فصل في الموصى به

 [ فصل في الموصى به تصح الوصية بكل ما يكون فيه غرض عقلائي محلل (1) من عين، أو منفعة، أو حق قابل للنقل. ولا فرق في العين بين أن تكون موجودة فعلا أو قوة، فتصح بما تحمله الجارية، أو الدابة أو الشجرة (2)، ] فصل في الموصى به (1) عملا بعمومات الصحة والنفوذ من غير معارض. (2) كما نص على ذلك في الجواهر، بل قال فيها: " بل وإن لم يكن معتاد الوقوع إذا كان ممكنا ". كل ذلك عملا باطلاق الادلة من غير معارض. نعم إذا لم يكن له شجر وكان عازما على شراء الشجر فأوصى بثمر ما يشتريه بعد ذلك، أوصى بعين الشجر الذي سيشتريه، ففي جواز الوصية إشكال، لعدم العلقة المصححة لصدق الوصية أو الموجبة للسطلنة عليها، وإن كان الاظهر الصحة، لحصول العلقة بعد ذلك الموجبة للصدق والسلطنة، كما إذا أوصى بالمرهون ففكه، أو بثلث ماله فاشترى أموالا أو ورثها، فانها داخلة في الوصية. وبالجملة: ليس هنا ما يوجب الخروج عن عمومات الصحة فإذا لا بأس بالوصية بالمعدوم الوصية إذا صار موجودا حال الموت، وكذا بالمعدوم حال الموت إذا كان اصله موجودا حينئذ، قال في جامع المقاصد:

 

===============

( 595 )

[ وتصح بالعبد الآبق منفردا (1)، ولو لم يصح بيعه إلا بالضميمة (2). ولا تصح بالمحرمات (3) - كالخمر والخنزير ونحوهما - ولا بآلات اللهو، ولا بما لا نفع فيه ولا غرض عقلائي (4)، كالحشرات وكلب الهراش، وأما كلب الصيد فلا مانع منه، وكذا كلب الحايط والماشية والزرع، وإن قلنا بعدم مملوكية ما عدا كلب الصيد، إذ يكفي وجود الفائدة فيها. ولا تصح بما لا يقبل النقل من الحقوق، كحق القذف ] " لو أوصى بما يتجدد له تملكه ولو على وجه الندرة - كما يتجدد له بشراء أو هبة وارث ونحو ذلك - صح، لان وجود ذلك ممكن وقد قدر أن الشرط إمكان وجوده ". (1) لما عرفت من الاطلاقات. (2) فان ذلك الدليل الخاص به، الذي لا يشمل المقام. (3) لعدم كونها قابلة للتمليك، فلا تصح الوصية التمليكية فيها. لكن قد تقدم أن الوصية قد تكون تخصيصية - كما إذا أوصى بعين للمسجد - والامور المذكورة تقبل التخصيص إذا كان لها فائدة ولو نادرة، فيصح الوصية بها على نحو التخصيص، وإن لم تصح على وجه التمليك. والظاهر أن فتوى الاصحاب مبنية على ملاحظة الفائدة المحرمة، مثل الشرب في الخمر واللعب بآلات اللهو ونحو ذلك، فإذا أوصى بالخمر للشرب وبالات اللهو للعب بطلت، وإذا أوصى بالخمر للطلي وبآلات اللهو للشعال صحت الوصية. فالوصية بالكحول الذي لا يشرب، وإنما يستعمل لفوائد أخرى تصح، عملا بالعمومات من دون مخصص. (4) لعدم ما يستوجب الملك أو الاختصاص.

 

===============

( 596 )

[ ونحوه. وتصح بالخمر المتخذ للتخليل (1). ولا فرق في عدم صحة الوصية بالخمر والخنزير بين كون الموصي والموصى له مسلمين أو كافرين أو مختلفين، لان الكفار أيضا مكلفون بالفروع. نعم هم يقرون على مذهبهم وإن لم يكن عملهم صحيحا ولا تصح الوصية بمال الغير ولو أجاز ذلك الغير إذا أوصى لنفسه (2). نعم لو أوصى فضولا عن الغير (3) احتمل صحته إذا أجاز (4). ] (1) أو لغيره من الفوائد كالسراج والتعقيم ونحو ذلك. (2) بأن علق التمليك على موت نفسه. لما عرفت من عدم صدق الوصية عرفا، فيكون التعليق مبطلا للانشاء. وقد تقدم ذلك في وصية العبد بناء على عدم ملكه إذا كان قد أجازها مولاه. (3) بأن علق التمليك على موت ذلك الغير. (4) لصدق الوصية من المالك، كما في سائر موارد الفضولي، فان الاجازة توجب صدق العنوان، فكما أنه إذا باع الانسان مال غيره فاجاز المالك صحت نسبة البيع إلى المجيز، كذلك في المقام. وإذا أوصى بماله لزيد إذا مات عمرو لم تصح وصية منه، لعدم التعليق على موته، ولا وصية من عمرو لعدم تعلقها بماله، فلا تعلق لها به. وحينئذ فما يظهر من المصنف (ره) من التوقف في الصحة في غير محله. وكذا ما يظهر من بعض الحواشي من الظهور في البطلان. وكيف يمكن الالتزام بأن بعض أهل العلم إذا رأى من بعض السواد الاهمال، فكتب له وصية تتعلق بآخرته وصلاحها وبورثته وصلاح حالهم وعرضها على ذلك الانسان، فقبلها وأجازها، أن لا تصح تلك الوصية؟!

 

===============

( 597 )

[ (مسألة 1): يشترط في نفوذ الوصية كونها بمقدار الثلث أو بأقل منه، فلو كانت بأزيد بطلت في الزائد (1) إلا مع إجازة الورثة بلا إشكال. وما عن علي بن بابويه من نفوذها مطلقا (2) - على تقدير ثبوت النسبة - شاذ. ولا فرق بين أن ] (1) بلا خلاف معتد به أجده في شئ من ذلك، بل الاجماع بقسميه عليه، والنصوص مستفيضة فيه أو متواترة. كذا في الجواهر: وفي المسالك: " ربما كان إجماعا، والاخبار الصحيحة به متظافرة ". ففي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " في رجل أوصى باكثر من الثلث وأعتق مماليكه في مرضه. فقال: إن كان أكثر من الثلث رد إلى الثلث وجاز العتق " (* 1)، ورواية حمران عن أبي جعفر (ع): " في رجل أوصى عند موته وقال: أعتق فلانا وفلانا حتى ذكر خمسة، فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الخمسة التي أمر بعتقهم. قال: ينظر إلى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون، وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أول شئ ذكر ثم الثاني والثالث ثم الرابع ثم الخامس، فان عجر الثلث كان في الذين سمى أخيرا، لانه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك، فلا يجوز له ذلك " (* 2)، ونحوهما غيرهما مما هو كثير، ولعله متواتر. (2) حكي عن علي بن بابويه صحة الوصية بالكل، وعبارته غير ظاهرة في ذلك، قال: " فان أوصى بالثلث فهو الغاية في الوصية. فان أوصى بماله كله فهو أعلم وما فعله، ويلزم الوصي إنفاذ وصيته على ما أوصى " فان قوله (ره): " فهو الغاية في الوصية " مطابق لفتوى الاصحاب، وقوله: " وهو أعلم وما فعله " ظاهر في صورة احتمال عذره في الوصية

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 67 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 66 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 1.

 

 

 

===============

( 598 )

[ يكون بحصة مشاعة من التركة أو بعين معينة (1). ولو كانت زائدة وأجازها بعض الورثة دون بعض نفذت في حصة ] بالجميع، بأن كان ذلك لازما عليه لنذر أو شرط أو حق واجب أو غير ذلك مما يسوغ معه الوصية بالجميع، كما ستأتي الاشارة إليه في المسألة الثالثة وعبارته المذكورة مطابقة لعبارة الفقه الرضوي. ولاجل ذلك يسهل الجمع بينه وبين الاخبار المشهورة بلا تكلف. وعلى تقدير تمامية المعارضة فهو لا يصلح لمعارضة نصوص المشهور، بناء على حجيته في نفسه. لكنه غير ثابت. نعم يشهد له موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: " الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح، إذا أوصى به كله فهو جائز " (* 1) وموثق محمد ابن عبدوس: " أوصى رجل بتركته متاع وغير ذلك لابي محمد (ع) فكتبت إليه: رجل أوصى إلي بجميع ما خلف لك، وخلف ابنتي أخت له، فرأيك في ذلك. فكتب إلي: بع ما خلف وابعث به إلي. فبعت وبعثت به إليه، فكتب إلي: قد وصل " (* 2)، ونحوه موثق علي بن الحسن (* 3) وغيره. لكنها لا تصلح لمعارضة تلك النصوص بعد أن كانت أصح سندا وأكثر عددا وأوضح دلالة، وموافقة لفتوى الاصحاب ظاهرا. ولذلك أولها الاصحاب وحملوها على محامل بعيدة، بناء على أن الجمع أولى من الطرح. فالعمل على المشهور لازم. (1) بلا إشكال في ذلك، والنصوص الدالة على المشهور واردة في القسمين.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 19. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 16. (* 3) الوسائل باب: 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 17.

 

 

 

===============

( 599 )

[ المجيز فقط (1)، ولا يضر التبعيض، - كما في سائر العقود - فلو خلف ابنا وبنتا واوصى بنصف تركته، فأجاز الابن دون البنت، كان للموصى له ثلاثة إلا ثلث من ستة (2). ولو انعكس كان له إثنان وثلث من ستة. (مسألة 2): لا يشترط في نفوذها قصد الموصي كونها من الثلث الذي جعله الشارع له (3)، فلو أوصى بعين غير ملتفت إلى ثلثه وكانت بقدره أو أقل صحت. ولو قصد كونها من الاصل، أو من ثلثي الورثة وبقاء ثلثه سليما مع وصيته بالثلث سابقا أو لاحقا، بطلت مع عدم إجازة الورثة (4). بل ] (1) قال في الشرائع: " ولو كانوا جماعة، فاجاز بعضهم نفذت الاجازة في قدر حصته من الزيادة ". ويظهر من المسالك والجواهر وغيرهما: المفروغية عن ذلك. عملا بالعمومات، كما في سائر العقود. وفي الجواهر: " وكذا لو أجاز الجميع البعض، أو البعض البعض، لاتحاد الجميع في المدرك ". (2) هذا المثال ذكره في المسالك. فإذا فرضنا أن التركة ستة وكان الموصى به نصف الستة - وهو ثلاثة - كانت تزيد على الثلث الراجع للميت بسدس، فهذا السدس مشترك بين الابن والبنت أثلاثا فان اجازا جميعا صحت الوصية في الثلث والسدس معا، وإن أجاز الابن فقط صحت الوصية في ثلثي السدس وبطلت في ثلثه فتصح في اثنين وثلثين منه، وإن أجازت البنت فقط صحت الوصية في ثلثه وبطلت في الثلثين منه، فتصح في اثنين وثلث. (3) كما صرح بذلك في الجواهر. ويقتضيه إطلاق الادلة. (4) ولا تصح من الثلث في الصورة الثانية، لان المفروض انه

 

===============

( 600 )

[ وكذا إن اتفق أنه لم يوص بالثلث أصلا. لان الوصية المفروضة مخالف للشرع (1). وإن لم تكن حينئذ زائدة على الثلث. نعم لو كانت في واجب نفذت، لانه يخرج من الاصل إلا مع تصريحه باخراجه من الثلث. (مسألة 3): إذا أوصى بالازيد أو بتمام تركته، ولم يعلم كونها في واجب - حتى تنفذ - أولا - حتى يتوقف الزائد على إجازة للورثة - فهل الاصل النفوذ إلا إذا ثبت عدم ] قصد كونها من ثلثي الورثة، فإذا صحت من الثلث كان ذلك خلاف ما قصد. نعم إذا قصد كونها من الاصل صحت في ثلثها وبطلت في ثلثيها الا إذا اجاز الورثة ولا تصح كلها من الثلث، لان المفروض أنه قصد أنها من الاصل، وهو راجع إلى قصد أن ثلثها من الثلث وثلثيها من ثلثي الورثة، فإذا صحت كلها من الثلث فقد صحت على خلاف قصده. (1) هذا إذا كان مقصوده من الاصل ما يقابل الثلث، أما إذا قصد منه ما يقابل جزءا معينا منه - كما يقال ثلث الميت يخرج من الاصل - فلا مخالفة فيها للشرع، بل موافقة له، لان ثلث الميت يخرج من الاصل وبهذا المعنى كذلك ديونه، وبهذا المعنى يصح أن يقال: إن الوصايا تخرج من الاصل. ثم إنك عرفت أنه على تقدير إرادة المعنى الاول من الاصل لا تبطل الوصية كلها إذا لم يجز الورثة وإنما يبطل ثلثاها اللذان يخرجان من ثلثي الورثة، أما الثلث الذى يخرج من ثلث الميت فلا موجب للبطلان فيه. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكر في الجواهر، فانه أطلق نفوذ الوصية وإن قصد أنها من الاصل.

 

===============

( 601 )

[ كونها بالواجب، أو عدمه إلا إذا ثبت كونها بالواجب؟ وجهان، ربما يقال بالاول (1)، ويحتمل عليه ما دل من الاخبار على أنه إذا أوصى بماله كله فهو جايز (2) وأنه أحق بماله ما دام فيه الروح. لكن الاظهر الثاني (3)، لان مقتضى ] اللهم إلا أن يقال: حمل الاصل على ما يقابل الثلث لا يمنع من صحة الوصية من الاصل، لان ثلثيها وإن كانا من ثلثي الورثة، لكن لما لم يكن وصية من الميت بالثلث فثلثه فرضي - يعني على تقدير الوصية به - وكذلك الثلثان أيضا فرضيان بالمعنى المذكور ولا دليل على بطلان الوصية من ثلثي الورثة إذا كانا فرضيين لا غير، فما دام الميت لم يوص بالثلث تصح وصيته من ثلثي الورثة حينئذ إذا لم تزد على الثلث، ويتم ما ذكره في الجواهر. (1) قيل به في توجيه كلام علي بن بابويه، كما سبق. (2) قد تقدم ذلك. لكن الحمل المذكور بعيد عن هذا اللسان وان لم يكن بعيدا من غيره مما تقدم. (3) ومال إليه في الجواهر قال (ره): " لظهور النصوص - كما لا يخفى على من لاحظها - في الحكم بالوقوف على إجازة الورثة بمجرد اشتمال الوصية على الازيد من الثلث، فيكون الامر على العكس مما ذكره الموجه، ضرورة كون المدار الحكم بذلك حتى يعلم أن صدورها منه بسبب من الاسباب التي توجب الاخراج من الاصل، عملا بظاهر ما دل على تعلق حق الوارث بالزايد من الثلث حتى يعلم خلافه. وأصالة النفوذ في الوصية - بعد تسليمها - إنما هي حيث لا تعارض حق الغير. ومن هنا قد اشتملت جملة من النصوص قولا وفعلا على رد الوصية الزائدة عن الثلث إليه بمجرد صدروها من الموصي كذلك، ما لم يعلم سبب من اسباب التعلق بالاصل، ولو من إقراره. ولعل ذلك هو الاقوى، ترجيحا لهذه

 

===============

( 602 )

الادلة على تلك الادلة، وإن سلم كون التعارض بينهما بالعموم من وجه ". أقول: عندنا مقامان: (الاول): الحكم الواقعي، وهو أنه لا تجوز الوصية بما زاد على الثلث إلا باجازة الورثة إذا لم يكن حق يقتضي ذلك، فإذا كان هناك حق يقتضي ذلك. من نذر أو شرط في عقد لازم أو نحو ذلك - صحت الوصية بما زاد على الثلث وإن لم يرض الورثة. (المقام الثاني): الحكم الظاهري، وهو أنه إذا أوصى بأزيد من الثلث وشك في أنها كانت بلا حق أو بحق فهل اللازم الحكم بالصحة أو بالبطلان؟ ولا يخفى أن النصوص المتضمنة أو الوصية بالزائد موقوفة على إجازة الورثة مختصة بالمقام الاول بحسب العنوان الاول، ولا ترتبط بالمقام الثاني الذي هو مورد كلام الموجه. ومن ذلك يظهر الاشكال في قبول الجواهر: " فيكون الامر على العكس.. " وقوله: " ضرورة كون المدار الحكم.. " فهو كلام في المقام الثاني. وأشكل منه استدلاله بظاهر ما دل على تعلق حق الوارث بالزائد على الثلث حتى يعلم خلافه، فانه لم نقف على ذلك الدليل المتعرض للمقام الثاني - أعني الحكم الظاهري - وإشكاله على أصالة نفوذ الوصية بانها على تقدير تسليمها مختصة بما إذا لم تعارض حق الغير، فانها يجب تسليمها، كما في ساير موارد الشك في صحة عقد أو إيقاع. وعلى تقدير جريانها لا تعارض حق الغير، لان المعارضة لحق الغير مختصة بالمقام الاول، وجريانها إنما هو في المقام الثاني. وأما النصوص المشتملة قولا وفعلا على رد الوصية في الزائد فهي واردة في المقام الاول، ولا تعرض لها للمقام الثاني، أعني الحكم الظاهري. ومن ذلك يظهر الاشكال في المعارضة بين أدلة صحة الوصية بما زاد على الثلث مع وجود السبب المقتضي، وبين أدلة رد الوصية فيما زاد على

 

===============

( 603 )

[ ما دل على عدم صحتها إذا كانت أزيد من ذلك، والخارج منه كونها بالواجب، وهو غير معلوم (1). نعم إذا أقر بكون ما أوصى به من الواجب عليه يخرج من الاصل (2)، بل وكذا إذا قال: أعطوا مقدار كذا خمسا أو زكاة أو نذرا ] الثلث، لان المراد من الادلة الثانية إن كان الادلة الواردة في الحكم الواقعي فلا تعارض بينها وبين الادلة، لما عرفت من وجوب العمل بهما في المقام الاول. وإن كان الادلة الواردة في الحكم الظاهري فمن المعلوم أن الادلة الواردة في الحكم الظاهري لا تعارض الادلة الواردة في الحكم الواقعي. والمتحصل: أن نصوص المقام كلها متعرضة للحكم الواقعي بالنسبة إلى العنوان الاولي لا غير، فالحكم بالنظر إلى العنوان الثانوي في المقام الاول يؤخذ من القواعد العامة. كما أن الحكم الظاهري يؤخذ من أصالة الصحة. ولا مجال لفرض المعارضة بينها. ثم إن النذر يوجب حقا لله تعالى في فعل المنذور، فإذا نذر أن يتصدق بدرهم فقد جعل لله تعالى حقا عليه في أن يتصدق بالدرهم، فإذا مات لم يبطل الحق، بل يجب إخراجه من التركة. وكذلك إذا اشترط لزيد في عقد لازم أن يتصدق عليه أو على الفقراء بدرهم، فان الشرط المذكور يوجب حقا لزيد لا يبطل بالموت، فيجب إخراجه من التركة وإن لم يوص به. نعم إذا نذر أن يوصي بالصدقة بدرهم وكان ذلك منافيا لحق الورثة لم يصح النذر، لعدم مشروعية الوصية كذلك، فيبطل النذر من حينه. وكذلك إذا اشترط في ضمن عقد لازم أن يتصدق بما زاد على الثلث، فانه باطل، لمخالفته للكتاب والسنة. (1) لكن الاصل الصحة، فيكون بحكم المعلوم. (2) العمل بهذا القرار، ليس لقاعدة: " إقرار العقلاء على أنفسهم

 

===============

( 604 )

[ أو نحو ذلك، وشك في أنها واجبة عليه أو من باب الاحتياط المستحبي، فانها أيضا تخرج من الاصل، لان الظاهر من الخمس والزكاة الواجب منهما، والظاهر من كلامه اشتغال ذمته بهما. (مسألة 4): إذا أجاز الوارث بعد وفاة الموصي فلا إشكال في نفوذها (1)، ولا يجوز له الرجوع في إجازته (2). وأما إذا أجاز في حياة الموصي ففي نفوذها وعدمه قولان، ] جائز " (* 1)، لكون هذا الاقرار متعلقا بالورثة، فهو ليس إقرارا على النفس، بل هو للنصوص الدالة على نفوذ إقرار الانسان بالدين وبالزكاة وبالحج، وأنه يجب على الورثة العمل به. (1) وفي الجواهر: أنه إجماع بقسميه. انتهى. وفي صحيح احمد بن محمد: " كتب أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسن (ع): إن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة أشقاصا في مواضع، وأوصت لسيدنا في اشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث، ونحن أوصياؤها، وأحببنا إنهاء ذلك إلى سيدنا، فان أمرنا بامضاء الوصية على وجهها أمضيناها " وإن أمرنا بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمر به إن شاء الله. قال فكتب عليه السلام بخطه: ليس يجب لها في تركتها إلا الثلث، وإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء الله " (* 2). (2) الظاهر أنه مما لا إشكال فيه. ويقتضيه الاصل، لانها بالاجازة نفذت، فبطلانها بالرجوع يحتاج إلى دليل.

 

____________ (* 1) غوالى اللئالى: آواخر الفصل التاسع من المقدمة. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 1.

 

 

 

===============

( 605 )

[ أقواهما الاول، كما هو المشهور (1). للاخبار (2)، ] (1) حكى الشهرة في الجواهر والحدائق. (2) منها صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " في رجل أوصى بوصية وورثته شهود، فاجازوا ذلك، فلما مات الرجل نقضوا الوصية، هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟ فقال: ليس لهم ذلك، والوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته " (* 1)، ونحوه صحيح منصور بن حازم (* 2). وفى المسالك: جعل الحكم مدلولا لغيرهما من الاخبار أيضا، وكذا في الجواهر. واستدل له في المختلف بعموم قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) (* 3). ولان الرد حق للورثة، فإذا رضوا بالوصية سقط حقهم، كما لو رضي المشتري بالعيب. ولان الاصل عدم اعتبار إجازة الوارث، لانه تصرف من المالك في ملكه، لكن منع من الزيادة على الثلث إرفاقا بالورثة فإذا رضي الوراث زال المانع. ولان المال الموصى به لا يخرج عن ملك الموصي والورثة، لانه إن برئ كان المال له، وإن مات كان للورثة، فان كان للموصي فقد أوصى به وإن كان للورثة فقد أجازوه. انتهى وفي جامع المقاصد: استدل بالوجهين الاولين فقط، وفي المسالك: ذكر الاولين والاخير مؤيدة للاستدلال بالنصوص لا معاضدة، ونحوه في الجواهر. لكنها جميعا ضعيفة لا تصلح للدليلية ولا للتأييد. إذ يشكل الاول: بأنه مع الشك يرجع إلى عموم ما دل على عدم صحة الوصية بما زاد على

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 2. (* 3) النساء: 12.

 

 

 

===============

( 606 )

[ المؤيدة باحتمال كونه ذا حق في الثلثين (1)، فيرجع إجازته إلى إسقاط حقه، كما لا يبعد استفادته من الاخبار الدالة على أن ليس للميت من ماله إلا الثلث (2). هذا والاجازة من ] الثلث، الذي هو أخص من عموم صحة الوصية. ويشكل الثاني: بأنه لم يثبت الحق للورثة حال الحياة، فلا معنى لاسقاطه، وإذا أريد ثبوته بعد الموت فاسقاطه حال الحياة من قبيل إسقاط ما لم يجب: ويشكل الثالث: بأن زوال المانع إنما يتم على تقدير استمرار رضى الوارث، أما إذا رد بعد ذلك فالارفاق به يقتضي عدم صحة الاجازة السابقة والعمل على رده. ويشكل الرابع: بأن موضوع الكلام صورة الموت، فالملك يكون للورثة، لكنه بعد الموت لا قبله، فالاجازة قبله إجازة من غير المالك. هذا والقول بعد اعتبار الاجازة حال الحياة منسوب في الجواهر إلى المقنعة والمراسم والسرائر والوسلية والجامع والايضاح وشرح الارشاد. وعن السرائر: الاستدلال له بانها إجازة في غير ما يستحقونه بعد، فلا يلزمهم ذلك بحال. وفيه: أنه اجتهاد في مقابل النص المعتبر، فلا يركن إليه ولا يؤبه به. ومثله في الاشكال التفصيل بين كون الاجازة حال مرض الموصي فتصح وحال صحته فلا تصح. فانه خلاف إطلاق النص. وكذا في الاشكال التفصيل بين غنى الوارث فتصح اجازته بلا استدعاء، وفقره أو باستدعاء من الموصي فلا تصح. (1) الاحتمال لا يصلح للتأييد، إذ يقابله الاحتمال الاخر المؤيد لخلافه. نعم إذا كان الاحتمال مفاد حجة كانت الحجة مؤيدة. (2) بل تبعد، والمستفاد منها أنه ليس للميت التصرف في ماله بعد الوفاة إلا بمقدار الثلث، أما أن ذلك لاجل ثبوت حق فعلي للوارث أو لامر آخر لاحق بعد الوفاة، كل محتمل.

 

===============

( 607 )

[ الوارث تنفيذ لعمل الموصي (1) وليست ابتداء عطية من ] (1) قال في الشرائع: " وإذا وقعت بعد الوفاة كان ذلك إجازة لفعل الموصي، وليس بابتداء هبة، فلا تفتقر صحتها إلى القبض "، وفي المسالك: " فان أجازوا في حال الحياة حيث يعتبر كان تنفيذا لا ابتداء عطية بغير اشكال، لان الوارث لم يملك حينئذ فلا يأتي فيه الاحتمال ". وفيه: أن الانتقال إلى الموصى له انما يكون بعد موت الموصي، والوارث يملك حينئذ، فيأتي فيه الاحتمال. ولذلك لم يخص الاحتمالين في القواعد بالاجازة بعد الوفاة، فقال: " والاجازة تنفيذ لفعل الموصي، لا ابتداء عطية، فلا تفتقر إلى قبض ". وفي المسالك: " وإن وقعت الاجازة بعد الوفاة ففي كونها تنفيذ أو ابتداء عطية من الوارث وجهان " وفي آخر كلامه نسب ما ذكره المصنف (ره) إلى مذهب الاصحاب لا يتحقق فيه خلاف بينهم، وانما يذكر الاخير وجها أو احتمالا وإنما هو قول العامة وأن المرجح عندهم ما اخترناه. انتهى. ومحصل الخلاف في المقام: هو أن المال ينتقل من الموصي إلى الموصى له، أو من الوارث إلى الموصى له، ولا ريب أن الانشاء للتمليك كان من الموصي، والوارث لم يكن منه إنشاء التمليك، وإنما كان منه إجازة ذلك الانشاء، فهو تنفيذ لذلك الانشاء، لا إنشاء ابتدائي. فالعبارة لا تخلو من حزازة. والوجه فيما ذكر الاصحاب: أن المال حال التصرف ملك للموصي إلى حين الموت، فإذا صح التصرف وانتقل المال إلى الموصى له فقد انتقل إليه من الموصي، لا من الورثة، لان انتقاله إلى الورثة خلاف مقتضى نفوذ الوصية، لان مفاد الوصية الانتقال إلى الموصى له، لا إلى غيره. (وما قيل) في وجه الاحتمال الاخر من أن الزائد على الثلث ملك للورثة

 

===============

( 608 )

[ الوارث، فلا ينتقل الزايد إلى الموصى له من الوارث - بأن ينتقل إليه بموت الموصي أولا ثم ينتقل إلى الموصى له - بل ولا بتقدير ملكه، بل ينتقل إليه من الموصي من الاول. (مسألة 5): ذكر بعضهم (1) أنه لو أوصى بنصف ] بعد الموت، فإذا صحت الوصية به باجازة الورثة فقد صح الانتقال منهم إلى الموصى له (ضعيف) لان الانتقال إلى الورثة فرع عدم صحة الوصية لان الميراث بعد الوصية، فإذا صحت الوصية، ولو بالاجازة فقد صح عدم انتقال الموصى به إلى الورثة. اللهم إلا أن يقال: ذلك بالنسبة إلى الوصية بالثلث، أما الوصية بالزايد عليه فليست مقدمة على الميراث، ولذا كانت محتاجة إلى إجازة الورثة. لكنه خلاف إطلاق ما دل على تقدم الوصية على الميراث من الكتاب والسنة، والاحتياج إلى الاجازة لا ينافي ذلك، لان الوصية مع الاجازة لا تخرج عن الوصية، فيشملها إطلاق الادلة. اللهم إلا أن يقال. إن ما تضمن أنه ليس للميت من ماله إلا الثلث يدل على أن الثلثين للورثة، فالوصية بهما وصية بمال الورثة، فإذا صحت الوصية بالاجازة فقد انتقل المال منهم إلى الموصى له. ولكنه يشكل: بأن لازم ذلك أن الثلث للميت وإن لم يوص به، وهو - كما ترى - لا يمكن الالتزام به، وخلاف ما دل على أن الميراث بعد الدين والوصية، فيتعين حمله على إرادة بيان ما يصح له التصرف فيه، وأنه ليس إلا الثلث، والمال كله له حال الحياة، فإذا مات وتصرف فيه وقد صح التصرف انتقل منه بمقتضى التصرف إلى الموصى له، وإن لم يتصرف انتقل إلى الوارث، فالمال حين ينتقل إلى غير الوارث ينتقل من الموصي لا من الوارث. (1) قال في الشرائع: " ولو أوصى بنصف ماله مثلا، فاجاز الورثة

 

===============

( 609 )

[ ماله مثلا فأجاز الورثة، ثم قالوا: ظننا أنه قليل، قضى عليهم بما ظنوه، وعليهم الحلف على الزايد، فلو قالوا: ظننا أنه ألف درهم، فبان أنه ألف دينار، قضى عليهم بصحة الاجازة في خمسمائة درهم، وأحلفوا على نفي ظن الزايد، فللموصى له نصف ألف درهم من التركة وثلث البقية (1) وذلك لاصالة عدم تعلق الاجازة بالزائد (2)، وأصالة عدم علمهم بالزايد. بخلاف ما إذا أوصى بعين معينة - كدار أو عبد - فأجازوا ثم ادعوا أنهم ظنوا أن ذلك أزيد من الثلث ] ثم قالوا: ظننا أنه قليل قضي عليهم بما ظنوه، وأحلفوا على الزائد. وفيه تردد. وأما لو أوصى بعبد أو بدار، فاجازوا الوصية، ثم ادعوا أنهم ظنوا أن ذلك بقدر الثلث أو أزيد بيسير، لم يلتفت إلى دعواهم لان الاجازة هنا تضمنت معلوما ". والحكم المذكور ذكره جماعة من الاصحاب، وفي الجواهر: " لا أجد فيه خلافا صريحا ". (1) كما في المسالك والجواهر وغيرهما. لنفوذ الوصية في ثلث التركة ومنه ثلث الباقي. ولعل الاولى في التعبير أن يقال: إنه يعطى ثلث الالف دينار بالوصية وسدس الالف درهم بالاجازة، لانهم لما ظنوا أن التركة الف درهم فاجازوا الوصية بنصفها فقد ظنوا أن الزايد المجاز سدس الالف درهم، فتصح الاجازة فيه لا غير. (2) قال في المسالك: " ووجه قبول قولهم استناده إلى أصالة عدم العلم بالزايد. مضافا إلى أن المال مما يخفى غالبا. ولان دعواهم يمكن أن تكون صادقة، ولا يمكن الاطلاع على صدق ظنهم إلا من قبلهم، لان الظن من الامور النفسانية، فلو لم يكتف فيه باليمين لزم الضرر،

 

===============

( 610 )

[ بقليل، فبان أنه أزيد بكثير، فانه لا يسمع منهم ذلك، لان إجازتهم تعلقت بمعلوم (1) وهو الدار أو العبد. ومنهم من سوى بين المسألتين في القبول (2) ومنهم من سوى بينهما في عدم القبول (3). وهذا هو الاقوى، أخذا بظاهر كلامهم في ] لتعذر إقامة البينة على دعواهم "، وفى الجواهر: زاد في توجيه ذلك أصالة عدم الاجازة، كما في المتن. وحاصل التوجيه: أن دعوى الوارث مطابقة لاحد الاصلين، فيكون منكرا، ويقبل قوله بيمينه. أو لانها موافقة لقاعدة قبول الاخبار بما لا يعلم إلا من قبل المخبر وان كان الخبر على خلاف الاصل. (1) تقدم التعليل بذلك عن الشرايع. وهو بظاهره مصادرة، فان الدليل عين الدعوى. وفى المسالك: جعل وجه الفرق بين المسألتين أن في هذه المسألة موضوع الاجازة لدار، وهي معلومة، وفى المسألة السابقة موضوعها الجزء المشاع، والعلم بمقداره يتوقف على معرفة مقدار مجموع التركة والاصل عدمه. ونحوه ما إذا أوصى بثلثه وعشرة، فاجازوا ثم ادعوا ظن كثرة المال، فتبين قلته، لكون العشرة التي هي موضوع الاجازة معلومة. وقد يفرق بين المسألتين بأن دعوى الورثة في الاولى مطابقة لاصالة عدم كثرة المال، وفي الثانية مخالفة لذلك، لانهم يدعون الظن بالكثرة فتبين أنه قليل. (2) قال في المسالك: " لعله الاوجه "، وحكي هو عن الدروس: الميل إليه، وعن التحرير: أنه جعله وجها، وعن القواعد احتمالا. لان الاجازة وإن وقعت على معلوم - وهو الدار أو العشرة في مثالنا - لكن كونه مقدار الثلث أو ما قاربه مما تسامحوا فيه مجهولا، ولا يعرف إلا بمعرفة مجموع التركة، والاصل عدمه. (3) يظهر ذلك من الجواهر.

 

===============

( 611 )

[ الاجازة (1)، كما في سائر المقامات، كما إذا أقر بشئ ثم ادعى أنه ظن كذا، أو وهب أو صالح أو نحو ذلك ثم ادعى أنه ظن كذا، فانه لا يسمع منه (2). بل الاقوى عدم السماع ] (1) لا يخفى أن أصالة عدم كثرة المال، أو اصالة عدم العلم بمقداره ونحوهما لا مجال للرجوع إليهما، لعدم الاثر الشرعي لمجراهما، والاثر إنما هو لاجازة الورثة، فان كان الخلاف في تحقق الاجازة منهم بنحو مفاد كان التامة وعدمه، فالاصل عدم الاجازة، وإن كان الخلاف في مفاد كان الناقصة وأن الاجازة الواقعة منهم هل كانت تشمل صورة ما إذا كان النصف الموصى به خمسمائة دينار، أو الدار الموصى بها تمام التركة - مثلا - أو لا تشمل ذلك، فاصالة عدم الشمول وإن كانت جارية في نفسها، لكن إطلاق الاجازة الصادرة من الوارث حاكم عليها، وحينئذ يكون قول الوارث: ظننا كذا، أو اعتقدنا كذا فأجزنا على تقدير غير حاصل، ولم نجز على التقدير الحاصل، دعوى على خلاف الاطلاق. وقد كان بناء الاصحاب (رض) على الاخذ به في الاقرارات والنذور والوصايا والعقود وغيرها، كما في الجواهر. بل قال: " إن تقييد الاجازة بالمظنون مع ظهور ما أفادها في خلافه مخالف للضوابط الشرعية، كما هو واضح ". (2) إن كان المراد منه أنه لا يقبل خبره ولا يترتب الاثر عليه، فهو في محله، لما ذكرنا من أنه مخالفة لظاهر قوله وفعله وهو حجة، فلا ترفع اليد عنه بمجرد الخبر، كما إذا أخبر بملك ما في يد غيره، فان الخبر لا يقبل ويعمل على مقتضى اليد حتى يثبت الخلاف. وإن كان المراد أن الدعوى لا تسمع في مقام التداعي وترد عليه، فهو غير ظاهر، لاطلاق ما دل على سماع الدعوى والنظر فيها، والرجوع إلى قواعد القضاء. ولذا ذكر الاصحاب أنه إذا أقر يقبض الثمن، ثم ادعى أن اقراره كان للتواطؤ

 

===============

( 612 )

[ حتى مع العلم بصدقهم في دعواهم (1). إلا إذا علم كون ] بينه وبين المشتري قبل ذلك منه، وفي الجواهر: " لم نجد خلافا في القبول " ثم قال: " ولعل الاقوى في النظر إن لم يكن إجماع عدم خصوصية للمقام فتسمع الدعوى مطلقا إذا ذكر وجها ممكنا لاقراره الاول ". فإذا كان يقبل ذلك مع كونه مخالفا لظاهر الاقرار فأولى أن يقبل إذا كان مخالفا لظاهر القول أو الفعل. نعم على تقدير القبول يكون مدعيا، لان قوله يخالف الحجة - وهو ظاهر الاجازة - وخصمه منكرا لموافقته لظاهر الاجازة، فيكون البينة عليه واليمين على خصمه. وبذلك يفترق عن حكم القبول عند الاصحاب، فان الوارث عندهم يقبل قوله لانه منكر، وبناء على ما ذكرنا يقبل قوله لانه مدع وخصمه منكر. ونظير المقام ما إذا باع مثلا ثم ادعى فساد البيع، فان يقبل قوله - اتفاقا ظاهرا، كما في الجواهر - على أنه مدع، لان قوله مخالف لاصالة الصحة، ويكون خصمه منكرا، لموافقة قوله لها. وكذلك بناؤهم في باب الاقرار، فانه يكون مدعيا عندهم وخصمه منكرا، فيحلف خصمه على القبض - كما هو الظاهر - أو على نفي المواطاة، كما قيل. (1) لان الظن من قبيل الداعي إلى الاجازة، لا قيد لموضوعها، ومع تخلف الداعي لا يبطل الانشاء، لان الدواعي بوجودها العلمي مؤثرة في المدعو إليه، والوجود العلمي حاصل، لا بوجودها الخارجي، حتى يكون فقدها موجبا لانتفاء المدعو إليه، كما ذكرنا ذلك مكررا في هذا الشرح. فإذا قال انسان، من كان صديقي فليأكل من طعامي، لا يجوز لمن لم يكن صديقا له أن يأكل، لانه غير مأذون، لانتفاء قيد موضوع الاذن، وإذا قال إنسان لاخر: كل من طعامي، وعلم أن الداعي إلى هذا الاذن اعتقاد الصداقة جاز له أن يأكل وإن لم يكن صديقا له. وعلى

 

===============

( 613 )

[ إجازتهم مقيدة بكونه بمقدار كذا (1)، فيرجع إلى عدم الاجازة (2). ومعه يشكل السماع فيما ظنوه أيضا (3). (مسألة 6): المدار في اعتبار الثلث على حال وفاة الموصي (4)، ] هذا فلو فرض صدق الوارث في دعواه الظن بقلة المال أو بزيادته، لكن تخلف ذلك، لا يوجب بطلان الاجازة. اللهم إلا أن يقال: قاعدة نفي الضرر موجبة للبطلان، لان صحة الاجازة ضرر على الوارث لم يقدم عليه لكن يشكل: بأن الاجازة لا توجب الضرر، وإنما توجب عدم النفع، لان المال لم يخرج من ملك الوارث، وإنما خرج من ملك الموصي، كما تقدم. (1) بناء على ما ذكرنا يكون مورد الشك في كون الخصوصية أخذت بنحو الداعي أو القيد موردا لاصالة عدم الاجازة لو لم يكن محكوما بظاهر الاطلاق، فان إطلاق الخطاب وعدم تقييده يوجب البناء على كون الخصوصية لوحظت داعيا فما يعلم التقييد يبني على صحة الوصية. (2) هذا إذا احتمل تحقق إجازة اخرى غير الاجازة التي قيدت، وإلا فلا شك كى يرجع إلى الاصل. (3) إذا كان ما ظنوه زائدا على المقيد، اما إذا كان هو المقيد فلا إشكال في كونه مورد الاجازة. (4) بلا خلاف أجده، بل الاجماع محكي عن الخلاف، إن لم يكن محصلا. كذا في الجواهر. ويقتضيه إطلاق الادلة، فانه يقتضي كون المراد من الثلث ماكان حال الوفاة، وكذلك غيره من السهام، كالنصف والربع والثمن وغيرها، فان الجميع من باب واحد، وإنها جميعا واردة بالنسبة إلى ما يتركه الميت ويفارقه ويذهب إلى غيره، فكأن الموصي في مقام التصرف في المال الذي يذهب منه. ولولا ذلك كان المتعين الحمل

 

===============

( 614 )

[ لا حال الوصية (1)، بل على حال حصول قبض الوارث للتركة (2) إن لم تكن بيدهم حال الوفاة، فلو أوصى بحصة مشاعة - كالربع أو الثلث - وكان ماله بمقدار ثم نقص كان النقص مشتركا بين الوارث والموصي، ولو زاد كانت الزيادة لهما مطلقا، وان كانت كثيرة جدا. وقد يقيد بما إذا لم ] على حال الوصية، كما في سائر الموارد التي يحمل فيها العنوان على ما يكون حال الخطاب فإذا قال المقر: لزيد نصف مالي، كان المراد نصفه حال الاقرار، وإذا قال: لله علي أن أتصدق بنصف مالي، فالمراد حال النذر، وهكذا. لكن القرينة في المقام قائمة على حال الوفاة. (1) خلافا لبعض الشافعية. (2) قال في جامع المقاصد: " قد بينا فيما تقدم أن الثلث يعتبر بعد الموت، إذ قد يتجدد مال للميت بعد الموت - كالدية إذا ثبتت صلحا - وقد يتجدد تلف بعض التركة قبل قبض الوارث. وكأن المصنف (ره) إنما اعتبر ذلك (يعنى حال الوفاة) في مقابل وقت الوصية، لا مطلقا، فكأنه قال: لا يعتبر وقت الوصية "، وتبعه على ذلك من تأخر عنه. وهو محله في المتجدد - كما يأتي - للدليل. وأما في التلف قبل قبض الوارث فغير ظاهر، لان النقص يكون من اصل التركة، ولا يختص بمال الوارث ضرورة، لعدم المحصص. وحينئذ لا يكون المدار في الثلث على حال القبض بل على حال الوفاة، وورود النقص عليه بالتلف لا ينافي ذلك، بل يحققه، وكذا إذا قبضة الوارث قبض أمانة، فتلف بعضه، فان النقص يكون على الجميع. وإذا قبضه الوارث قبض ضمان، فتلف بعضه، ضمنه الوارث لا غير. وكيف كان فالنقص على نحو الضمان وعدمه لا يستدعي كون العبرة بالثلث على حال قبض الوارث. فلاحظ

 

===============

( 615 )

[ تكن كثيرة (1)، إذ لا يعلم إرادته هذه الزيادة المتجددة، والاصل عدم تعلق الوصية بها. ولكن لا وجه له، للزوم العمل باطلاق الوصية (2). ] (1) قال في جامع المقاصد: " هذا يستقيم فيما إذا أوصى بقدر معلوم، أما إذا أوصى بثلث تركته، وكان في وقت الوصية قليلا، فتجدد له مال كثير - بالارث أو بالوصية أو بالاكتساب - ففي تعلق الوصية بثلث المتجدد مع عدم العلم بارادة الموصي للموجود وقت الوصية والمتجدد نظر ظاهر، مشنؤه قراين الاحوال على ان الموصي لم يرد ثلث المتجدد حيث لا يكون تجدده متوقعا. وقد تقدم الاشكال فيما لو أوصى لاقرب الناس إليه، وله ابن وابن ابن، فمات الابن، فان استحقاق ابن الابن لها لا يخلو من تردد ". (2) قد عرفت أن الحمل على حال الوفاة مقتضى قرينة المقام القطعية وحينئذ لا مجال للتشكيك المذكور. ولا لدفعه بالتمسك بالاطلاق، فان المقام ليس مقام الاطلاق والتقييد لتعيين المراد. نعم يمكن فرض الاطلاق بلحاظ أن المال حال الوفاة تارة: يكون موجودا حال الوصية، وأخرى: لا يكون كذلك. لكن المستشكل لم يكن توقفه لذلك، ولا لاحتمال هذا النحو من التقييد، بل كأنه لاحظ حال الوصية في المقدار ولاحظ الزيادة من أحواله، فكأن الموصي قال: ادفعوا ثلث مالي حال الوصية وإن زاد. وشكك جامع المقاصد في شموله للزيادة الكثيرة والمصنف تمسك بالاطلاق الشامل للزيادة الكثيرة مع ان الزيادة ليست من احوال المال الثابت حال الوصية وربما تكون مباينة له، بأن كان يملك حال الوصية دارهم فصار يملك دنانير، فكيف يكون الاطلاق شاملا للزيادة مع المباينة؟ فلاحظ. وعلى تقدير الاطلاق فقرائن الاحوال التي ذكرها في جامع المقاصد غير ثابتة بنحو تصلح للتقييد، فان مجرد عدم التوقع للزيادة لا يصلح لذلك.

 

===============

( 616 )

[ نعم لو كان هناك قرينة قطعية (1) على عدم إرادته الزيادة المتجددة صح ما ذكر. لكن عليه لا فرق بين كثرة الزيادة وقلتها. ولو أوصى بعين معينة (2) كانت بقدر الثلث أو اقل ثم حصل نقص في المال أو زيادة في قيمة تلك العين، بحيث صارت ازيد من الثلث حال الوفاة بطلت بالنسبة إلى الزايد مع عدم إجازة الوارث، وإن كانت أزيد من الثلث حال الوصية، ثم زادت التركة أو نقصت قيمة تلك العين فصارت بقدر الثلث أو اقل، صحت الوصية فيها. وكذا الحال إذا أوصى بمقدار معين كلي كمائة دينار مثلا. (مسألة 7): ربما يحتمل (3) فيما لو أوصى بعين معينة أو بكلي - كمأة دينار مثلا - أنه إذا أتلف من التركة بعد موت ] (1) أو غير قطعية مع كونها قرينه لتقييد المطلق، أو صالحة للقرينة وإن لم يثبت كونها قرينة عند العرف، فان ذلك كاف في رفع اليد عن الاطلاق، ولا يختص ذلك بالقرينة القطعية، ولا بالقرينة على التقييد وإن لم تكن قطعية، فان ما يصلح للقرينية كاف في رفع اليد عن الاطلاق. (2) هذا وما بعده يتفرع على كون العبرة بالثلث حال الوفاة لا حال الوصية. (3) قال في الجواهر: " إنما الاشكال في أن هذا ونحوه (يعني الوصية بشئ معين أو بمقدار كلي كمائة دينار) هل يرجع إلى الوصية بحصة مشاعة من الثلث حتى أن التالف منه ينقص من الموصى به على حسب النسبة لانه كالوصية بربع الثلث - مثلا - وأنه لا يرجع إلى ذلك، بل هو كلي مضمون في الثلث، حتى لو لم يبق منه إلا مقدار ما يساوي ذلك نفذت

 

===============

( 617 )

[ الموصي يرد النقص عليهما أيضا بالنسبة، كما في الحصة المشاعة، وإن كان الثلث وافيا. وذلك بدعوى أن الوصية بها ترجع إلى الوصية بمقدار ما يساوي قيمتها، فيرجع إلى الوصية بصحة مشاعة. والاقوى عدم ورود النقص عليهما (1) ما دام الثلث وافيا، ورجوعهما إلى الحصة المشاعة في الثلث أو في التركة لا وجه له، خصوصا في الوصية بالعين المعينة. (مسألة 8): إذا حصل للموصي مال بعد الموت - كما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته - يخرج منه الوصية كما يخرج منه الديون (2)، فلو كان أوصى بالثلث أو الربع أخذ ثلث ذلك المال أيضا مثلا، وإذا أوصى بعين، وكانت ] الوصية؟ فيه وجهان منشؤهما أن الكلي يملك في الخارج لا على جهة الاشاعة على وجه تشمله عمومات الوصية - مثلا - أو أنه لا يملك إلا على جهة الاشاعة إلا ما خرج بالدليل، كبيع الصاع من الصبرة بناء عليه، لخبر الاطنان ". (1) لاطلاق وجوب العمل بالوصية إذا لم تزد على الثلث، وورود النقص على الموصى به في الفرضين المذكورين في المتن خلاف ذلك الاطلاق كما اختاره في الجواهر. (ودعوى) عدم ملك الكلي إلا على نحو الاشاعة ممنوعة مخالفة لما عند العرف. نعم إذا كانت الاشاعة في نفس الموصى به - كما إذا أوصى بالثلث أو الربع أو نحوهما - فورود النقص عليهما مقتضى الاشتراك في المشاع كما هو ظاهر. (2) نص على ذلك جماعة. لان النصب فعل الميت، والصيد أثره والاثر تابع للمؤثر تبعية النماء لذي النماء.

 

===============

( 618 )

[ أزيد من الثلث حين الموت، وخرجت منه بضم ذلك المال، نفذت فيها (1). وكذا إذا أوصى بكلي كمائة دينار مثلا. بل لو أوصى ثم قتل حسبت ديته من جملة تركته، فيخرج منها الثلث (2) كما يخرج منها ديونه إذا كان القتل خطأ، بل وإن ] (1) يشكل بأن النصب حال الوفاة يكون للوارث، لانه غير موصى به، وإذا كان النصب للوارث كان أثره - وهو الصيد - له لا للميت حتى تخرج منه وصيته. نظير ما إذا ترك شاتين قد أوصى باحداهما بعينها لزيد وكانتا متساويتين في القيمة، فان ترد الوصية في سدس الشاة الموصى بها، فإذا ولدت الشاة الاخرى لم يكن متداركا به النقص، لانه ملك الوارث لا غير. وكذا الكلام فيما لو أوصى بمائة دينار مثلا فان العين الخارجية للوارث والنماء تابع لها، فيكون للوارث. (2) إجماعا محكيا إن لم يكن محصلا، كذا في الجواهر، وفي جامع المقاصد: دعوى الاطباق عليه. وهو كذلك على الظاهر، فانه لم ينقل فيه خلاف أو اشكال. وتدل عليه النصوص، كصحيح محمد بن قيس، قال: " قلت له: رجل أوصى لرجل بوصية من ماله ثلث أو ربع، فيقتل الرجل خطأ، يعنى الموصي. فقال يجاز لهذه الوصية من ماله ومن ديته " (* 1). وخبر السكوني عن أبي عبد الله (ع): " قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أوصى بثلثه ثم قتل خطأ، فان ثلث ديته داخل في وصيته " (* 2)، ونحوهما غيرهما.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 2. ويوجد في الباب غير ذلك من الاخبار الدالة على المطلوب.

 

 

 

===============

( 619 )

[ كان عمدا (1) وصالحوا على الدية. للنصوص الخاصة. مضافا إلى الاعتبار، وهو كونه أحق بعوض نفسه من غيره (2). ] (1) كما هو المشهور. وفي الجواهر " قيل: إنه حكيت اجماعات على ذلك وانه لم يخالف فيه، الا ما يوهمه كلام ابن ادريس في باب قضاء الدين عن الميت، وهو اجتهاد في مقابلة النص ". ويشير بالنص إلى خبر عبد الحميد: " سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن رجل قتل، وعليه دين، وأخذ أهله الدية من قاتله، أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال (ع): نعم. قلت: وهو لم يترك شيئا. قال (ع): أنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا الدين " (* 1) ونحوه خبر يحيى الازرق عن أبي الحسن (ع) (* 2). واطلاقهما شامل للعمد. بل هو صريح خبر أبي بصير عن أبي الحسن موسى ابن جعفر (ع) قال: " قلت: فان هو قتل عمدا وصالح أولياؤه قاتله على الدية فعلى من الدين، على أوليائه أم من الدية أو على إمام المسلمين؟ فقال (ع): بل يؤدوا دينه من ديته التي صالح عليها أولياؤه، فانه أحق بديته من غيره " (* 3). لكن النصوص المذكورة غير متعرضة للوصية، فكأن الجماعة ألحقوها به، بناء منهم على أن الدية ميراث، والميراث بعد الوصية كما هو بعد الدين. (1) كأن المقتول ملك نفس القاتل عوض نفسه، والولاية على ما

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب الدين والقرض ملحق حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب الدين والقرض حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 59 من ابواب احكام القصاص حديث: 2. لكن رواه عن الفقيه بطريقه عن علي بن ابي حمزة عن ابي الحسن موسى بن جعفر (ع). وهو مروي هكذا في التهذيب الجزء: 4 صفحة: 83 طبع النجف. لكن رواه في الوافي - في باب اولياء الدم من أبواب القصاص في المجلد الثاني صفحة: 192 - عن التهذيب عن علي بن ابي حمزة عن أبي بصير عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام.

 

 

 

===============

( 620 )

[ وكذا إذا أخذ دية جرحه خطأ (1)، بل أو عمدا (2). ] ملكه لوليه، فله العفو، وله القتل، وله المصالحة عليها بالعوض، وهو الدية، فالدية تكون للوارث بلحاظ كونه بمنزلة مورثة وقائما مقامه، فالمقتول وإن كان لا يملك نفسه حقيقة، ولا يملك عوضها - وهي نفس القاتل - ولا يملك الدية التي هي عوض نفس المقتول بالصلح، لكن لما كان ملك الوارث للدية بلحاظ كونه قائما مقام مورثه، فكأنه يأخذ المال بالارث من المقتول، لا بالاصالة عن نفسه، والى ذلك يشير قوله (ع) في رواية أبي بصير: " فانه أحق بديته "، فهو حينئذ أحق باستيفاء الدية بتنفيذ وصيته من ورثته، فهذه الاعتبارات متلازمة عرفا، فلا مجال للاشكال في نفوذ الوصية في الفرض. (1) فان الميت يملك الدية في حياته، وهي كسائر أمواله التي تخرج منها وصاياه إذا لم تزد على الثلث. (2) فانه في العمد لم يملك الدية في حياته لكنه يملك القصاص، والدية عوضه بالصلح، فيكون ما يملكه قابلا لتنفيذ وصيته ولو بالمصالحة عليه. فلا إشكال. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب وهو حسبنا ونعم الوكيل. إلى هنا انتهى الكلام في مباحث الوصية. وكان في جوار الحضرة العلوية المقدسة، على مشرفها أفضل الصلاة والسلام. في الخامس والعشرين من شهر ربيع الاول سنة احدى وثمانين وثلاثمائة وألف هجرية. والحمد لله رب العالمين.