الاخراج من الماء

الاخراج من الماء :

قال تعالى:وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً النحل: 14.. وَمَا يَسْتَوِي الْبَحرانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجُ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً فاطر: 12 .

الاخراج من الماء تذكية شرعية يختص بالسمك، على شريطة أن يخرج من الماء حياً، ويموت في خارجه، قال الإمام الصادق  عليه‏السلام: ان السمك ذكاته اخراجه من الماء، ثمّ يترك، حتّى يموت من ذات نفسه، وذلك أنّه ليس له دم ـ أي سائل ـ وكذلك الجراد .

وإذا أخرج السمك من الماء حياً، ثمّ عاد إليه بطريق من الطرق فلا يحل أكله، فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن سمك يُصاد، ثمّ يجعل في شيء، ثمّ يعاد في الماء فيموت فيه؟ فقال: لا تأكلّ، لأنه مات في الذي فيه حياته .

وإذا وثبت سمكة إلى البر فماتت فيه، أو جف الماء وانحسر عنها، فان أخذت قبل أن تموت فهي حلال، وإلاّ فهي ميتة، فقد سئل الإمام  عليه‏السلام عن سمكة وثبت من النهر فوقعت على الجلد ـ أي الشاطى‏ء ـ فماتت، هل يصلح أكلها؟ فقال: ان اخذتها قبل أن تموت، ثمّ ماتت فكلها، وان ماتت قبل ان تأخذها فلا تأكلها .

وسئل عن الذي ينضب عنه الماء من سمك البحر؟ قال: لا تأكله، وإذا عظفنا هذه الرواية على الرواية الأولى، وجمعنا بينهما كانت الأولى قيداً للثانية، ويكون معنى الروايتين مجتمعتين هكذا: إذا جف الماء عن السمك، أو وثب إلى خارجه حلّ إن أخذ حياً، وحرم ان أخذ ميتاً.. ولا يكفي مجرد النظر إليه، وهو يتحرك، من غير أخذ. ووضع اليد عليه، قال صاحب الجواهر: «وفاقاً للمشهور شهرة عظيمة».. وقال: «ومن ذلك يظهر لك أن تذكية السمك اثبات اليد عليه على أن لا يموت في الماء، فهو كحيازة المباح الذي هو بمعنى الصيد» .

واثبات اليد يشمل ما يؤخذ باليد، أو بالشبكة، أو بواسطة حفرة، أو أي شيء، ما دام ينطبق عليه الأخذ حياً، وعلى هذا، اذا نصب شبكة ودخلها السمك، ثمّ جف الماء، ومات السمك في الشبكة يحل أكله، حيث يصدق عليه وضع اليد قبل الموت بواسطة الشبكة، ومثله اذا حفر حفرة، وأجرى إليها ماء البحر والنهر بواسطة قناة، ودخلها السمك، ثمّ جف الماء منها، ومات السمك فانه يحل، لوضع اليد بسبب الحفرة.. أجل، لو مات السمك في ماء الحفرة في الرواية عن الإمام الصادق  عليه‏السلام معللاً به حرمة أكلّ السمك الذي مات في الماء .

وإذا أخرج الصائد شبكته من الماء فوجد فيها سمكاً ميتاً، وآخر حياً حرم الأول، وحل الثاني بالبداهة، وإذا ترك الشبكة في البر، حتّى مات الحي، واشتبه بالميت، فماذا يصنع ؟

ذهب المشهور بشهادة صاحب الجواهر إلى حرمة الجميع امتثالاً للتكليف بالتجنب عن الحرام، ولا يتحقق الامتثال إلاّ بترك الجميع، فيجب بحكم العقل، تماماً كما لو علمت بوجود اناءين: أحدها طاهر، والآخر نجس، ولم تميز الطاهر من النجس، فيجب عليك، والحال هذي، عدم مباشرتهما معاً .

ولا يشترط في صيد السمك التسمية، ولا الاسلام، فلو أخرجه غير المسلم من الماء حياً، ومات في خارجه، أو وضع يده عليه حياً بعد أن جف الماء عنه، أو خرج منه تلقائياً حل أكله، سواء أكان الصائد أو صاحب اليد كتابياً، أو ملحداً، ما دمت تعلم أن يده استولت على السمك، وهو حي، ولا يحل مع الشك، وعدم العلم. فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن صيد الحيتان، ان لم يسم؟ فقال: لا بأس، وسئل عن صيد المجوسى للسمك؟ فقال: ما كنت لآكله، حتّى أنظر إليه. أي حتّى اعلم أنّه خرج من الماء حياً .

وبهذا يتضح الفرق بين أخذ اللحوم من يد المسلم، وأخذها من يد غيره، فالأول تؤخذ من يده، حتّى تعلم بأنّها ميتة، والثاني لا تؤخذ من يده، حتّى تعلم بأنّها مذكاة .