فصل في مستحبات الجماعة ومكروهاتها

فصل في مستحباب الجماعة ومكروهاتها أما المستحبات فامور: أحدها: أن يقف المأموم عن يمين الامام إن كان رجلا واحدا (5)، ] وموثق ابن بكير، كما تقدم (* 1). (1) لما عن الفوائد الملية، عن جعفر بن أحمد القمي عن الصادق (ع): (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصلوا خلف الحائك وإن كان عالما، ولا تصلوا خلف الحجام وإن كان زاهدا، ولا تصلوا خلف الدباغ وان كان عابدا) (* 2) (2) كأنه لانصراف النص إلى غير أمثالهم. فتأمل. (3) خروجا عن شبهة الخلاف في المنع، بل عن ظاهر محكي الايضاح: الاتفاق عليه، قال (ره): (كلما اشتملت صلاة الامام على رخصة - في ترك واجب أو فعل محرم - بسبب اقتضاه، وخلا المأموم من ذلك السبب، لم يجز الائتمام من رأس... (إلى أن قال) وهذا متفق عليه. فتأمل. (4) إذ عن البيان: كراهة إمامة الكامل للاكمل. فصل في مستحباب الجماعة ومكروهاتها (5) على المشهور - كما عن جماعة - أو هو مذهب علمائنا. أو عليه

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة: 2 من فصل شرائط إمام الجماعة. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 352 )

 

[ وخلفه إن كانوا أكثر (1). ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الامام (2) على الجانب الأيمن، بحيث يكون ] إجماعنا. أو جميع الفقهاء إلا النخعي وسعيد. أو قول العلماء. أو عليه الاجماع، كما عن آخرين. وعن المنتهى: (لو وقف عن يساره فعل مكروها، إجماعا). (1) وهو مذهب علمائنا. أو عليه الاجماع. أو إجماع الفرقة. وبذلك ترفع اليد عن ظهور النصوص في الوجوب المطابق لمقتضى الاصل في المقام كما عرفت. ومنها، صحيح محمد عن أحدهما (ع): (الرجلان يؤم أحدهما صاحبه، يقوم عن يمينه، فان كانوا أكثر، قاموا خلفها) (* 1). ونحوه غيره مضافا إلى النصوص الآمرة بتحويل الامام من وقف على يساره وهو لا يعلم ثم علم (* 2)، فانها ظاهرة في صحة الائتمام مع وقوف المأموم عن يسار الامام، واحتمال وجوب ذلك - تعبدا - لا في صحة الائتمام - مع أنه خلاف ظاهر النصوص، بل ولا يظن القول به من أحد - منفي بأصل البراءة، فالقول بوجوب ذلك - كما عن ان الجنيد وأصر عليه في الحدائق - ضعيف. والله سبحانه أعلم. (2) صرح باستحباب ذلك جماعة. وعن المفاتيح: نسبته إلى المشهور ويدل عليه - في الجملة - جملة من الأخبار كثيرة، كخبر أبي العباس: (عن الرجل يؤم المرأة في بيته؟ قال: نعم تقوم وراءه) (* 3)، ومرسل ابن بكير: في الرجل يؤم المرأة؟ قال (ع): نعم تكون خلفه) (* 4)،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1، 2. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 19 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 353 )

 

[ سجودها محاذيا لركبة الامام أو قدمه. ولو لكن أزيد وقفن خلفه (1) ] وصحيح الفضيل: (أصلي المكتوبة بأم علي؟ قال (ع): نعم تكون عن يمينك، يكون سجودها بحذاء قدميك) (* 1)، وصحيح هشام: (الرجل إذا أم المرأة، كانت خلفه عن يمينه، سجودها مع ركبتيه) (* 2) ونحوها غيرها. والوجه في حملها على الاستحباب - مع ظهور كل منها في الوجوب - هو: إما ما دل على جواز محاذاة المرأة للرجل في الصلاة (* 3) لعدم الفصل بينه وبين المقام، كما يظهر مما حكي عن التذكرة والذكرى والبيان وارشاد الجعفرية والروض بل عن الغنية والتحرير: الاجماع على عدم الفرق بين المأمومة وغيرها. واما اختلاف نصوص المقام، فيجعل قرينة على الاستحباب، وأن الافضل أن يكون مسجدها خلف موقفه، كما هو ظاهر ما اشتمل على: الخلف، والوراء (* 4) وأنها صف (* 5). ودونه: أن يكون مسجدها محاذيا لقدمه (* 6). ودونه أن يكون محاذيا لركبتيه (* 7). (1) ففي رواية غياث: (المرأة صف، والمرأتان صف، والثلاث صف) (* 8).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب مكان المصلي حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب مكان المصلي حديث: 6. (* 4) كما مر في مرسل ابن بكير، وخبر أبي العباس - المتقدمتين في صدر التعليقة - وغيرهما من الأخبار التي رواها في الوسائل باب: 19 من ابواب صلاة الجماعة. (* 5) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4، 12. (* 6) كما في خبر الفضل المتقدم في صدر التعليقة. (* 7) كما في حبر هشام المتقدم في صدر التعليقة. (* 8) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 354 )

 

[ ولو كان رجلا واحدا وامرأة واحدة أو اكثر وقف الرجل عن يمين (1) الامام والامرأة خلفه. ولو كان رجالا ونساء اصطفوا خلفه واصطفت (2) النساء خلفهم، بل الأحوط مراعاة المذكورات. هذا إذا كان الامام رجلا. وأما في جماعة النساء فالأولى وقوفهن صفا واحدا أو أزيد، من غير ان تبرز امامهن من بينهن (3). ] (1) لرواية القاسم بن الوليد: (عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معهما النساء. قال (ع): يقوم الرجل إلى جنب الرجل، ويتخلفن النساء خلفهما) (* 1) وربما يمكن أن يستفاد مما ورد في الرجل والمرأة. (2) لرواية الحلبي عن الصادق (ع): (عن الرجل يؤم النساء؟ قال (ع): نعم، وإن كان معهن غلمان فأقيموهم بين أيديهن وإن كانوا عبيدا) (* 2). ونحوها رواية إبن مسكان (* 3). (3) لما تضمنته الصحاح وغيرها: من أنها تقوم وسطهن (* 4). وهو - في الجملة -. مما لا إشكال فيه. إنما الاشكال في جواز مساواتها لهن - بناء على وجوب تقدم الامام - كما هو أحد القولين ووجه الاشكال: أن مقتضى الجمود على ما في النصوص جواز المساواة. ومقتضى الظن بورودها مورد بيان الفرق بين إمامتي الرجل والمرأة كون الأمر بوقوفها في وسط النساء في قبال بروزها قدامهن، كما في الرجل. وهذا هو الأظهر. وحينئذ فما اقتضى وجوب تقدم الامام - ولو يسيرا بحيث لا ينافي كونه وسطا - محكم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1، 3، 9، 10، 12، 14.

 

===============

 

( 355 )

 

[ الثاني: أن يقف الامام في وسط الصف (1). الثالث: أن يكون في الصف الأول أهل الفضل: ممن له مزية (2) في العلم، والكمال، والعقل، والورع، والتقوى، ] والنصوص المذكورة لا تصلح لرفع اليد عنه. وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في مسألة تقدم الامام. ومما ذكرنا يظهر الوجه فيما تسالم عليه الاصحاب - ظاهرا - من حمل النصوص على الفضل على خلاف ظاهرها في بدء النظر. والله سبحانه أعلم (1) كما حكي عن جماعة، منهم العلامة والشهيدان. واستدل عليه في محكي المنتهى بما رواه الجمهور: (وسطوا الامام، وسدوا الخلل) (* 1) وهو كاف في الاستحباب، بناء على التسامح. ولا ينافيه مرفوع علي بن إبراهيم: (رأيت أبا عبد الله (ع) يصلي بقوم - وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط -، وكلهم عن يمينه، ليس على يساره أحد) (* 2) لامكان دعوى: إجماله، لأنه حكاية حال. (2) إجماعا صريحا وظاهرا، محكيا عن جماعة. لخبر جابر عن أبي جعفر (ع): (ليكن الذين يلون الامام منكم أولو الأحلام والنهى، فان نسي الامام أو تعايا قوموه. وأفضل الصفوف أولها، وأفضل أولها ما دنا من الامام) (* 3). ولكنه أخص من المدعى، إذ الفضل لا يختص بالحلم والنهية، وهما: العقل، كما أن ولاء الامام لا يعم تمام الصف. فالعمدة - في عموم الدعوى -: الاجماع المدعى. وأما ذيل الخبر - ومثله ما تضمن أن الصلاة في الصف الاول كالجهاد في سبيل الله، كخبر أبي سعيد

 

 

____________

(* 1) كنز العمال ج: 4 حديث: 2906 في مسألة تسوية الصفوف. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 3) ورد صدر الرواية في الوسائل باب: 7 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2، وذيله في باب: 8 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 356 )

 

[ وإن يكون يمينه لأفضلهم في الصف الأول، فانه أفضل الصفوف (1). الرابع: الوقوف في القرب من الامام (2). الخامس: الوقوف في ميامن الصفوف، فانها أفضل من مياسرها (3). هذا في غير صلاة الجنازة. وأما فيها فأفضل الصفوف آخرها (4). السادس: إقامة الصفوف (5) واعتدالها، ] الخدري (* 1) - فلا يدل عليها أيضا. وكون الافضل للافضل غير ثابت بل لعله ينافي ما ثبت من نفي الايثار في العبادات. (1) كما في خبر جابر، يعني: والأفضل للافضل لكن عرفت إشكاله. (2) كما في خبر جابر. (3) لمرفوع سهل بن زياد: (فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد) (* 2). (4) لخبر السكوني عن أبي عبد الله (ع): (قال النبي صلى الله عليه وآله: خير الصفوف في الصلاة المقدم، وخير الصفوف في الجنائز المؤخر) (* 3). ونحوه خبر سيد بن عميرة (* 4)، وقريب منه مرسل الفقيه. (* 5) (5) لصحيح الحلبي - المروي عن بصائر الدرجات - عن أبي عبد الله (ع): (إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أقيموا صفوفكم، فاني أراكم من خلفي كما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6 ومثله حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب صلاة الجنازة ملحق حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 29 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 2.

 

===============

 

( 357 )

 

[ وسد الفرج (1) الواقع فيها، والمحاذاة بين المناكب. السابع: تقارب الصفوف بعضها من بعض، بأن لا يكون ما بينها أزيد من مقدار مسقط جسد الانسان إذا سجد (2). الثامن: أن يصلي الامام بصلاة أضعف من خلفه (3) - بأن لا يطيل في أفعال الصلاة: من القنوت، والركوع، والسجود - إلا إذا علم حب التطويل من جميع المأمومين (4). ] أراكم من قدامي ومن بين يدي، ولا تخالفوا فيخالف الله تعالى بين قلوبكم) (* 1). ونحوه غيره. (1) ففي صحيح الفضيل: (أتموا الصفوف إذ وجدتم خللا) (* 2) وفي خبر السكوني (سووا بين صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم) (* 3). ونحوهما غيرهما. (2) لما في صحيح زرارة - المتقدم - عن أبي جعفر (ع): ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض، ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى، يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان إذا سجد) (* 4). (3) ففي خبر السكوني عن علي (ع): (آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال: يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك) (* 5). ونحوه غيره. (4) فقد استثنى ذلك بعض الأصحاب، لقصور النصوص عن شمول

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 70 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 70 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 70 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 4) تقدم ذلك في الشرط الثلث من شرائط الجماعة. (* 5) الوسائل باب: 69 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 358 )

 

[ التاسع: أن يشتغل المأموم (1) المسبوق بتمجيد الله تعالى بالتسبيح والتهليل والتحميد والثناء، إذا أكمل القراءة قبل ركوع الامام، ويبقي آية من قراءته ليركع بها. العاشر: أن لا يقوم الامام من مقامه بعد التسليم، بل يبقي على هيئة المصلي (2) ] ذلك، كما يظهر بأدني مراجعة. (1) كما ذكره جماعة، بل في الحدائق: (بذلك صرح الاصحاب). لموثق زارة: (قلت لابي عبد الله (ع): أكون مع الامام فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ. قال (ع): أبق آية، ومجد الله تعالى واثن عليه، فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع) (* 1). لكن في موثق عمر بن أبي شعبة: (أكون مع الامام فأفرغ قبل أن يفرغ من قراءته. قال (ع): فأتم السورة،، ومجد الله تعالى وأثن عليه) (* 2). ولعل مقتضى الجمع بينهما التخيير. أو حمل الثانية على الامام المخالف، كما في مصحح إسحاق: (أصلي خلف من لا أقتدي به، فإذا فرغت من قراءتى ولم يفرغ هو. قال (ع): فسبح حتى يفرغ) (* 3). وقريب منه حسن صفوان المروي عن المحاسن) (* 4) وحمل الجميع على المخالف لاداعي إليه. ومثله تخصيصها بالمسبوق - كما في المتن - ولاسيما مع إطلاق الفتوى. (2) ففي مصحح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (أيما رجل أم قوما فعليه أن يقعد بعد التسليم، ولا يخرج من ذلك الموضع حتى يتم الذين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 35 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 35 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 35 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 359 )

 

[ حتى يتم من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين (1) ] خلفه الذين سبقوا صلاتهم. ذلك على كل إمام واجب إذا علم أن فيهم مسبوقا، فان علم أن ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء) (* 1) لكن المشهور حمله على الاستحباب بقرينة موثق عمار: (عن الرجل يصلي بقوم فيدخل قوم في صلاته بقدر ما قد صلى ركعة أو اكثر من ذلك، فإذا فرغ من صلاته وسلم أيجوز له - وهو إمام أن يقوم من موضعه قبل أن يفرغ من دخل في صلاته؟ قال (ع): نعم) (* 2). ولعل التعبير بما في صحيح حفص: (ينبغي للامام أن يجلس حتى يتم كل من خلفه صلاتهم) (* 3) - ونحوه موثق سماعة (* 4) وفي صحيح الحلبي: (لا ينبغي للامام أن ينتقل إذا سلم حتى يتم من خلفه الصلاة) (* 5)، ونحوه غيره - قرينة على الاستحباب. ولاجل ذلك يضعف ما عن السيد وابن الجنيد: من القول بالوجوب. والظاهر: عدم اختصاص الحكم المذكور بالامام بل يجري في المأموم، ففي خبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع): (سألته عن إمام مقيم أم قوما مسافرين كيف يصلي المسافرون؟ قال (ع): ركعتين، ثم يسلمون ويقعدون ويقوم الامام فيتم صلاته، فإذا سلم وانصرفوا) (* 6). (1) لاطلاق جملة من النصوص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التعقيب حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب التعقيب حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التعقيب حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب التعقيب حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب التعقيب حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9.

 

===============

 

( 360 )

 

[ لو كان الامام مسافرا، بل هو الأحوط. ويستحب له أن يستنيب من يتم بهم الصلاة عند مفارقته لهم (1). ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد (2) بل الأولى عدم استنابة من لم يشهد الاقامة. الحادي عشر: أن يسمع الامام من خلفه القراءة الجهرية والأذكار (3)، ] (1) ففي خبر الفضل - في مسافر أم قوما حاضرين -: (فإذا أتم الركعتين سلم، ثم أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم) (* 1) ومنه - ومما ورد فيما لو عرض للامام ما يمنعه من إتمام الصلاة (* 2) يمكن أن يستفاد عموم الحكم، كما في المتن. (2) ففي صحيح سليمان - في إمام أحدث -: (لا يقدم رجلا قد سبق بركعة) (* 3). وفي خبر معاوية بن شريح: (إذا أحدث الامام وهو في الصلاة لم ينبغ أن يقدم إلا من شهد الاقامة) (* 4). ونحوه خبر معاوية ابن ميسرة (* 5). (3) ففي خبر أبي بصير: (ينيغي للامام أن يسمع من خلفه كل ما يقول، ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعوه شيئا مما يقول) (* 6). وفي صحيح حفص: (ينبغي للامام أن يسمع من خلفه التشهد، ولا يسمعونه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 72 من ابواب صلاة الجماعة. (* 3) الوسائل باب: 41 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 41 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 41 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 52 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 361 )

 

[ ما لم يبلغ العلو المفرط (1). الثاني عشر: أن يطيل ركوعه - إذا أحس بدخول شخص - ضعف ما كان يركع (2)، انتظارا للداخلين، ثم يرفع رأسه وإن أحس بداخل. الثالث عشر: أن يقول المأموم - عند فراغ الامام من الفاتحة -: (الحمد الله رب العالمين) (3). الرابع عشر: قيام المأمومين عند قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) (4). ] شيئا، يعني: الشهادتين، ويسمعهم أيضا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) (* 1). ويستفاد منه تأكد الاستحباب في التشهد والتسليم. (1) للانصراف. (2) ففي مرسل مروك بن عبيد: (إني إمام مسجد الحي فأركع بهم وأسمع خفقان نعالهم - وأنا راكع - قال (ع): إصبر ركوعك ومثل ركوعك، فان انقطعوا... وإلا فانتصب قائما) (* 2). ونحوه خبر جابر (* 3). (3) لصحيح جميل: (إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد ففرغ من قراءتها. فقل أنت: الحمد لله رب العالمين، ولا تقل: آمين) (* 4). (4) ففي صحيح أبي ولاد حفص بن سالم: (إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، أيقوم الناس على أرجلهم، أو يجلسون حتى يجئ إمامهم؟

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 52 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 50 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 50 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 362 )

 

[ وأما المكروهات فأمور أيضا: أحدها: وقف المأموم وحده، في صف وحده، مع وجود موضع في الصفوف (1)، ومع امتلائها فليقف آخر الصفوف، أو حذاء الامام (2) ] قال (ع): لا، بل يقومون على أرجلهم، فان جاء إمامهم... وإلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم) (* 1). وقريب منه خبر معاوية ابن شريح. (* 2). (1) إجماعا، كما عن غير واحد، لما في خبر السكوني قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تكونن [ نواخ ل ] في (العثكل). قلت وما العثكل؟ قال صلى الله عليه وآله: أن تصلي خلف الصفوف وحدك، فان لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام أجزأه، فان هو عاند الصف فسدت عليه صلاته) (* 3). المحمول على الكراهة، لخبر أبي الصباح: (عن الرجل يقوم في الصف وحده. قال (ع): لا بأس، إنما يبدأ واحد بعد واحد) (* 4). ونحوه خبر موسى بن بكر (* 5) ويمكن حملها على صورة تضايق الصفوف، وتكون القرينة على الكراهة في غير ذلك الاجماع المدعى من جماعة. ولا يقدح فيه خلاف ابن الجنيد وفتواه بالحرمة. (2) كما في خبر السكوني (* 6) وموثق الأعرج: (عن الرجل يأتي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 42 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 42 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 58 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 57 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 57 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 6) تقدم في التعليقة السابقة.

 

===============

 

( 363 )

 

[ الثاني: التنفل بعد قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) (1) بل عند الشروع في الاقامة. الثالث: أن يخص الامام نفسه بالدعاء إذا اخترع الدعاء من عند نفسه (2). ] الصلاة فلا يجد في الصف مقاما، أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته؟ قال (ع): نعم لا بأس، يقوم بحذاء الامام) (* 1) والظاهر منهما وقوفه جناحا للامام - كما في صورة اتحاد المأموم - فيكون مخيرا بين وقوفه متأخرا في صف وحده - كما في خبري أبي الصباح وابن بكر المتقدمين (* 2) وبين وقوفه جناحا. وإن كان مقتضى الجمع بين النصوص كون الثاني أفضل. وما استظهره في الحداثق: من كون المراد من وقوفه حذاء الامام، وقوفه متأخرا محاذيا لموقف الامام بعيد، ولا سيما بملاحظة رواية السكوني. (1) على المشهور، كما في الحدائق وعن غيرها. للصحيح عن عمرو ابن يزيد: (سأل أبا عبد الله (ع) عن الرواية التي يروون: أنه لا ينبغي أن يتطوع في وقت فريضة، ماحد هذا الوقت؟ قال (ع): إذا أخذ المقيم في الاقامة) (* 3) وظاهره نفس الشروع في الاقامة، لاقول: (قد قامت الصلاة) كما عن المشهور. كما ان ظاهره الكراهة، فلا وجه ظاهر لما عن النهاية والوسيلة من المنع. وما دل على المنع من التطوع في وقت الفريضة - لو تم - لم يكن منه ما نحن فيه، إذ الكلام في المنع من حيث الاقامة لامن حيث الوقت، إذ لاريب في جوازها قبل الاقامة. (2) لما رواه الشيخ (ره) - مسندا - عن الصادق (ع): (إن رسول

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 57 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 2) تقدم ذكرهما في التعليقة السابقة. (* 3) الوسائل باب: 44 من ابواب الاذان والاقامة حديث: 1.

 

===============

 

( 364 )

 

[ وأما إذا قرأ بعض الأدعية المأثورة فلا (1). الرابع: التكلم بعد قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) (2) بل يكره في غير الجماعة أيضا، كما مر. إلا أن الكراهة فيها أشد. إلا أن يكون المأمومون اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدم يا فلان. ] الله صلى الله عليه وآله قال: من صلى بقوم فاختص نفسه بالدعاء فقد خانهم) (* 1) (1) هذا إذا كان مأثورا في خصوص القنوت للامام. أما لو كان مأثورا مطلقا فالحكم فيه كما قبله، لاطلاق الرواية، المقدم عرفا على إطلاق دليل مأثوريته. (2) ففي رواية ابن أبي عمير: (فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد. إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدم يا فلان) (* 2) وقريب منها صحيح زرارة (* 3) وموثق سماعة (* 4) المحمولة - عند المشهور - على الكراهة، بقرينة: صحيح عبيد: (أيتكلم الرجل بعد ما تقام الصلاة؟ قال (ع): لا بأس (* 5) وفي صحيح حماد: (عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال (ع): نعم) (* 6) ونحوه خبر الحسن بن شهاب (* 7).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 71 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب الأذان حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب الأذان حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب الأذان حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 10 من ابواب الأذان حديث: 13. (* 6) الوسائل باب: 10 من ابواب الأذان حديث: 9. (* 7) الوسائل باب: 10 من ابواب الأذان حديث: 10.

 

===============

 

( 365 )

 

[ الخامس: إسماع المأموم الامام ما يقوله بعضا أو كلا (1). السادس: إئتمام الحاضر بالمسافر والعكس (2)، مع اختلاف صلاتهما (3) قصرا وتمام وأما مع عدم الاختلاف - كالاتمام في الصبح والمغرب - فلا كراهة. وكذا في غيرهما أيضا مع عدم الاختلاف، كما لو ائتم القاضي بالمؤدي أو العكس، وكما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام. ] وحمل الكلام فيها على ما كان في تقديم إمام بعيد جدا. كما أن حملها على صورة الانفراد - فتخالف الاولى موردا - غير ظاهر، ولا سيما بالاضافة إلى صحيح عبيد. مع أن الظاهر في التحريم في المقام كونه من جهة فساد الاقامة المستحبة، والقاعدة في مثلها الحمل على الكراهة، دون الفساد. (1) للنصوص المتقدمة في المستحب الحادي عشر. (2) أما جوازهما فقد تقدم في صدر مبحث الجماعة (* 1) وأما الكراهة فلخبر الفضل: (لا يؤم الحضري المسافر، ولا المسافر الحضري، فان ابتلى... (* 2) وفي رواية أبى بصير: (قال أبو عبد الله (ع): (لا يصلي المسافر مع المقيم، فان صلى فلينصرف في الركعتين) (* 3). (3) كما هو ظاهر النصوص، بقرينة قوله (ع): (فان ابتلى...) وقوله (ع): (فإن صلى...)، وإن كان المحكي عن الفاضلين وظاهر البيان والروضة وغيرهما: عموم الكراهة. وكأنه للاخذ باطلاق النص، والتغافل منهم عن القرينة.

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة: 3 من فصل صلاة الجماعة. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 366 )

 

[ ولا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر والتمام بهما في الكراهة (1) كما إذا ائتم الصبح بالظهر أو المغرب، أو هي بالعشاء أو العكس. (مسألة 1): يجوز لكل من الامام (2) والمأموم عند انتهاء صلاته قبل الآخر - بأن كان مقصرا والآخر متما أو كان المأموم مسبوقا - أن لا يسلم وينتظر الآخر حتى يتم صلاته ويصل إلى التسليم فيسلم معه، خصوصا للمأموم إذا اشتغل بالذكر والحمد ونحوهما إلى أن يصل الامام. والأحوط الاقتصار على صورة لا تفوت الموالاة. وأما مع فواتها ففيه إشكال (3)، من غير فرق بين كون المنتظر هو الامام أو المأموم (4). ] (1) لعدم الدليل عليه. (2) كما عن التذكرة، والمنتهى، والقواعد، والدروس، والبيان، والذكرى، والروض، والموجز،. للاصل، وعدم وجوب التسليم فورا، بل عن جملة من الكتب المذكورة: أنه أفضل. وفي الجواهر: (لعلهم أخذوه من كراهية، مفارقة المأموم الامام). وفيه: أنه لا بد من مفارقة الامام للمأموم، فلا مجال للحكم بالكراهة. إلا أن يكون المراد تحكيم مادل على استحباب الائتمام بالتسليم، لتوقف تحصيله على الانتظار المذكور. ولا ينافي ذلك ما في بعض نصوص المقام من قوله (ع): (يصلي ركعتين ويمضي حيث يشاء) (* 1) إذ الظاهر أنه في مقام بيان الواجب. فلا حظ. (3) بل منع، تحكيما لما دل على اعتبار الموالاة. وما تقدم لا يصلح لرفع اليد عنه، كما هو ظاهر. اللهم إلا أن لانقول بوجوبها، كما تقدم. (4) لاطراد وجه الجواز فيهما معا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 367 )

 

[ (مسألة 2): إذا شك المأموم - بعد السجدة الثانية من الامام - أنه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الاتيان باخرى، إذا لم يتجاوز المحل (1). (مسألة 3): إذا اقتدى المغرب بعشاء الامام، وشك - في حال القيام - أنه في الرابعة أو الثالثة ينتظر (2) حتى يأتي الامام بالركوع والسجدتين حتى يتبين له الحال، فان كان في الثالثة أتي بالبقية وصحت الصلاة، وإن كان في الرابعة يجلس ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي لكل واحد من الزيادات: من قوله: (بحول الله)، وللقيام، وللتسبيحات أن أتى بها أو ببعضها. (مسألة 4): إذا رأي من عادل كبيرة لا تجوز الصلاة خلفه (3)، إلا أن يتوب مع فرض بقاء الملكة فيه. فيخرج عن العدالة بالمعصية، ويعود إليها بمجرد التوبة. (مسألة 5): إذا رأي الامام يصلي، ولم يعلم أنها ] (1) لقاعدة الشك في المحل. والمتيقن من دليل رجوع المأموم إلى الامام رجوعه إليه في الفعل المشترك، بحيث يرجع شك أحدهما، في فعله إلى شكه في فعل صاحبه أيضا مما لا يشمل المقام. وإطلاق قوله (ع): (ليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام) (* 1) منصرف إلى ما ذكرنا. (2) لاحتمال أنها رابعة، فتبطل صلاته لو تابع الامام. ولأجله لا مجال لاعمال أدلة المتابعة. (3) إجماعا. وقد تقدم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 8.

 

===============

 

( 368 )

 

[ من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به (1). وكذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها. وإن علم أنها من اليومية، لكن لم يدر أنها أية صلاة من الخمس أو انها أداة ء أو قضاء، أو أنها قصر أو تمام - لا بأس بالاقتداء ولا يجب إحراز ذلك قبل الدخول. كما لا يجب إحراز أنه في أي ركعة (2)، كما مر. (مسألة 6): القدر المتيقن من اغتفار زيادة الركوع للمتابعة سهوا زيادته مرة واحدة في ركعة. وأما إذا زاد في ركعة واحدة أزيد من مرة - كأن رفع رأسه قبل الامام سهوا ثم عاد للمتابعة ثم رفع أيضا سهوا ثم عاد - فيشكل الاغتفار (3)، فلا يترك الاحتياط - حينئذ - باعادة الصلاة بعد الاتمام. وكذا في زيادة السجدة القدر المتيقن اغتفار زيادة سجدتين في ركعة. وأما إذا زاد أربع فمشكل. (مسألة 7): إذا كان الامام يصلي أداء أو قضاء يقينا والمأموم منحصرا بمن يصلي احتياطا، يشكل إجراء حكم الجماعة - من اغتفار زيادة الركن، ورجوع الشاك منهما إلى الآخر ونحوه - لعدم إحراز كونها صلاة (4). نعم لو كان الامام أو المأموم أو كلاهما يصلي باستصحاب الطهارة ] (1) للشك الموجب للرجوع إلى أصالة عدم انعقاد الجماعة. (2) الظاهر أنه قطعي. (3) وإن كان هو مقتضى إطلاق النصوص المتقدمة. ومثله الكلام في السجود. (4) هذا إذا كان الاحتياط استحبابيا. أما لو كان وجوبيا. فيمكن

 

===============

 

( 369 )

 

[ لا بأس بجريان حكم الجماعة، لأنه وإن كان لم يحرز كونها صلاة واقعية - لاحتمال كون استصحاب مخالفا للواقع - إلا أنه حكم شرعي ظاهري، بخلاف الاحتياط فانه إرشادي وليس حكما ظاهريا. وكذا لو شك أحدهما في الاتيان بركن بعد تجاوز المحل، فانه حينئذ وإن لم يحرز - بحسب الواقع - كونها صلاة، لكن مفاد قاعدة التجاوز - أيضا - حكم شرعي فهي - في ظاهر الشرع - صلاة (1). ] إحراز كونها صلاة باستصحاب بقاء الأمر - بناء على جريانه عند الشك في الفراغ ليترتب عليه وجوب الفعل - كما هو الظاهر. أما بناء على عدم جريانه، لأن وجوب الفعل عقلا من آثار الشك في الفراغ - كما هو ظاهر شيخنا الأعظم (ره) - كان ما ذكر في محله. وتحقيق المبنى موكول إلى محله في الأصول. ثم إن الاشكال في رجوع الامام عند الشك لا يختص بما إذا كان المأموم منحصرا بمن يصلي احتياطا، بل يجرى ولو لم يكن منحصرا به، فلو كان المأمومون منهم من يصلي احتياطا، ومنهم من يصلي وجوبا أشكل - أيضا - رجوع الامام إلى المأموم المصلي احتياطا، وإن جاز الرجوع إلى غيره. كما أن الاشكال المذكور لا يجري في رجوع المأموم وإن كان يصلي احتياطا، فيجوز له الرجوع إلى الامام، لأن صلاته إن كانت صحيحة كانت جماعته كذلك، ويجوز رجوعه إلى إمامه. وإن كانت باطلة لم يضره الرجوع إلى الامام. وكذلك الحال في اغتفار زيادة الركن الذي لا يكون إلا بالنسبة إلى المأموم. (1) فيثبت بذلك صحة الائتمام ظاهرا.

 

===============

 

( 370 )

 

[ (مسألة 8): إذا فرغ الامام من الصلاة والمأموم في التشهد أو في السلام الأول لا يلزم عليه نية الانفراد، بل هو باق على الاقتداء عرفا (1). (مسألة 9): يجوز للمأموم المسبوق بركعة أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الامام - التي هي ثالثته - وينفرد (2) ولكن يستحب له أن يتابعه في التشهد متجافيا إلى أن يسلم ثم يقوم إلى الرابعة (3). (مسألة 10): لا يجب على المأموم الاصغاء إلى قراءة الامام في الركعتين الأوليين من الجهرية إذا سمع صوته (4)، لكنه أحوط. ] (1) ولا ينافيه خروجه عن الصلاة، لأن اعتبار الامامة إنما يكون بلحاظ فعل السلام، لا بلحاظ ما بعده. (2) بناء على ما عرفت: من جواز الانفراد اختيارا. وما في صحيح زرارة - في المسبوق بركعتين - من قول أبي جعفر (ع): (فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين) (* 1) وقوله - في من أدرك ركعة -: (فإذا سلم الامام قام فقرأ...) (* 2) غير ظاهر في وجوب الانتظار إلى أن يسلم الامام. ونحوه كلام غير واحد من الفقهاء. فما عن ظاهر السرائر: من وجوب ذلك ضعيف. نعم لو قلنا بوجوب المتابعة في الأفعال وعدم جواز الانفراد، وجب عليه أن يتابعه في الجلوس حتى يسلم. (3) كما يظهر من الصحيح. وأما كونه متجافيا فيمكن أن يستفاد مما تقدم في التشهد الوسط. (4) كما تقدمت الاشاره إلى وجهه في حكم القراءة في الجهرية. وتقدم

 

 

____________

(* 1)، (* 2) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 371 )

 

[ (مسألة 11): إذا عرف الامام بالعدالة ثم شك في حدوث فسقه جاز له الاقتداء به، عملا بالاستصحاب. وكذا لو رأى منه شيئا وشك في أنه موجب للفسق أم لا (1). (مسألة 12): يجوز للمأموم - مع ضيق الصف - أن يتقدم إلى الصف السابق أو يتأخر إلى اللاحق (2) إذا رأى ] القول بوجوبه من ابن حمزة. (1) جريان استصحاب العدالة يختص بما إذا كان الشك بنحو الشبهة الموضوعية. أما لو كان بنحو الشبهة المفهومية امتنع استصحابها، لامتناع الاستصحاب الجاري في المفهوم المردد. نعم بعد الفحص واليأس يرجع إلى استصحاب الحكم. لكنه من وظيفة المجتهد لا العامي المقلد. (2) الجواز مما لا ينبغي الاشكال فيه، فانه مقتضى أصالة البراءة من المانعية. مضافا إلى النص الوارد في جواز المشي في الصلاة (* 1) وإلى ما ورد في خصوص المقام، ففي رواية زياد مولى آل دعش: (سووا صفوفكم إذا رأيتم خللا، ولا عليك أن تأخذ وراءك إذا رأيت ضيقا في الصفوف أن تمشي فتتم الصف الذي خلفك أو تمشي منحرفا فتتم الصف الذي قدامك فهو خير) (* 2) وفي موثق سماعة: (لا يضرك أن تتأخر وراءك إذا وجدت ضيقا في الصف، فتأخر إلى الصف الذي خلفك. وإذا كنت في صف وأردت أن تتقدم قدامك فلا بأس أن تمشي إليه) (* 3) بل ظاهر الأول: استحباب ذلك، بل هو مقتضى الأمر بتتميم الصفوف

 

 

____________

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 44 من ابواب مكان المصلي، وباب: 130 من ابواب الاذان وباب: 46 من ابواب صلاة الجماعة. (* 2) الوسائل باب: 70 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 70 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 372 )

 

[ خللا فيهما، لكن على وجه لا ينحرف عن القبلة (1)، فيمشي القهقرى. (مسألة 13): يستحب انتظار الجماعة إماما أو مأموما وهو أفضل من الصلاة في أول الوقت منفردا (2). وكذا يستحب اختيار الجماعة مع التخفيف على الصلاة فرادى مع الاطالة. (مسألة 14): يستحب الجماعة في السفينة الواحدة وفي السفن المتعددة (3) للرجال والنساء، ] في جملة من النصوص. (1) لما دل على منع الانحراف. والنصوص لا تصلح لمعارضته. (2) ففي رواية جميل بن صالح: (سئل الصادق (ع) أيهما أفضل أيصلي الرجل لنفسه في أول الوقت، أو يؤخر قليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان هو إمامهم؟ قال (ع): يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان الامام) (* 1) وسأله رجل فقال: (إن لي مسجدا على باب داري فأيهما أفضل أصلي في منزلي فأطيل الصلاة، أو أصلي بهم وأخفف؟ فكتب: صل بهم، وأحسن الصلاة ولا تثقل) (* 2) لكن مورده الامام. (3) بلا خلاف ولا إشكال. والنصوص في الأول كثيرة، كصحيح يعقوب ابن شعيب عن أبي عبد الله (ع): (لا بأس بالصلاة في جماعة في السفينة) (* 3) وعن بعض العامة: المنع في السفن المتعددة مع الانفصال ولا وجه له إذا لم يكن موجبا للتباعد القادح في الجماعة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 74 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 74 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 73 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 373 )

 

[ ولكن تكره الجماعة في بطون الأودية (1). (مسألة 15): يستحب اختيار الامامة على الاقتداء (2) فللامام - إذا أحسن بقيامه، وقراءته، وركوعه وسجوده - مثل أجر من صلى مقتديا به، ولا ينقص من أجرهم شئ. (مسألة 16): لا بأس بالاقتداء بالعبد (3) إذا كان عارفا بالصلاة وأحكامها. ] (1) ففي خبر الجعفري: (لا تصل في بطن واد جماعة) (* 1). (2) ففي حديث المناهي عن الصادق (ع): (من أم قوما بإذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره، وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده، فله مثل أجر القوم، ولا ينقص من أجورهم شئ) (* 2) (3) مطلقا، على المشهور شهرة عظيمة، للاخبار الكثيرة الدالة عليه ففي حسن زرارة عن أبي جعفر (ع): (قلت له: الصلاة خلف العبد فقال (ع): لا بأس به إذا كان فقيها ولم يكن هناك أفقه منه) (* 3). وفي صحيح محمد عن أحدهما (ع): (عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرآنا. قال (ع): لا بأس " (* 4) وفي موثق سماعة: (لا، إلا أن يكون هو أفقههم وأعلمهم) (* 5) وعن الوسيلة: إنه لا يؤم الحر إلا مولاه. وعن النهاية والمبسوط: لا يؤم إلا أهله. وليس لهما وجه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 73 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 27 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 16 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 16 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 374 )

 

[ (مسألة 17): الأحوط ترك القراءة في الأوليين من الاخفاتية، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة، كما مر (1). (مسألة 18): يكره تمكين الصبيان من الصف الأول على ما ذكره المشهور (2) وإن كانوا مميزين. (مسألة 19): إذا صلى - منفردا أو جماعة - واحتمل فيها خللا في الواقع وإن كانت صحيحة في ظاهر الشرع يجوز - بل يستحب - أن يعيدها (3) - منفردا أو جماعة - وأما إذا لم يحتمل فيها خللا. فان صلى منفردا ثم وجد من يصلي تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة (4) ] ظاهر سوى خبر السكوني عن جعفر (ع): (لا يؤم العبد إلا أهله) (* 1) لكنه لا يصلح لمعارضة ما عرفت. مع أنه لا يوافق القول الأول. وأما القيود المذكورة في النصوص فمحمولة على الاستحباب. إجماعا، إذا لم يخل عدمها بالعدالة. وأما ما تضمنه المتن فلعله محمول على خصوص ما يخل بها تركه. والظاهر أنه المراد بالفقيه في النص. (1) ومر وجهه. (2) وفي الجواهر: (يظهر من الروض وجود النص به). (3) من باب استحباب الاحتياط. (4) بلا خلاف، كما في الحدائق وعن غيرها، بل عن المنتهى والمدارك والذخيرة والمفاتيح والرياض: حكاية الاجماع عليه. ويدل عليه جملة من النصوص، كصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع): (في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال (ع): يصلي معهم ويجعلها الفريضة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 375 )

 

[ إماما كان أو مأموما (1)، بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلي غير تلك الصلاة (2)، كما إذا صلى الظهر فوجد من يصلي العصر جماعة، لكن القدر المتيقن الصورة الأولى. وأما إذا صلى جماعة - إماما أو مأموما - فيشكل استحباب ] إن شاء) (* 1) ونحوه حسن حفص، ومقتصرا فيه على قوله: (ويجعلها الفريضة) (* 2) وصحيح زرارة المتقدم - وفيه -: (لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة، بل ينبغي له أن ينويها وإن كان قد صلى، فان له صلاة أخرى...) (* 3) وموثق عمار: (عن الرجل يصلى الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال (ع): نعم، وهو أفضل. قلت: فان لم يفعل؟ قال (ع): ليس به بأس) (* 4). ومكاتبة ابن بزيع إلى أبي الحسن (ع): (إني أحضر المساجد مع جيرتي وغيرهم، فيأمرون بالصلاة بهم، وقد صليت قبل أن آتيهم - وربما صلى خلفي من يقتدي بصلاتي، والمستضعف، والجاهل - فأكره أن أتقدم - وقد صليت - لحال من يصلي بصلاتي... (إلى أن قال): فكتب (ع): صل بهم) (* 5) إلى غير ذلك. وحملها على جماعة المخالفين الذين لا صلاة لهم مما لا مجال له، ولا سيما في بعضها. (1) للتصريح في النصوص بكل منهما. (2) فانه مقتضى إطلاق النصوص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 54 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 54 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 11. (* 3) تقدم ذكر الرواية في المسألة: 34 من فصل احكام الجماعة. (* 4) الوسائل باب: 54 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9. (* 5) الوسائل باب: 54 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5.

 

===============

 

( 376 )

 

[ إعادتها (1). وكذا يشكل إذا صلى اثنان منفردا ثم أراد الجماعة فاقتدي أحدهما بالأخر، من غير أن يكون هناك من لم يصل (2). (مسألة 20): إذا ظهر - بعد إعادة الصلاة جماعة - أن الصلاة الأولى كانت باطلة يجتزأ بالمعادة (3). (مسألة 21): في المعادة إذا أراد نية الوجه ينوي الندب لا الوجوب على الأقوى. ] (1) وإن كان يقتضيه اطلاق الأدلة، كما عن الروض الاعتراف به فلاحظ صحيحي زرارة، وابن بزيع، وموثق عمار. (2) لخروجه عن مورد النصوص وأشكل منه احتمال استحباب الاعادة ثانيا لأن السؤال في النصوص عن حكم الاعادة، فتشريع الاعادة إنما استفيد من الجواب فيها شاملا لصورة الاعادة. كما أن ظاهر السؤال فيها أنه سؤال عن صرف الاعادة، فلا يكون إطلاق الجواب مقتضيا لتشريع الاعادة بعد الاعادة. (3) لأن ظاهر النصوص: كون الصلاة المعادة فردا للواجب فيجتزأ به كما يجتزأ بالفرد الاول. ومنه يظهر: تعين الاتيان به بنية الأمر الوجوبي لأن الباعث على الاتيان به هو الباعث على الاتيان بالفرد الأول بعينه، وإن كان له الاجتزاء بالفرد الأول. وتحقيق ذلك موكول إلى محله من الأصول. ومنه سبحانه نستمد التوفيق لنيل المسؤل ونجاح المأمول، إنه خير موفق ومعين، والحمد لله رب العالمين.