فصل يشترط في الاذان والاقامة

[ فصل يشترط في الاذان والاقامة أمور الاول: النية إبتداء وإستدامة (1) على نحو سائر العبادات، فلو أذن أو أقام لا بقصد القربة لم يصح. وكذا لو تركها في الاثناء. نعم لو رجع إليها وأعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها صح (2)، ولا يجب الاستئناف. ] فصل يشترط في الاذان والاقامة أمور (1) بلا خلاف يحكى في ذلك في الجملة، لكونهما من العبادات. والعمدة في عباديتهما: أنها المرتكز في أذهان المتشرعة بنحو لا يقبل الردع فإن ذلك الارتكاز كاشف عن كونهما كذلك عند الشارع كما في نظائره. وبذلك يندفع إحتمال عدم عباديتهما، لا بما ذكره في الجواهر من أصالة العبادية في كل ما أمر به، مع عدم ظهور الحكمة في غير الاعلامي. إذ فيه: أن الاصل المذكور ممنوع كما هو محرر في الاصول، وعدم ظهور الحكمة غير كاف في العبادية. (2) لان الفصول الفاسدة بفقد نية القربة لا دليل على كونها قاطعة بل إطلاق أدلة الكيفية تنفي قاطعيتها.

===============

( 582 )

[ هذا في أذان الصلاة. وأما أذان الاعلام: فلا يعتبر فيه القربة (1) كما مر. ويعتبر أيضا تعيين الصلاة التي يأتي بهما لها (2) مع الاشتراك، فلو لم يعين لم يكف. كما أنه لو قصد بهما صلاة لا يكفي لاخرى بل يعتبر الاعادة والاستئناف. الثاني: العقل (3) ] (1) كما تقدم. فراجع. (2) كما نص عليه في الجواهر، لان عبادية كل من الاذان والاقامة إنما تكون بقصد الامر النفسي المتعلق بالصلاة المقيدة بهما، وتعيين الامر المذكور إنما يكون بتعيين الصلاة، لاختلاف الامر بإختلاف موضوعه، ولازم ذلك أنه لو قصد بهما صلاة فعدل إلى أخرى لم يكتف بهما، لفوات قصد الامتثال. هذا بناء على وجوب المقدمة الموصلة. أما بناء على وجوب مطلق المقدمة: فيمكن القول بالاكتفاء بهما، لصحة التعبد بهما حينئذ، إلا إذا كانت الصلاة المقصودة بالاذان والاقامة غير مأمور بها، لانتفاء الامر المقصود به التعبد بهما. ثم إنه بناء على ما أشرنا إليه في مبحث الوضوء وفي مبحث الخلل من أن الامر بالقيود الكمالية والاجزاء المستحبة نفسي لا غيري لا بد أن يكون الوجه في إشتراط تعيين الصلاة في صحتهما دعوى أن الامر بهما نفسيا مقيد بكل صلاة لنفسها في مقابل الاخرى، نظير الامر بصوم إثنين والجمعة، فيكون تعيين الصلاة طريقا إلى تعيين الامر. لكن في تمامية الدعوى المذكورة إشكال. لان إطلاق دليل الامر ينفي إعتبار خصوصية الصلاة في موضوعه. (3) إجماعا حكاه جماعة كثيرة. وهو العمدة فيه. وأما عدم تأتي

===============

( 583 )

[ والايمان (1). وأما البلوغ ] القصد من المجنون إلى نفس الاذان أو إلى الامر به فغير مجد في عموم الحكم، لجواز تحقق ذلك منه في بعض الاحيان. فتأمل. على أن أذان الاعلام ليس عباديا. (1) كما عن غير واحد من الاصحاب. ويشهد له موثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سئل عن الاذان هل يجوز أن يكون من غير عارف؟ قال (عليه السلام): لا يستقيم الاذان ولا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف، فإن علم الاذان وأذن به ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا إقامته ولا يقتدى به " (* 1) بناء على أن المراد من العارف المؤمن كما هو الظاهر منه، ولا سيما ملاحظة موارد أستعماله في النصوص. وأما خبر محمد بن غذافر: " أذن خلف من قرأت خلفه " (* 2)، وخبر معاذ بن كثير: " إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقي على الامام آية أو آيتان فخشي إن هو أذن وأقام أن يركع فليقل: قد قامت الصلاة ألله أكبر لا إله إلا الله " (* 3) فالظاهر منهما عدم سقوط الاذان والاقامة في الجماعة الباطلة وإن كان المؤذن والمقيم مؤمنا، لا نفي حكم الاذان عن أذان المخالف. هذا وقد يظهر ممن أقتصر في الاشتراط على إعتبار الاسلام: عدم إعتبار الايمان. ولعله لصحيح إبن سنان المتقدم: " إذا نقص المؤذن الاذان وأنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو " (* 4). لكن في دلالته على ما نحن فيه تأمل ظاهر، لتعرضه لجهه النقصان لا غير، فلا إطلاق له من

____________ (* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 34 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) تقدم في المورد الثالث لسقوط الاذان والاقامة.

 

===============

( 584 )

[ فالاقوى عدم إعتباره (1)، خصوصا في الاذان (2)، وخصوصا في الاعلامي (3)، فيجزئ أذان المميز وإقامته (4) إذا سمعه، أو حكاه، أو فيما لو أتى بهما للجماعة. وأما ] هذه الجهة. ودعوى ظهوره في أذان المخالف الناقص: " حي على خير العمل " غير ظاهر، إذ لا قرينة عليه، ومجرد كونه الغالب غير كاف في الحمل، فلا معدل عن العمل بالموثق المعتضد بما دل عى كون الاذان عبادة، وهي لا تصح من المخالف إجماعا. نعم لا يطرد ذلك في أذان الاعلام بناء على ما تقدم من عدم إعتبار عباديته، بل قرب في الجواهر حمل الموثق أيضا على غيره، لحصول حكمة المشروعية ولو صدر من المخالف، ومعروفية الاجتزاء به في أزمنة التقية. ولعل ذكر الاقامة في ذيله قرينة على إختصاص الاذان فيه بأذان الصلاة. (1) لكون التحقيق مشروعية عبادته. (2) ففي الجواهر: أن الاجماع محصل ومنقول مستفيضا بل متواترا على عدم إعتبار البلوغ فيه، ويشهد له صحيح إبن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم " (* 1)، ونحوه غيره. ومنها يظهر أن ذكر الرجل في موثق عمار السابق لاخراج المرأة، لا لاخراج الصبي. (3) الذي قد عرفت أنه لا يعتبر صدوره على وجه التعبد. (4) لو قلنا بعدم مشروعية عبادة الصبي كان البناء على الاجتزاء بإقامة الصبي مشكلا، لعدم شمول ما تقدم في الاذان من النص والاجماع لها، والتعدي من الاذان إليها غير ظاهر، ولاسيما بملاحظة مخالفتها معه في بعض الامور الآتية.

____________ (* 1) الوسائل باب: 32 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.

 

===============

( 585 )

[ إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشكال فيه (1). وأما الذكورية: فتعتبر في أذان الاعلام (2) والاذان والاقامة لجماعة الرجال غير المحارم. ويجزيان لجماعة النساء (3) ] (1) إذ هما حينئذ يكونان كسائر أجزاء صلاته وشرائطهما مجزية له بناء على الشرعية والتمرينية. (2) لاختصاص نصوصه بالرجال وضعا وإنصرافا، ولو بمناسبة مطلوبية الستر للنساء. وهذا هو العمدة في عدم الاجتزاء بأذانهن للاعلام ولجماعة الرجال الذي سيذكره المصنف (ره)، لا ما قيل كما عن غير واحد من الاعيان بأنه إذا أسرت المرأة به بحيث لا يسمعونه لا إعتداد به، وإن جهرت كان أذانا منهيا عنه، لان صوتها عورة، فيفسد، للنهي. لتوجه الاشكال عليه كما في مفتاح الكرامة والجواهر وغيرهما بعدم الدليل على إعتبار السماع في الاعتداد، فتأمل. ولا على كون صوتها عورة، ولا على كون النهي عنه مفسدا له، لعدم ثبوت كونه عبادة ينافيها النهي، أو لان النهي في المقام ليس عن العبادة بل عن رفع الصوت فلا يكون من مسألة الاجتماع. وبإحتمال كون المقام وكذا الذكر وتلاوة القرآن مستثنى كإستثناء الاستفتاء من الرجال كما عن الذكرى. مع أنه لا يتم فيما لو كانت لا تعلم بسماع الاجانب، أو كان السامع من المحارم لا غير. (3) بلا إشكال ظاهر، ويقتضيه عدم تعرض الشارع الاقدس لكيفيه جماعة النساء ومالها من الاحكام، فإن ذلك ظاهر في إكتفائه في ذلك ببيانه لاحكام جماعة الرجال، وعليه فكل حكم لجماعة الرجال يتعدى به إلى جماعة النساء. كما أشرنا إلى نظائره في مواضع من هذا الشرح، فإذا كان يجزئ في جماعة الرجال أذان الامام أو بعض المأمومين لابد من البناء على الاجتزاء

===============

( 586 )

[ والمحارم على إشكال في الاخير (1)، والاحوط عدم الاعتداد نعم الظاهر إجزاء سماع أذانهن بشرط عدم الحرمة كما مر (2) وكذا إقامتهن. الثالث: الترتيب بينهما بتقديم الاذان على الاقامة (3) ] في جماعة النساء بأذان إمامهن أو إحداهن. (1) ينشأ من فتوى جماعة بالاجتزاء به للرجال المحارم، وأنه متقضى التعليل السابق. ومن عدم الدليل على السقوط عنهم بأذانها، فالمرجع أصالة عدم السقوط. وهو الاقوى كما في الجواهر. (2) في المسألة التاسعة، لكن مر الاشكال فيه. (3) كما عن جماعة كثيرة: النص عليه، وفي الحدائق: نفي الخلاف والاشكال فيه، وعن كشف اللثام: دعوى الاجماع عليه. قال في الجواهر: " يشترط الترتيب بين الاذان والاقامة نفسهما فمع نسيان حرف من الاذان يعيد من ذلك الحرف إلى الآخر للاجماع بقسميه أيضا، والاصل، والتأسي إذ هو الثابت من الادلة. بل تمكن دعوى القطع بإستفادته من تصفح النصوص ". ومن تلك النصوص صحيح زرارة المتضمن لعدم الاعتناء بالشك في الاذان وهو في الاقامة (* 1). لكن في موثق عمار: " سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل نسي من الاذان حرفا فذكره حين فرغ من الاذان والاقامة. (قال (عليه السلام): يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره، ولا يعيد الاذان كله ولا الاقامة " (* 2). ولا بأس بالعمل به في مورده، فيكون أشبه بقضاء الاجزاء المنسية. كما

____________ (* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب الخلل في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 33 من أبواب الاذان والاقامة: 4.

 

===============

( 587 )

[ وكذا بين فصول كل منهما (1)، فلو قدم الاقامة عمدا أو جهلا أو سهوا أعادها بعد الاذان (2). وكذا لو خالف ] أن موثقه الآخر: " إن نسي الرجل حرفا من الاذان حتى يأخذ في الاقامة فليمض في الاقامة وليس عليه شئ، فإن نسي حرفا من الاقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه ثم يقول من ذلك الموضع إلى آخر الاقامة " (* 1). لا بد أن يكون محمولا على عدم قدح ذلك في الاقامة، لجواز الاقتصار عليها. (1) إجماعا صريحا وظاهرا حكاه جماعة، وفي الجواهر: " إجماعا بقسميه ". ويقتضيه النصوص المتعرضة للكيفية. مضافا إلى صحيح زرارة: " من سها في الاذان فقدم وأخر أعاد على الاول الذي أخره حتى يمضي على آخره " (2). ومرسل الفقيه: " تابع بين الوضوء.. إلى أن قال: وكذلك الاذان والاقامة فأبدأ بالاول فالاول فإن قلت: (حي على الصلاة) قبل الشهادتين تشهدت ثم قلت: (حي على الصلاة) " (* 3). (2) ليحصل له الترتيب بينهما. ثم إن الظاهر من الاصحاب أن إستصحاب كل من الاذان والاقامة ليس إرتباطيا بإلاضافه إلى الآخر، فيجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر. لكن الاقصار على الاذان دون الاقامة لم أقف على دليله من النصوص، وإن كان ظاهر الجواهر: انه مفروغ عنه عندهم وعليه فإشتراط الترتيب بين الاذان والاقامة يختص بحال الجمع، وحينئذ إن كان هو شرطا إستحبابيا لتحصيل مرتبة من الفضيلة زائدة على ما يحصل من كل منهما من المصلحة فلو قدم الاقامة على الاذان إمتنع التدارك بفعل

____________ (* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 33 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 33 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3.

 

===============

( 588 )

[ الترتيب فيما بين فصولهما، فإنه يرجع إلى موضع المخالفة (1) ويأتي على الترتيب إلى الآخر. وإذا حصل الفصل الطويل المخل بالموالاة يعيد من الاول (2) من غير فرق أيضا بين العمد وغيره (3). ] الاقامة بعد الاذان لسقوط الامر بها، وإن كان شرطا لزوميا إقتضى بطلانهما معا لفقد الترتيب، إذ المراد منه أن يكون الاذان قبل الاقامة وتكون الاقامة بعد الاذان، وهذا المعنى مفقود في كل منهما. نعم يمكن تداركه بفعل الاقامة ثانيا، فإنه يصدق على الاذان المتوسط أنه قبل الاقامة، وعلى الاقامة أنها بعد الاذان فيحصل الترتيب. نعم لو كان المراد من الترتيب في الاذان أن لا يكون قبله إقامة لم يمكن التدارك بما ذكر. لكنه غير مراد من الترتيب. (1) كما تقدم في صحيح زرارة. (2) لان فوات الموالاة يوجب البطلان من الاول. (3) لعل الفرق في إعتبار الموالاة بين الفصول في الصورتين. وفي الجواهر خصه بالعمد. قال (ره): " ثم إن ظاهر النصوص المزبورة عدم مراعاة الموالاة، ضرورة إقتضاء صحة تدارك الحرف الثاني من الاذان مثلا وإن كان قد ذكره بعد الفراغ منه ومن الاقامة، ولعله لا بأس به عملا بإطلاق النصوص.. إلى أن قال: وأما الخلل عمدا فقد يقوى فيه مراعاة الموالاة العرفية لعدم المعارض لما دل على أعتبارها ". إنتهى ملخصا. وفيه: أن النصوص الدالة على التدارك بما يحصل معه الترتيب لا إطلاق فيها من حيث لزوم فوات الموالاة وعدمها، فلا تصلح لمعارضة دليل إعتبارها وكأنه لذلك إختار العلامة الطباطبائي (قده) ما في المتن فقال: ومن سها فخالف الترتيب في * عد الفصول فليعد حتى يفي

===============

( 589 )

[ الرابع: المولاة بين الفصول (1) من كل منهما على وجه تكون صورتهما محفوظة بحسب عرف المتشرعة. وكذا بين الاذان والاقامة، وبينهما وبين الصلاة، فالفصل الطويل المخل بحسب عرف المتشرعة بينهما، أو بينهما وبين الصلاة مبطل. الخامس: الاتيان بهما على الوجه الصحيح بالعربية (2) فلا يجزئ ترجمتهما، ولا مع تبديل حرف بحرف. السادس: دخول الوقت (3)، فلو أتى بهما قبله ولو ] إلا إذا فات بذلك الولا * إذا طال فصل فليعد مستقبلا وسيأتي بقية الكلام فيه. (1) أستدل عليه في الجواهر بالاصل، وأنه الثابت من فعلهم (عليهم السلام)، والمستفاد من الادلة الخالية عن المعارض. ويشكل بأن الاصل لا يعارض الاطلاق الدال على عدم الاعتبار والثابت من فعلهم لا دلالة فيه، لاجماله والاستفادة من الادله غير واضحة. نعم الفصل بالسكوت الطويل والاعمال الاجنبية إذا كان بحيث يوجب محو الصورة عند المتشرعة قادح، لعين ما يأتي إن شاء الله في قدح ماحي الصورة في الصلاة. لكن ذلك غير إعتبار الموالاة العرفية الذي ذكره في الجواهر. وسيأتي إن شاء الله أن الموالاة العرفية غير معتبرة في الصلاة، فأولى أن لا تكون معتبرة هنا. فانتظر. (2) كما يقتضيه غير معتبرة في الصلاة، فأولى أن لا تكون معتبرة هنا. فانتظر. (2) كما يقتضيه ظاهر نصوص الكيفية. (3) إجماعا في غير الصبح كما عن نهاية الاحكام والمختلف وكشف اللثام، بل عن المعتبر والمنتهى والتحرير والتذكرة وجامع المقاصد: أنه إجماع علماء الاسلام. ويشهد له صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " لا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت

===============

( 590 )

[ لا عن عمد لم يجتزأ بهما وإن دخل الوقت في الاثناء. نعم لا يبعد جواز تقديم الاذان قبل الفجر (1). ] الصلاة " (* 1). وتشير إليه النصوص الآتية. (1) على المشهور، وفي المنتهى: نسبته إلى فتوى علمائنا، وعن إبن أبي عقيل: " إنه بذلك تواترت الاخبار عنهم (عليهم السلام)، وقالوا: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله مؤذنان أحدهما بلال، والآخر إبن أم مكتوم وكان أعمى، وكان يؤذن قبل الفجر، وبلال إذا طلع الفجر، وكان (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا سمعتم أذان بلال فكفوا عن الطعام والشراب " وأشار بذلك إلى صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): " كان بلال يؤذن للنبي (صلى الله عليه وآله)، وإبن أم مكتوم وكان أعمى يؤذن بليل، ويؤذن بلال حين يطلع الفجر " (* 2). وخبر زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: هذا إبن أم مكتوم وهو يؤذن بليل، فإذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك " (* 3). وصحيح معاوية إبن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت الصلاة وأحدر إقامتك حدرا، قال: وكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مؤذنان أحدهما بلال والآخر إبن أم مكتوم، وكان إبن أم مكتوم أعمى، وكان يؤذن قبل الصبح، وكان بلال يؤذن بعد الصبح. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن إبن أم مكتوم يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا وأشربوا حتى تسمعوا أذان بلال فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته، وقالوا إنه (صلى الله عليه وآله) قال: إن بلالا

____________ (* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4.

 

===============

( 591 )

يؤذن بليل، فإذا سمعتم أذانه فكلوا وأشربوا حتى تسمعوا أذان إبن أم مكتوم (* 1). لكن في ظهورها في مشروعية الاذان قبل الفجر إشكال. لامكان كون المراد منها أن إبن أم مكتوم إنما كان يؤذن قبل الفجر لانه أعمى، فيخطئ الصبح، لا أنه موظف لذلك، فالامر بالاكل عند أذانه إعتمادا على إستصحاب الليل، لا أن أذانه أمارة الليل، ولاسيما بملاحظة صحيح معاوية، حيث أطلق في صدره المنع من تقديم الاذان على الوقت، ثم نقل فعل إبن أم مكتوم الظاهر في أنه (عليه السلام) أراد الاستشهاد على إطلاق المنع، ودفع توهم الجواز من أذان إبن أم مكتوم من جهة كونه أعمى لا يبصر الوقت وإلا كان الانسب إستثناء الصبح من إطلاق المنع والاستشهاد للاستثناء بفعل إبن أم مكتوم. وكذا صحيح إبن سنان عن الصادق (عليه السلام): " إن لنا مؤذنا يؤذن بليل قال (عليه السلام): أما إن ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة، وأما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر (* 2)، فإنه ظاهر في حصر المشروعية بحال الفجر. ومثله صحيحه الآخر. وقوله (عليه السلام): " لا بأس " (* 3) لعله محمول على فعله لا بقصد المشروعية، بقرينة قوله (عليه السلام): " وأما السنة فمع الفجر ". وأما ما في صحيح عمران بن علي الحلبي: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاذان قبل الفجر. فقال (عليه السلام): إذا كان في جماعة فلا، وإذا كان وحده فلا بأس " (* 4)، فغير معمول به، مع أنه لا يخلو من إجمال في المراد. ولهذا ونحوه ذهب السيد في المسائل المصرية، والحلي

____________ (* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1 و 2. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6.

 

===============

( 592 )

[ للاعلام (1)، وإن كان الاحوط إعادته بعده (2). السابع: الطهارة من الحدث في الاقامة على الاحوط، بل لا يخلو عن قوة (3)، ] في السرائر، والجعفي، والحلبي إلى المنع على ما حكي عنهم. وفي المستدرك عن أصل زيد النرسي عن أبي الحسن (عليه السلام): " عن الاذان قبل طلوع الفجر. فقال (عليه السلام): لا، إنما الاذان عند طلوع الفجر أول ما يطلع (* 1) وفيه أيضا عنه (عليه السلام): " أنه سمع الاذان قبل طلوع الفجر. فقال: شيطان، ثم سمعه عند طلوع الفجر فقال (عليه السلام): الاذان حقا ". (1) المذكور في صحيح إبن سنان: أنه ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة. (2) ظاهر القائلين بجواز الاذان قبل الفجر أنه أذان الفجر قدم على وقته، فيجزئ عن الاذان عند الفجر. لكن النصوص المذكورة لاتدل على ذلك لو سلمت دلالتها على مشروعية، وإنما تدل على أنه مشروع في قبال أذان الفجر، غير مرتبط به. (3) كما عن جماعة من القدماء والمتأخرين، للنصوص الدالة على إعتبارها فيها، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا أو أينما توجهت، ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئا للصلاة " (* 2)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء ولا يقيم إلا وهو على وضوء " (* 3). ونحوه

____________ (* 1) مستدرك الوسائل باب: 7 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.

 

===============

( 593 )

[ بخلاف الاذان (1). (مسألة 1): إذا شك في الاتيان بالاذان بعد الدخول في الاقامة لم يعتن به (2) وكذا لو شك في فصل من أحدهما بعد الدخول في الفصل الللاحق (3). ولو شك قبل التجاوز أتى بما شك فيه (4). ] صحيح إبن سنان عنه (عليه السلام) (* 1)، وخبر علي بن جعفر (عليه السلام) عن أخيه (عليه السلام) وقال في ذيل ثانيهما: " فإن أقام وهو على غير وضوء أيصلي بإقامته؟ قال (عليه السلام): لا " (* 2). وظاهر النصوص المذكورة شرطية الطهارة للاقامة، وحملها على شرطية الكمال كما عن المشهور غير ظاهر. (1) للنصوص المشار إليها وغيرها. (2) لصحيح زرارة: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): رجل شك في الاذان وقد دخل في الاقامة. قال (عليه السلام) يمضي.. إلى أن قال (عليه السلام): يا زرارة إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ " (* 3). مضافا إلى بعض ما يستدل به على قاعدة التجاوز كلية. (3) لقاعدة التجاوز المشار إليها آنفا. ويأتي في مبحث الخلل التعرض إن شاء الله لبعض الاشكالات في جريانها في أجزاء الافعال، مثل فصول الاذان والاقامة، وآيات الفاتحة والسورة، فانتظر. (4) لمفهوم صحيح زرارة السابق، المستفاد منه قاعدة الشك في المحل المطابقة لقاعدة الاشتغال، وإستصحاب بقاء الامر. وأصالة عدم الاتيان بالمأمور به.

____________ (* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 23 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.