فصل في تكبيرة الاحرام

فصل في تكبيرة الاحرام وتسمى تكبيرة الافتتاح (2) ] القصر على المسافر، فإذا وجب عليه القصر لم يصح ما فعله، لعدم إمكان العدول به إليه من جهة الزيادة. (1) هذا لا يجدي في الصحة إذا قصد على نحو التقييد، فانه مدار البطلان في جميع موارد الخطأ في القصد، ولعل المراد الاشارة إلى أنه لم يقصد على نحو التقييد، بل من باب الخطأ في التطبيق، وقد تقدم في مباحث نية الوضوء ما له نفع في المقام فراجع، والله سبحانه أعلم. فصل في تكبيرة الاحرام (2) كما في غير واحد من النصوص، كما سيأتي.

 

===============

 

( 52 )

 

[ وهي أول الاجزاء الواجبة للصلاة (1) بناء على كون النية شرطا، وبها يحرم على المصلي المنافيات (2)، وما لم يتمها يجوز له قطعها. وتركها عمدا وسهوا مبطل (3)، ] (1) كما تقتضيه النصوص المتضمنة أن افتتاحها التكبير (* 1). لكن قد يشكل ذلك بالنسبة إلى القيام - بناء على أنه جزء لاشرط - فانه حينئذ يكون مقارنا للتكبيرة كالنية بناء على أنها حزء للصلاة لاشرط. إلا أن يقال: بناء على أن القيام جزء للصلاة إنما يجب في حال التكبير، فيكون التكبير مقدما رتبة عليه، وبهذه العناية صار أول الاجزاء، وفي القواعد والارشاد: جعل أول أفعال الصلاة القيام، وكأنه لوجوب القيام آناما قبل الشروع في التكبير من باب المقدمة. فتأمل. (2) كما يقتضيه ما تضمن أن تحريمها التكبير، وما تضمن أنها مفتاح الصلاة، وأن بها افتتاحها. (* 2). (3) إجماعا، كما في الذكرى وعن غيرها. وفي الجواهر: " إجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا " نعم في مجمع البرهان بعد ما حكى عن المنتهى نسبته إلى العلماء إلا نادرا من العامة - قال: " فكأنه إجماعي عندنا " وقد يشعر أنه محل توقف عنده، وهو غير ظاهر. ويشهد له جملة من النصوص كصحيح زرارة: " سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح، قال (ع): " يعيد الصلاة " (* 3)، وموثق عمار: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل سها خلف الامام فلم يفتتح الصلاة، قال (ع): يعيد ولا صلاة بغير افتتاح " (* 4) ونحوهما غيرهما.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام. وباب: 1 من ابواب التسليم (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبره الاحرام. وباب: 1 من ابواب التسليم. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 7.

 

===============

 

( 53 )

 

نعم يعارضها صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة، فقال (ع): أليس كان من نيته أن يكبر؟ قلت: نعم. قال (ع): فليمض في صلاته " (* 1)، وموثق أبي بصير: " سألت أبا عبد الله (ع): عن رجل قام في الصلاة فنسي أن يكبر، فبدأ بالقراءة، فقال (ع): إن ذكرها وهو قائم قبل أن يركع فليكبر، وإن ركع فليمض في صلاته " (* 2)، وصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " قلت له: الرجل ينسى أول تكبيرة من الافتتاح، فقال (ع): إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرأ ثم ركع، وإن ذكرها في الصلاه كبرها في قيامه في موضع التكبير قبل القراءة وبعد القراءة. قلت: فان ذكرها بعد الصلاة. قال (ع): فليقضها ولا شئ عليه " (* 3). هذا ولا يخفى أنه لا مجال للاعتماد على هذه النصوص في صرف النصوص السابقة إلى الاستحباب، وإن كان هو مقتضى الجمع العرفي لمخالفتها للاجماع المحقق المسقط لها عن الحجية. مضافا إلى إمكان المناقشة في دلالة بعضها، كالصحيح الاول: لاحتمال أن يراد من التكبير فيه التكبير في آخر الاقامة، كموثق عبيد: " عن رجل أقام الصلاة فنسي أن يكبر حتى افتتح الصلاة قال (ع): يعيد " (* 4)، وكالصحيح الاخير لاحتمال أن يراد منه أول تكبيرة من تكبيرات الافتتاح السبع كما في الوسائل (* 5)، فتأمل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 3. (* 5) يذكر ذاك تعليقا على صحيحة زرارة عن ابي جعفر. بعد ما ينقل عن الشيخ كلاما وحمله على قضاء الصلاة فراجع

 

===============

 

( 54 )

 

[ كما أن زيادتها أيضا كذلك (1)، فلو كبر بقصد الافتتاح، وأتى بها على الوجه ] (1) كما هو المشهور. بل في الحدائق نفي الخلاف فيه، لكن دليله غير ظاهر. وفي مجمع البرهان: " ما رأيت ما يدل عليه ". والاجماع على كونها ركنا لا يستلزمه، الا إذا فسر الركن بما تقدح زيادته عمدا وسهوا كنقيصته، لكنه غير ثابت وان نسب إلى المشهور، كيف؟! وظاهر ما في الشرائع والقواعد وغيرهما في مبحث القيام والنية والتكبيرة وغيرها من قولهم: " ركن تبطل بالاخلال به عمدا وسهوا " مقتصرين عليه: أن ليس معنى الركن الا ما تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا لاغير كما هو معناه لغة وعرفا. بل قد لا تتصور الزيادة عمدا فيها - بناء على المشهور من بطلان الصلاة. بنية الخروج - فان قصد الافتتاح بها مستلزم لنية الخروج عما مضى من الصلاة، فتبطل الصلاة في رتبة سابقة على فعلها. اللهم الا أن يبنى على عدم الاستلزام المذكور، أو على أن المبطل نية الخروج بالمرة لافي مثل ما نحن فيه. فتأمل. ومثله في الاشكال الاستدلال له بعموم مادل على قدح الزيادة في الصلاة (* 1)، ولعله إليه يرجع ما عن المبسوط من تعليل قدح الثانية بأنها غير مطابقة للصلاة، إذ فيه - مع أنه لا يختص ذلك بتكبيرة الافتتاح بل يجرى في عامة الاقوال والافعال المزيدة -: أن العموم المذكور محكوم بحديث: " لا تعاد الصلاة الامن خمسة " (* 2) فان الظاهر عمومه للزيادة، فيختص العموم الاول بالزيادة العمدية لاغير. وأشكل من ذلك ما في التذكرة ونهاية الاحكام من تعليل قدح الثانية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 55 )

 

بأنها فعل منهي عنه فيكون باطلا ومبطلا للصلاة، فانه ممنوع صغرى وكبرى ولعله راجع إلى ما قبله - كما احتمله في كشف اللثام - فيتوجه عليه حينئذ ما سبق. وأغرب من ذلك ما ذكره بعض مشايخنا (ره): من أن فعل التكبيرة الثانية بقصد الافتتاح ورفع اليد عن الاولى مانع من بقاء الهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة بين التكبيرة الاولى وما بعدها بنظر العرف - إذ فيه مع وضوح منعه -: أنه لا يظن الالتزام به في سائر موارد تكرار الاجزاء الصلاتية من الاقوال والافعال، ولاسيما إذا صدر ذلك غفلة عن فعله أولا. وكذا ما في الجواهر: من ابتناء ذلك على القول باجمال العبادة، وأنها اسم للصحيح. إذ فيه: أنه يتم لو أريد الرجوع في الصحة إلى إطلاق الامر بالصلاة لكن يكفي فيها أصل البراءة عن المانعية. مع أنه لو بني على قاعدة الاشتغال عند الشك في الشرطية والمانعية فلا مجال لذلك بعد ورود مثل حديث: " لا تعاد الصلاة "، بناء على ما عرفت من عمومه للزيادة أيضا. ومثله أيضا ما عن شيخنا الاعظم (ره) من تعليل القدح في العمد: بأنها زيادة واقعة على جهة التشريع، فتبطل الصلاة بها مع العمد اتفاقا. إذ فيه: أن التشريع في نفسه غير قاد ح، والاتفاق المدعى على قدحه مستنده عموم ما دل على قدح الزيادة في الصلاة، فيكون هو المعتمد لاغير. مع أن فعله بعنوان تبديل الامتثال - كما ورد في بعض الموارد - لا ينطبق عليه عنوان التشريع، الذي هو الفعل بقصد امتثال أمر تشريعي لا شرعي. فلم يبق دليل على الحكم المذكور على إطلاقه إلا دعوى ظهور الاتفاق عليه، الذي قد تأمل فيه غير واحد من محققي المتأخرين، وفي الاعتماد عليه حينئذ إشكال. نعم لا مجال للتأمل فيه في العمد للزيادة المبطلة نصا وفتوى.

 

===============

 

( 56 )

 

[ الصحيح ثم كبر بهذا القصد ثانيا (1) بطلت (2) واحتاج إلى ثالثة، فان أبطلها بزيادة رابعة احتاج إلى خامسة. وهكذا تبطل بالشفع وتصح بالوتر. ولو كان في أثناء صلاة فنسي وكبر لصلاة أخرى، فالاحوط إتمام الاولى وإعادتها (3). ] (1) اعتبار نية الافتتاح بالثانية في حصول البطلان مبني على أن الوجه فيه زيادة الركن، لان الركن من التكبير مختص بتكبير الافتتاح كما صرح بذلك في الجواهر. ولو كان الوجه في البطلان نفس الزيادة أو التشريع كفى في البطلان قصد الجزئية، أو حصول التشريع وان لم يقصد به الافتتاح. (2) لعدم مشروعيتها، بل مع العمد تكون منهيا عنها لحرمة الابطال. نعم بناء على بطلان الصلاة بنية الخروج الملازمة لنية الافتتاح بالثانية تصح ويكتفي بها، كما أشار إلى ذلك في الجواهر. (3) وجه توقفه احتمال صدق الزيادة في المقام، فيدخل في معقد الاجماع على البطلان بزيادة الركن ولو سهوا. وقد يشير إليه ما في بعض النصوص الناهية عن قراءة العزيمة في الفريضة، معللا بأن السجود زيادة. وفيه: أنه لا ينبغي التأمل في عدم صدق الزيادة مع عدم قصد الجزئية للصلاة التي هو فيها، فلا يدخل في معقد الاجماع السابق لوتم وجوب العمل به، لاأقل من الشك في شموله لذلك، فيرجع فيه إلى أصالة البراءة من المانعية وأما التعليل بأن السجود زيادة في المكتوبة، فبعد البناء على عدم صدق الزيادة حقيقة عليه، يدور الامر بين حمل الزيادة في الكبرى المتصيدة منه على ما يشمل الزيادة الصورية فيكون التجوز في الكبرى، وبين التصرف في تطبيق الزيادة الحقيقة على الزيادة الصورية، فيكون التصرف في الصغرى، وإذ أن أصالة الحقيقة في التطبيق لا أصل لها للعلم بالمراد، فأصالة الحقيقة في الكبرى بلا معارض.

 

===============

 

( 57 )

 

[ وصورتها: " الله أكبر " من غير تغيير ولا تبديل (1)، ] ونظير المقام أن يقال: إحذر زيدا فانه أسد، فانه لا يصح أن يتصيد منه كبرى وجوب الحذر عن مطلق الشجاع ولو كان عمرا أو خالدا أو غيرهما من أفراد الشجاع، بل يحكم بأن الكبرى وجوب الحذر عن الحيوان المفترس، ويقتصر في التنزيل منزلته على زيد لاغيره. مع أنه لو بني على التصرف في الكبرى واستفادة قدح الزيادة الصورية فمقتضى حديث: " لا تعاد الصلاة " تخصيصه بالعمد - كما هو مورده - لان سجود العزيمة عمدي، فلا يشمل السهو. وقد عرفت أن الاجماع على قدح زيادة التكبير ولو سهوا لو تم لا يشمل الزيادة الصورية، فالبناء على صحة الصلاة في الفرض أقرب إلى صناعة الاستدلال فلاحظ. (1) هو قول علمائنا - كما في المعتبر - وعليه علماؤنا كما في المنتهى - لانه المتعارف ولمرسل الفقيه: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله أتم الناس صلاة وأوجزهم، كان إذا دخل في صلاته قال: الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم " (* 1) بضميمة قوله صلى الله عليه وآله: " صلوا كما رأيتموني أصلي " (* 2)، وما في خبر المجالس: " وأما قوله: والله اكبر... إلى أن قال لا تفتح الصلاة إلا بها " (* 3). والجميع كما ترى، إذ التعارف لا يصلح مقيدا للاطلاق لو كان، ولا دليلا على المنع من زيادة شئ، مثل تعريف " أكبر " كما عن الاسكافي أو تقديمه على لفظ الجلالة - كما عن بعض الشافعية - أو الفصل بينهما بمثل " سبحانه " أو " عزوجل " أو نحو ذلك، أو تبديل إحدى الكلمتين أو كلتيهما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 11. (* 2) كنز العمال ج: 4 صفحة: 62 حديث: 1196. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 12.

 

===============

 

( 58 )

 

[ ولا يجزئ مرادفها، ولا ترجمتها بالعجمية أو غيرها، والاحوط عدم وصلها بما سبقها من الدعاء (1)، ] بمرادفهما من اللغة العربية. وكذلك الكلام في المرسل، بل لعله ظاهر في جواز ذلك، غاية الامر أنه لا يكون من الموجز، ولاجل ذلك لا يصلح دليل التأسي للتقييد بالموجز لو صلح في نفسه للتقييد. مع أن الاشكال فيه مشهور ظاهر، لان المشار إليه لابد أن يكون فردا خارجيا من الصلاة، ومن المعلوم أن الخصوصيات المحددة له لا تكون كلها دخيلة في الصلاة، وإرادة بعض منها بعينه لاقرينة عليه من الكلام، فلابد أن يكون مقرونا بما يدل على تعيين بعض تلك الحدود، وهو غير متحصل لدينا فيكون مجملا. وخبر المجالس قد اشتمل على ذكر حرف العطف، فهو على خلاف المدعى أدل. فالعمدة حينئذ في ذلك الاجماع، الذي به يقيد الاطلاق لو كان، ويرفع اليد عن أصالة البراءة من الشرطية أو المانعية، وأصالة الاحتياط لو شك في جواز تبديل إحدى الكلمتين بمرادفها من اللغة العربية أو غيرها، بناء على المشهور من أن المرجع في الدوران بين التعيين والتخيير هو الاحتياط. (1) قال في الذكرى: " لو وصل همزة (الله) فالاقرب البطلان، لان التكبير الوارد من صاحب الشرع إنما كان بقطع الهمزة، ولا يلزم من كونها همزة وصل سقوطها، إذ سقوط همزة الوصل من خواص الدرج بكلام متصل، ولا كلام قبل تكبيرة الاحرام، فلو تكلفه فقد تكلف ما لا يحتاج إليه، فلا يخرج اللفظ عن أصله المعهود شرعا ". ونحوه ما عن جامع المقاصد وكشف الالتباس والروض والمقاصد العلية وغيرها. وفيه - كما في الجواهر -: " إذ دعوى أن النبي صلى الله عليه وآله لم يأت به إلا مقطوعة عن الكلام السابق لا شاهد لها ". مضافا إلى ما عن المدارك: من أن المقتضى للسقوط كونها في الدرج سواء كان ذلك الكلام معتبرا عند الشارع أم لا... انتهى.

 

===============

 

( 59 )

 

[ أو لفظ النية، وإن كان الاقوى جوازه، ويحذف الهمزة من " الله " حينئذ، كما أن الاقوى جواز وصلها بما بعدها (1) من الاستعاذة، أو البسملة، أو غيرهما، ويجب حينئذ إعراب راء " الله أكبر " (2)، لكن الاحوط عدم الوصل. ويجب إخراج حروفها من مخارجها (3)، ] مع أنه لو سلم اختصاصه بالكلام المعتبر عند الشارع جاء الكلام في وصلها بتهليل الاقامة أو بعض الادعية الواردة بالخصوص، ومن هنا اختار المصنف (ره) - تبعا لبعض - جواز الوصل بما قبلها لاصالة البراءة من قادحية الوصل، فيترتب عليه سقوط الهمزة جريا على قانون اللغة العربية، بناء على ما هو الصحيح المشهور بين النحويين من كونها همزة وصل لاقطع كما عن جماعة منهم. اللهم إلا أن يقال: التردد في المقام بين التعيين والتخيير والمرجع فيه الاحتياط، والاطلاق الرافع للشك المذكور غير ثابت. فتأمل. (1) لعدم الدليل على قادحيته، فلا ترفع اليد عن أصالة البراءة منها، أو أصالة الاطلاق لو كان، خلافا لما في القواعد وعن غيرها من البطلان بذلك، اقتصارا على المتيقن من فعله صلى الله عليه وآله، أو دعوى انصراف الاطلاق عنه. إذ لا يخفى توجه الاشكال عليه. نعم عرفت أنه لم يتحصل لنا إطلاق يرجع إليه، والمقام من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير، والمرجع فيه قاعدة الاحتياط. نعم بناء على جواز الوصل مع السكون يكون المقام من باب الاقل والاكثر. (2) لعدم جواز الوصل مع السكون، وسيأتي الكلام فيه في مباحث القراءة. (3) كي لا يلزم التغيير الممنوع عنه إجماعا.

 

===============

 

( 60 )

 

[ والموالاة بينها وبين الكلمتين (1). (مسألة 1): لو قال: " الله تعالى أكبر " لم يصح (2) ولو قال: " الله أكبر من أن يوصف " أو " من كل شئ " فالاحوط الاتمام والاعادة، وإن كان الاقوى الصحة إذا لم يكن بقصد التشريع (3). (مسألة 2): لو قال: " الله أكبار " باشباع فتحة الباء حتى تولد الالف بطل (4) كما أنه لو شدد راء " أكبر " بطل أيضا. ] (1) كماعن النهاية والتذكرة والموجز وغيرها التصريح به، محافظة على الهيئة الكلامية التي يفوت الكلام بفواتها. (2) لما عرفت من الاجماع على أن صورتها " الله أكبر " المخالفة لصورة ما في المتن، وليس كذلك إضافة " من أن يوصف " أو " من كل شئ " فانه لا ينافي صورة التكبير، وإنما هو محض زيادة عليها، فلا إجماع على بطلانه، وإن صرح به جماعة فان دليلهم عليه غير ظاهر. ولذلك قوى في المتن الصحة. لكن عليه يكون الاقوى وجوب الاتمام، والاحوط الاعادة، لكن عبارة المتن لا تساعد عليه. (3) قد تقدم أن التشريع من حيث هو ليس من المبطلات للعبادة، صلاة كانت أم غيرها، ما لم يلزم منه خلل فيها، من زيادة ممنوع عنها، أو فوات قصد الامتثال، أو نحو ذلك. فالاستثناء ليس على إطلاقه. (4) كما عن المبسوط، والسرائر، والجامع، والشرائع، والدروس، وتعليق النافع، والروض، والمسالك، والمدارك، وغيرها. لانه تغيير للصورة وخروج عن قانون اللغة. وفي المعتبر، والمنتهي، وعن نهاية الاحكام

 

===============

 

( 61 )

 

[ (مسألة 3): الاحوط تفخيم اللام من " الله "، والراء من " أكبر "، ولكن الاقوى الصحة مع تركه أيضا (1). (مسألة 4): يجب فيها القيام (2) ] والتذكرة، والسرائر: تخصيص البطلان بصورة قصد الجمع أعني جمع " كبر " وهو الطبل، فلو قصد الافراد صح. وفي القواعد: " ويستحب ترك المد في لفظ الجلالة وأكبر "، ونحوه عبارة الشرائع، وما عن النافع، والمعتبر، والارشاد. والظاهر بل المقطوع به إرادة صورة قصد الافراد. وعلل الجواز في المنتهى: بأنه قد ورد الاشباع في الحركات إلى حيث ينتهي إلى الحروف في لغة العرب، ولم يخرج بذلك عن الوضع، وفسره في كشف اللثام - بعد نقله يعني ورد الاشباع كذلك - في الضرورات ونحوها من المسجعات، وما يراعى فيه المناسبات، فلا يكون لحنا وإن كان في السعة. وفي الحدائق: " ان الاشباع بحيث يحصل به الحرف شائع في لغة العرب ". أقول: إن تم ذلك - كما يشهد به سيرة المؤذنين - كان القول بالصحة في محله، ولو شك فالمرجع قاعدة الاحتياط للدوران بين التعيين والتخيير، لالكون الشك في المحصل، لانه إنما يقتضي الاحتياط مع وضوح المفهوم لامع إجماله، والمقام من الثاني. (1) لان الظاهر كونه من محسنات القراءة، لامن شرائط الصحة. (2) كما صرح به جماعة كثيرة. بل عن إرشاد الجعفرية، والمدارك: الاجماع عليه. ويشهد له - مضافا إلى ما دل على وجوب القيام في الصلاة الظاهر في وجوبه في التكبير كوجوبه في القراءة، لانهما جميعا من الصلاة صحيح أبي حمزة عن أبي جعفر (ع): " الصحيح يصلي قائما " (* 1)، وصحيح زرارة: قال أبو جعفر (ع) - في حديث -: " ثم استقبل القبلة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 1.

 

===============

 

( 62 )

 

[ والاستقرار (1)، فلو ترك أحدهما بطل، عمدا كان أو سهوا. (مسألة 5): يعتبر في صدق التلفظ بها بل وبغيرها ] بوجهك ولا تقلب وجهك عن القبلة... إلى أن قال: وقم منتصبا، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من لم يقم صلبه في الصلاة فلاصلاة له " (* 1) وموثق عمار - في حديث - قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل... إلى أن قال (ع): وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتى افتتح الصلاة وهو قاعد، فعليه أن يقطع صلاته، ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم، ولا يعتد بافتتاحه وهو قاعد " (* 2) وعن المبسوط والخلاف: " إذا كبر المأموم تكبيرة واحدة للافتتاح والركوع، وأتى ببعض التكبير منحنيا صحت صلاته "، مستدلا عليه: " بأن الاصحاب حكموا بصحة هذا التكبير، وانعقاد الصلاة به، ولم يفصلوا بين أن يكبر قائما أو يأتي به منحنيا، فمن ادعى البطلان احتاج إلى دليل ". وفيه - مضافا إلى ضعف دليله مخالفته لما سبق، ولصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل إذا أدرك الامام وهو راكع، وكبر الرجل وهو مقيم صلبه، ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة " (* 3) فتأمل. (1) للاجماع على اعتباره في القيام كما عن غير واحد، وفي الجواهر: " الاجماع متحقق على اعتباره فيه "، ويشهد له ما في خبر سليمان بن صالح: " وليتمكن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة، فانه إذا أخذ في الاقامة فهو في صلاة " (* 4) بناء على أن المراد من التمكن الاستقرار والطمأنينة كما هو الظاهر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب القبلة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب القيام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 13 من ابواب الاذان والاقامة حديث: 12.

 

===============

 

( 63 )

 

[ من الاذكار والادعية والقرآن أن يكون بحيث يسمع نفسه (1) تحقيقا أو تقديرا، فلو تكلم بدون ذلك لم يصح. ] لكنه معارض بما دل على جواز الاقامة ماشيا (* 1)، وبعد حمله على الاستحباب لا مجال للبناء على الوجوب في الصلاة. ورواية السكوني فيمن يريد أن يتقدم وهو في الصلاة قال (ع): " يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد ثم يقرأ " (* 2) وفيه: انه لا يشمل ما نحن فيه. وما قد يدعى من دخوله في مفهوم القيام الواجب نصا وفتوى، ولذا لم يتعرض الاكثر لوجوبه في المقام مع ما عرفت من إجماعهم عليه. فيه: أنه ممنوع، وعدم التعرض له أعم من ذلك. فالعمدة إذا في دليله الاجماع، والقدر المتيقن منه صورة العمد. فدعوى ركنيته - كما عن الشهيد وتبعه عليه المصنف (ره) وجماعة، فتبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا - غير ظاهرة نعم لا بأس بدعوى ذلك في القيام، لما عرفت من موثق عمار فيخصص به حديث: " لا تعاد الصلاة ". (1) المعروف بين الاصحاب أن أقل الجهر أن يسمع القريب منه، تحقيقا أو تقديرا، وحد الاخفات أن يسمع نفسه كذلك، قال في المعتبر: " وأقل الجهر أن يسمع غيره القريب، والاخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعا، وهو إجماع العلماء ". وقال في المنتهى: " أقل الجهر الواجب أن يسمع غيره القريب، أو يكون بحيث يسمع لو كان سامعا، بلا خلاف بين العلماء. والاخفات أن يسمع نفسه، أو بحيث يسمع لو كان سامعا وهو وفاق ". وقال الشيخ (ره) في محكي تبيانه: " حد أصحابنا الجهر فيما يجب الجهر فيه بأن يسمع غيره، والمخافتة بأن يسمع نفسه ". وعلله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب الاذان والاقامة حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 34 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 64 )

 

في المعتبر والمنتهى: بأن مالا يسمع لا يعد كلاما ولاقراءة، ولا يخلو من تأمل. نعم يشهد له مصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): " لا يكتب من القراءة والدعاء إلاما أسمع نفسه " (* 1)، وموثق سماعة: " سألته عن قول الله عزوجل: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) (* 2) قال (ع): المخافتة ما دون سمعك، والجهر أن ترفع صوتك شديدا " (* 3) ونحوه ما عن تفسير القمي عن أبيه عن الصباح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) (* 4)، وصحيح الحلبي عنه (ع): " سألته هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ قال (ع): لا بأس بذلك أسمع أذنيه الهمهمة " (* 5)، بناء على أن الهمهمة الصوت الخفي كما عن القاموس. لكن عن نهاية ابن الاثير: انها كلام خفي لا يفهم. وحينئذ ينافي ما سبق إلا من جهة أن مورده من كان ثوبه على فمه المانع من سماع صوته، أو المراد أنه لا يفهمه الغير. وأما صحيح ابن جعفر (ع): " عن الرجل هل يصلح له أن يقرأ في صلاته، ويحرك لسانه في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال (ع): لا بأس أن لا يحرك لسانه يتوهم توهما " (* 6) فلا مجال للعمل به، للاجماع بل الضرورة على اعتبار حركة اللسان التي هي قوام النطق، فلابد من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الاسراء: 110. (* 3) الوسائل باب: 33 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 33 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 33 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 33 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 5.

 

===============

 

( 65 )

 

[ (مسألة 6): من لم يعرفها يجب عليه أن يتعلم (1) ولا يجوز له الدخول (2) ] طرحه، أو حمله على القراءة خلف من لا يقتدي به كما، في غير واحد من النصوص (* 1). هذا وقد يستشكل في عموم الحكم المذكور للمقام، لان النصوص - عدا موثق سماعة - غير شامل للتكبير، والموثق وارد في تفسير الآية المنصرفة إلى القراءة، فلم يبق حجة فيه إلا ما سبق عن المعتبر والمنتهى الذي قد عرفت أنه محل نظر. وفيه أنه لو سلم عدم إمكان التعدي من مورد النصوص إلى المقام كفى موثق سماعة. ودعوى انصراف الآية ممنوعة، فالعمل بما في المتن متعين. ويأتي إن شاء الله في مبحث الجهر بالقراءة ماله نفع في المقام. (1) إجماعا ظاهرا، وفي الجواهر نفي الخلاف فيه. والمراد منه إن كان تمرين اللسان على النطق بها صحيحة - كما يظهر من ملاحظة كلماتهم - فوجوب التعلم غيري شرعي، لانه مقدمة لذلك، وإن كان المراد تحصيل العلم بالكيفية الصحيحة فان قلنا بوجوب الامتثال التفصيلي مع التمكن منه فالوجوب أيضا غيري، لكنه عقلي، للمقدمية للامتثال التفصيلي الذي هو واجب عقلي، وإن لم نقل بذلك واكتفينا بالامتثال الاجمالي مطلقا فان لم يمكن الاحتياط بالتكرار فالوجوب عقلي من باب وجوب المقدمة العلمية، وإن أمكن الاحتياط بالتكرار لم يجب التعلم تعيينا، بل وجب تخييرا بينه وبين الاحتياط بالتكرار. (2) يعني مع إمكان التعلم وقدرته عليه. والمراد منه على المعنى الاول من معنيي التعلم أنه لا تصح صلاته لخلوها عن التكبير الصحيح، ولا ينافيه القول بجواز البدار لذوي الاعذار، فان ذلك إنما هو إذا كان للواجب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من ابواب القراءة في الصلاة.

 

===============

 

( 66 )

 

[ في الصلاة قبل التعلم إلا إذا ضاق الوقت فيأتي بها ملحونة (1)، ] بدل شرعي يمكن أن يدعى إطلاقه فيشمل أول الوقت، لافي المقام الذي ينحصر دليل البدلية فيه بالاجماع ونحوه غير الشامل لاول الوقت قطعا. هذا وعلى المعنى الثاني فالمراد من عدم جواز الدخول عدم الاكتفاء بالفعل عند العقل، لعدم إحراز أداء المأمور به. (1) على قدر الامكان إجماعا، لفحوى ما ورد في الالثغ والاليغ والفأفاء والتمتام، وما ورد في مثل بلال ومن ماثله، وفي الاخرس الذي لايستطيع الكلام أبدا. كذا في الجواهر (* 1). وأما موثقة مسعدة بن صدقة: " سمعت جعفر بن محمد (ع) يقول: إنك قد ترى من المحرم من العجم لايراد منه ما يراد من العالم الفصيح، وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبة ذلك فهذا بمنزلة العجم، والمحرم لايراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح " (* 2) وما ورد من: " أنه كلما غلب الله تعالى عليه فهو أولى بالعذر " (* 3) وما ورد من أنه: " ليس شئ مما حرم الله تعالى إلا وقد أحله لمن اضطر إليه " (* 4) فانما تصلح لنفي وجوب التام لاإثبات وجوب الناقص. وأما حديث: " لا تسقط الصلاة بحال " (* 5) فلا يدل على كيفية الواجب. وأما حديث: " لا يترك الميسور بالمعسور " (* 6) فغير ثابت الحجية في نفسه ولا باعتماد الاصحاب

 

 

____________

(* 1) الطبعة الحديثة ج 9 صفحة 311. (* 2) الوسائل باب: 59 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلوات. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 6 - 7. (* 5) حديث مستفاد مما ورد بشأن المستحاضة: " انها لا تدع الصلاة بحال ". راجع الوسائل باب: 1 من ابوب الاستحاضة حديث: 5. (* 6) غوالى اللئالي.

 

===============

 

( 67 )

 

[ وإن لم يقدر فترجمتها من غير العربية (1)، ولا يلزم أن يكون بلغته (2) وإن كان أحوط، ولا يجزي عن الترجمة غيرها من الاذكار والادعية وإن كانت بالعربية (3)، وإن أمكن له النطق بها بتلقين الغير حرفا فحرفا قدم على الملحون والترجمة (4). ] عليه. فالعمدة الاجماع المؤيد أو المعتضد بالفحوى. (1) وهو مذهب علمائنا - كما في المدارك - لاطلاق مادل على أن مفتاح الصلاة التكبير، وأن تحريمها التكبير الشامل للترجمة، ولا ينافيه تقييده ب‍ " الله أكبر "، لان العمدة في دليل التقييد الاجماع، وهو يختص بحال القدرة، فيبقى الاطلاق بحاله في العجز. اللهم إلا أن يكون الاطلاق منصرفا إلى ماكان باللغة العربية فلا يشمل الترجمة، أو أن هذه النصوص ونحوها ليست واردة في مقام التشريع، بل في مقام إثبات أثر للمشروع، من أنه مفتاح، وبه تحرم المنافيات، فلا إطلاق لها. فالمرجع يكون أصل البراءة كماعن المدارك احتماله. (2) كما صرح به غير واحد، وهو في محله لو كان إطلاق يرجع إليه في بدلية الترجمة. لكن عرفت إشكاله، وأن العمدة الاجماع. وحينئذ يدور الامر بين التخيير والتعيين. والمشهور فيه الاحتياط والعمل على التعيين. ولعله لذلك قال في القواعد: " أحرم بلغته "، ونحوه ما عن المبسوط وغيره. وفي المعتبر: " انه حسن لا ن التكبير ذكر، فإذا تعذر صورة لفظه روعي معناه ". لكن التعليل لا يقتضي التقييد بلغته. (3) لعدم الدليل على البدلية، والاصل عدمه. وفي كشف اللثام: " لا يعدل إلى سائر الاذكار - يعني مالايؤدي معناه - وإلا فالعربي منها أقدم نحو: الله أجل وأعظم ". لكن في كون معنى ذلك التكبير إشكال ظاهر. (4) لانه الواجب الاختياري، فلا ينتقل إلى بدله مع إمكانه.

 

===============

 

( 68 )

 

[ (مسألة 7): الاخرس يأتي بها على قدر الامكان (1) وإن عجز عن النطق أصلا أخطرها بقلبه وأشار إليها مع تحريك لسانه (2) إن أمكنه. ] (1) لما سبق فيمن لا يقدر على التعلم وقد ضاق الوقت. (2) كما عن الروض، وعن البيان وغيره ذلك، مع تقييد الاشارة بالاصبع. وعن المبسوط وغيره الاقتصار على الاشارة بالاصبع. وعن الارشاد والمدارك ذلك مع الاول. وعن التذكرة والذكرى ذلك مع الاخير. وعن نهاية الاحكام: " يحرك لسانه ويشير بأصابعه أو شفته ولهاته مع العجز عن تحريك اللسان ". وفي القواعد: " يعقد قلبه بمعناها مع الاشارة وتحريك اللسان " وفي غيرها غير ذلك. والعمدة فيه خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع): " تلبية الاخرس وتشهده وقراءته للقرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته باصبعه " (* 1) بناء على فهم عدم الخصوصية للموارد الثلاثة المذكورة فيه - كما هو غير بعيد - فيكون المراد: أن الاخرس يؤدي عباداته القولية بما يؤدي به مراداته ومقاصده من تحريك اللسان والاشارة بالاصبع، وإهماله ذكر عقد القلب من أجل أنه ليس في مقام بيان تمام ما يجب عليه، بل في مقام بيان ما هو بدل عن اللفظ المتعذر عليه. بل لما كان اللفظ في الناطق إنما يكون بعنوان كونه مرآة للمعنى فلازم بدلية تحريك اللسان والاشارة بالاصبع عنه أنهما مستعملان مرآة للمعنى أيضا، فالمعنى لابد من لحاظه للاخرس كمالابد من لحاظه للناطق بنحو واحد، ولعل ما ذكر هو الوجه في إهمال ذكره في المبسوط والتذكرة والذكرى والنهاية - كما حكي - لابناءهم على عدم لزومه، وأما عدم تقييد الاشارة بالاصبع في المتن تبعا لغيره فلعل الوجه

 

 

____________

(* 1) وسائل باب: 59 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 69 )

 

[ (مسألة 8): حكم التكبيرات المندوبة فيما ذكر حكم تكبيرة الاحرام (1) حتى في إشارة الاخرس. (مسألة 9): إذا ترك التعلم في سعة الوقت حتى ضاق أثم وصحت صلاته (2) على الاقوى، والاحوط القضاء بعد التعلم. ] فيه ما في كشف اللثام: من أن الاصبع لا يشار بها إلى التكبير غالبا، وإنما يشار بها إلى التوحيد. وفيه منع ظاهر كما يشير إليه خبر السكوني، ودعوى أن ما في الخبر راجع إلى التشهد خاصة ممنوعة. فالاخذ بظاهره متعين. (1) لاشتراكهما في الوجوه المتقدمة. (2) أما الاثم فلان الظاهر من أدلة الابدال الاضطرارية ثبوت البدلية في ظرف سقوط التكليف بالمبدل منه الاختياري، للعجز المسقط عقلا للتكاليف، لا تقييد الحكم الاختياري بالقدرة بنحو تكون القدرة شرطا للوجوب شرعا، ليكون منوطا بها إناطة الوجوب المشروط بشئ بوجود ذلك الشئ، كي لا يجب حفظها عقلا، كما لا يجب حفظ شرائط الوجوب على ما تقرر في محله من الاصول من أن الوجوب المشروط لا يقتضي حفظ شرطه لان ذلك خلاف الظاهر منها عرفا، فيكون الوجوب الثابت للمبدل منه مطلقا غير مشروط، فتفويت مقدمته معصية له عقلا موجبة لاستحقاق العقاب، كما أشرنا إلى ذلك في التيمم ووضوء الجبائر وغيرهما من المباحث. وأما الصحة فلاطلاق البدلية المستفاد من الادلة المتقدمة. نعم - بناء على ما عرفت من الاشكال في أدلتها وأن العمدة فيها الاجماع - يشكل القول بالصحة. اللهم الا أن يقال: صحة الصلاة في الجملة مما تستفاد من حديث: " لا تسقط الصلاة بحال " (* 1)، فالاشكال إنما يكون في وجوب

 

 

____________

(* 1) مر الكلام فيه في أواخر المسألة السادسة من هذا الفصل.

 

===============

 

( 70 )

 

[ (مسألة 10): يستحب الاتيان بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة الاحرام (1)، فيكون المجموع سبعة وتسمى بالتكبيرات الافتتاحية (2) ] بدل التكبير مع التقصير في التعلم، لافي أصل الصحة، فما عن نهاية الاحكام وكشف الالتباس من التصريح بعدم صحة الصلاة ضعيف. لكن الاشكال في ثبوت الحديث المذكور، إذ لم أعثر عليه في كتب الحديث لا مسندا ولا مرسلا، وإنما هو مذكور في كلام بعض المتأخرين من الفقهاء، منهم صاحب الجواهر في موارد كثيرة: منها مسألة فاقد الطهورين. ولعله يأتي في بعض المباحث التعرض له إن شاء الله تعالى. (1) إجماعا كما عن الانتصار والمختلف، وفي المنتهى: " لا خلاف بين علمائنا في استحباب التوجه بسبع تكبيرات ". ونحوه ماعن جامع المقاصد والحدائق. والنصوص الدالة عليه كثيرة، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) قال (ع): " أدنى ما يجزي من التكبير في التوجه إلى الصلاة تكبيرة واحدة، وثلاث، وخمس، وسبع أفضل " (* 1) وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في الصلاة، وإلى جانبه الحسين ابن علي (ع) فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يحر الحسين (ع) بالتكبير، ثم كبر رسول صلى الله عليه وآله فلم يحر الحسين (ع) بالتكبير، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر ويعالج الحسين (ع) التكبير، فلم يحر حتى أكمل سبع تكبيرات فأحار الحسين (ع) التكبير في السابعة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فصارت سنة " (* 2). ونحوهما غيرهما مما يأتي إن شاء الله تعالى. (2) كما تضمنته النصوص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابوب تكبيرة الاحرام حديث 9. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابوب تكبيرة الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 71 )

 

[ ويجوز الاقتصار على الخمس، وعلى الثلاث (1)، ولا يبعد التخيير في تعيين تكبيرة الاحرام (2) ] (1) كما تقدم في صحيح زرارة. وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام: " إذا افتتحت الصلاة فكبر إن شئت واحدة، وان شئت ثلاثا، وان شئت خمسا، وان شئت سبعا، فكل ذلك مجز عنك، غير انك إذا كنت إماما لم تجهر الا بتكبيرة " (* 1). (2) كما صرح به غير واحد، وظاهر المنتهى والذكرى: نسبته إلى أصحابنا، وعن المفاتيح والبحار: انه خلاف فيه، وفي كشف اللثام: " قد يظهر من المراسم والغنية والكافي أنه يتعين كونها الاخيرة، وربما نسب إلى المبسوط أيضا " وعن البهائي في حواشي الاثنى عشرية، والجزائري والكاشاني في الوافي، والمفاتيح، والبحراني في الحدائق: الظاهر أنها الاولى. واستدل له في الحدائق بصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك، ثم ابسطهما بسطا، ثم كبر ثلاث تكبيرات " (* 2) بتقريب أن الافتتاح إنما يصدق بتكبيرة الاحرام والواقع قبلها من التكبيرات - بناء على ما زعموه - ليس من الافتتاح في شئ. وفيه: أن ظاهر الصحيحة - بقرينة جعل الجزاء رفع الكفين، وبسطهما، والتكبيرات الثلاث، والادعية، وبقية التكبيرات السبع - أن المراد: إذا أردت الافتتاح، وحينئذ يكون ما ذكر بعده بيانا لمابه الافتتاح فتكون ظاهرة في وقوع الافتتاح بتمام التكبيرات السبع، فان أمكن الاخذ به تعين ما حكي عن والد المجلسي (ره): من كون الجميع تكبيرات الافتتاح، وإلا كانت الرواية خالية عن التعرض لتعيين تكبيرة الاحرام، وأنها الاولى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 72 )

 

أو الاخيرة أو غيرها. واستدل أيضا بصحيحة زرارة: " قال أبو جعفر (ع): الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المواقفة إيماء... إلى أن قال: ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت به دابته، غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه " (* 1). وفيه أن الاستدلال إن كان من جهة الامر بالاستقبال بأول تكبيرة فهو أعم من كون الاولى تكبيرة الاحرام، لجواز كون غيرها تكبيرة الاحرام ومع ذلك اكتفي بالاستقبال حالها لكونها من الاجزاء المستحبة المتعلقة بالصلاة، مع أنه لا ينفي ما ذهب إليه والد المجلسي (ره)، وكذا لو كان الاستدلال من جهة قوله (ع): " حين يتوجه "، مع أنه يتوقف على كونه بدلا من الاول لاقيدا للتكبيرة المضاف إليها كما لا يخفى بالتأمل، وبصحيحة زرارة الاخرى عن أبي جعفر (ع) الواردة بتعليل استحباب السبع بابطاء الحسين (ع) عن الكلام حيث قال (ع) فيه: " فافتتح رسول الله صلى الله عليه الصلاة فكبر الحسين (ع)، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرة عاد فكبر صلى الله عليه وآله فكبر الحسين (ع)، حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله سبع تكبيرات وكبر الحسين (ع)، فجرت السنة بذلك " (* 2) بتقريب أن التكبير الاول الذي كبره النبي صلى الله عليه وآله هو تكبيرة الاحرام التي وقع الدخول بها في الصلاة، لاطلاق الافتتاح عليها، والعود إلى التكبير ثانيا وثالثا إنما وقع لتمرين الحسين (ع) على النطق. وفيه أن ذلك كان قبل تشريع السبع فلا يدل على ذلك بعد تشريعه، مع أن الفعل لاجماله لا يدل على تعين ذلك كلية، والحكاية من المعصوم لم تكن لبيان هذه الجهة كي ترفع إجماله. نعم قوله (ع): " فجرت بذلك السنة " يدل على التعيين لو كان راجعا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب صلاة الخوف حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 4.

 

===============

 

( 73 )

 

إلى هذه الجهة. لكن الظاهر رجوعه إلى أصل تشريع السبع، لاأقل من احتمال ذلك، المانع من صحة الاستدلال به. وبصحيحة زرارة الثالثة عن أبي جعفر (ع): " قلت: الرجل ينسى أول تكبيرة من الافتتاح... " (* 1) إلى آخر الرواية المتقدمة في نسيان تكبيرة الاحرام. وفيه - مع أنها ظاهرة فيما ذهب إليه والد المجلسي (ره) - أن الجواب بصحة الصلاة يقتضي حملها على كون المنسية ليست تكبيرة الاحرام، فان نسيانها موجب للبطلان كما تقدم، فتكون دليلا على بطلان القول المذكور. وأما القول بأنه الاخيرة فقد استظهره في الجواهر من النصوص المتضمنة لاخفات الامام بست والجهر بواحدة، بضميمة ما دل على إسماع الامام المأمومين كلما يقوله في الصلاة، فانه لو كان الافتتاح بغير الاخيرة يلزم تخصيص الدليل المذكور، بخلاف ما لو بني على كونها الاخيرة فان عدم الاسماع يكون فيما قبل الصلاة. وفيه ما عرفت من أن أصالة عدم التخصيص ليست حجة في تشخيص الموضوع. ومن المرسل: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله أتم الناس صلاة، وأوجزهم، كان إذا دخل في صلاته قال صلى الله عليه وآله: الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم " (* 2). وفيه أن ظاهره اتحاد التكبير، كما يقتضيه أيضا أنه في مقام بيان الايجاز، ولو حمل على إرادة بيان ما يجهر به صلى الله عليه وآله - كما يشير إليه خبر الحسن بن راشد الآتي في إجهار الامام بالتكبيرة - فلا يدل على موقع الست التي يخفت بها، ولو سلم أنه يدل على أنها كانت قبل التكبير الذي يجهر به فهو حكاية لفعل مجمل، وكونها حكاية من المعصوم في مقام البيان غير ظاهرة من المرسل. وأما في الرضوي: " واعلم أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 12.

 

===============

 

( 74 )

 

[ في أيتها شاء، بل نية الاحرام بالجميع (1) أيضا، ] السابعة هي الفريضة، وهي تكبيرة الافتتاح، وبها تحريم الصلاة " (* 1) فلا يصلح للحجية عليه. وكأنه لذلك قال في كشف اللثام: " لا أعرف لتعينه - يعني لتعين الاخير أو فضله - علة... " وأما القول بالتخيير، فاستدل له في الجواهر باطلاق الادلة، ولم أقف على هذا الاطلاق. نعم مقتضى أصالة البراءة عدم قدح تقديم التكبير المستحب عليها، ولا تأخيره عنها، ولا تقديم بعضه وتأخير آخر. لكن في ثبوت التخيير بذلك تأمل. (1) كما عن المجلسي الاول، وهو الذي تشهد له النصوص التي منها - مضافا إلى ما تقدم صحيح زيد الشحام: " قلت لابي عبد الله (ع): الافتتاح؟ فقال: تكبيرة تجزئك. قلت: فالسبع؟ قال (ع): ذلك الفضل " (* 2) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزئ، والثلاث أفضل، والسبع أفضل كله " (* 3)، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): " الامام تجزئه تكبيرة واحدة، وتجزئك ثلاث مترسلا إذا كنت وحدك " (* 4) وخبر هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى (ع): " قلت له: لاي علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات... إلى أن قال (ع): فتلك العلة يكبر للافتتاح في الصلاة سبع تكبيرات " (* 5) إلى غير ذلك. وبالجملة نصوص الباب مابين ما هو ظاهر في ذلك وصريح فيه وما هو

 

 

____________

(* 1) فقه الرضا صفحة: 8. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 7 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 7.

 

===============

 

( 75 )

 

غير آب له فيتعين البناء عليه. وما في الجواهر: من أنه يجب الخروج عن ذلك لاجماع الاصحاب على اتحاد التكبير غير ظاهر، لامكان دعوى تواتر النصوص تواترا إجماليا أو معنويا والقطع بارادة خلافها غير متحقق، والاعراض عنها بنحو يوجب سقوطها عن الحجية غير حاصل لامكان أن يكون لشبهة، والتخيير وبين الاقل والاكثر لامانع منه عقلا، فيما لو كان للاكثر هيئة اتصالية عرفية توجب صحة انطباق الطبيعة على الاكثر بنحو انطباقها على الاقل، كالخط الطويل والقصير والمشي الكثير والقليل والكلام الكثير والقليل. مع أنه لو بني على امتناع الوجوب التخييري بين الاقل والاكثر مطلقا، تعين البناء على كون الاولى واجبة والباقية مستحبة، مع كون الجميع للافتتاح، لاأن واحدة منها للافتتاح والزائد عليها لغيره، كما هو المشهور. اللهم إلا أن يكون مرجع المنع من التخيير بين الاقل والاكثر هنا إلى المنع من تحقق الافتتاح بكل من القليل والكثير، فالافتتاح لابد أن يكون بواحدة والزائد عليها ليس للافتتاح. وحينئذ فان كانت تكبيرة الافتتاح ليس لها عنوان مخصوص بل مجرد التكبيرة كانت هي الاولى لاغير وما بعدها ليس للافتتاح كما اختاره في الحدائق وغيرها. وإن كان لها عنوان مخصوص تمتاز به عما عداها تخير المكلف في جعلها الاولى وجعلها غيرها، كما هو المشهور، لكن المبنى المذكور - أعني امتناع الوجوب التخييري بين الاقل والاكثر ضعيف. فان قلت: إمكان ذلك مسلم إلا أن الدليل إذا دل على أن الاكثر أفضل كان ظاهرا في أن صرف طبيعة المصلحة يترتب على الاقل، وأن الاكثر موضوع لزيادة المصلحة، لان أفضلية شي من شئ معناها كون الافضل أكثر مصلحة من المفضول. فالاقل إذا كان فيه مصلحة والاكثر أكثر مصلحة منه كان تزايد المصلحة ناشئا من تزايد الوجود، فصرف وجود

 

===============

 

( 76 )

 

التكبير فيه مصلحة والوجود الكثير منه أكثر مصلحة فيكون كل مرتبة من وجود التكبير موضوع لمرتبة من وجود المصلحة. فموضوع الوجوب صرف طبيعة التكبير، وموضوع الاستحباب الوجود الزائد على صرف الطبيعة الذي هو موضوع المصلحة الزائدة غير الملزمة. وعلى هذا يكون ما في النصوص: من أن السبع أفضل قرينة على صرف ما ظاهره التخيير إلى أن الاولى واجبة لاغير، والزائد عليها مستحب لاغير، لاأن الاكثر يكون كله واجبا ويكون أفضل الفردين كما هو معنى التخيير بين الاقل والاكثر الذي مال إليه المجلسي (ره). قلت: هذا قد يسلم في مثل قوله: " سبح في الركوع واحدة أو ثلاثا، والثلاث أفضل " لافي مثل المقام من قولهم (ع): " افتتح الصلاة بتكبيرة واحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع وهي أفضل " (* 1). فان ظهوره في كون الافتتاح يكون بالاقل والاكثر لا معدل عنه، ومجرد كون السبع أفضل لا يصلح قرينة على أن الافتتاح يكون بالاولى من السبع لاغير، لان هذا اللسان يتضمن الوضع زائدا على التكليف واللسان الاول لا يتضمن إلا التكليف، فلا مجال للمقايسة بينهما. فلا موجب لرفع اليد عن ظاهر النصوص فلاحظ. ثم إن المصنف (ره) - مع أنه لم يستبعد القول المشهور - جوز العمل على ما هو مذهب المجلسي (ره) مع أن مبنى القولين مختلف. فان الاول مبني على أن تكبيرة الاحرام مخالفة للتكبيرات الست بحسب الخصوصية اختلاف الظهر والعصر، وإن كانت مشتركة بحسب الصورة. ومبنى الثاني أنها جميعا متحدة الحقيقة. كما أن لازم الاول - كما سبق - أنه لو نوى الاحرام بأكثر من واحدة بطلت الصلاة لزيادة الركن وليس

 

 

____________

(* 1) مضمون صحيحة زرارة المتقدمة في أول المسألة.

 

===============

 

( 77 )

 

[ لكن الاحوط اختيار الاخيرة، ولا يكفي قصد الافتتاح بأحدها المبهم من غير تعيين (1) والظاهر عدم اختصاص استحبابها في اليومية، بل تستحب في جميع الصلوات الواجبة والمندوبة (2). وربما يقال بالاختصاص بسبعة مواضع (3) ] كذلك على الثاني، كما هو ظاهر. ومن ذلك تعرف الاشكال في قوله (ره): " لكن الاحوط اختيار الاخيرة " فانه إنما يناسب الفتوى بمذهب المشهور. (1) إذ هو لاخارجية له ولا مصداق فلا يتحقق الافتتاح به. (2) كما عن صريح جماعة وظاهر آخرين، حيث جعلوه من مسنونات الصلاة كالمحقق وغيره في الشرائع وغيرها. وفي الجواهر: " لعله المشهور بين المتأخرين " وحكي عن المفيد والحلي لاطلاق جملة من النصوص المتقدمة. ودعوى الانصراف إلى الفريضة أو خصوص اليومية - كماعن الحدائق - ممنوعة بنحو يعتد بها في رفع اليد عن الاطلاق ولو سلم فقد عرفت مكررا أن مقتضى الاطلاق المقامي إلحاق النوافل بالفرائض فيما يجب وما يستحب فما عن السيد (ره) في (محمدياته): من التخصيص بالفرائض. غير واضح. (3) حكي ذلك عن الشيخين، والقاضي، والتحرير، والتذكرة، ونهاية الاحكام، وكذا عن سلار، مع إبدال صلاة الاحرام بالشفع. وعن رسالة ابن بابويه: الاقتصار على الستة الاولى باخراج الوتيرة بل ربما نسب إلى المشهور، وعن الشيخ (ره): الاعتراف بعدم وقوفه على خبر مسند يشهد به، وكذا حكي عن الفاضل، مع أنهما ممن نسب إليه القول بالعموم للسبع، وما عن " فلاح السائل " عن أبي جعفر (ع): " افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجه والتكبير: في أول الزوال وصلاة الليل والمفردة من الوتر وقد يجزيك فيما سوى ذلك من التطوع أن

 

===============

 

( 78 )

 

[ وهي: كل صلاة واجبة، وأول ركعة من صلاة الليل، ومفردة الوتر، وأول ركعة من نافلة الظهر، وأول ركعة من نافلة المغرب، وأول ركعة من صلاة الاحرام، والوتيرة. ولعل القائل أراد تأكدها في هذه المواضع (1). (مسألة 11): لما كان في مسألة تعيين تكبيرة الاحرام إذا أتى بالسبع أو الخمس أو الثلاث احتمالات، بل أقوال: تعيين الاول، وتعيين الاخير، والتخيير، والجميع، فالاولى لمن أراد إحراز جميع الاحتمالات ومراعاة الاحتياط من جميع الجهات أن يأتي بها بقصد أنه إن كان الحكم هو التخيير فالافتتاح هو كذا، ويعين في قلبه ما شاء، وإلا فهو ما عند ] تكبر تكبيرتين لكل ركعة " (* 1) لاظهور فيه في الاختصاص، وكذا ماعن الفقه الرضوي: " ثم افتتح بالصلاة وتوجه بعد التكبير، فانه من السنة الموجبة في ست صلوات وهي: أول ركعة من صلاة الليل، والمفردة من الوتر، وأول ركعة من نوافل المغرب، وأول ركعة من ركعتي الزوال، وأول ركعة من ركعتي الاحرام، وأول ركعة من ركعات الفرائض " (* 2) مع أنه لا يخلو من إجمال، والاول مورده الثلاثة، والثاني غير متعرض للوتيرة. (1) كما هو ظاهر عبارة المقنعة فانه بعد ما ذكر استحبابها لسبع قال: " ثم هو فيما بعد هذه الصلاة يستحب، وليس تأكيده كتأكيده فيما عددناه ".

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 5 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1 (* 2) فقه الرضا صفحة: 13.

 

===============

 

( 79 )

 

[ الله من الاول أو الاخير أو الجميع (1). (مسألة 12): يجوز الاتيان بالسبع ولاء من غير فصل بالدعاء (2) لكن الافضل (3) أن يأتي بالثلاث، ثم يقول: (اللهم أنت الملك الحق، لا إله إلا أنت، سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي ذنبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ثم يأتي باثنتين ويقول: (لبيك وسعديك، والخير في يديك والشر ليس اليك، والمهدي من هديت، لا ملجأ منك إلا اليك، سبحانك وحنانيك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت) ثم يأتي باثنتبن ويقول: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض، عالم الغيب والشهادة، حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله ] (1) ولا ينافيه كون قصده تقديريا للاكتفاء به في العبادة، ولاسيما مع عدم إمكان العلم الحقيقي بالتقدير. (2) كما يقتضيه إطلاق بعض النصوص. وفي موثق زرارة: " رأيت أبا جعفر (ع)، أو قال: سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء " (* 1). (3) كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل: اللهم انت... إلى آخر الدعاء الاول كما في المتن ثم كبر تكبيرتين، ثم قل: لبيك وسعديك... إلى آخر الدعاء الثاني كما في المتن ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول وجهت وجهي... إلى آخر الدعاء الثالث كما في المتن ثم تعوذ من الشيطان الرجيم، ثم اقرأ فاتحة الكتاب " (* 2).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 80 )

 

[ رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين) ثم يشرع في الاستعاذة وسورة الحمد. ويستحب أيضا أن يقول قبل التكبيرات (1): (اللهم اليك توجهت، ومرضاتك ابتغيت، وبك آمنت، وعليك توكلت صل على محمد وآل محمد، وافتح قلبي لذكرك، وثبتني على دينك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب). ويستحب أيضا أن يقول بعد الاقامة قبل تكبيرة الاحرام (2): (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، بلغ محمدا صلى الله عليه وآله الدرجة والوسيلة، والفضل والفضيلة، بالله استفتح، وبالله استنجح، وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وعليهم أتوجه، اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة، ] (1) لم أجده فيما يحضرني من الوسائل والمستدرك والحدائق والجواهر. نعم قال في مفتاح الفلاح: " تقول بعد الاقامة " وذكر الدعاء، لكنه قال: " ومرضاتك طلبت وثوابك ابتغيت وعليك توكلت، اللهم صل... ". (2) كما عن ابن طاووس في فلاح السائل بسنده عن ابن أبي نجران عن الرضا (ع) قال (ع): " تقول بعد الاقامة قبل الاستفتاح في كل صلاة: اللهم... " (* 1) إلى آخر ما في المتن.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 81 )

 

[ ومن المقربين، وأن يقول بعد تكبيرة الاحرام (1): (يا محسن قد أتاك المسئ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسئ، أنت المحسن وأنا المسئ، بحق محمد وآل محمد، صل على محمد وآل محمد، وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني). (مسألة 13): يستحب للامام أن يجهر بتكبيرة الاحرام على وجه يسمع من خلفه (2)، دون الست، فانه يستحب الاخفات بها (3). ] (1) المحكي عن فلاح السائل بسنده عن ابن أبي عمير عن الازدي عن الصادق (ع) - في حديث -: "... كان أمير المؤمنين (ع) يقول لاصحابه: من أقام الصلاة وقال قبل أن يحرم ويكبر: يا محسن... إلى آخر ما في المتن يقول الله تعالى: يا ملائكتى اشهدوا أني قد عفوت عنه، وأرضيت عنه أهل تبعاته " (* 1) وعن الشهيد في الذكرى: أنه قد ورد هذا الدعاء عقيب السادسة، إلا أنه لم يذكر فيه: " بحق محمد وآل محمد " وإنما فيه: " وأنا المسئ فصل على محمد وآل محمد... " إلى آخر الدعاء، وكلاهما لا يوافق المتن. (2) كما لعله الظاهر من الامر بالجهر ويقتضيه عموم مادل على استحباب اسماع الامام من خلفه كل ما يقول. (3) بلا خلاف ظاهر لخبر أبي بصير المتقدم في أوائل المسألة العاشرة، ولما في صحيح الحلبي: " وإن كنت إماما فانه يجزئك أن تكبر واحدة تجهر فيها، وتسر ستا " (* 2)، وخبر الحسن بن راشد: " سألت أبا الحسن

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 9 من ابواب القيام حديث: 2 لكن فيه: " وانت المحسن " و " فبحق محمد وآل محمد ". (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 82 )

 

[ (مسألة 14): يستحب رفع اليدين بالتكبير (1) ] الرضا (ع) عن تكبيرة الافتتاح فقال (ع): سبع. قلت: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يكبر واحدة فقال (ع): إن النبي صلى الله عليه وآله كان يكبر واحدة يجهر بها ويسر ستا " (* 1). (1) على المشهور شهرة عظيمة بل بغير خلاف بين العلماء - كما في المعتبر - أو بين أهل العلم - كما في المنتهى - أو علماء أهل الاسلام - كما عن جامع المقاصد - وعن الانتصار: وجوبه في جميع تكبيرات الصلاة، مدعيا عليه إجماع الطائفة. وربما يستشهد له - مضافا إلى الاجماع الذي ادعاه - بظاهر النصوص كصحيح الحلبي المتقدم (* 2)، وصحيح زرارة: " إذا قمت إلى الصلاة فكبرت، فارفع يديك ولا تجاوز بكفيك أذنيك إي حيال خديك " (* 3)، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عزوجل: " فصل لربك وانحر " قال (ع): " هو رفع يديك حذاء وجهك " (* 4)، ونحوه خبرا عمر بن يزيد (* 5) وجميل (* 6) المرويان عن مجمع البيان وخبر الاصبغ عن علي (ع): لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله: (فصل لربك وانحر) قال صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال (ع) يا محمد إنها ليست نحيرة ولكنها رفع الايدي في الصلاة " (* 7). ورواه في مجمع البيان كذلك، الا أنه قال:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 2. (* 2) تقدم في أول المسألة الثانية عشر. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 16. (* 6) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 17. (* 7) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 13.

 

===============

 

( 83 )

 

" ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يدك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فانه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع، وإن لكل شئ زينة وإن زينة الصلاة رفع الايدي عند كل تكبيرة " وصحيح معاوية في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع): " وعليك برفع يديك في صلاتك وتقليبهما " (* 1). هذا، ولكن الاجماع غير ظاهر بل قد عرفت دعواه على الاستحباب وصحيح الحلبي وارد في مقام بيان الافتتاح الكامل لا أصل الافتتاح بقرينة ذكر بسط الكفين وتكرار التكبير وذكر الادعية. وصحيح ابن سنان وما بعده مما ورد في تفسير الآية إنما يجدي في عموم الحكم بضميمة قاعدة الاشتراك وهي غير ظاهرة فتأمل فلم يبق إلا صحيح زرارة، وصحيح معاوية. ويمكن رفع اليد عن ظاهرهما بقرينة ما في النصوص من التعليل: بأنه زينة (* 2)، وبأنه " ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع فأحب الله عزوجل أن يكون العبد في وقت ذكره له متبتلا متضرعا مبتهلا " (* 3) وبأن في رفع اليدين إحضار النية واقبال القلب، مما هو ظاهر في الاستحباب مضافا إلى صحيح ابن جعفر (ع): " على الامام أن يرفع يده في الصلاة ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة " (* 4). فان النفي عن غير الامام يقتضي النفي عنه بضميمة عدم القول بالفصل ولا يعارض بأن الامر للامام بالرفع يقتضي الامر لغيره بقرينة عدم القول بالفصل أيضا،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 8. (* 2) تقدم في أول الصفحة. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 7.

 

===============

 

( 84 )

 

[ إلى الاذنين (1)، أو إلى حيال الوجه (2)، ] لان ذلك يؤدي إلى طرح النفي بالمرة، بخلاف الاول فانه يؤدي إلى حمل الامر على الاستحباب، وهو أولى عرفا من الطرح واحتمال حمل الرفع في الصحيح على رفع اليدين بالقنوت خلاف الظاهر منه ولو بقرينة مناسبة الحكم والموضوع، فانها تقتضي كون رفع الامام للاعلام بالافتتاح لاأقل من أن يكون خلاف إطلاقه الشامل للقنوت والتكبير، فلاحظ. (1) كماعن بعض، وفي الشرائع، وعن غيرها: " إلى حذاء أذنيه "، وفي القواعد، وعن غيرها: " إلى شحمتي الاذن " وظاهر المعتبر، والمنتهى: اختياره، وعن الخلاف: الاجماع عليه، ولعل مراد الجميع واحد. وليس في النصوص ما يشهد له. نعم في المعتبر - بعد ما حكى عن المبسوط المحاذاة لشحمتي الاذن - قال: " وهي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): إذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تجاوز أذنيك " (* 1) ونحوه ما في المنتهى. لكن دلالة الرواية قاصرة. نعم في الرضوي: " وارفع يديك بحذاء أذنيك " (* 2). (2) كما عن النافع وربما نسب إلى الاشهر ولعل المراد الاشهر رواية، فقد تقدم ذلك في روايات زرارة، وابني سنان، ويزيد، وجميل (* 3) وفي صحيح ابن سنان الآخر: " رأيت أبا عبد الله (ع) يصلي، يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح " (* 4) ونحوه روى منصور بن حازم (* 5)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 5. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 7. (* 3) تقدمت في اول المسألة. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 6.

 

===============

 

( 85 )

 

[ أو إلى النحر (1)، مبتدئا بابتدائه، ومنتهيا بانتهائه (2)، فإذا انتهى التكبير والرفع أرسلهما. ولا فرق بين الواجب منه والمستحب في ذلك (3)، ] وفي صحيح زرارة الآخر: " ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك " (* 1) وفي صحيح صفوان: " رأيت أبا عبد الله (ع) إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ أذنيه " (* 2). (1) كما عن الصدوق ويشهد له المرسل عن مجمع البيان: " وعن علي (ع) في قوله تعالى: (فصل لربك وانحر): أن معناه رفع يدك إلى النحر في الصلاة " (* 3) ويشير إليه ما في صحيح معاوية بن عمار: " رأيت أبا عبد الله (ع) حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا " (* 4). (2) كما يقتضيه ظاهر التعبير في كلماتهم حيث يقولون برفعهما بالتكبير كأنه لوحظ التكبير آلة للرفع وإنما يكون آلة حال وجوده لابعد انتهائه فلابد أن ينتهي بانتهائه. لكن في استظهار ذلك من النصوص إشكال بل مقتضى اقتران الرفع بالتكبير أن يكون التكبير بعد انتهاء الرفع. وأما ما قيل من أن المستحب التكبير حال الارسال فغير ظاهر الوجه واستظهاره من صحيح الحلبي المتقدم (* 5) في أدعية التكبير تكلف بلا داع إليه. (3) لاطلاق جملة من النصوص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 15. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 2. (* 5) تقدم في اول المسألة الثانية عشرة.

 

===============

 

( 86 )

 

[ والاولى أن لا يتجاوز بهما الاذنين (1). نعم ينبغي ضم أصابعهما (2) حتى الابهام والخنصر (3)، والاستقبال بباطنهما القبلة (4)، ] (1) للنهي عنه في صحيح زرارة المتقدم (* 1) في أدلة وجوب الرفع ونحوه خبر أبي بصير (* 2). (2) قد يظهر من الذكرى الاتفاق على استحباب ضم ما عدا الابهام قال (ره): " ولتكن الاصابع مضمومة، وفي الابهام قولان، وفرقه أولى، واختاره ابن ادريس تبعا للمفيد وابن البراج، وكل ذلك منصوص " قال في المعتبر: " ويستحب ضم الاصابع... إلى أن قال: وقال علم الهدى وابن الجنيد: يجمع بين الاربع ويفرق بين الابهام "، ونحوه ما في المنتهى، ودليله غير ظاهر إلا المرسل المشار إليه في كلامه. واشتمال صحيح حماد (* 3) على ضم الاصابع في القيام والسجود والتشهد لا يفيد في المقام فالاستدل به عليه - كما في المعتبر والمنتهى - غير ظاهر. (3) قد يستشهد على ضم الاول بما عن أصل زيد النرسي: أنه رأى أبا الحسن الاول (ع): " إذا كبر في الصلاة الزق أصابع يديه الابهام والسبابة والوسطى والتي تليها وفرج بينها وبين الخنصر " (* 4). وعلى ضم الثاني بما تقدم عن الذكرى، ولا يعارض بذيل ما عن النرسي لشذوذه. فتأمل. (4) نص عليه غير واحد، منهم المعتبر، والمنتهى، من غير نقل خلاف، لرواية منصور: " رأيت أبا عبد الله (ع) افتتح الصلاة، فرفع

 

 

____________

(* 1) تقدم في اول المسألة. (* 2) تقدم في صفحة: 84. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 87 )

 

[ ويجوز التكبير من غير رفع اليدين (1)، بل لا يبعد جواز العكس (2). (مسألة 15): ما ذكر من الكيفية في رفع اليدين انما هو الافضلية وإلا فيكفي مطلق الرفع (3) بل لا يبعد جواز رفع إحدى اليدين دون الاخرى. (مسألة 16): إذا شك في تكبيرة الاحرام، فان كان قبل الدخول فيما بعدها بنى على العدم (4)، وإن كان بعد الدخول فيما بعدها من دعاء التوجه أو الاستعاذة أو ] يديه حيال وجهه، واستقبل القبلة ببطن كفيه " (* 1) وخبر جميل: " سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله عزوجل: (فصل لربك وانحر) فقال (ع) بيده: هكذا " (* 2) يعني استقبل بيديه حذو وجهة القبلة في افتتاح الصلاة، (1) كما عرفت، وعرفت خلاف السيد (ره) فيه. (2) للتعليل في بعض النصوص (* 3): بأن رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع. (3) تقدم في مبحث الاذان الكلام في حمل المطلق على المقيد في المستحبات ويمكن أن يستفاد استحباب مطلق الرفع هنا من التعليل المشار إليه آنفا، ومنه يستفاد حكم ما بعده، وان استشكل فيه في الجواهر: لاحتمال اعتبار الهيئة، لكنه ضعيف، ولعله للاشارة إلى ذلك أمر بالتأمل. (4) لقاعدة الشك في المحل التي تقتضيها أصالة العدم، أو قاعدة الاحتياط أو المفهوم المستفاد من الشرطية التي تضمنها بعض نصوص قاعدة التجاوز (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 17. (* 3) تقدمت في صفحة: 83. (* 4) الوسائل باب: 23 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 88 )

 

[ القراءة بنى على الاتيان (1). وإن شك بعد إتمامها أنه أتى بها صحيحة أو لا بنى على العدم (2)، لكن الاحوط إبطالها بأحد المنافيات (3)، ثم استئنافها. وإن شك في الصحة بعد الدخول فيما بعدها بنى على الصحة (4). ] (1) لقاعدة التجاوز، بل صرح في صحيح زرارة (* 1) الوارد في بيان القاعدة المذكورة بعدم الاعتناء بالشك في التكبير وقد قرأ. (2) لقاعدة الشك في المحل التي يقتضيها ما عرفت، لكن لا يبعد جريان أصالة الصحة المعول عليها عند العقلاء في كل ما يشك في صحته وفساده، من عقد، أو إيقاع، أو عبادة، سواء أكان فعلا له أم لغيره، وربما يشير إليها موثق محمد بن مسلم: " كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو " (* 2). (3) لاحتمال صحة التكبير، فيكون التكبير الثاني مبطلا له على ما سبق فإذا أبطله بأحد المنافيات فقد أحرز صحة التكبير الثاني. (4) هذا يتم لو كان منشأ الشك في الصحة الشك في وجود شرط أو جزء، إذ يمكن أن يقال بعموم دليل قاعدة التجاوز للجزء والشرط المشكوكين لصدق الشك في الشئ بعد التجاوز عنه. أما إذا كان منشأ الشك في الصحة الشك في وجود مانع فغير ظاهر، إذ لاعموم في دليل القاعدة يشمل العدم بل يختص بالوجود الذي له محل معين، وقد تجاوز عنه. وملاحظة وصف الصحة مجرى لها غير صحيحة، لانه وصف اعتباري فالعمدة في البناء على الصحة قاعدة الصحة، التي لا يفرق في جريانها بين الدخول في الغير وعدمه كما في الفرض السابق. وهذا من وجوه الفرق بين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 89 )

 

[ وإذا كبر ثم شك في كونه تكبيرة الاحرام، أو تكبير الركوع بنى على أنه للاحرام (1).