خيار الحيوان

المراد بالحيوان كل ما يصدق علليه هذا الاسم عند العرف فيعم الحيوانات التي تمشي على أربع والطيور بشتى أنواعها ولا تشمل السمك وما إليه لانصراف لفظ الحيوان عنه ولأن المقصود من شرائه هو لحمه لا اقتناؤه وأيضاً لا يشمل الحيوان الكلي بل يختص بالحيوان المعين في الخارج فمن اشترى حيواناً في ذمة غيره بأوصاف معينة لا يدخل فى هذا الخيار .
اتفقوا كلمة واحدة على أن خيار الحيوان ثلاثة أيام ولا خيار بعدها وذهب المشهور بشهادة صاحب المقاييس إلى أن زمن الخيار يبتدى‏ء من حين العقد لا من افتراق المتبايعين وعلى هذا يجتمع في بيع الحيوان سببان: أحدهما خيار الحيوان والثاني خيار المجلس ولا محذور فيه .واذا مات الحيوان اثناء مدة الخيار فمن مال البائع حتى ولو كان في يد المشتري لقاعدة «تلف المبيع في مدة الخيار من مال من لا خيار له» .أمّا الأصل لهذا الخيار فروايات كثير من أهل البيت عليهم‏السلام :منها: في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري وهو فيها بالخيار اشترط أو لم يشترط .ومنها: صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام .ومنها: أن رجلاً سأل الإمام عليه‏السلامعمن يشتري الدابة فتموت أو يحدث فيها حدث.. على من ضمان ذلك؟ قال: على البائع حتى تنقضي ثلاثة أيام .ومنها:المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان .ومنها:أن رجلاً سأله عمن اشترى جارية لمن الخيار للمشتري أو للبائع أو لهما؟. قال: الخيار لمن اشترى ثلاثة أيام نظرة فاذا مضت فقد وجب البيع .قال السائل: أرأيت ان قبلها المشتري أو لامس أو نظر فيها إلى ما يحرم على غيره؟. قال الإمام عليه‏السلام إذا قبل أو لامس فقد انقضى الشرط ولزمه .
ذهب المشهور بشهادة صاحب الجواهر والمكاسب إلى أن هذا الخيار يختص بالمشتري فقط واذا كان كل من الثمن والمثمن حيواناً فالمشتري هو القابل والبائع هو الموجب.. وقال الشيخ الانصاري: «لامحيص عن قول المشتري» أي عن اختصاص خيار الحيوان بالمشتري دون البائع لعموم اوفوا بالعقود ولأن الأصل عدم تأثير فسخ البائع ولأن الروايات التي ذكرت المشتري من الروايات التي يوهم ظاهرها ثبوت الخيار للبائع ايضاً .والحق أن الخيار يثبت لمن انتقل إليه الحيوان مثمناً كان أو ثمناً لأن المعاملات لا تعبد فيها ومصلحتها ظاهرة ـ في الغالب ـ وهي هنا اختيار الحيوان والتعرف على عيوبه مدة الخيار فان أكثر عيوب الحيوانات تخفى ولا تظهر إلاّ بعد التجربة وقول الإمام الصادق عليه‏السلام المتقدم: «ثلاثة أيام نظرة» يومى‏ء إلى ذلك بل ان قوله: «صاحب الحيوان بالخيار» ظاهر في الشمول للبائع والمشتري أما تخصيص المشتري بالذكر في كثير من الروايات فمنزل على الغالب لأن الغالب أن يكون الحيوان مثمناً لا ثمناً .وبالتالي فان الجموع على حرفية النص يجب في العبادات سواء أعرفنا المصلحة منها أم لم نعرف أما في المعاملات فينبغي التوفيق القريب بين اوالمصلحة المعلومة .
يسقط هذا الخيار بالموجبات التالية :1 ـ اشتراط سقوطه في العقد لعموم: «المؤمنون عند شروطهم» .2 ـ اذا أسقط كل منهما أو أحدهما هذا الخيار بعد العقد لأنه حق لصاحبه فمتى اسقطه سقط .3 ـ التصرف الدال على الرضا بالعقد وامضائه حسبما تقدم في خيار المجلس فد سئل الإمام الصادق عليه‏السلامعن رجل اشترى من آخر دابة فأحدث فيها حدثاً من أخذ الحافر أو نقلها أو ركبها فراسخ فهل له أن يردها في الثلاثة أيام التي فيها الخيار بعد الحدث الذي يحدث فيها أو الركوب الذي ركبها؟ .قال الإمام: اذا احدث فيها حدثاً فقد وجب الشراء. وتقدم معنا أنّه قال: «اذا لمس الجارية أو نظر فقد انقضى الشرط».. «وذلك رضا منه».. وكل ما خالف هذا النص فهو شاذ متروك .
1 ـ اذا استوفى المشتري نماء الحيوان مدة الخيار ثم فسخ فعليه أن يرجع معه بدل ما استوفاه من النماء فقد سئل الإمام الصادق عليه‏السلامعن رجل اشترى شاة فامسكها ثلاثة أيام ثم ردها؟. قال: ان كان في تلك الثلاثة أيام يشرب لبنها رد معها ثلاثة امداد وان لم يكن لها لبن فليس عليه شيء . 2 ـ ان خيار الحيوان يجري في البيع فقط دون غيره فلو كان الحيوان محلاً لعقد المصالحة أو بدلاً عن الاجارة فلا خيار له لأن الخيار على خلاف القاعدة فيختصر فيه على مورد النص وهو البيع فقط .3 ـ اذا باع ثوباً وحيواناً بثمن واحد يثبت الخيار بخصوص الحيوان واذا فسخ المشتري كان للبائع حق الخيار في الفسخ لتبعيض الصفقة .4 ـ يثبت هذا الخيار في بيع الحيوان كله أو بعضه كالنصف والثلث أو الأقل أو الأكثر لأن الروايات مطلقة تشمل الكل والبعض .وهذا المقدار كافٍ وافٍ في الحديث عن الحيوانات واحكامها في عصرنا عصر الآلة والصناعة حيث لم تبق من حاجة إليها الآن كما كانت في السابق وعهد الفقهاء القدامى يوم كانت الحيوانات هي الوسيلة الى المواصلات وحرث الأرض والطحن والحصاد وما إليه .