فصل فيما يجب الامساك عنه في الصوم من المفطرات

فصل فيما يجب الامساك عنه في الصوم من المفطرات وهي أمور: الاول والثاني: الاكل والشرب (2) من غير فرق في المأكول والمشروب بين المعتاد - كالخبز، والماء، ونحوهما وغيرها، كالتراب، والحصى، وعصارة الاشجار، ونحوها (3)، } (1) لكن الذي تقدم: هو الاجتزاء به عن رمضان إذا ثبت الهلال ولو بعد الزوال إذا جدد النية. والتحديد بالزوال إنما هو فيما إذا لم ينو الصوم، لافيما إذا نواه من شعبان، وإلا فهو من باب الاجتزاء، لا من باب العدول. فالاولى دعوى: وجوب الاقتصار على مورده لا غير. فصل فيما يجب الامساك عنه في الصوم من المفطرات (2) إجماعا في الجملة. بل ادعي عليه الضرورة. ويشهد به الكتاب والسنة. (3) كما هو المشهور شهرة عظيمة، بل عن الخلاف، والغنية، والسرائر، والمختلف، وظاهر المنتهى، والتذكرة: الاجماع عليه. بل في محكي كلام السيد (ره) في المسائل الناصرية، نفي الخلاف فيه بين المسلمين إلا من الحسن بن صالح، حيث قال: إنه لا يفطر. ثم قال: " وهو

 

===============

 

( 234 )

 

{ ولابين الكثير القليل (1)، كعشر حبة الحنطة، أو عشر } مسبوق بالاجماع، وملحو به ". وكفى بذلك دليلا على مفطرية ما ذكر بضميمة وضوح كونه من مرتكزات المتشرعة. ويشهد به أيضا: النص الوارد في الغبار، كما سيأتي (* 1). وحينئذ فما عن السيد (ره) في بعض كتبه: من نفي المفطرية - وكذا عن ابن الجنيد - ضعيف. وإن امكن الاستدلال له: بمنع صدق الطعام والشراب - المذكورين في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، والشراب والنساء، والارتماس في الماء " (* 2). وفي بعض طرقه: إبدال " ثلاث " ب‍ " أربع " على غير المتعارف، فيقيد به إطلاق مادل على لزوم الاجتناب عن الاكل والشرب من دون ذكر للمتعلق، فان اطلاقه الحاصل بحذف المفعول وإن كان يقتضي المنع عن كل ما يتعلق به الاكل والشرب، لكنه مقيد بما ذكر. مضافا الى ما ورد في عدم الافطار بالذباب إذا دخل الحلق، معللا: إنه ليس بطعام (* 3). ومثله: ما ورد في الكحل (* 4). إلا أنه لا مجال لجميع ذلك بعدما عرفت من تكرر دعوى الاجماع، المعتضدة بارتكاز المتشرعة بعدما عرفت. مع إمكان حملهما على المعنى المصدري. فتأمل. (1) بلا خلاف ظاهر. لاطلاق الادلة. والقلة والكثرة لا يوجبان الانصراف المعتد به.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. ويأتي ذكره - إن شاء الله - في السادس من الامور الذي يجب الامساك عنه في الصوم. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 39 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 235 )

 

{ قطرة من الماء، أو غيرها من المايعات. حتى أنه لو بل الخياط الخيط بريقه أو غيره، ثم رده إلى الفم، وابتلع ما عليه من الرطوبة، بطل صومه (1). إلا إذا استهلك ماكان عليه من الرطوبة (2) بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية (3) وكذا لو استاك. وأخرج المسواك من فمه، وكان عليه رطوبة ثم رده إلى الفم، فانه لو ابتلع ما عليه بطل صومه، إلا مع الاستهلاك على الوجه المذكور. وكذا يبطل بابتلاع مايخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه (4). } (1) عندنا، وهو قول أكثر الشافعية، كذا في محكي التذكرة. ويقتضيه. ما تقدم من الاطلاق. (2) كما نص عليه في الجواهر وغيرها. (3) يمكن دعوى عدم كفاية هذا المقدار، بل يكفي في المنع عنه: صدق ريقه وريق غيره على نحو الامتزاج عليه، ولا يعتبر صدق غير ريقه عليه، ليكفي في الجواز عدم صدقه. ولذا قيده في الجواهر بقوله: " يجب يعد ابتلاع ريقه لاغير ". لكن في تحقق الاستهلاك كذلك - مع الاتحاد في الجنس - إشكال فتأمل. (4) قولا واحدا عندنا، كما في الجواهر. ويقتضيه: الاطلاق المتقدم. نعم قد ينافيه: ما في صحيح ابن سنان: " عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشئ من الطعام، أيفطر ذلك؟ قال (ع): لا. قلت: فان ازدرده بعد أن صار على لسانه. قال (ع): لا يفطره ذلك " (* 1). ولاجله ناقش في الحدائق في الحكم المذكور. لكن - مع أنه لم يعرف عامل به في مورده - غير ما نحن فيه، لامكان أن يلحق مايخرج بعد البلع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 9.

 

===============

 

( 236 )

 

{ (مسألة 1): لا يجب التخليل بعد الاكل لمن يريد الصوم وإن احتمل أن تركه يؤدي إلى دخول البقايا بين الاسنان في حلقه. ولا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهوا (1) نعم لو علم أن تركه يؤدي إلى ذلك وجب عليه، وبطل صومه على فرض الدخول. (مسألة 2): لا بأس ببلع البصاق (2) وإن كان كثيرا } حكم مايخرج من الصدر، فالتعدي منه الى المقام غير ظاهر. (1) لاختصاص قدح استعمال المفطرات بصورة العمد، كما سيأتي. نعم عن فوائد الشرائع هنا: وجوب القضاء خاصة لو قصر في التخليل فجرى بالريق إلى الجوف. ونفى عنه البأس في المسالك، للتفريط الموجب للالحاق بالعمد. ولكنه كما ترى، لاختصاص ذلك بصورة العلم بالترتب، كما هو الحال في العمد المعتبر في حسن العقاب وتحقق المعصية. ولا يكفي مجرد احتمال الترتب في صدقه جزما. اللهم إلا أن يقال: مقتضى الاطلاقات الاولية تحقق الافطار به، وما دل على عدم قدح الاكل سهوا - من النص (* 1) والاجماع - مختص بغير المقام مما لا يكون فيه تفريط أصلا، فيلحقه حكم العلم بالترتب الذي لا مخرج به قطعا عن عموم المفطرية للاكل والشرب. وبذلك يفترق عن النوم مع العلم بالاحتلام، كما سيأتي جوازه في مفطرية الاستمناء، فانه لاعموم يقتضي مفطريته. اللهم إلا أن يؤخذ باطلاق معاقد الاجماع على اختصاص المفطرية بصورة العمد، غير الشامل لصورة الاحتمال، فيبقى داخلا تحت عموم المفطرية. (2) بلا خلاف، كما عن الخلاف. وعن التذكرة: نسبته إلى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يمسك عنه الصائم.

 

===============

 

( 237 )

 

{ مجتمعا، بل وإن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه (1)، كتذكر الحامض مثلا. لكن الاحوط الترك في صورة الاجتماع، خصوصا مع تعمد السبب. (مسألة 3): لا بأس بابتلاع مايخرج من الصدر من الخلط وما ينزل من الرأس (2) ما لم يصل إلى فضاء الفم. } علمائنا. لقصور الادلة عن شموله - فتأمل - والاصل البراءة. مضافا إلى السيرة التي ادعاها غير واحد. والى خبر زيد الشحام: " في الصائم يتمضمض قال (ع): لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات " (* 1). (1) كما نص عليه غير واحد. لعين ما سبق. (2) مطلقا فيهما، كما عن المعتبر، والمنتهى، والتذكرة، والبيان، وغيرها. لقصور الادلة عن شمول مثله، والاصل البراءة، فتأمل. مضافا إلى موثق غياث: " لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته " (* 2)، بناء على عموم النخامة لهما، كما صرح به بعض اللغويين، واستظهره غير واحد من الفقهاء، وظاهر المجمع والقاموس وغيرهما. كما أن الظاهر عموم الازدراد لما يصل إلى فضاء الفم، بل لعله فيه أظهر. وظاهر الشرائع والارشاد: التفصيل بينهما، بالجواز في الاول، والمنع في الثاني. وكأنه مبني على أن مقتضى الادلة الاولية المنع فيهما، لكن وجب الخروج عنها في الاول للموثق، لاختصاص النخامة به. وعن الشهيدين: الجواز فيهما قبل الوصول إلى فضاء الفم، والمنع منهما بعده. وكأنه لقصور الخبر عن الحجية، لضعف سنده، أو اجمال المراد به، ومقتضى القواعد المنع في الواصل إلى فضاء الفم، لصدق الاكل والشرب

 

 

____________

(* 1 (الوسائل باب: 31 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 39 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 238 )

 

{ بل الاقوى جواز الجر من الرأس إلى الحلق، وإن كان الاحوط تركه. وأما ما وصل منهما إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع. (مسألة 4): المدار صدق الاكل والشرب (1) وإن } عليه، دون ما لم يصل لعدم الصدق. وضعف القولين يظهر مما سبق. (1) قد يستشكل في ذلك: بأن الادلة لم تختص بالمنع عن الاكل والشرب، بل مثل الصحيح السابق - المتضمن لوجوب الاجتناب عن الاربع وغيره - دال على المنع عما هو أعم من الاكل والشرب. وكيف ولو خص بهما أشكل الحكم بالافطار بالطعام والشراب الواصلين إلى الجوف بغير طريق الفم؟ كما يحكى عن بعض أهل زماننا هذا. إذ دعوى: صدق الاكل والشرب بذك غير ظاهرة، لتقومهما بالفم، وإطلاقهما على غير ذلك مسامحة بلحاظ ترتب الغاية. مضافا إلى أنه يستفاد - مما ورد في المنع عن الاحتقان بالمائع (* 1)، وصب الدهن في الاذن إذا كان يصل إلى الحلق (* 2)، وما ورد في الاستنشاق إذا كان كذلك (* 3)، وما ورد في مفطرية الغبار (* 4) -: أن المعتبر في الصوم: عدم الايصال إلى الجوف مطلقا. وحينئذ يشكل صب الدواء في الجرح إذا كان يصل إلى الجوف. بل في المختلف: استقرب فيه الافطار، مستظهرا له من المبسوط. وكذا تقطير المائع في الاذن. وعن أبي الصلاح: الجزم بمفطريته. وكذا الصب في الاحليل وفي محكي المبسوط: الجزم بمفطريته. وفي المختلف: أنه أقرب.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5. (* 3) و (* 4) المراد: رواية سليمان المروزي، ويأتي ذكرها - ان شاء الله - في الامر السادس مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 239 )

 

{ كان بالنحو غير المتعارف. فلا يضر مجرد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الاكل والشرب، كما إذ صب دواء في جرحه أو شيئا في أذنه أو إحليله فوصل إلى جوفه. نعم إذا وصل من طريق أنفه فالظاهر أنه موجب للبطلان إن كان متعمدا، لصدق الاكل والشرب حينئذ. (مسألة 5): لا يبطل الصوم بانفاذ الرمح أو السكين أو نحوهما بحيث يصل إلى الجوف (1) وان كان متعمدا. الثالث: الجماع وإن لم ينزل (2). للذكر والانثى، قبلا أو دبرا صغيرا كان أو كبيرا، حيا أو ميتا، واطئا أو } اللهم إلا أن يقال: الظاهر عرفا من الاكل والشرب إيصال المأكول والمشروب من طريق الحلق وإن لم يكن بواسطة الفم، فيشمل ما يتعارف بين بعض أهل زماننا، وكذا الاستنشاق. وأما ما تضمن وجوب الاجتناب عن الطعام والشراب، فهو ظاهر في خصوص الاكل والشرب. وما ورد في الاحتقان ونحوه مما لم يكن من طريق الحلق يجب الاقتصار على مورده لاغير، كما هو ظاهر المشهور. فالبناء على قاعدة المنع مما يصل إلى الجوف مطلقا غير ظاهر. (1) كما هو المشهور، وعن المبسوط. وفي المختلف: البطلان، لما سبق. وفيه: ما عرفت. (2) لاإشكال في الافطار بالجماع في قبل المرأة، ولعله من الضروريات. وهو القدر المتيقن من نصوص مفطرية الجماع. وكذا بالجماع في دبرها إذا أنزل. ويدل عليه: النصوص الواردة في الاستمناء (* 1) فتأمل.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 1، 4، 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم

 

===============

 

( 240 )

 

وأما إذا لم ينزل فالمحكي عن صريح الخلاف، والوسيلة، والمبسوط: الاجماع على أنه كذلك أيضا. وعن الغنية: الاجماع على الفساد بحصول الجنابة، الشامل لما نحن فيه، بناء على سببيته لها، كما تقدم في كتاب الطهارة. ويدل عليه: إطلاق النصوص الدالة على الافطار بالنكاح، أو الجماع، أو الوطئ، أو إصابة الاهل، أو نحو ذلك على اختلاف مضامينها ودعوى: الانصراف إلى الجماع في القبل. ممنوعة، إذ لا منشأ لها إلا الغلبة. وقد عرفت غير مرة: أنها لا توجب الانصراف المعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. ولاسيما مع مناسبته لارتكاز مفطرية الجنابة بلا خصوصية للنكاح في القبل. بل لا يبعد استفادة ذلك من النصوص، ففي خبر عمر بن يزيد: " قلت لابي عبد الله (ع): لاي علة لا يفطر الاحتلام الصائم، والنكاح يفطر الصائم؟ قال (ع): لان النكاح فعله، والاحتلام مفعول به " (* 1). فان الظاهر منه كون المرتكز في ذهن السائل مساواة الاحتلام والنكاح في حصول الجنابة التي هي السبب في الافطار، فالجواب بالفرق بينهما بالعمد وعدمه تقرير لما في ذهنه. وفي خبر القماط عنه (ع): " عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل فنام حتى أصبح. قال (ع): لا شئ عليه. وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال " (* 2). فان مفهوم التعليل قدح الجنابة في وقت حرام. وبذلك يظهر لزوم الحكم بالافطار بالايلاج في دبر الغلام، وفرج البهيمة، بناء على وجوب الغسل بذلك. ويعضده: الاجماع المحكي سابقا عن الغنية من فساد الصوم بتعمد الجنابة، وتلوح دعواه من المختلف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 241 )

 

{ موطوءا. بل وكذا لو كان الموطوء بهيمة. بل وكذا لو كانت } وغيره. نعم لو لم نقل بوجوب الغسل بذلك يشكل الحكم بالافطار به. اللهم إلا أن يكون المستند فيه: ظاهر الاجماع المدعى في المبسوط على الافطار فيهما، وصريح الاجماع المدعى في محكي الخلاف في أولهما. لكن الاعتماد عليه محل إشكال، بعد تردد مثل المحقق في الشرائع، ودعواه فيها: أن الاشبه أنه يتبع وجوب الغسل. ونحوه العلامة في المختلف. أو يكون المستند فيه: إطلاق الجماع الشامل للغلام والبهيمة بنحو شموله لدبر المرأة. لكنه بعيد. مع إمكان دعوى تقييده بمثل صحيح ابن مسلم: " لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، والشراب، والنساء، والارتماس في الماء " (* 1). فإذا البناء على ما ذكره المحقق هو القأوى. وعليه فالحكم بالافطار في الصورة المذكورة في المتن موقوف على البناء على وجوب الغسل فيها. والكلام فيه تقدم في غسل الجنابة، وقد تقدم من المصنف (ره): التوقف في اقتضاء وطئ البهيمة للغسل، مع جزمه بالافطار. هنا. وأما مرسل علي بن الحكم عن رجل عن أبي عبد الله (ع): " إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة لا ينقض صومها، وليس عليها غسل " (* 2). ونحوه مرفوع بعض الكوفيين (* 3). فلا مجال للعمل بهما بعد ضعفهما في أنفسهما، وإعراض الاصحاب عنهما، ودعوى الاجماع على خلافهما.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في الامر الاول مما يجب الامساك عنه. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب الجنابة ملحق الحديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب الجنابة حديث: 3.

 

===============

 

( 242 )

 

{ هي الواطئة. ويتحقق بادخال الحشفة (1)، أو مقدارها من مقطوعها. فلا يبطل بأقل من ذلك. بل لو دخل بجملته ملتويا (2) ولم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل، وإن كان لو انتشر كان بمقدارها. (مسألة 6): لافرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الانزال به وعدمه (3). (مسألة 7): لا يبطل الصوم بالايلاج في غير أحد الفرجين (4) بلا إنزال. إلا إذا كان قاصدا له، فانه يبطل وإن لم ينزل من حيث أنه نوى المفطر (5). (مسألة 8): لا يضر إدخال الاصبع ونحوه لا بقصد الانزال (6). } (1) هذا مما لادليل عليه في المقام، وإنما تضمنت النصوص اعتباره في وجوب الغسل (* 1)، فلو لم يكن المقام من متفرعات وجوب الغسل كان مشكلا. وكذا الحكم باعتبار مقدارها من مقطوعها، فان مبناه فهم التقدير من النصوص القائلة: " إذا التقى الختانان وجب الغسل " (* 2). فالبناء عليه في المقام يتوقف على كونه من متفرعات وجوب الغسل. (2) يعني: منكمشا. الظاهر رجوعه الى مقطوع الحشفة. (3) بلا إشكال. لظهور الادلة في كونه بنفسه موضوعا للحكم بالبطلان. (4) لعدم الدليل عليه. بل الظاهر: عدم الاشكال فيه. (5) كما تقدم في أواخر الفصل السابق. (6) لعدم الدليل عليه. بل الظاهر: أنه لااشكال فيه.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 6 من ابواب الجناية.

 

===============

 

( 243 )

 

{ (مسألة 9): لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائما (1) أو كان مكرها بحيث خرج عن اختياره، كما لا يضر إذا كان سهوا (2). (مسألة 10): لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين لم يبطل (3). ولو قصد الادخال في أحدهما فلم يتحقق كان مبطلا، من حيث أنه نوى المفطر (4). (مسألة 11): إذا دخل الرجل بالخنثى قبلا لم يبطل صومه، ولا صومها (5). وكذا لو دخل الخنثى بالانثى ولو } (1) لاعتبار الاختيار والعمد في فعل المفطر في مفطريته. وسيأتي إن شاء الله في الفصل الآتي. (9) يعني: سهوا عن الصيام. فانه لا خلاف أيضا في أنه لا يقدح استعمال المفطر مع نسيان الصوم، كما سيأتي إن شاء الله. (3) لعدم العمد. (4) على ما سبق. (5) على ما هو ظاهر المشهور. لظهور الادلة في الايلاج بالفرج الحقيقي، وهو غير معلوم للشبهة الموضوعية، لا مطلق الثقب وإن كان مثله. وعن كشف الغطاء: أن الاقوى البطلان. وكأنه مبني على أنه فرج حقيقة كسائر الفروج النساء والرجال، ولذا يكون له ما يكون لها من الخواص، مثل أنها تحمل بوطئها فيه، أو تلقح بوطئها للمرأة. وهو غير بعيد. إلا أن في عموم الادلة تأملا، لانصرافها إلى ما يكون مقتضى الخلقة الاصلية، فمع الشك فيه يكون مقتضى الاصل الصحة. هذا مع قطع النظر عن العلم الاجمالي في بعض الفروض، وإلا وجب العمل عليه.

 

===============

 

( 244 )

 

{ دبرا. أما لو وطئ الخنثى دبرا بطل صومهما (1). ولو دخل الرجل بالخنثى، ودخلت الخنثى بالانثى (2)، بطل صوم الخنثى (3) دونهما (4). ولو وطئت كل من الخنثيين الاخرى لم يبطل صومهما (5). (مسألة 12): إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار، ثم تذكر أو ارتفع الجبر، وجب الاخراج فورا، فان تراخى بطل صومه (6). (مسألة 13): إذا شك في الدخول، أو شك في بلوغ مقدار الحشفة، لم يبطل صومه (7). الرابع من المفطرات: الاستمناء، أي: إنزال المني متعمدا (8)، } (1) يعني: وطئه الرجل، لا الخنثى. (2) الواو بمنزلة مع. (3) للعلم بأنها إما واطئة أو موطوءة. (4) لاحتمال كل منهما مساواتها له في الذكورة والانوثة. نعم يكونان كواجدي المني في الثوب المشترك. (5) لاحتمال تساويهما في الذكورية والانوثية. (6) لتعمد الجماع ولو بقاء لاحدوثا، لظهور الادلة في الاعم منهما. (7) للاصل. (8) بلا خلاف، كما عن المنتهى، والذخيرة، والحدائق. وعن المعتبر: الاتفاق عليه. وعن شرح اللمعة للاصبهاني: " أنه مما أطبق عليه الاصحاب ". وعن المدارك: " عليه أجمع العلماء كافة ". ونحوه - في

 

===============

 

( 245 )

 

{ بملامسة، أو قبلة، أو تفخيذ، أو نظر (1)، أو تصوير } دعوى الاجماع - ما عن الانتصار، والوسيلة، والغنية، والتذكرة، وغيرها. ويدل عليه: صحيح ابن الحجاج عن الصادق (ع): " عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني. قال (ع): عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع " (* 1)، وخبر أبي بصير: " عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فادفق. فقال (ع): كفارته أن يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، أو يعتق رقبة " (* 2)، ومرسل حفص بن سوقة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يلاعب أهله أو جاريته، وهو في قضاء شهر رمضان، فيسبقه الماء. فقال (ع) عليه من الكفارة مثل ما على الذي جامع في شهر رمضان " (* 3)، وغيرها. والجميع وإن لم يصرح فيه بالافطار والقضاء، إلا أنه يدل عليه بالالتزام، للاجماع على انتفاء الكفارة مع عدم الافطار. مع أن الاجماعات المتقدمة تغني عن الاستدلال عليه بالنصوص. وتشير إليه أيضا: النصوص - الدالة على مفطرية الجناية العمدية - المتقدمة. والنصوص الدالة على كراهة المس مع خوف سبق المني. وسنذكر بعضها إن شاء الله. (1) الحاق النظر بما قبله يتوقف، إما على ثبوت الاجماع على مفطرية مطلق الاستمناء، كما هو ظاهر غير واحد. لكن ينافيه القول بالصحة معه مطلقا - كما عن الخلاف، والسرائر، وفي الشرائع، وغيرها - أو إذا كان إلى من يحل النظر إليه، كما عن المفيد وسلار، وابن البراج، والسيد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 246 )

 

{ صورة الواقعة، أو تخيل صورة امرأة، أو نحو ذلك من الافعال التي يقصد بها حصوله. فانه مبطل للصوم بجميع أفراده. وأما لو لم يكن قاصدا للانزال وسبقه المني من دون إيجاد شئ مما يقتضيه، لم يكن عليه شئ (1). (مسألة 14): إذا علم من نفسه أنه لو نام في نهار رمضان يحتلم، فالاحوط تركه. وإن كان الظاهر جوازه (2)، } في جملة من كتبه، وابن حمزة، والتحرير. اللهم إلا أن ينزل كلام هؤلاء على صورة عدم القصد إليه، كما عن الرياض دعواه. لكن صريح محكي المدارك: اعتبار الاعتياد مع القصد. وإما على ثبوت فهم عدم الخصوصية من العبث، والملاعبة، والمس، واللزق، واللصق، المذكورة في النصوص، فيراد منها: مطلق ما يقصد منه نزول المني، وإما لما عرفت: من ظهور النصوص في قاعدة مفطرية الجنابة العمدية. ومن ذلك تعرف: وجه الحكم في التخيل، وكذا في الاصغاء. وإن كان ظاهر الشرائع عدم قدحه مطلقا. فتأمل. (1) قطعا بلا خلاف ولا إشكال. لعدم الدليل عليه بعد قصور النصوص السابقة عن إثبات مفطريته حينئذ، والاصل البراءة. ولو فرض استفادة مفطرية خروح المني في نفسه من الادلة، اختصت - بقرينة ما ورد في عدم مفطرية الاحتلام - بما إذا استند خروجه إلى المكلف الصائم، كالاكل، والشرب، والجماع، كما تقدمت الاشارة إليه، ويجئ تفصيله فيما يأتي إن شاء الله. (2) إذ لا يخرج عن كونه حينئذ مفعولا به، الذي تقدم في النص

 

===============

 

( 247 )

 

{ خصوصا إذا كان الترك موجبا للحرج (1). (مسألة 15): يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول أو الخرطات، وإن علم بخروج بقايا المني في المجرى (2) }. تعليلا لعدم مفطرية الاحتلام. نعم لو كان المراد من التعليل مجرد العذر العقلي في تحقق الجنابة، كان الحكم بمفطرية الاحتلام المذكور في محله، لان العلم بترتبه على النوم الاختياري كاف في عدم العذر العقلي فيه، لانه يكفي في اختيارية الفعل كون بعض مقدماته اختيارية ولو كانت عدمية. لكنه خلاف الظاهر. ولو سلم ظهوره في ذلك فالاعتماد عليه محل إشكال. ولاسيما مع بناء الاصحاب ظاهرا على خلافه، وأن المفطر هو الجنابة العمدية بفعله، لا مطلق العمد إليها في الجملة. وحركة المني إلى الخارج في المقام نظير حرمة الدم في العروق، مما لا تصح نسبته إلى المكلف بوجه. فتأمل. وبذلك افترق الفرض عن صورة العلم بدخول بقايا الطعام في الفم إلى الجوف لو لم يخلل، حيث تقدم في المسألة الاولى من هذا الفصل: الحكم بالافطار على تقدير الدخول. وحاصل الفرق: أن الاكل قد أخذ مطلقا موضوعا للافطار في جملة من النصوص، والخارج إنما هو خصوص صورة الاكل ناسيا للصوم، فلا يشمل الفرض. بخلاف خروج المني، فانه قد ورد - في خصوص خروجه بالاحتلام - دليل على عدم مفطريته، وإطلاقه - ولاسيما بملاحظة التعليل المشار إليه سابقا - شامل للمقام، فإذا لم يكن مفطرا في هذه الحال لم يجب الاجتناب عنه. (1) أدلة الحرج والضرر - على تقدير جريانها - إنما تدل على جواز الافطار، لا على نفي المفطرية. وكذا الحال فيما يأتي. (2) قيل: إنه مقطوع به. وهو كذلك، لقصور الادلة - من الاجماع

 

===============

 

( 248 )

 

{ ولا يجب عليه التحفظ (1) بعد الانزال (2) من خروج المني إن استيقظ قبله. خصوصا مع الاضرار أو الحرج. (مسألة 16): إذا احتلم في النهار وأراد الاغتسال، فالاحوط تقديم الاستبراء إذا علم أنه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل، فتحدث جنابة جديدة (3). (مسألة 17): لو قصد الانزال، باتيان شئ مما ذكر ولكن لم ينزل، بطل صومه من باب نية إيجاد المفطر (4). } والنصوص - عن شمول مثله. فأدلة جواز الاستبراء أو استحبابه محكمة. إلا أن يقال: إنها غير ظاهرة فيما نحن فيه، ولا إطلاق لها يشمل صورة لزوم الافطار كي تكون دالة على عدم المفطرية. فالعمدة في الجواز: أصل البراءة. ولاسيما مع كون السيرة من المحتلمين الصائمين على البول بلا احتمال منهم للمنع. (1) لما عرفت في المسألة السابقة: من عدم الدليل عليه، والادلة إنما تدل على مفطرية الجنابة بفعل المكلف، لا مطلقا. (2) يعني: نزول المني من مقره، قبل الخروج إلى الخارج المخرج. (3) مقتضى ما تقدم - من عدم الدليل على وجوب التحفظ - جواز ترك الاحتياط، فالاحتياط المذكور لا يناسب الجزم بعدم لزوم التحفظ. إلا أن يكون المراد منه صورة الخروج بفعله ببول أو نحوه. وعليه فالظاهر عدم جوازه لانه تعمد للجنابة، ولاسيرة عليه. وبذلك افترق عن الاستبراء قبل الغسل مع العلم ببقاء شئ في المجرى، فان خروجه لا يوجب جنابة، فلا موجب لمفطريته. (4) كما سبق.

 

===============

 

( 249 )

 

{ (مسألة 18): إذا أوجد بعض هذه الافعال لابنية الانزال، لكن كان من عادته الانزال بذلك الفعل، بطل صومه أيضا إذا أنزل (1). وأما إذا أوجد بعض هذه، ولم } (1) في الرياض: " الذي أظنه أن هذا ليس محل خلاف أجده في وجوب الامرين معا "، يعني: البطلان، والكفارة، ويقتضي البطلان: إطلاق النصوص المتقدمة (* 1). نعم عن المدارك: الصحة، لعدم حجية غير الصحيح الاول. ودلالته على البطلان في المقام تتوقف على كون (حتى) للغاية، وهو غير ظاهر. بل من المحتمل - أو الظاهر - كونها تعليلية، بمنزلة (كي). وحينئذ يتوقف تطبيقها على وجود القصد، المفقود في المقام حسب الفرض. وفيه: أن ما ذكره - أولا - لايتم، بناء على حجية خبر الثقة مطلقا. وما عدا الاول فيه الموثق، والمرسل المعتبر لكون الراوي عن حفص فيه محمد بن أبي عمير: التي عدت مراسيله في الصحاح عند المشهور. فتأمل. وما ذكره - ثانيا ممنوع، فان الظاهر من (حتى) كونها للغاية دائما. غاية الامر أنه قد تقوم القرينة الخارجية على كون الغاية فيها علة غائية، فمع عدم القرينة يكون مقتضى أصالة الاطلاق عدمها. ولاسيما بملاحظة كون قصد الامناء خلاف ظاهر حال المسلم العاقل. نعم قد يتوهم: معارضة النصوص المذكورة بمرسل المقنع عن علي (عليه السلام): " لو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأمنى، لم يكن عليه شئ " (* 2). ورواية أبي بصير - المروية في التهذيب، والمنتهى والذخيرة، والحدائق - عن الصادق (ع): " عن رجل كلم امرأته في

 

 

____________

(* 1) لاحظ الامر الرابع من المفطرات. (* 2) الوسائل باب: 33 من ابواب ما يمسك عنه الصائم ملحق حديث: 5.

 

===============

 

( 250 )

 

{ يكن قاصدا للانزال، ولا كان من عادته، فاتفق أنه أنزل، فالاقوى عدم البطلان (1). وإن كان الاحوط القضاء، خصوصا } شهر رمضان فأمنى. فقال (ع): لا بأس " (* 1). فيكون مقتضى الجمع العرفي: حمل الاول على خصوص صورة القصد، وحمل الثانية على غيرها. وفيه - مع أن الاولى مرسلة، ومروية في الوسائل عن الفقيه هكذا: " لو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة " (* 2) اللهم إلا أن تكون رواية أخرى غير الاولى. فتأمل. والثانية - مع أنها ضعيفة - موردها مالا يعتاد غالبا خروج المني بعده. فتختص به جمعا -: أن ما ذكره من الجمع لا شاهد عليه، فلا مجال له. فالبناء على البطلان متعين. ولاسيما مع كونه مظنة الاجماع، كما عرفت من الرياض وغيره. (1) كما عن السيدين، والحلي، والفاضلين في جملة من كتبهما، وغيرهم. لعدم الدليل عليه. والنصوص المتقدمة وإن كانت في نفسها مطلقة، لكن تضمنها للكفارة مانع عن الحكم باطلاقها، لان الكفارة لا تناسب العذر، المفروض من جهة عدم القصد، وعدم الاعتياد معا. ومنه يظهر: ضعف ما اختاره في المستند - حاكيا عن المختلف. والمهذب: نسبته إلى المشهور، وعن المعتبر والخلاف: الاجماع عليه -: من وجوب القضاء والكفارة، في الملاعبة، والملامسة، والتقبيل، للاطلاقات المذكورة. وبالجملة: ذكر الكفارة قرينة على الاختصاص بصورة العمد، للاجماع على اعتباره فيها. ولاختصاصها عرفا بالذنب المتوقف على ذلك. ولاجله يشكل ثبوت الاطلاق للنصوص، فيقتصر في الكفارة على المتيقن - وهو صورة القصد إليه أن الاعتياد، فان الاعتياد له نحو من الطريقة العرفية.

 

 

____________

(* 1) التهذيب حديث: 837 ج 4 صفحة 273 طبع النجف الاشرف. (* 2) الوسائل باب: 33 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5.

 

===============

 

( 251 )

 

{ في مثل الملاعبة، والملامسة، والتقبيل (1). الخامس: تعمد الكذب على الله تعالى، أو رسوله، أو الائمة - صلوات الله عليهم - (2)، سواء كان متعلقا } مع أن حمل النصوص على خصوص صورة القصد بعيد جدا - وفي غير هاتين يشكل ثبوت الكفارة، فضلا عن القضاء. نعم ما ورد في كراهة المس والتقبيل والمباشرة في شهر رمضان، معللا بخوف أن يسبقه المني - كصحيح الحلبي عن الصادق (ع): " عن الرجل يمس من المرأة شيئا، أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال (ع): إن ذلك ليكره للرجل الشاب، مخافة أن يسبقه المني " (* 1)، وصحيح محمد وزرارة عن أبي جعفر (ع): " هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان؟ فقال (ع): إني أخاف عليه فليتنزه من ذلك. إلا أن يثق أن لا يسبقه منيه " (* 2). ونحوهما غيرهما - ظاهر في أن سبق المني مطلقا موجب للافطار. ولا يظهر له معارض عدا خبر أبي بصير المتقدم (* 3). لكن في حجيته تأملا، لضعف سنده، وعدم ثبوت جابر له. ومجرد الموافقة لفتوى المشهور - لو تمت - غير جابرة. فالخروج عن إطلاق تلك النصوص بمجرده، وحملها على صورة الاعتياد، غير ظاهر. (1) لانه مورد النصوص. (2) كما عن الشيخين والسيدين، في الانتصار والغنية، بل عنهما: دعوى الاجماع عليه. وعن الخلاف: نسبته إلى الاكثر. واستدل له - مضافا إلى الاجماع المدعى في كلام السيدين، وقاعدة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 33 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 13. (* 3) راجع التعليقة السابقة.

 

===============

 

( 252 )

 

الاشتغال - بالنصوص، كموثق سماعة: " عن رجل كذب في رمضان. فقال (ع): قد أفطر، وعليه قضاؤه. فقلت: ما كذبته؟ قال (ع): يكذب على الله، وعلى رسوله " (* 1). وفي موثقه الآخر: " قد أفطر وعليه قضاؤه، وهو صائم يقضي صومه ووضوءه إذا تعمد " (* 2). وموثق أبي بصير قال: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم. فقلت له: هلكنا! (ع): ليس حيث تذهب، إنما ذلك الكذب على الله، وعلى رسوله، وعلى الائمة " (* 3). ونحوها غيرها. وعن السيد في الجمل، والحلي، والمحقق في المعتبر والشرائع، والعلامة في التذكرة والمختلف: العدم، ونسب إلى أكثر المتأخيرين. لاصالة البراءة وعدم تمامية الاجماع. وعن المعتبر: أن دعواه مكابرة. ويشهد له: مخالفة حاكيه له. وعدم صحة النصوص. وقصور دلالتها، لاشتمالها على نقضه للوضوء، المراد به نقض كماله، الموجب - بقرينة وحدة السياق - لحمل الافطار فيه على نقض كمال الصوم أيضا. ولقوله في موثق سماعة: " وهو صائم "، فيكون المراد من افطار الصوم ذلك أيضا. وفيه: أنه لا مجال للاصل مع الدليل. والنصوص إن لم تكن صحيحة فهي من الموثق الذي هو حجة. مع أن عمل القدماء بها كاف في جبر سندها. وكون المراد من نقض الوضوء نقض كماله لا يقتضي حمل إفطار الصوم فيه عليه. وقرينة وحدة السياق في مثله غير ثابتة. ولاسيما مع اختلاف المادتين، وما زالت النصوص مشتملة على الواجب والمستحب معا. وقوله (عليه السلام): " وهو صائم " كما يصلح أن يصرف قوله (ع):

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 253 )

 

" { بأمور الدين أو الدنيا (1)، سواء كان بنحو الاخبار أو بنحو الفتوى (2)، } قد أفطر " إلى إرادة نقض الكمال، يمكن العكس أيضا، بحمل الصوم على الامساك الواجب وعدم جواز استعمال المفطر، وترجح الاول على الثاني عرفا غير ثابت. وغاية ذلك: سقوط النص عن صلاحية إثبات المفطرية لاصلاحيته لصرف غيره إلى نقض الكمال. وحينئذ يكفي غيره لاثبات المفطرية. هذا ما تقتضيه صناعة الاستدلال. وإن كان في النفس منه شئ. ولاسيما بملاحظة أن حمل الصوم على ما ذكر - من وجوب الامساك - خلاف ظاهر القضية الحملية الحالية. وحمله على الامساك حال الكذب خلاف ظاهر حال المتكلم، لانه أمر خارجي معلوم للسامع لا يحتاج إلى بيان، ولاسيما ممن شأنه تشريع الاحكام. فيتعين حمله على الصوم الحقيقي، وحمل ظاهر " أفطر " على نقض الكمال، فيتعين حمل بقية النصوص على ذلك. ولاسيما مع تأييده بنقض الوضوء، واعتضاده بما دل على حصر المفطر في غيره. والاحتياط طريق النجاة. (1) كما عن المنتهى، والتحرير. لاطلاق النصوص. وعن كشف الغطاء: تخصيصه بالاول. وكأنه: لدعوى الانصراف إليه. لكنها غير ظاهرة. (2) المفتي تارة: يخبر عن الواقع بتوسط الحجة. وتارة: يخبر عن رأيه الحاكي عن الواقع. فان كان الاول - كما هو الظاهر من الفتوى - كانت من قبيل الخبر عن الله تعالى، فلا يناسب جعلها في قبال الخبر. اللهم إلا أن يكون المراد من الخبر الصريح، كأن يقول: " قال الله تعالى كذا، وخلق الله كذا " بخلاف الفتوى مثل: " هذا حلال، وهذا حرام " فانه راجع إلى الاخبار عن الله تعالى بأنه أحله أو حرمه. وإن كان الثاني فالظاهر عدم كونه من الكذب على الله تعالى، وإنما هو كذب على نفسه

 

===============

 

( 254 )

 

{ بالعربي، أو بغيره من اللغات (1). من غير فرق بين أن يكون بالقول، أو الكتابة، أو الاشارة، أو الكناية، غيرها مما يصدق عليه الكذب (2). مجعولا له، أو جعله غيره وهو أخبر به مسندا إليه (3) لاعلى وجه نقل القول. وأما لو كان على وجه الحكاية ونقل القول فلا يكون مبطلا (4). (مسألة 19): الاقوى إلحاق باقي الانبياء والاوصياء بنبينا صلى الله عليه وآله (5)، فيكون الكذب عليهم أيضا موجبا للبطلان بل الاحوط إلحاق فاطمة الزهراء - سلام الله عليها - بهم أيضا (6). } لو لم يكن رأيه كذلك. (1) للاطلاق. (2) للاطلاق أيضا. وتوهم: أن الكذب نوع من الخبر، وهو إنما يكون بالقول، دون غيره. ساقط، لصدق الخبر المتصف بالصدق أو الكذب على الجميع. (3) كما لو قال: " بايع علي (ع) معاوية، كما أخبر بذلك فلان " إذ لا يخرج بهذا الاسناد عن كونه كاذبا. (4) لعدم كونه كذبا. (5) جعله في الجواهر أولى. لرجوع الكذب عليهم إلى الكذب على الله تعالى. وفيه: نظر، كما يظهر من جعل الكذب على النبي صلى الله عليه وآله مقابلا للكذب على الله تعالى. ولذا صرح بنفي الالحاق في محكي كشف الغطاء. نعم لو أمكن التمسك باطلاق: " رسوله ". " والائمة "، بأن يكون المراد منهما الجنس، كان الاطلاق في محله. لكنه خلاف الظاهر. (6) كما عن كشف الغطاء. وفي الجواهر جعل الاولى الالحاق أيضا

 

===============

 

( 255 )

 

{ (مسألة 20): إذا تكلم بالخبر غير موجه خطابه إلى أحد، أو موجها إلى من لا يفهم معناه، فالظاهر عدم البطلان (1). وإن كان الاحوط القضاء. (مسألة 21): إذا سأله سائل: " هل قال النبي صلى الله عليه وآله كذا... "، فأشار (نعم) في مقام (لا)، أو (لا) في مقام (نعم)، بطل صومه (2). (مسألة 22): إذا أخبر صادقا عن الله أو عن النبي صلى الله عليه وآله مثلا، ثم قال: " كذبت "، بطل صومه (3). وكذا إذا أخبر بالليل كاذبا، ثم قال في النهار: " ما أخبرت به البارحة صدق " (4). } لما سبق. وفيه: ما عرفت. نعم يحتمل التعدي عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة (ع) إليها (ع)، وإلى الانبياء، والاوصياء (ع). بدعوى: فهم عدم الخصوصية عرفا. لكنه غير ثابت. (1) كما صرح به في الجواهر. وكأنه: لعدم صدق الخبر بدون المخبر. ولذا تصح تعدية الفعل إليه فيقال: " أخبرت زيدا ". لكن الخبر لم يذكر في النص، وإنما المذكور الكذب. لكن الكذب نوع من الخبر. ولا أقل من الانصراف. (2) لصدق الكذب. (3) كما صرح به في محكي كشف الغطاء. لانه من الكذب غير الصريح، فيشمله الاطلاق. ودعوى: انصرافه عنه، غير ظاهرة. هذا إذا كان المقصود نفي الواقع المطابق للخبر، كما هو الظاهر. أما إذا كان المقصود نفي الخبر المطابق للواقع، فلا يبطل به صومه، لعدم كونه كذبا على الله تعالى أو على النبي صلى الله عليه وآله، بل كذب على نفسه فقط. (4) كما في محكي كشف الغطاء. والكلام فيه كما سبق.

 

===============

 

( 256 )

 

{ (مسألة 23): إذا أخبر كاذبا، ثم رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الاثر (1)، فيكون صومه باطلا. بل وكذا إذا تاب بعد ذلك، فانه لا تنفعه توبته في رفع البطلان (2). (مسألة 24): لافرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الاخبار أولا، فمع العلم بكذبه لا يجوز الاخبار به وإن أسنده إلى ذلك الكتاب (3). إلا أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الاخبار. بل لا يجوز الاخبار به على سبيل الجزم (4) مع الظن بكذبه، بل وكذا مع الاحتمال كذبه، إلا على سبيل النقل والحكاية. فالاحوط لناقل الاخبار في شهر رمضان - مع عدم العلم بصدق الخبر - أن يسنده إلى الكتاب، أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية. } (1) حيث لا يخرج خبره السابق عن كونه كذبا. (2) نعم تنفعه في رفع الاثم. (3) لما عرفت: من أن الاسناد إلى الكتاب لا يخرجه عن الكذب، لان الصدق في الاسناد لا ينافي الكذب في الاخبار عن الواقع. (4) لما يظهر من مثل قوله تعالى: (االله أذن لكن أم على الله تفترون) (* 1)، وقوله تعالى: (أتقولون على الله مالا تعلمون) (* 2) وغيرهما. عدم جواز الاخبار بدون العلم، أو ما هو بمنزلته، كاليد المسوغة للشهادة بالملك، والاستصحاب المسوغ للشهادة ببقاء الواقع، كما يظهر من بعض النصوص. فمع عدم العلم بالواقع لا يجوز الاخبار عنه، سواء أظن به، أم بعدمه، أم شك.

 

 

____________

(* 1) يونس: 59. (* 2) يونس: 68.

 

===============

 

( 257 )

 

{ (مسألة 25): الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة - وإن كان حراما - لا يوجب بطلان الصوم (1). إلا إذا رجع إلى الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله. (مسألة 26): إذا اضطر إلى الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به (2). كما أنه لا يبطل } هذا حكم الاخبار من حيث نفسه. وأما حكمه من حيث الصوم فلا دليل على كون الاخبار مع عدم العلم مفطرا، لاختصاص الدليل بالكذب ولما كان المشهور المنصور: كونه عبارة عن مخالفة الخبر للواقع، فمع الشك في المخالفة يشك في حصول الافطار به، والمرجع أصل البراءة. بل بناء على ما سيأتي: من اختصاص المفطرية بحال العمد المتوقف على قصد الكذب لا يفطر به وإن كان مخالفا للواقع. وحينئذ لا مجال لاصل البراءة، للعلم بعدم مفطريته واقعا. فتأمل. ولاجل توقف المصنف (ره) في ذلك توقف عن الفتوى بعدم مفطريته. ومما ذكرنا، يظهر: أنه لا تنافي بين جزمه بعدم جواز الاخبار مع الاحتمال، وقوله: " فالاحوط... " فان الاول كان في حكم الاخبار ئكليفا، والثاني في حكمه وضعا. (1) لعدم الدليل عليه، والاصل البراءة. (2) كما في محكي كشف الغطاء وغيره. وكأنه: لانصراف الدليل إلى الكذب المحرم. وحينئذ لا موقع لما قيل. من أن التقية إنما ترفع الاثم لاحكم الافطار من القضاء. فانه إنما يتم لو بني على إطلاق دليل المفطرية ليكون حاله حال الاكل تقية، لا مالو بني على الانصراف، اللهم إلا أن يكون مبني ما ذكر: منع الانصراف المعتد به. ومجرد كون الكذب بعنوانه الاولي محرما لا يقتضيه. وإلا لاتجه انصراف الاكل والشرب إلى

 

===============

 

( 258 )

 

{ مع السهو، أو الجهل المركب (1). (مسألة 27): إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر، بشرط العلم بكونه مفطرا (2). (مسألة 28): إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر، كما أشير إليه (3). (مسألة 29): إذا أخبر بالكذب هزلا - بأن لم يقصد المعنى أصلا - لم يبطل صومه (4). } المحرم، ولم يدعه أحد. لكن الانصاف: الفرق بين المقامين، لوجود المناسبة المقتضية له في الاول، والقتضية لعدمه في الثاني، كما لعله ظاهر. (1) لعدم العمد، الذي هو شرط المفطرية، كما سيأتي. (2) إذ مع عدم العلم بمفطريته لا يكون من قصد المفطر بما هو مفطر بل يكون من قصد ذات المفطر بعنوانه الاولي، ومثله لا ينافي قصد الصوم لان المعتبر في قصد الصوم القصد إلى الامساك عن المفطرات ولو إجمالا، كما تقدم. والقصد إلى ترك الشئ بعنوان إجمالي - مثل عنوان ما جعل مفطرا شرعا - لا ينافي القصد إلى فعله بعنوانه التفصيلي، لان القصد إنما يتعلق بالوجود العلمي، ومع اختلاف الوجودات العلمية - ولو لاختلاف العناوين الاجمالية والتفصيلية - يجوز اختلاف القصود المتعلقة بها، فيتعلق بأحد العنوانين قصد الفعل، وبالآخر قصد الترك، فلا تنافي بين القصد إلى الاكل والقصد إلى الصوم بماله من المعنى، نعم لو احتمل أو علم بتنافي العنوانين انطباقا امتنع القصد المطلق اليهما. لكنه في غير محل الفرض. (3) يعني: في آخر المسألة السادسة والعشرين. (4) لعدم تحقق الخبر، المتقوم بقصد الحكاية عن الواقع.

 

===============

 

( 259 )

 

{ السادس: إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه (1)، } (1) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا. إذ لم يعرف مخالف فيه صريحا إلى زمان المحدث الكاشاني. نعم ظاهر عدم تعرض الصدوق. والسيد والشيخ في المصباح، وسلار له: المنع من مفطريته. وكأنه لاجل ذلك حكي في الشرائع: الخلاف فيها. واستدل له - مضافا إلى قاعدة المنع عن كل ما يصل إلى الجوف، المتقدم إليها الاشارة في ذيل مفطرية الاكل. وإلى دعوى الاجماع عليه صريحا أو ظاهرا، كما عن الناصرية، والغنية، والسرائر، ونهج الحق، والتذكرة، والتنقيح - برواية سليمان المروزي: " سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان، أو استنشق متعمدا، أو شم رائحة غليظة، أو كنس بيتا، فدخل في أنفه وحلقه غبار، فعليه صوم شهرين متتابعين، فان ذلك له فطر، مثل الاكل، والشرب، والنكاح " (* 1). ولا يقدح ضعفها بحهالة سليمان، لانجباره بالعمل. ولا إضمارها، لان تدوين الاجلاء لها في كتب الحديث شهادة منهم بكونها رواية عن المعصوم. ولا معارضتها بموثق عمرو بن سعيد عن الرضا (ع): " عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك، فتدخل الدخنة في حلقه. فقال (ع): جائز لا بأس به. وسألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه. قال (ع): لا بأس " (* 2) لامكان حمله على صورة العذر، لاختصاص الرواية الاولى بصورة العمد، بقرينة ذكر الكفارة، وتشبيهه بالاكل وأخويه المختص مفطريتها بحاله. اللهم إلا أن يقال: أصالة المنع عن كل ما يدخل الجوف - لو تمت-

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 22 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 260 )

 

{ بل وغير الغليظ (1) على الاحوط. سواء كان من الحلال } مختصة بما كان له جرم، لا ما يشمل الغبار ونحوه من الاجزاء اللطيفة المنتشرة. والرواية غير معلومة الانجبار بالعمل، لتقييد المشهور الغبار بالغليظ، مع خلوها عنه. وحملها على صورة العمد خلاف ظاهر تقييد المضمضة والاستنشاق به وتركه فيما عداهما. ويكفي في صدق المجازاة المسامحة من المكلف في ترك التحفظ ولو بترك بعض المقدمات البعيدة. والاجماع على اختصاص الكفارة بحال العمد موهن آخر للرواية. والتشبيه إنما يقتضي التخصيص بالعمد لو كانت الرواية مطلقة، لا مالو كانت كالصريحة في العموم من جهة ما ذكرنا. والموثق صدره ظاهر في العمد، بقرينة قوله (ع): " جائز ". والتفكيك بين ما في الصدر والذيل بعيد. هذا ولكن قد يقال: إن قول الامام في الخبر: " أو كنس بيتا فدخل في أنفه... " ظاهر في أن الحكم ليس لمطلق الغبار، بل للغبار الذي يحصل عند كنس البيت، الذي يكون غالبا من الغليظ. وعليه يتضح الوجه في تقييد المشهور الغبار بالغليظ، وأن هذا التقييد دليل على اعتمادهم على الرواية، وأن النسبة بينها وبين الموثق نسبة المقيد والمطلق. فيتعين حمل الموثق على غير الغليظ، جمعا بينه وبين الرواية. وترك التقييد بالعمد في الغبار ليس بنحو يوجب امتناع حمل الرواية على صورة العمد. فإذا لامانع من العمل بالرواية. فلاحظ. (1) وعن المسالك: انه الظاهر، لانه نوع من المتناولات، فيحرم ويفسد. وفيه: أنه مبني على ثبوت أصالة المنع ينحو يشمل المقام، وقد عرفت: أنه أول الكلام. كما عرفت: اختصاص الرواية بالغليظ، وأنه يتعين في غير الغليظ الرجوع إلى الموثق النافي لمفطريته، المعتضد بالسيرة القطعية على عدم الاجتناب عنه في الصوم.

 

===============

 

( 261 )

 

{ - كغبار الدقيق - أو الحرام، كغبار التراب ونحوه (1). وسواء كان باثارته بنفسه - بكنس أو نحوه - أو باثارة غيره، بل أو باثارة الهواء مع التمكين منه وعدم تحفظه (2). والاقوى إلحاق البخار الغليظ، ودخان التنباك (3) ونحوه. ولا بأس بما } (1) بلا إشكال ظاهر. وخصوصية مورد النص ملغاة في نظر العرف إذ المفهوم من النص عندهم - بقرينة مناسبة الحكم والموضوع - دخول النفس الغبار كما لا يخفى. مضافا إلى أصالة المنع، بناء عليها. (2) قد يظهر من محكي كشف الغطاء، عدم مفطريته حينئذ ولو مع عدم التحفظ. لكن الفرق بينه وبين غيره غير ظاهر. (3) حكي عن المتأخرين: إلحاقهما بالغبار. وكأن الوجه فيه: استفادته من نص الغبار، أو أصالة المنع. ولاجل الاشكال في ذلك - كما عرفت - استبعد الالحاق في المدارك، والكفاية، والذخيرة. بل عن التنقيح: الجزم بعدمه في الدخان، لموثق عمرو بن سعيد المتقدم، الواجب تقديمه على الوجهين المذكورين حجة للالحاق، على تقدير تماميتهما. ومن ذلك يظهر الاشكال في البناء على مفطرية دخان التتن، والترياك ونحوهما. وكونه - بواسطة الاعتياد والتلذذ - يقوم مقام القوت، ويكون أشد من الغبار، غير واضح. ومثله: ما قيل: من استقرار سيرة المسلمين على الاجتناب عنه. لانقطاع السيرة المذكورة. وكذا ما يقال: من أنه ماح لصورة الصوم بحسب ارتكاز المتشرعة. فانه بنحو يكون حجة أول الكلام. فتأمل. بل لعل استقرار سيرة المسلمين على الدخول إلى الحمامات في نهار رمضان من دون أقل استشكال في ذلك دليل على جواز جذب البخار. ولافرق في ارتكازهم بين الغليظ وغيره. فالتعدي منه إلى الدخان - لتناسبهما

 

===============

 

( 262 )

 

{ يدخل في الحلق غفلة، أو نسيانا، أو قهرا (1)، أو مع ترك التحفظ بظن عدم الوصول (2)، ونحو ذلك. السابع: الارتماس في الما (3). ويكفي فيه رمس } جدا - غير بعيد، لولا بلوغ الحكم المذكور من الاستبشاع في هذه الاعصار حدا يلحقه بمخالفة الضروري. وقال شيخنا الاعظم (ره) في محكي صومه: " الاقوى الالحاق لو عممنا الغبار لغير الغليظ، لتنقيح المناط، والاولوية وإن قيدناه بالغليظ فالاقوى عدم اللحوق، لان الاجزاء الترابية تلصق بالحلق وتنزل مع الريق، بخلاف الزأجاء اللطيفة الرمادية في الدخان، فانها تدخل في الجوف مصاحبة للدخان النازل، ولا تلصق بالحلق، ولا ينزل مع الريق منها شئ. والدخان ليس مما يؤكل، والاجزاء الرمادية ليست منفردة عن الدخان حتى يصدق الاكل بنزولها... ". وما ذكره في وجه الفرق بين الدخان والغبار مانع من الجزم بالاولوية على تقدير تعميم الغبار لغير الغليظ. مع أن اللصوق بالحلق والنزول مع الريق ليسا مناطا في مفطرية المفطرات، ليكون الفرق المذكور فارقا، حيث لا يظن الاشكال في مفطرية دخول الجرم إلى الجوف، ولو مع انتفاء الريق أصلا، ووجود الحائل على الحلق، بحيث لا يلصق به الجرم. مع أن الفرق المذكور في نفسه غير ظاهر، أو ممنوع، فلاحظ. (1) على ما سيأتي - إن شاء الله - في اعتبار العمد في الافطار. (2) إطلاق النص، بضميمة قرينة أن الغبار مما يكون الداعي النفساني موجبا لعدم ابتلاعه، يقتضي حصول الافطار به في الصورة المذكورة. (3) على المشهور شهرة عظيمة، بل ادعي عليه الاجماع. للنصوص الناهية عنه، الظاهرة في الارشاد إلى مفطريته، كغيرها مما ورد في أمثال المقام. وأظهر منه في ذلك صحيح ابن مسلم: " سمعت أبا جعفر (ع)

 

===============

 

( 263 )

 

{ الرأس فيه (1)، وإن كان سائر البدن خارجا عنه. من غير } يقول: لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، والشراب، والنساء، والارتماس في الماء " (* 1)، والمرفوع المروي عن الخصال، عن أبي عبد الله (ع): " خمسة أشياء تفطر الصائم... "، وعد منها: الارتماس في الماء (* 2). نعم يعارض ذلك كله: موثق إسحاق بن عمار: " رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا، عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال (ع): ليس عليه قضاؤه ولا يعودن " (* 3). والجمع العرفي بينهما يوجب حمل ما سبق على الكراهة، كما عن المرتضى في أحد قوليه، وابن إدريس وغيرهما. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن الشيخ في الاستبصار، والعلامة، وولده والشهيد الثاني وغيرهم: من حمل النهي على الحرمة التكليفية - واختاره في الشرائع والمدارك - فانه خلاف المعهود بينهم في الجمع بين النهي والرخصة الواردين في مقام بيان الماهيات، فان بناءهم على حمل النهي على الكراهة الوضعية. ولا ينافيه في المقام: قوله (ع) في الموثق: " ولا يعودون " لقرب حمله على ذلك أيضا، كما يظهر بأقل ملاحظة لنظائر المقام. فراجع. (1) لاشتمال جملة من النصوص عليه، كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: " الصائم يستنقع في الماء، ويصب على رأسه، ويتبرد بالثوب، وينضح بالمروحة، وينضح البوريا تحته، ولا يغمس رأسه في الماء " (* 4). ونحوه غيره. ولاتنافي بينه وبين ما تضمن النهي عن الارتماس الظاهر في ارتماس تمام البدن. لامكان حمله على الاول، ويكون كل منهما مفطرا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 264 )

 

{ فرق بين أن يكون رمسه دفعة، أو تدريجا (1) على وجه يكون تمامه تحت الماء زمانا. وأما لو غمسه على التعاقب - لا على هذا الوجه - فلا بأس به وإن استغرقه (2). والمراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه (3)، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان (4). وإن كان هو الاحوط. وخروج الشعر لا ينافي صدق الغمس (5). (مسألة 30): لا بأس برمس الرأس، أو تمام البدن في غير الماء من سائر المائعات (6)، بل ولا رمسه في الماء المضاف. وإن كان الاحوط الاجتناب، خصوصا في الماء المضاف. } ومنه يظهر ضعف ما في محكي الدروس: من التوقف في الافطار. برمس الرأس، وماعن ظاهر الميسي: من منعه. (1) كما نص عليه في الجواهر. للاطلاق. (2) لعدم صدق الارتماس والانغماس، الظاهرين في كون الرأس بتمامه تحت الماء آناما. فاحتمال تحريمه - كما في المدارك - ضعيف. (3) لانه الظاهر منه لغة وعرفا. (4) لقصور الادلة عن شموله. وما في المدارك: من أنه لا يبعد تعلق التحريم بغمس المنافذ كلها دفعة، وإن كانت منابت الشعر خارجة عن الماء ضعيف. (5) لخروج الشعر عن مفهوم الرأس. (6) إذ لم أقف على إطلاق يقضتي الاكتفاء بمطلق الارتماس. ولو فرض وجوده - كما هو ظاهر الجواهر - فهو مقيد بصحيح ابن مسلم. وحمل ذكر الماء فيه على ارادة التمثيل لمطلق المائع خال عن القرينة. اللهم إلا أن يكون الوجه في تخصيصه بالذكر. كونه الغالب في الارتماس.

 

===============

 

( 265 )

 

{ (مسألة 31): لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثم رمسه في الماء، فالاحوط، بل الاقوى بطلان صومه (1). نعم لو أدخل رأسه في إناء - كالشيشة ونحوها - ورمس الاناء في الماء، فالظاهر عدم البطلان. (مسألة 32): لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه، وكان ما فوق المنافذ من رأسه خارجا عن الماء، كلا أو بعضا، لم يبطل صومه على الاقوى (2). وإن كان الاحوط البطلان برمس خصوص المنافذ، كما مر. (مسألة 33): لا بأس بافاضة الماء على رأسه (3) وإن اشتمل على جميعه، ما لم يصدق الرمس في الماء. نعم لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصب من عال إلى السافل - ولو } لكنه غير ظاهر. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن المسالك: من أن في حكم الماء: مطلق المائع وإن كان مضافا، كما نبه عليه بعض أهل اللغة والفقهاء. انتهى: إذ لاريب في كون الماء حقيقة في المطلق. وإطلاقه على غيره مجاز، محتاج في الحمل عليه إلى قرينة. ومثله: ماعن كشف الغطاء: من تقوية إلحاق خصوص المضاف بالماء. (1) كما في محكي كشف الغطاء. لصدق الارتماس معه. لكن تنظر فيه في الجواهر. وكأنه لدعوى الانصراف، وإن صدق معه الارتماس. (2) لعدم تحقق الارتماس، كما تقدم. (3) كما تقدم في صحيح ابن مسلم (* 1). والظاهر أنه لاإشكال فيه.

 

 

____________

(* 1) تقدم قريبا في السابق من المفطرات.

 

===============

 

( 266 )

 

{ على وجه التسنيم - فالظاهر البطلان، لصدق الرمس (1). وكذا في الميزاب إذا كان كبيرا، وكان الماء كثيرا، كالنهر مثلا. (مسألة 34): في ذي الرأسين إذا تميز الاصلي منهما فالمدار عليه. ومع عدم التميز يجب عليه الاجتناب عن رمس كل منهما (2). لكن لا يحكم ببطلان الصوم (3) إلا برمسهما ولو متعاقبا. (مسألة 35): إذا كان مائعان يعلم بكون أحدهما ماء } (1) وكون الماء جاريا وواقفا لا أثر له في الفرق. (2) يعني: إذا كان يحرم عليه الافطار. إذ حينئذ يعلم إجمالا بحرمة رمس أحدهما، فيجب عقلا الاحتياط. أما لو كان الصوم مندوبا فحكم العقل إرشادي إلى عدم الاجتزاء بالصوم مع الارتماس في طرف الشبهة. لان منجزية العلم الاجمالي لا تختص بالاحكام الالزامية، فكما يمنع العلم من جريان الاصل المنافي في الاحكام الالزامية، يمنع منه في الاحكام غير الالزامية. (3) لاحتمال كون المرموس الرأس الزائد. وإن كان يعاقب على تقدير المصادفة للرأس الاصلي، بل مطلقا، بناء على قبح التجري عقلا بحيث يوجب العقاب. هذا ويمكن أن يقال: إنه وإن لم يحكم بالافطار واقعا أو ظاهرا شرعا إلا أنه بمقتضى العلم الاجمالي يحكم عقلا بعدم الاجتزاء به، لاحتمال مصادفة الواقع المنجز. كما لو توضأ من أحد الاناءين المشتبهين، أو صلى في أحد الثوبين كذلك. واستصحاب الصحة لا يجري في قبال العلم الاجمالي المنجز، كما هو لازم القول بالحرمة. وبالجملة: وجوب الاجتناب عقلا تابع لتنجز الواقع، وهو مانع من جريان الاصل المؤمن منه.

 

===============

 

( 267 )

 

{ يجب الاجتناب عنهما، ولكن الحكم بالبطلان يتوقف على الرمس فيهما (1). (مسألة 36): لا يبطل الصوم بالارتماس سهوا، أو قهرا، أو السقوط في الماء من غير اختيار (2). (مسألة 37): إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيل عدم الرمس، فحصل، لم يبطل صومه (3). (مسألة 38): إذا كان مائع لا يعلم أنه ماء أو غيره، أو ماء مطلق أو مضاف، لم يجب الاجتناب عنه (4). } (1) بناء على اختصاص الحكم بالماء المطلق فالكلام في الفرض كما سبق في ذي الرأسين. ولو عمم لمطلق المائع كفى الرمس في أحدهما في الافطار. (2) لاعتبار العمد في المفطرية، كما سيأتي إن شاء الله. (3) لعدم العمد. (4) لاصالة البراءة عن مفطرية الارتماس فيه. ودعوى: أنه إنما يصح جريانها لو كان المفطر ملحوظا في وجوب الصوم عنه بنخو الطبيعة السارية، إذ حينئذ يشك في تعلق التكليف بالاضافة إلى المشتبه بنحو الشبهة الموضوعية. أما لو كان ملحوظا بنحو صرف الوجود الخارق للعدم، فلا يصح جريانها، لان صرف الوجود مفهوم معين علم بتعلق التكليف بالصوم عنه، فمع الشك في المائع أنه ماء أولا يشك في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالارتماس فيه، ومع الشك في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم يجب الاحتياط. مندفعة: بأن مرجع الشك في المقام إلى الشك في اتساع التكليف بنحو يشمل الارتماس في المردد وعدمه، فيكون الارتماس فيه موضوعا للشك في التكليف، والشك في التكليف مطلقا مجرى لاصالة

 

===============

 

( 268 )

 

{ (مسألة 39): إذا ارتمس نسيانا أو قهرا، ثم تذكر أو ارتفع القهر، وجب عليه المبادر إلى الخروج، وإلا بطل صومه (1). (مسألة 40): إذا كان مكرها في الارتماس لم يصح صومه (2)، بخلاف ما إذا كان مقهورا (3). } البراءة. ولافرق في جريانها بين انحلال التكليف إلى تكاليف متعددة، متلازمة ثبوتا وسقوطا وإطاعة ومعصية، وبين مثل المقام، لعدم الفرق في حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان بين المقامين. ولاجل ذلك نقول بالبراءة في الدوران بين الاقل والاكثر الارتباطيين مع انحلال التكليف بالاكثر إلى تكاليف متلازمة ثبوتا وسقوطا وإطاعة ومعصية، وأن التكليف بالاقل مشكوك السقوط مع الاقتصار على الاقل. وتفصيل الكلام موكول إلى محله من الاصول. (1) لتحقق الارتماس منه عمدا. ودعوى الانصراف إلى الحدوث دون البقاء ممنوعة. (2) لعدم الدليل على الصحة. وكون البطلان مقتضى إطلاق الادلة. وأدلة نفي الاكراه إنما تصلح لنفي المؤاخذة أو سائر الآثار المترتبة على فعل المكره ولا تصلح لاثبات الصحة، لان وظيفتها النفي لا الاثبات. ومثله: الكلام فيما لو أكره على ترك الجزء، أو الشرط، أو فعل المانع، في سائر العبادات. (3) لانتفاء العمد. وبذلك افترق عن الاكراه، لتحقق القصد معه لان الاكراه هو الحمل على فعل المكروه عن إرادة. وكذا الحال لو كان الارتماس واجبا عليه لانقاذ غريق، إذ الوجوب المذكور إنما يقتضي وجوب الافطار. لاصحة الصوم مع الارتماس، إذ لا تعرض فيه لذلك.

 

===============

 

( 269 )

 

{ (مسألة 41): إذا ارتمس لانقاذ غريق بطل صومه وإن كان واجبا عليه. (مسألة 42): إذا كان جنبا. وتوقف غسله على الارتماس انتقل إلى التيمم إذا كان الصوم واجبا معينا (1). وإن كان مستحبا، أو كان واجبا موسعا وجب عليه الغسل (2) وبطل صومه (3). } (1) فان وجوبه كذلك يوجب حرمة الغسل الارتماسي، فيكون غير مقدور شرعا، فيتعين عليه التيمم. (2) لتمكنه منه، لكون المفروض جواز الافطار. وربما يتوهم: وجوب التيمم في الفرض أيضا، بناء على كونه محرما تكليفا، لا مفطرا إذ أنه بناء على ذلك لافرق بين الواجب المعين وغيره في كون الارتماس فيه حراما، لاطلاق الادلة ودعوى: قصورها عن شمول النافلة - كما احتمله في محكي المدارك - ممنوعة. فإذا حرم الغسل الارتماسي تعين التيمم. وفيه: أنه إذا فرض جواز إفطار الصوم لعدم كونه من الواجب المعين، كانت الطهارة المائية مقدورة ولو بتوسط الافطار، فيجب أن يفطر أولا، ثم يرتمس بعده، لئلا يحصل الارتماس حال الصوم المفروض كونه محرما. فيكون الافطار في المقام نظير وجوب شراء ماء الغسل لئلا يكون الغسل بالماء المغصوب. فإذا لافرق في وجوب الغسل الارتماسي بين القول بمفطرية الارتماس والقول بتحريمه. (3) يعني: يبطل بمجرد وجوب الغسل وإن لم يرتمس. لانه إذا وجب الارتماس للغسل فقد امتنع الامر بالصوم عنه، فيبطل لعدم الامر به، وامتناع التقرب بفعله.

 

===============

 

( 270 )

 

{ (مسألة 43): إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعين، بطل صومه وغسله (1) إذا كان متعمدا. وإن كان ناسيا لصومه صحا معا (2). وأما إذا كان الصوم مستحبا، أو واجبا موسعا، بطل صومه، وصح غسله (3). (مسألة 44): إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي، فان لم يكن من شهر رمضان، ولا من الواجب المعين غير رمضان، يصح له الغسل حال المكث في الماء، أو حال الخروج (4). وإن كان من شهر رمضان يشكل صحته حال المكث، لوجوب الامساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضا. بل يشكل صحته حال الخروج أيضا، لمكان النهي السابق، كالخروج من الدار الغصبية إذا دخلها عامدا (5). ومن هنا يشكل صحة الغسل في الصوم الواجب المعين أيضا، سواء كان في حال المكث، أو حال الخروج. } (1) أما بطلان صومه فللارتماس فيه عمدا. وأما بطلان غسله فللنهي عنه، لكونه مفطرا. (2) أما الصوم فلعدم انتقاضه بالارتماس السهوي. وأما الغسل فلعدم النهي عنه، لعدم كونه مفطرا. (3) يعني: إذا كان متعمدا. ووجه الحكم فيهما يظهر مما سبق. (4) المراد من حال الخروج: حال المكث تحت الماء مقارنا لحركته للخروج. ثم إنه لافرق بين الحالين في كون الغسل في كل منهما مأمورا به بلا شائبة نهي عنه، لكون المفروض كون الصوم مما يجوز نقضه بالمفطر. (5) فان الخروج المذكور مورد الخلاف بين الاعلام. فقيل بوجوبه

 

===============

 

( 271 )

 

{ (مسألة 45): لو ارتمس الصائم في الماء الغصوب } مقدمة للكون في المكان المباح، وليس منهيا عنه، لا فعلا، ولا سابقا على الدخول. وهو المنسوب إلى فقهائنا (رض). وقيل: بأنه واجب وحرام فعلا. وهو المنسوب إلى أبي هاشم. وقيل: بأنه واجب وليس بحرام فعلا، ولكنه كان حراما قبل الدخول. وهو المنسوب إلى الرازي. والتحقيق: أنه ليس بواجب، لانفسيا - كما هو ظاهر - ولاغيريا لعدم كونه مقدمة لواجب. وكونه مقدمة للكون في المكان المباح - لو سلم - لا يقتضي وجوبه غيريا، لعدم وجوب الكون في المكان المباح، بل ليس الثابت في الشريعة المقدسة إلا حرمة الكون في المكان المغصوب. نعم لا بأس بدعوى وجوبه عقلا، فرارا عن الغصب في الزمان الزائد على زمان الخروج من باب وجوب ارتكاب أقل القبيحين. فان قلت: الفرار عن الغصب في الزمان الزائد واجب، فإذا توقف الفرار على الخروج كان واجبا أيضا. وهذا معنى ما اشتهر، من وجوبه مقدمة للتخلص عن الغصب. قلت: الفرار عن الغصب وإن كان واجبا، إلا أن الخروج ليس مقدمة له، بل هو ملازم له، لانه أقل القبيحين، الملازم لعدم أكثرهما. كما أن التحقيق أنه ليس بحرام فعلا، لخروجه عن الاختيار المانع من التكليف به. وإنما الاشكال في أنه كان حراما سابقا، فيقع على وجه المبغوضية، فيكون مبعدا، وموجبا للعقاب - وهو المعبر عنه بحكم المعصية - أولا. وجهان، ناشئان من كونه اختياريا - ولو في الزمان السابق - أولا فعلى الاول يكون مبعدا وموجبا للعقوبة، لانه مخالفة للنهي عنه، ولو سابقا. وعلى الثاني لا يكون كذلك. واختار بعض الاعيان الثاني، مدعيا أن للخروج عدمين: عدم في

 

===============

 

( 272 )

 

ظرف عدم الدخول، وعدم في ظرف الدخول. والاختياري هو الاول، لا الثاني، فانه ليس اختياريا من الازل، فلا يصح تعلق التكليف به من الازل. وفيه: أنه لا يظهر وجه للتفكيك بين العدمين في الاختيار وعدمه فكما أن عدم الخروج على تقدير الدخول ليس اختياريا بل واجب، كذلك عدمه على تقدير عدم الدخول، فانه أيضا ليس اختياريا بل ممتنع، فاما أن يلتزم بامتناع التكليف بالخروج على كل تقدير، وإما أن يلتزم بجوازه كذلك. والتحقيق هو الثاني، سواء أكان الدخول مقدمة للخروج أم ملازما له. إذ على الاول: يكون اختياره الدخول كاختيار سائر المعلولات باختيار عللها، ويكفي مثله في صحة التكليف. وعلى الثاني: يكون اختياره ملازما لاختيار الدخول، كما في سائر المتلازمات، ويكفي أيضا مثله في صحة التكليف. وهذا الذي ذكرنا هو الموافق لمرتكزات العرف والعقلاء. وتحقيق الكلام موكول إلى محله في الاصول. وعليه يمتنع الغسل في حال الخزوج، لحرمته المانع من إمكان التقرب به. وربما يتوهم الفرق بين المقام وبين الخروج من الدار المغصوبة، بأن دليل حرمة الغصب نسبته إلى الدخول والخروج نسبة واحدة، بخلاف حرمة استعمال المفطر في المقام، فان حرمة الاستعمال الاول من باب حرمة الافطار وحرمة الاستعمال الثاني من باب وجوب الامساك على المفطر، فحرمة الثاني مشروطة بالافطار، وإذا كانت مشروطة به امتنع أن تقتضي المنع عما كان معلولا للافطار، لانه يلزم أن يكون الافطار المذكور علة لوجود المعلول وعلة لعدمه، أما الاول: فلكونه المفروض، وأما الثاني: فلانه مقتضى علية الافطار للحرمة، التي هي علة العدم. فحينئذ نقول: الخروج إذا كان معلولا للارتماس الدخولي امتنع أن يكون محرما بالحرمة المشروطة به، لانه يلزم أن يكون الارتماس الدخولي علة للخروج ولعدمه.

 

===============

 

( 273 )

 

{ فان كان ناسيا للصوم وللغصب صح صومه وغسله (1). وإن كان عالما بهما بطلا معا -. وكذا إن كان متذكرا للصوم ناسيا للغصب (2). وإن كان عالما بالغصب ناسيا للصوم صح الصوم، دون الغسل (3). (مسألة 46): لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس } ودفعه أولا: بعدم المقتضي للالتزام بكون حرمة الاستعمال ثانيا مشروطة بالافطار، ولم لا يكون الدليل الدال على وجوب الامساك دالا على كون وجوب الامساك عن المفطرات ثابتا على من يجب عليه الصوم من أول النهار إلى آخره وإن أفطر في بعض النهار؟! فتكون حرمة استعمال المفطر نظير حرمة الغصب التي لافرق فيها بين الدخول والخروج. وثانيا: بأن الارتماس المفطر الذي هو شرط حرمة استعمال المفطر ثانيا آني، ولايكون علة للارتماس في الان الثاني، وانما الذي يكون كذلك هو خصوص الارتماس مع البعد عن سطح الماء، وليس هو المفطر لاستناد الافطار إلى أول مراتب وجوده. وثالثا: بالاشكال في إمكان كون الحدوث من علل البقاء، لان الحدوث والبقاء وجود واحد، لا وجودان مترتبان، كما هو الحال في العلة والمعلول، ليكون الاول علة للثاني، فلاحظ. (1) أما الاول: فلعدم القصد الى المفطر. وأما الثاني: فللجهل بالغصبية، المصحح للتقرب بالغسل، على ما تقرر في محله. ومنه يظهر وجه بطلانهما لو علم بهما. (2) إذ يكفي في بطلان الغسل الالتفات إلى كونه مفطرا محرما. (3) يعلم وجهه مما سبق.

 

===============

 

( 274 )

 

{ بين أن يكون عالما بكونه مفطرا أو جاهلا (1). (مسألة 47): لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل، ولا بالارتماس في الثلج (2). (مسألة 48): إذا شك في تحقق الارتماس بنى على عدمه (3). الثامن: البقاء على الجنابة عمدا إلى الفجر الصادق (4)، } (1) لاطلاق الادلة من دون مقيد. وسيأتي في الفصل الآتي. (2) لعدم كونهما من الماء، بل هما أولى بالعدم من الماء المضاف الذي عرفت عدم قدح الارتماس فيه. (3) لاصالة عدمه. (4) على المشهور، بل عده في الجواهر من القطعيات، وإنه لم يتحقق فيه خلافا. وعن الخلاف، والوسيلة، والغنية، والسرائر، وظاهر التذكرة والمنتهى وغيرها: الاجماع عليه، بل في محكي الانتصار: دعوى الاجماع المتكرر عليه. ويدل عليه جملة من النصوص. وفي الرياض: أنها قريبة من التواتر إذ منها مادل على ثبوت الكفارة، كموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح. قال (ع): يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا " (* 1) ونحوه رواية المروزي عن الفقيه (* 2) ومرسل ابن عبد الحميد (* 3) مع التصريح فيهما بالقضاء. ولاجلهما تكون الكفارة في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.

 

===============

 

( 275 )

 

الموثق للافطار، لا المجرد المعصية. ومنها: ما ورد في النائم، كصحيح الحلبي عنه (ع): " في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله، ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح. قال (ع): يتم صومه ذلك، ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه " (* 1) وصحيح البزنطي عن أبي الحسن (ع): " عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة، ثم ينام حتى يصبح متعمدا قال (ع): يتم ذلك اليوم، وعليه قضاؤه " (* 2) ونحوهما غيرهما. نعم يعارضها جملة أخرى دالة على الجواز وعدم الافطار، كصحيح حماد عن الخثعمي عن أبي عبد الله (ع): " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان، ثم يجنب، ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر " (* 3) ونحوه غيره. لكنها لا مجال للعمل بظاهرها بعدما عرفت: من حكاية الاجماعات الكثيرة على خلافها. فلابد من حملها على التقية، كما يشير إليه ما رواه في المقنع عن حماد بن عثمان. " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل، فأخر الغسل حتى يطلع الفجر. فقال (ع): كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجامع نساءه من أول الليل، ثم يؤخر الغسل حتى يطلع الفجر! ولا أقول كما يقول هؤلاء الاقشاب (* 4)، ويقضي يوما مكانه " (* 5) ورواية اسماعيل بن عيسى قال: " سألت الرضا (ع) عن رجل أصابته

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5. (* 4) جمع قشب ككتف وهو من لا خير فيه من الرجال. (* 5) الوسائل باب: 13 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 276 )

 

{ في صوم شهر رمضان، أو قضائه (1)، دون غيرهما من } جنابة في شهر رمضان، فنام عمدا حتى يصبح، أي شئ عليه؟ قال (ع): لا يضره هذا، ولا يفطر، ولا يبالي. فان أبي (ع) قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أصبح جنبا من جماع غير احتلام " (* 1). أما مالا صراحة فيه في العمد - كصحيح العيص: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل، فأخر الغسل حتى طلع الفجر. فقال (ع): يتم صومه، ولا قضاء عليه " (* 2). ونحوه غيره - فمحمول على غير العامد، جمعا بينه وبين ما سبق مما هو صريح في العامد، أو ظاهر فيه. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن ظاهر الصدوقين: من عدم الافطار بذلك. وعن الداماد في شرح النجاة، والاردبيلي في آيات أحكامه وشرح الارشاد، والكاشاني في المعتصم: القول به، أو الميل إليه. (1) كما هو ظاهر الاصحاب - ويقتضيه - مضافا الى أنه مقتضى قاعدة اتحاد القضاء مع الاداء -: صحيح عبد الله بن سنان: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقضي شهر رمضان، فيجنب من أول الليل، ولا يغتسل حتى يجيئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع. قال (ع): لا يصوم ذلك اليوم، ويصوم غيره " (* 3) وصحيحه الآخر: " كتب أبي إلى أبي عبد الله (ع) - وكان يقضي شهر رمضان - وقال: إني أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة، فلم أغتسل حتى طلع الفجر. فأجابه (ع): لاتصم هذا اليوم، وصم غدا " (* 4) ونحوهما موثق سماعة (* 5)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 277 )

 

{ الصيام الواجبة والمندوبة على الاقوى (1). وإن كان الاحوط } وحينئذ فما عن المنتهى: من التردد فيه، وعن المعتبر: من الميل إلى عدمه، في غير محله. وما يظهر من تعليل الاول ذلك باختصاص النصوص بشهر رمضان كما ترى. (1) أما في المندوبة فهو المشهور بين من تعرض له. ويدل عليه: صحيح عبد الله بن المغيرة عن حبيب الخثعمي: " قلت لابي عبد الله (ع): أخبرني عن التطوع وعن صوم هذه الثلاثة أيام إذا أجنبت من أول الليل فأعلم أني أجنبت. فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر، أصوم أولا أصوم؟ قال (ع): صم " (* 1) وخبر عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع): " سئل عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب، ثم أراد الصيام بعدما اغتسل ومضى ما مضى من النهار. قال (ع): يصوم إن شاء، وهو بالخيار الى نصف النهار " (* 2) وقريب منهما موثقه عنه (ع) (* 3) وماقد يظهر من المشهور أو ينسب إليهم من المنع في غير محله. وأما الواجبة فصريح جماعة المنع فيها، كرمضان وقضائه، بل هو ظاهر المشهور والمنسوب إليهم. حملا له عليها. ولا مجال لحمله على التطوع، لمعلومية التسامح فيه بما لا يتسامح في غيره، كصلاة التطوع. وفيه: أن قاعدة الالحاق وإن كانت تامة في الجملة، وقد استقر بناء الاصحاب عليها في كثير من الموارد. إلا أنها لا مجال لها في المقام. إذ الوجه فيها - كما أشرنا إليه في بعض مباحث الطهارة من الشرح - إما ظهور الدليل الوارد في المورد الخاص في كونه لبيان نفس الماهية من حيث هي. أو الاطلاق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 278 )

 

{ تركه في غيرهما أيضا (1). خصوصا في الصيام الواجب، موسعا كان أو مضيقا. وأما الاصباح جنبا من غير تعمد فلا يوجب البطلان (2). } المقامي لدليل مشروعية الملحق، الموجب لحمله على الملحق به. وكلاهما لا مجال لهما في المقام. إذ الاول ينافيه مادل على الجواز في المندوب. والاطلاق كما يمكن أن يكون الوجه فيه: الاكتفاء ببيان صوم شهر رمضان وقضائه يمكن أن يكون الاكتفاء ببيان صوم المندوب. ولو فرض أن البيان في الاول أولى بالاعتماد عليه، للمشاركة في الوجوب، أمكن أن يقال: إن الوجه في الاطلاق: الاعتماد على ما ورد في مطلق الصوم مما ينفي اعتبار ذلك فيه، مثل صحيح ابن مسلم: " سمعت أبا جعفر (ع) يقول: لا يضر الصائم إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام والشراب، والنساء، والارتماس في الماء " (* 1) فانه يدل على عدم قدح البقاء على الجنابة في طبيعة الصوم من حيث هي. فإذا دل دليل على دخله في خصوص صوم رمضان لم يكن وجه لالحاق غيره به، بل المرجع فيه الدليل المذكور. (1) بل هو المختار في الجواهر، وعن المصابيح، ناقلا الاجماع عليه وفي محكي مفتاح الكرامة: " لم أجد في علمائنا المتقدمين من خالف في ذلك أو تردد، سوى المحقق في المعتبر ". ونحوه كلام غيره. وقد عرفت ضعفه وان كان لا ينبغي ترك الاحتياط، لما عرفت من الشبهة. لكن يتم ذلك في الصيام الواجب، دون المندوب، فان في الاحتياط تفويتا للمندوب، الذي دل الدليل على صحته. (2) كما هو ظاهر الاصحاب، لانهم قيدوا الافطار بصورة العمد.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 279 )

 

بل يظهر ذلك مما عن الخلاف: من الاجماع على صحة الصوم لو نام وقد نوى الغسل. وفي الجواهر: " لا خلاف أجده فيه ". وعن المدارك: إنه مذهب الاصحاب، لا أعلم فيه مخالفا ". وكيف كان يدل عليه: صحيح البزنطي عن القماط: " سئل أبو عبد الله (ع) عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل، فنام حتى أصبح قال (ع): لا شئ عليه. وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال " (* 1) وصحيح ابن رئاب: " سئل أبو عبد الله (ع) - وأنا حاضر - عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، فينام ولا يغتسل حتى يصبح. قال (ع): لا بأس، يغتسل ويصلي ويصوم " (* 2) ونحوهما غيرهما. ولا ينافيها: مادل على الفساد بالنوم جنبا حتى يصبح، كصحيح ابن مسلم عن أحدهما قال: " سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل. قال (ع): يتم صومه، ويقضي ذلك اليوم " (* 3) ونحوه غيره - لوجوب حملها على العامد، جمعا بينهما، بشهادة صحيح الحلبي المتقدم (* 4) إذ بعد تقييد ما سبق به - لاختصاصه بالعامد - يبقى تحت ما سبق غير العامد، فيكون أخص من مثل صحيح ابن مسلم. وهذا نحو من الجمع العرفي، كما حقق في مبحث التعارض. هذا كله في رمضان. أما غيره من انواع الواجب المعين، فان أمكن إلحاقه برمضان من جهة النصوص المذكورة، بدعوى إلغاء خصوصية موردها فهو. وإلا كفى أصل البراءة في الالحاق فيه وفي غير المعين، أو عموم حصر المفطر في غيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 4) تقدم قريبا في اول الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 280 )

 

{ إلا في قضاء شهر رمضان (1) على الاقوى. وإن كان الاحوط إلحاق مطلق الواجب غير المعين به في ذلك (2). وأما الواجب } (1) كما نسب الى الشيخ، والفاضلين، والمحقق الثاني وغيرهم، بل عن الاخير: نسبته إلى الشيخ والاصحاب. لاطلاق صحيحي ابن سنان المتقدمين (* 1) ودعوى: اختصاصهما بالعمد - لان الظاهر من قول السائل في الاول: " ولا يغتسل حتى... "، وقوله في الثاني: " أصبحت بالغسل فلم أغتسل حتى... ": أن ذلك عن عمد، كما هو الاصل في نسبة الفعل إلى الفاعل - ممنوعة. والاصل المذكور لا أصل له. نعم يشكل التمسك بموثق سماعة: " سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان، فنام - وقد علم بها - ولم يستيقظ حتى أدركه الفجر. فقال (ع): عليه أن يتم صومه، ويقضي صوما آخر. فقلت: إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضي رمضان؟ قال (ع): فليأكل يومه ذلك، وليقض، فانه لا يشبه رمضان شئ من الشهور " (* 2) لظهور صدره في عدم الصحة في رمضان في مورد السؤال، فلابد من حمله على العمد - كما هو الظاهر - أو على تعدد الانتباه، فيختص الذيل بذلك. لكن في غيره من النصوص كفاية. ولاجلها لا مجال للتمسك في المقام بقاعدة المساواة بين القضاء والاداء، فان نسبة النصوص إلى القاعدة نسبة الخاص الى العام، الواجب تقديمه عليه. (2) كما نسب إلى الشيخ وجماعة من المتأخرين، بل عن جامع المقاصد وفوائد الشرائع: نسبته إلى الشيخ والاصحاب. وليس له وجه ظاهر إلا دعوى استفادته من نصوص القضاء، بالغاء خصوصية موردها، وأن المفهوم

 

 

____________

(* 1) تقدما قريبا في أوائل هذا الامر. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 281 )

 

{ المعين - رمضانا كان أو غيره - فلا يبطل بذلك. كما لا يبطل مطلق الصوم - واجبا كان أو مندوبا، معينا أو غيره - بالاحتلام في النهار (1). ولا فرق في بطلان الصوم بالاصباح جنبا عمدا بين أن تكون الجنابة بالجماع في الليل أو الاحتلام (2)، ولا بين أن يبقى كذلك ميتقظا أو نائما (3) بعد العلم بالجنابة مع العزم على ترك الغسل (4). ومن البقاء على الجنابة عمدا: } منها عرفا: كون الموضوع فيها كونه غير معين. لكن في جواز الاعتماد عليها إشكال، بل منع. فأصل البراءة محكم، كما أشرنا إليه سابقا. (1) بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه - كما في الجواهر - بل لعله ضروري. ويدل عليه النصوص المستفيضة، كصحيح عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (ع): " ثلاثة لا يفطرن الصائم: القئ، والاحتلام، والحجامة " (* 1) وصحيح العيص: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم، ثم يستيقظ، ثم ينام قبل أن يغتسل قال (ع): لا بأس " (* 2) ونحوهما غيرهما. (2) كما صرح بكل منهما في جملة من النصوص، كصحيحي الحلبي والبزنطي (* 3) وغيرهما. (3) لاطلاق النص والفتوى. مع التصريح في جملة من النصوص بالثاني، المقتضي لثبوت الحكم في الاول بطريق أولى (* 4). (4) كما يقتضيه ظاهر التعمد المذكور في صحيحي الحلبي والبزنطي.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 35 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) تقدما في أول الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم. (* 4) لاحظ ما تقدم في أول الامر الثامن.

 

===============

 

( 282 )

 

{ الاجناب قبل الفجر متعمدا (1) في زمان لا يسع الغسل ولا التيمم. وأما لو وسع التيمم خاصة فتيمم، صح صومه. وإن كان عاصيا في الاجناب (2). وكما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس } (1) كما نص عليه في الجواهر وغيرها. وفي كلام بعض: نفي الاشكال فيه. وعن الخلاف: الاجماع عليه. لان مورد النصوص المتقدمة وإن كان مختصا بصورة كون البقاء جنبا بنفسه اختياريا مع قطع النظر عن الحدوث، إلا أن الظاهر منها: كون المفطر مجرد الاختيار في البقاء ولو بتوسط الاختيار في الحدوث، كما في الفرض. (2) أما الصحة فلعموم بدلية التراب عن الماء، الشامل لما نحن فيه. وما عن المنتهى وغيره: من المنع عن البدلية عن الغسل في المقام - وعن المدارك اختياره - لان أدلة البدلية مثل قولهم (ع): " التراب أحد الطهورين " ونحوه (* 1) ظاهر في قيام التيمم مقام الغسل أو الوضوء في ترتيب آثار الطهارة. ولم يظهر من نصوص المقام كون صحة الصوم منها، بل الظاهر منها: كون نفس الغسل شرطا في صحة الصوم، لا الطهارة. فيه: أن الظاهر من دليل اعتبار الغسل: اعتباره من أجل اعتبار ما يترتب عليه من الطهارة، لامن حيث هو. ومثله في الضعف: ما قد يقال: من اختصاص أدلة البدلية بصورة اعتبار الطهارة المطلقة، لا مطلق الطهارة، ولو كان خصوص الطهارة من الجنابة. إذ فيه أيضا: أن ذلك خلاف إطلاق أدلة البدلية. ومثلهما في الضعف: ما قد يقال: من أن أدلة المقام إنما تدل على

 

 

____________

(* 1) تقدم في فصل ما يصح التيمم به من الجزء: 4 من هذا في مسألة: 24 من فصل أحكام التيمم من الجزء المذكور ما يدل على ذلك فراجع

 

===============

 

( 283 )

 

قدح الجنابة في الصوم، فيكون البطلان من آثار الجنابة، ولما كان التحقيق أن التيمم ليس رافعا لها، لم يجد التيمم في تصحيح الصوم. وهذا وإن كان لا يخلو من وجه، إلا أن الاوجه خلافه: أولا: من جهة اشتمال جملة من نصوص المقام على ذكر الغسل، بنحو يكون مقتضى الجمود على ظاهرها: شرطية الغسل والطهارة، لامانعية الجنابة. وثانيا: من جهة أن الطهارة وإن كانت صفة وجودية ضد الحدث، إلا أن المراد منها - في موضوعيتها للاحكام - الخلو من الحدث، ولذا تضاف الى حدث معين، فيقال: طاهر من الاكبر، أو الاصغر، أو من الجنابة أو من الحيض، أو غير ذلك. ودليل البدلية ظاهر في ترتيب آثار الخلو من الحدث الخاص سواء ألوحظ الحدث مانعا، أم الخلو عنه شرطا، لرجوع الاول إلى الثاني ولاجل ذلك كان من الضروري صحة الصلاة مع التيمم، مع تسالمهم على كون الحدث قاطعا، كما يقتضيه الجمود على ظاهر جملة من النصوص وهكذا الحال في الطهارة المقابلة للنجاسة، فانها يراد منها عدم النجاسة. ولذا يرجع إلى قاعدة الطهارة في الشبهة الموضوعية حتى في الموارد التى كان ظاهر الدليل مانعية النجاسة فيها. وبالجملة: لو بني على فتح هذا الباب لاشكل الحكم في كثير من الغايات المترتبة على الطهارة من الحدث والخبث، التي يكتفى في ترتيبها بالتيمم وأصالة الطهارة، مع أن مقتضى الجمود على ظاهر أدلتها مانعية الحدث والنجاسة. فلاحظ باب حرمة دخول المساجد، وقراءة العزائم على الجنب وغيرها. وتأمل. وأما العصيان فمبني على عدم وفاء التيمم بتمام مصلحة الغسل. ويقتضيه الجمع العرفي بين إطلاق دليل الطهارة المائية وتقييد دليل الطهارة الترابية بتعذر الماء، فان العرف في مثله يحكم: بأن الوجه في إطلاق الدليل الاول:

 

===============

 

( 284 )

 

{ إلى طلوع الفجر (1)، فإذا طهرت منهما قبل الفجر وجب عليها الاغتسال أو التيمم، ومع تركهما عمدا يبطل صومها، } تعين المائية في مقام الوفاء بالمصلحة. وكذا الحال في سائر الابدال الاضطرارية. وقد أشرنا الى ذلك في غير مقام من كتاب الطهارة. فراجع. (1) كما هو المشهور بين من تعرض له. بل عن جامع المقاصد: نفي الخلاف فيه. ويدل عليه في الاول: موثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال: إذا طهرت بليل من حيضها، ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت، عليها قضاء ذلك اليوم " (* 1) وعن المعتبر والذكرى: التردد فيه. بل عن نهاية الاحكام الميل الى العدم، بل يستظهر من عدم التعرض له في كثير من كتب السيدين والشيخين وغيرهما. ويستدل له: بالاصل، مع عدم صحة الرواية. وفيه مالا يخفى. إذ يكفى في الحجية كونها من الموثق. ولاسيما وكونها من روايات بني فضال، التي أمرنا بالخصوص بالاخذ بها. وفي الثاني: القاعدة المجمع عليها، من أن النفساء كالحائض، والكلام فيها تقدم في مبحث النفاس. هذا ومقتضى عموم مادل على وجوب الكفارة بتعمد المفطر: وجوب الكفارة أيضا. لكن في المستند وغيره: عدمها. ووجهه غير ظاهر. وأصل البراءة لا مجال له مع الدليل.

 

 

____________

رواه الشيخ (ره) باسناده عن علي بن الحسن، عن علي بن اسباط، عن عمه يعقوب ابن سالم الاحمر، عن أبي بصير. (منه قدس سره). راجع التهذيب ج 1 صفحة 393 طبع النجف الاشرف. (* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 285 )

 

{ والظاهر: اختصاص البطلان بصوم رمضان (1). وإن كان الاحوط إلحاق قضائه به أيضا، بل إلحاق مطلق الواجب، بل المندوب أيضا. وأما لو طهرت قبل الفجر في زمان لا يسع الغسل ولا التيمم، أو لم تعلم بطهرها في الليل حتى دخل النهار فصومها صحيح (2)، واجبا كان أو ندبا على الاقوى. (مسألة 49): يشترط في صحة صوم المستحاضة (3) } (1) لاختصاص النص به، والمرجع في غيره عموم حصر المفطر في غيرهما، الموافق لاصل البراءة. ولاجل العموم المذكور يشكل البناء على قاعدة الالحاق، كما أشرنا إليه سابقا. ودعوى: كون المفهوم من الموثق المتقدم: منافاة حدث الحيض للصوم مطلقا، عهدتها على مدعيها. فما في نجاة العباد: من إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعين ونحوه به ضعيف. نعم لا يبعد الالحاق في قضاء رمضان. لظهور دليل القضاء في اتحاده مع المقضي في جميع الخصوصيات عدا الزمان. (2) لعدم الدليل على المفطرية حينئذ. لاختصاص الموثق المتقدم بصورة التواني عن الغسل، غير الصادق فيما نحن فيه. وما في نجاة العباد: من تخصيص الصحة في الواجب المعين، دون الموسع والمندوب، ضعيف ونحوه: ماعن كشف الغطاء: من تخصيص الصحة بغير الموسع. (3) على المشهور شهرة عظيمة. بل عن جماعة: الاجماع عليه. ويدل عليه صحيح ابن مهزيار: " وكتبت إليه (ع): امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان، ثم استحاضت، فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة، من الغسل لكن صلاتين، هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب (ع): تقضي

 

===============

 

( 286 )

 

{ - على الاحوط - الاغسال النهارية التي للصلاة (1)، دون مالا } صومها، ولا تقضي صلاتها. لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة (ع) والمؤمنات من نسائه بذلك " (* 1) وإضماره لا يقدح، كما تكرر غير مرة. وكذا اشتماله على ما لا يقول به الاصحاب من عدم قضاء الصلاة. لامكان التفكيك بين فقرات الحديث الواحد في الحجية. وكذا اشتماله على الامر لفاطمة - التي تكاثرت الاخبار. بأنها (ع) لم تر حمرة أصلا، لاحيضا ولا استحاضة - لامكان أن يكون المراد منها بنت أبي حبيش. أو لكون الامر لفاطمة الزهراء (ع) لاجل أن تعلم المؤمنات، لا لعمل نفسها. ولا سيما وكون المحكي عن الفقيه والعلل روايته هكذا: " كان يأمر المؤمنات... " (* 2) ومن ذلك يظهر ضعف الوجه في توقف المصنف (ره) عن الجزم بالاشتراط. (1) أقول: مقتضى الجمود على عبارة النص كون الوجه في فساد الصوم: ترك الغسل للصلاتين، الظهرين والعشاءين، إذ لا تعرض فيه لغسل الفجر. لكن الظاهر - بل المقطوع به - إرادة ترك الغسل للصلاة أصلا حتى للفجر. وحينئذ فبطلان الصوم عند ترك الجميع لا يدل على اعتبار كل واحد منها فيه، وإنما يدل على اعتبارها في الجملة، كلا أو بعضا. ولما كان لا يحتمل اعتبار غسل العشاءين فقط، بل التردد إنما هو في اعتبار غسل النهار فقط، أو مع غسل الليل، يكون غسل الليل مشكوك الشرطية ويكون المرجع فيه أصل البراءة، على التحقيق من جريانه مع الشك في الشرطية، كالجزئية.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1، باب: 41 من ابواب الحيض حديث: 7. (* 2) الفقيه ج 1 صفحة 142 طبع النجف الاشرف. هذا والمذكور في الكافي، والتهذيب وموضع أخر الفقيه هو ما تقدم أولا. لاحظ الكافي ج 4 صفحة 136 طبع ايران الحديثة والتهذيب ج 4 صفحة 310 طبع النجف الاشرف، والفقيه ج 2 صفحة 94 طبع النجف الاشرف.

 

===============

 

( 287 )

 

{ يكون لها. فلو استحاضت قبل الاتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل - كالمتوسطة (1)، أو الكثيرة - فتركت الغسل بطل صومها. وأما لو استحاضت بعد الاتيان بصلاة الفجر، أو بعد الاتيان بالظهرين، فتركت الغسل إلى الغروب لم يبطل صومها (2). ولا يشترط فيها الاتيان بأغسال الليلة المستقبلة (3)، وإن كان أحوط. وكذا لا يعتبر فيها الاتيان } ثم نقول: إن تم إجماع على اعتبار غسلي النهار مع فهو. وإلا كان كل منهما طرفا للعلم الاجمالي، فيجب الاحتياط بفعلهما معا. اللهم إلا أن يكون غسل الفجر متيقنا أيضا، إذ لم يقل أحد بالاقتصار على غسل الظهرين دونه، مع احتمال الاقتصار على غسل الفجر قبل الصوم دون غسل الظهرين كما عن العلامة (ره) في النهاية. لكن هذا المقدار لا يوجب العلم التفصيلي، بنحو ينحل به العلم الاجمالي ليرجع في غسل الظهرين إلى أصالة البراءة. (1) لا يخفى أن مورد الصحيح هو الكثيرة، ولاجل ذلك خص الحكم بها في الجامع، والبيان، والموجز، وشرحه، والجعفرية، بل لعله ظاهر كل من عبر بالاغسال. لكن عن جامع المقاصد وغيره: التصريح بعدم الفرق بين الكثيرة والمتوسطة. وهو غير ظاهر الوجه. إلا دعوى: كون المفهوم من النص مانعية الحدث الاكبر للصوم. وعهدتها على مدعيها. مع أني لم أجد التصريح بعدم الفرق في جامع المقاصد. وحينئذ فما في الجواهر - من رمي التقييد بالكثيرة بالشذوذ، أو كونه محمولا على ما يقابل القليلة - لم يصادف محله، (2) لعدم فوات الغسل النهاري. (3) فانه لا يعتبر ذلك في الصحة قطعا، كما في جامع المقاصد.

 

===============

 

( 288 )

 

{ بغسل الماضية، بمعنى: أنها لو تركت الغسل الذي للعشاءين لم يبطل صومها لاجل ذلك. نعم يجب عليها الغسل حينئذ لصلاة الفجر، فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة. وكذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الاعمال (1). وإن كان الاحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الاغسال، والوضوءات، وتغيير الخرقة، والقطنة. ولا يجب تقديم غسل المتوسطة والكثيرة على الفجر (2)، وإن كان هو الاحوط. (مسألة 50): الاقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر (3) حتى مضى عليه يوم } ويقتضيه الاصل، كما تقدم في غسل الليلة الماضية. ومنه يظهر: أنه لافرق في جريان الاصل بين أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر - كما سيأتي - وأن تغتسل بعد الفجر، فان الوجه المتقدم يقتضي جريان الاصل النافي لاعتبار الغسل لليلة الماضية في صحة صوم النهار اللاحق. (1) لعدم الدليل عليه. فما عن ظاهر السرائر، ونهاية الاحكام وغيرهما، - من التوقف عليه، حيث علق الفساد فيها على الاخلال بما عليها - في غير محله، أو يكون المراد منه خصوص الغسل. (2) لعدم الدليل عليه. والنص إنما تضمن الغسل للصلاة ولو بعد دخول وقتها. ومجرد دلالة الرواية على كون المنع للحدث لا يجدي في وجوب التقديم. إلى أن يدل الدليل على منع الدخول في الصوم مع الحدث، وهو غير ثابت. وحينئذ فما عن العلامة في النهاية - من احتمال اشتراط الصوم بغسل الفجر خاصة مع وجوب تقديمه عليه - ضعيف. (3) كما عن الصدوق، والشيخ في النهاية والمبسوط، والمحقق في المعتبر

 

===============

 

( 289 )

 

وابن سعيد، والعلامة، وأكثر المتأخرين. بل نسب الى الاكثر، والاشهر. ويدل عليه صحيح الحلبي: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل أجنب في شهر رمضان، فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان. قال (ع): عليه إن يقضى الصلاة والصيام " (* 1)، وخبر إبراهيم بن ميمون: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان. ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة، أو يخرج شهر رمضان. قال (ع): عليه قضاء الصلاة والصوم ". (* 2) وقريب منهما مرسل الفقيه (* 3). وعن الحلي: العدم، بل في محكي كلامه: أنه لم يقل أحد من محققي أصحابنا بوجوب القضاء. وفي الشرائع والنافع: أنه أشبه. وكأنه لما دل على رفع النسيان (* 4) ولمساواته للنوم، الذي سيأتي عدم المفطرية معه. ولما دل على حصر المفطر في غيره. والجميع - كما ترى - لا يصلح لمعارضة ما سبق. مع أن حديث رفع النسيان إنما يصح تطبيقه لو ثبت عموم يقتضي قدح مطلق الجنابة، وهو مفقود. ولو ثبت فلا يصلح الحديث لتصحيح الناقص، بنحو لا يحتاج الى الاعادة والقضاء. إذ غاية ما يقتضي رفع التكليف بالتمام، لا ثبوت التكليف بالناقص حال النسيان ليصح، كما أشرنا إلى ذلك آنفا. والمساواة للنوم إن أريد بها المساواة في العذرية عقلا فلا تجدي فيما نحن فيه، وإن أريد بها المساواة شرعا في الاحكام فهي مصادرة. وربما يتوهم: معارضة النصوص المذكورة بما ورد في عدم قضاء الجنب إذا نام حتى أصبح (* 5)، لان بينها وبين نصوص المقام عموما من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس (* 5) تقدم ذلك في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 290 )

 

{ أو أيام. والاحوط إلحاق غير شهر رمضان - من النذر المعين ونحوه - به، وإن كان الاقوى عدمه (1). كما أن الاقوى عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس لو نسيتهما بالجنابة في ذلك (2) وإن كان أحوط. } وجه. ولكنه في غير محله، لدلالة تلك النصوص على عدم اقتضاء الجنابة من حيث النوم للافطار، ودلالة نصوص المقام على اقتضائها له من حيث النسيان، فلا تنافي بينهما، كما لا تنافي بين المقتضي واللا مقتضي في سائر المقامات وعليه فلو نسي الجنابة ثم نام حتى أصبح، أو نام ثم استيقظ فنسي حتى أصبح كان مفطرا، وعليه القضاء، لتحقق المقتضي بلا مانع. (1) لاختصاص النص بشهر رمضان، والتعدي منه إلى مطلق الصوم محتاج إلى فهم عدم الخصوصية لرمضان، بنحو يقدم على عموم مادل على حصر المفطر في غيره، وهو غير ثابت. فالعموم المذكور، المطابق لاصل البراءة محكم. ومنه يظهر: ضعف ما استظهره في الجواهر: من عدم الفرق بين الاقسام في الاشتراط. نعم يلحق برمضان قضاؤه، لما دل على اتحاد المقضي وقضائه، لما أشرنا إليه سابقا. ولاسيما مع امكان دخوله في صحيحي ابن سنان المتقدمين في قضاء رمضان (* 1). (2) لما سبق في نظيره: من اختصاص النصوص بالجنابة، فالتعدي منها إليها يحتاج الى دليل مفقود. وفهم عدم الخصوصية للجنابة غير ثابت ولاسيما بملاحظة عموم حصر المفطرات في غيره. وما في الجواهر - من استظهار الالحاق بالجنابة غير ظاهر. وتعليله: بأنهما أقوى، لانه لم يرد فيهما ما ورد فيه مما يوهم أن الشرط إنما هو تعمد البقاء. ممنوع، لاختصاص

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكرهما في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 291 )

 

{ مسألة 51): إذا كان المجنب ممن لا يتمكن من الغسل - لفقد الماء، أو لغيره من أسباب التيمم - وجب عليه التيمم (1)، فان تركه بطل صومه (2). وكذا لو كان متمكنا من الغسل وتركه حتى ضاق الوقت (3). (مسألة 52): لا يجب على من تيمم بدلا عن الغسل أن يبقى مستيقظا حتى يطلع الفجر، فيجوز له النوم بعد التيمم قبل الفجر على الاقوى (4). وإن كان الاحوط البقاء مستيقظا، لاحتمال بطلان تيممه بالنوم، كما على القول بأن التيمم بدلا عن الغسل يبطل بالحدث الاصغر. } النص المتقدم في الحيض بصورة التواني في الغسل (* 1) مع أن هذا المقدار - لوتم - لا يوجب الاقوائية. بل كثرة النصوص في قدح الجنابة عمدا، وقلتها في قدحهما كذلك، ربما يقتضي أقوائيتها منهما. مع أن الاقوائية في العمد لا تقتضي الاقوائية في المقام، لاختلاف الجهات. فالتعدي عن عموم حصر المفطر بغيرهما غير ظاهر الوجه. (1) لما عرفت من كون المورد من موارد عموم كونه أحد الطهورين وأنه بمنزلة الغسل، فيترتب على فعله وتركه ما يترتب على فعل الغسل وتركه. (2) لانه بقاء على الجنابة عمدا. (3) يعني: ضاق عن الغسل، فلم يغتسل، ولم يتيمم. أما لو ضاق الوقت عن الغسل فتيمم صح صومه. فالمراد من العبارة: أن ضيق الوقت عن الغسل كغيره من الاعذار موجب للتيمم، وتركه موجب للبطلان. (4) يعني: بناء على ما اختاره من عدم انتقاض التيمم الذي هو بدل الغسل بالحدث الاصغر كالنوم، كما أشار الى ذلك في المتن.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 292 )

 

{ (مسألة 53): لا يجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه من الاعذار أن يبادر إلى الغسل فورا (1) وإن كان هو الاحوط. (مسألة 54): لو تيقظ بعد الفجر من نومه، فرأى نفسه محتلما لم يبطل صومه، سواء علم سبقه على الفجر، أو علم تأخره، أو بقي على الشك. لانه لو كان سابقا كان من البقاء على الجنابة غير متعمد. ولو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار. نعم إذا علم سبقه على الفجر لم يصح منه صوم قضاء رمضان (2) مع كونه موسعا. وأما مع ضيق وقته فالاحوط الاتيان به وبعوضه (3) } (1) بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه، كما في الجواهر. وعن التذكرة: نسبته إلى علمائنا. وعن المنتهى، والذخيرة، والحدائق: نفي العلم بالخلاف فيه. ويدل عليه صحيح العيص عن أبي عبد الله (ع) المتقدم في عدم مفطرية الاحتلام (* 1) وما في مرسل إبراهيم بن عبد الحميد: " إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينام حتى يغتسل " (* 2) محمول على الندب وكأنه هو الوجه في الاحتياط. (2) لما عرفت من إطلاق النص الدال على قدح الجنابة فيه، الشامل لغير العمد. (3) منشؤه: التوقف في أن قولهم (ع): " لاتصم هذا اليوم، وصم غدا " (* 3) هل له ظهور أو انصراف الى الموسع أولا؟ فعلى الاول

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم. (* 2) تقدم ذلك في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم. (* 3) تقدم ذلك في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 293 )

 

{ (مسألة 55): من كان جنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال (1). ولو نام واستمر إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمدا (2)، فيجب عليه القضاء والكفارة. وأما إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم وإن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الازيد فلا يكون نومه حراما (3). وإن كان الاحوط } يجب أن يصومه لصحته، ولا موجب لصوم غيره. وعلى الثاني يجب أن يصوم غيره لبطلانه. والاظهر الثاني. (1) لان في ذلك تعمد البقاء على الجنابة، المؤدي إلى تعمد الافطار المحرم. (2) بل هو بالخصوص مورد بعض النصوص المتقدمة. (3) كما عن صريح جماعة من المتأخرين، واختاره في المدارك، حاكيا له عن المنتهى. للاصل، وعدم الدليل على الحرمة. وفي المسالك: الحرمة في النوم الثاني مطلقا، وفي الاول مع عدم العزم على الغسل، أو عدم اعتياد الانتباه. وكأنه لما في صحيح معاوية بن عمار: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يجنب في أول الليل، ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان. قال (ع): ليس عليه شئ. قلت: فانه استيقظ ثم نام حتى أصبح. قال (ع): فليقض ذلك اليوم عقوبة " (* 1) وفيه: أن العقوبة بالقضاء لا تلازم الحرمة وإنما يلازمها العقوبة الاخروية لاغير. مع أن الصحيح خال عن التعرض لحكم النومة الاولى، وربما كان ظاهرا في جوازها ولو مع عدم اعتياد الانتباه فإذا لا معدل عما يقتضيه أصل البراءة. وقد يظهر من الجواهر القول بالحرمة لخبر إبراهيم بن عبد الحميد: " وإن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام ساعة حتى يغتسل " (* 2) لكنه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) تقدم ذلك في الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 294 )

 

{ ترك النوم الثاني فما زاد وإن اتفق استمراره إلى الفجر (1)، غاية الامر: وجوب القضاء أو مع الكفارة في بعض الصور، كما سيتبين. (مسألة 56): نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على أقسام، فانه إما أن يكون مع العزم على ترك الغسل وآما أن يكون مع التردد في الغسل وعدمه، وإما أن يكون مع الذهول والغفلة عن الغسل، وأما أن يكون مع البناء على الاغتسال حين الاستيقاظ مع اتفاق الاستمرار. فان كان مع العزم على ترك الغسل أو مع التردد فيه لحقه حكم تعمد البقاء جنبا (2)، } - مع إرساله - مروي في الوسائل المصححة هكذا: " فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل. فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه... " ودلالته غير ظاهرة، بل هو على الجواز أدل. وربما يتوهم: أن مقتضى استصحاب بقاء النوم إلى الصبح حرمته، لان النوم على الجنابة إلى الفجر حرام. وفيه: أن الحرام تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر، وهذا المعنى لا يثبت بالاستصحاب المذكور، ولو ثبت لا يوجب حرمة النوم الخارجي حتى يعلم بترتبه عليه. كما لعله ظاهر بالتأمل. (1) لان اتفاق استمراره لا يوجب صدق تعمد البقاء، فلا يقتضي ثبوت الحرمة، كما هو محل الكلام. (2) أما في الاول فعن المعتبر والمنتهى: نسبته إلى علمائنا، وفي الرياض الاتفاق عليه. لوضوح كونه من تعمد البقاء على الجنابة، فيدل على حكمه ما تقدم في تعمد البقاء: من الاجماع والنصوص، مطلقها ومقيدها.

 

===============

 

( 295 )

 

وأما في الثاني: فهو المحكي عن جماعة. وربما كان إطلاق ماعن المنتهى من أنه لو نام غير ناو للغسل فسد صومه، وعليه القضاء. ذهب إليه علماؤنا انتهى. ظاهر في الاجماع عليه. إلا أن استدلاله عليه: بأن العزم على ترك الغسل يسقط اعتبار النوم، يقتضي اختصاص كلامه بالاول، كما اعترف به في الرياض وغيره. وكيف كان فاستدل له بالنصوص المتقدمة في حكم تعمد البقاء على الجنابة. وفيه: أن المطلق منها وإن كان يشمل المقام، لكنك عرفت حمله على صورة تعمد البقاء، جمعا بينه وبين مادل على نفي المفطرية مطلقا. والمقيد منها بالعمد ظاهر في العمد الى النوم حتى يصبح، أوفي مطلق العمد إلى البقاء على الجنابة حتى يصبح، وليس المقام كذلك، كما هو ظاهر. ولاجل ذلك تأمل في المدارك في وجوب القضاء في الفرض. اللهم إلا أن يقال: التردد في الغسل ينافي نية الصوم، لانه إذا كانت الطهارة في أول الفجر معتبرة في قوامه، فنيته عين نية الطهارة في الحال المذكورة، ومع عدمه لانية للصوم المأمور به. فان قلت: المعتبر في الصوم الطهارة من الجنابة العمدية، لامن مطلق الجنابة، فلا موجب لنية الطهارة من الجنابة مطلقا. قلت: التردد في الغسل وعدمه الذي هو محل الكلام، هو التردد في الطهارة من الجنابة في حال الالتفات إليها وفي البقاء عليها، فيكون ترددا في البقاء على الجنابة العمدية، فيكون ترددا في الصوم، وهو ينافي نية الصوم. نعم إذا كان التردد في الغسل للتردد في الاستيقاظ وعدمه فلا منافاة بينه وبين نية الصوم. وكذا لو كان التردد في وجوب الغسل وعدمه، بناء على ما سبق: من عم منافاة نية فعل المفطر لنية الصوم إجمالا. فلاحظ.

 

===============

 

( 296 )

 

{ بل الاحوط ذلك إن كان مع الغفلة والذهول أيضا (1). وإن كان الاقوى لحوقه بالقسم الاخير. وإن كان مع البناء على الاغتسال، أو مع الذهول - على ماقوينا - فان كان في النومة الاولى بعد العلم بالجنابة فلا شئ عليه، وصح صومه (2). } (1) الذهول أولى من التردد بعدم وفاء النصوص المتقدمة بقدحه. وأما من حيث المنافاة لنية الصوم فالظاهر عدمها، لامكان ارتكاز نية الصوم المأمور به شرعا في ذهنه مع الغفلة عن مفطر بعينه، فيلحق الذهول المذكور حكم نية الغسل، كما قواه في المتن. وإن كان ظاهر الجماعة خلافه. (2) بلا خلاف ظاهر، بل الظاهر الاتفاق عليه. وعن الخلاف: الاجماع عليه. ويدل عليه - مضافا إلى إطلاق النصوص النافية للبأس عن النوم بعد الجنابة حتى يصبح -: صحيح معاوية بن عمار المتقدم (* 1) وصحيح ابن أبي يعفور: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ، ثم ينام، ثم يستيقظ، ثم ينام حتى يصبح. قال (ع): يتم صومه، ويقتضي يوما آخر. وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه وجاز له " (* 2) وحمل نفي الاستيقاظ في الشرطية الثانية على نفي أصل الاستيقاظ، لا الاستيقاظ الثاني خلاف الظاهر، لانه يوجب عدم التعرض لبعض الصور المفروضة، وهو خلاف الظاهر، بل يوجب عدم التعرض لما هو أولى من غيره بالتعرض فلاحظ. لكن عن موضع من المعتبر: " لو أجنب فنام ناويا للغسل حتى أصبح فسد صومه ذلك اليوم، وعليه قضاؤه. وعليه أكثر علمائنا " وهو غير ظاهر. ومثله: ما حكي عنه: من استدلاله على ذلك بصحيح ابن أبي يعفور المذكور وصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع) قال: " سألته عن الرجل تصيبه الجنابة

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 55 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 297 )

 

{ وإن كان في النومة الثانية - بأن نام بعد العلم بالجنابة، ثم النتبه ونام ثانيا - مع احتمال الانتباه، فاتفق الاستمرار وجب عليه القضاء فقط (1)، دون الكفارة على الاقوى (2). وإن كان } في شهر رمضان، ثم ينام قبل أن يغتسل. قال (ع): يتم صومه، ويقضي ذلك اليوم، إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر. فان انتظر ماء يسخن أو يستقي فطلع الفجر فلا يقضي صومه (يومه. خ ل) " (* 1) إذ الصحيح الاول قد عرفت مفاده. والصحيح الثاني - كغيره من المطلقات - محمول على العمد، جمعا بينه وبين غيره، كما عرفت آنفا. (1) بلا خلاف يعرف. وعن المدارك: نسبته الى الاصحاب. وعن المنتهى، نسبته إلى علمائنا، وعن الخلاف: الاجماع عليه. وفي المستند: " استفاض نقل الاجماع عليه ". ويدل عليه صحيحا معاوية وابن أبي يعفور المتقدمان. (2) كما نسب الى ظاهر الاصحاب. بل قيل: إنه نقل الاجماع عليه للاصل، مع عدم الدليل عليها، عدا ما يقال: من أصالة وجوب الكفارة عند وجوب القضاء، وخبر المروزي عن الفقيه (ع): " إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى يصبح، فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم. ولا يدرك فضل يومه " (* 2) وما في مرسل إبراهيم ابن عبد الحميد: " فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح، فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه. ولن يدركه أبدا " (* 3).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.

 

===============

 

( 298 )

 

{ في النومة الثالثة فكذلك على الاقوى (1). } والجميع محل إشكال: أما القاعدة فلا دليل عليها، كما سيأتي إن شاء الله وأما الخبر الاول فخال عن ذكر النوم. وتقييده بالنوم الثاني ليس أولى من تقييده بالعمد، بل الثاني أظهر، ولاسيما بملاحظة موثق أبي بصير المصرح به بالتقييد بذلك (* 1) وأما الثاني - فمع ضعفه في نفسه - ظاهر في النومة الاولى، ومجرد عدم إمكان العمل باطلاقه غير كاف في حمله على النومة الثانية، لقرب حمله على صورة العمد، بل هو الاقرب جمعا فيتعين. فلا معدل عن العمل بالاصل، المؤيد أو المعتضد بسكوت الصحيحين المتقدمين عن الكفارة (* 2). (1) أما وجوب القضاء فالظاهر عدم الخلاف فيه. ويقتضيه: ما تقدم في النوم الثاني. وأما عدم وجوب الكفارة فهو المحكي عن المعتبر، والمنتهى والمدارك وجماعة من متأخري المتأخرين. لما تقدم في النوم الثاني أيضا: من الاصل، وعدم الدليل. لكن المحكي عن الشيخين، وابني حمزة وزهرة والحلبي، والحلي، والعلامة، والشهيد، والمحقق الثاني في جملة من كتبهم وغيرهم: وجوبها. بل عن الغنية، والخلاف، والوسيلة، وفي جامع المقاصد: الاجماع عليه. لما تقدم أيضا في وجه وجوب الكفارة في النوم الثاني، مما عرفت الاشكال فيه. وأما الاجماع المحكي في لسان الجماعة فيشكل الاعتماد عليه بعد مخالفة من عرفت. بل من الغريب دعوى الاجماع على وجوب الكفارة من مثل جامع المقاصد مع خلاف المعتبر والمنتهى، وتردد الشرائع فيه بعد نسبته الى قول مشهور. وكأنه يريد الاجماع ممن سبق المحقق. لكن مخالفته ومخالفة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 2) المراد بهما: صحيحا معاوية بن عمار وابن أبي يعفور المتقدمين قريبا.

 

===============

 

( 299 )

 

{ وإن كان الاحوط ما هو المشهور (1): من وجوب الكفارة أيضا في هذه الصورة، بل الاحوط وجوبها في النومة الثانية أيضا. بل وكذا في النومة الاولى أيضا إذا لم يكن معتاد الانتباه (2) ولا يعد النوم الذي احتلم فيه من النوم الاول، بل المعتبر فيه النوم بعد تحقق الجنابة، فلو استيقظ المحتلم من نومه ثم نام كان من النوم الاول لا الثاني (3). } غيره مانعة من جواز الاعتماد عليه، كما عرفت. (1) قد عرفت وجه الاحتياط. (2) كأنه لاحتمال صدق العمد. (3) كما عن الفخر في شرح الارشاد، والشهيدين، والمدارك، واختاره في الجواهر وغيرها. وقد يشهد له صحيح العيص بن القاسم: " أنه سال أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم، ثم يستيقظ، ثم ينام قبل أن يغتسل قال (ع): لا بأس " (* 1) فتأمل. مضافا الى قصور دليله عن شمول نوم الاحتلام. وأما صحيح معاوية بن عمار، المتقدم في المسألة الخامسة والخمسين (* 2) فهو إما مختص بالجنابة بغير الاحتلام، فلا يكون مما نحن فيه. وإمامطلق شامل لما نحن فيه فمقتضى قوله: " ثم ينام " أن يكون المراد غير نومة الاحتلام. فلاحظه. وأما صحيح ابن أبي يعفور المتقدم (* 3) فمورد الحكم بالقضاء فيه - على ما في الوسائل المصححة - النوم إلى الصبح بعد يقظتين، يقظة بعد نومة الاحتلام ويقظة أخرى. نعم فيما يحضرني من نسختي الوسائل المطبوعة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 2) من هذا الفصل. (* 3) تقدم ذلك قريبا في هذه المسألة.

 

===============

 

( 300 )

 

والحدائق - وعن الفقيه والوافي عنه - روايته هكذا: " يجنب في شهر رمضان ثم ينام، ثم يستيقظ، ثم ينام " (* 1) فيكون حاله حال صحيح معاوية إما ظاهر في غير الاحتلام، أو شامل له. وبقرينة: (ثم) يراد من النوم فيه غير نومة الاحتلام. وفيما يحضرني من نسخة الجواهر، والمستند والمعتبر والمنتهى، والمختلف، ومجمع البرهان، والذخيرة، وعن التهذيب، والوافي عنه روايته هكذا: " يجنب في شهر رمضان، ثم يستيقظ، ثم ينام حتى يصبح " (* 2) وحينئذ يكون مقتضاه احتساب المقدار الواقع بعد الاحتلام وربما كان نحوه موثق سماعة: " سألته (ع) عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان، فنام وقد علم بها، ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر. فقال (ع): عليه أن يتم صومه، ويقضي يوما آخر " (* 3) لكن الموثق غير ظاهر في النومة الثانية. وحينئذ كما يمكن حمله على النومة الثانية لنومة الاحتلام، يمكن حمله على التعمد كغيره مما ورد في مطلق النوم بعد الجنابة وقد عرفت أنه الاظهر. وأما النسخة الاخيرة لصحيح ابن أبي يعفور فلا مجال للاعتماد عليها في قبال غيرها، ولاسيما مع استبعاد الفرق بين يقظة الجنابة إذا أجنب في اليقظة وبين الانتباهة بعد نومة الاحتلام. فإذا لا موجب لطرح الاصل وعموم حصر المفطر اللذين هما العمدة في المقام.

 

 

____________

(* 1) كما في الفقيه ج 1 صفحة 136 الطبعة الايرانية بعنوان (نسخة). وأما الطبعة الاخرى من الفقيه فلم تشتمل على ذلك، لاحظ الفقيه ج 2 صفحة 75 طبع النجف الاشرف، والوافي ص 348 والوسائل باب: 15 من ابواب ما يجب الامساك عنه حديث: 2، الطبعة الايرانية الحديثة. (* 2) التهذيب ج 4 صفحة 211 طبع النجف الاشرف، الاستبصار ج 2 صفحة 86، الوافي صفحة 348. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5.

 

===============

 

( 301 )

 

{ (مسألة 57): الاحوط إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعين به (1) في حكم استمرار النوم الاول، أو الثاني، أو الثالث، حتى في الكفارة في الثاني والثالث، إذا كان الصوم مما له كفارة، كالنذر ونحوه. (مسألة 58): إذا استمر النوم الرابع أو الخامس فالظاهر أن حكمه حكم النوم الثالث (2). } أما صحيح العيص: فالظاهر منه الاحتلام في النهار. فانه المنصرف من إطلاق السؤال. ولاسيما بقرينة عدم تعرضه للبقاء على الجنابة الى الصبح وإنما كان السؤال عن مجرد النوم على الجنابة آناما، ومن البعيد أن يكون مما يحتمل المنع عنه في ليل رمضان كي يسأل عن حكمه. ولو سلم كان ظاهرا في الجواز التكليفي للنوم في الجملة، ولايكون مما نحن فيه. فلاخظ. ومما ذكرنا يظهر ضعف ما في المستند: من احتساب نومة الاحتلام من النوم الاول. فتأمل جيدا. (1) لان النصوص المتقدمة وإن كانت واردة في رمضان بخصوصه لكن يقرب فهم عدم الخصوصية له، وأن ذلك قادح في مطلق الصوم المعين. وإنما لم يجزم المصنف (ره) بذلك لما عرفت غير مرة: من أن ذلك معارض باطلاق مادل على حصر المفطرات في غيره، المطابق لمقتضى أصالة البراءة. لكن عرفت ضعف الوجه الاول. نعم يتعين القول بالحاق قضائه به، لما عرفت من اتحاد القضاء والمقضي في الخصوصيات، لو لا ما قد عرفت: من بطلان القضاء بالاصباح جنبا ولو لم يكن قد أفاق. (2) لانه يفهم وجوب القضاء فيه من نصوص النوم الثاني، كما فهم وجوب القضاء في النوم الثالث، فانه لم تصرح به النصوص. وأما الكفارة

 

===============

 

( 302 )

 

{ (مسألة 59): الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الاحكام المذكور (1). } (مسألة 60): ألحق بعضهم الحائض والنفساء بالجنب في حكم النومات (2). والاقوى عدم الالحاق، وكون المناط فيهما صدق التواني في الاغتسال (3)، فمعه يبطل وإن كان في النوم الاول، ومع عدمه لا يبطل وإن كان في النوم الثاني أو الثالث. (مسألة 61): إذا شك في عدد النومات بنى على الاقل (4). (مسألة 62): إذا نسي غسل الجنابة، ومضى عليه أيام، وشك في عددها يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر } - على تقدير القول بها في الثالث - فلا فرق في نصوصها بينه وبين غيره. (1) فان الجنابة الواقعية وإن لم تكن تمام موضوع الحكم، بل العلم جزء منه إلا أن المحقق في الاصول: قيام الاستصحاب مقام العلم المأخوذ في موضوع الحكم على نحو الطريقية، لظهور دليله في تنزيل الشك بعد اليقين بمنزلة اليقين. فراجع. (2) كما في النجاة، ونسب الى غير واحد ممن تأخر. ووجهه: أن حكم النومة الاولى في الجنب موافق للاصل، فيطرد فيهما. والنصوص في النومتين وإن كانت واردة في الجنب، لكن يتعدى اليهما بالاولوية. وفيه: ما عرفت في المسألة الخمسين: من عدم ثبوت الاولوية. (3) لانه المذكور في النص (* 1) فيدور الحكم مداره. (4) لاصالة عدم الزائد عليه.

 

 

____________

(* 1) راجع الامر الثامن مما يجب الامساك عنه في الصوم.

 

===============

 

( 303 )

 

{ المتيقن (1). وإن كان الاحوط تحصيل اليقين بالفراغ. (مسألة 63): يجوز قصد الوجوب في الغسل وإن أتى به في أول الليل (2). } (1) لاصالة الصحة في المقدار الزائد عليه، المشكوك وقوعه حال الجنابة. ولا مجال لاستصحاب بقاء الجنابة حينه لو كان الشك في نهاية المدة لان أصالة الصحة مقدمة عليه، لكونه محكوما لها. (2) قد اشتهر الاشكال في وجوب المقدمات قبل الوقت، من أجل أن وجوب المقدمة تابع لوجوب ذيها، فإذا كان الوقت شرطا لوجوب الصوم كان شرطا لوجوب المقدمة، فلا وجوب قبله، فكيف يمكن أن ينوي الوجوب بفعل المقدمة قبل الوقت؟! ولاجل ذلك يمتنع الاتيان بالغسل قبل الوقت بنية الوجوب. فلابد في إمكان نية الوجوب به من الالتزام بكون وجوب الصوم من الوجوب المعلق، بأن يكون الوقت شرطا للواجب - وهو الصوم - لا للوجوب، فيكون الوجوب حاليا والواجب استقباليا. ودعوى: أنه إذا كان الوقت شرطا للواجب كان الواجب غير مقدور في الزمان الحالي، لان العجز عن الشرط فيه يستوجب العجز عن المشروط فإذا انتفت القدرة في الحال انتفى الوجوب فيه. مندفعة: بأن الزمان الاستقبالي أخذ شرطا للواجب بنحو لا يجب تحصيله، بأن أخذ وجوده الاستقبالي الحاصل من قبل إرادة الله تعالى شرطا، فإذا فرض حصوله بعد ذلك من قبله تعالى كان الفعل فيه مقدورا، وجاز تعلق التكليف به. نعم مثل هذا التكليف لا يبعث على إيجاده فعلا حالا، وإنما يقتضي البعث إليه في وقته المعين له، وهذا المقدار لا يوجب المنع من تعلق التكليف به فعلا عرفا أو عقلا، نظير الامر بالمركب فانه ينحل الى أوامر متعددة

 

===============

 

( 304 )

 

بتعدد الاجزاء، والامر الضمني المتعلق بالجزء الاخير لا يقتضي البعث إليه فعلا، ولكن لا يصح لذلك أن يقال: إن الامر بالمركب منتف، وإنما الامر الفعلي هو المتعلق بالجزء الاول منه لاغير. ويكفي في صحة دعوى كونه حاليا أنه يبعث الى فعل المقدمات قبل الوقت، كالغسل في المقام. أو الالتزام بالتفكيك بين الوجوب النفسي والغيري في الاطلاق والاشتراط فيكون وجوب الغسل مطلقا غير مشروط بالوقت، ووجوب الصوم مشروطا به. لكن في معقولية ذلك إشكال، لان الوجوب الغيري معلول للوجوب النفسي، فإذا كان الوجوب النفسي معلولا للشرط امتنع أن لا يكون الوجوب الغيري معلولا له، لان علة العلة علة. أو الالتزام بأن الزمان اللاحق شرط للوجوب النفسي على نحو الشرط المتقدم، ولكنه شرط للوجوب الغيري على نحو الشرط المتأخر. والاشكال السابق لا مجال له هنا، لامكان كون المصلحة الموجودة في المقدمة منوطة بالوقت على غير نحو إناطة مصلحة الواجب به. أو الالتزام بكون الشرط وجود الوقت الاستقبالي اللحاظي لا الخارجي فيكون الوجوب ثابتا قبله منوطا به، لا مطلقا. لكن هذا الالتزام وإن كان في محله، إلا أنه لا يدفع الاشكال، لان وجوب المقدمة قبل الوقت وإن كان حاصلا على نحو الاناطة بالوجود الاستقبالي، إلا أن الاناطة المذكورة مانعة من باعثيته إلى فعل المقدمة قبل حصول المنوط به. إلا أن تكون الاناطة على نحو الشرط المتأخر، فيتوجه عليه ما يتوجه على الوجه السابق من الاشكال. أو الالتزام بوجوب الغسل وجوبا تهيئيا، لاغيريا، ويكون هو الباعث على فعله قبل الوقت. لكن مغايرة الوجوب التهيئي للوجوب الغيري غير ظاهرة. وقد تعرضنا لهذه الوجوه في تعليقة الكفاية في مبحث وجوب التعلم.

 

===============

 

( 305 )

 

{ لكن الاولى مع الاتيان به قبل آخر الوقت أن لا يقصد الوجوب بل يأتي به بقصد القربة. (مسألة 64): فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث للصوم (1)، فيصح صومه مع الجنابة، أو مع حدث الحيض أو النفاس. (مسألة 65): لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس الميت (2). كما لا يضر مسه في أثناء النهار. (مسألة 66): لا يجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمم (3)، بل إذا لم يسع للاغتسال ولكن وسع للتيمم (4). ولو ظن سعة الوقت فتبين } ولو لم يتم شئ من ذلك وجب عقلا فعل الغسل قبل الوقت بنية الاستحباب. وهذا الوجوب العقلي يبعث على فعل المقدمة قبل الوقت كفعلها بعده. بل قد يجب فعلها تعيينا قبله إذا لزم من تركها فوات الواجب، لا أنه يأتي بها بنية الوجوب الشرعي النفسي أو الغيري، كما هو كذلك لو ثم أحد الوجوه السابقة. فلاحظ. (1) لعدم الدليل على قدح الجنابة حينئذ. والثابت من الادلة غيره مما سبق. (2) لعدم الدليل على شرطيته، ولا على مانعية حدث المس لا حدوثا ولا بقاء. (3) كما سبق في أوائل المفطر الثامن. (4) يعني: لا يجوز إجناب نفسه حينئذ، لكن عدم الجواز في الفرض تكليفي - بمعنى: حصول العصبان - لا وضعي، بمعنى: البطلان، كما

 

===============

 

( 306 )

 

{ ضيقه، فان كان بعد الفحص صح صومه (1)، وإن كان مع ترك الفحص، فعليه القضاء على الاحوط (2). التاسع من المفطرات: الحقنة بالمائع (3)، ولو مع الاضطرار إليها (4) لرفع المرض. ولا بأس بالجامد (5). وإن كان الاحوط اجتنابه أيضا. } سبق في أوائل هذا المفطر تصريحه به. (1) لعدم الدليل على المفطرية حينئذ. (2) لاحتمال صدق التعمد بترك الفحص. لكن الاظهر عدمه. (3) كما عن المختلف، حاكيا له عن الشيخ في المبسوط والجمل، والقاضي، والحلبي، وحكي أيضا عن الارشاد والتحرير، والدروس، وغيرها. بل في الناصريات: " لم يختلف في أنها تفطر ". ويقتضيه صحيح البزنطي عن أبي الحسن (ع): " أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان. فقال (ع): الصائم لا يجوز له أن يحتقن " (* 1). وحمل نفي الجواز على الحرمة التكليفية - كما نسب إلى كثير - خلاف ظاهره في أمثال المقام. والظاهر من الاحتقان عرفا خصوص المائع. (4) كما يقتضيه ظاهر النص. ولم يعرف التفصيل بين الاختيار والاضطرار في المفطرية. نعم عن ابن زهرة: التفصيل بينهما في الكفارة، مدعيا الاجماع عليه. ولعله في محله. إذ مع الاضطرار يجوز الافطار أو يجب، فلا مجال للكفارة معه. (5) كما عن الاكثر، ونسب إلى جملة من كتب الشيخ (ره)، والسرائر، والنافع. ويقتضيه الاصل - بعد قصور الصحيح المتقدم عن شموله، لظهوره في المائع - وصحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب يمسك عنه الصائم حديث: 4.

 

===============

 

( 307 )

 

{ (مسألة 67): إذا احتقن بالمائع، لكن لم يصعد إلى } ابن جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان؟ فقال (ع): لا بأس " (* 1). فانه لو سلم إطلاقه الشامل للمائع كان مقيدا بالصحيح السابق، لما عرفت من ظهوره في خصوص المائع. وأوضح من ذلك: موثق الحسن بن فضال: " كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام): ما تقول في اللطف يستدخله الانسان وهو صائم؟ فكتب (ع) لا بأس بالجامد " (* 2)، وعن الشيخ (ره) روايته: " في اللطف من الاشياف " (* 3). ولاجله يظهر أنه لو بني على عموم الصحيحين معا للجامد والمائع معا، يكون الموثق المذكور موجبا للجمع العرفي بينهما بالتقييد لان الموثق أخص من الاول فيقيد به، وبعد التقييد المذكور يكون الاول أخص من الثاني فيقيد به أيضا. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن السيد في الناصرية، والمفيد، وعلي ابن بابويه، والحلبي: من الافساد في الجامد كالمائع، واختاره في المختلف. كما يظهر أيضا ضعف ما في المعتبر: من الحرمة فيهما معا، لعدم صحة الموثق لوجود ابني فضال في سنده. ولكونه مكاتبة. إذ فيه: أن الموثق من الخبر حجة، ولا سيما إذا كان في السند بنو فضال. وكذا المكاتبة. مع أن في صحيح ابن جعفر - بعد حمله على الجامد، ولو للجمع بينه وبين صحيح البزنطي - كفاية. ولو فرض التعارض وتساويهما في العموم كان مقتضى الجمع العرفي الحمل على الكراهة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 308 )

 

{ الجوف، بل كان بمجرد الدخول في الدبر فلا يبعد عدم كونه مفطرا (1). وإن كان الاحوط تركه. (مسألة 68): الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مائعا (2). وإن كان الاحوط تركه. العاشر: تعمد القئ (3) } (1) لانصراف الاحتقان عنه. (2) كما في سائر موارد الشبهات الموضوعية التحريمية. وقد تقدم في المسألة الثامنة والثلاثين ماله نفع في المقام. فراجع. (3) عن جماعة نسبته إلى الاكثر، وعن آخرين: نسبته إلى المشهور. وفي الجواهر: أنه إجماع من المتأخرين، بل في الخلاف، وظاهر الغنية، والمحكي عن المنتهى، الاجماع عليه. انتهى. وتشهد له جملة من النصوص: منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا تقيأ الصائم فقد أفطر. وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه " (* 1). وفي موثق سماعة " سألته عن القئ في رمضان. فقال (ع): إن كان شئ يبدره فلا بأس وإن كان شئ يكره نفسه عليه فقد أفطر، وعليه القضاء " (* 2) ونحوهما غيرهما. ومن ذلك يظهعر ضعف ماعن الحلي: من أنه محرم غير مفطر، للاصل. ولعموم حصر المفطر في غيره. ولان الصوم الامساك عما يصل إلى الجوف، لاعما يخرج منه، فتحمل النصوص على الحرمة. ولصحيح عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) قال: " ثلاثة لا يفطرن الصائم: القئ، والاحتلام، والحجامة " (* 3). فان الاصل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 35 من ابواب ما يسمك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 309 )

 

{ وإن كان للضرورة (1)، من رفع مرض، أو نحوه. ولا بأس بما كان سهوا (2)، أو من غير اختيار (3). والمدار على الصدق العرفي (4)، فخروج مثل النواة، أو الدود لا يعد منه (5). (مسألة 69): لو خرج بالتجشؤ شئ، ثم نزل من غير اختيار، لم يكن مبطلا (6). ولو وصل إلى فضاء الفم } لا مجال له مع الدليل. والعموم مقيد بالدليل. وكون الصوم: الامساك عما يدخل في الجوف اجتهاد في مقابل النص. وحمل النصوص على الحرمة خلاف صريحها. والصحيح مقيد بما سبق. فيحمل على غير صورة الاختيار. ومن الاخير يظهر ضعف ماعن السرائر: من أنه منقص للصوم غير مبطل له، جمعا بين النصوص، إذ الجمع العرفي يقتضي التقييد كما عرفت لاحمل الافطار على النقص. (1) لاطلاق النصوص. (2) كما سيأتي في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى. (3) كما صرح به في النصوص، وادعي الاتفاق عليه. نعم عن ابن الجنيد: وجوب القضاء إذا كان من محرم. وضعفه ظاهر. (4) كما في سائر الموضوعات المذكورة في الكتاب والسنة. (5) لاأظن أنه محل إشكال، فلا يكون مفطرا. (6) أما ما خرج بالتجشؤ فلعدم الدليل على الافطار به. بل الظاهر أنه لاكلام في عدمه، كما يقتضيه ظاهر جملة من النصوص الآتية. وأما ما نزل بلا اختيار فلما سيأتي: من اعتبار الاختيار في حصول الافطار. مضافا إلى صحيح عبد الله بن سنان قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل الصائم يقلس، فيخرج منه الشئ من الطعام، أيفطر ذلك؟ قال (ع): لا.

 

===============

 

( 310 )

 

{ فبلعه اختيارا بطل صومه (1)، وعليه القضاء والكفارة. بل تجب كفارة الجمع إذا كان حراما (2)، من جهة خباثته، أو غيرها. (مسألة 70): لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار فسد صومه (3) إن كان الاخراج منحصرا في القئ، وإن لم يكن منحصرا فيه لم يبطل (4). إلا إذا اختار القئ مع امكان الاخراج بغيره. ويشترط أن يكون مما يصدق القئ على إخراجه (5). وأما لو كان مثل درة، أو بندقة، أو درهم } قلت: فان ازدرده بعد أن صار على لسانه. قال (ع): لا يفطره ذلك " (* 1) وموثق عمار: " عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى - يبلغ الحلق، ثم يرجع إلى جوفه وهو صائم. قال (ع): ليس بشئ " (* 2). وقريب منهما غيرهما. فتأمل. (1) لاطلاق مادل على المنع عن الاكل، بناء على عمومه للمقام. لكن صحيح ابن سنان المتقدم يقتضي الصحة لو أمكن العمل به على ظاهره. (2) بناء على ما سيجئ: من وجوبها في الافطار على الحرام. (3) يعني: وإن لم يتقيأ، لان وجوب فعل القئ المفطر يمنع من التعبد بالامساك عنه. (4) لامكان التقرب بالامساك عن القئ، لكون المفروض إمكان إخراجه بغيره، فيتعين ذلك في نظر العقل، جمعا، بين غرضي الشارع الاقدس كما في كل واجب كانت مقدمته محرمة مع عدم الانحصار فيها. (5) كما سبق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 311 )

 

{ أو نحوها مما لا يصدق معه القئ لم يكن مبطلا. (مسألة 71): إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القئ في النهار من غير اختيار فالاحوط القضاء (1). (مسألة 72): إذا ظهر أثر القئ وأمكنه الحبس والمنع وجب (2)، إذا لم يكن حرج وضرر. (مسألة 73): إذا دخل الذباب في حلقه وجب إخراجه مع إمكانه (3) ولايكون من القئ. ولو توقف إخراجه على القئ سقط وجوبه، وصح صومه (4). } (1) لاحتمال كون المعيار في المفطر العمد المصحح للعقاب الحاصل في الفرض، لا خصوص العمد في زمان الفعل المنتفي. وإن كان هو الظاهر من اعتبار إكراه النفس عليه في موثق سماعة (* 1)، ولصدق: " بدره " و " ذرعه ". لا أقل من الرجوع إلى أصالة البراءة، الموافقة لعموم حصر المفطر في غيره. (2) لمفطريته حينئذ، لتحقق العمد إليه، المصحح للعقاب، كما عرفت. والمراد من الوجوب التكليفي، بقرينة استثناء الحرج والضرر. إذ لو كان المراد الوضعي - بمعنى: البطلان - لم يكن فرق بين الحرج والضرر وغيرهما في ذلك. وحينئذ يختص الوجوب بالواجب المعين. (3) لحرمة أكله في نفسه. (4) للتزاحم بين وجوب الصوم وحرمة الاكل، والاول أهم، أو محتمل الاهمية، فيترجح في نظر العقل. ومنه يظهر: اختصاص الحكم بالواجب المعين. إلا أن في ثبوت أهمية مطلق الواجب المعين. من حرمة الاكل أو احتمالها تأملا، أو منعا.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المفطر العاشر.

 

===============

 

( 312 )

 

{ (مسألة 74): يجوز للصائم التجشؤ اختيارا وإن احتمل خروج شئ من الطعام معه (1). وأما إذا علم بذلك فلا يجوز (2). (مسألة 75): إذا ابتلع شيئا سهوا، فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق (3) وجب إخراجه (4)، وصح صومه. وأما إن تذكر بعد الوصول إليه فلا يجب (5) بل لا يجوز إذا صدق عليه القئ. وإن شك (6) في ذلك فالظاهر وجوب إخراجه أيضا مع إمكانه، عملا بأصالة عدم الدخول في الحلق (7). } (1) للاصل. وقد يقتضيه ظاهر النصوص المتقدمة في المسألة التاسعة والستين. (2) كأن الوجه: دلالة نصوص القئ عليه. وقد تأمل ظاهر. (3) يعني: منتهاه. (4) يعني: لا يجوز ابتلاعه، لقدحه في الصوم، فلو أخرجه لم يكن وجه لبطلان الصوم. (5) لتحقق الاكل والشرب، فلا يتحقق ثانيا بنزوله إلى الجوف. إلا أن نقول: بأن وصول شئ الى الجوف مفطر لنفسه وإن لم يكن أكلا أو شربا. وقد تقدم التعرض له في المفطر الاول. (6) يعني: في الوصول وعدمه. (7) لا يخلو من تأمل، لان أصالة عدم دخوله في الحلق لا يثبت كون ابتلاعه حينئذ أكلا أو شربا. إلا بناء على الاصل المثبت، لان اللزوم بين الاول والثاني عقلي، لا شرعي. نعم لو ثبت أن كل ما لم يدخل الحلق يحرم ابتلاعه ويقدح في الصوم. كان الاصل المذكور كافيا في اثبات الحرمة. لكنه كما ترى.

 

===============

 

( 313 )

 

{ (مسألة 76): إذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة، فدخل في حلقه (1) ذباب، أو بق، أو نحوهما، أو شئ من بقايا الطعام الذي بين أسنانه، وتوقف إخراجه على إبطال الصلاة بالتكلم ب‍ (أخ) أو بغير ذلك، فان أمكن التحفظ والامساك إلى الفراغ من الصلوة وجب (2) وإن لم يمكن ذلك ودار الامر بين إبطال الصوم بالبلع أو الصلاة بالاخراج، فان لم يصل إلى الحد من الحلق - كمخرج الخاء - وكان مما يحرم بلعه في حد نفسه - كالذباب ونحوه - وجب قطع الصلاة (3) باخراجه، ولو في ضيق وقت الصلاة (4) وإن كان مما يحل بلعه في ذاته - كبقايا الطعام - ففي سعة الوقت للصلاة - ولو بادراك ركهة منه - يجب القطع والاخراج وفي الضيق يجب البلع وإبطال الصوم، تقديما لجانب الصلاة } (1) يعني: في فمه، كما يظهر ذلك من تقسيمه الآتي. (2) لئلا يلزم قطع الصلاة المحرم. (3) لاهمية حرمة الاكل وحرمة الافطار من حرمة قطع الصلاة. بل ثبوت حرمة القطع في مثل ذلك غير معلوم، فانه يجوز القطع للحاجة التي منها: الفرار عن المحرم، كما تقدم في كتاب الصلاة. (4) فيقطع الصلاة، وينتقل إلى البدل الاضطراري، لان دليل البدلية ظاهر في مثل المورد. أما لو فرض لزوم فوات الصلاة بالمرة فجواز القطع غير ظاهر، فان الصلاة إحدى الدعائم التي بني الاسلام عليها، ومزيد الاهتمام بها من الشارع مما لا مجال للتشكيك فيه، فكيف يجوز تركها محافظة على امتثال النهي عن أكل الحرام في الجملة؟! وكذا الحال في الفرض الآتي.

 

===============

 

( 314 )

 

{ لاهميتها (1). وإن وصل إلى الحد، فمع كونه مما يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع الصلاة وإبطالها، على إشكال (2). وإن كان مثل بقايا الطعام لم يجب (3)، وصحت صلاته، وصح صومه على التقديرين (4)، لعدم عد إخراج مثله قيئا في العرف. (مسألة 77): قيل يجوز للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه ويخرجه عمدا. وهو مشكل مع الوصول إلى الحد (5)، فالاحوط الترك. (مسألة 78): لا بأس بالتجشؤ القهري (6) وإن وصل } (1) ثبوت الاهمية إنما هذ إذا دار الامر بين فوات الصلاة في الوقت بالمرة وفوات الصوم. أما إذا دار بين فوات الصلاة التامة وفوات الصوم فثبوتها محل تأمل، كما تقدم. (2) بل هو الاظهر. والاشكال ضعيف، كما عرفت. نعم في ضيق الوقت بحيث يؤدي القطع إلى فوات الصلاة يشكل جواز القطع، كما تقدم. (3) لعدم المقتضي، كما تقدم في المسألة السابقة. (4) يعني: تقديري الاخراج وعدمه. أما على الاول فلما ذكر. وأما على الثاني فلكون وصوله إلى الحد لم يكن باختياره، فلا يكون مفطرا. وابتلاعه بعد ذلك وان كان باختياره فليس بمفطر، لانه بعد تجاوز الحد، كما سبق. (5) إن كان الاشكال من جهة الادخال، ففيه: أنه لم يتضح الفرق بينه وبين إنفاذ الرمح والسكين بحيث يصلان إلى الجوف، الذي تقدم في أوائل الفصل الجزم بعدم الافطار به، لعدم صدق الاكل والشرب. وان كان من جهة الاخراج لاحتمال صدق القئ. ففيه: أن هذا الاحتمال ضعيف. (6) للاصل. وكذا تعمد التجشؤ، كما تقدم. ووجه بقية المسألة يعلم مما سبق في المسائل السابقة.

 

===============

 

( 315 )

 

{ معه الطعام إلى فضاء الفم ورجع. بل لا بأس بتعمد التجشؤ ما لم يعلم أنه يخرج معه شئ من الطعام. وإن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه. ولو سبقه الرجوع إلى الحلق لم يبطل صومه. وإن كان الاحوط القضاء.