فصل في حكم قضاء الاجزاء المنسية

فصل في حكم قضاء الاجزاء المنسية (مسألة 1): قد عرفت سابقا (3): أنه إذا ترك سجدة واحدة ولم يتذكر إلا بعد الوصول إلى حد الركوع يجب قضاؤها بعد الصلاة، بل وكذا إذا نسي السجدة الواحدة من الركعة الأخيرة (4) ولم يتذكر إلا بعد السلام على الأقوى ] (1) إلحاقا للمقام بمن نسي السابقة وشرع في اللاحقة. لكن حيث أن العدول مخالف للاصل لم يكن مجال للالحاق، بعد قصور دليل الملحق به عن شمول الفرض. (2) ووجه العدم: بعض محتملات: (لا سهو في سهو). فصل في حكم قضاء الاجزاء المنسية (3) وعرفت وجهه. (4) ليس في النصوص المتقدمة ما يدل بالخصوص على قضاء السجدة الاخيرة المنسية (* 1). نعم يقتضيه إطلاق صحيح عبد الله بن سنان: (إذا نسيت شيئا من الصلاة - ركوعا أو سجودا أو تكبيرا - ثم ذكرت فاصنع

 

____________ (* 1) راجع المسألة: 18 من فصل الخلل الواقع في الصلاة.

 

 

 

===============

( 522 )

[ وكذا إذا نسي التشهد (1) - أو أبعاضه - ولم يتذكر إلا بعد الدخول في الركوع بل أو التشهد الأخير ولم يتذكر إلا بعد السلام على الأقوى. ويجب - مضافا إلى القضاء - سجدتا السهو أيضا لنسيان كل من السجدة والتشهد (2). ] الذي فاتك سهوا) (* 1)، وصحيح حكم بن حكيم قال: (سألت أبا عبد الله (ع): عن رجل نسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم يذكر بعد ذلك، قال (ع): يقضي ذلك بعينه. قلت: أيعيد الصلاة؟ قال (ع): لا) (* 2). إلا أن امتناع البناء على قضاء الركوع والتكبير يمنع من الاعتماد على الاول في قضاء السجود. نعم لا بأس بالاعتماد على الثاني. وامتناع الاخذ بعموم الشئ - لمخالفته الاجماع - لا يمنع من الاعتماد عليه في نسيان الركعة والسجدة. مضافا إلى إمكان استفادة حكمها من النصوص المتقدمة بالغاء خصوصية موردها، أو بعدم القول بالفصل بين السجدة المنسية من الثالثة والرابعة. هذا كله بناء على مفرغية السلام، كما تقدم استظهارها من النصوص، وإلا فلا ينبغي التأمل في وجوب الرجوع إليها ثم التشهد والتسليم بعدها لوقوعهما في غير محلهما. (1) قد تقدم الكلام في نسيان التشهد الوسط والاخير. فراجع. وأما أبعاضه فليس في النصوص ما يدل على وجوب قضائها، غير إطلاق صحيح ابن حكيم، فلا مانع من جواز الاعتماد عليه في ذلك، ولولاه تعين الرجوع إلى أصل البراءة، القاضي بالعدم، بعد البناء على الصحة لحديث: (لا تعاد الصلاة...) (2) أما في نسيان السجدة فهو المشهور، بل عن الخلاف والغنية

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 6.

 

 

 

===============

( 523 )

والتذكرة وآراء التلخيص والمنتهى: دعوى الاجماع عليه، لعموم وجوبها لكل زيادة ونقيصة، - كما سيأتي - ولمصحح جعفر بن بشير - المروي عن محاسن البرقي -: (سئل أحدهم (ع) عن رجل ذكر أنه لم يسجد في الركعتين الأولتين إلا سجدة، وهو في التشهد الاول. قال (ع): فليسجدها ثم ينهض، وإذا ذكرها - وهو في التشهد الثاني قبل أن يسلم - فليسجدها ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو) (* 1). لكن في ثبوت وجوبها لكل زيادة اشكال، كما سيأتي أيضا. والمصحح المذكور غير معمول بظاهره. مع أنه معارض بما في صحيح أبي بصير - فيمن نسي السجدة - من قوله (ع): (فان كان قد ركع فليمض على صلاته، فإذا انصرف قضاها، وليس عليه سهو) (* 2) وقريب منه مضمر محمد بن منصور (* 3) وبموثق عمار: (عن الرجل ينسى سجدة هل عليه سجدة السهو؟ قال (ع): لا، قد أتم الصلاة) (* 4) وحمل السهو في الاول على الاعادة خلاف الظاهر. كما أن حمل الاخير على الذكر في المحل - فلا يشمل ما نحن فيه - لاقرينة عليه. ومجرد كون نسيان الركوع لا يتصور مع صحة الصلاة إلا مع الذكر في المحل لا يقتضي تقييد اطلاق نسيان السجود. اللهم إلا أن يكون صالحا للقرينية عليه فيرتفع إطلاقه. مع أن في الأولين كفاية في تخصيص عموم وجوبها لكل نقيصة - لو تم - وفي حمل مصحح ابن بشير على الاستحباب. وأما وجوبهما في نسيان التشهد فعن الخلاف وغيره: الاجماع عليه.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود ملحق حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 26 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 3.

 

 

 

===============

( 524 )

[ (مسألة 2): يشترط فيهما جميع ما يشترط في سجود الصلاة وتشهدها، من الطهارة، والاستقبال، وستر العورة ونحوها، وكذا الذكر، والشهادتان (1)، والصلاة على محمد وآل محمد (2). ولو نسي بعض أجزاء التشهد وجب قضاؤه فقط (3). نعم لو نسي الصلاة على آل محمد فالاحوط إعادة الصلاة (4) على محمد، بأن يقول: (اللهم صلى على محمد وآل محمد)، ولا يقتصر على قوله: (وآل محمد)، وإن كان هو المنسي فقط. ويجب فيهما نية البدلية عن المنسي (5)، ولا يجوز الفصل ] وعن المدارك: نفي الخلاف فيه. وقد استفاضت النصوص الدالة عليه. وأكثرها وارد في نسيان التشهد الاول، وبعضها مطلق شامل له وللاخير كموثق أبي بصير: (عن الرجل ينسى أن يتشهد. قال (ع): يسجد سجدتين يتشهد فيهما) (* 1). (1) بلا إشكال ظاهر، لأن أدلة قضائهما - كسائر أدلة قضاء الفوائت - ظاهرة في مطابقة القضاء للاداء في جميع الخصوصيات المعتبرة فيه جزءا أو شرطا أو غيرهما. (2) لأنها جزء من التشهد المقابل للتسليم، الذي هو منصرف نص القضاء. (3) على ما عرفت. (4) إذ بدونها يكون غلطا في الاستعمال، لعدم المعطوف عليه. ودليل القضاء - على تقدير تماميته - لا يصلح لتشريعه كذلك. وعلى هذا فالأقوى وجوب الاعادة. (5) لاعتبار ذلك في صدق القضاء، فتجب نيته كسائر ما يعتبر في

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 6.

 

 

 

===============

( 525 )

[ بينهما وبين الصلاة بالمنافي (1) كالاجزاء في الصلاة. أما الدعاء والذكر والفعل القليل ونحو ذلك - مما كان جائزا في أثناء الصلاة - فالاقوى جوازه، والاحوط تركه. ويجب المبادرة إليهما بعد السلام (2)، ولا يجوز تأخيرهما عن التعقيب ونحوه. (مسألة 3): لو فصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي عمدا وسهوا - كالحدث والاستدبار - فالاحوط استئناف الصلاة بعد إتيانهما، وإن كان الاقوى جواز الاكتفاء بإتيانهما (3). ] موضوع الوجوب، وتكفي النية الاجمالية. (1) عدم جواز ذلك تكليفا لا دليل عليه. كما لادليل عليه في صلاة الاحتياط، كما تقدم. (2) وعن الذكرى: الاجماع عليه. فان تم كان هو الحجة. ودعوى: كونها المنساق من نصوص القضاء غير ظاهرة. ولا سيما بملاحظة العطف ب‍ (ثم) على التسليم، الظاهر في الترتيب مع التراخي، وان كان المراد منها في المقام مجرد الترتيب، لعدم وجوب التراخي إجماعا. فتأمل. وأما قوله (ع) في الموثق: (يقضي ما فاته إذا ذكره) (* 1) فقد تقدم الاشكال في دلالته في قضاء الفوائت. نعم ارتكاز المتشرعة يأبى وقوع الفصل الطويل بينها وبين الصلاة اختيارا. ولاجله تكون إطلاقات نصوص القضاء منزلة عليه. وهذا معنى آخر للمبادرة. ولعله مراد الأصحاب. (3) لاطلاق دليل القضاء، الموافق لأصالة البراءة من قدح المنافي في صحة القضاء. ودعوى: أن القضاء جزء من الصلاة جئ به في غير محله، فيكون

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 2.

 

 

 

===============

( 526 )

[ وكذا لو تخلل ما ينافي عمدا - لا سهوا - إذا كان عمدا. أما إذا وقع سهوا فلا بأس. ] المنافي الواقع بينه وبين الصلاة واقعا في أثناء الصلاة فيبطل. ولا مجال للاخذ باطلاق دليل القضاء، لقصوره عن إثبات نفي القدح، ولا لأصل البراءة إذ لا مجال للاصل مع الدليل. مدفوعة: بأن جزئيته من الصلاة خلاف مادل على مفرغية التسليم ولا مجال لقياس المقام بصلاة الاحتياط، لما عرفت من أن ظاهر أدلة البناء على الأكثر كونه حكما ظاهريا، بلا انقلاب الواقع إلى صلاة الاحتياط وعدم مفرغية التسليم، بخلاف المقام، إذ ليس مفاد الأدلة إلا وجوب الاتيان بالجزء بعد التسليم، وذلك أعم من أن يكون التسليم مفرغا حقيقة ويكون قضاء الجزء أمرا خارجا عن الصلاة يشاركها في تحصيل الغرض المقصود منها، وأن يكون غير مفرغ، نظير سلام من تذكر النقص. وإذا لم يظهر دليل القضاء في تعيين أحد الامرين لم يصلح لمعارضة ما دل على مفرغية التسليم فيكون ذلك الدليل هو المحكم. مع أن البناء على عدم مفرغية التسليم المذكور يقتضي البناء على وجوب تكرار السلام، لظهور أدلة اعتبار التسليم في انحصار المفرغ فيه، فإذا لم يفرغ المكلف بالسلام الأول احتاج - في الفراغ - إلى تكرار السلام، وذلك خلاف المقطوع به من النص والفتوى. وبالجملة: لا ينبغي الكلام في كون الجزء المقضي بعد السلام دخيلا من حصول الغرض المقصود من الصلاة، ومشاركا للاجزاء الماضية في ذلك لوفاء الادلة بذلك، وإنما الكلام في أن السلام الواقع منه واقع في محله ومفرغ له من الصلاة، أو أنه غير مفرغ وإنما يحصل الفراغ بالجزء المقضي وإذ أن الأدلة تقصر عن إثبات الثاني، فما دل على مفرغية السلام محكم، فيكون فعل المنافي بعد التسليم غير قادح، كفعله، بعده في سائر المقامات. ويؤيد

 

===============

( 527 )

[ (مسألة 4): لو أتى بما يوجب سجود السهو قبل الاتيان بهما أو في أثنائهما فالاحوط فعله بعدهما (1). (مسألة 5): إذا نسي الذكر أو غيره مما يجب - ما عدا وضع الجبهة في سجود الصلاة - لا يجب قضاؤه (2). ] ما ذكرنا ما في موثق عمار - الوارد في نسيان السجدة - (قلت: فان لم يذكر إلا بعد ذلك. قال (ع): يقضي ما فاته إذا ذكره) (* 1) وما في صحيح ابن مسلم - الوارد في نسيان التشهد -: (إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد، وإلا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه) (* 2). (1) لاحتمال وقوعه في أثناء الصلاة، فيلحقه حكمه. لكن مقتضى تقوية الاكتفاء باتيانهما لو تخلل المنافي كون الاحتياط من هذه الجهة استحبابيا ثم إن في الفرض الذي ذكره إشكالا، لأن موجب سجود السهو إنما يوجبه إذا وقع في أثناء الصلاة، فإذا لم يقع في أثنائها ووقع بعدها أو في أثنائهما لم يجب له السجود. فلاحظ. (2) لأن الأمور المذكورة ليست أبعاضا للسجود كي يجب قضاؤها بقاعدة: (أن ما يقضى كله يقضى بعضه) التي استدل بها جماعة على وجوب قضاء أبعاض التشهد، ومقتضى أصالة البراءة عدم الوجوب. لكن القاعدة المذكورة لادليل عليه - بعد - اختصاص دليل القضاء بفوات الكل غير المستند إلى فوات البعض - فالفرق بين واجبات السجود وسائر واجبات الصلاة وبين أبعاض التشهد في وجوب القضاء وعدمه - مع كون إطلاق صحيح حكم ابن حكيم المتقدم (* 3) مقتضيا له في الجميع - لابد أن يكون من جهة

 

____________ (* 1) تقدم ذلك في التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 2. (* 3) تقدم ذلك في المسألة: 1 من هذا الفصل.

 

 

 

===============

( 528 )

[ (مسألة 6): إذا نسي بعض أجزاء التشهد القضائي وأمكن تداركه فعله. وأما إذا لم يمكن - كما إذا تذكره بعد تخلل المنافي عمدا وسهوا - فالاحوط إعادته (1) ثم إعادة الصلاة، وإن كان الاقوى كفاية إعادته. (مسألة 7): لو تعدد نسيان السجدة أو التشهد أتى بهما واحدة بعد واحدة. ولا يشترط التعيين (2) على الاقوى وإن كان أحوط. والاحوط ملاحظة الترتيب معه. ] الاجماع على عدم وجوب قضاء ما عدا السجدة والتشهد وأبعاضه، ولولاه لم يكن للفرق بينها وجه ظاهر. (1) لعين ما تقدم في تخلل المنافي بين الصلاة وقضاء المنسي. (2) قد تقدمت الاشارة في مبحث صلاة الآيات: إلى أن الواجبات المتعددة إن اتحدت حقيقتها وكان تعددها بلحاظ تعدد الوجود فقط لا مجال للتعيين فيها، لأن التعيين فرع التعين والامتياز فيما بينها، والمفروض عدمه. وذلك كما لو وجب صوم يومين فانه لما لم يكن ميز بين اليومين لم يمكن قصد أحدهما في قبال الآخر، فإذا صام أحد اليومين يسقط أحدهما بلا ميز ويبقى الطلب بالآخر كذلك، ومع تغاير مفهوم الواجبين - أو الواجبات - يمكن التعيين بالقصد. ومنه يظهر أن السجدات المقضية لما كانت من قبيل الواجبات المتحدة حقيقة المتعددة وجودا لم يكن مجال للتعيين، فضلا عن وجوبه. ولا يتوهم: أن البناء على لزوم نية البدلية ملازم للبناء على لزوم التعيين، فان نية البدلية أعم من تعيين المبدل منه، كما لا يخفى. ومنه يظهر أن القائل بوجوب التعيين لابد له من إثبات تعدد مفهوم الواجب، ولو لأجل اعتبار قصد البدلبة عن الفائت - المعين بالتعينات الخارجية الخارجة

 

===============

( 529 )

[ (مسألة 8): لو كان عليه قضاء سجدة وقضاء تشهد فالأحوط تقديم السابق منهما في الفوات على اللاحق. ولو قدم أحدهما بتخيل أنه السابق فظهر كونه لا حقا فالأحوط الاعادة على ما يحصل معه الترتيب (1)، ] عن موضوع الأمر - شرطا في قضاء المنسي. كما أن اعتبار الترتيب موقوف على ذلك أيضا. وحيث أنه خلاف الاطلاق، كان الاقوى عدم لزوم التعيين وعدم لزوم الترتيب. ثم إنه قد يتوهم: أنه بناء على جزئية المقضي حقيقة وعدم مفرغية السلام لابد من القول بالترتيب، لترتب الأجزاء الفائتة. وفيه: أن ترتيبها في المحل لا يلزم ترتيبها في خارج المحل، بل لو ذكر الأول بعد تجاوز المحل الذكري فقد سقط في المحل الترتيب بينه وبين الثاني، فإذا نسي الثاني كان المنسي مما يعلم بعدم اعتبار الترتيب بينه وبين الأول. نعم إذا نسي السجدة والتشهد من ركعة واحدة فالفائتان وإن كانا مترتبين في الأداء في حال الذكر، لكن في ترتيبهما في حال النسيان بعد سقوطهما عن الجزئية تأمل. لا أقل من اقتضاء الاصل عدم الترتيب في القضاء. ومن ذلك تعرف: أن احتمال اعتبار الترتيب أولى بالضعف من احتمال اعتبار التعيين فيما لو كان الفائت متحد الحقيقة. نعم في متعدد الحقيقة للقول باعتباره وجه، لكن الأوجه خلافه، كما عرفت نعم احتمال ذلك كاف في إمكان الاحتياط. ثم إن الظاهر أن الفصل بأحد المقضيين ينافي الفورية بالنسبة إلى الثاني عرفا، فمع البناء على وجوبها تعبدا يكون المورد من التزاحم الموجب للتخيير عقلا. ومع البناء على وجوبها شرطا للصحة يشكل الحال. اللهم إلا أن يكون إجماع على الصحة - حينئذ - وإن فاتت الفورية بالفصل، فاطلاق دليل القضاء محكم. (1) لاحتمال اعتبار الترتيب شرطا في صحة قضاء اللاحق فواتا. لكن عرفت ضعفه.

 

===============

( 530 )

[ ولا يجب إعادة الصلاة معه (1)، وإن كان أحوط. (مسألة 9): لو كان عليه قضاؤهما وشك في السابق واللاحق احتاط بالتكرار (2)، فيأتي بما قدمه مؤخرا أيضا ولا يجب معه إعادة الصلاة، وإن كان أحوط. وكذا الحال لو علم نسيان أحدهما ولم يعلم المعين منهما. (مسألة 10): إذا شك في أنه نسي أحدهما أم لا (3) لم يلتفت ولا شئ عليه. أما إذا علم أنه نسي أحدهما وشك في أنه هل تذكر قبل الدخول في الركوع أو قبل السلام وتداركه أم لا؟ فالأحوط القضاء (4). ] (1) لعدم قدح الفصل بمثل ذلك. (2) إذ ليس فيه إلا احتمال الفصل. وقد تقدم عدم قدحه. (3) يعني: بعد الفراغ. وكذا بعد التجاوز، فالوجه في عدم الالتفات: قاعدة الفراغ، أو التجاوز. (4) بل لعله الأقوى، لأصالة عدم الرجوع إلى المنسي. وقاعدة التجاوز لا مجال لها في المقام، إذ المحل الأولي الذكري يعلم بعدم الاتيان به فيه، والمحل الثانوي السهوي وان شك بالاتيان به فيه، إلا أن موضوعه - وهو الذكر والالتفات - مشكوك، والمحل على تقدير استمرار النسيان - يكون بعد التسليم فلم يفرغ بالنسبة إليه. وإن شئت قلت: قاعدة التجاوز إنما تجري مع احتمال طروء الخطأ، لامع احتمال طروء الالتفات مع العلم بطروء الخطأ ومنه يظهر: أنه لو علم أنه قد ذكر قبل الركوع أو قبل التسليم وشك في أنه تدارك أو لم يتدارك بنى على التدارك لقاعدة التجاوز. وسيأتي في سجود السهو في نظير المقام ماله نفع تام. فانتظر.

 

===============

( 531 )

[ (مسألة 11): لو كان عليه صلاة الاحتياط وقضاء السجدة أو التشهد فالأحوط تقديم الاحتياط (1) وإن كان فوتهما ] (1) بل هو المتعين، لأن دليل قضاء المنسي إنما اقتضى فعله بعد الفراغ الواقعي، وقد عرفت أن التسليم على الاكثر البنائي لا يوجب فراغا واقعيا - بل ولا ظاهريا بلحاظ الأثر الذي هو محل الكلام - بل احتمالي محض، فلا يجوز فعل المنسي بعده، لاحتمال كونه زيادة في الصلاة منهيا عنها، وكونه في غير المحل. ولو بني على أن الامر بقضاء المنسي بعد التسليم لئلا تلزم الزيادة في الاثناء لا لكون محله بعد التسليم كفى احتمال الزيادة في المنع عن إيقاعه قبل صلاة الاحتياط، إذ لا مؤمن عن هذا الاحتمال، و أصالة عدم الزيادة لا مجال لها - لا بنحو مفاد كان التامة، ولا الناقصة - إذ الشك إنما هو من حيث كونه في الأثناء أو بعد الفراغ، والأصل يقتضي الأول، فيكون زيادة في الأثناء - فتأمل - ومجرد كونه تذدراكا للمنسي لا يوجب عدم صدق الزيادة عليه. ولذا لا يجوز إيقاعه قبل التسليم مع حفظ الركعات. ومنه يظهر وجوب تأخير سجود السهو عن صلاة الاحتياط لعين ما تقدم ومجرد الفرق: بأن الأجزاء المقضية أجزاء صلاتية يكون فعلها قبل التسليم زيادة منهيا عنها، بخلاف سجود السهو فانه لا يؤتى به بعنوان الصلاة، فلا يكون فعله في الأثناء زيادة في الصلاة لا يوجب الفرق بينهما في وجوب التأخير إلى ما بعد الفراغ عن الصلاة واقعا بعد الأمر بفعلها كذلك، غاية الامر أن الامر بتأخير المنسي يمكن أن يكون من جهة أن محله بعد التسليم ويمكن أن يكون من جهة لزوم الزيادة، بخلاف تأخير سجود السهو فانه لا يحتمل فيه أن يكون من جهة لزوم الزيادة - بناء على اعتبار قصد الجزئية في تحقق الزيادة - فيتعين أن يكون من جهة كون محله بعد التسليم، وهذا

 

===============

( 532 )

[ مقدما على موجبه، لكن الأقوى التخيير. وأما مع سجود السهو فالأقوى تأخيره عن قضائهما، كما يجب تأخيره عن الاحتياط أيضا. ] أيضا كاف في لزوم التأخير. نعم قد يقتضي ذلك الفرق فرقا من جهة أخرى، وهي أنه لو جاء بسجود السهو قبل التسليم عمدا لم يكن مبطلا للصلاة وإن لم يجز الاكتفاء به، فيجب الاتيان به ثانيا بعد التسليم، بخلاف مالو جاء بالجزء المنسي قبل التسليم عمدا فانه يكون مبطلا للصلاة فيجب الاستئناف. وهذا الفرق - لو تم - لم يرتبط بما نحن فيه. نعم بناء على مفرغية التسليم، وانقلاب الصلاة على تقدير النقص إلى صلاتين يكون فعل القضاء بعد التسليم البنائي في محله، فحينئذ يجب فعل القضاء قبل صلاة الاحتياط، بناء على وجوب المبادرة إليه. اللهم إلا أن نقول أيضا: بوجوب المبادرة إلى صلاة الاحتياط بنحو ينافيها قضاء المنسي، فحينئذ يتعين البناء على التخيير بينهما في التقديم. أو نقول: بأن محل المقضي بعد الفراغ من تمام الصلاة، ولا يكون ذلك إلا بعد صلاة الاحتياط. وهذا هو الأظهر. وأما تأخير سجود السهو عن الجزء المنسي فليس عليه دليل ظاهر، بل ظاهر خبر علي بن أبي حمزة - المتقدم في نسيان التشهد (* 1) - كون سجود السهو للتشهد المنسي قبله لا بعده، فلو تم عدم الفصل - كما ادعي - كان دليلا على لزوم تقديم سجود السهو على الجزء المنسي مطلقا. وخبر جعفر بن بشير (* 2) وإن دل على لزوم تقديم السجدة المنسية على سجود السهو لها، فيكون منافيا للخبر المذكور، إلا أنه تضمن فعل السجدة قبل التسليم، وذلك خلاف المبنى، فالترتيب بين الجزء المقضي وسجود السهو

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 2. (* 2) تقدم ذلك في المسألة: 1. من هذا الفصل.

 

 

 

===============

( 533 )

[ (مسألة 12): إذا سها عن الذكر أو بعض ما يعتبر فيها - ما عدا وضع الجبهة في سجدة القضاء - فالظاهر عدم وجوب إعادتها (1)، وإن كان أحوط. (مسألة 13): لا يجب الاتيان بالسلام في التشهد القضائي (2)، وإن كان الأحوط - في نسيان التشهد الأخير - إتيانه بقصد القربة - من غير نية الأداء والقضاء - مع الاتيان بالسلام بعده. كما أن الأحوط - في نسيان السجدة من الركعة الأخيرة أيضا - الاتيان بها بقصد القربة، مع الاتيان بالتشهد والتسليم - لاحتمال كون السلام في غير محله - (3) ووجوب ] غير ثابت اللهم إلا أن يستفاد من دليل وجوب سجود السهو كون محله بعد الفراغ من جميع الأجزاء الصلاتية. لكنه غير ظاهر. (1) هذا بناء على الجزئية ظاهر، إذ كما لا تجب إعادة الجزء المأتي به في أثناء الصلاة - لو كان قد سها عن بعض ما يجب فيه لحديث: (لا تعاد الصلاة...) - لا تجب الاعادة هنا، لعدم الفرق. أما بناء على عدم الجزئية فقد يشكل، لعدم لزوم إعادة الصلاة من رأس، كي يسقط اعتبار ما سها فيه لحديث: (لا تعاد...) وإعادة الجزء غير منفية بالحديث المذكور. ويمكن دفعه: بما عرفت من أن ظاهر دليل القضاء وجوبه على النحو المعتبر في الصلاة بما له من الخصوصيات، فكما يقتضي الدليل المذكور لزوم فعل ما يجب فعله فيه - من الذكر وغيره - يقتضي سقوطه في السهو، كما يسقط لو أتى به في محله، كما يظهر بالتأمل. (2) لخروجه عن التشهد. والمفروض الاتيان به في محله، فلا موجب لقضائه. (3) لفقد الترتيب بينه وبين التشهد.

 

===============

( 534 )

[ تداركهما بعنوان الجزئية للصلاة. وحينئذ فالأحوط سجود السهو - أيضا - في الصورتين، لأجل السلام في غير محله. (مسألة 14): لا فرق في وجوب قضاء السجدة، وكفايته عن إعادة الصلاة بين كونها من الركعتين الأولتين والاخيرتين (1)، لكن الاحوط - إذا كانت من الاولتين - إعادة الصلاة أيضا، كما أن في نسيان سائر الاجزاء الواجبة منهما أيضا الاحوط استحبابا - بعد إتمام الصلاة - إعادتها، وإن لم يكن ذلك الجزء من الاركان، لاحتمال اختصاص اغتفار السهو عن ما عدا الاركان بالركعتين الاخيرتين - كما هو مذهب بعض العلماء - (2) وإن كان الاقوى - كما عرفت - عدم الفرق. (مسألة 15): لو اعتقد نسيان السجدة أو التشهد مع ] (1) كما تقدم في أحكام السهو. (2) وهو المفيد والشيخ في التهذيب على ما حكي، بل عن الثاني: أنه نسبه إلى بعض العلماء - ولعله ابن أبي عقيل - وتقدم ذلك في نسيان السجدة، كما تقدم ضعفه، لصريح جملة من النصوص الواردة في نسيان السجدة والقراءة والجهر والاخفات (* 1)، وإطلاق صحيح: (لا تعاد...) ولا سيما بملاحظة تعليله صحة الصلاة - مع ترك القراءة - بأن القراءة سنة. وبذلك كله يتعين حمل السهو المنفي في الأوليين في بعض النصوص - على الشك، كما يقتضيه بعض القرائن المشتمل عليه بعضها. ويظهر من كلماتهم في أحكام السهو من الخلل: المفروغية عن عدم الفرق بين الأوليين والأخيرتين، بل

 

____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 18، 19 من فصل الخلل الواقع في الصلاة.

 

 

 

===============

( 535 )

[ فوت محل تداركهما، ثم بعد الفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده شكا فالظاهر عدم وجوب القضاء (1). (مسألة 16): لو كان عليه قضاء أحدهما وشك في إتيانه وعدمه وجب عليه الاتيان به ما دام في وقت الصلاة (2) بل الاحوط استحبابا (3) ذلك بعد خروج الوقت أيضا. (مسألة 17): لو شك في أن الفائت منه سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين بنى على الاتحاد (4). (مسألة 18): لو شك في أن الفائت منه سجدة أو غيرها من الاجزاء الواجبة التي لا يجب قضاؤها - وليست ركنا أيضا - لم يجب عليه القضاء (5)، بل يكفيه سجود السهو. ] ادعي الاجماع في كثير من مسائله. فراجع. (1) لعدم الاعتبار بالشك، لأنه بعد الفراغ، ولا بالاعتقاد، لزواله. اللهم إلا أن يقال: إنما لا يعتبر الشك بعد الفراغ إذا كان بعد الفراغ البنائي وهو غير حاصل فالمرجع في نفي القضاء قاعدة الشك بعد التجاوز لاغير. ومنه يظهر عدم وجوب القضاء لو انقلب اعتقاده شكا في أثناء الصلاة. (2) لأصالة عدم الاتيان به. (3) لسقوط الأصل بقاعدة الشك بعد خروج الوقت. وهي وإن كان موردها الشك في أصل الصلاة، إلا أن الظاهر منها عرفا كون الوجه فيها حيثية خروج الوقت. ولأجل توهم الاختصاص كان الاحوط القضاء لو شك بعد خروج الوقت. (4) لقاعدتي الفراغ والتجاوز بالنسبة إلى المحتمل الزائد على المتيقن. (5) لأن العلم الاجمالي بالفوات لا أثر له في القضاء، لعدم التكليف

 

===============

( 536 )

[ (مسالة 19): لو نسي قضاء السجدة أو التشهد وتذكر بعد الدخول في نافلة جاز له قطعها (1) والاتيان به، بل هو الاحوط (2)، بل وكذا لو دخل في فريضة (3). (مسألة 20): لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر وضاق وقت العصر فإن أدرك منها ركعة وجب تقديمهما (4) وإلا وجب تقديم العصر (5)، ويقضي الجزء بعدها، ولا يجب عليه إعادة (6) الصلاة وإن كان أحوط. وكذا الحال ] في أحد أطرافه. واحتمال فوت ما يجب قضاؤه منفي بقاعدة الفراغ. ولا تعارض بمثلها في الآخر، لانها لا أثر لها من حيث القضاء وكذا من حيث سجود السهو، للعلم به على كل من التقديرين، بناء على وجوبه للسجود ولكل نقيصة. (1) لجواز قطع النافلة. (2) لاحتمال وجوب المبادرة. لكن مقتضى جزم المصنف (ره) سابقا بوجوب المبادرة الجزم بوجوب القطع هنا. (3) فانه وإن حرم قطع الفريضة، لكن - بناء على وجوب المبادرة - يجوز القطع، لجواز قطع الفريضة للحاجة. وقد تقدم في فصل صلاة الاحتياط ما له نفع في المقام. فراجع. (4) لوجوب الترتيب، فان الجزء المقضي لا يخرج عن كونه صلاة ظهر، وظاهر أدلة الترتيب وجوبه بلحاظ جميع الاجزاء. مضافا إلى ما تقدم: من وجوب المبادرة. (5) لأهميتها حينئذ، أو لاختصاص الوقت بها، وسقوط اعتبار الترتيب. (6) لعدم قدح الفصل، كما سبق.

 

===============

( 537 )

[ لو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر وضاق وقت العصر، لكن مع تقديم العصر يحتاط بإعادة الظهر أيضا، بعد الاتيان باحتياطها (1).