فصل في زكاة النقدين

فصل في زكاة النقدين وهما: الذهب، والفضة. ويشترط في وجوب الزكاة فيهما مضافا إلى ما مر من الشرائط العامة أمور: الاول: النصاب (5)، ففي الذهب نصابان: ] (1) لانه زمان ملك البائع. (2) على ما تقدم في المسألة السادسة من مسائل مبحث الشرائط العامة. (3) لان المبيع مضمون للبائع على المشتري بضمان المعاوضة كالثمن. (4) لعدم الدليل على سلطنة البائع في إسقاط الحق الثابت، وإلزامه باخراجها من مال آخر. فصل في زكاة النقدين (5) بلا خلاف ولا إشكال، كما ادعاه غير واحد، بل عن بعض: أنه لا خلاف فيه بين المسلمين وعن آخر: أنه ضروري. ويشهد له

 

===============

 

( 116 )

 

[ الاول: عشرون دينارا (1)، وفيه نصف دينار. ] النصوص، التي يأتي بعضها. (1) فلا تجب فيما دونها بلا كلام. وعن جمع: نفي الخلاف فيه، وعن آخرين: الاجماع عليه. ويشهد له النصوص الآتية. وتجب الزكاة فيه إذا بلغها على المشهور شهرة عظيمة، بل عن جملة من الكتب: الاجماع عليه، منها السرائر والتذكرة والمنتهى. ويشهد له صحيح الحسين بن بشار عن أبي الحسن (ع): (قال: في الذهب في كل عشرين دينارا نصف دينار، فان نقص فلا زكاة فيه) (* 1)، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع): (قال: ومن الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار، وإن نقص فليس عليك شئ) (* 2)، وموثق علي بن عقبة وعدة من أصحابنا عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: (ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شئ، فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال، إلى أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار، إلى ثمانية وعشرين، فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة) (* 3). ونحوها غيرها. ونسب إلى ابني بابويه في الرسالة والمقنع بل إلى جمع من أصحاب الحديث، أو إلى جمع من أصحابنا: أن النصاب الاول أربعون، وفيها دينار. ويشهد له موثق محمد وأبي بصير وبريد والفضيل عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع): قالا: (في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال.. (إلى أن قال): وليس في أقل من أربعين مثقالا شئ) (* 4)، وصحيح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 13.

 

===============

 

( 117 )

 

[ والدينار مثقال شرعي، وهو ثلاثة أرباع الصيرفي (1). فعلى هذا النصاب الاول بالمثقال الصيرفي: خمسة عشر مثقالا وزكاته ربع مثقال وثمنه. والثاني: أربعة دنانير (2)، ] زرارة: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل عنده مائة درهم وتسعة وتسعون درهما، وتسعة وثلاثون دينارا، أيزكيها؟ فقال (ع): لا، ليس عليه شئ من الزكاة في الدراهم، ولا في الدنانير حتى يتم أربعون دينارا والدراهم مائتي درهم) (* 1). هذا والجمع العرفي وان كان يقتضي الاخذ بظاهرهما، وحمل ما سبق على الاستحباب، إلا أنه لا مجال له بعد إعراض الاصحاب عنهما، فلابد من طرحهما وإيكال العلم بهما إلى أهله. أو حملهما على بعض المحامل كما صنعه غير واحد من الاصحاب وإن بعد (1) أما أنه مثقال شرعي فتشهد به ملاحظة النصوص، حيث اشتملت على التعبير بالدينار مرة، والمثقال أخرى. وأما أن المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، فقد نسبه في المستند إلى جماعة، منهم صاحب الوافي، والمحدث المجلسي في رسالته في الاوزان، نافيا عنه الشك، ووالده في حلية المتقين، وابن الاثير في نهايته، حيث قال: (المثقال يطلق في العرف على الدينار خاصة، وهو الذهب الصنمي عن ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي..). لكن تقدم في كتاب الطهارة: وزن الدينار الذي عثرنا عليه. ولاجل ذلك يشكل ما ذكروه، ولا يتسع المقام لتحقيق ذلك في هذه العجالة. (2) إجماعا، حكاه جماعة كثيرة، وعن المختلف والتنقيح: نسبة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 14.

 

===============

 

( 118 )

 

[ وهي ثلاثة مثاقيل (1) صيرفية. وفيه: ربع العشر، أي من أربعين واحد، فيكون فيه قيراطان. إذ كل دينار عشرون قيراطا (2). ثم إذا زاد أربعة فكذلك (3). وليس قبل أن يبلغ عشرين دينارا شئ (4). كما أنه ليس بعد العشرين قبل أن يزيد أربعة شئ. وكذلك ليس بعد هذه الاربعة شئ. إلا إذا زاد أربعة أخرى. وهكذا.. والحاصل: أن في العشرين دينارا ربع العشر، وهو نصف دينار. وكذا في الزائد إلى أن يبلغ أربعة وعشرين، وفيها ربع عشره، وهو نصف دينار وقيرطان. وكذا في ] الخلاف هنا إلى علي بن بابويه، فجعل النصاب الثاني أربعين مثقالا. والمعروف عندهم: أن خلافه إنما هو في النصاب الاول، كما يقتضيه أيضا الصحيحان المتقدمان، المستدل بهما على مذهبه. وكيف كان فالنصوص وافية باثبات المذهب المشهور. وإن ثبت خلاف ابن بابويه هنا فلا دليل له ظاهر. فراجع. (1) تقدم وجهه. (2) حكي عليه الاتفاق. وقال في محكي النهاية الاثيرية: (القيراط جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشرة في أكثر البلاد. وأهل الشام يجعلونه جزء من أربعة وعشرين). (3) بلا خلاف ولا إشكال. والنصوص به صريحة، التي منها موثق علي بن عقبة المتقدم (* 1) (4) تقدم: نقل الاجماع، ودلالة النصوص عليه. وكذا ما بعده

 

 

____________

(* 1) لاحظ النصاب الاول من نصابي الذهب.

 

===============

 

( 119 )

 

[ الزائد إلى أن يبلغ ثمانية وعشرين، وفيها نصف دينار، وأربع قيراطات. وهكذا... وعلى هذا فإذا أخرج بعد البلوغ إلى عشرين فما زاد من كل أربعين واحدا فقد أدى ما عليه وفي بعض الاوقات (1) زاد على ما عليه بقليل، فلا بأس باختيار هذا الوجه من جهة السهولة. وفى الفضة أيضا نصابان: الاول: مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم (2). ] (1) وذلك إذا زاد على النصاب السابق، ولم يبلغ النصاب اللاحق. (2) بلا خلاف ولا إشكال، كما عن جماعة كثيرة، بل عن جماعة: دعوى الاجماع عليه، وعن آخرين: دعوى إجماع المسلمين عليه. وتشهد له النصوص، منها: صحيح الحسين بن بشار: (سألت أبا الحسن (ع): في كم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة؟ فقال (ع): في كل مائتي درهم خمسة دراهم، وإن نقصت فلا زكاة فيها) (* 1)، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع): (في كل مائتي درهم خمسة دراهم من الفضة، وإن نقصت فليس عليك زكاة) (* 2)، وموثق الفضلاء عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) قالا: (في الورق في كل مائتين خمسة دراهم، ولا في أقل من مائتي درهم شئ، وليس في النيف شئ، حتى يتم أربعون، فيكون فيه واحد) (* 3)، وموثق زرارة وبكير ابني أعين، أنهما سمعا أبا جعفر (ع) يقول في الزكاة: (ليس في أقل من مائتي درهم شئ، فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم، فما زاد فبحساب ذلك. وليس في مائتي درهم وأربعين درهما غير درهم. إلا خمسة دراهم، فإذا بلغت أربعين ومائتي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 4. (* 3) الوسال باب: 2 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 7.

 

===============

 

( 120 )

 

[ الثاني: أربعون درهما، وفيها درهم (1). والدرهم نصف المثقال الصيرفي وربع عشره (2). وعلى هذا فالنصاب الاول مائة وخمسة مثاقيل صيرفية، والثاني أحد وعشرون مثقالا وليس فيما قبل النصاب الاول، ولا فيما بين النصابين شئ على ما مر. وفي الفضة أيضا بعد بلوغ النصاب إذا أخرج من كل أربعين واحدا فقد أدى ما عليه، وقد يكون زاد خيرا قليلا. الثاني: أن يكونا مسكوكين (3) بسكة المعاملة، سواء ] درهم ففيها سته دراهم، فإذا بلغت ثمانين ومائتين درهم ففيها سبعة دراهم وما زاد فعلى هذا الحساب، وكذلك الذهب) (* 1).. إلى غير ذلك. (1) بلا خلاف ولا إشكال. والاجماع صريحا وظاهرا منقول عليه، كما فيما قبله. والنصوص المتقدمة بعضها دالة عليه. (2) لا إشكال عندهم في أن الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي، وأن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية، كما نقله جماعة كثيرة، وعن ظاهر الخلاف: دعوى إجماع الامة عليه، وعن رسالة المجلسي: أنه مما لا شك فيه، ومما اتفقت عليه العامة والخاصة. فإذا كان المثقال الشرعي ثلاثه أرباع المثقال الصيرفي، يكون الدرهم نصف المثقال الصيرفي وربع عشره مثلا: إذا كان المثقال الصيرفي أربعين جزءا كان المثقال الشرعي ثلاثين جزءا منها، فإذا نقص منها ثلاثة أعشارها وهو تسعة كان الواحد والعشرون منها درهما، وهو نصف الاربعين، وربع عشرها. (3) إجماعا حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له صحيح علي بن يقطين عن أبي ابراهيم (ع): (قلت له: إنه يجتمع عندي الشئ الكثير قيمته،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 10.

 

===============

 

( 121 )

 

[ كان بسكة الاسلام (1) أو الكفر، بكتابة أو غيرها، بقيت سكتها أو صار ممسوحين بالعارض (2). وأما إذا كانا ممسوحين ] فيبقى نحوا من سنة، أنزكيه؟ قال (ع): كل ما لم يحل عليه الحول فليس فيه عليك زكاة، وكل ما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شئ، قلت: وما الركاز؟ قال (ع): الصامت المنقوش ثم قال (ع): إذا أردت ذلك فاسبكه، فانه ليس في سبائك الذهب ونقار الفضة زكاة) (* 1). قال في القاموس: (الصامت من المال: الذهب والفضة). وعن غير واحد: (أن المراد ممن المنقوش المسكوك). ويقتضيه مرسل جميل: (ليس في التبر زكاة. إنما هي على الدنانير والدراهم) (* 2). ونحوه خبر الآخر (* 3). والضعف بارسال الاول، واشتمال الثاني على جعفر بن محمد بن حكيم لايهم، بعد اعتماد الاصحاب. فتأمل. ويعضدها: النصوص المتضمنة نفي الزكاة في التبر، ونقار الفضة، والسبائك، والحلي (* 4). فانها مانعة من حمل المنقوش على مطلق المنقوش بالمعنى اللغوي لكثرة وجود النقش في السبائك والحلي، فيتعين الحمل على المنقوش المعهود، أعني: خصوص المسكوك. (1) كل ذلك لاطلاق الادلة، مع عدم ظهور الخلاف. (2) هذا يتم لو لم يقدح المسح في صدق الدينار والدرهم. وكأن المراد من المنقوش في صحيح ابن يقطين مطلق المسكوك. وكأنه للاشكال

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 5. (* 4) لاحظ الوسائل باب: 8، 9، 10، 11 من أبواب زكاة الذهب والفضة وياتي ذكر الكثير منها في المسألة: 1 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 122 )

 

[ بالاصالة فلا تجب فيهما (1). الا إذا تعومل بهما فتجب على ] في ذلك منع في الروضة على ما حكي من ثبوت الزكاة في الممسوح. لكن الظاهر تمامية المقدمتين معا. (1) كما صرح به جماعة كثيرة، منهم الشرائع والارشاد، وصريح المدارك وظاهر الذخيره: الاجماع عليه. وعن غير واحد: التصريح بعموم النفي لصورة جريان المعاملة به ووجهه: التقييد بالمنقوش في الصحيح لكن قد عرفت: أن المراد منه المسكوك وإن لم يكن منقوشا. نعم إذا لم يتعامل بها لم تجب الزكاة، لعدم كونها دراهم أو دناينر ويشير إلى ذلك خبر علي بن يقطين الوارد فيما سبك فرارا من الزكاة، قال (ع): (ألا ترى أن المنفعة قد ذهبت فلذلك لا تجب الزكاة) (* 1) فان الظاهر من المنفعة الغرض المقصود، من اقتناء الدراهم والدنانير. ومقتضى الاخير عدم وجوب الزكاة إذا هجرت ولم يتعامل بها. لكن المصرح به في كلام جماعة الوجوب، بل في الجواهر: (لم أر فيه خلافا، للاستصحاب، والاطلاق، وغيرهما). لكن الاستصحاب الحكمي تعليقي تشكل حجيته. والاطلاق لا يبعد انصرافه إلى صورة التعامل، لو سلم صدقه مع هجر التعامل به، فلم يبق إلا ظاهر الاجماع، والاعتماد عليه لا يخلو من إشكال. ثم إن الظاهر أن الوجه في الفرق بين الممسوح بالعارض والممسوح بالاصل حيث جزم في الاول بوجوب الزكاة فيه، وجزم في الثاني بالعدم الا مع التعامل به: هو الاستصحاب. لكنه تعليقي يشكل العمل به. ولو أريد استصحاب كونه درهما أو دينارا كان من استصحاب المفهوم المردد غير الجاري على التحقيق أيضا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2.

 

===============

 

( 123 )

 

[ الاحوط. كما ان الاحوط ذلك أيضا إذا ضربت للمعاملة ولم يتعامل بهما، أو تعومل بهما لكنه لم يصل رواجهما إلى حد يكون دراهم أو دنانير. ولو اتخذ الدراهم أو الدينار للزينة، فان خرج عن رواج المعاملة لم تجب فيه الزكاة (1)، وإلا وجبت. الثالث: مضي الحول (2) بالدخول في الشهر الثاني ] هذا ومما ذكرنا يظهر الاشكال في التسمك بالاستصحاب على الوجوب فيما لو اتخذت الدراهم للزينة. نعم لا بأس في التمسك بالاطلاق. ودعوى معارضته باطلاق ما دل على نفيها في الحلي. مدفوعة: بأن الظاهر من الحلي الاشارة إلى الذوات الخاصة، ولم يلحظ فيه الوصف عنوانا لينطبق على مثل الدراهم المتخذة للتحلي بها. لا أقل من وجوب الحمل على ذلك، جمعا بين الدليلين. ولو سلم التعارض تعين الرجوع إلى عموم وجوب الزكاة في الذهب والفضة، المقتضي لوجوبها فيهما. (1) يشكل الفرق بين الفرض وصورة هجر المعاملة. ومجرد كون عدم المعاملة هنا مستندا إلى التغيير، بخلاف صورة الهجر، فانه مستند إلى أمر آخر لا يجدي فارقا. إلا مع فرض كون التغيير موجبا لانتفاء الصدق، أو انصراف الادلة ويكون المدار ذلك، لا مجرد عدم رواج المعاملة. والانصاف: أن البناء على دوران الحكم في جميع الفروض على جريان المعاملة والاتخاذ ثمنا غير بعيد، اعتمادا على التعليل المتقدم، ويكون الوجوب في المهجورة للاجماع من باب التخصيص. فتأمل. (2) بلا إشكال، ونقل الاجماع عليه جماعة كثيرة، بل عن بعض عده ضروريا. ويشهد له صحيح ابن يقطين المتقدم في الشرط الثاني ومصحح زرارة: (قلت لابي جعفر (ع): رجل كان عنده مائتا درهم غير درهم أحد عشر شهرا، ثم أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني

 

===============

 

( 124 )

 

[ عشر (1)، جامعا للشرائط التى منها النصاب. فلو نقص في أثنائه عن النصاب سقط الوجوب. وكذا لو تبدل بغيره، من جنسه أو غيره. وكذا لو غير بالسبك، سواء كان التبديل أو السبك بقصد الفرار من الزكاة أولا على الاقوى (2). وإن كان الاحوط الاخراج على الاول. ولو سبك الدراهم أو الدنانير بعد حول الحول لم تسقط الزكاة (3) ووجب الاخراج بملاحظة الدراهم والدنانير (4)، إذا فرض ] عشر، وكملت عنده مائتا درهم، أعليه زكاتها؟ قال (ع): لا، حتى يحول عليه الحول وهي مائتا درهم. فان كانت مائة وخمسين درهما، فأصاب خمسين بعد أن مضى شهر فلا زكاة عليه حتى يحول على المائتين الحول. قلت له (ع): فان كانت عنده مائتا درهم غير درهم، فمضى عليها أيام قبل أن ينقضي الشهر، ثم أصاب درهما، فأتى على الدراهم مع الدرهم حول، أعليه زكاة؟ قال (ع): نعم. وإن لم يمض عليها جميعا الحول فلا شئ عليه فيها) (* 1)، ومرسل الفقيه عن أبي جعفر (ع): (في التسعة أصناف إذا حولتها في السنة، فليس عليك فيها شئ) (* 2). (1) كما تقدم في الانعام. (2) كما تقدم الكلام فيه في الانعام أيضا. (3) إجماعا. ويقتضيه عموم الوجوب. وتوهم معارضته بما دل على أنه لا زكاة في السبائك مندفع: بظهور الثاني في عدم الوجوب فيها، لا في سقوطها عن المال بصيرورته سبائك، كما هو ظاهر. (4) لانها الفريضة الواجبة، فيضمن النقيصة الواردة عليها بالسبك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2.

 

===============

 

( 125 )

 

[ نقص القيمة بالسبك. (مسألة 1): لا تجب الزكاة في الحلي (1)، ولا في أواني الذهب والفضة (2)، وإن بلغت ما بلغت. بل عرفت سقوط الوجوب عن الدراهم والدينار إذا اتخذا للزينة وخرجا عن رواج المعاملة بهما. نعم في جملة من الاخبار: أن زكاتها إعارتها (3). ] كما أن له الزيادة الحاصلة به لو فرضت، لانه ماله. (1) إجماعا حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (عن الحلي فيه زكاة؟ قال: لا) (* 1). وفي صحيح يعقوب: (إذا لا يبقى منه شئ) (* 2). وفي صحيح رفاعة: (ولو بلغ مائة ألف) (* 3). ونحوها غيرها مما هو كثير. (2) كما يقتضيه ما دل على حصر الزكاة في الدراهم والدنانير. وعن بعض أصحابنا: وجوب الزكاة في المحرم منها، كالاواني، والحلي من الذهب للرجل، ونحوهما. ودليله غير ظاهر. إلا دعوى: استفادة أن سقوط الزكاة في الحلي للارفاق غير الشامل للمحرم. لكنه كما ترى خلاف إطلاق ما تقدم. (3) لم أقف إلا على مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع): (زكاة الحلي عاريته)، (* 4) وما في الفقه الرضوي: (ليس على الحلي زكاة، ولكن تعيره مؤمنا إذا استعار منك، فهو زكاته) (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 10 من أبواب زكاة الذهب والفضة الحديث: 1 (* 5) مستدرك الوسائل باب: 8 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2.

 

===============

 

( 126 )

 

(مسألة 2): لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد منها والردي (1)، بل تجب إذا كان بعض النصاب جيدا وبعضه رديا. ويجوز الاخراج من الردي (2) وإن كان تمام النصاب من الجيد. لكن الاحوط خلافه، بل يخرج الجيد من الجيد، ويبعض بالنسبة مع التبعض، وإن اخرج الجيد عن الجميع فهو أحسن. نعم لا يجوز دفع الجيد عن الردي بالتقويم (3)، بأن يدفع نصف دينار جيد يسوى دينارا ] (1) لاطلاق الادلة. وكذا الوجه فيما بعده (2) كما عن المبسوط، واختاره في الجواهر. عملا باطلاق ما دل على وجوب خمسة دراهم في المائتين لكن في الشرائع: إن تطوع بالارغب، وإلا كان له الاخراج من كل جنس بقسطه، ونسب إلى المشهور. وكأنه مبني على وجوب الكسر المشاع، ولازمه أن إعطاء الارغب إعطاء لاكثر من الحق الواجب، وأنه يجوز إعطاء نصف درهم من الجيد إذا كان يساوي قيمة خمسة، وأنه إذا كان النصاب بعضه جيدا وبعضه أجود يجب التقسيط أيضا، كما عن المحقق والشهيد الثانيين. بل عن الشهيد الاول أيضا. وسيأتي في محله بطلان هذه اللوازم، وضعف مبناها. (3) كما نسب إلى المشهور. إذ لا إطلاق فيما دل على جواز دفع القيمة بنحو يشمل ذلك. ومجرد جواز دفع الادون لا يلازم جواز دفع القيمة على النحو المذكور، فما في الحدائق من أن الظاهر أنه لا إشكال في الاجزاء على مذهب الشيخ من جواز إخراج الادون، لانه متى كان الواجب عليه دينارا، واختار دفع الادون، وأراد دفع قيمته، ودفع نصف دينار خالص بقيمة ذلك الدينار الادون، فالمدفوع قيمته حينئذ غير ظاهر،

 

===============

 

( 127 )

 

[ رديا عن دينار، إلا إذا صالح (1) الفقير بقيمة في ذمته، ثم احتسب تلك القيمة عما عليه من الزكاة، فانه لا مانع منه. كما لا مانع من دفع الدينار (2) الردي عن نصف دينار جيد إذا كان فرضه ذلك (3). (مسألة 3): تتعلق الزكاة بالدراهم والدنانير المغشوشة (4) ] فانه إنما يتم لو تم إطلاق أدلة دفع القيمة بنحو يشمل ذلك. لكنه غير ثابت. (1) يعني: صالح الفقير عن نصف الدينار الذي يدفعه إليه بثوب في ذمة الفقير، ثم يحتسب الثوب الذي يسوى دينارا رديئا زكاة بعنوان القيمة. والظاهر أنه لا إشكال في صحة ذلك، وقد نص عليه في الجواهر. والفرق بينه وبين ما قبله ظاهر. (2) المانع السابق مطرد في الفرض، كما اعترف به في الجواهر. فالجواز لابد أن يكون من جهة كونه الفريضة وزيادة. لكنه يتم لو لم يقدح القصد المذكور، لكنه غير ظاهر. وإن قال في الجواهر: أنه لا يقدح في الاجزاء وإن لم يتم له ما قصده. (3) يعني: نصف دينار. وأما نصف الدينار الجيد فقد تقدم منه: أنه لا يكون فرضا. (4) بلا خلاف ظاهر، بل عن غير واحد: نسبته إلى الاصحاب وقد يستشكل فيه تارة: من جهة عدم صدق الدراهم والدنانير على المغشوش حقيقة، وأخرى: من جهة ما دل على أنه لا زكاة على غير الفضة والذهب والمغشوش لا يصدق عليه أحدهما. لكن الاول ممنوع. ولا سيما بملاحظه غلبة الغش. إلا أن يقال: إنما لا يقدح الغش في الصدق إذا كان مستهلكا في جوهر الذهب والفضة، لا مطلقا. والثاني إنما يقتضي عدم احتساب الغش جزءا من النصاب، لا سقوط الزكاة عن الفضة والذهب الموجودين

 

===============

 

( 128 )

 

في المغشوش مطلقا. إلا أن يقال: إن وجود عين الفضة لا يقتضي صدق الفضة، لانها إسم لوجود العين على نحو يقال له فضة، فلا يشمل الاجزاء المنبثة الممتزجة مع غيرها. وكيف كان يدل على ما ذكر خبر زيد الصائغ: (قلت لابي عبد الله (ع): إني كنت في قرية. من قرى خراسان يقال لها بخارى، فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة وثلث مسا وثلث رصاص، وكانت تجوز عندهم، وكنت أعملها وأنفقها. فقال أبو عبد الله (ع): لا بأس بذلك إذا كانت تجوز عندهم. فقلت: أرايت إن حال عليها الحول وهي عندي، وفيها ما يجب علي فيه الزكاة، أزكيها؟ قال (ع): نعم إنما هو مالك. قلت: فان أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها، فبقيت عندي حتى حال عليها الحول، أزكيها؟ قال (ع): إن كنت تعرف أن فيها من الفضة الخالصة مما يجب عليك فيه الزكاة فزك ما كان لك فيها من الفضة الخالصة من فضة، ودع ما سوى ذلك من الخبيث. قلت: وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضة الخالصة، إلا أني أعلم أن فيها ما تجب فيه الزكاة. قال (ع): فاسبكها حتى تخلص الفضة ويحترق الخبيث، ثم تزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة) (* 1). وضعفه منجبر بالعمل كما في الجواهر. اللهم إلا أن يحتمل: أن بناء الاصحاب على الوجوب ليس اعتمادا على الخبر، بل بناء منهم على أنه مقتضى القاعدة الاولية، لصدق الدرهم والدينار على المغشوش. فإذا أشكل ذلك عندنا أشكل الحكم من أصله، والمرجع الاصل، وهو يقتضي العدم. لكن الاحتمال المذكور موهون، لذكر الرواية في كتبهم واستنادهم إليها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1.

 

===============

 

( 129 )

 

[ إذا بلغ خالصهما (1) النصاب. ولو شك في بلوغه، ولا طريق للعلم بذلك ولو للضرر لم تجب (2). وفي وجوب التصفية ونحوها للاختبار إشكال (3)، أحوطه ذلك. وإن كان عدمه لا يخلو عن قوة (4). ] (1) كما صرح به في الخبر المتقدم. ويقتضيه عموم مادل على نفي الزكاة في غير التسعة. (* 1) (2) لاصالة عدم تعلقها بالمال. نعم لو دل دليل على وجوب الاختبار كان مرجعه إلى وجوب الاحتياط، لا وجوب الاختبار تعبدا. وحينئذ لا يسقط بمجرد عدم إمكان الاختبار، أو لزوم الضرر منه، وإنما يجدي ذلك في سقوط الوجوب لو كان نفسيا أو غيريا. وليس كذلك نظير وجوب الفحص في الشبهات الحكمية. (3) ينشأ: مما ذكرنا من الاصول في صورة عدم إمكان الاختبار. ومن أن البناء عليه يوجب المخالفة الكثيرة، بحيث يعلم من مذاق الشارع كراهة حصولها، بنحو يستكشف منه إيجاب الاحتياط. (4) كما نسب إلى المعروف، بل عن المسالك: لا قائل بالوجوب، وفي الجواهر: قوى الوجوب، إن لم يكن إجماع على خلافه. لان البناء على العدم يوجب إسقاط كثير من الواجبات. وهو كما ترى، إذ ليس ما يلزم من المخالفة هنا أكثر مما يلزم من المخالفة في جريان أصل الطهارة ونحوه من الاصول الموضوعية التي لا يشترط في جريانها الفحص إجماعا. نعم مقتضى خبر زيد الصائغ وجوب الاختبار (* 2). لكن مورده صورة العلم بوجود النصاب مع الشك في مقداره، فاثبات الحكم في غيره

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 8 من ابواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 1، 4 وغيرهما. (* 2) تقدم ذلك في أوائل هذه المسألة.

 

===============

 

( 130 )

 

[ (مسألة 4): إذا كان عنده نصاب من الجيد لا يجوز أن يخرج عنه من المغشوش (1)، إلا إذا علم اشتماله على ما يكون عليه من الخالص، وإن كان المغشوش بحسب القيمة يساوي ما عليه. إلا إذا دفعه بعنوان القيمة، إذا كان للخليط قيمة (2). (مسألة 5): وكذا إذا كان عنده من المغشوش لا يجوز أن يدفع المغشوش (3)، إلا مع العلم على النحو المذكور. (مسألة 6): لو كان عنده دراهم أو دنانير بحد النصاب، وشك في أنه خالص أو مغشوش، فالاقوى عدم وجوب الزكاة (4). وإن كان أحوط. (مسألة 7): لو كان عنده نصاب من الدراهم المغشوشة بالذهب، أو الدنانير المغشوشة بالفضة لم يجب عليه شئ، ] موقوف على إلغاء خصوصية مورده، وهو غير ظاهر. بل ظاهر قوله (ع) في صدره: (إن كنت تعرف..) العدم. (1) بلا خلاف ولا إشكال، كما في الجواهر، لاستصحاب بقاء الزكاة إلى أن يعلم بالدفع. (2) لما سبق: من أنه لا يجوز إخراج القيمة من جنس الفريضة، فيكون المدفوع في الفرض بعض الفريضة، وقيمة البعض الآخر. وعلى هذا لا بد أن تكون قيمة الخليط قيمة الجيد، إلا أن يقال: المغشوش جنس آخر غير جنس الفريضة، فالمدار على قيمته، لا قيمة الخليط. فتأمل. (3) لما سبق في المسألة الرابعة. (4) لما سبق في المسألة الثالثة. وكذا قوله (ره) في المسألة الآتية: (لم يجب عليه شئ، إلا إذا علم).

 

===============

 

( 131 )

 

[ إلا إذا علم ببلوغ أحدهما أو كليهما حد النصاب، فيجب في البالغ منهما أو فيهما. فان علم الحال فهو، وإلا وجبت التصفية (1). ولو علم أكثرية أحدهما مرددا، ولم يمكن العلم وجب إخراج الاكثر (2) من كل منهما. فإذا كان عنده ألف، وتردد بين أن يكون مقدار الفضة فيها أربعمائة والذهب ستمائة وبين العكس أخرج عن ستمائة ذهبا وستمائة فضة. ويجوز أن يدفع بعنوان القيمة (3) ستمائة عن الذهب، وأربعمائة عن الفضة، بقصد ما في الواقع. (مسألة 8): لو كان عنده ثلاثمائة درهم مغشوشة، وعلم أن الغش ثلثها مثلا على التساوي في أفرادها يجوز له أن يخرج خمسة دراهم من الخالص، وأن يخرج سبعة ونصف من المغشوش. وأما إذا كان الغش بعد العلم بكونه ثلثا في المجموع لا على التساوي فيها فلا بد من تحصيل العلم بالبراءة إما باخراج الخالص، وإما بوجه آخر (4). ] (1) لخبر زيد الصائغ، الذي قد عرفت انجباره بالعمل. وبه يخرج عن الاصل المقتضي لعدم وجوب أكثر من المقدار المتيقن. (2) عملا بالعلم الاجمالي. (3) القيمة أحد طرفي الترديد. إذ يحتمل أن يكون الستمائة المدفوعة عن الذهب كلها فريضة، فيتعين الدفع مرددا بين الفريضة إن كان الاكثر من جنس الزائد، والقيمة إن كان من الجنس الآخر. (4) أما دفع السبعة ونصف فلا تجزي، لجواز أن تكون أكثر غشا من غيرها، فلا تساوي خمسة دراهم خالصة.

 

===============

 

( 132 )

 

[ (مسألة 9): إذا ترك نفقة لاهله مما يتعلق به الزكاة وغاب وبقي إلى آخر السنة بمقدار النصاب لم تجب عليه. إلا إذا كان متمكنا من التصرف فيه طول الحول (1)، مع كونه غائبا. ] (1) قد تقدم منه في الشروط العامة: الاكتفاء في صدق التمكن من التصرف بكون المال في يد وكيله. لكن ورد في المسألة أخبار تدل بظاهرها على سقوط الزكاة عن المال الغائب مالكه عنه، كمصحح إسحاق عن أبي الحسن الماضي (ع): (قلت له: رجل خلف عند أهله نفقة ألفين لسنتين عليها زكاة؟ قال (ع): إن كان شاهدا فعليه زكاة، وإن كان غائبا فليس عليه زكاة (* 1)، ومرسل ابن أبي عمير: (في رجل وضع لعياله ألف درهم نفقة، فحال عليها الحول. قال (ع): إن كان مقيما زكاه وإن كان غائبا لم يزك) (* 2). ونحوهما خبر أبي بصير (* 3) والمشهور شهرة عظيمة العمل بها، والفتوى بمضمونها. بل عن المسالك: (ربما كان ذلك إجماعا، لكون المخالف وهو ابن إدريس معلوم النسب..). ولا بأس به، إذ لا قصور في سند بعضها، ولا سيما بعد انجباره بالعمل، فلا مانع من تخصيص العمومات به. وفي الجواهر: (قد يجول في الذهن: أن مبنى هذه النصوص على خروج هذا الفرد عن تلك العمومات لا تخصيصها، باعتبار تعريضه للتلف بالانفاق والاعراض عنه لهذه الجهة الخاصة، فكأنه أخرجه عن ملكه، فلا يصدق أنه حال عليه الحول عنده. خصوصا مع عدم علمه بسبب غيبته عنه كيف صنع به عياله. ويمكن أن يكون بدلوه بمال آخر،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 3.

 

===============

 

( 133 )

 

[ (مسألة 10): إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة، وكان كلها أو بعضها أقل من النصاب، فلا يجبر الناقص منها (1) بالجنس الآخر. مثلا: إذا كان عنده تسعة عشر دينارا، ومائة وتسعون درهما، لا يجبر نقص الدنانير بالدراهم، ولا العكس.