السلم

السلم بفتح السين واللام ومثله السلف وفي بعض كتب اللغة أن السلم والسلف واحد وزناً ومعنى والسلم نوع من أنواع البيع الذي هو مبادلة مال بمال لأن المال الذي يقع محلاً للمبادلة تارة يكون عيناً خارجية حاضرة فتباع بالمشاهدة وأخرى غائبة فيجوز بيعها بالوصف وثالثاً يكون في الذمة ومنه بيع السلم بالشروط الآتية ويجوز أن يكون المبيع في الذمة حيواناً وطعاماً وفاكهة وغيرها من العروض وعرفة الفقهاء بأنّه ابتياع مال غير موجود بالفعل ولكنه ممكن الوجود بثمن مقبوض حالاً على أن يسلم البائع للمشري المبيع في أجل معلوم أمّا وجه التسمية بالسلم والسلف فلأن المشتري يسلم البائع ويسلفه مبلغاً معيناً من المال مقابل أن يسلمه المعقود عليه في موعد يتفقان عليه .

 

 

وهذا النوع من البيع جائز شرعاً بالرغم من أن المبيع معدوم حين البيع والدليل على شرعية النص قال الإمام الصادق عليه‏السلام: لا بأس بالسلم في المبتاع اذا وصفت الطول والعرض وفي الحيوان اذا وصفت اسنانها .

وسئل عن الرجل يسلف في الغنم الثنيان والجذعان وغير ذلك إلى أجل مسمى؟ قال: لا بأس به .

وقال لا بأس بالسلم في الفاكهة .

وسئل عن السلف في الحرير والمتاع؟ قال: نعم اذا كان إلى أجل معلوم.

وقال: قال علي أمير المؤمنين: لا بأس بالسلم كيلاً معلوماً إلى أجل معلوم ولا تسلم إلى دياس وإلى حصاد أي ادراك لأن وقتها يتقدم ويتأخر إلى غير ذلك من الروايات.

 

 

يشترط في بيع السلم أمور  :

1 ـ ذكر الجنس والوصف بلفظ يدل عليهما صراحة بحيث يمكن أن يرجع إليه المتعاقدان عند الاختلاف والمراد بالجنس ـ هنا ت حقيقة المبيع من الحنطة أو الشعير أو الغنم أو الثياب وما إليها أمّا الوصف فهو كل ما يختلف الثمن من أجله اخلافاً لا يتسامح عرفاً بمثله والدليل على هذا الشرط الاحتراز من الغرر المبطل وقول الإمام عليه‏السلام: «لا بأس اذا وصفت الطول والعرض» .

وقال الفقهاء: يصح السلم فى الفواكه والخضار والبيض والجوز واللوز والالبان والاسمان والاطياب والملابس والاشربة والادوية ولإمكان ضبطها بالوصف الذي تتفاوت فيه الرغبات .

وقال: لا يصح السلم في الجواهر واللآلى‏ء لتعذر ضبط أوصافها التي يتفاوت الثمن بها تفاوتاً فاحشاً وكذا لا يجوز في العقارات والارضين ولا في الخبز والجلود لعين السبب .

وقالوا: لو اشترط الفرد الاجود لم يصح لتعذره إذ ما من جيد إلاّ ويمكن أن يكون غيره أجود منه.. وقال جماعة منهم: وكذا لا يصح اشتراط الاردى لعين السبب.

وبديهة أن أقوال الفقهاء في مثل هذا البحوث والمسائل ليست بحجة لأنّها ليست من اختصاصهم في شيء ما دامت فيه تشخيص الموضوعات الخارجية لا في معرفة الاحكام الشرعية.. ان وظيف الفقيه أن يبين الحكم الشرعي الكلي مثل الغرر مبطل للبيع أمّا بيان موضوعات الاحكام وان هذا غرر أو ليس بغرر فليس من شأنه ولا أدل على ذلك من قول الفقهاء: هذا يصح لامكان ضبطه بالوصف وذاك لا يصح لعدم امكان الضبط فالمعمول ـ اذن ـ على امكان الضبط وليس من شك أن المرجع فيه هو العرف قال صاحب الجواهر في مجلد المتاجر مبحث السلم: «لقد أكثر الفقهاء من الامثلة للجائز والممتنع في السلم كما أكثروا في بيان الاوصاف للموصوفات مع أنّه أطلق في النصوص أنّه لا بأس بالسلم في المبتاع اذا وصف الطول والعرض ولا بأس به في الحيوان اذا وصفت الاسنان اتكالاً على العرف فكان الاولى بالفقهاء أن يتركوا ذلك إلى العرف ـ وقال ـ ان العامي ربما يكون أعرف من الفقيه في ذلك» . ومهما يكن فالمهم أن نعرف أن كل ما يمكن ضبطه بأوصافه المطلوبة يصح فيه السلم وما عدا ذلك يبطل لأن ما لا يضبطه الوصف غرر وكل غرر باطل أمّا تمييز الفرد الذي يضبطه الوصف عن غيره من الافراد التي لا تضبط بالوصف فالمرجع فيه العرف كما قال صاحب الجواهر .

2 ـ أن يقبض الثمن في مجلس العقد فاذا افترقا من غير أن يحصل القبض بطل السلم ولا دليل على هذا الشرط سوى الاجماع على ما قيل .

واذا قبض بعض الثمن قبل التفريق صح في المقبوض فقط لوجود المقتضى وهو العقد والقبض وبطل في الباقي للافتراق قبل القبض ويثبت للبائع خيار تبعيض الصفقة اذا لم يكن هو السبب في عدم القبض كما لو بذل المشتري الثمن وامتنع البائع عن أخذ البعض دون البعض أمّا المشتري فلا خيار له لأن الامتناع منه اذا لم يدفع الكل .

ولو كان للمشتري دين في ذمة البائع فهل يجوز جعله ثمناً للمسلم فيه أي للمبيع المؤجل؟.

ذهب المشهور إلى عدم الجواز لأنه بيع دين بدين وقد ثبت عن الإمام الصادق عليه‏السلامأنّه قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم: لا يباع الدين بالدين.

3 ـ أن يكون المسلم فيه معلوم الكمية كيلاً فيما يكال ووزناً فيما بوزن وعدّا فيما يعد أو ما يقوم مقام ذلك مما تنتفي معه الجهالة والغرر.. وكما يجب تعيين المبيع يجب تعيين الثمن ايضاً .

4 ـ أن يكون الاجل معلوماً للاحتراز من الغرر وللاجماع ولقول الإمام عليه‏السلام: «اذا كان إلى أجل معلوم» .

ولا حد لطول الأجل وقصره ما لم يعد سفهاً كدقيقة في جانب القلة وكألف سنة في جانب الكثرة وتقدم البيان عنه في فصل النقد والنسيئة فقرة «التأجيل» .

5 ـ أن يكون المسلم فيه موجوداً في الغالب عادة عند حلول أجل التسليم فاذا نذر وجوده كفاكهة الشتاء يؤجل تسليمها إلى الصيف وفاكهة الصيف إلى الشتاء يبطل السلم .

والغرض من هذا الشرط عند المشترطين له هو قدرة البائع على تسليم المبيع عند الاستحقاق وسبق في فصل شروط العوضين أن القدرة شرط لصحة البيع من حيث هو سلما كان أو غيره وعلى هذا لو قدر البائع على التسليم في الوقت المعين صح السلم حتى ولو لم يكن إلاّ الفرد المسلم فيه فلا جدوى ـ اذن ـ من ذكر هذا الشرط هنا ولذا قال صاحب الجواهر: «اذا أريد من هذا الشرط أمر زائد على ما في البيع فلا أجد دليلاً عليه» .

 

 

لا يشترط ذكر موضع التسليم في العقد ولكن إن ذكراه تعين العمل به وإلاّ وجب التسليم في موضع العقد وسبق البيان في ذلك فصل القبض فقرة «مكان التسليم».

 

 

اذا حل الاجل وتعذر تسليم البيع لقوة قاهرة كما لو تلف الزرع أو هلكت الماشية فلا يبطل العقد ولا يجب على البائع أن يدفع عوض المبيع من المثل أو القيمة على ما هو المشهور بين الفقهاء لأن محل العقد الذمة وليست العين الخارجية والمتعذر أجل التسليم والذي يوجبه الحكم أن يتخير المشتري بين الفسخ واسترجاع الثمن وبين الصبر إلى أمد ممكن فيه وجود المبيع ويدل عليه الإمام الصادق عليه‏السلامسئل عن رجل اسلف في شيء تسلف فيه الناس من الثمار فذهب زمانها ولم يستوف سلفه؟ قال فليأخذ رأس ماله أو لينتظر.