مسألة الدرهمين

مسألة الدرهمين  :

اثنان معهما درهما، فقال أحدهما لصاحبه: هما لي، وليس لك فيهما شيء. وقال الآخر: هما بيني وبينك، لك درهم، ولي درهم، ولم يصطلحا على شيء ورفعا الأمر إلى الحاكم، فعلى الحاكم أن يعطي درهماً ونصف الدرهم لمدعيهما معاً، ونصف درهم لمن يدعي أحدهما استناداً إلى أن الإمام الصادق عليه‏السلامسئل عن ذلك؟ فأجاب: أمّا الذي قال: هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له فيه شيء، وأنّه لصاحبه، ويقسم الدرهم الثاني بينهما نصفين .

ووجه العدل والانصاف في هذه القسمة أنّه لا سبيل إلى غيرها، اذا لو أعطينا كلاً منهما درهماً لعملنا بقول من يدعي المناصفة، وأهملنا قول مدعيهما معاً، ولو لم نعط مدعي المناصفة شيئاً لعملنا بقول مدعيهما دون قول الآخر، وكلاهما ترجيح بلا مرجح.. فلم يبق إلاّ أن يختص مدعيهما معاً بدرهم، لاعتراف صاحبه بأنّه لا حقّ له فيه، وانما التنازع بينهما في درهم واحد، وكل منهما يدعيه لنفسه دون الآخر، فيقسم بينهما بالسوية، وتكون النتيجة أن يأخذ مدعي الدرهمين درهماً ونصفاً، ومدعي المناصفة نصف درهم.

وتجدر الاشارة إلى ان الحاكم انما يجري هذه القسمة مع عدم البينة لأحد المتنازعين، وبعد أن يحلف مدعي الدرهمين ان صاحبه لا يستحق فيهما شيء، ويحلف أيضاً ومدعي المناصفة أن الآخر لا يستحق جميع الدرهمين.. أما اذا وجدت البينة لأحدهما دون الآخر فيتعين العمل بها، واذا حلف أحدهما، ونكل الآخر أخذ بقوله.. وتجري القسمة التي ذكرناها اذا أقام كل منهما بينة، ولا رجحان لاحدهما عن الأخرة، أو حلفا معاً، أو نكلا معاً.

ولا يختص هذا الحكم في الدرهمين فقط، بل يجري كذلك في كل عين ادعى أحد المتخاصمين أنّها له وحده، وادعى الآخر أنّها مناصفة، مع اثبات يد الاثنين على العين.

ومثل ذلك ما اذا استودع رجل آخر درهمين، ثم استودعه ثانٍ درهماً واحداً، فوضعه مع الدرهمين، وصادق ان تلف درهم من الثلاثة من غير تفريط، أو تعدٍ من المستودع، فيعطى درهم ونصف الدرهم لصاحب الدرهمين، ونصف درهم لصاحب الدرهم، فقد جاء عن الإمام الصادق عليه‏السلامأنّه قضى في مثل هذه المسألة لصاحب الدينارين بدينار ونصف، ولصاحب الدينار نصف دينار، وبينا الوجه في ذلك مفصلاً في كتاب أصول الاثبات فصل علم الحاكم فقرة «القضاء على خلاف العلم» .

مثال آخر: إذا كان لشخص ثوب قيمته عشرون درهماً، ولآخر ثبوت قيمته ثلاثون، ثم اشتبه الثوبان، ولم يعرف أحدهما من الثاني، ولم يصطلح صاحباً الثوبين على شيء، إذا كان كذلك يباع الثوبان ويأخذ صاحب الثوب الأغلى من الثمن ثلاثة أخماس، وصاحب الثوب الآخر خمسين، فقد سئل الإمام الصادق عليه‏السلامعن رجل يبضعه الرجل ثلاثين درهماً في ثوب، وأخر عشرين درهماً فى ثوب، فبعث بالثوبين إليهما، ولكن لم يعرف هذا ثوبه، وذاك ثوبه؟ قال الإمام عليه‏السلام: يباع الثوبان، ويعطى الأول ثلاثة أخماس الثمن، والآخر خمسي الثمن. قال السائل: ان صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين: اختر أيهما شئت. قال الإمام: قد انصفه .