فصل في مستحبات السجود

فصل في مستحبات السجود وهي أمور: الاول: التكبير حال الانتصاب من الركوع (1) قائما أو قاعدا. ] وإن كان وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة أحوط. فصل في مستحبات السجود (1) تقدم في الركوع ذكر الخلاف في وجوب التكبير ورفع اليد حاله، وذلك آت هنا أيضا كدليله ورده. فراجع. وأما كونه حال الانتصاب فهو المشهور المحكي عليه ظاهر الاجماع في كلام غير واحد، ويشهد له صحيح حماد: " ثم كبر (ع) وهو قائم، ورفع يديه حيال وجهه، ثم سجد " (* 1). نعم يعارضه خبر المعلى عن أبي عبد الله (ع): " سمعته يقول: كان علي بن الحسين إذا هوى ساجدا انكب وهو يكبر " (* 2)، وحمله على غير سجود الصلاة أو صدوره في بعض الاحيان لبيان الجواز خلاف الظاهر، والجمع بينهما بالتخيير غير بعيد كما عن الحدائق واستضعفه في الجواهر لمخالفته للمعروف بين الاصحاب، وفي غيرها بأنه خلاف ظاهر المداومة، لكن إعراض الاصحاب عن الاخذ به لعله لترجيح الصحيح عليه، لاعتقادهم عدم الجمع العرفي بينهما، لكونه خلاف ظاهر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب السجود حديث: 2.

 

===============

 

( 386 )

 

[ الثاني: رفع اليدين حال التكبير (1). الثالث: السبق باليدين إلى الارض (2) عند الهوي إلى السجود. ] المداومة. نعم لا يبعد جواز الاتيان به حال الهوي اعتمادا على بعض المطلقات الذي لا يصلح صحيح حماد لتقييده، ولاسيما وكون المورد من المستحبات، وإن كان الاحوط العمل على المشهور. هذا وفي مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا سجدت فكبر وقل: اللهم لك... " (* 1) ولعل التكبير فيه غير التكبير الذي نحن فيه، بل هو جزء من الدعاء، وإلا فيعارضه كثير من الصحاح وغيرها كصحيح زرارة: " ثم ترفع يديك بالتكبير وتخر ساجدا " (* 2)، ونحوه صحيحه الآخر (* 3) وفي مصححه: " إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك وكبر، ثم اركع واسجد " (* 4). (1) تقدم ذكر القول بوجوبه، ودليله، وضعفه، ويشهد لرجحانه صحاح زرارة السابقة. (2) كما يشهد به كثير من النصوص. منها: ما في صحيح زرارة الطويل: فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير، وخر ساجدا، وابدأ بيديك فضعهما على الارض قبل ركبتيك تضعهما معا، ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعيه، ولا تضعن ذراعيك على ركبتيك وفخذيك، ولكن تجنح بمرفقيك، ولا تلزق كفيك بركبتيك، ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب الركوع حديث: 1. (* 3) يأتي في المورد الثالث من مستحبات السجود. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب الركوع حديث: 1.

 

===============

 

( 387 )

 

[ الرابع: استيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه (1) بل استيعاب جميع المساجد (2). الخامس: الارغام بالانف (3) ] منكبيك، ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك، ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا، وابسطهما على الارض بسطا، واقبضهما اليك قبضا وإن كان تحتهما ثوب فلا يضرك، وإن أفضيت بهما إلى الارض فهو أفضل، ولاتفرجن بين أصابعك في سجود، ولكن ضمهن جميعا " (* 1)، ونحوه في الدلالة على المقام غيره، المحمول جميعها على الاستحباب إجماعا، ويقتضيه الجمع بينها وبين صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن الرجل إذا ركع ثم رفع رأسه فيضع يديه على الارض أم ركبتيه؟ قال (ع): لا يضره بأيهما بدأ هو مقبول منه " (* 2)، وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال: لا بأس إذا صلى الرجل أن يضع ركبتيه على الارض قبل يديه " (* 3). (1) لموثق بريد عن أبي جعفر (ع) قال: " الجبهة إلى الانف أي ذلك أصبت به الارض في السجود أجزأك، والسجود عليه كله أفضل " (* 4). (2) كما يقتضيه الامر ببسط الكفين في صحيحة زرارة الطويلة وغيرها وأما الركبتان والابهامان فالظاهر - كما تقدم - عدم إمكان الاستيعاب فيها غالبا، فضلا عن أن يقوم دليل عليه. فتأمل. (3) كما هو المعروف المحكي عن غير واحد دعوى الاجماع عليه، وفي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب السجود حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب السجود حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب السجود حديث: 3.

 

===============

 

( 388 )

 

المنتهى: " ذهب إلى استحبابه علماؤنا أجمع "، ويشهد له جملة من النصوص: كصحيح حماد المشهور: " قال (ع): ووضع الانف على الارض سنة " (* 1) وصحيح زرارة: " قال أبو جعفر (ع): قال رسول الله صلى الله عليه وآله: السجود على سبعة أعظم: الجبهة، واليدين، والركبتين، والابهامين من الرجلين، وترغم بانفك إرغاما، أما الفرض فهذه السبعة، وأما الارغام بالانف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله " (* 2)، وموثق عمار عن جعفر (ع): عن أبيه (ع) قال: " قال علي (ع): لاتجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين " (* 3)، ونحوه مصحح عبد الله بن المغيرة عمن سمع أبا عبد الله (ع) (* 4). نعم ظاهر الاخيرين الوجوب، لكن قيل يتعين صرفهما إلى الاستحباب بقرينة خبر محمد بن مصادف: " إنما السجود على الجبهة وليس على الانف سجود " (* 5)، أو مادل على أنه سنة الظاهر في الندب (* 6)، أو ما دل على أن السجود على سبعة أعظم (* 7)، أو مادل على أن مابين قصاص الشعر إلى طرف الانف مسجد فما أصاب الارض منه فقد أجزأ (* 8) وفيه: أنه يمكن حمل الخبر على إرادة نفي كون الارغام ركنا في السجود فيكون كسائر المساجد، والتعرض له بالخصوص لكونه مظنة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود. (* 7) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود. (* 8) الوسائل باب: 9 من ابواب السجود.

 

===============

 

( 389 )

 

[ على ما يصح السجود عليه (1). ] الركنية كالجبهة. كما يمكن أيضا حمل السنة على ما يقابل الفرض الذي هو أحد معنييها، وحمل تخصيص السجود بالسبعة على ماكان فرضا في الكتاب فتأمل، وحمل الاخير على تحديد الجبهة بذلك التي هي العضو (؟ الر - ي). فالعمدة في رفع اليد عن ظاهر الموثق: الاجماع المحكي صريحا وظاهرا عن الخلاف، والغنية، والمعتبر، والمنتهى، والتذكرة، وجامع المقاصد، وغيرها إذ يبعد جدا خفاء الوجوب مع عموم الابتلاء به، وأما ما في الهداية من قوله (رحمه الله): " والسجود على سبعة أعظم: الجبهة، والكفين، والركبتين، والابهامين، والارغام بالانف سنة من تركها لم يكن له صلاة " فالظاهر أنه تعبير بمضمون النص لافتوى بالبطلان، كما يشهد به أنه في باب آداب الصلاة. قال (رحمه الله): " وترغم بانفك فان الارغام سنة، من لم يرغم بانفه وسجوده فلاصلاة له ". فان عده في باب الآداب من جملة الآداب ظاهر في إرادته الاستحباب. (1) المذكور في النصوص عناوين ثلاثة: الارغام (* 1)، والسجود على الانف (* 2)، وإصابة الانف ما يصيب الجبين (* 3)، وبين الاولين عموم من وجه، لاختصاص الارغام بالرغام وهو التراب، واختصاص السجود بالاعتماد. كما أن بين الاخيرين عموما من وجه، لاختصاص أولهما: بالاعتماد، وثانيهما: بما يصح السجود عليه، واجتماع الثلاثة في صحيح حماد كالصريح في اتحاد المراد منها، ولا يبعد الغاء خصوصية الرغام والارض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. وباب: 4 من ابواب السجود حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1 - 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 4 - 7.

 

===============

 

( 390 )

 

[ السادس: بسط اليدين مضمومتي الاصابع (1) ] أخذا باطلاق موثق عمار، كما يشهد به النصوص المتضمنة لكون السجود على الخمرة سنة، ومواضبتهم (ع) على استعمالها، والخمرة سجادة صغيرة معمولة من سعف النخل. كمالا يبعد عدم الاكتفاء بمجرد المماسة وإن كان يقتضيه التعبير بالاصابة في الموثق، إلا أن وحدة السياق مع الاصابة في الجبين تقتضي إرادة الاعتماد معه، كما يقتضيه ظاهر التعبير بالسجود، بل التعبير بالوضع (* 1) أيضا. هذا واطلاق الانف يقتضي عدم الفرق بين أجزائه، وعن السيد والحلي التخصيص بطرف الانف الذي يلي الحاجب. ومستنده غير ظاهر. وقرض الكاظم (ع) اللحم من عرنين أنفه (* 2)، أعم من ذلك. وعن ابن الجنيد التخصيص بالطرف الاسفل. وكأنه للانصراف. لكنه غير ظاهر بنحو يعتد به. فلاحظ. (1) في صحيح حماد الطويل: " ثم سجد وبسط كفيه مضمومتي الاصابع بين ركبتيه حيال وجهه " (* 3) ومثله في صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة (* 4)، وفي خبر أبي بصير: " إذا سجدت فابسط كفيك " (* 5) وفي رواية سماعة المروية عن كتاب زيد النرسي أنه رأى أبا الحسن (ع) يصلي... إلى أن قال: " فليبسطهما على الارض بسطا، ويفرج بين الاصابع كلها... إلى أن قال: ولا يفرج بين الاصابع إلا في الركوع والسجود، وكذا إذا بسطهما على الارض " (* 6) ولعله لا ينافي ما سبق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1 - 2. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب السجود حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 19 من ابواب السجود حديث: 2. (* 6) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة، حديث: 3 وباب: 20 من ابواب السجود، حديث: 3.

 

===============

 

( 391 )

 

[ حتى الابهام حذاء الاذنين (1)، متوجها بهما إلى القبلة. السابع: شغل النظر إلى ظرف الانف حال السجود (2). الثامن: الدعاء قبل الشروع في الذكر (3)، بأن يقول: " اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره، والحمد لله رب العالمين، تبارك الله أحسن الخالقين ". التاسع: تكرار الذكر (4). العاشر: الختم على الوتر. الحادي عشر: اختيار التسبيح من الذكر، والكبرى من التسبيح، وتثليثها، أو تخميسها أو تسبيعها. ] (1) كما في الشرائع وغيرها. والذي تقدم في الصحيح حيال الوجه. (2) كما في الذكرى نسبته إلى جماعة من الاصحاب. قال في الحدائق: " وهو يؤذن بعدم وقوفه على مستنده، وبذلك صرح غيره أيضا. ومستنده الذي وقفت عليه كتاب الفقه الرضوي حيث قال: ويكون بصرك وقت السجود إلى أنفك وبين السجدتين في حجرك وكذلك في وقت التشهد " (* 1) وفي المنتهى علله بقوله: " لئلا يشتغل قلبه عن عبادة الله تعالى ". (3) ففي مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: " إذا سجدت فكبر وقل: اللهم لك... " (* 2) إلى آخر ما في المتن. لكن في نسخة الوسائل والحدائق وغيرهما " الحمد " بلا واو (* 3). (4) الكلام فيه وفي العاشر والحادي عشر تقدم في الركوع.

 

 

____________

(* 1) الحدائق الناضرة ج: 8 صفحة: 301 طبع النجف الحديث. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب السجود حديث: 1. (* 3) لكنها في نسخة التهذيب موجودة. راجع الجزء الثاني: صفحة: 79 حديث: 295.

 

===============

 

( 392 )

 

[ الثاني عشر: أن يسجد على الارض (1)، بل التراب (2) دون مثل الحجر والخشب. الثالث عشر: مساواة موضع الجبهة مع الموقف (3) بل مساواة جميع المساجد (4). الرابع عشر: الدعاء في السجود (5)، أو الاخير بما ] (1) تقدم الكلام فيه في مسجد الجبهة. (2) في صحيح معاوية: " أسبغ الوضوء، واملا يديك من ركبتيك وعفر جبينيك في التراب وصل صلاة مودع " (* 1). (3) كما عن جماعة كثيرة. لصحيح ابن سنان المتقدم عن موضع جبهة الساجد: " أيكون أرفع من مقامه؟ فقال (ع): لا، ولكن ليكن مستويا " (* 2)، وفي الشرائع وعن غيرها أن المستحب المساواة، أو كون المسجد أخفض. وعلل بأنه أدخل في الخضوع. وهو كما ترى. (4) كما عن بعض، وفي الجواهر: " لعله لانه أقوم للسجود، ولاحتمال عود الضمير في قوله (ع): " وليكن " في صحيح ابن سنان إلى مكان السجود جميعه، لا خصوص المسجد، ولغير ذلك مما يمكن استفادته مما ذكرناه في الواجب الثالث ". (5) في خبر عبد الله بن هلال قال: " شكوت إلى أبي عبد الله (ع) تفرق أموالنا وما دخل علينا فقال (ع): عليك بالدعاء وأنت ساجد، فان أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد. قلت: فادعو في الفريضة وأسمي حاجتي؟ فقال (ع): نعم، قد فعل ذلك رسول الله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: من ابواب السجود حديث: 1. وتقدم في المورد السابع من واجبات السجود.

 

===============

 

( 393 )

 

[ يريد من حاجات الدنيا والآخرة، وخصوص طلب الرزق الحلال بأن يقول: " ياخير المسؤولين، وياخير المعطين، ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فانك ذو الفضل العظيم " (1). الخامس عشر: التورك في الجلوس بين السجدتين، وبعدهما (2). ] صلى الله عليه وآله... " (* 1) وغير ذلك. والذي عثرت عليه من النصوص خال عن ذكر السجود الاخير. نعم في السجود الاخير من صلوات مخصوصة بعض النصوص. لكنه غير ما نحن فيه. وفي صحيحة الحذاء: " سمعت أبا جعفر (ع) يقول وهو ساجد: " أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله إلا بدلت سيئاتي حسنات وحاسبتني حسابا يسيرا. ثم قال في الثانية: أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله إلا كفيتني مؤنة الدنيا وكل هول دون الجنة. وقال في الثالثة: أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل وقبلت من عملي اليسير. ثم قال في الرابعة: أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله لما أدخلتني الجنة وجعلتني من سكانها ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك. وصلى الله على محمد وآله " (* 2). (1) في خبر زيد الشحام عن أبي جعفر (ع): " ادع في طلب الرزق في المكتوبة وأنت ساجد: ياخير المسؤولين... " (* 3) إلى آخر ما في المتن. (2) إجماعا، كما عن التذكرة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب السجود حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب السجود حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب السجود حديث: 4.

 

===============

 

( 394 )

 

[ وهو أن يجلس على فخذه الايسر، جاعلا ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى (1). السادس عشر: أن يقول في الجلوس بين السجدتين: " أستغفر الله ربي وأتوب إليه " (2). السابع عشر: التكبير بعد الرفع من السجدة الاولى بعد الجلوس مطمئنا (3)، والتكبير للسجدة الثانية وهو قاعد. ] (1) حكي تفسيره بذلك عن الشيخ، ومن تأخر عنه ويشهد به ما في صحيح حماد: " ثم قعد (ع) على جانبه الايسرو وضع ظاهر قدمه الايمن على باطن قدمه الايسر، وقال: استغفر الله ربي وأتوب إليه " (* 1) ويشير إليه ما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " إذا جلست في الصلاة فلا تجلس على يمينك، واجلس على يسارك " (* 2) وربما فسر بغير ذلك. لكن لما لم يكن لعنوان التورك تعرض في النصوص يتعين العمل بما فيها، وإن لم يكن بمعنى التورك. فتأمل جيدا. (2) كما في صحيح حماد المتقدم (* 3). (3) في صحيح حماد: " ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال: الله أكبر... إلى أن قال: ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية " (* 4) وفي صحيح زرارة: " إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك وكبر ثم اركع واسجد " (* 5) وهو شامل للسجدة الثانية كالاولى.. وإطلاقه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب أفعال الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 4. (* 3) راجع التعليقة السابقة. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب الركوع حديث: 1.

 

===============

 

( 395 )

 

[ الثامن عشر: التكبير بعد الرفع من الثانية كذلك (1). التاسع عشر: رفع اليدين حال التكبيرات (2). العشرون، وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس (3) اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى. ] يقتضي عدم اختصاص محل التكبير للسجود بالجلوس بل يجوز في حال الهوي بل المرسل المحكي عن مصباح السيد (رحمه الله): " إذا كبر للدخول في فعل من الصلاة ابتدأ بالتكبير حال ابتدائه، وللخروج عنه بعد الانفصال عنه " يقتضي كون محله حال السجود لا الجلوس. لكن الاعتماد على المرسل المهجور كما ترى. وصحيح زرارة تمكن المناقشة في إطلاقه ووروده مورد البيان من هذه الجهة فالاعتماد على ظاهر صحيح حماد بقرينة فهمه أولى. فتأمل. (1) لفتوى الاصحاب، ولما في التوقيع المروي في الاحتجاج والغيبة للشيخ قال (ع) فيه: " فانه روي: إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبر ثم جلس ثم قام... " (* 1). لكنه غير دال على الكلية وظاهر في كون محله حال الرفع قبل الجلوس. (2) لانه زينة، كما تقدم (* 2). (3) قال في التذكرة: " ويستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد وغيره على فخذيه مبسوطتين مضمومتي الاصابع بحذاء عيني ركبتيه، عند علمائنا، لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا قعد يدعو يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى، ويشير باصبعه، ونحوه من طريق الخاصة ".

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 14. وقد تقدم في المسألة: 14 من تكبيرة الاحرام.

 

===============

 

( 396 )

 

[ الحادي والعشرون: التجا في حال السجود (1)، بمعنى رفع البطن عن الارض. الثاني والعشرون: التجنح، بمعنى تجافي الاعضاء حال السجود (2)، بأن يرفع مرفقيه عن الارض، مفرجا بين عضديه وجنبيه، ومبعدا يديه عن بدنه جاعلا يديه كالجناحين. ] (1) كما نسب إلى الاصحاب. ولعله التخوي المذكور في خبر حفص الاعور عن أبي عبد الله (ع): " كان علي (ع) إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر - يعني بروكه - " (* 1)، وفي مرسل الصحاح عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): " إذا صلت المرأه فلتحتفز - أي تتضام - إذا جلست وإذا سجدت، ولا تتخوى كما يتخوى الرجل " (* 2). قال ابن الاثير في محكي النهاية: " في الحديث: انه كان إذا سجد خوى: أي جافى بطنه عن الارض ورفعها وجافى عضديه عن جنبيه حتى يخوي مابين ذلك " وفي القاموس: " خوى في سجوده تخوية: تجافى وفرج مابين عضديه وجنبيه ". (2) كما يستفاد مما سبق في التجافي ومن صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة (* 3)، وفي صحيح حماد: " وكان مجنحا ولم يضع ذراعيه على الارض " (* 4)، وفي المروي عن جامع البزنطي: " إذا سجدت فلا تبسط ذراعيك كما يبسط السبع ذراعيه، ولكن جنح بهما فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يجنح بهما حتى يسوي بياض أبطيه " (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب السجود حديث: 5. (* 3) راجع المورد الثالث من مستحبات السجود. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 2. (* 5) مستدرك الوسائل باب: 3 من ابواب السجود حديث: 2.

 

===============

 

( 397 )

 

[ الثالث والعشرون: أن يصلي على النبي وآله في السجدتين (1). الرابع والعشرون: أن يقوم سابقا برفع ركبتيه قبل يديه (2). الخامس والعشرون: أن يقول بين السجدتين (3): " اللهم اغفر لي، وارحمني، وأجرني، وادفع عني، فاني لما أنزلت إلى من خير فقير، تبارك الله رب العالمين ". السادس والعشرون: أن يقول عند النهوض للقيام: ] (1) كما تقدم في الركوع. (2) إجماعا، حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له صحيح ابن مسلم قال: " رأيت أبا عبد الله (ع) يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه " (* 1)، وخبر زيد النرسي عن أبي الحسن موسى (ع): " كان إذا رفع رأسه في صلاته من السجدة الاخيرة جلس جلسة ثم نهض للقيام وبادر بركبتيه من الارض قبل يديه، وإذا سجد بادر بهما إلى الارض قبل ركبتيه " (* 2)، وخبر الدعائم: " إذا أردت القيام من السجود فلا تعجن بيديك - يعني تعتمد عليهما وهي مقبوضة - ولكن ابسطهما بسطا واعتمد عليهما " (* 3). (3) في مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين: اللهم... " (* 4) إلى آخر المتن. لكن في نسخة الوسائل وغيرها: " إني لما... " بدون الفاء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب السجود حديث: 2. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 16 من ابواب السجود حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب السجود حديث: 1.

 

===============

 

( 398 )

 

[ " بحول الله وقوته أقوم وأقعد " (1) أو يقول: " اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد " (2). السابع والعشرون: أن لا يعجن بيديه عند إرادة النهوض (3) ] (1) يشير إليه خبر سعد الجلاب: " كان أمير المؤمنين (ع) يبرأ من القدرية في كل ركعة ويقول: بحول الله وقوته أقوم وأقعد " (* 1) ونحوه خبر الحضرمي (* 2). لكن رواهما في الوسائل خاليين عن " وقوته " وكذا صحيح ابن مسلم (* 3) لكن في صحيح ابن مسلم الوارد في القيام بعد التشهد: " بحول الله وقوته أقوم وأقعد " (* 4) وفي بعض النسخ سقط " وقوته " وفي خبر أبي بصير الوارد في جملة من الآداب: " فإذا نهضت فقل: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، فان عليا (ع) هكذا كان يفعل " (* 5). (2) كما في صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) بزيادة: " وأركع وأسجد " (* 6)، وفي صحيحه الآخر عنه (ع): " اللهم ربي بحولك وقوتك أقوم وأقعد، وإن شئت قلت: وأركع وأسجد " (* 7)، وفي صحيح رفاعة: " بحولك وقوتك أقوم وأقعد " (* 8). (3) كما تقدم في خبر الدعائم (* 9) وفي مصحح الحلبي عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 9. (* 6) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 6. (* 7) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 1. (* 8) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 4. (* 9) تقدم في المستحب الرابع والعشرين.

 

===============

 

( 399 )

 

[ أي لا يقبضهما، بل يبسطهما على الارض، معتمدا عليهما للنهوض. الثامن والعشرون: وضع الركبتين قبل اليدين للمرأة (1) عكس الرجل عند الهوي للسجود. وكذا يستحب عدم تجافيها حاله، بل تفترش ذراعيها، وتلصق بطنها بالارض، وتضم أعضاءها. وكذا عدم رفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض وتنتصب عدلا. التاسع والعشرون، إطالة السجود (2) والاكثار فيه ] أبي عبد الله (ع) قال: " إذا سجد الرجل ثم أراد أن ينهض فلا يعجن بيديه في الارض ولكن يبسط كفيه من غير أن يضع مقعدته على الارض " (* 1). (1) ففي خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) - في المرأة -: " فإذا جلست فعلى إليتيها ليس كما يجلس الرجل، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالارض، فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الارض وإذا نهضت انسلت انسلالا ولا ترفع عجيزتها أولا " (* 2)، وفي صحيح ابن أبي يعفور: " إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها " (* 3)، وفي مرسل ابن بكير: " المرأة إذا سجدت تضممت، والرجل إذا سجد تفتح " (* 4). (2) لاستفاضة النصوص بذلك أو تواترها. ففي خبر زياد القندي ان أبا الحسن (ع) كتب إليه: " إذا صليت فأطل السجود " وقد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب السجود حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب السجود حديث: 3.

 

===============

 

( 400 )

 

[ من التسبيح والذكر. الثلاثون: مباشرة الارض بالكفين (1). الواحد والثلاثون: زيادة تمكين الجبهة وسائر المساجد في السجود (2). (مسألة 1): يكره الاقعاء في الجلوس (3) ] عقد لذلك بابا في الوسائل (* 1). (1) لما تقدم في صحيح زرارة: " وإن أفضيت بهما إلى الارض فهو أفضل " (* 2). (2) ففي خبر السكوني. قال علي (ع): " إني لاكره للرجل أن أرى جبهته جلحاء ليس فيها أثر السجود " (* 3) وفي خبر جابر عن أبي جعفر (ع): " إن أبي علي بن الحسين (ع) كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك " (* 4) إلى غير ذلك. (3) كما عن الاكثر أو المشهور. لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال (ع): " لا تقع بين السجدتين " (* 5)، وفيما يحضرني من نسخة التهذيب عن معاوية بن عمار وابن مسلم والحلبي قال (ع): " لا تقع في أو لصلاة بين السجدتين كاقعاء الكلب " (* 6). لكن في نسخة الوسائل عن التهذيب: قالوا: " لا تقع في... " (* 7)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب السجود والحديث المذكور: 4. (* 2) تقدم في آخر المسألة الثانية من مسائل السجود. (* 3) الوسائل باب: 21 من ابواب السجود حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 21 من ابواب السجود حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 6 من ابواب السجود حديث: 1؟؟. (* 6) التهذيب ج 2 صفحة: 83 حديث: 306 الطبعة الحديثة. (* 7) الوسائل باب: 6 من ابواب السجود حديث: 2.

 

===============

 

( 401 )

 

وظاهره عدم كونها رواية عن المعصوم وعن الخلاف عن معاوية بن عمار وابن مسلم والحلبي عنه (ع) أنه قال: " لا تقع بين السجدتين كاقعاء الكلب " (* 1)، وفي مرسل حريز عن رجل عن أبي جعفر (ع) - في حديث - قال: " لا تلثم ولا تحتفز، ولا تقع على قدميك، ولا تفترش ذراعيك " (* 2)، ونحوه صحيح زرارة عنه (ع) (* 3). ولعلهما واحد. والنهي في الجميع محمول على الكراهة جمعا بينه وبين مصحح ابن أبي عمير عن عمرو بن جميع، قال أبو عبد الله (ع): " لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة الاولى والثانية، وبين الركعة الثالثة والرابعة، وإذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافى، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين إلامن علة لان المقعي ليس بجالس إنما جلس بعضه على بعض. والاقعاء: أن يضع الرجل إلييه على عقبيه، فأما الاكل مقعيا فلا بأس به لان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أكل مقعيا " (* 4) والمروي في آخر السرائر عن كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع) " لا بأس بالاقعاء فيما بين السجدتين، ولا ينبغي الاقعاء في التشهدين، إنما التشهد: في الجلوس وليس المقعي بجالس " (* 5)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " لا بأس بالاقعاء في الصلاة فيما بين السجدتين " (* 6).

 

 

____________

(* 1) الخلاف المسألة: 118 من كيفية الصلاة ج 1 صفحة: 46 من الظبعة الاولى. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب السجود حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب السجود حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 6 من ابواب السجود حديث: 7. (* 6) الوسائل باب: 6 من ابواب السجود حديث: 3.

 

===============

 

( 402 )

 

ومن الاولين يظهر عموم الكراهة للتشهد. وإن كان ظاهر من اقتصر على ذكر السجدتين عدمها. فانه ضعيف. ومثله ما عن الصدوق، والشيخ في الفقيه والنهاية، من المنع عنه في التشهد. إذ الظاهر أنه كان اعتمادا على الخبرين المذكورين. وعمرو بن جميع وإن كان ضعيفا بتريا، إلا أن في رواية ابن أبي عمير عنه، الذي هو من أصحاب الاجماع، وممن لا يروي إلا عن ثقة، كفاية في حصول الوثوق، الذي هو شرط الججية. ووجه الضعف: أن ذلك لو سلم فالتعليل ظاهر في الكراهة، كالتعليل في صحيح زرارة: " وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك، ولا تكن قاعدا على الارض فيكون إنما قعد بعضك على بعض، فلا تصبر للتشهد والدعاء " (* 1). نعم لو حمل النهي فيهما على الكراهة في التشهد أيضا، يشكل وجه الفرق بين مابين السجدتين والتشهد، بنفي البأس في الاول، والنهي في الثاني لاشتراكهما في الكراهة، مع أن التفصيل قاطع للشركة. لكنه يندفع بالحمل على شدة الكراهة وخفتها. وذلك أولى مما قيل من حمل الاقعاء المنفي عنه البأس بين السجدتين، على المعني المنهي عنه في التشهد وهو المذكور في ذيل رواية ابن جميع، المنسوب إلى الفقهاء. والمنهي عنه فيما بينهما على المعنى الآخر، المنسوب إلى اللغويين كما سيأتي. بقرينة ما في بعض النصوص من تشبيهه باقعاء الكلب. وحينئذ لا معارض للنهي في الموضعين فيتعين العمل بظاهره. ومقتضاه المنع من الاقعاء بالمعنى المذكور في رواية ابن جميع في التشهد، دون مابين السجدتين، لنفي البأس عنه فيما بينهما. اللهم إلا أن يحمل على التقية، لكونه مسنونا عند بعضهم فيما بينهما.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 3.

 

===============

 

( 403 )

 

[ بين السجدتين بل بعدهما أيضا (1) وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الارض ويجلس على عقبيه (2) ] والمنع من الاقعاء بالمعنى الآخر فيما بين السجدتين دون التشهد إذ يبعد هذا الوجه مخالفته لظاهر النصوص المفسرة للاقعاء ونقل اتفاق الفقهاء على أنه الجلوس على العقبين لا غير. وأما تشبيهه باقعاء الكلب فالظاهر منه أنه بقصد التنفير الذي لا يناسبه التخصيص بمورد دون مورد. وسيجئ الكلام في وجه التشبيه. (1) لعموم التعليل، واطلاق صحيح زرارة ومرسل حريز: " لا تقع على قدميك "، بناء على أنه من الاقعاء، كما هو الظاهر، المحمول على الكراهة، بقرينة السياق، ولما سبق لامن الوقوع الذي لا يتحصل له معنى ظاهر. (2) كما في المعتبر، والمنتهى والتذكرة وعن كشف الالتباس، وحاشية المدارك، ناسبين ذلك إلى الفقهاء. وفي لسان العرب: " نهي أن يقعي الرجل في الصلاة. وهو أن يضع إلييه على عقبيه بين السجدتين. وهذا تفسير الفقهاء "، وفي تاج العروس: " وفسره الفقهاء بأن يضع إلييه على عقبيه بين السجدتين " ومثله ما عن الصحاح والمغرب. قال في محكي البحار: " الظاهر من كلام العامة أن الاقعاء الجلوس على العقبين مطلقا - يعني: وإن لم يعتمد على صدور قدميه - " ثم قال: " ولعل مرادهم المعنى الذي اتفق عليه أصحابنا لان الجلوس على عقبين حقيقة لا يتحقق إلا بهذا الوجه فانه إذا جعل ظهر قدميه على الارض يقع الجلوس على بطن القدمين، لا على العقبين ". ومن هذا تعرف تعين البناء على كراهته بهذا المعنى. أولا: لما ذكر من حكاية اتفاق الفقهاء عليه المستفيضة في لسان جماعة من الفقهاء واللغويين

 

===============

 

( 404 )

 

[ كما فسره به الفقهاء. بل بالمعنى الآخر، المنسوب إلى اللغويين أيضا، وهو أن يجلس على إليتيه، وينصب ساقيه، و يتساند إلى ظهره، كاقعاء الكلب (1). ] من الخاصة والعامة. وثانيا: لرواية ابن جميع وصحيح زرارة المتقدمين، الظاهرين في هذا المعنى المعتضدين بصحيح زرارة المتقدم - المتضمن للتحذير عن القعود على القدمين وأنه يتأذى بذلك ولا يكون قاعدا على الارض بل بعضه على بعض، فلا يصبر للدعاء والتشهد - وبصحيح زرارة ومرسل حريز: " لا تقع على قدميك ". فان الاقعاء على القدمين يناسب المعنى المذكور جدا، ولا يناسب المعنى الآتي. كما لا يخفى. هذا والمظنون قويا أن هذه النصوص وردت ردا على العامة، الذين يرون أن الاقعاء بهذا المعنى سنة، وأنه كان يفعله العبادلة أبناء العباس وعمر والزبير ومسعود وغيرهم من الصحابة والسلف، وعن الشافعي النص على استحبابه، وكذا عن غيره من محققيهم. كما أن الذي يظهر من كلام بعض المخالفين أن الوجه في حمل الاقعاء المنهي عنه على المعنى اللغوي مع بناء الفقهاء على تفسيره بالمعنى الآخر: عمل بعض الصحابة والسلف له وما روي عن ابن عباس أنه من السنة أن تمس عقبيك إليتيك، ولولا ذلك لتعين حملة على ما عند الفقهاء. فراجع. (1) قال في محكي الصحاح: " وأما أهل اللغة فالاقعاء عندهم أن يلصق الرجل إلييه بالارض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره ". وفي تاج العروس: " أقعى الرجل في جلوسه: ألصق إلييه بالارض ونصب ساقيه وتساند إلى ما وراءه. هذا قول أهل اللغة "، وفي القاموس: " أقعى في جلوسه تساند إلى ما وراءه ". لكن في كلام غير واحد من أهل اللغة اعتبار وضع اليدين على الارض

 

===============

 

( 405 )

 

فيه زائدا على ذلك. قال الازهري في محكي النهاية: " الاقعاء أن يلصق الرجل إلييه بالارض وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الارض "، ونحوه ماعن المغرب والمصباح المنير، وعن بعض شراح صحيح ابن مسلم: " ان الاقعاء نوعان: أحدهما: أن يلصق إليتيه بالارض وينصب ساقيه ويضع يديه على الارض، كاقعاء الكلب. هكذا فسره أبو عبيدة معمر ابن المثنى، وصاحبه أبو عبيدة القاسم بن سلام، وآخرون من أهل اللغة " وفي لسان العرب: " وأما أهل اللغة فالاقعاء عندهم أن يلصق الرجل إليتيه بالارض وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الارض، كما يقعي الكلب وهذا هو الصحيح وهو أشبه بكلام العرب "، وفي كشف اللثام: " الاقعاء من القعو، وهو - كما حكاه الازهري عن ابن الاعرابي - أصل الفخذ، فهو الجلوس على القعوين، إما بوضعهما على الارض ونصب الساقين والفخذين قريبا من إقعاء الكلب، والفرق أنه يفترش الساقين والفخذين، أو بوضعهما على العقبين. وهو المعروف عند الفقهاء ". أقول: إن تم أنه الجلوس على القعوين تعين المعنى اللغوي، إذ الجلوس على العقبين ليس جلوسا على القعوين، بل على أصل الظهر. بخلاف المعنى اللغوي، لانه بنصب الساقين يكون معتمدا عليه. لكنه غير مناسب لاقعاء الكلب. وكيف كان فالحكم بكراهة الاقعاء بهذا المعنى اختاره في المستند. مستدلا عليه بما تضمن تشبيهه باقعاء الكلب، الظاهر في المعنى اللغوي، فيكون قرينة على غيره الخالي عن ذلك. مع أنه مقتضى أصالة حمل اللفظ على المعني اللغوي حتى يثبت النقل أو التجوز. وفيه: أن وضع اليدين على الارض إذا لم يكن معتبرا في هذا المعني فالمعني المنسوب إلى الفقهاء أشبه باقعاء الكلب من المعنى المذكور. إذ الكلب يفترش ساقيه وفخذيه

 

===============

 

( 406 )

 

[ مسألة 2): يكره نفخ موضع السجود (1) إذا لم ] ضرورة - كما في الجواهر وتقدم عن كشف اللثام ويعتمد على يديه، والاقعاء بهذا المعنى خال عنهما معا. نعم إذا اعتبر فيه الاعتماد على اليدين كان مشابها له من هذه الجهة مخالفا له من الاخرى، عكس المعنى السابق. بل في السابق جهة شبه أخرى، وهي أن الكلب اذاأقعى رفع نفسه واعتلى، والمقعي على عقبيه كذلك. ولعل الوجه في التشبيه ذلك، فلا يصلح قرينة على صرف اللفظ عن المعنى المتفق عليه النص والفتوى إلى هذا المعنى. ولا سيما وهناك معان أخرى، مثل ما عن ابن عمر أنه كان يقعي، وقالوا معناه أنه كان يضع يديه بالارض بين السجدتين فلا يفارقان الارض حتى يعيد السجود، وعن الراوندي أن ذلك هو معنى الاقعاء. وعن بعض علمائنا أنه عبارة عن أن يعتمد على عقبيه ويجعل يديه على الارض. ومن الجائز أن يكون المراد أحد هذين المعنيين فكيف يحكم بارادة المعنى اللغوي بمجرد تشبيهه باقعاء الكلب؟! ولا سيما وأنه - كما في الجواهر - جلسة القرفصاء، التي هي إحدى جلسات النبي صلى الله عليه وآله وأفضل الجلوس في النافلة وغيرها مما يصلى من جلوس، وأفضل جلوس المرأة. وأما أصالة الحمل على المعنى اللغوي فلا مجال لها بعد ما عرفت من الاتفاق والنصوص. والله سبحانه أعلم. (1) كما عن جماعة التصريح به. وفي المنتهى: " ذهب إليه علماؤنا " لصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " قلت له: الرجل ينفخ في الصلاة موضع جبهته؟ فقال (ع): لا " (* 1)، وفي حديث الاربعمائة عن علي (ع): " لا ينفخ الرجل في موضع سجوده " (* 2)، وفي خبر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب السجود حديث: 9.

 

===============

 

( 407 )

 

[ يتولد حرفان. وإلا فلا يجوز، بل مبطل للصلاة (1). وكذا يكره عدم رفع اليدين من الارض بين السجدتين (2). (مسألة 3): يكره قراءة القرآن في السجود (3)، كما كان يكره في الركوع. ] الحسين بن مصعب قال أبو عبد الله (ع): " يكره النفخ في الرقى والطعام وموضع السجود... " (* 1) إلى غير ذلك. لكن في صحيح ليث: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يصلي فينفخ في موضع جبهته؟ فقال (ع): ليس به بأس إنما يكره ذلك أن يؤذي من إلى جابنه " (* 2) وقريب منه خبر أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (ع) (* 3)، وظاهرهما عدم الكراهة من جهة الصلاة، فيكونان معارضين لظاهر ما سبق. ولعل الجمع يقتضي الحمل على شدة الكراهة بذلك. (1) لما يأتي إن شاء الله تعالى في مبطلية الكلام. (2) للمروي عن مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع): " سألته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الارض، بل يسجد الثانية،، هل يصلح له ذلك؟ قال (ع): ذلك نقص في الصلاة " (* 4). وظاهر السؤال والجواب مرجوحيته لنفسه، فيحمل على الكراهة، للاجماع. ولو حمل على عدم تمامية الجلوس المعتبر في الصلاة، كان مانعا لذلك. (3) ففي خبر القاسم بن سلام عن النبي صلى الله عليه وآله: " إني قد نهيت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب السجود حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب السجود حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 7 من ابواب السجود حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب السجود: حديث: 1.

 

===============

 

( 408 )

 

[ (مسألة 4): الاحوط عدم ترك جلسة الاستراحة، وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الاولى والثالثة مما لا تشهد فيه، بل وجوبها لا يخلو عن قوة (1). ] عن القراءة في الركوع والسجود، فاما الركوع فعظموا الله تعالى فيه، وأما السجود فاكثروا فيه الدعاء " (* 1)، وفي خبر أبي البختري: " إن عليا (ع) كان يقول: لا قراءة في ركوع ولا سجود " (* 2)، وفي خبر السكوني: " سبعة لا يقرؤن القرآن: الراكع، والساجد، وفي الكنيف، وفي الحمام، والجنب، والنفساء والحائض " (* 3). لكن في جملة من النصوص التفصيل بينه وبين الركوع، كخبر على بن جعفر: " عن الرجل قرأ في ركوعه من سورة غير السورة التي كان يقرؤها، قال (ع): إن كان فرغ فلا بأس في السجود وأما في الركوع فلا يصلح " (* 4)، ونحوه غيره. والجمع يقتضي الحمل على خفة الكراهة. (1) كما في الانتصار، وعن الناصريات، وقد يستظهر أو يستشعر من عبارات المقنعة، ورسالة ابن بابويه، والمراسم، وابن أبي عقيل، وابن الجنيد، والسرائر، ومال إليه في كشف اللثام، والحدائق. للاجماع الذي احتج به السيد. ولموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " إذا رفعت رأسك في السجدة الثانية من الركعة الاولى حين تريد أن تقوم، فاستو جالسا ثم قم " (* 5)، والمروي عن كتاب زيد النرسي عن أبي الحسن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب الركوع حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب الركوع حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 47 من ابواب قراءة القرآن حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب الركوع حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 3.

 

===============

 

( 409 )

 

عليه السلام: " إذا رفعت رأسك من آخر سجدتك في الصلاة قبل أن تقوم فاجلس جلسة، ثم بادر بركبتيك إلى الارض قبل يديك، وابسط يديك بسطا، واتك عليهما، ثم قم، فان ذلك وقار المؤمن الخاشع لربه، ولا تطش من سجودك مبادرا إلى القيام، كما يطيش هؤلاء الاقشاب " (* 1) وفي صحيح عبد الحميد بن عواض: " انه رأى أبا عبد الله (ع) إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الاولى جلس حتى يطمئن ثم يقوم " (* 2) والمروي عن الخصال عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع): " إجلسوا في الركعتين حتى تسكن جوارحكم، ثم قوموا فان ذلك من فعلنا " (* 3)، وفي مصحح أبي بصير: " وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك، وإذا سجدت فاقعد مثل ذلك، وإذا كان في الركعة الاولى والثالثة فرفعت رأسك من السجود فاستتم جالسا حتى ترجع مفاصلك. فإذا نهضت فقل: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، فان عليا (ع) هكذا كان يفعل " (* 4)، وخبر الاصبغ: " كان أمير المؤمنين (ع) إذا رفع رأسه من السجود قعد حتى يطمئن، ثم يقوم، فقيل له: يا أمير المؤمنين (ع) كان من قبلك أبو بكر وعمر إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نهضوا على صدور أقدامهم كما تنهض الابل فقال أمير المؤمنين (ع): إنما يفعل ذلك أهل الجفاء من الناس، إن هذا من توقير الصلاة " (* 5).

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 1. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 9. (* 5) الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 5.

 

===============

 

( 410 )

 

[ (مسألة 5): لو نسيها رجع إليها، ما لم يدخل في الركوع (1). ] هذا وقد يعارض ذلك كله بموثق زرارة: " رأيت أبا جعفر (ع) وأبا عبد الله (ع) إذا رفعا رؤوسهما من السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا " (* 1) وفيه: أنه لاريب في رجحان الجلوس، فمواضبتهما (ع) على الترك لابد أن تكون لعذر وراء الواقع، فلا يدل على عدم الوجوب. مع أنه معارض بصحيح عبد الحميد السابق. ومثله في الاشكال الاستدلال بخبر رحيم: " قلت لابي الحسن الرضا (ع): جعلت فداك أراك إذا صليت رفعت رأسك من السجود في الركعة الاولى والثالثة وتستوي جالسا ثم تقوم، فنصنع كما تصنع؟ قال (ع): لا تنظروا إلى ما أصنع أنا إصنعوا ما تؤمرون " (* 2)، إذ بعد رجحان الجلوس جزما لابد أن يكون الامر بالترك لعذر كما سبق. نعم تمكن المناقشة في أدلة الوجوب بمنع الاجماع. وبأن الامر بالاستواء جالسا في الموثق وارد مورد توهم عدم المشروعية، كما يظهر من ملاحظة النصوص وغيرها. أو هو محمول على الاستحباب، بقرينة ما بعده مما تضمن أنه وقار المؤمن الخاشع (* 3)، أو أنه من توقير الصلاة (* 4)، أو أن ذلك من فعلهم (ع) (* 5) أو من فعل علي (ع) (* 6) مما هو ظاهر في الاستحباب. وكأنه لذلك كان هو مذهب الاكثر، أو المشهور بل عن كشف الحق، وتلخيص الخلاف الاجماع عليه. (1) كما هو الحال في الاجزاء المنسية إذا ذكرت قبل الدخول في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب السجود حديث: 6. (* 3) كما في الحديث المروي عن كتاب زيد النرسي المتقدم في الصفحة السابقة. (* 4) كما في خبر الاصبغ المتقدم في الصفحة السابقة. (* 5) كما في خبر الخصال المتقدم في صدر هذه التعليقة. (* 6) كما في مصحح ابي بصير المتقدم في صدر هذه التعليقة.