فصل فيمن تجب عنه

[ فصل فيمن تجب عنه يجب إخراجها بعد تحقق شرائطها عن نفسه، وعن كل من يعوله (1)، حين دخول ليلة الفطر. من غير فرق بين واجب النفقة عليه وغيره، والصغير والكبير، والحر ] فصل فيمن تجب عنه (1) بلا خلاف ولا إشكال، بل عن غير واحد: الاجماع عليه. وفي الجواهر: الاجماع بقسميه عليه. ويشهد له كثير من النصوص، كصحيح عمر ابن يزيد: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه، فيحضر يوم الفطر، يؤدي عنه الفطرة؟ فقال (ع): نعم، الفطرة واجبة على كل من يعول، من ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، حر أو مملوك) (* 1)، ومصحح ابن سنان (كل من ضممت إلى عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه) (* 2)، وفي صحيح الحلبي: (صدقة الفطرة على كل رأس من أهلك) (* 3)، وفي خبر حماد ابن عيسى: (يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه، ورقيق امرأته، وعبده النصراني والمجوسي، وما أغلق عليه بابه) (* 4). ونحوها غيرها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 10. (* 4) الوسائل باب: 5 من أبواب الفطرة حديث: 13.

 

===============

 

( 397 )

 

[ والمملوك، والمسلم والكافر، والارحام وغيرهم، حتى المحبوس عنده ولو على وجه محرم (1). وكذا تجب عن الضيف، بشرط صدق كونه عيالا له (2)، وإن نزل عليه في آخر يوم من رمضان، بل وإن لم يأكل عنده شيئا. لكن بالشرط المذكور، وهو صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر، بأن يكون بانيا على البقاء عنده مدة. ومع عدم الصدق تجب على نفسه، لكن الاحوط أن يخرج صاحب المنزل عنه أيضا حيث أن بعض العلماء اكتفى في الوجوب عليه مجرد صدق اسم الضيف، وبعضهم: اعتبر كونه عنده تمام الشهر، وبعضهم: العشر الاواخر، وبعضهم: الليلتين الاخيرتين، فمراعاة الاحتياط أولى. وأما الضيف النازل بعد دخول الليلة ] (1) كما صرح به غير واحد. لاطلاق النصوص. (2) قد اختلفت كلماتهم فيه، فعن الشيخ والسيد: اعتبار الضيافة طول الشهر، وعن المفيد: الاكتفاء بالنصف الاخير، وعن جماعة: الاجتزاء بالعشر الاخيرة، وعن الحلي: الاجتزاء بالليلتين الاخيرتين، وعن العلامة: الاجتزاء بالليلة الاخيرة، وعن ابن حمزة: الاجتزاء بمسمى الافطار في الشهر وعن جماعة منهم الشهيد الثاني: الاجتزاء بصدق الضيف في جزء من الزمان قبل الهلال، وعن بعض: اعتبار صدق العيلولة عرفا. وأكثر الاقوال غير ظاهر الوجه. نعم كأن مستند الاخير: ما في الصحيح الاول، من قوله (ع): (نعم الفطرة..) بدعوى: ظهوره في تقييد الوجوب عن الضيف بكونه ممن يعوله، كما هي غير بعيدة، بل لا يبعد دخول ذلك في مفهوم

 

===============

 

( 398 )

 

[ فلا تجب الزكاة عنه، وإن كان مدعوا قبل ذلك. (مسألة 1): إذا ولد له ولد، أو ملك مملوكا، أو تزوج ] الضيف. ولا ينافيه وضوح عدم صدق العيال عليه، لان موضوع الحكم أن يكون ممن يعوله ولو في وقت، لا كونه من العيال. وفرق بين العنوانين فانه يكفي في صدق الاول البناء على الانفاق عليه ولو مدة يسيرة، ولا يكفي ذلك في الثاني. ومن المعلوم: أن مبنى الضيافة الاستمانة والتعيش من المضيف مدة ما ولو كانت قصيرة، فلو كان من نية الضيف الاكل من متاعه لا من طعام صاحب المنزل لا يعد ضيفا. ولعل ذلك موجب لرجوع القولين الاخيرين إلى قول واحد. كما أن منه يظهر لزوم تقييد عبارة المتن بالبقاء عنده مدة كأحد عياله يعيش بنفقته، ولا يكفي نية البقاء عنده محضا فضلا عن النزول عليه قبل الهلال وبقائه إلى أن يهل إذ لا يصدق عليه حينئذ الضيف ولا من يعول به، ولا من ضم إلى عياله ولا غير ذلك من العناوين المذكورة في النصوص موضوعا للفطرة. وإغلاق الباب في المرفوع كناية عن أن يعول به، لا أنه موضوع للحكم إجماعا. ثم إن الظاهر أنه يعتبر في العيلولة نحو من التابعية والمتبوعية، بحيث يعد المعال تابعا للمعيل ومن متعلقيه في شؤون معاشه، فلا يكفي مجرد إعطاء المال لشخص، أو اباحته له بمقدار نفقته في صدق كونه عيالا للمعطي. ولعله إلى ذلك أشير في صحيح ابن الحجاج: (عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته، أتكون عليه فطرته؟ قال (ع): لا، إنما تكون فطرته على عياله صدقة دونه. وقال (ع): العيال: الولد، والمملوك، والزوجة، وأم الولد) (* 1). ومنه يظهر الوجه في عدم وجوب الفطرة عمن يدعى للعشاء أو الافطار

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 3.

 

===============

 

( 399 )

 

[ بامرأة، قبل الغروب من ليلة الفطر أو مقارنا له (1)، وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالا له. وكذا غير المذكورين ممن يكون عيالا، وإن كان بعده لم تجب. نعم يستحب الاخراج عنه (2) إذا كان ذلك بعده وقبل الزوال من يوم الفطر. (مسألة 2): كل من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه (3)، وإن كان غنيا وكانت واجبة عليه لو انفرد، وكذا لو كان عيالا لشخص ثم صار وقت الخطاب عيالا لغيره. ] في الوليمة، وإن حضر عند الغروب أو قبله، إذ ليس له نحو من التابعية بخلاف الضيف النازل في ذلك الوقت، فان له ذلك النحو من التابعية. وأيضا الضيف يتعهد به المضيف من جميع جهات المعاش وليس كذلك المدعو فان الداعي إنما يتعهد بخصوص طعامه وشرابه دون بقية الجهات. وعلى هذا فلا إشكال في أن الدعوة إلى الوليمة لا تستوجب أداء الفطرة. فتأمل جيدا. (1) قد عرفت الاشكال في الاكتفاء بالمقارنة، فانه خلاف ظاهر جملة من فقرات صحيح معاوية المتقدم (* 1) (2) كما سبق. (3) بلا خلاف معتد به أجده، بل في المدارك نسبته إلى قطع الاصحاب، بل عن شرح الارشاد لفخر الاسلام: أنه إجماع. نعم في البيان: ظاهر ابن إدريس وجوبها على الضيف والمضيف، كذا في الجواهر، وفيه: أنه خلاف ما دل على أن فطرة الضيف على المضيف، فان ظاهره أنها فطرة واحدة على المضيف، فيخصص به مادل على وجوب فطرة كل انسان على نفسه.

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة: 2 من فصل شرائط وجوب الفطرة.

 

===============

 

( 400 )

 

[ ولا فرق في السقوط عن نفسه (1) بين أن يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصيانا أو نسيانا، لكن الاحوط الاخراج عن نفسه حينئذ (2). نعم لو كان المعيل فقيرا والعيال غنيا فالاقوى وجوبها على نفسه (3)، ولو تكلف المعيل الفقير ] (1) كما عن جماعة التصريح به، بل ربما نسب إلى المشهور، كذا في الجواهر. لظهور الادلة في الوجوب على المعيل لا غير. (2) بل ظاهر قوله في الارشاد: (وتسقط عن الموسرة والضيف الغني بالاخراج..) عدم السقوط بدونه، واحتمله في المسالك، وكأن وجهه: إما دعوى أن مفاد الادلة أن المعيل مكلف بدفع الفطرة الثابتة على المعال عنه، فالتكليف يكون بالاسقاط وافراغ ذمة العيال. ولكنه خلاف الظاهر. ولاسيما بملاحظة عدم اشتغال الذمة في جملة من أفراد المعال كالصبي والعبد المصرح بهما في النصوص. أو دعوى: أن الجمع بين دليل وجوب الفطرة على المعيل، ودليل وجوب الفطرة على العيال الجامع للشرائط، بضميمة ما يستفاد: من أن لكل إنسال فطرة واحدة، أن يكون الوجوب عليهما من قبيل الوجوب الكفائي، الذي تحقق في محله: أن الواجب فيه واحد، والواجب عليه متعدد. إذ لا مانع من اشتغال ذمم متعددة بواجب واحد، لان الوجود الذمي اعتباري، ولا مانع من أن يكون للواحد وجودات متعددة اعتبارية. وارتكاب هذا الحمل أولى من ارتكاب التقييد في دليل الوجوب على العيال. فإذا القول بتوقف السقوط عن العيال على أداء المعيل كالعكس في محله. فلاحظ. (3) كما عن الحلي القطع به، وعن المعتبر: أنه قوي. ولعدم المخصص لعموم وجوب الفطرة على كل إنسان. وبذلك يظهر ضعف ما عن الشيخ والفخر: من عدم وجوبها على الزوجة الموسرة إذا كان الزوج معسرا،

 

===============

 

( 401 )

 

[ بالاخراج على الاقوى (1). وإن كان السقوط حينئذ لا يخلو عن وجه. (مسألة 3): تجب الفطرة عن الزوجة سواء كانت دائمة أو متعة مع العيلولة لهما، من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أولا (2) لنشوز أو نحوه. وكذا المملوك وإن لم تجب نفقته عليه. وأما مع عدم العيلولة فالاقوى عدم الوجوب عليه (3) وإن كانوا من واجبي النفقة عليه. وان كان الاحوط ] لاصالة البراءة. إذ لا مجال للاصل مع عموم الادلة، المقتصر في تخصيصها على خصوص صورة اجتماع شرائط الوجوب في المعيل، لانها مورد نصوص التخصيص. اللهم إلا أن يدعى: أنها يستفاد منها عدم الفطرة على المعال كلية. لكنها ممنوعة جدا. (1) لعدم الدليل على السقوط به، وقاعدة الاشتغال تقتضي عدمه. لكن عرفت في الحاشية السابقة: أن الاقرب السقوط. كما تعرف منه أيضا: أنه لا تنافي بين الوجوب على العيال والاستحباب على المعيل. ولا حاجة إلى تكلف ماعن البيان، من أن استحباب إخارج المعيل عن العيال مختص بالعيال الفقير ويشمل الغني. فلاحظ. (2) بلا خلاف ولا إشكال. كل ذلك لاطلاق الادلة. وكذا المملوك. (3) أما مع عدم وجوب النفقة في الزوجة فهو المشهور. وعن الحلي الوجوب، مدعيا عليه الاجماع والعموم، من غير تفصيل من أحد من أصحابنا. وفيه: منع الاجماع، بل عن المدارك: (صرح الاكثر بأن فطرة الزوجة إنما تجب إذا كانت واجبة النفقة..). وعن المعتبر: ما عرفنا أحدا من فقهاء الاسلام فضلا عن الامامية أوجب الفطرة

 

===============

 

( 402 )

 

[ الاخراج، خصوصا مع وجوب نفقتهم عليه. وحينئذ ففطرة الزوجة على نفسها (1)، إذا كانت غنية، ولم يعلها الزوج ] عن الزوجة من حيث هي، بل ليس تجب فطرة إلا عمن تجب مؤنته أو تبرع بها عليه..). نعم قد يوهم ذلك إطلاق بعض النصوص، مثل موثق إسحاق: (عن الفطرة؟ قال (ع): الواجب عليك أن تعطي عن نفسك وأبيك وأمك وولدك وامرأتك وخادمك) (* 1). لكنه بقرينة اشتماله على الوالد والولد يمتنع الاخذ باطلاقه، وإلا يلزم أن تكون فطرة كل من الوالد والولد على الآخر وعلى نفسه. وأما ما في صحيح ابن الحجاج المتقدم، من قوله (ع): (العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد) (* 2) فأولى أن يكون قاصر الدلالة، فانه بقرينة سياقه في مقام تمييز العيال عن غيرهم مع كون الجميع ممن ينفق عليهم، لا في مقام الحكم تعبدا بأن الولد والزوجة عيال مطلقا. فلاحظ. وأما مع وجوب النفقة على الزوجة والمملوك فالمنسوب إلى المشهور وجوب فطرتهما على الزوج والسيد، لانها تابعة لوجوب الانفاق. ولاطلاق النصوص. لكن الاول مصادرة، والثاني غير ظاهر، إذ ليس ما يتوهم منه الاطلاق إلا الخبرين المذكورين، وقد عرفت الاشكال فيهما. مع أنه لو تم إطلاقهما لم يفرق بين الزوجة والمملوك وغيرهما مما ذكر في الخبرين، فلا يختص الحكم بهما. ولذا كان ظاهر ما عن المبسوط والمعتبر عموم الحكم لمطلق واجب النفقة. (1) هذا تفريع على ما قواه، لا على ما هو الاحوط.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 4. (* 2) لاحظ المسألة: 1 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 403 )

 

[ ولا غير الزوج أيضا. وأما إن عالها أو عال المملوك غير الزوج والمولى فالفطرة عليه (1) مع غناه. (مسألة 4): لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة عنه وعنهما (2). (مسألة 5): يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير من مال الموكل (3)، ويتولى الوكيل النية. والاحوط نية الموكل أيضا، على حسب ما مر في زكاة المال. ويجوز توكيله في الايصال، ويكون المتولي حينئذ هو نفسه. ويجوز الاذن في الدفع عنه أيضا لا بعنوان الوكالة وحكمه حكمها، بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله، بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة. كما يجوز التبرع به من ماله باذنه أولا باذنه، وإن كان الاحوط عدم الاكتفاء في هذا وسابقه. (مسألة 6): من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه إخراج ذلك الغير عن نفسه (4)، سواء كان غنيا، أو فقيرا وتكلف بالاخراج. بل لا تكون حينئذ فطرة، حيث أنه غير مكلف بها. نعم لو قصد التبرع بها عنها أجزأه على الاقوى ] (1) بلا إشكال. لاطلاق ما دل على وجوب الفطرة عمن يعول به. كما لا إشكال عندنا في سقوطها عن الزوج والسيد، كما في الجواهر. (2) أما الاول فلعدم كونهما عيالا له. وأما الثاني فلما سبق: من عدم وجوب الفطرة عليهما. (3) تقدم الكلام في هذه المسألة في زكاة المال فراجع. (4) قد عرفت تقريب الاجزاء في المسألة الثانية. فراجع.

 

===============

 

( 404 )

 

[ وإن كان الاحوط العدم. (مسألة 7): تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي (1) كما في زكاة المال، وتحل فطرة الهاشمي على الصنفين. والمدار على المعيل لا العيال (2)، فلو كان العيال هاشميا دون المعيل لم يجز دفع فطرته إلى الهاشمي، وفي العكس يجوز. ] (1) العمدة فيه: الاجماع. والا فيمكن المناقشة في اطلاق الزكاة، أو الزكاة المفروضة، أو الصدقة الواجبة على الناس بنحو يشمل الفطرة ولا سيما بملاحظة ما في خبر الشحام، من تفسير الممنوع إعطاؤها لبني هاشم بالزكاة المفروضة المطهرة للمال. (2) لانه الذي وجبت عليه واشتغلت بها ذمته على ما عرفت، فان كان هاشميا كانت صدقة هاشمي فتحل للهاشمي، وإن كان عياله غير هاشمي وان لم يكن هاشميا كانت صدقة غير هاشمي، فلا تحل للهاشمي وإن كان عياله هاشميا. وكونها صدقة عن العيال لا يجعل المدار على العيال، لان المراد بصدقة الهاشمي أو غير الهاشمي الصدقة التي تجب على الهاشمي، وتشتغل بها ذمته أو غير الهاشمي، لا من وجبت عنه، فان عيال الانسان كماله، تجب على الانسان الصدقة عنه كما تجب عليه الصدقة عن ماله. والمدار في المنع والجواز المخاطب، لا من تكون عنه. ومن ذلك يظهر لك ضعف ما في الحدائق: من أن الاعتبار بالمعال، لانه هو الذي تضاف إليه الزكاة، فيقال: فطرة فلان، فان هذه الاضافة نظير إضافة الزكاة إلى المال أو التجارة أو نحوهما ليست موضوعا للحكم جوازا ومنعا. هذا كله على المشهور من اختصاص الوجوب بالمعيل. أما بناء على ما قربناه من الوجوب عليهما على نحو الوجوب الكفائي، فإذا كان أحدهما هاشميا دون الآخر يصدق أنها فطرة الهاشمي، كما يصدق أنها فطرة غير

 

===============

 

( 405 )

 

[ (مسألة 8): لا فرق في العيال بين أن يكون حاضرا عنده وفي منزله أو منزل آخر أو غايبا عنه (1)، فلو كان له مملوك في بلد آخر، لكنه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته. وكذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك. كما أنه إذا سافر عن عياله، وترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم. نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه، سواء كان الغير موسرا ومؤديا أولا. وإن كان الاحوط في الزوجة والمملوك إخراجه عنهما، مع فقر العائل، أو عدم أدائه. وكذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا في عياله ولا في عيال غيره، ولكن الاحوط في المملوك والزوجة ما ذكرنا، من الاخراج عنهما حينئذ أيضا. (مسألة 9): الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم، بل يجب. إلا إذا وكلهم أن يخرجوا من ] الهاشمي، فلا مجال للرجوع إلى الدليلين معا، فيكون المرجع إطلاقات الجواز. اللهم إلا أن يقال: التعليل: بأن الزكاة أوساخ أيدي الناس، ويناسب كون المدار على المعال به لانها فداء عنه، لا عن المعيل. (1) لما عرفت، من إطلاق النصوص الدالة على وجوبها على المعيل. وحكم بقية المسألة يظهر مما عرفت، من أن المدار العيلولة، من دون فرق بين حضور المعيل أو المعال وعدمه. وفي صحيح جميل: (لا بأس أن يعطي الرجل عن عياله وهم غيب عنه، ويأمرهم فيعطون عنه وهو غائب عنهم (* 1). ومن ذلك تعرف وضوح الحكم في المسألة التاسعة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 1.

 

===============

 

( 406 )

 

ماله الذي تركه عندهم (1)، أو أذن في التبرع عنه. (مسألة 10): المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة إذا كان في عيالهما معا (2)، وكانا موسرين، ] (1) مجرد التوكيل غير كاف في سقوط الوجوب. نعم إذا وثق بأنهم يؤدون كفى ذلك. (2) كما عن الاكثر. واستدل له مضافا إلى إطلاق مادل على أن فطرة العيال على من يعول به، الشامل لصورة وحدة العائل وتعدده. بمكاتبة محمد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا (ع): (يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى، وفي يده مال لمولاه، ويحضر الفطر، أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ قال (ع): نعم) (* 1) وفيه: أن المكاتبة غير معمول بها عندهم على ظاهرها. وحملها على صورة موت المولى بعد الهلال كما في الوسائل موجب لخروجها عن صلاحية الدليلية في المقام. فالعمدة: الاطلاق. إلا أن يقال: لو تم الاطلاق تعين الخروج عنه بخبر زرارة عن أبي عبد الله (ع): (قلت: عبد بين قوم، عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال (ع): إذا كان لكل إنسان رأس فعليه أن يؤدي فطرته، وإذا كان عدة العبيد وعدة الموالي سواء، وكانوا جميعا فيهم سواء أدوا زكاتهم، لكل واحد منهم على قدر حصته. وان كان لكل إنسان منهم أقل من رأس فلا شئ عليهم (* 2) ". وعمل به الصدوق، وتبعه في ظاهر الوسائل. وفيه: أنه ضعيف السند، غير مجبور بعمل. واعتماد الصدوق عليه لا يعارض إعراض الاصحاب عنه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 18 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 1.

 

===============

 

( 407 )

 

[ ومع إعسار أحدهما تسقط وتبقى حصة الآخر (1)، ومع إعسارهما تسقط عنهما. وإن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره، وتسقط عنه وعن الآخر مع إعساره (2)، وإن كان الآخر موسرا. لكن الاحوط إخراج حصته. وإن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضا، ولكن الاحوط الاخراج مع اليسار، كما عرفت مرارا. ولا فرق في كونهما عليهما مع العيلولة لهما بين صورة المهاياة وغيرها، وإن كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما (3)، فان المناط ] (1) يجري فيه الاشكال المتقدم في العبد الذي تحرر منه شئ من عدم ظهور الادلة في ثبوت الحكم للعيلولة بلحاظ البعض. (2) أما عنه فللاعسار. وأما عن الآخر فلعدم كونه ممن يعول به على ما عرفت من اختصاص الوجوب بالعيلولة، ولا يكفي مجرد الملكية أو وجوب النفقة. ومن ذلك تعرف الوجه فيما بعده. (3) كما نص عليه في الجواهر: " لعدم صدق إطلاق: أنه من عياله، وإن صدق عليه: أنه منهم مقيدا بذلك الوقت. والمدار على الاول لا مطلق العيال ولو بالتقييد.. " وفيه: أن الظاهر من النصوص الاكتفاء بالعيلولة وقت الهلال، ولا حاجة إلى صدقها مطلقا. ولا سيما بالاضافة إلى الافراد التي يغلب عليها تناوب الاحوال، مثل العبد الذي يكون في أيدي التجار للاتجار به. ويشير إلى ذلك الصحيح الوارد في الضيف (* 1). وأما ما في المتن: من أن المناط العيلولة المشتركة بينهما في الفرض، ففيه: أنه مع المهاياة لا اشتراك فيها، بل هي نظير القسمة التي مرجعها

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في أول الفصل.

 

===============

 

( 408 )

 

[ العيلولة المشتركة بينهما بالفرض. ولا يعتبر اتفاق جنس المخرج من الشريكين (1)، فلاحدهما إخراج نصف صاع من شعير والآخر من حنطة. لكن الاولى بل الاحوط الاتفاق. (مسألة 11): إذا كان شخص في عيال اثنين بأن عالاه معا فالحال كما مر في المملوك بين شريكين (2)، إلا في مسألة الاحتياط المذكور فيه (3). نعم الاحتياط بالاتفاق في جنس المخرج جار هنا أيضا (4). وربما يقال بالسقوط عنهما (5). وقد يقال بالوجوب عليهما كفاية (6). والاظهر ما ذكرنا. ] إلى تمييز الحقوق المشتركة وتعيينها في المعين. إلا أن يكون المراد المهاياة في المنافع مع الاشتراك في العيلولة. لكنه خلاف الظاهر. (1) كما في الجواهر، حاكيا التصريح به عن بعض. لاطلاق الادلة لكنه انما يتم لو جاز التلفيق مع اتحاد المعيل، أما مع عدمه فلا فرق بينه وبين المقام، لان الاتفاق على هذا يكون شرطا في الفطرة مطلقا فلاحظ. وسيأتي الكلام في جواز التلفيق. (2) لاجل أن العمدة فيما سبق في المملوك هو الاطلاق لم يفرق فيه بين المملوك المشترك العيلولة وغيره. (3) لاختصاصه بصورة عدم عيلولة الموسر أحدهما كان أو كلاهما وهو خلاف فرض العيلولة منهما معا في هذه المسألة. (4) قد عرفت أنه الاقوى. (5) قد عرفت وجهه. (6) بدعوى: كون المعيل ملحوظا بنحو الطبيعة السارية، فيكون

 

===============

 

( 409 )

 

[ (مسألة 12): لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه (1) إن كان هو المنفق على مرضعته، سواء كانت أما له أو أجنبية، وإن كان المنفق غيره فعليه (2). وإن كانت النفقة من ماله فلا تجب على أحد (3). ] كل واحد موضوعا للحكم، ولاجل أن الفطرة واحدة لا تقبل التعدد يكون الوجوب الوضعي كفائيا، كما في الايدي المتعاقبة على مال الغير، فان كل واحد من ذوي اليد ضامن لذلك المال، وبأداء واحد تفرغ ذمة الجميع عنه، وإن جاز الرجوع من السابق على اللاحق بمناط آخر. لكن الظاهر كونه ملحوظا بنحو صرف الوجود، كما هو مقتضى إطلاقه، فينطبق على الفردين كما ينطبق على الفرد الواحد. ومقتضاه التوزيع، فيكون هنا اشتغال واحد لمجموع الذمم الذي لا يعقل فيه الا التوزيع، كما لو أتلف جماعة مال الغير. (1) لا إشكال في وجوب الفطرة عن الرضيع، وادعي عليه الاجماع. ويقتضيه مضافا إلى العمومات رواية ابراهيم بن محمد الهمداني، المصرح فيها بالفطيم والرضيع، وأن فطرتهما على من يعول بهما (* 1). ولا ينبغي التأمل في كونه عيالا للاب إذا كان الارضاع بالاجرة. أما لو أرضعته أمه أو غيرها مجانا، فكونه عيالا عرفا على من يعول بأمه أبا كان أم غيره كما هو ظاهر المتن للتبعية لا يخلو من إشكال، وان كان هو الاقرب. ولاسيما مع ملاحظة الاب إرضاع الطفل سببا للعيلولة بها. (2) قد عرفت أنه إذا كانت الام مستأجرة للاب على الارضاع فهو عيال لابيه لا لمن عال بأمه. (3) لصغره المانع من وجوبها عليه. ولعدم عيلولة أحد به كي تجب على غيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 4.

 

===============

 

( 410 )

 

[ وأما الجنين فلا فطرة له (1)، إلا إذا تولد قبل الغروب. نعم يستحب اخراجها عنه إذا تولد بعده إلى ما قبل الزوال، كما مر. (مسألة 13) الظاهر عدم اشتراط كون الانفاق من المال الحلال (2)، فلو أنفق على عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه وجب عليه زكاتهم. (مسألة 14): الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته (3) بعد صدق العيلولة، فلو أعطى زوجته نفقتها وصرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها، وكذا في غيرها. (مسألة 15): لو ملك شخصا مالا هبة. أو صلحا أو هدية وهو أنفقه على نفسه لا يجب عليه زكاته، لانه لا يصير عيالا له بمجرد ذلك (4). نعم لو كان من عياله عرفا ووهبه مثلا لينفقه على نفسه، فالظاهر الوجوب. (مسألة 16): لو استأجر شخصا، واشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه، ] (1) إجماعا. لعدم دخوله في موضوعها المستفاد من النصوص. بل هو ظاهر نصوص اعتبار العيلولة، وصريح النصوص النافية لها عمن ولد ليلة الفطر. (2) لصدق العيلولة بالانفاق من الحرام. (3) لاطلاق وجوب أداء الفطرة عمن يعول به. (4) لما أشرنا إليه سابقا. من اعتبار نحو من التابعية والمتبوعية في صدق العيلولة، الغير الحاصل بمجرد الهبة والهدية ونحوهما من أسباب التمليك.

 

===============

 

( 411 )

 

[ لا يبعد وجوب إخراج فطرته (1). نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته، فيعطيه دراهم مثلا ينفق بها على نفسه لم تجب عليه. والمناط الصدق العرفي في عده من عياله وعدمه. (مسألة 17): إذا نزل عليه نازل قهرا عليه ومن غير رضاه، وصار ضيفا عنده مدة، هل تجب عليه فطرته أم لا؟ إشكال. وكذا لو عال شخصا بالاكراه والجبر من غيره (2). نعم مثل العامل الذي يرسله الظالم لاخذ مال منه، فينزل عنده مدة ظلما وهو مجبور في طعامه وشرابه، فالظاهر عدم الوجوب، لعدم صدق العيال (3)، ولا الضيف عليه. (مسألة 18): إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شئ، وإن مات بعده وجب الاخراج من تركته عنه وعن عياله. وإن كان عليه دين وضاقت التركة ] (1) كما اختاره شيخنا الاعظم (ره) في رسالته، حاكيا له عن غير واحد من معاصريه. لصدق كونه عيالا، أو منضما إلى العيال. خلافا للفاضلين وشيخنا في المسالك، فجعلوه من قبيل الاجرة. وفيه: أن كونه كذلك لا يمنع من صدق موضوع الوجوب. (2) كأن منشأه: انصراف الاطلاق إلى صورة الرضا والاختيار. لكن الاطلاق محكم. اللهم إلا أن يقال: مقتضى حديث: " رفع الاكراه " (* 1) عدم سببية العيلولة عن إكراه للوجوب، كما في أمثاله من الموارد. (3) كأنه لعدم تحقق التابعية فيه. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.

 

===============

 

( 412 )

 

[ قسمت عليهما بالنسبة (1). (مسألة 19): المطلقة رجعيا فطرتها على زوجها (2) دون البائن، إلا إذا كانت حاملا ينفق عليها. (مسألة 20): إذا كان غائبا عن عياله، أو كانوا غائبين عنه، وشك في حياتهم فالظاهر وجوب فطرتهم، مع إحراز العيلولة على فرض الحياة (3). ] (1) لانها كسائر الديون تتعلق بالتركة على نحو واحد. (2) لوجوب نفقتها كالزوجة، لما ورد: من أن المطلقة رجعيا زوجة. وعليه يختص الحكم بصورة العيلولة بها، كما في الزوجة. وكذا الحال في البائن الحامل، فانها وإن وجبت نفقتها على الزوج، لكن عرفت أن المدار على العيلولة لا وجوب النفقة. ومنه يظهر الاشكال في إطلاق كلامهم: أن فطرتها على المطلق، وكذا في بناء العلامة (ره) ذلك على كون النفقة للحامل. وأما لو كانت للحمل فلا تجب فطرتها عليه، فان ذلك خلاف ما عرفت من أن المدار في الوجوب على العيلولة. (3) لما عرفت أن المدار على العيلولة، تعين عند الشك فيها، أو في حياة المعال الرجوع إلى الاصول. واستصحاب الحياة أو العيلولة أو هما مقدم على أصالة براءة الذمة من وجوب الفطرة، لانه أصل موضوعي حاكم على الاصل الحكمي. لكن لما كانت العيلولة خارجا مشروطة بالحياة فلو شك في الحياة لم يجد استصحابها في إثبات العيلولة. إلا بناء على الاصل المثبت. نعم لا مانع من استصحاب الحياة مع العيلولة، فيقال: كان الحي بوصف كونه عيالا موجودا، وهو على ما كان. وعليه لو شك في العيلولة على تقدير الحياة كان الحال كذلك، فيجري استصحاب الحي العيال