فصل فيما يوجب الكفارة

فصل فيما يوجب الكفارة المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة (2)، } صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغضوا أبصاركم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا، ولا تغتابوا، ولا تماروا، ولا تكذبوا ولا تباشروا، ولا تخالفوا، ولا تغاضبوا ولا تسابوا، ولا تشاتموا، ولا تنابزوا ولا تجادلوا، ولا تباذوا، ولا تظلموا ولا تسافهوا، ولا تزاجروا، ولا تغفلوا عن ذكر الله تعالى... " (* 1) - الحديث طويل -. (1) لمصحح الفضيل: " إذا صام أحدكم الثلاثة في الشهر فلا يجادلن أحدا، ولا يجهل، ولا يسرع إلى الايمان والحلف بالله تعالى. فان جهل عليه أحد فليتحمله " (* 2) فتأمل. ويمكن إدخاله تحت جملة من العناوين المذكورة في النصوص المروية في الوسائل والمستدرك (* 3). فصل فيما يوجب الكفارة (2) إعلم أنه قد ورد في جملة من النصوص وجوب الكفارة على من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب آداب الصائم حديث: 13. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب آداب الصائم حديث: 1. (* 3) لاحظ الوسائل باب: 11، 12 من ابواب آداب الصائم، ومستدرك الوسائل باب: 9 من الابواب المذكورة.

 

===============

 

( 339 )

 

{ إذا كانت مع العمد والاختيار (1)، من غير كره ولا إجبار (2) } أفطر متعمدا، كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): " في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر. قال (ع): يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا. فان لم يقدر على ذلك تصدق بما يطيق " (* 1)، ومصحح عبد الرحمن البصري عنه (ع): " عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا. قال (ع): عليه خمسة عشر صاعا، لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه وآله أفضل " (* 2)، وصحيح البزنطي عن المشرقي، عن أبي الحسن (ع): " من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة. ويصوم يوما بدل يوم " (* 3). ونحوها غيرها. واختلاف هذه النصوص في نفس الكفارة يأتي الكلام فيه ان شاء الله. وعليه فكل ما ثبت كونه مفطرا فالعمومات المذكورة تقتضي وجوب الكفارة فيه. مضافا إلى ما ورد بالخصوص في كثير منها، كالاكل، والشرب، والجماع، والاستمناء، وتعمد البقاء على الجنابة، والغبار بناء على كونه مفطرا. (1) كما يقتضيه - مضافا إلى اعتباره في الافطار كما تقدم -: التقييد به في الصحيح عن المشرقي، الدال على عدمها مع عدم بمفهوم الشرط. (2) أما الثاني فلعدم العمد، فيجري فيه ما سبق. ومثله: صورة السهو عن الصوم، لانتفاء الافطار معه. ولرواية عبد السلام، الآتية في الافطار على الحرام (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 11. (* 4) لاحظ الامر الاول من المسألة: 1 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 340 )

 

{ من غير فرق بين الجميع (1)، حتى الارتماس، والكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، بل والحقنة، والقئ على الاقوى. } وأما في الاول فلانه وإن كان يصدق الافطار عمدا، لكن - لاختصاص الكفارة أو انصرافها إلى خصوص صورة تحقق الاثم والذنب، وهو منتف في الاكراه - لا تشمله أدلتها. مضافا إلى حديث رفع الاكراه (* 1)، ولو بملاحظة تطبيقه في طلاق المكره، على نحو يدل على عدم صحته وعدم ترتب أثره عليه. وكذلك في المقام. (1) إذ بعد البناء على مفطريتها تدخل تحت العمومات المتقدمة. ودعوى: انصراف الافطار إلى غيرها غير ظاهرة. وفي الشرائع: نفى الكفارة في تعمد القئ، والاحتقان بالمائع، مع بنائه على وجوب القضاء. وكأن الوجه في الاول: خلو نصوص المفطرية عن التعرض لها مع تعرضها لوجوب القضاء. وما في رواية مسعدة من قول الصادق (ع): " من تقيأ متعمدا وهو صائم فقد أفطر، وعليه الاعادة. فان شاء الله تعالى عذبه، وإن شاء غفر له " (* 2). فانه ظاهر في نفي الكفارة، بل في الجواهر: كالصريح في عدم الكفارة، التي يفزع إليها في تكفير الذنوب. ولاجله - مضاف إلى صريح إجماع الخلاف وظاهر غيره، المؤيد بالتتبع لعدم معرفة القائل بوجوبها - مال في الجواهر إلى نفيها، وأفتى به في نجاة العباد. ولا يخلو من قوة. وإن كان الخروج به عن عموم وجوب الكفارة بالافطار عمدا لا يخلو من إشكال. وأما وجهه في الثاني: فلعله دعوى الانصراف. لكنها غير ظاهرة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 6.

 

===============

 

( 341 )

 

{ نعم الاقوى عدم وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه (1) بل والثالث. وإن كان الاحوط فيها أيضا ذلك، خصوصا الثالث. ولافرق أيضا في وجوبها بين العالم والجاهل، والمقصر والقاصر (2) على الاحوط. وإن كان الاقوى عدم وجوبها على الجاهل (3)، خصوصا القاصر، والمقصر غير الملتفت حين الافطار. نعم إذا كان جاهلا بكون الشئ مفطرا، مع علمه بحرمته، كما إذا لم يعلم أن الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله } (1) قد تقدم عدم الدليل على وجوبها فيه وفي النوم الثالث. والعمومات المتقدمة لا تقتضيه، لانتفاء العمد فيها. فراجع ما سبق في المفطرات. (2) كما نسب إلى الاكثر، والمشهور. وقيل بثبوتها في المقصر، دون القاصر. ووجه الاول: الاطلاقات المتقدمة، لعدم منافاة الجهل للعمد المأخوذ قيدا في وجوبها في كثير من النصوص. ووجه الثاني: انصراف الكفارة واختصاصها بصورة الاثم، وهو غير حاصل في القاصر. (3) لما تقدم من موثق أبي بصير وزرارة: " عن رجل أتى أهله وهو في شهر رمضان، أو أتى أهله وهو محرم، وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له. قال ((ع): ليس عليه شئ " (* 1) بناء على عمومه الشامل للقاصر والمقصر - كما هو الظاهر - لترك الاستفصال، مع عدم القرينة على التعيين. نعم موردها من كان يرى أنه غير مفطر، فتشمل القاطع بالحل مطلقا والمتردد الذي يحكم عقله بجواز الارتكاب - بناء على أن المراد بالحل الاعم من الواقع والظاهر - ولا تشمل المتردد الذي لا يحكم عقله بالحل، فالتعدي إليه لا يخلو من إشكال، بل الرجوع الى عموم الكفارة فيه أنسب بالقاعدة كما تقدم مثل ذلك في القضاء.

 

 

____________

(* 1) راجع أوائل الكلام من فصل اعتبار العمد والاختيار في الافطار.

 

===============

 

( 342 )

 

{ من المفطرات، فارتكبه حال الصوم، فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة (1). (مسألة 1): تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم: الاول: صوم شهر رمضان. وكفارته مخيرة (2) بين } (1) لا يخلو من إشكال، لان الظاهر من قول السائل: " وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له " أنه يرى حلال له من حيث الصوم ومن حيث الاحرام، لا أنه حلال في نفسه، أو من حيثية أخرى، وحينئذ فيشمل الفرض المذكور. (2) كما عن الشيخين، والسيدين، والاسكافي، والقاضي والحلي، والحلبي وسلار، وكثير ممن تأخر. وفي الجواهر، وعن الحدائق: أنه المشهور، وعن الانتصار: أنه مما انفردت به الامامية. ويشهد له صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا، من غير عذر قال (ع): يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا. فان لم يقدر تصدق بما يطيق " (* 1) وخبر أبي بصير: " عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فادفق. فقال (ع): كفارته أن يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة " (* 2) وموثق سماعة - المروي عن نوادر ابن عيسى، على ما في الجواهر والوسائل المصححة. وكذا في رواية الشيخ، على ما في الوسائل: - " عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا. قال (ع): عليه عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، أو صوم شهرين متتابعين " (* 3) وموثقه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 13، ملحقه.

 

===============

 

( 343 )

 

{ العتق، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكينا على الاقوى. وإن كان الاحوط الترتيب (1)، فيختار العتق مع الامكان، } الآخر: " عن معتكف واقع أهله. قال (ع) عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا " (* 1). وقد تؤيد هذه النصوص بما اقتصر فيه على ذكر الصدقة لاغير، كصدر مصحح جميل (* 2) ومصحح محمد بن النعمان ومصحح عبد الله ابن سنان (* 4) وموثق عبد الرحمن بن أبي عبد الله (* 5) وموثق سماعة (* 6) وخبر إدريس بن هلال (* 7) وغيرها. بناء على أن التصرف فيها بالحمل على التخيير - كما يقتضيه القول به - أولى من التصرف فيها بالتقييد، كما يقتضيه القول بالترتيب. ويمكن أن يعارض بالاقتصار في صحيح البزنطي عن المشرقي على الامر بالعتق (* 8) إذ على الترتيب يمكن الاخذ بظاهره، وعلى التخيير لابد من حمله على الوجوب التخييري. (1) كما عن العماني، والمرتضى في أحد قوليه، ونسب الى محتمل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 10. (* 6) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 12. (* 7) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 8. (* 8) تقدم ذلك في أول الفصل.

 

===============

 

( 344 )

 

{ ومع العجر عنه فالصيام، ومع العجز عنه فالاطعام. ويجب الجمع بين الخصال إن كان الافطار على محرم (1)، كأكل المغصوب، وشرب الخمر، والجماع المحرم، ونحو ذلك. } الخلاف، ولم يعرف لغيرهم. لما عن علي بن جعفر (ع) في كتابه، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام: " عن رجل نكح امرأته وهو صائم في رمضان، ما عليه؟ قال (ع): عليه القضاء، وعتق رقبة. فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين. فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا. فان لم يجد فليستغفر الله تعالى " (* 1) وخبر عبد المؤمن الانصاري: " فيمن أتى أهله في شهر رمضان. قال صلى الله عليه وآله: إعتق رقبة. قال: لا أجد قال صلى الله عليه وآله: فصم شهرين متتابعين. قال: لا أطيق. قال صلى الله عليه وآله: تصدق على ستين مسكينا " (* 2). وفيه: أن الثاني - مع ضعفه في نفسه - إنما يدل بالاطلاق الظاهر في التعيين، والتصرف فيه بحمله على التخيير - بقرينة ما سبق - أولى من التصرف فيما سبق من التقييد، بجعل (أو) للتنويع، لا التخيير، مع أن هجره عند الاصحاب كاف في سقوطه عن الحجية. ومن الاخير يظهر الاشكال في الاول. مضافا الى أن التصرف فيه بالحمل على الاستحباب أولى من التصرف فيما سبق بحمل (أو) على التنويع ولو سلم التعارض فالترجيح لما سبق، لكثرة العدد، وأصحية السند، والمخالفة للعامة. فلاحظ. (1) كما عن الصدوق، والشيخ في كتابي الحديث، والوسيلة، والجامع وجملة من كتب العلامة، والشهيدين وغيرهم. لخبر عبد السلام بن صالح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5.

 

===============

 

( 345 )

 

- الذي رواه الصدوق عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان عنه - قال: " قلت للرضا (ع): يابن رسول الله، قد روي عن آبائك (ع) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه: ثلاث كفارات، وروي عنهم (ع) أيضا: كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ؟ قال (ع): بهما جميعا - متى جامع الرجل حراما، أو أفطر على حرام في شهر رمضان، فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم. وان نكح حلالا، أو أفطر على حلال. فعليه كفارة واحدة، وان كان ناسيا فلا شئ عليه " (* 1). والتوقف في اعتبار السند في جهة عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، أو علي بن محمد بن قتيبة. أو عبد السلام بن صالح الهروي في غير محله. إذ الاول من مشايخ الصدوق المعتبرين، الذين أخذ عنهم الحديث، كما عن المدارك. والثاني من مشايخ الكشي، وعليه اعتمد في رجاله، كما في النجاشي والخلاصة. وفي الخلاصة، في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: " روى الكشي حديثا صحيحا عن علي بن محمد القتيبي... إلى أن قال: وفي حديث صحيح عن علي بن محمد القتيبي... ". وقد ذكره في الخلاصة في قسم الموثقين، وهو ظاهر ما في المختلف أيضا، حيث قال: " في طريق هذه الرواية: عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري. ولا يحضرني الآن حاله، فان كان ثقة فالرواية صحيحة يتعين العمل بها " والثالث في الخلاصة: " إنه ثقة صحيح الحديث ". ونحوه عن النجاشي، والحسن بن داود، وغيرهم ممن تأخر. مضافا الى ما في التحرير في كتاب الكفارات: من تصحيح الحديث المذكور. وإلى اعتضاده بما عن الفقيه من الفتوى بمضمونه، لوجود ذلك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 346 )

 

{ الثاني: صوم قضاء شهر رمضان (1) } في رواية أبي الحسين الاسدي، فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (ره).... وبه ترفع اليد عن إطلاق النصوص المتقدمة، فتحمل على إرادة بيان كفارة الافطار من حيث هو، لامن حيث خصوصية كونه على حرام. (1) على المشهور، وفي الجواهر: نفي الخلاف فيه ممن عدا العماني. وعن الانتصار والغنية والخلاف: الاجماع عليه. وتشهد له جملة من النصوص كخبر بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر (ع): " في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان. قال (ع): إن كان أتى أهله قبل الزوال في يوم يقضيه من شهر رمضان. قال (ع): إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه، إلا يوما مكان يوم. وإن كان أتى أهله بعد الزوال فان عليه أن يتصدق على عشرة مساكين، فان لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم، وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع " (* 1). ونحوه في ثبوت الكفارة ما يأتي: من صحيح هشام بن سالم، ومرسل حفص بن سوقه، وموثق زرارة. نعم يعارضها موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان، ويريد أن يقضيها، متى يريد أن ينوي الصيام قال (ع): هو بالخيار إلى أن تزول الشمس، فإذا زالت الشمس فان كان نوى الصوم فليصم، وإن كان نوى الافطار فليفطر... إلى أن قال: سئل: فان نوى الصوم، ثم أفطر بعد مازالت الشمس؟ قال (ع): قد أساء، وليس عليه شئ إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه " (* 2) والجمع بينه وبين ما سبق وإن كان يقتضي حمل ما سبق على الاستحباب - كما في محكي المسالك وعن الذخيرة - ولا سيما بملاحظة اختلافه في كيفيتها،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.

 

===============

 

( 347 )

 

{ إذا أفطر بعد الزوال (1). وكفارته إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد (2). فان لم يتمكن فصوم } وفي وقت ثبوتها. إلا أنه لا مجال له بعد هجره عند الاصحاب، ومخالفته للاجماعات التي عرفتها، فيتعين حمله على التقية. فتأمل. (1) كما في خبر بريد المتقدم. وعليه يحمل إطلاق موثق زرارة، ومرسل حفص. وأما ما في صحيح هشام، من قول أبي عبد الله (ع) - في رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان -: " إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شئ عليه، يصوم يوما بدل يوم وان فعل بعد العصر صام ذلك اليوم، وأطعم عشرة مساكين، فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك " (* 1). فلا مجال للاخذ به، لعدم القائل به، فلابد من طرحه فيحمل على سهو الراوي. أو إرادة وقت الظهر - بناء على اشتراكهما في الوقت - أو نحو ذلك، وإن بعد. (2) كما نسب إلى المشهور لخبر بريد، وصحيح هشام المتقدمين. وعن علي بن بابويه وولده: أنها كفارة الافطار في رمضان المتقدمة. وعن ابن البراج: أنها كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، مخيرا بينها، ونسب أيضا الى الشيخين، وسلار، والحلبي، والحلبي وربما نسب الى الحلبي: أنها صيام ثلاثة أيام، أو إطعام عشرة مساكين. وعن ابن حمزة في الوسيلة ذلك إذا لم يكن مستخفا، وإلا فكفارة الافطار في رمضان. ووجه الاول: موثق زرارة عن أبي جعفر: " رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى النساء. قال (ع): عليه من الكفارة مثل ما على الذي أصاب في شهر رمضان، لان ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان " (* 2).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 3.

 

===============

 

( 348 )

 

{ ثلاثة أيام (1). والاحوط إطعام ستين مسكينا. الثالث: صوم النذر المعين (2). وكفارة إفطار شهر رمضان (3). } وما في مرسل حفص بن سوقة من قوله (ع) - في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهوفي قضاء شهر رمضان، فيسبقه الماء فينزل -: " عليه من الكفارة مثل ما على الذى جامع في شهر رمضان " (* 1). وفيه: أن الثاني مرسل لا يصلح للاعتماد عليه. والوأل لا يصلح لمعارضة ما سبق، لامكان الجمع العرفي بحمله على الاستحباب. فتأمل. ولو بني على امتناع الجمع كان الترجيح من الاولين، لصحة السند، وكثرة العدد. ودعوى: ضعف خبر بريد بالحارث بن محمد المجهول مندفعة: بانجبارها باعتماد المشهور. ولاسيما كون الرواي عنه الحسن بن محبوب، الذي هو من أصحاب الاجماع، ومن الذين قيل في حقهم: إنهم لا يروون إلا عن ثقة، وكون الراوي عن الحسن أحمد بن محمد، الظاهر في ابن عيسى الاشعري. ومثلها: الاشكال في صحيح هشام لاشتماله على التحديد بالعصر، إذ يمكن التفكيك في مدلول الخبر الواحد في الحجية. (1) كما في صحيح هشام، وخبر العجلي. (2) على المشهور شهرة عظيمة، بل لم يعرف الخلاف فيه إلا من ابن أبي عقيل، وعن الانتصار: الاجماع عليه. للنصوص الآتية. ومستند ابن أبي عقيل غير ظاهر، كما في الجواهر. (3) كما عن المشهور في كفارة النذر، وعن الانتصار والغنية: الاجماع عليه. لصحيح جميل عن عبد الملك بن عمر عن أبي عبد الله (ع): " سألته عمن جعل لله عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه. قال (ع): لا، ولا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2.

 

===============

 

( 349 )

 

أعلمه إلا قال: فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين متتابعين، أو ليطعم ستين مسكينا " (* 1) ومكاتبة ابن مهزيار إلى الهادي (ع): " رجل نذر أن يصوم يوما بعينه، فوقع ذلك اليوم على أهله، ما عليه من الكفارة؟ فكتب إليه: يصوم يوما بدل يوم، وتحرير رقبة مؤمنة " (* 2) ونحوها - سؤالا وجوابا - مكاتبة الحسين بن عبيدة (* 3) ومكاتبة القاسم الصيقل (* 4) بناء على أن الامر بالعتق للتخيير بينه وبين الاطعام والصيام. وفيه: أن الخبر الاول معارض بمحصص الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إن قلت: (لله علي) فكفارة يمين " (* 5) وخبر حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سألته عن كفارة النذر، فقال (ع): كفارة النذر كفارة اليمين " (* 6) والمكاتبات كما تصلح أن تكون شاهدا لكون الكفارة كفارة رمضان، تصلح أيضا شاهدا لكونها كفارة يمين، لان العتق خصالها الثلاث أيضا. بل صحيح ابن مهزيار -: " كتب بندار مولى إدريس: يا سيدي نذرت أن أصوم كل يوم سبت، فان أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب إليه وقرأته: لا تتركه إلا من علة. وليس عليك صومه في سفر، ولا مرض. إلا أن تكون نويت ذلك. وإن كنت أفطرت فيه من غير علة فتصدق بعدد كل يوم على سبعة مساكين " (* 7) - شاهد للثاني، بناء على أن (سبعة)

 

 

____________

(* 1) السوائل باب: 23 من ابواب الكفارات حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 7 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 7 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 23 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 23 من ابواب الكفارات حديث: 4. (* 7) الوسائل باب: 7 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 4.

 

===============

 

( 350 )

 

مصحف (عشرة)، كما حكي في المسالك: روايته كذلك في المقنع (* 1)، قائلا في المسالك: " هو عندي بخطه الشريف ". بل مقتضى الجمع بينه وبين المكاتبات السابقة: الحمل على التخيير، فتكون معارضة لخبر عبد الملك، موافقة لحسن الحلبي وخبر حفص. ولا ريب حينئذ في وجوب ترجيحها عليه، لضعفه، واتحاده، بل لقصور حكايته، حيث يظهر منه نحو تردد للراوي في روايته. فلاحظ. وكأنه لذلك اختار في النافع والمسالك: أنها كفارة يمين، وحكي عن الصدوق (ره). نعم قد يعارض ذلك كله مخالفتها للاجماع المحكي عن الانتصار والغنية وموافقتها لمذهب العامة. لكن الاجماع المحكي لم يبلغ حدا يوجب سقوط مخالفه عن الحجية. وموافقة العامة ومخالفتهم واقعتان في مقام الترجيح في مقبولة ابن حنظلة في الرتبة اللاحقة للمرجحات السابقة. فلاحظ. هذا وعن الروض، والحلي، والعلامة في بعض كتبه: حمل الخبر على كفارة نذر الصوم، وحمل معارضه على غيره، واختاره في الوسائل. وفيه: أنه لا شاهد له، فلا مجال لارتكابه. وعن الشيخ: حمل الاول على القادر، ومعارضه على العاجز، بشهادة خبر جميل بن صالح: " كل من عجز عن نذر نذره فكفارته كفارة يمين " (* 2). وفيه: أن الظاهر منه العجز عن المنذور، لا العجز عن كفارة النذر، فيتعين حمله على الاستحباب. وعن سلار، والكراجكي، وظاهر غيرهما: أن كفارة النذر كفارة ظهار ودليله غير ظاهر. ومثله: ماعن الراوندي: من أنها كفارة ظهار، فان عجز عنها فكفارة يمين.

 

 

____________

(* 1) لاحظ المقنع باب الايمان والنذور والكفارات صفحة 34. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب الكافرات حديث: 5.

 

===============

 

( 351 )

 

{ الرابع: صوم الاعتكاف (1). وكفارته مثل كفارة شهر رمضان مخيرة بين الخصال (2)، ولكن الاحوط الترتيب المذكور. هذا وكفارة الاعتكاف مختصة بالجماع، فلا تعم سائر المفطرات (3). } (1) بلا خلاف ظاهر في الجملة. وتقتضيه النصوص الآتية. (2) كما هو الاشهر فتوى، وعن المنتهى والتذكرة: نسبته إلى فتوى علمائنا، وعن الغنية: الاجماع عليه. ويدل عليه موثق سماعة المتقدم في كفارة رمضان (* 1) وموثقه الآخر: " سألت أبا عبد الله (ع) عن معتكف واقع أهله. فقال (ع): هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان " (* 2). وعن بعض: أنها كفارة ظهار. وعن المسالك والمدارك: أنه أرجح لصحيح زرارة: " سألت أبا جعفر (ع) عن المعتكف يجامع أهله. قال (ع): إذا فعله فعليه ما على المظاهر " (* 3) وصحيح أبي ولاد الحناط: " سألت أبا عبد الله (ع) في امرأة معتكفة هيأت نفسها لزوجها حتى واقعها... قال (ع): عليها ما على المظاهر " (* 4) الواجب ترجيحهما على ما سبق لصحة السند. وفيه: أنه يتم لو لم يمكن الجمع العرفي بالحمل على الافضل. (3) كما في الشرائع. وفي الجواهر: نسبته الى الشيخ ومن تبعه، وعن المدارك ناسبا له إلى الشيخ وأكثر المتأخرين. لاختصاص النصوص المتقدمة بالجماع، والاصل البراءة من وجوب الكفارة في غيره. وعن المفيد

 

 

____________

(* 1) لاحظ القسم الاول من الاقسام الاربع من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 6.

 

===============

 

( 352 )

 

{ والظاهر أنها لاجل الاعتكاف (1) لا للصوم، ولذا تجب في الجماع ليلا أيضا. وأما ما عدا ذلك من أقسام الصوم فلا كفارة في إفطاره (2)، واجبا كان - كالنذر المطلق، والكفارة - أو مندوبا، فانه لا كفارة فيها وإن أفطر بعد الزوال. (مسألة 2): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين أو أزيد (3) من صوم له كفارة. } والسيدين والعلامة في التذكرة: الوجوب، بل عن الغنية: الاجماع عليه، إلحاقا له بالجماع. وفيه: مالا يخفى. نعم عن الشيخ في الخلاف والمبسوط وظاهر العلامة في التذكرة: الاجماع على ثبوتها في الاستمناء. وليس له وجه ظاهر. والاجماع لا مجال للاعتماد عليه بعد مخالفة مثل المحقق وغيره. (1) كما يقتضيه ظاهر النصوص التي تقدمت إليها الاشارة، وصريح مادل على وجوبه الكفارة في الجماع ليلا، كخبر عبد الاعلى بن أعين: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وطئ امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان. قال (ع): عليه الكفارة. قلت: فان وطئها نهارا. قال (ع): عليه كفارتان " (* 1) ونحوه مرسل الصدوق (* 2). (2) بلا خلاف ظاهر، وعن المنتهى: دعوى اتفاق العامة والخاصة عليه. ويقتضيه الاصل، بعد اختصاص مادل على ثبوت الكفارة بالافطار بغيره، وعدم الدليل على ثبوت الكفارة فيه. (3) إجماعا، كما عن المبسوط، والتذكرة، والتنقيح، ونهج الحق وفي الجواهر الاجماع بقسميه عليه. من غير فرق بين تخلل التكفير وعدمه، واتحاد جنس الموجب وعدمه، والوطئ وغيره. لاطلاق مادل على وجوبها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 3.

 

===============

 

( 353 )

 

{ ولا تتكرر بتكرره في يوم واحد (1) في غير الجماع، وإن تخلل التكفير بين الموجبين، أو اختلف جنس الموجب على } بالافطار، الصادق مع الجميع، كما يقتضيه البناء على أصالة عدم التداخل مع عدم ما يوجب الخروج عنه. (1) كما عن المبسوط، والخلاف، والوسيلة، وكتب المحقق الثلاثة والمنتهى والذخيرة. لامتناع تكرر الافطار الموجب لها، إذ لا ينطبق إلا على استعمال المفطر أولا، فمقتضى أصالة البراءة عدم وجوب الزائد على المرة. وما في بعض النصوص - من تعليق الكفارة على استعمال نفس المفطر - منصرف إلى صورة وقوعه مفطرا، ولذا لايبنى على وجوب الكفارة ولو مع عدم وجوب الصوم. ومن ذلك يظهر ضعف القول بالتكرار مطلقا، كما عن المحقق الثاني في حواشي الشرائع، وفي المسالك: " إنه الاصح، إن لم يكن سبق بالاجماع على خلافه ". وكأنه اعتماد على أصالة عدم التداخل. ولانه كما يجب الامساك قبل فعل المفطر يجب بعد فعله أيضا، فإذا وجبت الكفارة في الاول، لمخالفة وجوب الامساك، كذلك تجب في الثاني. إذ فيه: أن أصالة عدم التداخل إنما تجدى لو تكرر عنوان السبب. وقد عرفت امتناعه. كما أن مجرد مخالفة وجوب الامساك لم يجعل موضوعا للسببية، ليبنى على عدم الفرق بين المخالفتين، وإنما المجعول الافطار - الذي هو نقض الصوم - وليس له إلا فرد واحد. ودعوى: أنه لادليل على انتقاض الصوم باستعمال المفطر أولا، بل من الجائز صحته حتى بعد استعماله. ودليل القضاء لا ينافي ذلك، لامكان كونه واجبا تعبدا، نظير الكفارة. مندفعة: بأنه خلاف صريح النصوص الدالة على ماهية الصوم، وبيان المفطرات، ونصوص القضاء أيضا، إذ

 

===============

 

( 354 )

 

{ الاقوى، وإن كان الاحوط التكرار مع أحد الامرين، بل الاحوط التكرار مطلقا. وأما الجماع فالاحوط، بل الاقوى تكريرها بتكرره (1). } ليس القضاء إلا فعل ما لم يفعل في وقته. فراجع. وتأمل. كما يظهر أيضا ضعف ماعن المختلف وغيره: من التكرر مع تغاير جنس المفطر، أو اتحاده مع وقوع التكفير عن الاول، وعدم التكرر مع انتفائهما معا. ومستنده في الاول: أصالة عدم التداخل. وفي الثاني: أصالة التداخل. وفيه: أن الاصل عدم التداخل مطلقا. واختلاف الجنس، ووقوع التكفير لا يقتضيان شيئا بعد امتناع تكرر السبب - أعني: الافطار - كما عرفت. ومن ذلك كله يظهر ضعف التفصيل بين اختلاف الجنس فتتكرر، واتحاده فلا، وبين وقوع التكفير فتتكرر، وعدمه فلا. (1) كما نسب إلى السيد المرتضى (قده) وقواه في المستند. وكأنه لما ورد في كفارته من النصوص الكثيرة، المعلقة وجوب التكفير على عنوان: الجماع، أو ملاعبة الاهل، أو العبث بها، أو نحو ذلك، من دون تعرض فيها لعنوان الافطار. وحينئذ يكون مقتضى أصالة عدم التداخل وجوب التكرار. وفيه: ما عرفت من أن منصرف النصوص المذكورة خصوص الافطار بالجماع، لانفس الجماع تعبدا. مع أنه لو تم لجرى في بعض أخبار الاستمناء لذكره بنفسه سببا للكفارة. فالعمدة فيه: رواية الفتح بن يزيد الجرجاني المروية عن العيون والخصال: " أنه كتب إلى أبي الحسن (ع) يسأله عن رجل واقع امرأة في شهر رمضان، من حلال أو حرام في يوم عشر مرات. قال (ع): عليه عشر كفارات. فان أكل أو شرب فكفارة يوم واحد " (* 1).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 355 )

 

{ (مسألة 3): لا فرق في الافطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع بين أن تكون الحرمة أصلية - كالزنا، وشرب الخمر - أو عارضية (1)، كالوطء حال الحيض، أو تناول ما يضره. (مسألة 4): من الافطار بالمحرم: الكذب على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، بل ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها من حيث دخولها في الخبائث. لكنه مشكل (2). } وعن ابن أبي عقيل: أنه روى عن صاحب كتاب (شمس المذهب) عنهم (ع): " أن الرجل إذا جامع في شهر رمضان عامدا فعليه القضاء والكفارة. فان عاد إلى المجامعة في يومه ذلك مرة أخرى فعليه في كل مرة كفارة " (* 1). وعن العلامة (ره): " روي عن الرضا (ع): أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطء " (* 2) وفيه: أنه لم تثبت حجية الروايات المذكورة، فالاعتماد عليها غير ظاهر. وعمل السيد (ره) الذي لا يعمل إلا بالقطعيات غير معلوم. (1) لما عرفت من إطلاق المحرم، الشامل لما هو أعم من المحرم بالذات وبالعارض. (2) لعدم ثبوت ذلك، كيف ويتعارف وقوعه كثيرا بلا اكتراث من أهل العرف فيه؟! بل في صحيح عبد الله بن سنان عن الصادق (ع): " من تنخع في المسجد، ثم ردها في جوفه، لم تمر بداء في جوفه إلا أبرأته منه (* 3). فاصالة البراءة عن الحرمة - كما في المستند - محكمة: نعم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب أحكام المساجد حديث: 1.

 

===============

 

( 356 )

 

{ (مسألة 5): إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه الباقي (1). (مسألة 6): إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه كفارات بعددها. وإن كان على الوجه المحرم تعددت كفارة الجمع بعددها (2). (مسألة 7): الظاهر أن الاكل في مجلس واحد يعد إفطارا واحدا وإن تعددت اللقم، فلو قلنا بالتكرار مع التكرر في يوم واحد لا تتكرر بتعددها، وكذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة. (مسألة 8): في الجماع الواحد إذا أدخل وأخرج مرات لا تتكرر الكفارة (3)، وان كان أحوط. (مسألة 9): إذا أفطر بغير الجماع، ثم جامع بعد ذلك، يكفيه التكفير مرة (4). وكذا إذا أفطر أولا بالحلال، ثم } لا ينبغي التأمل في كون نخامة الغير منها. (1) لا يخلو من إشكال، لان الظاهر من الدليل كون التكليف بالجمع ارتباطيا. وعليه فمقتضى القاعدة الاولية سقوطه بالعجز عنه ولو للعجز عن بعض أجزائه. إلا أن تثبت قاعدة الميسور. ولكنه محل إشكال، أو منع كما تكرر في هذا الشرح. نعم إذا طرأ العجز لم يبعد الوجوب، عملا بالاستصحاب. (2) بناء على تعددها بتعدد الجماع. (3) لان الظاهر من دليل تكررها بتكرر الجماع غير هذا الفرض. (4) هذا يتم إذا لم نقل بالتكرر بالجماع، إذ الافطار حينئذ لا ينطبق

 

===============

 

( 357 )

 

{ أفطر بالحرام تكفيه كفارة الجمع (1). (مسألة 10): لو علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم وتردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة أيضا، لم تجب عليه (2). وإذا علم أنه أفطر أياما ولم يدر عددها، يجوز له الاقتصار على القدر المعلوم (3). وإذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه إحدى الخصال (4). وإذا شك في أن اليوم أفطره كان من شهر رمضان أو كان من } إلا على الاول، فالجماع الواقع بعد الافطار بالاكل كالاكل الواقع بعد الافطار بالاكل. أما إذا قلنا بالتكرر بتكرره فظاهر دليله حينئذ سببية كل فرد من الجماع إذا وقع في نهار رمضان وإن لم يتحقق الافطار به، فيكون الجماع في الفرض موجبا للكفارة. ودعوى: اختصاص دليل التكرر بصورة تكرر الجماع لاغير، بحيث يكون وجود الجماع السابق له دخل في وجوب الكفارة بالجماع اللاحق. خلاف ظاهر الدليل. نعم لو انعكس الفرض كان الحكم في محله. (1) في وجوبها إشكال، لان المحرم إنما وقع بعد الافطار بالمحلل. فلا يكون مفطرا، فلا يوجب الكفارة، بناء على عدم التكرر بتكرر غير الجماع. نعم لو انعكس الفرض كان ما ذكر في محله. (2) للاصل. (3) يعني: الاقتصار في الكفارة. ووجهه: أصالة البراءة من وجوب الزائد عليه. ولافرق بين أن يكون النسيان مسبوقا بالذكر أم لا، لان العلم السابق إنما ينجز حال وجوده، فإذا زال حال النسيان فقد زال التنجز معه، وجاز الرجوع إلى أصل البراءة، كما هو موضح في محله من الاصول. (4) لاصالة البراءة من وجوب الزائد.

 

===============

 

( 358 )

 

{ قضائه - وقد أفطر قبل الزوال - لم تجب عليه الكفارة (1)، وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكينا (2)، بل له الاكتفاء بعشرة مساكين (3). (مسألة 11): إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة بلا إشكال (4). وكذا إذا سافر قبل الزوال (5) للفرار عنها. } (1) لاحتمال كون الافطار في القضاء قبل الزوال، الذي لا كفارة فيه، ومع هذا الاحتمال فالاصل البراءة من الوجوب. (2) بلا إشكال، لانه أحوط. ولاجل ذلك لا يحتاج إلى بيانه. (3) إذ الشك المذكور يوجب العلم إجمالا بوجوب التصدق على عشرة مساكين تعيينا، أو بوجوب الصدقة على ستين مسكينا تخييرا بينه وبين العتق وصوم شهرين متتابعين، فالتصدق على عشرة مساكين مما يعلم بتعلق الطلب به المردد بين التعيين والتخيير. ولاجل ذلك يعلم بتحقق الامتثال به ويشك في وجوب الزائد عليه، فيرجع فيه إلى أصل البراءة. (4) لاطلاق دليل الكفارة، بلا ورود الشبهة الآتية في الفروض الآتية لكون السفر بعد الزوال لايمنع من بقاء وجوب الصوم، كما هو ظاهر. (5) بلا خلاف ظاهر، ونفاه بعض. وعن الخلاف: دعوى الاجماع عليه. وقد يستدل له بمصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع): " أيما رجل كان له مال فحال عليه الحول فانه يزكيه. قلت له: فان وهبه قبل حله بشهر أو بيوم؟ قال (ع): ليس عليه شئ أبدا. وقال زرارة عنه (ع): إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في اقامته، ثم خرج في آخر النهار في سفر، فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه. وقال: إنه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة، ولكنه لو

 

===============

 

( 359 )

 

كان وهبه قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شئ، بمنزلة من خرج ثم أفطر... " (* 1) فان الظاهر من اسم الاشارة في قوله (ع): " إنما هذا " الاشارة الى الاول الذي حال الحول على ماله، لا الثاني، بقرينة قوله (ع): " وجبت عليه... ". مضافا إلى أن الاول هو موضوع البيان، فعود اسم الاشارة إليه أولى من الثاني، لانه إنما ذكر حكمه عرضا بعد السؤال عنه، فليس مقصودا إلا عرضا. وفيه: أن مورده السفر بعد الزوال في آخر النهار، وقد عرفت أنه لاإشكال في عدم إسقاطه للكفارة. ويمكن أن يستدل له بما دل على وجوب الصوم إلى أن يسافر (* 2) فانه ظاهر في أنه صوم صحيح، فيدخل في عموم: " من أفطر وهو صائم متعمدا فعليه الكفارة " (* 3) ولا ينافيه مادل على وجوب قضائه، لامكان أن يكون وجوب القضاء لتدارك ما فات من مصلحة الصوم التام. وفيه: أن ظاهر الادلة كون السفر ناقضا للصوم ومبطلا له، فيبطل الصوم الواقع منه بمجرد تحقق السفر منه، فإذا كان المكلف يسافر في علم الله تعالى قبل الزوال، فصومه باطل من أول الامر، فالافطار قبل السفر إفطار في صوم باطل، فلا أثر له في وجوب الكفارة. ولا ينافيه وجوب الامساك إلى أن يسافر، لامكان كونه احتراما للشهر، لا لوجوب الصوم حقيقة، فيكون الامساك المذكور من قبيل الامساك بعد الافطار عمدا، فانه لا يدل على كونه صوما حقيقة. فتأمل. فالاولى أن يقال: إن السفر في أثناء النهار إن كان عدمه شرطا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 58 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) كما تأتي ذلك في الامر الخامس من شرائط صحة الصوم. (* 3) تقدم ذلك في أول هذا الفصل.

 

===============

 

( 360 )

 

للوجوب - يعني: لثبوت ملاك الصوم - كان الصوم قبله بلا ملاك، فلا يكون الافطار قبله موجبا للكفارة. وإن كان عدمه شرطا للواجب - وهو الصوم - كما يقتضيه صدق الفوت والقضاء في حق المسافر، فيقال: فانه الصوم، ويجب عليه قضاؤه، إذ الفوت إنما يصدق في ظرف وجود الملاك، والقضاء فرع وجوب الاداء وفوته، كان اللازم البناء على وجوب الكفارة كما لو أفطر ولم يسافر، إذ لافرق بينهما في وجوب الصوم، وفي حرمة إيقاع المفطر غير السفر، وفي جواز الافطار بالسفر. ومجرد اختلافهما بوجود السفر وعدمه لا يؤثر فرقا في وجوب الكفارة. لان موضوع الكفارة الصوم الصحيح الواجب على المكلف صحة تأهلية، وهذا المعنى لا يختل بوجود السفر باختياره. نعم لو كان السفر غير اختياري كان موجبا للمنع عن التكليف بالصوم لانه مع الاضطرار الى السفر لا يقدر على إتمامه، فلا يكون مكلفا به، فينتفي. موضوع الكفارة، لانه الصوم الواجب. أما السفر الاختياري فلا يمنع عن القدرة على الصوم التام، ولا عن التكليف به من غير جهة السفر. وبذلك يظهر الفرق بين الموانع الاختيارية والاضطرارية، فتجب الكفارة بالافطار قبل الاولى، ولا تجب به قبل الثانية. فالحيض والنفاس ونحوهما لا توجب سقوط الكفارة لو اتفق وقوعها اختيارا من المكلف بعد صدور المفطر كالسفر الاختياري. ولو وقعت اضطرارا اقتضت سقوط الكفارة، كالسفر الاضطراري. هذا ولكن سيأتي في فصل شرائط وجوب الصوم: أن السفر المأخوذ مانعا من الصوم لم يؤخذ مانعا منه كسائر الموانع، ولذا لا يدعو الامر بالصوم الى تركه، فيكون التكليف بالصوم كالمنوط بعدمه، فلا يثبت إلا في ظرف عدمه من باب الاتفاق، فإذا اتفق وجوده كشف عن عدم

 

===============

 

( 361 )

 

{ بل وكذا لو بداله السفر لا بقصد الفرار (1) على الاقوى. وكذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حد الترخص. وأما لو أفطر متعمدا، ثم عرض له عارض قهري، من حيض، أو نفاس، أو مرض، أو جنون، أو نحو ذلك من الاعذار ففي السقوط وعدمه وجهان، بل قولان، (2) أحوطهما الثاني وأقواهما الاول (3). (مسألة 12): لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال فالاقوى سقوط الكفارة (4). وإن كان الاحوط عدمه. وكذا لو اعتقد أنه من رمضان ثم أفطر متعمدا فبان أنه من شوال، أو اعتقد في يوم الشك في أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان. } التكليف بالصوم من الاول، فيجري عليه حكم المانع غير الاختياري. اللهم إلا أن يقال: إن دعوى كون السفر ونحوه إذا وقع في أثناء النهار كان مبطلا للصوم من أول الامر مما لا شاهد عليها. إذ يحتمل كونه مبطلا له وناقضا له من حينه. فإذا لا يبعد البناء على وجوب الكفارة مطلقا. (1) كما هو المشهور. وعن المختلف: السقوط فيه. ووجهه يعلم مما سبق، لانهما من باب واحد. (2) حكي ثانيهما عن الاكثر، وعن الشيخ: الاجماع عليه. وحكي أولهما عن بعض، وفي الجواهر: إنه لم يتحقق قائله. (3) يعلم وجهه مما سبق، الذي عرفت الاشكال فيه. (4) لعدم وجوب الصوم واقعا، وظاهر الكفارة اختصاصها به. ودعوى: أنها من آثار التجرؤ والتمرد، الحاصل بمخالفة الحكم الظاهري غير متحققة. ومثله: الفرض الثاني.

 

===============

 

( 362 )

 

{ (مسألة 13): قد مر (1) أن من أفطر في شهر رمضان عالما عامدا إن كان مستحلا فهو مرتد، بل وكذا إن لم يفطر ولكن كان مستحلا له. وإن لم يكن مستحلا عزر بخمسة وعشرين سوطا، فان عاد بعد التعزير عزر ثانيا، فان عاد كذلك قتل في الثالثة. والاحوط قتله في الرابعة. (مسألة 14): إذا جامع زوجته في شهر رمضان (2) وهما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان، وتعزيران: خمسون سوطا (3)، فيتحمل عنها الكفارة والتعزير. وأما إذا طاوعته في الابتداء فعلى كل منهما كفارته وتعزيره (4). وإن أكرهها } (1) تقدم ذلك في أول كتاب الصوم، ومر الكلام فيه. (2) هذا القيد غير مذكور في الخبر الآتي، غاية الامر أن ذكر الكفارة والتعزير في الجواب ظاهر في خصوص الصوم الذي فيه الكفارة والتعزير، فيعم جميع أفراده. (3) إجماعا، كما عن جماعة. لخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع): " في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة. فقال (ع): إن كان استكرهها فعليه كفارتان، وإن طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة. وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد، وإن كان طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا " (* 1) وضعفه منجبر بالاجماع المدعى، ونفي الخلاف. وخلاف العماني، حيث نسب إليه القول باتحاد الكفارة عليه - مع أنه غير محقق - غير قادح. (4) إجماعا على الظاهر. لصدق الافطار العمدي بالنسبة الى كل منهما فيشمله مادل على وجوبها على من أفطر متعمدا. مضافا الى امكان دخوله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 363 )

 

{ في الابتداء ثم طاوعته في الاثناء فكذلك على الاقوى (1)، } في الخبر - كما هو الظاهر - لصدق أنها طاوعته. والاكراه بعد ذلك لا أثر له، لعدم تأثير الجماع حينئذ الكفارة عليها مع المطاوعة، فضلا عن الاكراه. (1) كأنه لظهور الخبر في استمرار الاكراه إلى الفراغ، فلا يشمل المقام، فيرجع فيه إلى الضوابط المقتضية لكون على كل منهما كفارة واحدة كذا في الجواهر. وفيه: أنه مبني على كون جماعها في الابتداء عن إكراه غير مفطر لها، فانه حينئذ تجب عليه لاجله كفارة واحدة، فإذا طاوعته وجبت عليها كفارة لافطارها باستدامة الجماع بلا إكراه. أما بناء على أنها تفطر بالاكراه، يكون مقتضى القواعد أن عليه كفارة واحدة دونها، لان مطاوعتها بعد ذلك لا توجب الافطار العمدي، لتحقق الافطار باكراهها في الابتداء، فلا مقتضى للكفارة. نعم لو ثبت أن الجماع بعد الافطار عن عذر موجب للكفارة، كان البناء على أن عليها كفارة في محله. ولكنه غير ظاهر وإن قلنا بتكرر الكفارة بتكرر الجماع، لاختصاصه بصورة تحقق الافطار الموحب للكفارة لا مطلق الجماع ولو بعد الافطار عن عذر، فالمكره على الافطار إذا أفطر ثم جامع عمدا لادليل على وجوب الكفارة عليه. وإذ عرفت سابقا: أن استعمال المفطر عن إكراه مفطر، تعرف أن مقتضى القواعد في المقام وجوب كفارة واحدة عليه دونها. نعم مقتضى إطلاق النص: تعدد الكفارة عليه، لصدق الاكراه على صرف ماهية الجماع. ولا ينافيه صدق المطاوعة له أيضا، لان ذلك إنما هو بلحاظ البقاء، لاصرف الوجود، والظاهر من الخبر كون المعيار في تعدد الكفارة عليه الاكراه في صرف وجود المفطر، وفي كون كفارة واحدة على كل منهما المطاوعة في صرف الوجود المفطر.

 

===============

 

( 364 )

 

{ وإن كان الاحوط كفارة منها وكفارتين منه. ولافرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة (1). (مسألة 15): لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم (2) لا يتحمل عنها الكفارة، ولا التعزير (3). كما أنه ليس عليها شئ، ولا يبطل صومها بذلك (4). وكذا لا يتحمل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات (5) حتى مقدمات الجماع، وإن أوجبت إنزالها. (مسألة 16): إذا أكرهت الزوجة زوجها لاتتحمل عنه شيئا. (مسألة 17): لا تلحق بالزوجة الامة إذا أكرهها على الجماع وهما صائمان (6)، فليس عليه إلا كفارته وتعزيره } هذا بناء على أن المراد بالاكراه في النص: مالا يرتفع معه الاختيار أما لو أريد منه ما يعم الاجبار وفرض ذلك، كان اللازم البناء على وجوب كفارتين عليه للنص، وكفارة واحدة عليها بالمطاوعة، للقواعد الاولية الموجبة للكفارة بمطلق الافطار العمدي. (1) كما نسب التصريح به إلى الاصحاب. ويقتضيه إطلاق النص. (2) يعني: وهي نائمة. (3) للاصل، بعد عدم الدليل عليه، وعدم دخوله في الخبر. وما عن الشيخ (ره): من وجوب الكفارتين عليه غير ظاهر. (4) للاصل، بعد عدم تحقق الافطار العمدي منها. (5) للاصل، بعد عدم الدليل عليه، وعدم شمول النص له. وكذا في المسألة الآتية. (6) لظهور النص في الزوجة. وكون إضافة الامرأة الى الضمير

 

===============

 

( 365 )

 

{ وكذا لا تلحق بها الاجنبية إذا أكرهها عليه على الاقوى (1). وإن كان الاحوط التحمل عنها، خصوصا إذا تخيل أنها زوجته فأكرهها عليه. (مسألة 18): إذا كان الزوج مفطرا، بسبب كونه مسافرا، أو مريضا، أو نحو ذلك، وكانت زوجته صائمة، لا يجوز له إكراهها على الجماع (2)، وإن فعل لا يتحمل عنها } يكفي فيها أدني ملابسة، ولو لكونها أمته خلاف الظاهر. ومنه يظهر ضعف ماعن المختلف من الالحاق. (1) للاصل، وعدم دخوله في النص. وعن المختلف: الاشكال في ذلك، لان الكفارة عقوبة على الذنب، وهو هنا أفحش. ولانه قد يكون الذنب قويا، فلا تجدي الكفارة في تخفيفه. انتهى. وقد يظهر من الشيخ (ره) ذلك أيضا. والاصل يقتضي عدم الالحاق. (2) على الاصح. لاصالة عدم جواز إجبار المسلم على غير الحق الواجب عليه. كذا عن المدارك. وفي الجواهر: " فيه بحث ". وكأنه لعموم مادل على ثبوت حق الانتفاع بالبضع للزوج، الذي لا ينافيه حرمة التمكين تكليفا من جهة الافطار عمدا. نظير وجوب أكل مال الغير عند المخمصة الذي لا ينافي ملك الغير له، فيجوز للزوج الاكراه، ويجب عليها الامتناع حسب الامكان. نعم لو كانت حرمة الافطار مانعة من ثبوت حق الانتفاع للزوج، كان عدم جواز الاجبار في محله، لانه إجبار على غير الحق. لكن عرفت عدم المنافاة، فلا وجه للمنع. إلا أن يقال: لم يثبت ما يدل على عموم الحق المذكور، والعمدة فيه: إطلاق وجوب الاطاعة، فإذا ثبت تقييده بغير المعصية، فلا طريق

 

===============

 

( 366 )

 

{ الكفارة، ولا التعزير (1). وهل يجوز له مقاربتها وهي نائمة إشكال (2). (مسألة 19): من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة مثل شهر رمضان تخير (3) بين أن يصوم ثمانية عشر يوما، أو يتصدق بما يطيق (4). } إلى ثبوته. ومن ذلك يظهر الاشكال في دعوى استفادته من قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم...) (* 1). فتأمل جيدا. ويشهد بنفي الحق المذكور: أنه خلاف السيرة الارتكازية القطعية على عدم جواز منع الزوجة من الصوم والصلاة، ومقدماتهما من طهارة حدثية أو خبثية أو نحوهما، وغيرهما من الواجبات الشرعية. (1) للاصل، بعد عدم دخوله في النص، كما سبق في نظيره. فما عن بعض - من القول بوجوب كفارة عنها عليه - غير ظاهر. (2) يبتني على ثبوت الحق وعدمه في المقام، نظير ما تقدم في الاكراه. (3) كذا حكي التعبير عن الاكثر. وفي الشرائع: " كل من وجب عليه شهران متتابعان، فعجز، صام... ". (4) كما عن المختلف، والدروس، وغيرهما. لانه مقتضى الجمع بين مادل على بدلية خصوص صوم الثمانية عشر - كخبر أبي بصير وسماعة بن مهران قالا: " سألنا أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين، فلم يقدر على الصيام، ولم يقدر على العتق، ولم يقدر على الصدقة. قال (ع): فليصم ثمانية عشر يوما، على كل عشرة مساكين ثلاثة أيام " (* 2)، وخبر أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن

 

 

____________

(* 1) البقرة: 223. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1. ثم إن الشيخ (ره) -

 

===============

 

( 367 )

 

رجل ظاهر من امرأته، فلم يجد ما يعتق، ولا ما يتصدق، ولا يقوى على الصيام. قال (ع): يصوم ثمانية عشر يوما، لكن عشرة مساكين ثلاثة أيام " (* 1) - وبين مادل على بدلية خصوص الصدقة، كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): " في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحد من غير عذر. قال (ع): يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا. فان لم يقدر تصدق بما يطيق " (* 2) ومصححه الآخر عن أبي عبد الله (ع): " في رجل وقع على أهله في شهر رمضان، فلم يجد ما يتصدق به على ستين مسكينا. قال (ع): يتصدق بقدر ما يطيق " (* 3). وفيه: أن الجمع بذلك فرع التعارض، المتوقف على اتحاد المورد، ولكنه غير ظاهر. إذ ثاني الاولين صريح في كون مورده كفارة الظهار وأولهما إن لم يكن ظاهرا في المرتبة - بقرينة ما في ذيل الجواب: من توزيع الصيام على الصدقة على ستين مسكينا، الظاهر في كونه بدل الصدقة على ستين مسكينا المتعينة - فلا أقل من عدم ظهوره في العموم. والاخيران موردهما كفارة شهر رمضان. وعليه فيجب العمل بكل في مورده من دون مقتض للتصرف في كل منهما بالحمل على التخيير. على أنه لو سلم عموم الاول لكفارة شهر رمضان وجب تخصيصه بالاخير، جمعا بين العام والخاص.

 

 

____________

- رواها عن أبي بصير وسماعة في التذيب ج 4: ص 208 طبع النجف الاشرف، والاستبصار ج 2 ص 92 طبع النجف الاشرف بدون قوله: " ولم يقدر على العتق " ورواها في التهذيب ج 4 صفحة 312 عن أبي بصير، كما في الوسائل. فلاحظ. (* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 368 )

 

{ ولو عجز أتى بالممكن منهما (1). وإن لم يقدر على شئ منهما } ومنه يظهر ضعف ما عن المفيد والسيد والحلي: من بدلية الاول مطلقا. كضعف ماعن الاسكافي والمقنع والمدارك والذخيرة: من بدلية الثاني مطلقا لضعف الخبرين الاولين سندا. إذ فيه: أن الضعف يجبر بالعمل. ولو سلم فلا مجال للتعدي عن مورد الصحيحين الاخيرين. ثم إن المذكور في صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال: كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه، من صوم، أو عتق، أو صدقة في يمين أو نذر، أو قتل. أو غير ذلك مما يجب على صاحبه فيه الكفارة، فالاستغفار له كفارة، ماخلا يمين الظهار " (* 1) فيمكن الجمع بينه وبين ما سبق، بحمل الكفارة المعجوز عنها على ما يشمل البدل، كالصدقة بما يطيق، أو صوم الثمانية عشر يوما، إذ عليه ترتفع المنافاة بينهما. نعم في صحيح ابن جعفر (ع): " إذا عجز عن الخصال الثلاث فليستغفر " (* 2) ومقتضاه كون الاستغفار في رتبة الصدقة. والجمع بينهما بالترتيب لا شاهد له. إلا أن يكون هو الاجماع. (1) كأنه قاعدة الميسور. لكن في تماميتها إشكالا أشرنا إليه فيما سبق. مع أنه غير معقول بالنسبة الى الصدقة، إذ مع فرض العجز عن الصدقة بما يطيق كيف يمكن تكليفه بالممكن منهما؟! اللهم إلا أن يكون المراد من الصدقة بما يطيق: الصدقة على ستين مسكينا بما يطيق وإن لم يكن مدا، وحينئذ فالبدل في حال العجز عنه هو ما يمكنه لكنه - مع أنه غير ظاهر من العبارة - غير ظاهر من الدليل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 9. وهو منقول بالمعني. إلا إذا كان المراد غيره.

 

===============

 

( 369 )

 

{ استغفر الله تعالى ولو مرة (1) بدلا عن الكفارة، وأن تمكن بعد ذلك منها أتى بها (2). } (1) بلا خلاف فيه، على الظاهر. لماعرفت: من أنه مقتضى الجمع بين نصوص المقام، وصحيح أبي بصير وابن جعفر (ع). ومقتضاه الاكتفاء بالمرة للاطلاق. (2) هذا ينافي البناء على بدلية الاستغفار، إذ مقتضى البدلية الاجزاء اللهم إلا أن تختص بدليته بالعجز المستمر، فإذا تمكن بعد ذلك انكشف عدم البدلية. وعليه فاللازم البناء على ذلك في بدلية الصوم ثمانية عشر، والصدقة بما يطيق، لعدم الفرق بين المقامين. فالاولى أن يقال: إنه إن بني على عدم فورية وجوب الكفارة، فتخصيص البدلية بالعجز المستمر وان كان يساعده الارتكاز جدا، وعليه بنينا على عدم جواز البدار لذوي الاعذار في الواجبات الموقتة، إلا أن حمل الدليل عليه في المقام بعيد جدا، لندرة العجز المستمر عن الصدقة بالقليل كما لا يخفى. فالاكتفاء بالعجز العرفي مطلقا، أو مع عدم ظهور أمارة المكنة لا يخلو من قوة. نعم في مصحح إسحاق: " الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه، وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع، ثم ليواقع وقد أجزأه ذلك من الكفارة. فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر من الايام فليكفر... " (* 1) ومورده وإن كان الظهار. لكن لا يبعد استفادة الحكم في غيره منه، كما يساعده الارتكاز العرفي، ولاسيما مع البناء على وجوبه مع فعل الكفارة، كما يظهر من بعض نصوص قصة الاعرابي الذي واقع أهله في شهر رمضان (* 2)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الكفارات حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2، 5.

 

===============

 

( 370 )

 

{ (مسألة 20): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت (1)، صوما كانت أو غيره. وفي جواز التبرع بها عن الحي إشكال (2) والاحوط العدم. خصوصا في الصوم } وعلى هذا فالمسقط للكفارة عدم الوجدان، لافعل الاستغفار لانه بدل فلاحظ. (1) بلا خلاف معتد به، على ما تقدم في مبحث قضاء الصلوات. (2) بلا خلاف. فعن المبسوط: الجواز مطلقا، وعن المختلف وغيره موافقته. وعن المدارك وغيره: العدم مطلقا، وقواه في الجواهر، وقال: " لعله المشهور ". وفي الشرائع: التفصيل بين الصوم فالثاني، وغيره فالاول. واستدل للاول: بأن الكفارة دين كسائر الديون التي يجوز التبرع فيها. ولما ورد في قصة الاعرابي الذي ادعى العجز عن الكفارة، حيث قال له النبي صلى الله عليه وآله: خذ هذا التمر، وتصدق به " (* 1) ولما ورد في قصة الخثعمية المشهورة، حيث قال النبي صلى الله عليه وآله لها: " فدين الله أحق بالقضاء " وقد تقدمت في قضاء الصلوات (* 2). وفيه: أن كونها كسائر الديون مصادرة. مع أن صحة التبرع في وفاء دين الحي محل اشكال، ففي حاشية الكركي المنع عنها بلا إذن منه. فتأمل. وما ورد في قصة الاعرابي ليس من التبرع الذي هو محل الكلام بل من باب الاذن في إخراج الكفارة من ماله صلى الله عليه وآله. نعم لو كان المراد من التبرع في المقام بذل الاجنبي للمال، في مقابل إخراج المكلف لها من ماله، أمكن الاستدلال به على الجواز. مع إمكان الاشكال فيه: باحتمال كونه من باب التمليك، لا الاذن في الصدقة بماله صلى الله عليه وآله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 2) الحدائق ج: 11 صفحة: 39 الطبعة الحديثة وتقدم التعرض لها في المسألة: 3 من فصل صلاة الاستيجار ج 7 صفحة 117 الطبعة الثالثة.

 

===============

 

( 371 )

 

نعم في موثق سماعة عن أبي بصير، الوارد في كفارة الظهار: " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أتصدق عنك، فأعطاه تمرا لاطعام ستين مسكينا. قال صلى الله عليه وآله: إذهب فتصدق بها.. " (* 1) وأما ما ورد في قصة الخثعمية، فمع أنه ضعيف السند، وأن من المحتمل كون مورده الميت، مما لا مجال للعمل باطلاقه في الحي إجماعا، بل ضرورة فيجب الاقتصار فيه على مورده، للبناء على إجماله. واستدل للثاني: بأن ظاهر الخطاب الموجه الى شخص بشئ وجوب مباشرته له، فيجب العمل به. إلا أن يقوم ما يقتضي جواز التبرع، وهو في المقام مفقود. ووجه الثالث: أما في الصوم فلما ذكر. وأما في غيره فلانه لا إشكال عندهم في صحة الوكالة في العتق، والاطعام، وقد ادعى في الجواهر: الاجماع المحقق على الصحة فيما لو أعتق الاجنبي عبده عن غيره بمسألته. والاشكال في صحة التبرع بالعتق من بعض، ليس لبنائه على عدم كون الكفارة موردا للتبرع، بل لشبهة أنه لاعتق إلا في ملك، بناء على كون المراد منه في ملك المعتق عنه. إذ لا مجال للبناء على الدخول في ملك المعتق عنه في التبرع لانتفاء السبب. وعلى هذا فلا مجال للاشكال في صحة التبرع بغير الصوم. إذ المنشأ فيه إن كان احتمال اعتبار المباشرة التي يقتضيها ظاهر الخطاب فيدفعه الاجماع المذكور، المساعد له ارتكاز العرف والمتشرعة في أمثال ذلك، مما لم يكن الغرض من الامر فيه محض تكميل النفس، كما في الصوم، والصلاة، ونحوهما، بل كان الغرض منه أيضا شيئا آخر يقوم بفعل الغير. وإن كان احتمال اعتبار كون العتق والاطعام من ماله، فهو خلاف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب الكفارات حديث: 1.

 

===============

 

( 372 )

 

{ (مسألة 21): من عليه كفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين لم تتكرر (1). (مسألة 22): الظاهر أن وجوب الكفارة موسع، فلا تجب المبادرة إليها (2). نعم لا يجوز التأخير إلى حد التهاون. } إطلاق النص. وعدم الاجتزاء بالتصدق بمال الغير، إنما هو لعدم السلطنة عليه، لا لقصور الدليل عن شموله. مضافا الى ظاهر موثق سماعة، وأبي بصير. وإن كان احتمال اعتبار الاذن من المكلف تعبدا فهو مما لا مجال للركون إليه. وإن كان لاحتمال دخل إذنه في كون فعل الغير له، بنحو يترتب عليه آثاره وفوائده، بحيث لو لم يأذن لغيره في أن يفعل عنه لا تصح نسبة الفعل إليه بوجه، ولا ترجع فوائده إليه. ففيه: أنه خلاف بناء العرف، لاستقرار بنائهم على رجوع فوائده إليه بمجرد وقوعه من الغير بقصد أن يكون له إذا كان مما يقبل النيابة، ولا يتوقف ترتب الفائدة ورجوعها الى المنوب عنه على إذن منه. وهذا البناء كاف في حكم العقل بالخروج عن عهدة التكليف، لتحقق الاطاعة عند العقلاء، كما في سائر الموارد. فتأمل جيدا. وبالجملة: لا ينبغي التأمل في الجواز بعد الاجماع على صحة الاذن والوكالة. فلاحظ. (1) للاصل، بعد عدم الدليل على التكرر. (2) يظهر من الدروس وغيره المفروغية عنه، ويقتضيه إطلاق الادلة. نعم يمكن أن يستشكل في ذلك: بأن مقتضى كونها كفارة للذنب وجوب المبادرة إليها عقلا، نظير وجوب المبادرة الى التوبة، فكما يحكم العقل بوجوب الاطاعة وحرمة المعصية، فرارا عن الوقوع في الذنب، يحكم بوجوب المبادرة

 

===============

 

( 373 )

 

{ (مسألة 23): إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام - من زنا، أو شرب الخمر، أو نحو ذلك - لم يبطل صومه (1)، وإن كان في أثناء النهار قاصدا لذلك. (مسألة 24): مصرف كفارة الاطعام للفقراء (2)، } إليها أيضا، فرارا عن بقاء الذنب، لعدم الفرق بين الحدوث والبقاء في نظر العقل، لان في كل منهما خطرا. بل لعل ذلك منشأ لانصراف الادلة إلى الفورية. فتأمل. (1) لعدم الدليل عليه، والاصل البراءة. (2) بلا خلاف معتد به، فان الآية (* 1) والنصوص (* 2) وإن كانت مشتملة على المسكين، إلا أن الاجماع - صريحا، وظاهرا، محكيا عن جماعة - على أن الفقير والمسكين يراد كل منهما من الآخر عند الانفراد. قال في محكي المبسوط: " لا خلاف في أنه إن أوصى للفقراء منفردين، أو للمساكين كذلك، جاز صرف الوصية إلى الصنفين جميعا " ومثله: ماعن نهاية الاحكام وفي محكي المسالك: " واعلم أن الفقراء والمساكين متى ذكر أحدهما دخل فيه الآخر بغير خلاف ". وعن الروضة، ومحكي الميسية: الاجماع على ذلك، وفي الحدائق: نفي الخلاف فيه، ويظهر من كلامهم في الكفارات المفروغية عنه. فما في القواعد - من الاشكال في إجزاء الاعطاء للفقير في الكفارة - ضعيف. ولاسيما بملاحظة ما في مصحح إسحاق، الوارد في إطعام عشرة مساكين أو اطعام ستين مسكينا: " قلت: فيعطيه الرجل قرابته إن كانوا محتاجين؟ قال (ع): نعم " (* 3).

 

 

____________

(* 1) البقرة: 184. (* 2) تقدم ذكرها في المسألة: 1 من هذا الفصل. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب الكفارات حديث: 2.

 

===============

 

( 374 )

 

{ إما باشباعهم (1)، وإما بالتسليم إليهم. كل واحد مدا (2)، } (1) بلا خلاف ولا إشكال، كما في الجواهر. ويدل عليه مصحح أبي بصير: " سألت أبا جعفر (ع) عن: (أوسط ما تطعمون أهليكم) (* 1) قال (ع): نعم، ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك. قلت: وما أوسط ذلك؟ قال: الخل، والزيت، والتمر، والخبز، يشبعهم به مرة واحدة " (* 2) واختصاصه بكفارة اليمين لا يقدح في جواز التعدي الى المقام وسائر الكفارات. لعدم الفصل. ومنه يظهر ما في ماعن المفيد: من أنه اعتبر في كفارة اليمين أن يشبعهم طول يومهم. ويشهد له رواية سماعة - المروية عن تفسير العياشي - عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن قول الله عزوجل: (من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم) في كفارة اليمين. قال (ع): ما يأكل أهل البيت يشبعهم يوما. وكان يعجبه مد لكل مسكين " (* 3) لضعف الرواية بالارسال، مع لزوم حملها على الاستحباب، جمعا بينها وبين المصحح. (2) كما هو المشهور، ولاسيما بين المتأخرين. للنصوص الكثيرة الدالة على الاكتفاء به، بل لعلها متواترة، الوارد بعضها في كفارة قتل الخطأ (* 4) وبعضها في كفارة اليمين (* 5) وبعضها في كفارة شهر رمضان (* 6) بضميمة عدم القول بالفصل بين أنواع الكفارات.

 

 

____________

(* 1) المائدة: 89. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب الكفارات حديث: 9. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 5) راجع الوسائل باب: 12 من ابواب الكفارات. (* 6) الوسائل باب: 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 10، 12.

 

===============

 

( 375 )

 

{ والاحوط مدان، من حنطة، أو شعير، أو أرز، أو خبز أو نحو ذلك (1) ولا يكفي في كفارة واحدة إشباع شخص واحد مرتين } وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط والنهاية والتبيان: أنها مدان، ووافقه عليه غيره، وعن الخلاف: الاجماع عليه. ويشهد له مصحح أبي بصير في كفارة الظهار: " تصدق على ستين مسكينا ثلاثين صاعا، لكل مسكين مدين مدين " (* 1) وفيه: أنه إن أمكن تخصيصه بمورده وجب الاقتصار عليه، لعدم معارض له فيه. وإلا - كما هو الظاهر، من جهة عدم الفصل بين الموارد - فاللازم حمله على الاستحباب، جمعا عرفيا بينه وبين ما سبق. وأما دعوى الاجماع، فموهونة بمخالفة الاكثر، كما لا يخفى. (1) مما يسمى طعاما، كما هو المشهور، بل في محكي الخلاف: الاجماع عليه. لاطلاق الادلة. وما في بعض كتب اللغة: من أنه قد يختص الطعام بالبر لا يقدح فيما ذكرنا، - لانه لو تم - فهو خلاف الاستعمال الشائع، الذي يحمل عليه اللفظ عند الاطلاق. مع أنه مختص بلفظ الطعام، ولا يجري فيما اشتملت عليه النصوص، و هو الاطعام. فالبناء على إطلاقه، الشامل لكل ما يطعم، المقابل لما يشرب، متعين. نعم ورد في نصوص كفارة اليمين التقييد بالحنطة، والدقيق، والخبز ففي صحيح الحلبي: " يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة، أو مد من دقيق " (* 2)، وفي صحيح الثمالي: " إطعام عشرة مساكين مدا مدا، دقيق، أو حنطة " (* 3). وفي مصحح هشام بن الحكم: " مد مد من حنطة " (* 4). وفي مصحح أبي بصير: " قلت: وما أوسط ذلك؟

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب الكفارات حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 4.

 

===============

 

( 376 )

 

فقال (ع): الخل، والزيت، والتمر، والخبز، يشبعهم به مرة واحدة " (* 1) ونحوها غيرها. وعليه فالجمع العرفي يقتضي التقييد بذلك في خصوص كفارة اليمين. والتعدي إلى غيرها يتوقف على عدم الفصل، وهو غير ثابت. فعن الحلي: " يجوز أن يخرج حبا، ودقيقا، وخبزا، وكلما يسمى طعاما الا كفارة اليمين، فانه يجب عليه أن يخرج من الطعام الذي يطعم أهله، للآية ". وفي التحرير: " يجوز إخراج الخبز، والدقيق، والسويق، والحب - لا السنبل - من كل ما يسمى طعاما، في جميع الكفارات. إلا كفارة اليمين، فان الواجب فيها الاطعام من أوسط ما يطعم أهله. ولو أطعم مما يغلب على قوت البلد جاز ". وأما التقييد في الآية بالاوسط - وكذا في جملة من النصوص - فقد اختلفت النصوص في تفسيره. ففي بعضها: إرادة الوسط في المقدار، ففي مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في قول الله عزوجل: (من أوسط ما تطعمون أهليكم) قال (ع): هو كما يكون في البيت: من يأكل المد، ومنه من يأكل أكثر من المد، ومنهم من يأكل أقل من المد، فبين ذلك. وإن شئت جعلت لهم أدما. والادم أدناه ملح، وأوسطه الخل والزيت، وأرفعه اللحم " (* 2). ونحوه غيره. وفي بعضها: إرادة الوسط في الجنس، كمصحح أبي بصير المتقدم. ونحوه مصحح البزنطي عن أبي جميلة (* 3)، وخبر زرارة (* 4) وغيرهما. ويجب حمل الاخير على الاستحباب، لما في مصحح الحلبي المتقدم،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب الكفارات حديث: 9.

 

===============

 

( 377 )

 

{ أو أزيد، أو إعطاؤه مدين أو أزيد (1)، بل لابد من ستين نفسا. } من قوله (ع): " وإن شئت جعلت... ". الظاهر في نفي الوجوب. فالمتحصل من مجموع الادلة كتابا وسنة: الاكتفاء بمطلق ما يسمى إطعاما في جميع الكفارات، عدا كفارة اليمين، فانه يتعين فيها إما الخبز، أو الحنطة، أو الدقيق. ومقتضى إطلاق الخبز والدقيق في النصوص - وكذا ما في الجواهر: من نفي الاشكال في إجزائهما - عدم الفرق بين ما يكون من الحنطة ومن غيرها. اللهم إلا أن يكون ذكر الحنطة مع الدقيق في الصحيحين موجبا لانصرافه إلى دقيق الحنطة، بل لعل الاقتصار على الحنطة في مصحح هشام يقتضي ذلك، بأن يكون الجمع بينه وبينهما موجبا لحمل الحنطة على ما يعم الدقيق. ومن هنا يشكل إطلاق الخبز في مصحح أبي بصير، فلعل الجمع أيضا يقتضي حمله على خبز الحنطة. بل يمكن الاشكال فيه أيضا: بعدم وروده في مقام البيان من هذه الجهة. فتأمل. وأما ما ورد في قصة الاعرابي الذي أفطر شهر رمضان، أو الذي ظاهر من امرأته: من إعطاء النبي صلى الله عليه وآله له التمر ليتصدق به (* 1)، فلا يصلح لتقييد الادلة، لعدم ظهوره في التقييد، كما هو ظاهر، والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا ظاهرا. لعدم الاتيان بالمأمور به، وهو إطعام الستين. مضافا إلى مصحح إسحاق بن عمار: " سألت أبا ابراهيم (ع) عن إطعام عشرة مساكين أو إطعام ستين مسكينا، أيجمع ذلك لانسان واحد يعطاه؟ فقال (ع): لا، ولكن يعطي إنسانا إنسانا، كما قال الله عزوجل " (* 2).

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكرهما في المسألة: 20 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب الكفارات حديث: 2.

 

===============

 

( 378 )

 

{ نعم إذا كان للفقير عيال متعددون - ولو كانوا أطفالا صغارا (1) } قال في الجواهر: " نعم لو دفعه لواحد، ثم اشتراه منه، ثم دفعه لآخر... - وهكذا إلى تمام الستين - أجزأه، بلا خلاف ولا إشكال ". ويقتضيه إطلاق الصدقة في كثير من النصوص، لتحققها بالتمليك، فلا مانع من الشراء بعده. وتوهم: أنه لابد من أكل الفقير لها، ليتحقق الاطعام المعتبر في الكفارة كتاب وسنة. مندفع: بأن الاطعام مفسر في النصوص ببذل الطعام لهم ليأكلوه، أو تمليكهم إياه، فلا يعتبر في الاول التمليك، ولا يعتبر في الثاني الاكل. ولو اعتبر الاكل في الجميع لزم عدم الاجتزاء بمجرد التصدق حتى يتحقق الاكل في الخارج، وهو خلاف المقطوع به من النصوص. ثم إن ما ذكر - من عدم الاكتفاء باعطاء الواحد مرتين في كفارة واحدة - إنما هو مع التمكن من المستحق. أما مع التعذر، ففي الشرائع وغيرها: أنه يجوز، بل في الجواهر: لم أقف فيه على مخالف صريح معتد به، وعن ظاهر الخلاف: الاتفاق عليه. ويشهد له خبر السكوني: " قال أمير المؤمنين (ع): إن لم يجد في الكفارة إلا الرجل والرجلين. فليكرر عليهم حتى يستكمل العشرة، يعطيهم اليوم، ثم يعطيهم غدا " (* 1). واختصاص مورده بكفارة العشرة لا يقدح في التمسك به على عموم الحكم بناء على إلغاء خصوصيته عرفا، أو عدم الفصل. نعم ظاهره ملاحظة التعدد في الايام. إلا أن يحمل على الاشباع بملاحظة المتعارف فيه، فلا يكون خصوصية لذلك، نظير خصوصية الغد. فتأمل. (1) الظاهر أنه لاإشكال ولا خلاف في جواز إعطاء الصغار كالكبار فيما لو كان الاطعام بنحو التمليك. كما يقتضيه - مضافا إلى إطلاق الادلة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب الكفارات حديث: 1.

 

===============

 

( 379 )

 

{ يجوز إعطاؤه بعدد الجميع لكل واحد مدا (1). } لصقد المسكين عليهم كصدقه على الكبار - صحيح يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن (ع): " عن رجل عليه كفارة إطعام عشرة مساكين، أيعطي الصغار والكبار سواء، والنساء والرجال، أو يفضل الكبار على الصغار، والرجال على النساء؟ فقال (ع): كلهم سواء " (* 1). وأما في الاشباع، فالمحكي عن المفيد: المنع من إعطائهم مطلقا، وفي الشرائع: " يجوز إطعامهم منضمين. ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد ". وكأنه لخبر غياث: " لا يجزي إطعام الصغير في كفارة اليمين ولكن صغيرين بكبير " (* 2). وفي خبر السكوني: " من أطعم في كفارة اليمين صغار وكبارا فليزود الصغير بقدر ما أكل الكبير " (* 3). لكن الاول شامل لصورة الانضمام أيضا، بل الثاني ظاهر فيها - كما في الجواهر - إلا أنه ظاهر في لزوم تزويد كل صغير بقدر ما أكل الكبير، لافي احتساب الاثنين بواحد. اللهم إلا أن يجمع بينه وبين الاول بالتخيير بين الامرين. أو يحمل الاول على صورة الانفراد، فيختص التزويد بصورة الانضمام. ولعل الثاني أقرب. وعليه: تشكل دعوى عموم احتساب الاثنين بواحد لصورتي الانضمام والانفراد، كما عن الرياض. نعم في عموم الحكم لغير كفارة اليمين نظر، لاختصاص الخبرين بها اللهم إلا أن يتمم في غيرها بعدم الفصل. ولا سيما بملاحظة اختصاص دليل مشروعية الاشباع بها لاغير. (1) للاطلاق. ولصحيح يونس عن أبي الحسن (ع): " ويتمم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب الكفارات حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب الكفارات حديث: 2.

 

===============

 

( 380 )

 

{ (مسألة 25): يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر وحاجة (1)، } إذا لم يقدر على المسلمين وعيالاتهم تمام العدة التي تلزمه أهل الضعف ممن لا ينصب " (* 1). ثم إن عبارة المتن ظاهرة في جواز إعطاء المعيل بقدر عدد العيال، وإن لم يكن وكيلا عنهم إذا كانوا كبارا، ولا وليا عليهم إذا كانوا صغارا. لكنه غير ظاهر الوجه إذا كان بنحو التمليك، إذ التمليك يحتاج سلطنة. نعم إذا كان بنحو الاشباع أمكن ذلك بلا توكيل أو ولاية، لكن المعيل حينئذ واسطة في الاشباع. لكن لابد حينئذ من العلم بحصول الاشباع، ولاتفرغ الذمة إلا به. (1) على المشهور شهرة عظيمة. لمصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " عن الرجل يدخله شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا، ثم يبدو له - بعدما يدخل شهر رمضان - أن يسافر. فسكت، فسألته غير مرة، فقال (ع): يقيم أفضل. إلا أن تكون له حاجة لابد له من الخروج فيها، أو يتخوف على ماله " (* 2) وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام. فقال (ع): لا بأس بأن يسافر، ويفطر ولا يصوم " (* 3) وقريب منهما غيرهما. وعن الحلبي: أنه لا يحل اختيارا، لاطلاق مادل على وجوب الصوم بناء على كون الحضر من شرائط الوجود، لا الوجوب. مضافا إلى مصحح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 2.

 

===============

 

( 381 )

 

{ بل ولو كان للفرار من الصوم (1). لكنه مكروه (2). } أبي بصير: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الخروج إذا دخل شهر رمضان فقال (ع): لا، إلا فيما أخبرك به: خروج إلى مكة، أو غزو في سبيل الله تعالى، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تخاف هلاكه " (* 1) وما في حديث الاربعمائة: " ليس للعبد أن يخرج إلى سفر إذا دخل شهر رمضان لقول الله عزوجل: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (* 2). وفيه: أن الحضر - لو سلم كونه شرطا للوجود - فلم يؤخذ شرطا على نحو يجب تحصيله كسائر شرائط الوجود، بل أخذ بنحو لا يجب تحصيله كما قد يقتضيه ظاهر الآية. والصحيحان المتقدمان كافيان في إثبات ذلك. ولاجلهما ترفع اليد عن ظاهر مصحح أبي بصير، وحديث الاربعمائة - لو سلمت حجية الثاني في نفسه - حملا للظاهر على الاظهر فيحملان على الكراهة، أو ترك الافضل. لا يقال: يمكن الجمع بينهما بالتقييد، بحمل المجوز على صورة وجود الحاجة، وغيره على غيرها. لانا نقول: لا مجال لهذا الجمع بالاضافة إلى الصحيح الاول، لظهوره في الجواز بلا حاجة. وسيأتي ماله نفع في المقام في شرائط وجوب الصوم. (1) كما هو المشهور. وعن العماني وابن الجنيد وأبي الصلاح: الحرمة بل يلوح ذلك من الشيخ في التهذيب. وهو ضعيف، لاطلاق الادلة المتقدمة. (2) للنهي عنه فيما سبق، المحمول عليها جمعا. نعم ظاهر المدارك: كون الحضر أفضل، أخذا بظاهر الصحيح الاول. لكن لا تنافي بينهما،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 3. (* 2) البقرة: 185. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 4.

 

===============

 

( 382 )

 

{ (مسألة 26): المد ربع الصاع (1)، وهو ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال. وعلى هذا فالمد: مائة وخمسون مثقالا وثلاثة مثاقيل ونصف مثقال وربع ربع المثقال. وإذا أعطى ثلاثة أرباع الوقية من حقه النجف (2) فقد زاد أزيد من واحد وعشرين مثقالا (3)، إذ ثلاثة أرباع الوقية: مائة وخمسة وسبعون مثقالا. فصل يجب القضاء دون الكفارة في أمور: أحدها: ما مر من النوم الثاني، بل الثالث (4). وإن كان الاحوط فيهما الكفارة أيضا، خصوصا الثالث. } لامكان كون الحضر أفضل، وكون السفر فيه منقصة موجبة للكراهة. (1) تقدم الكلام في هذه المسألة في مستحبات الوضوء. فراجع. (2) هي ثلاث حقق اسلامبول وثلث، أعني: تسعمائة وثلاثة وثلاثين مثقالا صيرفيا وثلثا. (3) ولو أعطى حقة النجف لستة أنفار فقد زاد مقدارا أيضا. فصل يجب القضاء دون الكفارة في أمور: (4) قد مر الكلام في ذلك في المفطرات. فراجع.

 

===============

 

( 383 )

 

{ الثاني: إذا أبطل صومه بالاخلال بالنية (1)، مع عدم الاتيان بشئ من المفطرات (2)، أو بالرياء (3)، أو بنية القطع أو القاطع كذلك. الثالث: إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه يوما أو أيام كما مر (4). الرابع: من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر، ثم ظهر سبق طلوعه (5) وأنه كان في النهار. سواء كان قادرا على } (1) فانه وإن وجب القضاء لتركه للصوم، لكن لادليل على وجوب الكفارة، لاختصاص أدلتها بالافطار الحاصل باستعمال المفطر، لا مطلق ترك الصوم، كما نص عليه في المستند. (2) إذ في ظرف الاتيان يدخل تحت الافطار باستعمال المفطر، فتشمله أدلة الكفارة. فان قلت: إذا كان الاخلال بالنية مفطرا، كان الاكل بعده غير مفطر، لاستناد الافطار إلى أسبق علله، وحينئذ فلا يوجب الكفارة. قلت: لو بني على ذلك لم تجب الكفارة في جميع المفطرات، لسبقها بنية الافطار، التي هي مفطرة. وحينئذ لابد من حمل نصوص وجوب الكفارة بالافطار على استعمال المفطر، ولو كان الافطار حاصلا بالاخلال بالنية، أو بالرياء، أو بنية القاطع، أو نحو ذلك. أو يقال: بعموم أدلة الكفارة للنية، لكنها تختص بالنية الملحوقة باستعمال المفطر، ولا تشمل النية المجردة. (3) معطوف على: (بالاخلال). (4) مر وجوب القضاء في المسألة الخمسين من فصل المفطرات، وعدم وجوب الكفارة في فصل اعتبار العمد والاختيار في وجوبها. (5) بلا خلاف أجده، كما في الجواهر، وفي محكي الانتصار: الاجماع

 

===============

 

( 384 )

 

{ المراعاة، أو عاجزا عنها (1)، أو حبس، أو نحو ذلك } عليه. وكذا عن الخلاف وظاهر الغنية. ويشهد له صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " أنه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين. فقال (ع): يتم صومه ذلك، ثم ليقضيه. وإن تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر " (* 1) وموثق سماعة: " سألته عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان. فقال (ع): إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل، ثم عاد فرأى الفجر، فليتم صومه، ولا إعادة عليه. وإن كان قام فأكل وشرب. ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع، فليتم صومه، ويقتضي يوما آخر. لانه بدأ بالاكل قبل النظر، فعليه الاعادة " (* 2) ونحوهما غيرهما. هذا كله في وجوب القضاء. وأما عدم الكفارة فيقتضيه الاصل، بعد اختصاص عموم وجوبها بالافطار بصورة العمد. (1) كما مال إليه في الجواهر، وجعله في المستند الاقوى، إلا أن يقوم الاجماع على خلافه. لاطلاق النصوص المتقدمة. خلافا للمشهور، حيث نفوا القضاء عن العاجز، بل عن الرياض: نفي وجدان الخلاف فيه للاصل، مع اختصاص النص والفتوى - بحكم التبادر وغيره - بصورة القدرة، كما لا يخفى على من تدبرهما. لكن الاصل خلاف إطلاق دليل المفطرية. وتقييده بغير الجاهل بالموضوع غير ظاهر. لعدم المقيد. وأما اختصاص النصوص بالقادر فانه خلاف الظاهر.

 

 

____________

(* 1) لاحظ صدر الرواية في الوسائل باب: 44 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. وذيلها في باب: 45 من الابواب المذكورة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 44 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3.

 

===============

 

( 385 )

 

{ أو كان غير عارف بالفجر (1). وكذا مع المراعاة وعدم اعتقاد بقاء الليل (2)، بأن شك في الطلوع، أو ظن فأكل، ثم تبين سبقه. بل الاحوط القضاء حتى مع اعتقاد بقاء الليل (3) ولافرق في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان، وغيره من الصوم الواجب والمندوب. بل الاقوى فيها ذلك حتى مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل (4). } (1) لدخوله في إطلاق بعض نصوص الباب، كالعاجز. (2) هذا خلاف إطلاق موثق سماعة، الدال على نفي القضاء مع المراعاة وإن حصل الشك أو الظن، ومن المعلوم أنه مقدم على إطلاق أدلة المفطرية، وإطلاق مثل صحيح الحلبي لو تم. ومنه يظهر ما في الجواهر: من الميل إلى القضاء، وحكاه عن الروض. لاطلاق أدلة المفطرية. وبأنه أولى بذلك من الظان ببقاء الليل باخبار الجارية والاستصحاب. إذ في الاطلاق ما عرفت. والاولوية ممنوعة. (3) هذا غير واضح. للتسالم على نفي القضاء مع المراعاة، وفي محكي الانتصار: الاجماع عليه، وموثق سماعة المتقدم دال عليه. ونحوه ما في مصحح معاوية، من قوله (ع): " أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت ماكان عليك قضاؤه " (* 1). وحمله على إرادة أنك لو كنت أنت الذي نظرت لعلمت طلوع الفجر فلم تأكل خلاف الظاهر. ولاسيما بملاحظة باقي نصوص المراعاة. ولا يبعد أن يكون المراد في المتن صورة ترك المراعاة لاعتقاد بقاء الليل. وعليه لا يبعد وجوب القضاء، لاطلاق الموثق وغيره. (4) كما استوضحه في المستند، واستظهر عدم الخلاف فيه إذا كان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب ما يمسك عنه الصائم ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 386 )

 

الواجب غير معين، ونفى بعض الاشكال فيه، وعن العلامة وغيره: التصريح به. لاختصاص نصوص الصحة مع المراعاة بغيره، فاطلاق مادل على المفطرية - بضميمة مادل على وجوب قضاء الفائت - يقتضي القضاء. مضافا إلى إطلاق ذيل صحيح الحلبي المتقدم (* 1) - فتأمل - ، وموثق اسحاق بن عمار: " قلت لابي إبراهيم (ع): يكون علي اليوم واليومان من شهر رمضان، فأتسحر مصبحا، أفطر ذلك اليوم وأقضي مكان ذلك اليوم يوما آخر، أو أتم على صوم ذلك اليوم وأقضي يوما آخر؟ فقال (ع): لا، بل تفطر ذلك اليوم، لانك أكلت مصبحا، وتقضي يوما آخر " (* 2) وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم (ع): " عن رجل شرب بعدما طلع الفجر وهو لا يعلم في شهر رمضان. قال: يصوم يومه ذلك، ويقضي يوما آخر. وإن كان قضاء لرمضان في شوال أو غيره، فشرب بعد الفجر، فليفطر يومه ذلك، ويقضي " (* 3). ولا يعارضها مصحح معاوية الآتي، لانه مختص بالمعين، بقرينة القضاء. وأما الواجب المعين فاستظهر في المدارك إلحاقه برمضان، في عدم الافطار مع المراعاة، وتبعه في الذخيرة والمستند. لعدم الدليل على فساد الصوم، ولا على وجوب قضائه. لاطلاق صحيح معاوية بن عمار: " قلت لابي عبد الله (ع): آمر الجارية أن تنظر الفجر، فتقول: لم يطلع بعد فأءكل، ثم أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت. قال (ع): تتم يومك ثم تقضيه. أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت ماكان عليك قضاؤه " (* 4).

 

 

____________

(* 1) لاحظ ذلك في أول الامر الرابع من الامور المذكورة في هذا الفصل. إشارة ألى ما يأتي: من قرب دعوى اختصاصه بصورة عدم المراعاة منه قدس سره. (* 2) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 4) تقدم ذلك في التعليقة السابقة.

 

===============

 

( 387 )

 

{ الخامس: الاكل تعويلا على من أخبر ببقاء الليل وعدم طلوع الفجر مع كونه طالعا (1). } فانه شامل لرمضان وغيره. وفيه: أن إطلاق دليل المفطرية، وإطلاق مادل على القضاء بالافطار يقتضي البناء على الافطار، ووجوب القضاء. والصحيح المذكور معارض بصحيح الحلبي بالعموم من وجه (* 1)، وحمل الصحيح الثاني على غير المعين، ليس أولى من حمل الصحيح الاول على شهر رمضان. وحينئذ فان كان الثاني أقرب عرفا فهو، وإلا فالمرجع عموم المفطرية والقضاء. هذا ولكن التحقيق: أن صحيح الحلبي لفظه شامل لصورتي المراعاة وعدمها، وللمعين وغيره، وهو مختص برمضان، وصحيح معاوية مختص بصورة المراعاة في المعين، وشامل لرمضان وغيره، والجمع كما يكون بتقييد الاول بعدم المراعاة، وبتقييده بغير المعين، يكون أيضا بتقييد الثاني برمضان. إلا أن الاول لما كان صدره مقيدا بصورة عدم المراعاة جمعا بينه وبين ما سبق، فذيله يتعين أيضا حمله على ذلك، وحينئذ يرتفع التنافي بينه وبين الثاني، ولا يتردد الامر في الجمع بين النحوين الآخرين حتى يرجع إلى دليل آخر، من جهة عدم المرجح، وعليه يتم ما استظهر في المدارك. لكن ذلك معارض: بأن قوله (ع في الثاني: " تتم صومك " مختص برمضان، فيتعين حمل ما بعده عليه، فلا يتم الثاني دليلا على الحكم في غيره معينا أو غيره. إلا أن يقال: لاوجه لهذا الاختصاص، بل تقدم احتمال المصنف (ره) تعميم الحكم المطلق المعين. ولعله لهذا الصحيح الثاني. (1) بلا خلاف أجده، كما في الجواهر. لصحيح معاوية السابق.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في أول الرابع من الامور المذكورة في هذا الفصل.

 

===============

 

( 388 )

 

{ السادس: الاكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر، لزعمه سخرية المخبر، أو لعدم العلم بصدقه (1). السابع: الافطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل (2) } وأصالة البراءة من الكفارة. ثم إن ظاهر إطلاق النص والفتوى: عدم الفرق بين كون المخبر عدلا أولا، متعددا أولا. وعن المحقق والشهيد الثانيين، والمدارك والذخيرة: سقوط القضاء لو كان المخبر عدلين، لحجية البينة. وفيه: أن حجية البينة - كحجية الاستصحاب - لا تنافي وجوب القضاء عند انكشاف الخطأ، فاطلاق قوله (ع): لو كنت أنت... "، مع إطلاق أدلة المفطرية يقتضي تحقق الافطار بذلك. كما أن عموم وجوب القضاء بالفوت يقتضي وجوبه أيضا. (1) بلا خلاف أجده، كما في الجواهر وعن مجمع البرهان. وعن المدارك: أنه قطع به الاصحاب. لصحيح العيص بن القاسم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت، فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع الفجر، فكف بعض، وظن بعض أنه يسخر فأكل. فقال: يتم صومه ويقضي " (* 1). مضافا إلى ما تقدم في الرابع والخامس، فانه يدل على القضاء في المقام بالاولوية. وأما الكفارة فينفيها أصل البراءة، وعن ظاهر جماعة: أنه لا خلاف في نفيها في غير صورة إخبار العدلين أو العدل الواحد، التي سيأتي الكلام فيها. (2) كما هو المشهور، وعن الحدائق: نفي الاشكال فيه، وفي الرياض: نفي الخلاف فيه. إلا من المدارك في بعض صوره. وعن الخلاف والغنية: الاجماع عليه مع الشك. وهذا - مضافا إلى فحوى ما تقدم في الرابع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 47 من ابواب يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 389 )

 

والخامس، وإلى إطلاق مادل على المفطرية، بضميمة مادل على إيجابها قضاء الصوم - هو العمدة في وجوب القضاء. ولاجله يخرج عما دل باطلاقه على نفيه، كصحيح زرارة. قال: " قال أبو جعفر (ع): وقت المغرب إذا غاب القرص. فان رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة، ومضى صومك، وتكف عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا " (* 1) - ونحوه خبر زيد الشحام - (* 2) ومصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): " أنه قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر، ثم أبصر الشمس بعد ذلك، قال (ع): ليس عليه قضاؤه " (* 3). مع إمكان دعوى ظهور الاول في صورة العلم، والثاني في صورة حصول الظن من الامارات التي يعرفها لامن الخبر، فلا يكونان مما نحن فيه. وأما الاستدلال عليه بما في ذيل موثق أبي بصير وسماعة عن أبي عبد الله (ع): " في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فرأوا أنه الليل، فأفطر بعضهم، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس. فقال (ع): على الذي أفطر صيام ذلك اليوم. إن الله عزوجل يقول: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) (* 4). فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه، لانه أكل متعمدا " (* 5). ففيه: أن الموثق معارض بما يأتي، فيجب حمله على وجوب إتمام الصوم بعد الافطار، نظير صحيح زرارة السابق، كما قد يشهد به: الاستدلال بقوله تعالى: (ثم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 51 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 51 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 51 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 4) البقرة: 187. (* 5) الوسائل باب:؟ من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 390 )

 

{ وإن كان جائزا له (1)، لعمى أو نحوه. وكذا إذا أخبره عدل، بل عدلان (2). بل الاقوى وجوب الكفارة أيضا إذا لم يجز له التقليد (3). الثامن: الافطار لظلمة قطع بحصول الليل منها (4) فبان خطؤه، ولم يكن في السماء علة. وكذا لو شك (5)، أو ظن } أتموا...)، إذ حمله على القضاء يوجب الاستدلال به عليه على مقدمة مطوية، وهو خلاف الظاهر. ولاجل ذلك يشكل الاستدلال بذيله، لامتناع التفكيك بينهما في الحكم إذ هو بمنزلة الكبرى. فتأمل. وأما الكفارة فينفيها أصل البراءة. (1) إذ الجواز الظاهري لايمنع من تحقق الافطار، لعدم الدليل على الاجزاء معه. ومنه يظهر ضعف ماعن المدارك: من نفي القضاء حينئذ. (2) إذ غاية الامر حجية الخبر حينئذ، فيجوز معه الافطار ظاهرا، وقد عرفت عدم الدليل على الاجزاء. ومنه أيضا يظهر ضعف ما عن المحقق الثاني: من أنه لا شئ على المفطر لو كان المخبر عدلين، لحجية شهادتهما. (3) لان الظاهر من الافطار عمدا - الذي هو موضوع الكفارة - الافطار لا عن عذر مع الالتفات إلى الصوم. نعم إذا كان جاهلا بعدم جواز التقليد جرى عليه حكم الجاهل بالحكم، من انتفاء الكفارة. (4) كأنه لعموم أدلة المفطرية، بضميمة مادل على وجوب القضاء على من أفطر. وفيه: أن العموم مقيد بصحيح زرارة وخبر الشحام المتقدمين آنفا، اللذين قد عرفت انتفاء المعارض لهما. مضافا إلى مصحح زرارة الوارد في الظن بضميمة الاولوية، بناء على إطلاق الظن فيه. فالبناء على عدم القضاء - كما في المستند - متعين. وحال الكفارة حينئذ ظاهر. (5) لعموم أدلة المفطرية من غير مقيد، لعدم شمول النصوص المتقدمة له.

 

===============

 

( 391 )

 

{ بذلك (1)، منها، بل المتجه في الاخيرين الكفارة أيضا، لعدم جواز الافطار حينئذ (2). ولو كان جاهلا بعدم جواز الافطار فالاقوى عدم الكفارة (3)، وإن كان الاحوط إعطاؤها. نعم لو كانت في السماء علة فظن دخول الليل فافطر، ثم بان له الخطأ لم يكن عليه قضاء (4)، فضلا عن الكفارة. } (1) قد يشكل: بأنه خلاف مصحح زرارة المتقدم، مع عدم المعارض له، اللازم حينئذ تقديمه على عموم أدلة المفطرية. وحمل الظن فيه على العلم، كقوله تعالى: (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم...) (* 1) حمل على خلاف الظاهر من دون قرينة. نعم قوله: " فأفطر " بالفاء الدالة على الترتيب، يصلح أن يكون قرينة على إرادة خصوص الظن الذي يجوز التعويل عليه. ولاسيما بملاحظة أصالة الصحة في فعل المسلم. وحينئذ لا إطلاق للظن فيه يؤخذ به، والمتيقن منه ما يجوز العمل به. وهو وإن كان المحكي عن المدارك أنه مطلق الظن حيث لا طريق إلى العلم بلا خلاف. لكنه غير ظاهر، لخلو أكثر عباراتهم عن التصريح به - كما عن الذخيرة - وظهور محكي المقنعة في خلافه. فلا يبعد حينئذ تخصيصه بما يحصل من المراعاة مع وجود علة في السماء، فان جواز العمل به حينئذ إن لم يكن متيقنا من الفتاوى، فلا أقل من كونه متيقنا من المصحح وغيره. وعليه فاطلاق أدلة المفطرية في غيره محكم. (2) فيكون إفطاره من العمد بالمعنى المتقدم، الذي هو موضوع الكفارة. (3) على ما سبق في الجاهل بالحكم. (4) للمصحح المتقدم (* 2) مضافا إلى مصحح الكناني قال: " سألت

 

 

____________

(* 1) البقرة: 46. (* 2) لاحظ الامر السابع من الامور المذكورة في هذا الفصل.

 

===============

 

( 392 )

 

{ ومحصل المطلب: أن من فعل المفطر بتخيل عدم طلوع الفجر، أو بتخيل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور إلا في صورة ظن دخول الليل، مع وجود علة في السماء، من غيم، أو غبار، أو بخار، أو نحو ذلك. من غير فرق بين شهر رمضان، وغيره (1) من الصوم الواجب والمندوب. وفي الصور التي ليس معذورا شرعا في الافطار - كما إذا قامت البينة على أن الفجر قد طلع ومع ذلك أتى بالمفطر، أو شك في دخول الليل، أو ظن ظنا غير معتبر ومع ذلك أفطر - يجب الكفارة أيضا فيما فيه الكفارة. (مسألة 1): إذا أكل أو شرب - مثلا - مع الشك في طلوع الفجر، ولم يتبين أحد الامرين لم يكن عليه شئ (2) } أبا عبد الله (ع) عن رجل صام، ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب. فقال (ع): قد تم صومه ولا يقضيه " (* 1) ونحوه خبر زيد الشحام عنه (ع) (* 2) لكن ينبغي تخصيصه بصورة المراعاة التي يجوز العمل فيها بالظن، لماعرفت (1) لاطلاق النص في المستثنى والمستثنى منه. (2) لاصالة عدم تحقق الاكل في النهار، الذي هو موضوع القضاء ولا يجرى استصحاب بقاء الاكل إلى زمان تحقق النهار، لانه لا يثبت تحقق الاكل فيه، لان الشك ليس في بقاء الاكل وعدمه، بل في بقاء الليل وعدمه، فاستصحاب بقاء الليل يقتضي كون الاكل لافي النهار. لا يقال: موضوع القضاء ترك الصوم، وهو يثبت بأصالة عدم الصوم. لانه يقال:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 51 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 2) تقدم ذلك في الامر السابع من الامور المذكورة في هذا الفصل.

 

===============

 

( 393 )

 

{ نعم لو شهد عدلان بالطلوع، ومع ذلك تناول المفطر وجب عليه القضاء (1)، بل الكفارة أيضا، وإن لم يتبين له ذلك بعد ذلك. ولو شهد عدل واحد بذلك فكذلك على الاحوط (2). (مسألة 2): يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر، ولم يشهد به البينة، ولايجوز له ذلك إذا شك في الغروب عملا بالاستصحاب في الطرفين (3) ولو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب فالاحوط ترك المفطر، عملا بالاحتياط، للاشكال في حجية خبر العدل الواحد وعدم حجيته. إلا أن الاحتياط في الغروب الزامي، وفي الطلوع استحبابي، نظرا للاستصحاب. } الصوم ترك المفطر في النهار، وقد عرفت أنه بنفسه يثبت بالاصل. (1) يعني: وجوبا ظاهريا بمقتضى حجية البينة. وكذا وجوب الكفارة فلو انكشف خطأ البينة لم يلزم شئ منهما. (2) لاحتمال حجية الخبر. لكن عرفت مكررا: عدم الدليل عليها فلا مانع من العمل بالاصول المتقدمة، بل خبر مسعدة بن صدقة ظاهر في نفي الحجية (* 1). (3) يعني: استصحاب بقاء الليل والنهار، اللذين لاإشكال ظاهرا في حجيتهما في المقام، بل عد جواز العمل بهما من الضروريات. وقد يشكل: بأن ظاهر قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (* 2) ونحوه - مما دل على توقيت الصوم وغيره من الموقتات -: وجوب إيقاع الفعل لموقت في زمان هو رمضان، أو غيره من الاوقات، بنحو مفاد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به حديث: 4. (* 2) البقرة: 185.

 

===============

 

( 394 )

 

{ التاسع، إدخال الماء في الفم للتبرد - بمضمضة أو غيرها - } كان الناقصة، وهو لا يثبت باستصحاب النهار أو نحوه الذي هو مفاد كان التامة، لوضوح تباين المفادين، فلا يثبت أحدهما بالاستصحاب الجاري في إثبات الآخر. فكما أن استصحاب بقاء الكر في الحوض لا يثبت كرية الماء الموجود فيه، كذلك استصحاب بقاء النهار لا يثبت نهارية الزمان الخاص الواقع فيه الامساك، وإذ لا تثبت نهارية الزمان الخاص لا يجب الامساك فيه. نعم لو كان الاثر ثابتا لوجود النهار بنحو مفاد كان التامة، كما إذا قيل: " صم مادام نهار رمضان " كان استصحاب بقاء النهار كافيا في إثبات وجوب الصوم. إلا أنه خلاف ظاهر دليل التوقيت فيه، وفي سائر موارد التوقيت التي يؤخذ الزمان فيها قيدا للفعل. ويمكن أن يدفع الاشكال: بأن ظرفية الزمان الخاص - أعني: الليل والنهار، ونحوهما - ليس المراد بها كونه ظرفا للفعل الموقت حقيقة، إذ الاضافة بينهما ليست إضافة الظرفية، إذ كيف يمكن اعتبارها بين حركة الكوكب في القوس الفوقاني أو التحتاني وبين فعل المكلف؟! بل إضافة الظرفية إنما تعتبر بين فعل المكلف والامد الموهوم، الذي يعتبر ظرفا للفعل كما يعتبر أيضا ظرفا لليل أو النهار أو غيرهما من الساعات، فيكون معنى: " صم في رمضان " صم في ذلك المأد الموهوم الذي يكون ظرفا لرمضان فترجع الاضافة بين الصورة ورمضان إلى اضافة الاقتران، نظير الاضافة بين الصلاة والطهارة في قولنا: " صل في طهارة ". وعليه فكما لاإشكال في جريان استصحاب الطهارة لاثبات كون الصلاة في طهارة، كذلك لا ينبغي الاشكال في جريان استصحاب رمضان لاثبات كون الصوم في رمضان. فلاحظ. وتأمل. هذا ولو فرض تحكم الاشكال المذكور أمكن الرجوع - في إثبات

 

===============

 

( 395 )

 

{ فسبقه ودخل الجوف، فانه يقضي (1) } وجوب الصوم في الزمان المشكوك كونه قبل الغروب أو بعده - إلى استصحاب نفس الوجوب، فيقال: كان الصوم واجبا، فهو على ماكان. ولايقال عليه: إن المعلوم الثبوت سابقا هو وجوب الصوم في النهار، والمقصود إبقاؤه هو وجوب نفس الصوم، فيكون المشكوك غير المتيقن، وهو مانع من جريان الاستصحاب لاعتبار اتحاد القضية المعلومة والمشكوكة في جريانه. لانه يقال: هذا المقدار من الاختلاف إنما يقدح بناء على اعتبار الاتحاد بينهما بحسب لسان الدليل. وأما بناء على اعتباره بحسب نظر العرف فلا إشكال فيه، كما أوضحناه فيما علقناه على مباحث الاستصحاب من الكفاية. فراجع. كما يمكن أيضا: جواز الاكل في الزمان المشكوك كونه بعد الطلوع لاصالة البراءة من وجوب الامساك، ولظاهر قوله تعالى: (حتى يتبين لكم...) (* 1) المحمول على الحكم الظاهري. ولما رواه إسحاق بن عمار: " قلت لابي عبد الله (ع): أءكل في شهر رمضان حتى أشك؟ قال (ع): كل حتى لا تشك " (* 2). ونحوه غيره. (1) بلا خلاف فيه في الجملة، كما في الرياض، أو بلا خلاف فيه أجده، كما في الجواهر، وعن المنتهى: نسبته إلى علمائنا، وعن الانتصار والخلاف والغنية: الاجماع عليه. واستدل له بموثق سماعة - في حديث - قال: " سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش، فدخل حلقه. قال (ع): عليه القضاء. وإن كان في وضوء فلا بأس " (* 3) وبصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في الصائم يتوضأ للصلاة، فيدخل

 

 

____________

(* 1) البقرة: 187. (* 2) الوسائل باب: 49 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 23 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.

 

===============

 

( 396 )

 

{ ولا كفارة عليه (1). وكذا لو أدخله عبثا فسبقه (2). وأما } الماء حلقه. فقال (ع): إن كان وضوءه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وإن كان وضؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء " (* 1) ورواه في الكافي عن حماد عنه (ع) (* 2) بضميمة الاولوية. اللهم إلا أن يمنع الحكم في الاصل - كما سيأتي - فيتعين الحمل على الاستحباب. نعم قد يعارض الموثق: موثق عمار: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم. قال (ع): ليس عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك. قلت: فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء. قال (ع): ليس عليه شئ. قلت: فان تمضمض الثالثة فقال (ع): قد أساء، ليس عليه شئ، ولا قضاء " (* 3) إلا أنه مطلق والموثق مقيد، فيحمل المطلق على المقيد، ثم إن مورد الموثق المضمضة، فالحاق غيرها بها كأنه لالغاء خصوصيتها. (1) للاصل، بعد انتفاء العمد، الموجب لامتناع الرجوع إلى أدلة الكفارة. (2) كما عن صريح بعض، وظاهر محكي الانتصار: الاجماع عليه. وكأنه لمفهوم قوله (ع) في موثق سماعة المتقدم: " وان كان في وضوء... ". ودعوى: أن من المحتمل كون المراد من الشرط غير مضمضة العطش فتكون الشرطية الثانية تصريحا بمفهوم الصدر. في غير محلها، لاختصاص ذلك بما لو كانت الشرطيتان في كلام المعصوم، وليس هنا كذلك، فالاخذ بالمفهوم في محله. ولا سيما مع مناسبته للاولوية الارتكازية. وحينئذ فلا بأس بالتعدي إلى مطلق الادخال في الفم لغرض، كتطهير الفم، والتداوي،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب ما يمسك عنه الصائم ملحق حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 23 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5.

 

===============

 

( 397 )

 

{ لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضا (1)، وإن كان أحوط. ولا يلحق بالماء غيره - على الاقوى - (2) وإن كان عبثا. كما لا يلحق بالادخال في الفم الادخال في الانف للاستنشاق أو غيره، وإن كان أحوط في الامرين. (مسألة 3): لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه القضاء، سواء كانت الصلاة فريضة (3) أو نافلة على الاقوى (4). بل لمطلق الطهارة (5) وإن كانت لغيرها من الغايات، من غير فرق بين الوضوء والغسل. وإن كان الاحوط } ونحوهما. وإن جزم في الجواهر في الاولين بنفي القضاء، للاصل. (1) كما في الجواهر. لخروجه عن النصوص، فالمرجع فيه: مادل على عدم قدح النسيان، مما سبق. (2) كما في الجواهر. لعدم الدليل عليه، وقد عرفت: اعتبار الاختيار في حصول الافطار. ومنه يعرف الحال في الاستنشاق، وإن حكي عن صريح الدروس: إلحاقه إذا كان للتبرد بالمضمضة. (3) بلا خلاف، كما جزم به غير واحد، بل استفاض نقل الاجماع عليه. ويشهد له النصوص المتقدمة، لاتفاقهما على نفي القضاء فيها. (4) إجماعا، كماعن الخلاف والمنتهى ومحكي الانتصار. ويقتضيه اطلاق موثق سماعة وعمار المتقدمين. نعم يعارضهما: صحيح الحلبي المتقدم. إلا أن يدعى هجره عند الاصحاب، المسقط له عن الحجية. لكنه محل تأمل لحكاية القول به - أو الميل إليه - عن جماعة. فتأمل. (5) وفي محكي الانتصار، وعن الغنية والسرائر: الاجماع عليه. ويشهد له إطلاق. موثق عمار المتقدم - وكذا موثق سماعة - بناء على كون

 

===============

 

( 398 )

 

{ القضاء فيما عدا ماكان لصلاة الفريضة، خصوصا فيما كان لغير الصلاة من الغايات. (مسألة 4): يكره المبالغة في المضمضة مطلقا (1)، وينبغي له أن لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات (2). (مسألة 5): لا يجوز التمضمض مطلقا مع العلم بأنه يسبقه الماء إلى الحلق (3)، أو ينسى فيبلعه. } المراد من الوضوء فيه الطهارة، وذكر الوضوء بالخصوص لانه الشائع. وفيه: ما عرفت من أنه مخالف لصحيح الحلبي (* 1) بل لمفهوم موثق سماعة أيضا - (* 2) لان إرادة مطلق الطهارة من الوضوء لاقرينة عليها. (1) لمرسل حماد عن الصادق (ع): " في الصائم يستنشق، ويتمضمض؟ قال (ع): نعم، ولكن لا يبالغ " (* 3). (2) لخبر زيد الشحام: " في صائم يتمضمض. قال (ع): لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات " (* 4). (3) إذ حينئذ يكون من الافطار عمدا. وكذا في الفرض الثاني، كما تقدم نظيره. وتقدم في المسألة الاحدى والسبعين الاشكال فيه: بأن العلم المذكور مصحح للعقاب، ولا يصحح نسبة الفعل إلى المكلف، التي هي شرط في حصول المفطرية، كما يظهر من بعض النصوص. ثم إن الظاهر من النص والفتوى: جواز المضمضة في غير الفرضين مطلقا. وعن التهذيب والاستبصار: أنه لا تجوز إذا كانت للتبرد، مستدلا

 

 

____________

(* 1)، (* 2) تقدم ذكرهما في الامر التاسع من الامور المذكورة في هذا الفصل. (* 3) الوسائل باب: 23 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 31 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1.

 

===============

 

( 399 )

 

{ العاشر: سبق المني بالملاعبة، أو الملامسة (1)، إذا لم يكن ذلك من قصده ولا عادته على الاحوط. وإن كان الاقوى عدم وجوب القضاء أيضا.