تعذر الوفاء من غير المرهون

سبق أن كلاً من الراهن والمرتهن ممنوع من التصرف في المرهون إلاّ بإن الآخر والكلام الآن في حكم ما إذا تعذر وفاء الدين إلاّ من المرهون وفيه تفصيل على الوجه التالي :

1 ـ إذا مات الراهن قبل الوفاء وخاف المرتهن على ماله من الضياع لجحود الورثة جاز في هذي الحال أن يستوفي حقه مما في يده من الرهن دون مراجعة الورثة فقد سئل الإمام عن رجل مات وله ورثة فجاء رجل وادعى عليه مالاً وان عنده رهناً؟ قال: ان كان له على الميت مال ولا بينة له فليأخذ ماله مما في يده ويرد الباقي على الورثة ومتى أقر بما عنده أخذ به وطولب بالبينة على دعواه .

ومعنى هذا أن للمرتهن أن يكتم أمر الرهن عن الورثة ولا يقر لهم به كي لا يؤخذ بظاهر اقراره وان له أن يستوفي حقه بنفسه ان خاف عليه الضياع حتى ولو لم يكن وصياً من الراهن على بيع المرهون أو على وفاء ديونه .

قال صاحب الجواهر: أخذ الفقهاء بهذه الرواية وعملوا بها .

2 ـ يجوز للمرتهن أن يشترط في عقد الرهن بيع المرهون واستيفاء حقه منه ويجوز له مع هذا الشرط أن يبيعه متى شاء ان لم يكن الدين مؤجلاً وان كان مؤجلاً باعه بعد حلول الأجل ولا يجب عليه أن يراجع الراهن ولا الحاكم في أمر البيع .

3 ـ إذا لم يشترط المرتهن بيع الرهن في العقد وامتنع الراهن من الوفاء لعجز أو غير عجز رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي لأنّه ولي الممتنع ولأنه نصب لفصل الخصومات وقطع المنازعات والحاكم بدوره يلزم الراهن بالبيع مستعملاً معه السبل التي يراها من التهديد والتعزيز فإن امتنع الراهن تولى الحاكم أو وكيله بيع الرهن ووفاء الدين.

وان تعذر وجود الحاكم أو وجد ولم يقدر على شيء جاز للمرتهن بعد اليأس أن يبيع المرهون بقيمته ويستوفي حقه منه كما يجوز لكل دائن الاستيفاء من مال المدين إذا تمنع عن أداء الحق .

وتسأل: ألا يتنافى هذا مع ما روي عن الإمام الصادق عليه‏السلامحيث سئل عن رجل رهن شيئاً عند آخر ثم انطلق فلا يقدر عليه أيباع الرهن؟ قال: لا حتى يجيء صاحبه ؟

وأجاب صاحب الجواهر عن هذه الرواية وما في معناها بأنّها تحمل على كراهية البيع لا على تحريمه أو على عدم تضرر المرتهن بالصبر والانتظار إلى حضور الراهن تحمل على ذلك ان أمكن هذا الحمل وإلاّ وجب طرح الرواية من رأس لاعراض الفقهاء أو أكثرهم عنها.