر الاصحاب. ووجهه غير ظاهر وإن قلنا بوجوب القراءة تعيبنا، وأن قراءة الامام مسقطة له، لان المسقط عدمه شرط للوجوب، فإذا كان وجوب القراءة مشروطا بعدم المسقط كان وجوب التعلم كذلك، سواء أكان غيريا أم إرشاديا، فضلا عما لو قيل بوجوب القراءة تخييرا بينها وبين الائتمام، ضرورة عدم الاثم بترك أحد فردي الواجب التخييري مع فعل الآخر. نعم يتم ذلك لو كان وجوب التعلم نفسيا، إلا أنه لادليل عليه. وما في المعتبر، والمنتهى: من الاجماع على وجوبه لا يمكن الاعتماد عليه في إثباته، لقرب إرادة وجوبه غيريا أو إرشاديا مع غض اللنظر عن إمكان الائتمام أو متابعة الغير أو نحو ذلك مما لا يكون غالبا. قال في المعتبر: " أما وجوب التعلم فعليه اتفاق علماء الاسلام ممن أوجب القراءة ولان وجوب القراءة يستدعي وجوب التعلم تحصيلا للواجب ". وهذا - كما ترى - ظاهر في الوجوب الغيري، وأما المنتهى فلم أجد فيما يحضرني من نسخته نقل الاجماع على الوجوب، وعلى تقديره فالظاهر منه ما ذكره في المعتبر ونحوه ذكر الشهيد في الذكرى، وكأنه لاجل ما ذكرنا قال العلامة الطباطبائي (ره) في محكي مصابيحه: " إن ثبت الاجماع كما في المعتبر والمنتهى (يعني على وجوب التعلم) وإلا اتجه القول بنفي الوجوب ". نعم لو احتمل عدم التمكن من الائتمام أمكن القول بالوجوب. ثم إن المراد بالتعلم إن كان تمرين اللسان على النطق الصحيح فوجوبه

 

===============

 

( 221 )

 

[ وكذا يجب تعلم سائر أجزاء الصلاة (1)، فان ضاق الوقت مع كونه قادرا على التعلم فالاحوط الائتمام (2) إن تمكن منه. ] حيث يكون غيري، وإن كان معرفة النطق الصحيح وتمييزه من الغلط فوجوبه إرشادي إلى ما يترتب على تركه من خطر المعصية. هذا إذا لم يمكن الاحتياط وإلا وجب أحد الامرين منه ومن الاحتياط بناء على عدم اعتبار الجزم بالنية في العبادة. (1) يظهر الكلام فيه مما سبق. (2) لعدم الدليل على صحة الصلاة الاضطرارية، إذ الاخبار الآتية من خبر مسعدة ونحوه موردها غير ما نحن فيه، وقاعدة الميسور مما لم ينعقد الاجماع على العمل بها مع التقصير في التعلم، لما عن الموجز وشرحه: من إيجاب القضاء فيه، وقولهم (ع): " الصلاة لا تسقط بحال " (* 1) قد عرفت الاشكال في سنده، ولو سلم فلا يدل على صحة الصلاة الاضطرارية مع التمكن من الائتمام كما لعله ظاهر. اللهم إلا أن يقال: مع التمكن من الائتمام يعلم بوجوب الصلاة عليه وصحتها منه، ويشك في وجوب الائتمام، والاصل البراءة. نعم لو كان الائتمام أحد فردي الواجب التخييري تعين مع تعذر، القراءة لكن الظاهر من الادلة أنه مسقط، ولا دليل على وجوب فعل المسقط، ولاسيما مع العلم بالسقوط للتعذر. نعم لو لم يتمكن من الائتمام لا يعلم بوجوب الصلاة أداء عليه، وإنما يعلم إجمالا بوجوب الاداء أو القضاء، فيجب الجمع بينهما من باب الاحتياط. فافهم. ومما ذكرنا يظهر الاشكال على المصنف (ره)، حيث جزم بوجوب الائتمام في مبحث الجماعة، وتوقف فيه هنا، إذ مقتضى ما ذكرنا الجزم بعدم

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة: 9 من مسائل تكبيرة الاحرام.

 

===============

 

( 222 )

 

[ (مسألة 33): من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف ولا يستطيع أن يتعلم أجزأه ذلك (1) ولا يجب عليه الائتمام وإن كان أحوط (2)، وكذا الاخرس لا يجب عليه الائتمام (3). ] وجوب الائتمام، مع أن التشكيك في عموم نصوص البدلية للمقام غير ظاهر، لعموم مثل صحيح ابن سنان الآتي، وخصوصية المورد - وهو من دخل في الاسلام - ملغاة بقرينة صدر الحديث، فانه ظاهر في وروده مورد القاعدة وعلى هذا فلاينبغي التأمل في الاجتزاء بالبدل، وعدم لزوم الائتمام. (1) كما عن غير واحد التصريح به. بل قيل: " لا خلاف فيه على الظاهر ولا إشكال "، ويقتضيه خبر مسعدة: " سمعت جعفر بن محمد (ع) يقول: إنك قد ترى من المحرم من العجم لايراد منه ما يراد من العالم الفصيح، وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد، وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم. والمحرم لايراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح " (* 1)، وخبر السكوني عن الصادق (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله: " إن الرجل الاعجمي في أمتي ليقرأ القرآن بعجمته فترفعه الملائكة على عربيته " (* 2)، والنبوي: " سين بلال شين عند الله تعالى " (* 3)، ومن إطلاقها يظهر الاجتزاء بها ولو مع إمكان الائتمام، ولا يتوقف على القول بكون قراءة الامام مسقطة. بل لو قيل بأن الصلاة جماعة أحد فردي الواجب التخييري أجزأت. (2) قد عرفت من بعض أن الظاهر عدم الخلاف في عدم وجوبه، (3) لاطلاق دليل الاجتزاء بحركة لسانه واشارته باصبعه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 59 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب قراءة القرآن حديث: 4. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 23 من ابواب قراءة القرآن حديث: 3.

 

===============

 

( 223 )

 

[ (مسألة 34): القادر على التعلم إذا ضاق وقته قرأ من الفاتحة ما تعلم (1) وقرأ من سائر القرآن عوض البقية (2) ] (1) بلا خلاف ولا إشكال. بل عن المعتبر، والذكرى، والروض، وإرشاد الجعفرية، والمدارك، والمفاتيح: الاجماع عليه. وعن المنتهى: نفي الخلاف فيه لقاعدة الميسور، (2) كما اختاره جماعة منهم الشهيد في الذكرى، والدروس، وابن سعيد في الجامع، وجعله في جامع المقاصد أقرب القولين. بل نسب إلى الاشهر بل المشهور. وقيل: " يجوز الاقتصار على تعلمه " كما في المعتبر، والمنتهى، وعن التحرير، ومجمع البرهان، والمدارك، لاصالة البراءة من وجوب العوض بعد عدم الدليل عليه، إذ هو إن كان عموم: (فاقرأوا ما تيسر منه) (* 1) - كما استدل به في جامع المقاصد - فغير ظاهر في الصلاة، وحمله عليها بقرينة ظهور الامر في الوجوب ليس بأولى من حمل الامر على الاستحباب، بقرينة عدم وجوب الميسور في الصلاة ولا في غيرها. وإن كان عموم: " لاصلاة إلا بفاتحة الكتاب " (* 2) الدال على بطلان الصلاة بفقد الفاتحة المقتصر في الخروج عنه على صورة الاتيان بالبدل، ففيه: أنه - بعد قيام الاجماع على وجوب الصلاة في المقام - لابد أن يحمل العموم المذكور على كون الواجب الاولي هو المشتمل على الفاتحة، والخالي عنها ليس بواجب أولي، ولا واجد لمصلحته، سواء اكان مشتملا على البدل أم خاليا عنه، فيسقط بمجرد تعذر الفاتحة ولو بعضها، والكلام هنا في وجوب واجب آخر لمصلحة أخرى، ولاجل أنه قام الاجماع على الوجوب فإذا تردد موضوعه

 

 

____________

(* 1) المزمل: 20. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5 و 7

 

===============

 

( 224 )

 

[ والاحوط مع ذلك تكرار ما يعلمه بقدر البقية، وإذا لم يعلم منها شيئا قرأ من سائر القرآن (1) ] بين الاقل والاكثر كان المرجع أصل البراءة، ولا مجال للتمسك بالعام المذكور لاثبات وجوب المشتمل على البدل. وإن كان خبر الفضل بن شاذان المتقدم في إثبات وجوب السورة الظاهر في كون قراءة القرآن في نفسها ذات مصلحة وقراءة خصوص الفاتحة ذات مصلحة أخرى فغاية مدلوله كون صرف طبيعة القراءة ذات مصلحة، وهو حاصل بقراءة البعض. ثم إنه لو بني على وجوب التعويض، فهل يجب التعويض بغير ما تعلم من سائر القرآن - كما ذكره المصنف (ره)، وعن الروض: نسبته إلى المشهور، ويقتضيه الاعتماد في وجوب التعويض على عموم: (فاقرأوا ما تيسر)، وعلى خبر الفضل - أو يجب التعويض بما تعلم بتكريره - كماعن بعض لانه أقرب إلى الفائت -؟؟ وجهان: أقربهما الاول. ومن ذلك تعرف الوجه في الاحتياط المذكور في المتن. (1) كما هو المشهور، ويشهد له: - مضافا إلى خبر الفضل المتقدم في مبحث وجوب السورة (* 1) - صحيح عبد الله بن سنان: " قال أبو عبد الله (ع): إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود، ألا ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلي؟ " (* 2)، والنبوي: " إذا قمت إلى الصلاة فان كان معك قرآن فاقرأ به، وإلا فاحمد الله تعالى وهلله وكبره " (* 3) فان ظاهر الجميع اعتبار

 

 

____________

(* 1) راجع اول فصل القراءة. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 3) سنن البيهقي ج: 2 صفحة: 380. وكنز العمال ج: 4 صفحة: 93 حديث: 1946 بتغيير يسير.

 

===============

 

( 225 )

 

[ بعدد آيات الفاتحة بمقدار حروفها (1) ] القراءة في الجملة، وأن الانتقال إلى الذكر إنما هو بعد تعذرها. ومنه يظهر ضعف ما يظهر من الشرائع: من التخيير عند تعذر قراءة الفاتحة بين القراءة من غيرها والذكر. (1) كما عن نهاية الاحكام، وفي جامع المقاصد، وعن الجعفرية وشرحيها: " إن أمكن بغير عسر، فان عسر اكتفى بالمساواة في الحروف وان لم يكن بعدد الآيات "، وعن المشهور: اعتبار المساواة في الحروف فقط مطلقا، وفي المعتبر: " قرأ من غيرها ما تيسر "، ونحوه في المنتهى، وهو ظاهر محكي الخلاف، والنهاية، والنافع وغيرها. وكأن المراد بما تيسر مطلق القراءة، فانه مقتضى أصالة البراءة بعد عدم دليل على اعتبار التقدير ولا على لزوم تمام الميسور، إذ غاية ما يستفاد من صحيح ابن سنان، وخبر الفضل، والنبوي أن في نفس القراءة مصلحة ملزمة، ومقتضاه وجوب ما يسمى قراءة عرفا، فيرجع في وجوب مقدار بعينه إلى الاصل النافي. بل ظاهر ما في خبر الفضل: من أن العلة في وجوب قراءة الفاتحة أنه جمع فيها من جوامع الخير والكلم ما لم يجمع في غيرها - عدم لزوم التقدير المذكور لفوات العلة المذكورة. نعم لو كان المستند في وجوب قراءة غيرها قاعدة الميسور كان اعتبار التقدير في محله، لكنه لا يخلو من إشكال صغرى وكبرى. ثم إنه لو بني على اعتبار القاعدة فمقتضاه التقدير بلحاظ عدد الحروف، لا الآيات، ولا الكلمات، ولا سائر الخصوصيات مثل: الحركة، و السكون والمعاني، والنسب التامة، والناقصة، وغير ذلك فان ذلك كله خارج عن منصرف الميسور عرفا، فلا يفهم وجوبه من القاعدة. ومجرد الاشتراك والمشابهة غير كاف في تطبيقها، وإلا كان اللازم المساواة في جميع ما ذكر، ولم يعرف احتماله من أحد.

 

===============

 

( 226 )

 

[ وإن لم يعلم شيئا من القرآن سبح وكبر وذكر (1) بقدرها (2) ] (1) المحكي عن جماعة: أنه يكبر الله ويسبحه ويهلله، وعن الحدائق: نسبته إلى المشهور، وعن نهاية الاحكام: زيادة التحميد، وعن الخلاف: الاقتصار عليه، وعن اللمعة: الاقتصار على الذكر، وعن الكاتب والجعفي: تعين التسبيح الواجب في الاخيرتين، وعن جماعة من متأخري المتأخرين: متابعتهما، والمذكور في صحيح ابن سنان المتقدم: " أنه يكبر ويسبح ويصلي " (* 1) وعن الاردبيلي: احتمال أن يكون المراد من التكبير فيه تكبيرة الاحرام، فيكون التسبيح وحده كافيا، وفي النبوي المتقدم: " التحميد والتهليل والتكبير " (* 2)، وفي النبوي المروي في المنتهى (* 3) والتذكرة: " قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم " ورواه في الذكرى (* 4) إلى قوله: " إلا بالله ". لكن الاعتماد على غير الصحيح لا يخلو من إشكال، لضعف السند، وعدم ثبوت الانجبار بالعمل، على أن النبوي الاخير غير ظاهر في الصلاة على رواية الذكرى والمنتهى. فالقول بالاكتفاء بالتكبير والتسبيح وحده قوي جدا. (2) كما هو المشهور بين المتأخرين كما عن الحدائق، وفي المعتبر: استحباب المساواة، وتبعه عليه جماعة، وهو ظاهر محكي المبسوط لعدم الدليل عليها والاصل والاطلاق ينفيانها. اللهم إلا أن يدعى انصراف الاطلاق إلى المقدار المساوي فيكون حاكما على أصل البراءة، لكنه غير ظاهر.

 

 

____________

(* 1) راجع صفحة: 224. (* 2) راجع صفحة: 224. (* 3) ج: 1 صفحة: 274. (* 4) في المسألة: 6 من واجبات القراءة. وذكره البيهقي في سننه الكبرى ج: 2 صفحة: 381.

 

===============

 

( 227 )

 

[ والاحوط الاتيان بالتسبيحات الاربع بقدرها ويجب تعلم السورة إيضا (1)، ولكن الظاهر عدم وجوب البدل لها (2) في ضيق الوقت وإن كان أحوط. (مسألة 35): لا يجوز أخذ الاجرة على تعليم الحمد والسورة (3)، ] (1) الكلام فيه هو الكلام في تعلم الفاتحة. (2) لقصور دليل البدلية عن شمول السورة، أما الاجماع فظاهر، بل عن غير واحد دعوى الاجماع على عدم وجوبه مع الجهل بها، وأما النصوص فموردها جاهل القراءة كلية، فلا تشمل صورة معرفة الفاتحة والجهل بالسورة. نعم مع الجهل بالفاتحة أيضا ظاهر النصوص بدلية التسبيح عنها وعن الفاتحة، ولا حاجة إلى تكريره بدلا عن كل منهما وإن كان هو الاحوط. (3) المشهور شهرة عظيمة عدم جواز أخذ الاجرة على العمل الواجب، وفي جامع المقاصد في كتاب الاجارة: نسبة المنع عنه إلى صريح الاصحاب من غير فرق بين الواجب العيني، والكفائي، والعبادي، والتوصلي، وفي الرياض: نفى الخلاف فيه، وأن عليه الاجماع في كلام جماعة، واستدل له تارة: بالاجماع المتقدم، وأخرى: بأنه أكل للمال بالباطل لعدم وصول فائدة عوض الاجرة للمستأجر، وثالثة: بمنافاة ذلك للاخلاص، ورابعة: بأن الوجوب يوجب كون العمل الواجب مستحقا لله تعالى فلا سلطنة للمكلف على تمليكه لغيره، وخامسة: بأن الوجوب يوجب إلغاء مالية الواجب وإسقاط احترامه، ولذا يجوز أن يقهر عليه مع امتناعه عن فعله وعدم طيب نفسه به. وهذه الوجوه لا تخلو من إشكال أو منع، فان نقل الاجماع معارض بحكاية الخلاف من جماعة، ونقل الاقوال الكثيرة في المسألة، والاستدلال

 

===============

 

( 228 )

 

لها بالوجوه المختلفة. وأما أنه أكل للمال بالباطل فممنوع إذا كان العمل موضوعا لغرض صحيح للباذل الذي دعاه إلى البذل. وأما المنافاة للاخلاص فلا تطرد في التوصليات، وتقتضي المنع أيضا في المستحبات مع بنائهم على الجواز فيها، مضافا إلى أنها ممنوعة عند جماعة كثيرة إذا كانت الاجرة ملحوظة بنحو داعي الداعي. وكون الوجوب مقتضيا لكون الفعل مستحقا لله سبحانه أول الكلام، بل ممنوع، إذ لا يساعده عقل ولاعرف، ومثله إلغاء الوجوب لمالية الواجب بحيث يكون أخذ المال بأزائه أخذا للمال بالباطل، ومجرد جواز القهر عليه من باب الامر بالمعروف عند اجتماع شرائطه لا يقتضي ذلك، كما أن عدم ضمان القاهر أعم منه. وقد يتوهم أن الوجوب يوجب نفي سلطنة المكلف على الواجب فتكون الاجارة صادرة من غير السلطان فتبطل. وفيه: أن الوجوب إنما ينفي السلطنة التكليفية، ولا ينفي السلطنة الوضعية، وهي المعتبرة في صحة الاجارة لا التكليفية. وفي مفتاح الكرامة: استدل على عدم صحة الاجارة على الواجب المطلق: بعدم إمكان ترتب أحكام الاجارة عليه، لعدم إمكان الابراء، والاقالة، والتأجيل وعدم قدرة الاجير على التسليم، ولا تسلط على الاجير في إيجاد ولا عدم. انتهى، وانتفاء الاولين غير ظاهر، مع أنه أعم، كما في الاجارة من الولي حيث لا مصلحة في الابراء والاقالة، وكذا انتفاء الثالث، بل هكذا انتفاء الرابع إلا إذا كان بمعنى عدم جواز الفعل، وعدم تسلط الاجير في الايجاد مصادرة، لانه إذا صحت الاجارة تسلط المستأجر على الاجير فيه، وعدم التسلط على الاجير في العدم ثابت لكنه لا يدل على البطلان، فان الاجارة على الفعل المباح لا تقتضي التسلط على الاجير في العدم مع أنها صحيحة. ولاجل ما ذكرنا استشكل جماعة في الحكم المذكور، الا إذا علم من

 

===============

 

( 229 )

 

[ بل وكذا على تعليم سائر الاجزاء الواجبة من الصلاة، والظاهر جواز أخذها على تعليم المستحبات (1). ] الدليل وجوب فعله مجانا كما ادعاه المصنف (رحمه الله) في حاشية المكاسب بالنسبة إلى تعليم الجاهل، أو فهم منه كونه حقا من حقوق غيره على نحو يستحقه على العامل مجانا كما قد يدعى بالنسبة إلى تجهيز الميت وتعليم الجاهل. لكن قال شيخنا الاعظم (رحمه الله) في مكاسبه: " تعيين هذا يحتاج إلى لطف قريحة "، وكذا تعيين الاول. نعم الظاهر انعقاد الاجماع على وجوب تعليم الاحكام مجانا فيما كان محل الابتلاء، وهذا هو العمدة فيه. ثم إن المفهوم من كلام المتقدمين حيث قيدوا المنع بالواجب جواز أخذ الاجرة على فعل المستحب، وعن مجمع البرهان، والكفاية: أنه المشهور لعموم مادل على صحة الاجارة ونفوذها من دون مانع، وإن كان بعض أدلة المنع في الواجبات جار في المستحبات أيضا. والتحقيق: أن العبادات واجبات كانت أم مستحبات، إذا كانت يفعلها الانسان لنفسه لا يجوز له أخذ الاجرة عليها، لمنافاة ذلك للاخلاص المعتبر فيها، ويكفي في إثبات هذه المنافاة ارتكاز المتشرعة، بل بناء العقلاء عليها، وأما غير العبادات فلا بأس به إذا كان للمستأجر غرض مصحح لبذل الاجرة، وأما العبادات التي يفعلها عن غيره فلا بأس بأخذ الاجرة عليها إذا كانت مما تقبل النيابة، وكذا غير العبادات، لعدم المانع كما يأتي إن شاء الله في مبحث قضاء الصلوات، ولافرق بين الواجبات والمستحبات. (1) لم يتضح الفرق بين تعليم المستحبات والواجبات، فان أدلة لزوم التعليم شاملة للمقامين، فان كان المانع من أخذ الاجرة الوجوب فهو مشترك وإن كان ظهور الدليل في المجانية فهو كذلك. فتأمل جيدا.

 

===============

 

( 230 )

 

[ (مسألة 36): يجب الترتيب بين آيات الحمد والسورة (1)، وبين كلماتها وحروفها، وكذا الموالاة (2)، ] (1) بلا خلاف ظاهر فيه، وقد صرح به جماعة كثيرة من دون تعرض لخلاف أو إشكال، لدخوله في مفهوم الحمد والسورة الموجب لفواتهما بفواته. (2) كما عن الشيخ، والفاضلين، والشهيدين، والمحقق الثاني، وغيرهم: التصريح به، بل في الجواهر: " لا أجد فيه خلافا بين أساطين المتأخرين ". واستدل له بالتأسي، وتوفيقية العبادة، وانصراف إطلاق القراءة إلى خصوص صورة الموالاة. والجميع لا يخلو من إشكال أشرنا إليه سابقا. نعم لو كان السكوت الطويل أو ذكر اللفظ الاجنبي مما يخل بالهيئة الكلامية المعتبرة في صحة كونه كلاما كان اعتبار عدمها في محله، لظهور الادلة في وجوب قراءة القرآن على النهج الصحيح العربي، والمفروض كون الموالاة بين أجزاء الجملة دخيلة فيه كحركات الاعراب والبناء والسكنات وغيرها مما يجب في الكلام الصحيح العربي، فكما أن المتكلم لو أراد إخبار صاحبه بأن زيدا قائم، فقال: زيد ثم سكت سكوتا طويلا ثم قال: قائم، كان ذلك غلطا ولم يكن الكلام عربيا، كذلك لو أراد قراءة زيد قائم وكذلك الكلام في الفصل بالاجنبي الذي لا يجوز الفصل به. لكن هذا المقدار لا يسوغ إطلاق اعتبار الموالاة في القراءة - كما في المتن وغيره - الظاهر في لزومها بين الجمل نفسها وفيما بين أجزائها، فان ذلك مما لم يقم عليه دليل ظاهر، بل اللازم منها خصوص ما يعتبر في صحة الكلام العربي لو كان خبرا أو انشاء من عدم السكوت الطويل، أو الفصل بالاجنبي بين المبتدأ والخبر، والفعل ومتعلقاته، والموصوف وصفته، والشرط وجزائه، والمضاف والمضاف إليه، ونحوها مما يخرج الكلام عن كونه عربيا صحيحا، ويكون معدودا في علم العربية غلطا، دون ما عداه، لعدم الدليل

 

===============

 

( 231 )

 

[ فلو أخل بشئ من ذلك عمدا بطلت صلاته (1). ] على اعتباره، وينبغي تنزيل ما ذكره الاصحاب وأرسلوه إرسال المسلمات من إطلاق اعتبار الموالاة على خصوص ما ذكر. وأما ما ورد من الامر بالدعاء وسؤال الرحمة، والاستعاذة من النقمة عند آيتيهما (* 1)، ورد السلام (* 2)، والحمد عند العطسة، وتسميت العاطس (* 3) وغير ذلك فلا ينافيه، لعدم تعرضه لهذه الجهة، ولا إطلاق له يشمل صورة فوات الموالاة، كما لعله ظاهر. (1) كما عن نهاية الاحكام، والذكرى، والبيان، والالفية، وجامع المقاصد، والروض، وغيرها للزيادة العمدية، ومنه يظهر ضعف ما عن المبسوط، والتذكرة، والدروس، والمدارك، وغيرها من وجوب استئناف القراءة لا الصلاة. وكأن وجهه: ظهور الزيادة العمدية في خصوص ما وجد في الخارج زائدا، والقراءة قبل فعل ما يوجب فوات الموالاة ليست كذلك وإنما صارت زائدة بفعله، فالمقام نظير مالو قرأ بعض السورة ثم عدل إلى سورة أخرى حتى أتمها. نعم لو كان ما يوجب فوات الموالاة مبطلا في نفسه - كما لو تكلم بكلام الآدميين - كان البناء على بطلان الصلاة في محله، ولذا قال في مجمع البرهان: " إنه - يعني بطلان الصلاة في العمد - غير واضح. نعم لو ثبت بطلان الصلاة بالتكلم بمثل ما قرأ في خلالها، بدليل أنه كلام أجنبي وإن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 و 20 من ابواب القراءة في الصلاة. والمستدرك باب: 14 و 16 من ابواب القراءة في الصلاة. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب قواطع الصلاة. والمستدرك باب 15 من ابواب قواطع الصلاة. (* 3) الوسائل باب: 18 من أبواب قواطع الصلاة. والمستدرك باب 52 من ابواب احكام العشرة.

 

===============

 

( 232 )

 

[ (مسألة 37): لو أخل بشئ من الكلمات أو الحروف أو بدل حرفا بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت (1)، وكذا لو أخل بحركة بناء، أو إعراب (2)، أو مد واجب، أو تشديد، أو سكون لازم، وكذا لو أخرج حرفا من غير مخرجه بحيث يخرج عن صدق ذلك الحرف في عرف العرب. ] كان قرآنا، أو ذكرا غير مجوز لتحريمه، فيلحق بكلام الآدميين، فتبطل بتعمده الصلاة لو صح مذهب الجماعة، ولكن فيه تأمل إذ قد يمنع ذلك ". وفيه: أن العموم الدال على بطلان الصلاة بالزيادة العمدية إنما هو عموم: " من زاد في صلاته فعليه الاعادة " (* 1)، والخارج منه بحديث: " لا تعاد الصلاة " (* 2)، أو نحوه لا يشمل ما نحن فيه فعموم البطلان فيه محكم، كما أن مقتضاه البطلان في العدول من سورة إلى أخرى لولا النصوص المرخصة فيه، ومما ذكرنا يظهر أنه لو فاتت الموالاة سهوا استأنف القراءة لاغير - كما عن المشهور - لفواتها بفوات شرطها، ولا موجب لاستئناف الصلاة. نعم بناء على ما تقدم من معنى الموالاة الواجبة إنما يستأنف خصوص الجملة التي فاتت بفوات موالاتها، كما عن الشيخ وجماعة. (1) يعني: القراءة بلا خلاف، ويقتضيه اعتبار ذلك فيها الموجب لفواتها بفواته، وكذا الحال فيما لو أخل بحركة أو سكون أو نحوهما مما سيذكره. (2) إجماعا كما عن المعتبر، وبلا خلاف كما عن المنتهى، ولا نعرف فيه خلافا كما عن فوائد الشرائع، إذ لافرق بين المادة والصورة في الاعتبار وخروج اللفظ بفقدان أيتهما كانت عن القرآن. كذا في كشف اللثام، وعن السيد (رحمه الله): جواز تغيير الاعراب الذي لا يتغير به المعنى وأنه مكروه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 233 )

 

[ (مسألة 38): يجب حذف همزة الوصل في الدرج (1) مثل همزة (الله) و (الرحمن) و (الرحيم) و (اهدنا) ونحو ذلك، فلو أثبتها بطلت (2)، وكذا يجب إثبات همزة القطع كهمزة (أنعمت) فلو حذفها حين الوصل بطلت. (مسألة 39): الاحوط ترك الوقف بالحركة (3) ] وفي كشف اللثام: " ضعفه ظاهر ". لماعرفت. (1) كما نص عليه أهل العربية كابن الحاجب وابن مالك، وشراح كلامهما، من دون تعرض لخلاف فيه. قال الاول: " واثباتها وصلا لحن وشذ في الضرورة "، وقال الثاني: " للوصل همز سابق لا يثبت * إلا إذا ابتدي به كاستثبتوا " واستشهد الشيخ الرضي (ره) لثبوتها في ضرورة الشعر بقوله: " إذا جاوز الاثنين سر فانه * يبث وتكثير الوشاة قمين " (2) يعني: القراءة، فلابد من استئنافها ولو باستئناف الصلاة من رأس إذا كان ذلك عمدا، وكذا الحال فيما بعده. (3) قال ابن الحاجب: " الوقف قطع الكلمة عما بعدها، وفيه وجوه مختلفة في الحسن والمحل فالاسكان المجرد في المتحرك، والروم في المتحرك وهو أن تأتي بالحركة خفيفة وهو في المفتوح قليل، والاشمام في المضموم وهو أن تضم الشفتين بعد الاسكان... "، ولعل ظاهر قوله: " مختلفة في الحسن والمحل " عدم وجوب هذه الاحكام. كما أن ما في شرح الرضي من قوله (رحمه الله): " إن ترك مراعاة هذه الاحكام خطأ " يحتمل أن يكون المراد به مخالفة المشهور المعروف لا اللحن. نعم عن المجلسي (رحمه الله) إتفاق القراء وأهل العربية على عدم جواز الوقف بالحركة. انتهى. لكن عدم الجواز عند القراء لا يقتضي الخروج عن قانون اللغة. نعم

 

===============

 

( 234 )

 

[ والوصل بالسكون (1).. (مسألة 40): يجب أن يعلم حركة آخر الكلمة (2) إذا أراد أن يقرأها بالوصل بما بعدها، مثلا إذا أراد أن لا يقف على (العالمين) ويصلها بقوله: (الرحمن الرحيم) يجب أن يعلم أن النون مفتوح، وهكذا. ونعم إذا كان يقف على كل آية لا يجب عليه أن يعلم حركة آخر الكلمة. ] عدم الجواز عند أهل العربية يراد به ذلك، إلا أن استفادته من كلامهم لا تخلو من إشكال، والاصل في المقام - لكون الشبهة مفهومية - يقتضي البراءة من مانعية التسكين. فتأمل جيدا. نعم الذي صرح به في المستند عدم الدليل على وجوب قراءة القرآن على النهج العربي، ولكنه في موضع من الغرابة فان الهيئة مقومة للقرآن كالمادة، مع أنه يلزم منه عدم لزوم المحافظة على حركات البنية أيضا. فلاحظ. (1) مقتضى إطلاق كلام أهل العربية في الحركات الاعرابية والبنائية واقتصار هم في الاستثناء على خصوص حال الوقف: هو وجوب التحريك في الوصل، وحمل كلامهم على عدم جواز إبدالها بحركات أخرى بعيد جدا. لكن في مبحث الاذان والاقامة يظهر من غير واحد بل هو صريح الشهيد الثاني (رحمه الله) في الروضة والروض وكاشف الغطاء جواز الوصل بالسكون وأنه ليس لحنا ولا مخالفة لقانون اللغة، وقد يستشهد له بقول الصياد حين يرى الغزال: غزال غزال، يكرر ذلك على عجلة مع تسكين اللام، وعد ذلك غلطا بعيد، وعليه يكون جواز الوصل بالسكون في محله، كما أنه كذلك لو تم ما تقدم عن المستند. (2) الكلام فيه هو الكلام في وجوب التعلم كلية.

 

===============

 

( 235 )

 

[ (مسألة 41): لا يجب أن يعرف مخارج الحروف على طبق ما ذكره علماء التجويد (1)، بل يكفي إخراجها منها، وإن لم يلتفت إليها، بل لا يلزم إخراج الحرف من تلك المخارج، بل المدار صدق التلفظ بذلك الحرف وإن خرج من غير المخرج الذي عينوه (2)، مثلا إذا نطق بالضاد ] (1) بل ذكره غيرهم. قال ابن الحاجب في الشافية: " ومخارج الحروف ستة عشر تقريبا، وإلا فلكل مخرج، فللهمزة والهاء والالف أقصى الحلق، وللعين والحاء وسطه، وللغين والخاء أدناه، وللقاف أقصى اللسان وما فوقه من الحنك، وللكاف منهما ما يليهما، وللجيم والشين والياء وسط اللسان وما فوقه من الحنك، وللضاد أول إحدى حافتيه وما يليها من الاضراس، وللام ما دون طرف اللسان إلى منتهاه وما فوق ذلك، وللراء منهما ما يليها وللنون منهما ما يليهما وللطاء والدال والتاء طرف اللسان وأصول الثنايا، وللصاد والزاي والسين طرف اللسان والثنايا، وللظاء والذال والثاء طرف اللسان وطرف الثنايا، وللفاء باطن الشفة السفلى وطرف الثنايا العليا، وللباء والميم والواو مابين الشفتين ". ثم إن عد المخارج ستة عشر - كما هو المحكي عن سيبويه - مبني على كون مخرج الهمزة والالف واحدا، ومن فرق بينهما جعلها سبعة عشر كما عن الخليل وأتباعه من المحققين، وعن الفراء وأتباعه أنها أربعة عشر بجعل مخرج النون واللام والراء واحدا. قال الشيخ الرضي (رحمه الله): " وأحسن الاقوال ما ذكره سيبويه، وعليه العلماء بعده ". (2) الذي يظهر من كل من تعرض لذلك: امتنا خروج الحرف من غير المخرج الذي ذكر له، فيكون ما في المتن من قبيل الفرض الذي لا واقع له، وإن كان لا يمتنع من قبوله علماء التجويد ولاغيرهم. لكن الانصاف

 

===============

 

( 236 )

 

[ أو الظاء على القاعدة، لكن لا بما ذكروه من وجوب جعل طرف اللسان من الجانب الايمن (1)، أو الايسر على الاضراس العليا (2) صح، فالمناط الصدق في عرف العرب، وهكذا في سائر الحروف، فما ذكره علماء التجويد مبني على الغالب. (مسألة 42): المد الواجب هو فيما إذا كان بعد أحد حروف المد (3)، وهي: الواو المضموم ما قبلها، والياء ] يقتضي البناء على إمكان إخراج جملة من الحروف من غير مخارجها، فان طرف اللسان وما دونه إذا لصق بأي موضع من اللثة أو الحنك الاعلى أمكن النطق بالنون واللام، وكذا الكلام في غيرهما. فاختبر. (1) فان الاختبار يساعد على أن وصل الحافة بما فوق الاضراس كاف في إخراج الضاد، وكذا لو لصق بالحنك الاعلى. فاختبر. (2) الاسنان على ما ذكروا أربعة أقسام، منها أربعة تسمى ثنايا: ثنيتان من فوق، وثنيتان من تحت من مقدمها، ثم أربعة تليها من كل جانب واحد تسمى رباعيات، ثم أربعة تليها كذلك تسمى أنيابا، ثم الباقي تسمى أضراسا منها أربعة تسمى ضواحك، ثم اثنى عشر طواحن، ثم أربعة نواجذ تسمى ضرس الحلم والعقل، وقد لا توجد في بعض أفراد الانسان. (3) اجتماع حرف المد والهمزة الساكنة إن كان في كلمة واحدة يسمى المد بالمتصل، وإن كان في كلمتين يسمى بالمنفصل، والاول واجب عند القراء. وعن أبي شامة: أنه حكى عن الهذلي جواز القصر في مورده. لكن عن الجزري: إنكار ذلك، وأنه تتبع فلم يجده في قراءة صحيحة ولا شاذة، بل رأى النص بالمد عن ابن مسعود يرفعه عن النبي صلى الله عليه وآله: " إن ابن مسعود كان يقرئ رجلا فقرأ الرجل: " إنما الصدقات للفقراء

 

===============

 

( 237 )

 

[ المكسور ما قبلها، والالف المفتوح ما قبلها همزة، مثل: " جاء " و " سوء " و " جئ "، أو كان بعد أحدها سكون لازم (1) خصوصا إذا كان مدغما في حرف آخر مثل: (الضالين). ] والمساكين " (* 1) مرسلة. فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: كيف أقرأها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: أقرأنيها " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " فمدها. ثم قال الجزري: هذا حديث جليل حجة ونص في هذا الباب، ورجال اسناده ثقات، رواه الطبراني في معجمه الكبير " وقال بعض شراح مقدمته: " لو قرأ بالقصر يكون لحنا جليا، وخطأ فاحشا مخالفا لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله بالطرق المتواترة ". هذا ولا يخفى أن المد المذكور لم يتعرض له في علمي الصرف والنحو، وظاهر الاقتصار في الاستدلال عليه على مرفوع ابن مسعود المتقدم والتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله الاعتراف بعدم شاهد عليه في اللغة، وحينئذ لاوجه للحكم بوجوبه، إذ التواتر ممنوع جدا، والمرفوع إن صح الاستدلال به فهو قضية في واقعة لا يمكن استفادة الكلية منه، بل مقتضى قراءة الاعرابي بالقصر واحتجاج ابن مسعود بفعل النبي صلى الله عليه وآله عدم لزومه في اللغة كما هو ظاهر، وأما المد المنفصل فهو المسمى عندهم بالجائز لاختلاف القراء فيه كما قيل، فان ابن كثير والسوسي يقصرانه بلا خلاف، وقالون والدوري يقصرانه ويمدانه، والباقون يمدونه بلا خلاف وعلى هذا فموضوع كلام المصنف (ره) هو الاول المتصل الذي مثل له بالامثلة المذكورة في المتن لا ما يشمل المنفصل. (1) يعني: لا يختلف حاله باختلاف حالي الوقف والوصل، ويسمى المذكور المد اللازم، وهو على قسمين لان الحرف الساكن إمامدغم - كما في مثال المتن - ويسمى لازما مشددا، وإما غير مدغم - كما في فواتح السور

 

 

____________

(1) التوبة: 60.

 

===============

 

( 238 )

 

من (ص) و (ق) ونحوهما - ويسمى لازما مخففا. ثم إنهم اختلفوا في أن أيهما أشبع تمكينا من الآخر، فعن كثير منهم: أن الاول أشبع تمكينا من الثاني، وقيل بالعكس، وقيل بالتساوي لان الموجب له وهو التقاء الساكنين موجود في كل منهما. هذا وتقييد السكون باللازم لاجل أن السكون إذا لم يكن لازما كما لو كان عارضا من جهة الوقف كما لو وقف على آخر الآية مثل (العالمين) و (الرحيم) و (الدين) و (نستعين) - فالمد جائز عندهم بلا خلاف كما قيل، وكذا لو كان السكون عارضا من جهة الوصل لاجتماع حرفين متماثلين فسكن أولهما نحو: (الرحيم)، (ملك)، (وفيه هدى) على قراءة أبي عمرو برواية السوسي. ثم إن وجه المد اللازم على ما ذكروا هو أنه لا يجمع في الوصل بين الساكنين فإذا أدى الكلام إليه حرك أو حذف أو زيد في المد ليقدر محركا وهذا موضع الزيادة وهذه العلة لا يفرق فيها بين حرف اللين وحرف المد، مع أن الاول لا يجب فيه المد عند المحققين - كما قيل - بل يجوز فيه القصر، ولاجل ذلك يشكل المراد من قول الرضي (رحمه الله) في شرح الشافية: " وجب المد التام في أول مثل هذين الساكنين، وثقل المد في حرف اللين إذا كانت حركتها من غير جنسها " إلا أن يحمل على إرادة المد الطبيعي المقوم للحرف لا الزائد عليه الواجب أو الجائز، أو على إرادة الوجوب في خصوص حرف المد، لكن لم أقف على مصرح بوجوبه من علماء العربية. اللهم إلا أن يكون أغناهم عن ذلك توقف النطق بالحرف الساكن عليه، لكنه ممنوع جدا، وربما يشير إليه خبر محمد بن جعفر المروي في الوسائل في باب كراهة قتل الخطاف. قال (ع): " وتدرون مما تقول الصنينة (هكذا) إذا هي مرت وترنمت تقول: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله

 

===============

 

( 239 )

 

[ (مسألة 43): إذا مد في مقام وجوبه أو في غيره أزيد من المتعارف لا يبطل، إلا إذا خرجت الكلمة عن كونها تلك الكلمة. (مسألة 44): يكفي في المد مقدار ألفين (1) وأكمله إلى أربع ألفات، ولا يضر الزائد ما لم يخرج الكلمة عن الصدق. (مسألة 45): إذا حصل فصل بين حروف كلمة ] رب العالمين، وقرأ أم الكتاب فإذا كان في آخر ترنمها قالت: ولا الضالين، مدها رسول الله صلى الله عليه وآله ولا الضالين " (* 1) فوجوب المد اللازم لا يخلو من إشكال ونظر. (1) قال بعض شراح الجزرية: " إعلم أن القراء اختلفوا في مقدار هذه المراتب عند من يقول بها، فقيل: أول المراتب الف وربع. قال زكريا: هذا عند أبي عمرو وقالون وابن كثير، ثم الف ونصف ثم الف وثلاثة أرباع، ثم الفان، وقيل: أولها الف ونصف، ثم الفان، ثم الفان ونصف، ثم ثلاث الفات، وهذا هو الذي اختاره الجعبري، وقيل: أولها الف، ثم الفان، ثم ثلاث، ثم أربع. قال الرومي: وهذا مذهب الجمهور. انتهى. ولا يخفى عليك أن المراد بالالف - يعني في القول الاخير - ما عدا الالف الذي هوالمد الاصلي، للاجماع على ذلك وأما معرفة مقدار المدات المقدرة بالالفات فان تقول مرة أو مرتين أو زيادة وتمد صوتك بقدر قولك: الف الف، أو كتابتها أو بقدر عقد أصابعك في امتداد صوتها، وهذا كله تقريب لا تحديد "، انتهى كلام الشارح. ومنه يظهر: أن منتهى المد أربع الفات زائدا على الالف التي هي المد الاصلي الذي هو قوام الحرف،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب الصيد حديث: 3.

 

===============

 

( 240 )

 

[ واحدة اختيارا أو اضطرارا بحيث خرجت عن الصدق بطلت (1)، ومع العمد أبطلت (2). (مسألة 46): إذا أعرب آخر الكلمة بقصد الوصل بما بعده فانقطع نفسه، فحصل الوقف بالحركة فالاحوط إعادتها (3) وإن لم يكن الفصل كثيرا اكتفى بها. (مسألة 47): إذا انقطع نفسه في مثل (الصراط المستقيم) بعد الوصل بالالف واللام، وحذف الالف، هل يجب إعادة الالف واللام بأن يقول: (المستقيم). أو يكفي قوله: (مستقيم)؟ الاحوط الاول (4)، وأحوط منه إعادة الصراط أيضا، وكذا إذا صار مدخول الالف واللام غلطا كأن صار مستقيم غلطا، فإذا أراد أن يعيده ] فيكون منتهى المد خمس الفات لا كما يظهر من العبارة وماعن الجعبري من أن حده أربع الفات يراد منه الزائد على المد الاصلي كما قيل. (1) لماعرفت من أن الهيئة من مقومات الكلمة. (2) الكلام فيه هو الكلام في ترك الموالاة عمدا، وقد تقدم. (3) مبني على ما تقدم من الاحتياط. (4) لاحتمال كون الفصل بمقدار النفس مضرا بهيئة الكلمة المعرفة باللام فتبطل، ومثله وصل اللام بما قبلها مع هذا الفصل بينها وبين مدخولها، ولاجله كان الاحوط إعادة (الصراط) أيضا، لكن الظاهر قدح ذلك عرفا في المقامين غالبا، فيتعين إعادتهما معا، ولايحتاج إلى إعادة (إهدنا) وإن جرى عليه أحكام الدرج من حذف الالف، لان أحكام الدرج لا يتوقف إجراؤها على الدرج بالقرآن كما لا يخفى.

 

===============

 

( 241 )

 

[ فالاحوط أن يعيد الالف واللام أيضا (1)، بأن يقول: (المستقيم). ولا يكتفي بقوله: (مستقيم). وكذا إذا لم يصح المضاف إليه فالاحوط إعادة المضاف، فإذا لم يصح لفظ المغضوب فالاحوط أن يعيد لفظ غير أيضا. (مسألة 48): الادغام في مثل مد ورد مما اجتمع في كلمة واحدة مثلان واجب (2)، سواء كانا متحركين - كالمذكورين - أو ساكنين - كمصدرهما -. (مسألة 49): الاحوط الادغام (3) إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين ] (1) لما سبق، وكذا عليه أن يعيد (الصراط) لا لما سبق إذ الوصل بالمفرد الغلط لا يوجب فوات هيئة الموصول، بل لانه لو اقتصر على (المستقيم) لزم الفصل بالاجنبي بين الموصوف وصفته، إلا أن يبنى على جوازه في ضرورة الغلط كما هو الظاهر، ومع الشك في ذلك فالاصل البراءة من وجوب الاعادة، وكذا الحال في المضاف والمضاف إليه، فانه لا حاجة إلى إعادة المضاف إذا جاء بالمضاف إليه غلطا، إذ الفصل به لا يقدح لغة في الهيئة المعتبرة بينهما. (2) إذا كان الاول ساكنا والثاني متحركا وجب الادغام، سواء أكان في كلمة واحدة، أم كلمتين اذالم يكن الاول حرف مد أصلي أو ما هو بمنزلته وإن كانا معا متحركين، وكانا في آخر الكلمة، ولم يكن الاول منهما مدغما فيه، ولاكان التضعيف للالحاق، وجب الادغام أيضا في الفعل، أو في الاسم المشابه لفعل غالبا، وتفصيل ذلك موكول إلى محله. (3) الذي صرح به ابن الحاجب والرضي (رحمه الله) هو الوجوب،

 

===============

 

( 242 )

 

[ أحد حروف يرملون مع الغنة، فيما عدا اللام والراء (1)، ولا معها فيهما، لكن الاقوى عدم وجوبه (2). (مسألة 50): الاحوط القراءة باحدى القراءات السبع (3) وإن كان الاقوى عدم وجوبها، بل يكفي القراءة على النهج العربي وإن كانت مخالفة لهم في حركة بنية أو إعراب. ] أما في كلمتين فمطلقا وأما في كلمة واحدة، فإذا لم يكن لبس كانمحى أدغم، وإن كان لبس لم يجز الادغام. (1) حكي الرضي (ره) عن سيبويه وسائر النحاة أن الادغام مع الغنة، وقال هو: " إن كان المدغم فيه اللام والراء فالاولى ترك الغنة وبعض العرب يدغمها فيهما مع الغنة، وإن كان المدغم فيه الواو والياء فالاولى الغنة وكذا مع الميم لان في الميم غنة ". (2) هذا غير ظاهر مع حكاية الوجوب ممن تقدم، ولاسيما بملاحظة كون المقام من باب الدوران بين التعيين والتخيير. (3) القراء السبعة هم: نافع بن أبي نعيم المدني، و عبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو بن العلاء البصري، و عبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم ابن أبي النجود، وحمزة بن حبيب الزيات، وعلي بن حمزة النحوي، الكوفيون فإذا أضيف إلى قراءة هؤلاء قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع، ويعقوب ابن إسحاق الحضرمي، وخلف ابن هشام البزاز، كانت القراءات العشر. هذا والمنسوب إلى أكثر علمائنا وجوب القراءة باحدى السبع، واستدل له: بأن اليقين بالفراغ موقوف عليها، لاتفاق المسلمين على جواز الاخذ بها إلا ما علم رفضه وشذوذه، وغيرها مختلف فيه، وبخبر سالم أبي سلمة: " قرأ رجل على أبي عبد الله (ع) وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على

 

===============

 

( 243 )

 

ما يقرؤها الناس فقال (ع): كف عن هذه القراءة، إقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم قرأ كتاب الله تعالى على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي (ع) " (* 1) ومرسل محمد بن سليمان عن بعض أصحابه عن أبي الحسن (ع): " جعلت فداك إنا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلعنا عنكم فهل نأثم؟ فقال (ع): لا، إقرأوا كما تعلمتم فسيجئ من يعلمكم " (2). وفيه: أن اليقين بالبراءة إن كان من جهة تواترها عن النبي صلى الله عليه وآله دون غيرها - كماعن جملة من كتب أصحابنا، بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه، بل في مفتاح الكرامة: " والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من أجزائه وألفاظه وحركاته وسكناته ووضعه في محله لتوفر الدواعي على نقله من المقر، لكونه أصلا لجميع الاحكام، والمنكر لابطال كونه معجزا فلا يعبأ بخلاف من خالف أو شك في المقام " ففيه: أن الدعوى المذكورة قد أنكرها جماعة من الاساطين، فعن الشيخ في التبيان: " إن المعروف من مذهب الامامية والتطلع في أخبارهم ورواياتهم أن القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد، غير أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء وأن الانسان مخير بأي قراءة شاء قرأ ". ونحوه ماعن الطبرسي في مجمع البيان، ومثلهما في إنكار ذلك جماعة من الخاصة والعامة كابن طاووس، ونجم الائمة في شرح الكافية في مسألة العطف على الضمير المجرور، والمحدث الكاشاني، والسيد الجزائري، والوحيد البهبهاني، وغيرهم على ما حكي عن بعضهم، وعن الزمخشري: أن القراءة الصحيحة التي قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وآله إنما هي في صفتها، وإنما هي واحدة، والمصلي لا تبرأ ذمته من الصلاة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 74 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 74 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 244 )

 

إلا إذا قرأ بما وقع فيه الاختلاف على كل الوجوه، كملك ومالك، وصراط وسراط. انتهي. وفي مصحح الفضيل: " قلت لابي عبد الله (ع): إن الناس يقولون إن القرآن نزل على سبعة أحرف. فقال (ع): كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد " (* 1). وعليه لابد من حمل بعض النصوص المتضمن لكون القرآن نزل على سبعة أحرف على بعض الوجوه غير المنافية لذلك. وإن كان من جهة اختصاصها بحكم التواتر عملا، ففيه: أنه خلاف المقطوع به من سيرة المسلمين في الصدر الاول، لتأخر أزمنة القراء السبعة كما يظهر من تراجمهم وتاريخ وفاتهم، فقيل: إن نافع مات في سنة تسع وستين ومائة، وابن كثير في عشرين ومائة، وابن العلا في أربع أو خمس وخمسين ومائة، وابن عامر في ثماني عشرة ومائة، وعاصم في سبع أو ثمان أو تسع وعشرين ومائة، وحمزة في ثمان أو أربع وخمسين ومائة، والكسائي في تسع وثمانين ومائة، ومن المعلوم أن الناس كانوا يعولون قبل اشتهار هؤلاء على غيرهم من القراء، وفي مفتاح الكرامة: " قد كان الناس بمكة على رأس المائتين على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، وبالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، وبالشام على قراءة ابن عامر، وفي رأس الثلاث مائة أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذ ف يعقوب، ولم يتركوا بالكلية ماكان عليه غير هؤلاء كيعقوب وأبي جعفر وخلف... ". ومن هذا كله يظهر لك الاشكال في حمل النصوص المذكورة وغيرها على خصوص قراءة السبعة أو أنها القدر المتيقن منها، لصدورها عن

 

 

____________

(* 1) الوافي باب: 18 من ابواب القرآن وفضائله: حديث: 2.

 

===============

 

( 245 )

 

الصادق (ع) والكاظم (ع) قبل حدوث بعض هذه القراءات أو قبل اشتهاره ولاسيما قراءة الكسائي فكيف يحتمل أن تكون مرادة بهذه النصوص؟ بل مقتضى النصوص اختصاص الجواز بما كان يقرؤه الناس في ذلك العصر لاغير، فيشكل الشمول لبعض القراءات السبع إذا لم يعلم أنها كانت متداولة وقتئذ. هذا ولكن الظاهر من النصوص المنع من قراءة الزيادات التي يرويها أصحابهم (ع) عنهم (ع) ولانظر فيها إلى ترجيح قراءة دون أخرى فتكون أجنبية عما نحن فيه. والذي تقتضيه القاعدة أن ماكان راجعا إلى الاختلاف في الاداء من الفصل والوصل، والمد والقصر، ونحو ذلك لا تجب فيه الموافقة لاحدى القراءات فضلا عن القراءات السبع، وما كان راجعا الى الاختلاف في المؤدى يرجع فيه إلى القواعد المعول عليها في المتباينين، أو الاقل والاكثر، أو التعيين والتخيير، على اختلاف مواردها، لكن يجب الخروج عن ذلك بالاجماع المتقدم عن التبيان ومجمع البيان، المعتضد بالسيرة القطعية في عصر المعصومين (ع) على القراءة بالقراءات المعروفة المتداولة في الصلاة وغيرها من دون تعرض منهم (ع) للانكار، ولا لبيان ما تجب قراءته بالخصوص الموجب للقطع برضاهم (ع) بذلك كما هو ظاهر نعم في صحيح داود بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا: " كناعند أبي عبد الله (ع) فقال: إن كان ابن مسعود لايقرأ على قراءتنا فهو ضال ثم قال (ع): أما نحن فنقرأ على قراءة أبي " (* 1) إلا أنه لا يصلح للخروج به عما ذكر، ولو كان المتعين قراءة أبي أو أبيه (ع) - على الاحتمالين في كلمة " أبي " - لما كان بهذا الخفاء، ولما ادعي الاجماع على جواز القراءة بما يتداوله القراء، فلابد أن يحمل على بعض المحامل، ولعل المراد هو أن

 

 

____________

(* 1) الوافي باب: 18 من ابواب القرآن وفضائله: حديث: 3.

 

===============

 

( 246 )

 

[ (مسألة 51): يجب إدغام اللام مع الالف واللام (1) في أربعة عشر حرفا وهي: التاء، والثاء، والدال، والذال، والراء، والزاء، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والطاء والظاء، واللام، والنون، وإظهارها في بقية الحروف، فنقول في: " الله "، و " الرحمن "، و " الرحيم "، و " الصراط " و " الضالين "، مثلا بالادغام. وفي " الحمد "، و " العالمين "، و " المستقيم "، ونحوها بالاظهار. (مسألة 52): الاحوط الادغام في مثل: " إذهب بكتابي "، و " يدرككم "، مما اجتمع المثلان في كلمتين مع كون الاول ساكنا، لكن الاقوى عدم وجوبه (2)، (مسألة 53): لا يجب ما ذكره علماء التجويد من المحسنات كالامالة، والاشباع، والتفخيم، والترقيق، ونحو ذلك، بل والادغام غير ما ذكرنا وإن كان متابعتهم أحسن. (مسألة 54): ينبغي مراعاة ما ذكروه من إظهار ] قراءة ابن مسعود تقتضي في بعض الجمل انقلاب المعنى بنحو لا يجوز الاعتقاد به. والله سبحانه أعلم. (1) يعني لام التعريف. قال ابن الحاجب: " واللام المعرفة تدغم وجوبا في مثلها وثلاثة عشر حرفا ". وقال الرضي (رحمه الله) ": المراد بالثلاثة عشر النون... " كما ذكره في المتن. (2) المصرح به في الشافية وفي شرحها للرضي (رحمه الله) هو الوجوب ولا يستثنيان من ذلك إلا الهمزة على لغة التخفيف، وإلا الواو والياء إذا كانت الاولى منهما مدة أصلية أو بمنزلتها.

 

===============

 

( 247 )

 

[ التنوين والنون الساكنة إذا كان بعدهما أحد حروف الحلق وقلبهما فيما إذا كان بعدهما حرف الباء (1)، وإدغامهما إذا كان بعدهما أحد حروف يرملون، وإخفاؤهما إذا كان بعدهما بقية الحروف (2). لكن لا يجب شئ من ذلك (3) حتى الادغام في يرملون كما مر (4). (مسألة 55): ينبغي أن يميز بين الكلمات، ولا يقرأ بحيث يتولد بين الكلمتين كلمة مهملة (5) كما إذا قرأ الحمد لله بحيث يتولد لفظ " دلل " أو تولد من لله رب لفظ " هرب " وهكذا في مالك يوم الدين " كيو " وهكذا في بقية الكلمات. وهذا ما يقولون أن في الحمد سبع كلمات مهملات ] (1) قال الشيخ الرضي (رحمه الله) في أحكام النون الساكنة: " إن تنافرت هي والحروف التي تجئ بعدها وهي الباء فقط كما يجئ في عنبر قلبت تلك النون الخفيفة إلى حرف متوسط بين النون وذلك الحرف وهي الميم ". (2) قال الشيخ الرضي (رحمه الله): " وذلك بأن يقتصر على أحد مخرجيه ولا يمكن أن يكون ذلك إلا الخيشوم، وذلك لان الاعتماد فيها على مخرجها من الفم يستلزم الاعتماد على الخيشوم بخلاف العكس فيقتصر على مخرج الخيشوم فيحصل النون الخفية ". (3) إذ لا وجه له مع كون ذكر تلك من باب الافضل الافصح كما هو ظاهر. (4) ومر الاشكال فيه. (5) قد عرفت الاشارة سابقا إلى أن للكلمة هيئة خاصة، ناشئة من

 

===============

 

( 248 )

 

[ وهي " دلل " و " هرب " و " كيو " و " كنع " و " كنس " و " تع " و " بع ". (مسألة 56): إذا لم يقف على أحد في قل هو الله أحد ووصله بالله الصمد يجوز أن يقول أحد الله الصمد بحذف التنوين من أحد (1)، وأن يقول أحدن الله الصمد بأن يكسر نون التنوين، وعليه ينبغي أن يرقق اللام من " الله " (2) وأما على الاول فينبغي تفخيمه كما هو القاعدة الكلية من تفخيمه إذا كان قبله مفتوحا أو مضموما وترقيقه إذا كان مكسورا. ] توالي حروفها على نحو خاص، عند أهل اللسان، فإذا فاتت تلك الهيئة بطلت الكلمة، وعليه فلو فصل بين الحروف وأوصل آخر الكلمة بأول ما بعدها بنحو معتد به، بحيث تفوت تلك الهيئة المقومة للكلمة عرفا لم يجتزأ بها. نعم اذالم يكن الفصل معتدا به لقلته لا يقدح، وعليه يحمل ما في المتن، وإلا فهو غير ظاهر كما لا يخفى بالتأمل. (1) كما قرئ ذلك حكاه الزمخشري والشيخ الرضي، والطبرسي نسبه إلى أبي عمرو، ومثله في الشعر: " وحاتم الطائي وهاب المائي " وقوله: " فألفيته غير مستعتب * ولاذاكر الله إلا قليلا " والمعروف عند أهل العربية أنه لا يحذف التنوين في الاسم المتمكن المنصرف إلا في المضاف إلى " ابن " الواقعة بين علمين مثل: جاء زيد ابن عمرو. ولا يبعد أن تكون القراءة المذكورة كافية في مشروعيته، فانها لو لم تكن حجة على ثبوت المقروء فهي حجة على صحة الاداء والحكاية كذلك وأنها من النهج العربي، ولذا قال الزمخشري: والجيد هو التنوين. (2) ذكر ابن الحاجب: أن الحروف الهجائية الاصلية ثمانية وعشرون

 

===============

 

( 249 )

 

[ (مسألة 57): يجوز قراءة مالك وملك يوم الدين (1) ] حرفا، والمتفرع عليها الفصيح ثمانية: همزة بين بين ثلاثة، والنون الخفية، وألف الامالة، ولام التفخيم، والصاد كالزاي، والشين كالجيم. والمستهجن خمسة: الصاد كالسين والطاء كالتاء، والفاء كالباء، والضاد الضعيفة، والكاف كالجيم، فلام التفخيم متفرعة على اللام الاصلية الرقيقة، وتفخيمها يكون إذا كانت تلي الصاد، أو الضاد، أو الطاء، إذا كانت هذه الحروف مفتوحة أو ساكنة، وكذا لام الله إذا كان قلبها ضمة أو فتحة، وهذا التفخيم ليس بواجب عند أهل العربية. (1) فان الاول: قراءة عاصم والكسائي من السبعة، وخلف ويعقوب من غيرهم، والثاني: قراءة بقية القراء من السبعة وغيرهم. والذي يظهر من سراج القارئ في شرح الشاطبية: أن المصاحف كذلك مرسومة بحذف الالف، واختاره الزمخشري وغيره، لانه قراءه أهل الحرمين، ولقوله تعالى: (لمن الملك اليوم) (* 1) ولقوله تعالى: (ملك الناس) (* 2) ولان الملك يعم والمالك يخص، وزاد الفارسي قوله تعالى: (فتعالى الله الملك الحق) (* 3) و (الملك القدوس) (* 4) واستشهد للاول بقوله تعالى: (والامر يومئذ لله) (* 5) وقوله تعالى: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا) (* 6) انتهى. لكن لو تم الاستشهاد للاول بما ذكر فلا يصلح لمعارضة ما سبق

 

 

____________

(* 1) غافر: 16. (* 2) الناس: 2. (* 3) طه: 114. (* 4) الحشر: 23. (* 5) الانفطار: 19. (* 6) الانفطار: 19.

 

===============

 

( 250 )

 

[ ويجوز في الصراط بالصاد والسين (1) بأن يقول: (السراط المستقيم)، و (سراط الذين). ] للثاني، ولاسيما الوجه الاول - مضافا إلى كثرة العدد، وكونه المرسوم في المصاحف على ما سبق عن شرح الشاطبية، فالبناء على رجحانه متعين، وعن أبي حنيفة أنه قرأ (ملك يوم الدين) بلفظ الفعل ونصب اليوم، وعن أبي هريرة أنه قرأ (مالك) بالنصب، وغيره (ملك) بالنصب أيضا، وغيرهما (مالك) بالرفع، ومقتضى ما سبق جواز القراءة بالجميع، لانه اختلاف في في الاداء، والكل حكاية على النهج العربي عدا الاول، فجواز العمل به - لوثبت - لا يخلو من إشكال، لعدم ثبوت تداوله. (1) فان المحكي عن قنبل - أحد الراويين عن ابن كثير -: أنه قرأ الصراط بالسين في جميع القرآن. وفي مجمع البيان حكايته عن يعقوب من طريق رويس، وعن خلف القراءة باشمام الصاد بالزاي في جميع القرآن، وفي مجمع البيان حكايته عن حمزة عن جميع الروايات إلا عبد الله بن صالح العجلي وبرواية خلاد بن خالد ومحمد بن سعدان النحوي عن حمزة: أن الاشمام المذكور في الاول من الفاتحة، وفي غيره من جميع القرآن قراءته بالصاد الخالصة، وعن الكسائي من طريق إلى حمدون إشمام الصاد بالسين. هذا ولا بأس بالقراءة بكل من الصاد والسين لما سبق، ولا سيماوان الذي ذكره الزمخشري والطبرسي والفيروز آبادي والطريحي: أن الاصل السين، وأن الصاد فرغ عليها، وأن كلا منهما لغة، وأن الافصح الصاد .

 

 

____________

قال الطريحي في مجمعه في " ص د غ ": وربما قيل " سدغ " بالسين لما حكاه الجوهري عن قطرب محمد بن جرير المستنير أن قوما تم بني تميم يقلبون السين صادا عند اربعة أحرف عند الطاء والقاف والغين والخاء يقولون سراط وصراط وبسطه وبصطه وسيقل وصيقل ومسغبة ومصغبة وسخر لكم وصخر. (منه مد ظله)

 

===============

 

( 251 )

 

[ (مسألة 58): يجوز في كفوا أحد أربعة وجوه: (كفؤا) بضم الفاء وبالهمز (1)، و (كف ءا) بسكون الفاء وبالهمزة وكفوا بضم الفاء وبالواو، و (كفوا) بسكون الفاء وبالواو، وإن كان الاحوط ترك الاخيرة. (مسألة 59): إذا لم يدر إعراب كلمة أو بناءها أو بعض حروفها أنه الصاد مثلا أو السين أو نحو ذلك يجب عليه أن يتعلم، ولا يجوز له أن يكررها بالوجهين (2) لان الغلط من الوجهين (3) ملحق بكلام الادميين (4). ]، (1) هذا هو المشهور بين القراء، وفي مجمع البيان: " قرأ إسماعيل عن نافع وحمزة وخلف ورويس (كف ءا) ساكنة الفاء مهموزة وقرأ حفص مضمومة الفاء مفتوحة الواو غير مهموزة، والباقون قرأوا بالهمزة وضم الفاء "، ولم يذكر الوجه الاخير. نعم في كتاب غيث النفع للصفاقسي: " قرأ حفص بابدال الهمزة واوا وصلا ووقفا، والباقون بالهمزة، وقرأ حمزة باسكان الفاء والباقون بالضم لغتان ". وهو أيضا ساكت عن الوجه الاخير. نعم مقتضى أن الاسكان لغة جوازه مع إبدال الهمزة واوا وعدمه، ولعله لذلك كان الاحوط ترك الاخيرة. (2) تقدم أنه يصح على أحد الوجهين مع الاقتصار عليه إذا كان مطابقا للواقع، لكنه لايجتزأ به عقلا حتى تثبت المطابقة للواقع. (3) يعني الغلط المعلوم المردد بين الوجهين. (4) ربما يحتمل أن يكون حكمه حكم الدعاء والذكر الملحونين، لانه قراءة ملحونة، وفيه أن اللحن لا يقدح في صدق الذكر والدعاء، ويقدح في صدق قراءة القرآن، لتقوم القراءة، بالهيئة والمادة، فالقراءة الملحونة

 

===============

 

( 252 )

 

[ (مسألة 60): إذا اعتقد كون الكلمة على الوجه الكذائي من حيث الاعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلى مدة على تلك الكيفية ثم تبين له كونه غلطا فالاحوط الاعادة أو القضاء وإن كان الاقوى عدم الوجوب (1).