الباب الثامن فيما جاء في تعيينه من كلام ربه

الصفحة 249 

ويندرج فيه شئ من كلام نبيه لأنه يؤكد ذلك ويزيده تعيينا وهو آيات كثيرة غزيرة نضع منها في هذا المختصر آيات يسيرة، كافية في الدلالة لذي بصيرة لا يجحده إلا كل ذي نفس شريرة، قبيحة السيرة خبيثة السريرة، لأنها آيات الكتاب المجيد، المفحم للمتعصب العنيد، السالك إلى الضلال البعيد، العادل بغيه الشديد، عن القرآن المجيد السديد، أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد.

وقد أسند أبو علي الأشعري إلى أبي جعفر عليه السلام: نزل القرآن ربع فينا وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام.

وأسند الكلبي وجماعة إلى الأصبغ قول علي عليه السلام: نزل القرآن ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام، منها قوله تعالى في آية المباهلة (وأنفسنا وأنفسكم) سماه نفسه وقد اجتمعت الأمة على دلالتها على أفضلية أهل البيت.

قال الزمخشري: خرج النبي صلى الله عليه وآله بأعزته وأفلاذ كبده، ليهلك خصمه مع أحبته، وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء على غيرهم، وقد لاح ذلك للأسقف حيث قال: أرى وجوها لو سألوا [ الله ] أن يزيل جبلا لأزاله وذكر خطيب دمشق وصاحب جامع الأصول ما أخرجه مسلم في الكراس الثالث من الجزء الرابع، وأخرجه في آخره أيضا على حد كراسين، ورواه عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين والترمذي في حديث سعد بن أبي وقاص حين لامه معاوية على تركه سب علي فقال: ثلاث قالهن له النبي صلى الله عليه وآله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. وقوله صلى الله عليه وآله: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله و

الصفحة 250 

يحبه الله ورسوله، فأعطاها عليا. ولما نزلت آية المباهلة دعا به وبزوجته وابنيه وقال: اللهم هؤلاء أهلي.

وفي تفسير الثعلبي مسندا إلى مقاتل والكلبي: لما نزلت الآية وخرج النبي صلى الله عليه وآله بهم قالت النصارى للعاقب: ما ترى؟ قال: والله لقد عرفتم أنه نبي والله ما لاعن قوم نبيا فعاش كبيرهم، ولا نبت صغيرهم. وقال الأسقف: إن باهلتموه لم يبق على وجه الأرض نصراني فطلبوا المصالحة على ألف حلة في صفر وألف حلة في رجب كل عام فوادعهم وقال: والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى عليهم، ولو لاعنوا لمسخوا ولاضطرم الوادي عليهم نارا. ولا حال الحول على نجران وأهله ونحو ذلك ذكر ابن المغازلي في مناقبه والثعلبي والسدي وفي تفسير الحافظ أبو نعيم إلى غيره واكتفينا بقليله عن كثيره.

اعترض الواسطي الغوي بأن جميع قريش نفس النبي صلى الله عليه وآله في قوله تعالى:

(لقد جاءكم رسول من أنفسكم(1)) فلا خصوصية بالفضل في ذلك لعلي فلا يختص بالإمامة دون كل قريش. قلنا: قد سلم أن عليا نفس النبي صلى الله عليه وآله فيلتزم بهبوط الصحابة عن منزلة علي لتخصيص النبي له ولولديه وزوجته بالمباهلة دون كل قريش، والمعارض خص بها عليا بعد الثلاثة لأفضليته دون كل قريش ولم يأت لأحد من الفضائل ما أتى لعلي لحديث سعد وغيره.

قال صاحب الوسيلة في المجلد الخامس: قالت عايشة: قالت فاطمة: لما ذكر النبي صلى الله عليه وآله فضل [ بعض ] الصحابة لم يقل في علي شيئا فقيل له في ذلك فقال:

علي نفسي فمن رأيت يقول في نفسه شيئا.

وروى ابن جبر في نخبه أن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن بعض الصحابة فقال فيه ما قال، فقيل له وعلي؟ فقال صلى الله عليه وآله: سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي، فلو كان الذين قال فيهم نفسه كعلي لما قال فيهم شيئا ومعنى النفس في الآية: أي من نسبكم؟؟ وقد قرئت (من أنفسكم) بفتح الفاء أي من أعلاكم وسيأتي البحث في

____________

(1) براءة: 129.

الصفحة 251 

معاني (من) في الفصل التاسع من الباب الثامن.

إن قالوا: يلزم على ما ذكرتم أن لا يقول النبي في نفسه ولا في علي شيئا البتة، وهو خلاف المشهور باعترافكم. قلنا: ذلك لا يلزمنا لكون المقام يقتضي هذا دون غيره فإن النبي صلى الله عليه وآله قال في مقام: أنا سيد ولد آدم [ آدم ] ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة، وقال في آخر: لا تفضلوني على يونس. على أن النفس لو صحت لكل قريش لم يبق لتخصيص الأبناء والنساء بالذكر فائدة لدخولهم في ذكر النفس.

إن قيل: أفردوا بالذكر لترجيح الخاص على العام. قلنا: ذلك هو مطلوبنا في أول الكلام.

فإن قيل: المراد بأنفسنا نفس النبي صلى الله عليه وآله. قلنا: ظاهر (ندع) يقتضي المغايرة إذ لا يكون الانسان داعيا لنفسه.

إن قيل: ذهب الجبائي إلى أن القائل لسليمان (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك(1)) هو سليمان فقد صح أن يخاطب الانسان نفسه. قلنا: هذا قول شاذ لم يذهب إليه سواه فدل على أن قانون اللغة يوجب المغايرة.

إن قيل: فقد يأمر الانسان نفسه (إن النفس لأمارة بالسوء(2)) فالآمر هنا هو المأمور والأمر كالدعاء. قلنا: لا، فإن الآمر هو القلب، والدعاء يقتضي مدعوا فافترقا. ولأن النصارى فهموا أن عليا نفسه ولهذا لم يقولوا: جئت بزيادة عمن شرطت.

وحكى الواحدي في الوسيط عن ابن حنبل أنه أراد بالأنفس بني العم والعرب تسمي ابن العم نفسا وقال تعالى: (ولا تلمزوا أنفسكم(3)) أي المؤمنين من إخوانكم. قلنا: مجاز لا يحمل عليه.

إن قيل: كون علي نفس النبي صلى الله عليه وآله مجازا أيضا. قلنا: مسلم ولكنه

____________

(1) النحل: 40.

(2) يوسف: 53.

(3) الحجرات: 11.

الصفحة 252 

أقرب إلى الحقيقة فتعين الحمل عليه.

بيان القرب قول النبي صلى الله عليه وآله له في رواية ابن سيرين: يا علي أنت مني و أنا منك. وذكره البخاري وفي فضائل السمعاني وتاريخ الخطيب وفردوس الديلمي عن ابن عباس: علي مني مثل رأسي من بدني وقوله: أنت مني كروحي من جسدي، وقوله: أنت مني كالصنو من الصنو.

ويؤيد ما قلناه أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي: أنا وأنت من شجرة واحدة، رواه الخركوشي والثعلبي في الكشف والبيان وكذا رواه في أماليه ابن شاذان و النطنزي في الخصائص وشيرويه في الفردوس وفي تفسير عطاء الخراساني والفلكي الطوسي، ونحوه أبو صالح المؤذن والسمعاني وقد أخرج صاحب المراصد قول النبي صلى الله عليه وآله لزيد بن حارثة: علي كنفسي لا فرق بيني وبينه إلا النبوة فمن شك فقد كفر. ونحو ذلك كثير من جنسه وغير جنسه.

إن قيل: لم يقصد في المباهلة الأفضل بل النسب ولهذا أحضر الحسنين و كانا طفلين. قلنا: لولا إرادة الفضل لدعا عقيلا وعباسا وولده فإنهم انضموا إلى النبي صلى الله عليه وآله وأسلموا قبل المباهلة بمدة والمباهلة كانت في سنة عشر من الهجرة وقد كان الحسنان في حد العقل والعرفان، وإن لم يبلغا حد التكليف على أنه يجوز اختصاصهما بما يخرق العادة فيهما لثبوت إمامتهما وقد شهرت في عيون الزمان مدائحهم في كل أوان قال الحماني:

 

وأنزله منه النبي كنفسه رواية أبرار تأدت إلى البر

فمن نفسه منكم كنفس محمد ألا بأبي نفس المطهر والطهر

 

وقال ابن حماد:

 

فسماه رب العرش في الذكر نفسه      فحسبك هذا القول إن كنت ذا خبر

وقال لهم: هذا وصيي ووارثي   ومن شد رب العالمين به أزري

 

وله أيضا:

 

وقال ما قد رويتم حين ألحقه   بنفسه عند تأليف يؤلفه

 

الصفحة 253 

 

ونفس سيدنا أولى النفوس بنا  حقا على باطل النصاب نقذفه

 

العلوي:

 

وألحقه يوم البهال بنفسه         بأمر أتى من رافع السماوات

فمن نفسه منكم كنفس محمد بني الإفك والبهتان والفجرات

 

وأسند أبو العلاء القطان أن النبي صلى الله عليه وآله أتاه قنوموز فجعل يقشره ويضعه في فم علي فقيل: إنك تحبه فقال صلى الله عليه وآله: أو ما علمت أنه مني وأنا منه.

الحميري:

 

أنت ابن عمي الذي قد كان بعد أبي     إذ غاب عني أبي لي حاضنا وأبا

ما إن عرفت سوى عمي أبيك أبا        ولا سواك أخا طفلا ولا شيبا

كم فرجت كفك اليمنى بذي شطب    في مارق حرج عن وجهي الكربا

وهؤلاء أهل شرك لا خلاق لهم          من مات كان لنار وقدت حطبا

 

الصاحب:

 

أما عرفتم سمو منزله    أما عرفتم علو مثواه

أما رأيتم محمدا حدبا   عليه قد حاطه ورباه

واختصه يافعا وآثره     واعتامه مخلصا وآخاه

زوجه بضعة النبوة إذ    رآه خير امرء وأتقاه

 

وقال آخر:

 

بمن باهل الله أعداءه    وكان الرسول به أبهلا

وهذا الكتاب وإعجازه  على من وفي بيت من أنزلا؟

 

وقال آخر:

 

أنت يوم الغدير أمرك  الله وهم أمرتهم الغوغاء

أين كانوا يوم نجران إذ قيـ      ـل تعالوا وكلكم شهداء

أين كانت فلانة وفلان  بان ثم الدناة والشرفاء

 

الصفحة 254 

وقال آخر:

 

يا من يقيس به سواه جهالة      دع عنك هذا فالقياس مضيع

لو لم يكن في النص إلا أنه     نفس النبي كفاه هذا الموضع

 

فقد بان في هذا بلوغ علي أعلى غايات الكمال، وأقصى نهايات الجلال و الجمال، وجعله الله وولديه حجة على تصديق نبيه، فهم كالقرآن الذي تحدى العرب به، فلزم وجوب متابعته، وإذا كان رفع الصوت على النبي يحبط العمل بنص الكتاب، فالمقدم بين يدي الله ورسوله بتأخير وصيه ذاهب عن الصواب.

ومنها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)(1) فقد روي أن جابرا لما نزلت هذه الآية قال للنبي: قد عرفنا الله و رسوله، فمن (أولي الأمر)؟ قال: خلفائي وأئمة المسلمين بعدي: أولهم علي بن أبي طالب.

وقد أسند الشيخ العالم الإصفهاني الأموي إلى الصادق عليه السلام أن عليا عليه السلام من أولي الأمر فسأله أبو مريم: هل كانت طاعته مفروضة؟ فقال: والله ما كانت لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله ولآله، فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله، وطاعة أمير المؤمنين من طاعة الله(2) وروي من طريق آخر نزولها في علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم السلام.

قالوا: لا عموم لطاعة أولي الأمر بعد تكرير لفظ (أطيعوا) فيها فإن أمروا بما يدخل في طاعة الله ورسوله أطيعوا وإلا فلا، ولهذا لم يأمر بالرد إليهم عند النزاع في قوله: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول) ولم يقل: و إلى أولي الأمر.

قلنا أولا: واو العطف للجمع المطلق كما قرر في الأصول فلا يدل على المتقدم من المتأخر.

____________

(1) النساء: 59.

(2) ومن أطاع أمير المؤمنين فقد أطاع الله. خ.

الصفحة 255 

وثانيا: عدم تكرير (أطيعوا) لا يدل على عدم عموم الطاعة وإلا لدل في حق الرسول فإنه تعالى قال في موضع آخر: (أطيعوا الله ورسوله(1)) فلم يجب طاعته في كل شئ وهو باطل بالاجماع.

إن قيل: فهذه وإن لم تدل على عموم الطاعة، لكن الأولى دلت فبها عمت قلنا: الآية الخالية من التكرير سواء تقدمت على هذه أو تأخرت لزم منها تبعيض طاعة الرسول في بعض الأوقات وهو باطل بالاجماع وإنما لم يقل في آية النزاع و إلى أولي الأمر منكم إيماء إلى أن طاعتهم قسم من طاعة الرسول ويؤيده: (إن كنتم تؤمنون) على الشك والإمام ليس في إيمانه شك.

وثالثا: أن طاعة الله ورسوله واجبة دائما، والمعطوف عليهما بحكمهما، ولا يجب طاعة غير المعصوم دائما.

قالوا: أولوا الأمر أمراء السرايا. قلنا: لم يجتمع العلم فيهم الذي أمر الله بالرجوع فيه إليهم في قوله (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)(2) على أن أول أمراء السرايا علي بن أبي طالب كما رواه الشعبي عن ابن عباس في تفسير مجاهد أن الآية نزلت في علي حين استخلفه في المدينة النبي، وفي إبانة الفلكي أنها نزلت حين شكا أبو بردة من علي.

قالوا: هم علماء العامة. قلنا: لا يأمر الله باتباعهم لوجود الاختلاف بينهم بل التناقص فيهم.

ومنها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين(3)) ثم بين الصادقين في الآية الأخرى وهي قوله تعالى: (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا(4) وحين البأس اشتداد الحرب، وتواتر الطعن والضرب، وقد هرب من لا خفاء فيه، ولزب من لا غطاء

____________

(1) الأنفال: 1 و 20 و 47.

(2) النساء: 86.

(3) براءة: 120.

(4) البقرة: 177.

الصفحة 256 

عليه، ومن المعلوم الضروري أنه لم يكن لأحد من الثبات والقتل ما لعلي حتى قالت عايشة مع شدة بغضها له لما بلغها قتله: لتفعل الحرب ما شاءت، فليس لها من ينهاها. وقد أمر الله تعالى بالكون معه ومع ذريته الداخلين في صفته فوجب الانحراف والتخلف عمن ليس ذلك من نعته، بل هرب عن رسول الله في أكابر حروبه.

وأيضا قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا(1)) روى المفسرون أنها نزلت في علي وحمزة ولا ريب أنه لما قتل حمزة اختصت بعلي فأمن منه التبديل بحكم التنزيل وروى اختصاصها بعلي: ابن عباس، والصادق، وأبو نعيم الحافظ، وصدق ذلك طائفة ما روي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين(2)) قال هو علي بن أبي طالب لأن الله تعالى عرض على إبراهيم ولايته فسأله أن يجعلها في ذريته ففعل. شعر:

 

فهذي المزايا بعض ما حلى به  وجيئ من الخيرات والبركات

نطقت بها آي الكتاب وحسبها  أن جاء شاهدها من الآيات

 

إن قيل: (صدقوا) و (ما بدلوا) ماضيان، فلا يدلان على عدم التبديل في مستقبل الأزمان قلنا: قد أريد بالماضي الاستقبال كما في قوله تعالى (ونادوا يا مالك(3)) (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة(4)) (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار(5)).

إن قيل: هو من المجاز. قلنا: يتعين الحمل عليه لقول النبي صلى الله عليه وآله فيه:

علي يدور مع الحق حيث دار، وغيره، وقد بلغ في الاشتهار إلى حد يمتنع فيه الانكار.

قال إمامهم الرازي: ليس المراد بالصادقين من كان صادقا في بعض الأمور

____________

(1) الأحزاب: 23.

(2) الشعراء: 74.

(3) الزخرف: 77.

(4) الأعراف: 49.

(6) ص: 62.

الصفحة 257 

وإلا لزم الأمر بمتابعة الخصمين، إد كل واحد صادق في أمر ما، فالصادق في الكل إن وجبت متابعته في بعض فهو غير معين فيلزم التعطيل، فتجب المتابعة في الكل وهذا الصادق إما كل الأمة وهو باطل، إذ التقدير حينئذ: كونوا معكم. وهو مناف للبلاغة فهو بعض الأمة فهو الإمام المعصوم، إذ لا صادق في الكل غيره.

ولا يستوحش مما ذكرنا بما نقل عن الضحاك أنها نزلت في أبي بكر وعمر فقد ذكر محمد بن حبان صاحب كتاب المجروحين أن الضحاك ضعيف ونزولها في علي أسنده أبو نعيم الحافظ وهو من القوم برجاله إلى ابن عباس وكذا الثعلبي رواه عن ابن عباس فإذا أمر الله بالكون معهم على الاطلاق اقتضى عصمتهم عن ذميم الأخلاق.

إن قيل: يخص بمنفصل عقلي الكون معهم، وهو ما علم فيه صدقهم، فلا يدل على عصمتهم. قلنا: غير المعصوم لا يعلم الصدق فيه، وحسن الظاهر لا يوصلنا إليه، لظهور النفاق في كثير ممن يعتمد عليه.

إن قيل: لم لا يكون الصادق أبو ذر الذي قال النبي صلى الله عليه وآله فيه: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر، قلنا: هذا عام مخصوص أفتراه أصدق من النبي صلى الله عليه وآله فيختص بغير من ثبتت عصمته.

إن قيل: إن أفعل التفضيل يرجحه على غيره، قلنا: جاءت لغير التفضيل مثل قوله تعالى (وسيجنبها الأتقى(1)) وفي الشريعة الحدث الأصغر أو الأكبر وفي الشعر:

 

تمنت سليمى أن أموت وإن أمت        فتلك سبيل لست فيها بأوحد

 

على أنه قد أورد ابن قرطة في مراصد العرفان زيادة هي أنه لما قيل ذلك لأبي ذر وعلي عليه السلام مقبل، إلا هذا المقبل، والمقر في الأصول قبول الزيادة و تقديمها على ما فيها مع أن الله قد بين الصادق في قوله تعالى (ولكن البر من

____________

(1) الليل: 17.

الصفحة 258 

آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون(1)) وهذه النعوت لم يحوها أحد غير علي، فدلت على ثبوت إمامته وإمامة المتصفين بصفته من ذريته.

فأول النعوت الإيمان بالله، وقد سبق في الفصل الثاني والعشرين من الباب السابع.

وثانيها إيتاء الزكاة وهو مشهور في قصة الخاتم وسيأتي قريبا إن شاء الله، و الوفاء بالعهد وغيره وقد كفى ما أتى في هل أتى من مديحه وقد أورد الزمخشري في كشافه والثعلبي في تفسيره وزاد محمد بن علي الغزالي في كتاب البلغة نزول المائدة عليهم بعد تصدقهم بالطعام، وقيامهم بالصيام، فأكلوا منها سبعة أيام، و رواه أخطب خوارزم في كتابه.

وثالثها الرقاب فإن عليا عليه السلام عمر أرضا وباعها واشترى بها رقابا وأعتقها.

ورابعها حين البأس، وهو حال الفرار من الزحف ومعلوم ثبوت علي عليه السلام في جميع أوقاته حتى تعجبت الملائكة من حملاته، وقال فيه ملك يقال له رضوان:

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. فوضع في أوله حسان أبياته الحسان:

 

جبريل نادى في السما  والنقع ليس بمنجلي

والخيل تعثر بالجماجـ  ـم والوشيح الذبل

والمسلمون قد أحدقوا  حول النبي المرسل

هذا النداء لمن له        الزاهراء ربة منزل

لا سيف إلا ذو الفقار   ولا فتى إلا علي

 

إن قلت: كيف ذكر جبرائيل حسان مع أن المنادي رضوان؟ قلت: جاز

____________

(1) البقرة: 177.

الصفحة 259 

كون النداء من جبرائيل وأصل المدح من رضوان، وقد اعترف له عمرو بن العاص في قوله:

 

وضربته كبيعته بخم     معاقدها من الناس الرقاب

هو النبأ العظيم وفلك نوح       وباب الله وانقطع الخطاب

 

واعترف له المأمون الخليفة في قوله:

 

ألام على شكر الوصي أبي الحسن       وذلك عندي من عجائب ذي المنن

خليفة خير الناس والأول الذي أعان رسول الله في السر والعلن

 

وقد روى ابن قتيبة في المعارف وهو منهم فرار الشيخين بوقعة حنين وفي بدر قتل علي عليه السلام خمسة وثلاثين بطلا عرف ذلك من اتحاد ضرباته وتكثر ضربات غيره، ومن المستحيل عد أبي بكر من الشجعان، وقد فر في أحد يوم التقى الجمعان، وثبت علي للطعان، ومكابدة الأقران، وكتب هذا الفن تجعل الخبر فيها كالعيان، وإذا اجتمعت النعوت في علي، وجب الكون معه بالأمر الإلهي.

ومنها قوله تعالى (بلغ ما أنزل إليك من ربك(1)) قالوا: قلتم: كانت في المصحف (في علي) فأسقطها أهل السنة كيف ذلك والله تعالى يقول: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه(2)). قلنا: هذه الدعوى لم يذهب إليها إمامي كيف وقد أجمعوا على أن من قرأ بتلك الزيادة في صلاته بطلت، وإنما قلنا:

إنها نزلت في علي وقد قال ابن المرتضى في تفسيره: نقل الثعلبي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أن المراد بقوله تعالى (بلغ ما أنزل إليك) في فضل علي عليه السلام ونقله أيضا عن الفراء فأقامه بغدير خم وسيأتي إن شاء الله محررا ونقل نزولها فيه أيضا الثعلبي وأبو القاسم الحسكاني عن ابن عباس ونقلها ابن البطريق في الخصائص عن أبي القاسم، ومن تفسير الثعلبي كل منها بطرق عديدة.

ومنها قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون

____________

(1) المائدة: 70.

(2) فصلت: 42.

الصفحة 260 

الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون(1)) ذكر الزمخشري في كشافه أنها نزلت في علي حين تصدق بخاتمه وذكره الثعلبي في تفسيره عن السدي وعتيبة وغالب ورواه الثعلبي أيضا من طرق عدة منها عن أبي ذر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله بهاتين وإلا صمتا ورأيته بهاتين وإلا فعميتا يقول: علي قائد البررة، وقاتل الكفرة منصور من نصره، مخذول من خذله. أما إني صليت يوما مع النبي صلى الله عليه وآله فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد فأومى [ علي ] عليه السلام إليه راكعا فأخذ الخاتم من خنضره اليمنى، فلما فرغ قال النبي صلى الله عليه وآله: اللهم إن موسى قال: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي [ هارون ] فأنزلت: (سنشد عضدك بأخيك(2)) الآية وأنا نبيك وصفيك، فاجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري فما استتم كلامه حتى نزل جبرائيل عليه السلام ب (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).

وروى نزولها فيه رزين في الجزء الثالث من الجمع بين الصحاح، وذكره في صحيحه النسائي عن ابن سلام، ورواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي من طرق خمسة، والماوردي، والقشيري، والنيسابوري، والقزويني، والفلكي في الإبانة، والطوسي والإصفهاني في تفاسيرهم، عن السدي، ومجاهد، والحسن والأعمش، وعتيبة، وغالب، وابن الربيع، وعباية، وابن عباس.

وابن البيع في معرفة أصول الحديث، والواحدي في أسباب النزول، و السمعاني في فضائل الصحابة، وأبو بكر الرازي في أحكام القرآن، وسليمان بن أحمد في المعجم الأوسط. والبيهقي في الشعب، ومحمد بن فتال في التنزيل والروضة وابن أبي رافع وذكر أن هذان إمامان وابن عباس، والثقفي، وأبو صالح ومجاهد، والشعبي، والنطنزي في الخصائص وناصح التميمي، والكلبي.

____________

(1) المائدة: 55.

(2) القصص: 35.

الصفحة 261 

ورواه من الفرقة المحقة زرارة عن الباقر عليه السلام في روايات مختلفة المباني متفقة المعاني.

والحسين بن جبر في كتابه نخب المناقب، وابن البطريق في كتاب الخصائص من عدة طرق، ومحمد بن جرير الطبري وابن بابويه القمي في الأمالي مسندا إلى عمر بن الخطاب قال: تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي فلم ينزل.

وأسنده صاحب الكافي إلى الصادق عن آبائه عليهم السلام: لما نزلت (إنما وليكم الله ورسوله) الآية اجتمع نفر في المسجد فقالوا: هذا ذل حين سلط علينا علي بن أبي طالب وقد علمنا صدق محمد ولكن نتولاه ولا نطيع عليا فنزلت: (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها - يعني ولاية علي - وأكثرهم الكافرون(1)) لولاية علي.

فقد ظهر بنقل الفريقين وإطباق الخصمين نزولها في علي عليه السلام.

قالوا: كان بين علي وأسامة بن زيد بعد الغدير كلام فقال له علي: ألست مولاك بالأمس؟ قلنا: قد ولاه عليه النخاس وولاه الله عليه في جملة الناس، كما رويتم في الآيات المنتزعة عن ابن عباس على أن المقرر في الأصول أن السبب لا يخص.

قالوا: أسند الثعلبي عن ابن عباس نزولها في عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: كان بينه وبين اليهود حلف فلما أسلم قطعوه فنزلت تسلية له. قلنا:

أكثر روايتها في علي منكم ومن ولايتهم عليكم فلا يعدل عنها إلى رواية نادرة و كيف تكون في الأصحاب وقد حدثت المناكير من أكثرهم.

فنقول حينئذ: لفظة (إنما) تفيد الحصر، ومنه قوله تعالى (إنما إلهكم الله(2)) أراد تعالى إثبات الإلهية لنفسه ونفيها عن غيره وكذا (إنما أنت منذر(3)) وفهم ابن عباس اختصاص الربا بالنسبة في قوله صلى الله عليه وآله (إنما الربا في النسية) وقال الشاعر:

____________

(1) النحل: 83.

(2) طه: 98.

(3) الرعد: 8.

 

 

 

 

الصفحة 262 

 

أنا الزائد الحامي الذمار وإنما    يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

 

وقال: (إنما العزة للكاثر(1)) وإنما مركبة من (إن) وهي للاثبات و (ما) وهي للنفي، فإن تواردا على محل اجتمع المتنافيان فلا بد من محلين فإن ورد الاثبات على غير المذكور والنفي عليه فباطل بالاجماع، فتعين العكس وهو إثبات المذكور ونفي المهجور.

قالوا: جاءت إنما لغير الحصر في قوله تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم(2)) وقولهم: إنما الناس العلماء مع وجود الإيمان في غيرهم.

قلنا: ذلك للمبالغة في مدحهم، لا لنفي الإيمان والناس عن غيرهم، ولهذا إن الجهال وناقصي الإيمان تنفر طبايعهم عند هذا الكلام، ولولا إفادة الحصر لم يحصل ذلك.

إن قالوا: فما المانع من أن يكون ذكرها في آية الولاية للمبالغة لا لنفي الولاية عن غيره. قلنا: فلا بد للمبالغة من زيادة معنى لامتناع العبث فأصل الولاية ثابت لكل مؤمن في قوله تعالى: (والمؤمنون بعضهم أولياء بعض(3)) ولا زيادة في المعنى توجب المبالغة سوى الولاية العامة وهي المطلوبة هنا إذ هي الإمامة.

قالوا: (إنما أنت منذر) ليس فيها حصر لوجود الانذار لغيره. قلنا: بلى إذ التقدير إنما أنت منذر لا مجبر ولم يقل الله تعالى: (إنما أنت المنذر).

قالوا: إذا أفادت الحصر لزم منه سلب إمامة أولاده وأنتم لا تقولون به.

قلنا: إذا قام الدليل الخارج على إمامتهم كان كافيا فيهم وستأتي الكرامات منهم والنصوص من جدهم عليهم ولأن الصدقة إذا وقعت من أبيهم جازت نسبتها إليهم مثل قوله تعالى في متأخري اليهود: (فلم تقتلون أنبياء الله(4)) والقتل من أسلافهم

____________

(1) أوله: ولست بالأكثر منهم حصى.

(2) الأنفال: 2.

(3) براءة: 71. وفيه: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم الخ.

(4) البقرة: 91.

الصفحة 263 

قال بعض الأدباء: هذه إنما وليكم الله أتت بالولاية من الله فيه

فإذا ما اقتضى من اللفظ معنى  فيه كانت من بعده لبنيه

 

ولئن خصصنا الخطاب بالحاضرين كما هو ظاهر الآية، تم الحصر أيضا و نستفيد إمامتهم من غيرها.

إن قيل: (يقيمون) و (يؤتون) للاستقبال فيصح لكل من يفعل ذلك.

قلنا: قد نقلنا من طرقكم نزولها في علي ونقلنا أن عمر تصدق مرارا فلم ينزل فيه شئ وصيغة الاستقبال لا تستلزمه كقوله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله) (يريدون ليطفئوا نور الله(1)) ونحوها كثير وإنما تخلص اللفظ للاستقبال السين وسوف، وهنا تخلص للحال بقوله تعالى (وهم راكعون) كما يقال: رأيت الأمير وهو آكل، ولقيته وهو راكب، ولو كان (وهم راكعون) استينافا لزم التكرار لدخوله في ذكر الصلاة وإذا كانت الولاية هي التصرف وهي ثابتة لبعض الأمة تعينت لعلي بالاجماع على أن الآية لا تقتضي إمامة غيره فلو لم تثبت ألغيت الآية ولو فر من عمومها الناس دخل علي فيها بالاجماع ويلزم من ذلك ثبوت إمامته لوجوب اتحاد الإضافة.

وربما قيل: إن كل واحد منهم زكا راكعا لتعميم الآية وفيه نظر إذ قد بينا أن المراد بيؤتون الحال دون الاستقبال إلا أن يقال لم يرد بالحال الزمان الحال، بل حال الركوع فيذهب الإشكال.

قالوا: الذين لفظ جمع فلا يحمل على الواحد. قلنا: في العرف والاستعمال موضوع للواحد للتعظيم والتفخيم مثل (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (إنا نحن نزلنا الذكر) (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس(2) أراد إبراهيم أو النبي عليهما السلام

____________

(1) الفتح: 15. الصف: 8.

(2) القدر: 1، الحجر: 9. البقرة: 199.

الصفحة 264 

وقوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم(1)) أراد تعالى نعيم بن مسعود ولو حمل لفظ (الذين) على العموم لزم أن يكون كل واحد وليا لنفسه فكأنه قال إنما وليكم بعد الله ورسوله أنتم هذا وقد ذهب جماعة من الأصوليين إلى أنه لا صيغة تختص بالعموم.

قالوا: ذكرتم أن عليا كانوا يخرجون النصول من جسده في سجوده لانجذاب نفسه إلى ملاحظة عظمة ربه فكيف شعر بالسائل في صلاته؟ قلنا: ذلك من خصائصه عليه السلام ليجمع بين العبادتين وليس في ذلك انصراف عن عظمته تعالى بل انصراف إليها من جهة أخرى فإن الساقي لا يضل مع سكره عن أن يشرب ويسقي ندماءه قال بعضهم:

 

يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته عن النديم ولا يلهو عن الكأس

أطاعه سكره حتى تمكن من    فعل الصحاة فهذا أفضل الناس

 

قالوا: المشهور بين الفريقين(2) أن عليا عليه السلام قال: الفخر بالفقر ولا زكاة مع الفقر. قلنا: الفقر هنا هو سلب الاعتماد على غير الله ولو سلم أنه فقير المال لم يناف الزكاة المستحبة وهي مطلق التطوع وعلى تقدير وجوبها لا يلزم نفي الفقر عمن كلف به لجواز حصول نصابها مع دين يستغرقها فإنه لا يمنعها قال الخوارزمي:

 

مؤد في الركوع زكاة مال         جرايب قد حواها بالجراب

 

قالوا: هو جواد وهل تجب الزكاة على الجواد؟ قلنا: كلام الجواد خطابي مع أن دفع الزكاة جود فكيف ينافي الجود، بل كيف يتحقق الجود مع نفي ما به يجود على أن الاعطاء يتعلق بالحكمة والمصلحة وإلا لنسب عدم الجود إلى الله في منع الفقراء.

قالوا: الركوع لغة الخضوع فمعنى (وهم راكعون) أي وهم متواضعون قلنا: لا بل الركوع هو التطأطؤ قال صاحب كتاب العين: كل من ينكب لوجهه

____________

(1) آل عمران: 172.

(2) المشهور عن علي الفخر بالفقر، خ.

الصفحة 265 

سواء مست ركبتاه الأرض أو لا فهو راكع ومثله قال ابن دريد وإن حمل الركوع على التواضع فهو من المجاز.

قالوا: فالزكاة الواجبة تفتقر إلى نية وهي مبطلة للصلاة. قلنا: نمنع إبطالها إذ هي قلبية ولا منافاة بينها وبين الصلاة للاكتفاء بالاستمرار الحكمي ولجواز أن يكون أومأ إلى الفقير فأخذ الخاتم ولم ينو الزكاة حتى فرغ وكان الايماء فعلا قليلا، ولو فرضت كثرته جاز أن يكون جايزا نسخ كما كان الكلام في الصلاة جايزا ثم نسخ فإنه قد روي عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة فلما نزل قوله تعالى: (وقوموا لله قانتين(1)) أمسكنا عن الكلام.

وبالجملة فعلي أفقه الأمة والحجة الكبرى في فعله فلا وصمة وقد أسلفنا إثبات عصمته، وقد ذكر ابن حنبل في مسنده عن سعيد: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يقول: سلوني. غير علي عليه السلام وقد مدحه الله على ذلك، فلو كان مفسدا للصلاة لم يثن الله تعالى عليه على فعله، وقد أسند الحافظ أبو نعيم وصاحب النخب أنه كان يصلي النافلة.

وإذا تخلصت هذه الأمور لعلي عليه السلام ثبتت ولايته بالعطف على ولاية الرسول المعطوفة على ولاية الله تعالى وإذا ثبت ولايته حكم بحصول عصمته لإطلاق وجوب طاعة خليفته فلو وقع منه قبيح كان الله قد أوجب فعله على خليقته هذا وقد نظمت في ذلك الأعيان، على اختلاف البلدان والأزمان، فقال فيه حسان أبياته الحسان:

 

أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي         وكل بطئ في الهوي ومسارع

أيذهب مدحا من محبيك ضايعا         وما المدح في جنب الإله بضايع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا       زكاة فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية        وثبتها في محكمات الشرائع

 

ذكر ذلك صاحب المنهاج بإسناده وسيأتي في باب رد الشبهات أطراف أخر في هذا.

____________

(1) البقرة: 238.

الصفحة 266 

وقال دعبل الخزاعي، الساعي بنشر فضائله أحسن المساعي:

 

نطق القرآن بفضل آل محمد    وولاية لعليه لم تجحد

بولاية المختار من خير الورى  بعد النبي الصادق المتودد

إذ جاءه المسكين حال صلاته  فامتد طوعا بالذراع وباليد

فتناول المسكين منه خاتما      هبة الكريم الأجودي الأجود

فاختصه الرحمن في تنزيله      من حاز مثل فخاره فليعدد

إن الإله وليكم ورسوله  والمؤمنون ومن يشأ فليجحد

يكن الإله خصيمه فيها غدا      والله ليس بمخلف في الموعد

 

وقال السيد الرضي في جملة مدائحه لأمير المؤمنين عليه السلام:

 

ومن سمحت بخاتمه يمين      تضن بكل عالية الكعاب

أهذا البدر يكسف بالدياجي     وعين الشمس تعمش بالضباب

 

وقال العوني:

 

تصدق بالختام لله راكعا فأثنى عليه الله في محكم الذكر

وأنزل فيه الله وحيا مفصلا       لدى هل أتى إذ قال يوفون بالنذر

 

وقال أيضا:

 

أبن لي من في القوم جاد بخاتم على السائل المعتر إذ جاء قانعا؟

وجاد به سرا فأفشاه ربه وبين من كان المصدق راكعا

 

وقال آخر:

 

أيمن بخاتمة تصدق راكعا       يرجو بذاك رضا القريب الداني

حتى تقرب منه بعد نبيه         بولاية وشواهد ومعاني

بولاية في آية لأولي النهى       جاءت حصاهم واحد واثنان

الأول الصمد المقدس ذكره     ونبيه ووصيه التبعان

هل في تلاوتها بأن ذوي هدى من قبل ثالث أهلها يليان

 

ومنها قوله تعالى لإبراهيم عليه السلام (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي

الصفحة 267 

قال لا ينال عهدي الظالمين(1)) وقد قال الرب العليم (إن الشرك لظلم عظيم(2)) وأبو بكر وعمر وعثمان عبدوا الأوثان، برهة من الزمان.

إن قيل: توبتهم ترفع الظلم عنهم. قلنا: اللفظ مطلق فتخصيصه بوقت ترجيح بغير مرجح، ولأنه قد تقرر في الأصول عدم اشتراط بقاء المعنى في صدقه.

إن قيل: فعلى هذا يطلق على أكابر الصحابة الذين أسلموا أنهم ظلمة.

قلنا: سلمنا ذلك لغة ونمنع منه شرعا.

إن قيل: فعلي يدخل في ذلك لتجدد إسلامه قلنا: لا، بل أظهر الاسلام لانعقاد إجماع الأنام، أنه لم يسجد للأصنام، ولهذا اختص وحده بكرم الله وجهه.

إن قيل: (لا ينال عهدي الظالمين) مهملة وهي كالجزئية فيصير التقدير لا ينال عهدي بعض الظالمين ولا يدل هذا في الثلاثة على خروجهم من وصول العهد إليهم. قلنا: عهدي مضاف وهي للعموم والألف واللام للاستغراق وذلك يدل على أنها كلية وقد قيل بسقوط المهملة في كلام العرب لأن القضية إن وجد فيها الألف واللام فكلية وإن عدما فجزئية فلا مهملة، على أن (لا ينال) نكرة منفية فهي للعموم كما قرر في العربية وأيضا (ينال عهدي الظالمين) موجبة جزئية على رأي الخصم فنقيضها (لا ينال عهدي) سالبة كلية ولأنه يصح استثناء كل زمان منه وهو معيار العموم فما يهول به كلام موهوم.

إن قيل: تقديم حرف النفي دل على السلب الجزئي. قلنا: كلام المنفرد بالجلال، أصدق من هذا الخيال، إذ قال (ولا تقتلوا النفس. ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل. ولا تقربوا الزنى، ولا تأكلوا الربى(3)). وغيرها.

إن قالوا: هذه نواهي وما نحن بصدده خبر، فلا قياس. قلنا: فقوله: لا إله إلا الله خبر ولا تدركه الأبصار خبر مع جواز أن يراد بالخبر في قوله (لا ينال

____________

(1) البقرة: 124.

(2) لقمان: 13.

(3) الأنعام: 151، البقرة: 188، أسرى: 32، آل عمران: 130.

الصفحة 268 

عهدي الظالمين) النهي كما في لا تجتمع أمتي على ضلال على رأي من ضم عينها و يكون ذلك نهيا لإبراهيم عليه السلام أن يجعل الإمامة في ظالم.

إن قيل: إمامة إبراهيم هي النبوة ونحن نسلم اشتراط النبوة بعدم الظلم ولا يلزم ذلك في الإمامة. قلنا: الإمامة فرع النبوة فالمانع منها مانع منها، مع أن صريح الآية في الإمامة ولما استلزمت النبوة الإمامة ذكر الله سبحانه اللازم ثم نفاه عن الظالم.

إن قيل: إنما نفي الملزوم وهو النبوة فلا يلزم من نفيه نفي اللازم وهو الإمامة، قلنا: هذا خلاف ظاهر الآية.

إن قيل: نمنع كون مانع الأصل مانع الفرع كما ذكرتم، فإن القاضي فرع النبي والإمام وليس مانعهما مانعه. قلنا: بينهما فرقان فإن وجود النبي والإمام عليه السلام يمنع النائب من ارتكاب الآثام، خوفا من عزله والضرب على يده بخلاف الإمام، إذ قيامه بمصالح الأنام بعد موت النبي صلى الله عليه وآله.

إن قيل: لا يتعين العهد لكونه للإمامة. قلنا: تالي الكلام مبني على مقدمته ومقدمته الإمام، ألا ترى لو قال الملك لشخص: إني جاعلك وزيرا. فقال:

ومن ذريتي فقال الملك: لا يصل عهدي إلى من كان شريرا، فهم السامعون من غير تأخير عدم وصول الوزارة إلى الشرير ولو سلمنا اشتراك لفظ العهد لم يضرنا لوجوب حمل اللفظ على عمومه، فتدخل الإمامة فيه، وهذا مثل قول القائل لا ينال عطائي الفاسق فإنه يقتضي نفي جنس عطائه عنهم بالاطلاق.

قال فخر الدين الرازي: هذه الآية كما دلت على أن عليا هو الإمام بعد الرسول دلت على أنه لم يكفر طرفة عين لأنه لو كان قد كفر للزم بحكم الآية أن لا يكون أهلا للإمامة وثبت أيضا أن أبا بكر والعباس ليسا أهلا لها بمقتضى الآية، فلو جاز الكفر عليه لزم خروج الثلاثة عن مقتضى الآية وهي أهليته للإمامة، وكان إجماع الأمة على أن الإمامة بعد الرسول لأحد الثلاثة باطلا، و بطلان الاجماع باطل، وأبو بكر والعباس كانا كافرين، فثبت أن عليا لم يكفر

الصفحة 269 

طرفة عين لئلا يلزم الطعن في الاجماع انتهى ملخصا.

وقد أسند الفقيه الشافعي عن علي بن المغازلي في كتاب المناقب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: انتهت دعوة إبراهيم عليه السلام وهي قوله (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) إلى وإلى علي فأنا وعلي لم يسجد أحدنا لصنم فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا وقد طلب النبي صلى الله عليه وآله غلاما لم يعبد صنما فأتوه بزيد بن ثابت فجعل إليه كتابة الوحي فالنبي لم يجوز كتابة الوحي لمن عبد وثنا ولو آية فكيف يجوز أن يحكم في دين الله من كان أكثر عمره في الشرك بالله.

وأسند ابن المغازلي في الكتاب من طرق عدة قول النبي صلى الله عليه وآله: يا علي إنك سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين وأسند في طرق آخر قوله صلى الله عليه وآله: أوحى الله إلي ليلة الإسراء في علي أنه سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين. وأسند نحوه من طريق آخر وفي آخره: قائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم.

وأسند إليه صلى الله عليه وآله في طريق آخر: أن الله تعالى عهد إلي في علي عهدا فقلت يا رب بينه لي فقال: اسمع، قلت: سمعت قال: إن عليا راية الهدى، و إمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها للمتقين، من أحبه أحبني، ومن أطاعه أطاعني، فبشره بذلك، فبشرته، فقلت: اللهم أجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان، فقال عز وجل: فقد فعلت.

وأسند الخطيب في تاريخه إلى النبي صلى الله عليه وآله: ما في القيامة راكب غير أربعة أنا وصالح وحمزة وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من الجنة، بيده لواء الحمد ينادي بالشهادتين، فتقول الخلائق هذا نبي مرسل، أو ملك مقرب؟ فينادون هذا علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.

وأسند ابن مردويه وهو من ثقاتهم إلى أبان بن تغلب عن مسلم! قال: سمعت أبا ذر والمقداد وسلمان يقولون: كنا قعودا عند النبي صلى الله عليه وآله إذ أقبل ثلاثة من المهاجرين، فقال صلى الله عليه وآله: تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق فرقة أهل حق لا يشوبونه

الصفحة 270 

بباطل، مثلهم كالذهب كلما فتنته النار زاد جودة وطيبا وإمامهم هذا وأشار إلى أحد الثلاثة، وهو الذي أمر الله في كتابه إماما ورحمة وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق مثلهم كخبث الحديد كلما فتنته النار زاد خبثا وإمامهم هذا، فسألتهم عن أهل الحق وإمامهم فقالوا: علي بن أبي طالب إمام المتقين، وأمسكوا عن الآخرين فجهدت في الآخرين أن يسموهما فلم يفعلوا.

هذه رواية أهل المذهب، وأما الفرقة المحقة فروى الحسين بن جبر في نخبه مرفوعا إلى الباقر عليه السلام قال: لما نزل قوله تعالى: (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين(1)) قيل: يا رسول الله هو التورية والإنجيل أو القرآن؟ فقال صلى الله عليه وآله: لا فأقبل علي فقال النبي صلى الله عليه وآله: هذا هو الإمام المبين الذي أحصى الله فيه كل شئ.

وروى الفقيه ابن بابويه في أماليه وذكره عدة مشايخ في كتبهم عن ابن عباس قال: صعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فخطب واجتمع الناس فقال: إن الله تعالى أوحى إلي أني مقبوض وأن ابن عمي مقتول وإني أخبركم ما إن عملتم به سلمتم وإن تركتموه هلكتم إن ابن عمي هذا علي أخي ووزيري، وهو خليفتي، وهو المبلغ عني، وهو إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، إن استرشدتموه أرشدكم، وإن اتبعتموه نجوتم، وإن خالفتموه ضللتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم، إن الله تعالى أنزل علي القرآن فمن خالفه ضل، ومن ابتغى علمه عند غير علي هلك.

وهذا الخبر رواه أبو الفرج المعافا بن زكريا وأخطب خوارزم وفي آخر رواية الخطيب: علي بن أبي طالب إمام أمة محمد، وحجة الله بعد النبي صلى الله عليه وآله فقد ظهر بنقل الفريقين المتعاديين، والخصمين المتباينين، لنقل لا يحتمل التأويل والابهام أن علي بن أبي طالب هو الإمام.

إن قيل: لا يلزم من قوله (خليفتي) ومن وقوله (هو الإمام) وغير ذلك نفي

____________

(1) يس: 12.

الصفحة 271 

خلافة غيره لما تقرر في الأصول من عدم الدلالة للتقييد بالوصف على عدم الحكم.

قلنا: بل قد ذهب جماعة إلى نفي الحكم عند نفي الوصف لئلا يلزم العبث في القيد بالوصف، وهو قوي.

على أن النص على الإمام إما من قبل نفسه وتبطله (وما ينطق عن الهوى) أو من الله تعالى فإن أمره بالنص على الكل جار إذ لم ينص على البعض، وإن أمره بالنص على البعض لزم الترجيح بلا مرجح لمساواة الكل في العلة، وأيضا فالإمام ينصب لكشف حيرة الأمة لزيادة علومه، وليس في أبي بكر كشف حيرة الأمة لنقيصة علومه.

ولهذا لما قال هشام بن الحكم لعمرو بن عبيد: ألك عين؟ قال: نعم أبصر بها قال: ألك أنف؟ قال: نعم أشم به. قال: ألك أذن؟ قال نعم أسمع بها، قال:

ألك فم؟ قال: نعم أذوق به، قال: ألك قلب؟ قال: نعم أحقق كلما ورد على هذه الجوارح ويزول شكها قال: فلا غناء لها عنه مع سلامتها قال: نعم، قال: لم يترك الله جوارحك من إمام يزيل شكها ويترك الخلق في حيرتها بغير إمام يزيل اختلافها.

ومما سنح لجامع الكتاب:

 

نفسي الفداء لمن قال النبي له   أنت الإمام بلا شك ولا خلل

وأنت يعسوب أهل الدين قائدهم        غرا إلى الجنة الغري ذوي حجل

وأنت كلمته التقوى التي لزمت إليك حمل اللوا في الموقف الوحل

إليك دعوة إبراهيم قد وصلت  روى المعادي لها عن سيد الرسل

من ذكره جاء في الذكر الحكيم هلا     سوى الإمام أمير المؤمنين علي

فالويل والخزي للغاوين عن رجل       له المزايا التي لم تلق في رجل

مع أن أعداءه يخفونها حسدا    والأولياء له يخفون من وجل

 

ومنها قوله تعالى (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)(1) صنف أحمد بن محمد بن

____________

(1) الرعد: 7.

الصفحة 272 

سعيد كتابا في نزولها في علي وذكرها الحسكاني في شواهد التنزيل والمرزباني فيما أنزل في علي والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس أنها لما نزلت وضع النبي صلى الله عليه وآله يده على صدره وقال: أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي وقال: وأنت الهادي يهتدي بك المهتدون، من بعدي.

وذكره ابن مردويه في المناقب ورواه الثعلبي عن علي عليه السلام أيضا وعن جابر مسندة وعن ابن المسيب مسندة وأسندها الحسين بن جبر في كتاب نخب المناقب إلى علي عليه السلام وإلى ابن عباس أيضا وإلى الضحاك والزجاج وأبي بردة أيضا أنه قال دعا النبي صلى الله عليه وآله بالطهور وعنده علي فأخذ بيده بعد ما تطهر وألصقها بصدره وقال:

(اسما أنت منذر)، ثم ردها إلى صدر علي وقال: (ولكل قوم هاد) فقد بان بنقل الموالي والمعادي أن عليا هو الهادي وإطلاق كونه هو الهادي بإجمال الله و تفصيل رسول الله، يقتضي كونه هاديا في سائر أوقاته وذلك مستلزم لعصمته.

إن قيل: فكون علي هاديا لا يستلزم سلب هداية غيره، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. قلنا: الألف واللام في الهادي دليل الاستغراق، ولولا اختصاصه من الهداية بما لا يوجد في غيره، لخلت الفايدة عن نزول الآية فيه، وإفراد النبي له بذكره دون غيره، وإنما ذلك ليتقرر في قلوب المسلمين زيادة مرتبته الموجبة للتقديم، كما جرت عادت فصحاء الأنام بترجيح الخاص على العام، وقد نطق القرآن (بفاكهة ونخل ورمان) وقال عز من قائل (الملائكة وجبريل وميكال).

إن قيل: يجوز أن يكون الهادي هو النبي أي أنت منذر وأنت لكل قوم هاد ويكون ذلك دليل عموم نبوته. قلت: ترد هذا الاحتمال، ويلحقه بالمحال، شهرة المفسرين وكتب الراسخين، وأشعار السالفين:

وقد أنشد الحميري في ذلك:

 

هما أخوان: ذا هاد إلى ذا         وذا فينا لأمته نذير

 

الصفحة 273 

 

فأحمد منذر وأخوه هاد          دليل لا يضل ولا يجور

 

وأيضا فعموم نبوته قد جاء في قوله تعالى (وما أرسلناك إلا كافة للناس)(1) وهي أعم من قوله (ولكل قوم هاد) على تقدير تخصيص القوم بالذكران كما ورد به القرآن في قوله تعالى (لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء)(2) فعلى الاحتمال إحدى الآيتين تؤكد الأخرى، وعلى المشهور تفيد آية الهادي تأسيسا وهو مقدم على التأكيد، لزيادة فائدته دون التأكيد.

ومنها قوله تعالى (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق)(3) أسند ابن جبر في نخبه إلى أبي جعفر عليه السلام قال: الحق علي بن أبي طالب. وذكره محمد ابن مروان عن السدي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.

وعنه عليه السلام أيضا في قوله تعالى (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم ((4) يعني بولاية علي بن أبي طالب عليهما السلام.

وعن الباقر عليه السلام في قوله تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(5)) يعني بولاية علي.

وعنه عليه السلام أيضا في قوله تعالى (ويستنبؤنك أحق هو قل إي وربي(6)) أي يسألونك علي وصيك؟ قل إي وربي.

وعن أبي بن كعب: نزلت سورة العصر في علي وأعدائه فإن (إلا الذين آمنوا) فيه عليه السلام لقوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا(7)) و (عملوا الصالحات) فيه لقوله (الذين يقيمون الصلاة)(8) الآية (وتواصوا بالحق) أيضا فيه لقوله صلى الله عليه وآله (الحق مع علي وعلي مع الحق) و (تواصوا بالصبر) لقوله

____________

(1) السبأ: 28.

(2) الحجرات: 11.

(3) الرعد: 21.

(4) النساء: 169.

(5) الكهف: 29.

(6) يونس: 53.

(7) المائدة: 55.

(8) المائدة: 55.

الصفحة 274 

تعالى (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس(1)) وقد سلف ذلك.

وسئل أبو ذر عند اختلاف الناس عنه فقال عليك بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب فإني سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: علي مع الحق والحق مع علي وعلى لسانه، يدور حيث ما دار علي.

وذكر ابن جبر في نخبه أن محمد بن أبي بكر قال لعايشة: أليس قلت: الزم عليا فإني سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: إنه مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا على الحوض؟ قالت: بلى، وناشدها عبد الله ومحمد بن أبي بكر ذلك فاعترفت به وذكره السمعاني في فضائل الصحابة وفي تفسير (طسم تلك آيات الكتاب)(2) الآية للثمالي أن الآيات مناد ينادي من السماء آخر الزمان ألا إن الحق مع علي و شيعته.

وأما المخالف فرواه سعد بن أبي وقاص وروى عبيد الله بن عبد الله حليف بني أمية أنه كان بين سعد ومعاوية كلام فروى سعد هذا الخبر، فقال له معاوية:

لتأتيني لمسموعك بالمؤيد وإلا قتلتك فدخلوا على أم سلمة فقالت: في بيتي قاله وروى مالك العربي(3)، نحوه، هذا كله ذكر صاحب النخب وروى مثله الجرجاني القاضي والخوارزمي الخطيب في تاريخه وأسند الآجري في الجزء الثاني من كتاب الشريعة أن عمارا دخل على النبي صلى الله عليه وآله فرحب به فقال: سيكون في أمتي بعدي هناة واختلاف حتى يقتل بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بعلي إن سلك الناس كلهم واديا وعلي واديا فاسلك وادي علي يا عمار إنه لم يزل عن هدى، يا عمار طاعة علي من طاعتي وطاعتي من طاعة الله.

وفي تاريخ الخطيب أن علقمة والأسود عاتبا أبا أيوب الأنصاري لقتاله المسلمين مع علي في صفين فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرنا بقتال ثلاث فرق مع علي: الناكثين وهم أصحاب الجمل، وقد قاتلناهم، والقاسطين وهم أصحاب معاوية

____________

(1) البقرة: 176.

(2) الشعراء: 1.

(3) العوفي خ ل.

الصفحة 275 

وهذا منصرفنا عنهم، والمارقين والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم، لأني سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية، وأنت إذ ذاك مع الحق و الحق معك إن سلك علي واديا والناس كلهم واديا فاسلك وادي علي فإنه لن يدخلك في ردى ولن يخرجك من هدى، يا عمار من تقلد سيفا وأعان عليا على عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من در ومن تقلد سيفا أعان به عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار فقالا: حسبك رحمك الله.

وروى ابن مردويه في كتاب الأربعين بطريق عائشة قول النبي صلى الله عليه وآله: الحق مع علي وعلي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ورواه أيضا بطريق أم سلمة.

وروى هو أيضا عن الأصبغ بن نباتة لما أصيب زيد بن صوحان بالجمل وقف عليه علي وبه رمق وقال: يرحمك الله ما عرفتك إلا خفيف المؤنة كثير المعونة فقال:

وأنت يرحمك الله ما عرفتك إلا بالله وبآياته عارفا والله ما قاتلت معك عن جهل ولكني سمعت من حذيفة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره مخذول من خذله ألا وإن الحق معه يتبعه ألا فميلوا معه.

إذا عرفت هذا فقد علم بنقل الفريقين تأخيره عن بيعة أبي بكر فإن كان الحق في التأخر فالباطل في البيعة، وإن كان في البيعة فقد فارق علي الحق و بطل الخبر.

إن قالوا: تأخر علي كان لعذر هو جمع القرآن فلا يلزم خروجه عن الحق ولا خروج البيعة عن الحق وإلا لبطلت إمامة علي حين تأخر عن النهوض فيها لعذر قلنا: لا، بل الصواب إن كان في العجلة في البيعة فالخطأ في التأخير وإلا ففيها وجمع القرآن ليس عذرا مانعا عنها مع استدراكه بعدها، ولو كان تأخره لذلك لم يخرج من بيته مكرها إليها وجلوسه عن طلب حقه بالسيف ليس جلوسا عن إمامته، فإنه طلب الإمامة بلسانه وذكر تظلماته، ولو لم يرد في ذلك رواية لكان في نصوص النبي عليه كفاية.

 

 

 

 

الصفحة 276 

إن قالوا: فالبيعة صارت حقا بموافقته. قلنا: أما عندنا فإنه لم يوافق عليها أبدا والسكوت لا يدل على الرضا باطنا. على أنها لو كانت إنما صارت حقا ببيعته عليه السلام لزم الدور لأن البيعة لا تجوز لغير مستحقها فلو توقف استحقاق الخلافة عليها دار.

إن قالوا: يلزم مثله في النص إذ يقال: لا يجوز النص بالخلافة لغير مستحقها ثم إنه لا يستحقها إلا بالنص فدار. قلنا: لا نقول إنما يستحقها بالنص بل النص كاشف عن سبق استحقاقها لأجل الصفات والمزايا الموجبة لها، التي علم الله في علي حصولها، وليس لهم جعل البيعة كاشفة لأنهم قالوا صارت حقا بالبيعة، فكانت باطلا قبلها، ولا إجماع للرعية على الخواص الموجبة لها من أن البيعة لم تصر حقا ببعض الأمة لعدم الاجماع فيها وعلي عندكم ليس بمعصوم حتى يلزم صحتها بدخوله فيها.

إن قالوا: هو عندكم معصوم فيلزمكم صحتها بدخوله فيها، قلنا عندنا أنه لم يدخل فيها فلم نحكم بصحتها فلا إلزام لكم علينا فيها، وأما كل الأمة فلم تجتمع عليها لاشتهار بني هاشم وغيرهم على خلافها وإنشاء أشعارهم بتهجينها، قال بريدة الأسلمي:

 

يا بيعة هدموا بها         أسا وحيث دعائم

أتكون بيعتهم هدى     وتغيب عنها هاشم

ويكون رائدها إذا        مولى حذيفة سالم

فليصبحن وكلهم        أسف عليها نادم

أمر النبي معاشر          هم أسوة ولهاذم

أن يدخلوا ويسلموا      تسليم من هو عالم

إن الوصي له الإمامة     بعده بالناس فيها قائم

والعهد لا مخلولق       منه ولا متقادم

 

ونحو هذا كثير نكتفي عنه بعنوانه، من أراده طلبه من مكانه.

الصفحة 277 

ومنها قوله تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى(1)) و القربى علي وفاطمة وابناهما لما أسنده ابن حنبل إلى ابن عباس أنهم قالوا: من ؟ ابتك الذين وجبت محبتهم ومودتهم! قال: علي وفاطمة وابناهما. ونحوه في تفسير الثعلبي وفي الجزء الخامس من صحيح مسلم والسادس من صحيح البخاري عن ابن جبير: القربى آل محمد، قلت: من آله؟ قال: أهله، وقد قيل معنى (إلا) في الآية (غير) وأراد بها التعظيم للقربى. كما قال الشاعر:

 

فلا عيب فيهم غير أن سيوفهم  بهن فلول من قراع الكتائب

 

أراد المبالغة في مدحهم والقرابة نسبا في علي أصدق وبه ألصق، فإنه أول من ولد بين هاشميين وقال عليه السلام:

 

محمد النبي أخي وصنوي       وحمزة سيد الشهداء عمي

وبنت محمد سكني وعرسي    وممتزج بها لحمي ودمي

وسبطا أحمد ولداي منها         فمن منكم له سهم كسهمي

 

وأما القرابة حكما فليس لأحد سواه ما حواه [ من ] الجوار، والأخوة، و المصاهرة، والنفوسية، والغدير، والوصية، وبراءة، والعشيرة، وتبوك، والراية والوراثة للعلوم والسلاح والبغلة والمتاع والعمامة.

وأبو بكر احتج في السقيفة لخلافته بالقرابة فإن كان له القليل منها فلعلي مجموعها فإن كانت الحجة فيها فعلي أولى بها ولأنه أنقذهم من النار بسيفه دون غيره كما أنقذهم النبي صلى الله عليه وآله بهداه فإرادة الله تعالى بمودتهم وجعلها أجر سفارة نبيهم دليل على أن مودتهم أوجب من غيرهم، ولهذا فهموا أنها واجبة حيث سألوا عن قرابته صلى الله عليه وآله فقالوا: من قرابتك الذين أوجبت علينا مودتهم؟ وإذا كانت أوجب فالخلافة فيهم إذ لو كانت في غيرهم كانت مودته أولى منهم.

إن قالوا: ففاطمة تلك المودة تتناولها ولا خلافة لها. قلنا: خرجت من الخلافة بالنصوص المتواترة على غيرها فلا ينتقض حكم الآية بها.

____________

(1) الشورى: 23.

الصفحة 278 

ومنها قوله تعالى: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون(1)) روى ابن جبر في نخبه عن الباقر عليه السلام أنها نزلت في علي وأسند في نخبه أيضا إلى الصادق عليه السلام أن أهل كل سماء ليلة الأسرى أقروا بولاية محمد وعلي وفضيلة شيعتهما وأسند في نخبه إلى حذيفة أن الله تعالى فرض على الخلق خمسة: الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام فأخذوا الأربعة وتركوا الخامسة وهي الولاية الواجبة من الله تعالى قال المهلبي.

 

فرض الولاية للوصي    أهم من كل الفروض

لا عذر فيه مستفـ        ـيض للمسافر والمريض

 

وأسند في نخبه إلى النبي صلى الله عليه وآله: من سره أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن منزلتي، فليتول علي بن أبي طالب وليأتم بالأوصياء من ولده ونحو ذلك ذكر في حلية الأولياء وفضائل أحمد وخصائص النطنزي.

وأسند في نخبه أن رجلين تشاجرا في الإمامة فأتيا شريكا فأسند إلى النبي صلى الله عليه وآله أن الله تعالى خلق عليا قضيبا من الجنة فمن تمسك به كان من أهل الجنة فاستعظم الرجل ذلك، فأتيا دراجا فأخبراه بذلك فقال: أتعجبان من ذلك ثم أسند حديثا إلى النبي صلى الله عليه وآله أن الله خلق قضيبا من نور فعلقه ببطنان عرشه لا يناله إلا علي ومن تولاه من شيعته، فقال الرجل: هذه أخت تلك فأتيا وكيعا فأخبراه فقال: أتعجبان من هذا ثم أسند إلى النبي صلى الله عليه وآله: أن أركان العرش لا ينالها أحد إلا علي ومن تولاه من شيعته، فاعترف الرجل المنازع بولايته.

وفي أسباب النزول عن الواحدي (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا) يعني بهم عليا وفي الكافي: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء لم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد ووصية علي.

ويعضده ما رواه جماعة أهل البيت، وابن إسحق، والشعبي، والأعمش، و الإصفهاني، وابن جبر في نخبه، والحسكاني، وابن عباس، والنطنزي أن قوله

____________

(1) المائدة: 59.

الصفحة 279 

تعالى (وقفوهم إنهم مسؤلون(1)) عن ولاية علي بن أبي طالب ورواه الديلمي عن الخدري وقال صاحب شرح الأخبار: (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون(2)) يعني بولاية علي بن أبي طالب.

وفي تفسير الثعلبي لما صلى محمد بالأنبياء ليلة الإسراء بعث الله إليه ميكائيل أن يقول للأنبياء: على ما أرسلتم؟ فقالوا: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب ونحوه روى أبو نعيم المحدث، وروى صاحب النخب أنهم كانوا تسعين نبيا منهم موسى وعيسى.

وأسند الشافعي ابن المغازلي من طرق عدة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يمر على الصراط إلا من معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب ونحوه روى جماعة من الأصحاب وفي كتاب الكليني في قوله تعالى (ومن يطع الله ورسوله - في ولاية علي بن أبي طالب - فقد فاز(3) وفيه أن اسم علي مذكور في عشرة مواضع من القرآن قال ابن شهرآشوب رأيته في مصحف ابن مسعود في ثمانية مواضع.

وأسند الشيرازي في تفسيره إلى السدي قال صخر بن حرب للنبي صلى الله عليه وآله:

يا رسول الله هذا الأمر من بعدك لنا أم لغيرنا؟ فقال صلى الله عليه وآله: لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى، فأنزل الله تعالى: (عم يتساءلون - عن خلافة علي - عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون كلا سيعلمون - أن خلافته حقا تكون - ثم كلا سيعلمون(4)) حين عن ولايته يسألون في قبورهم فلا يبقى ميت إلا ويسئل عن ربه ودينه ونبيه وإمامه.

وأسنده ابن جبر في نخبه إلى علي عليه السلام وفي رواية الأصبغ: أنا النبأ العظيم أقف بين الجنة والنار وأقول: هذا لي وهذا لك، وذكر نحوه في نخبه أيضا من طريقين آخرين وفي السؤال عن ولايته أدل دليل على وجوبها على كل شخص في

____________

(1) الصافات: 24.

(2) آل عمران: 102.

(3) الأحزاب: 71.

(4) النبأ: 4.

الصفحة 280 

حياته، لامتناع أن يسئل عمن لم يؤمر باتباعه.

وأسند الشيرازي إلى ابن عباس أن الله تعالى يأمر مالكا يوم القيامة بإسعار النيران، ورضوان بزخرف الجنان، وميكائيل بمد الصراط على جهنم، وجبرائيل بنصب ميزان العدل تحت العرش، وينادي: يا محمد! قرب أمتك للحساب ثم يقعد على الصراط سبعة قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، على كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام يسألون نساء هذه الأمة ورجالها على القنطرة الأولى عن ولاية أمير المؤمنين وحب أهل بيت محمد فمن أنى بها دخلها كالبرق الخاطف، ومن لا [ يأت بها ] سقط على أم رأسه في قعر جهنم ولو كان معه من أعمال الثقلين عمل سبعين صديقا.

وأما كون حزب علي هم الغالبون فأسند المفيد في إرشاده قول النبي صلى الله عليه وآله أن عليا وشيعته هم الغالبون ألا إن شيعة علي هم الفائزون وأسند أيضا قول النبي صلى الله عليه وآله: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، ثم التفت إلى علي فقال: هم شيعتك وأنت إمامهم.

وروى هو أيضا أن عليا اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وآله حسد الناس له، فقال صلى الله عليه وآله:

أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسنان وذريتهما خلف ظهورهما وأحباؤنا خلف ذريتنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.

وفي مسند ابن حنبل: يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني، وفي مسنده أيضا من أحبك فقد أحبني وحبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، فالويل الويل لمن أبغضك بعدي.

وقد روى الفريقان كون الحق لا يفارقه، فهو أمير حزب الله ورسوله، و ليس بعد حزب الله الغالب الفاخر إلا حزب إبليس الناكب الفاجر وقد سلف منا أن الله تعالى بعث الأنبياء على ولايته، وأن الناس لا يجوزون الصراط إلا بإجازته وذلك يوجب حتم اعتقاد إمامته بغير فصل لإطلاق لفظ النبي وإشارته، ولم يوجد لمن تأمر عليه قطرة من هذه المدائح ولا ذرة من هذه المنائح، وقد ارتجل مؤلف

الصفحة 281 

الكتاب فقال في هذا الباب:

 

نزل الكتاب مبينا         فرض الوصي على العموم

وأتى الحديث مؤكدا    ومنافيا جحد الخصوم

يا للرجال لأمة  مالت إلى رجل ظلوم

وتناكبت في تركها      وجه الصراط المستقيم

ميلا إلى دنيا دنية        فعل شيطان رجيم

فغدا الذي كتم النصوص         يكب في نار الجحيم

 

ومنها قوله تعالى (والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون(1)) أسند ابن جبر في نخبه إلى ابن عباس قال: صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب والشهداء علي وحمزة وجعفر.

وأسند أيضا في روايات من كتابه إلى الباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وزيد بن علي أن قوله تعالى (والذي جاء بالصدق وصدق به(2)) هو علي بن أبي طالب.

وأسند أيضا إلى ابن عباس قوله تعالى (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين(3)) يعني محمدا (والصديقين) يعني عليا (والشهداء) يعني عليا وجعفر وحمزة والحسنين عليهم السلام.

وفي شرف النبي صلى الله عليه وآله عن الخركوشي والكشف والبيان عن الثعلبي قال:

قال أبو جعفر عليه السلام (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه(4)) حمزة و علي وجعفر ونحوه أسند الشيرازي وزاد أن عليا هو الصديق الأكبر.

____________

(1) الحديد: 19.

(2) الزمر: 33.

(3) النساء: 68.

(4) الأحزاب: 23.

الصفحة 282 

وروى ابن بطة في الإبانة وأحمد في الفضائل وشيرويه الديلمي في الفردوس قول النبي صلى الله عليه وآله: الصديقون ثلاثة: علي بن أبي طالب وحبيب النجار وحزقيل مؤمن آل فرعون.

وفي أربعين الخطيب وفضائل أحمد وكشف الثعلبي قال النبي صلى الله عليه وآله: سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين ثم ذكر الثلاثة وقال: وعلي أفضلهم ورواه ابن حنبل مسندا إلى ابن أبي ليلى بطريقين ورواه الشافعي ابن المغازلي عن ابن حنبل وقد قال عليه السلام: أنا الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم ورواه المفيد في إرشاده ونحوه أسند الثعلبي في تفسيره وزاد: أنا عبد الله وأخو رسول الله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتر، ومثله روى ابن حنبل في مسنده.

وأسند الخوارزمي في الأربعين إلى النبي صلى الله عليه وآله أن عليا عليه السلام ينادى يوم القيامة بسبعة أسماء: يا صديق، يا دال، يا عابد، يا هادي، يا مهدي، يا فتى، يا علي، مر أنت وشيعتك بغير حساب.

وفي الخبر قال ابن سلام للنبي صلى الله عليه وآله: ما اسم علي فيكم؟ قال: الصديق الأكبر قال: الله أكبر، ثم أسلم، فقال: إنا نجد في التورية محمد نبي الرحمة، علي مقيم الحجة، قال العبدي:

 

أبوكم هو الصديق آمن واتقى   وأعطى وما أكدى وصدق بالحسنى

 

وأنشأ المؤلف مضاهيا لهذا المولى:

 

علي هو الصديق جاء به الذكر  وأخبار أقوام به لهم خبر

فمن ينكر النص الجلي مبادرا   إليه فلا يعدوه في حشره خسر

لما أنه أبدا عداوة ربه   فقد لزم التعذيب إذ لزم الكفر

 

إذا عرفت هذا فقد نص الجوهري والفارسي على أن الصديق هو الملازم للصدق الدائم عليه، الذي صدق فعله قوله، والصديقون نبيون وغيرهم، و

الصفحة 283 

الصالحون صديقون وغيرهم، فكل نبي صديق، ولا ينعكس، وكل صديق صالح ولا ينعكس.

ونعني بعدم العكس عدم الشمول لا ما اصطلح عليه المنطقيون فإن العكس هنا صادق عندهم إذ الموجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية فكل نبي صديق ينعكس في المنطق إلى بعض الصديق نبي وهو حق. وقد علم من ذلك أن مرتبة الصديق متوسطة بين مرتبة النبي ومطلق الصالح فالصديق ينقسم إلى ثلاثة: نبي (يوسف أيها الصديق) إمام: (كونوا مع الصادقين) وقد مضى ذلك قريبا ومن ليس بأحدهما كحبيب وحزقيل ونحوهما. وقد أفرده اللفظ النبوي بأنه أفضلهما فدل على اختصاصه بالإمامة.

إن قلت: لا يلزم من الأفضلية الانتهاء إلى الإمامة إذ التفاضل واقع في الأشياء مع عدم الإمامة. قلت: فيلزم ذلك في قوله عليه السلام: أنا الصديق الأكبر فلو لم يكن هو الإمام لم يكن الأكبر لأنه انطلق له لفظ الأكبر.

إن قلت: فيلزم كونه أكبر من النبي. قلت: قد أخرجه الدليل، فيختص به دون غيره، هذا وقد أقسم عليه السلام مع كونه للصدق ملازما وللمين مجانبا على ما صح في اللغة بقول ذينك الإمامين ونقل في الأحاديث من الفريقين في خطبته الشقشقية وغيرها قال عليه السلام: وأيم الله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير. وسيأتي جانب من ذلك في شئ من تظلماته عليه السلام.

إن قلت: فالقطب لا يستقل بنفسه في منفعة الرحا، فيكون المتقدم عليه مكملا لمنفعة الرحا قلت: هذا وهم لا يغني من الحق شيئا لأن القطب يستقل في الحركة الدورية بنفسه وحركة الرحا لا تكون إلا به وكلامه عليه السلام يدل على أن فلانا وضع نفسه في محل القطب وليس أهلا لها ولا يخفى ذلك على من له أدنى بصيرة إلا أن ترده نفسه الشريرة الأمارة بخبث السريرة.

ومنها قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل

الصفحة 284 

فتفرق بكم عن سبيله(1)) أسند إبراهيم الثقفي إلى الأسلمي قول النبي صلى الله عليه وآله سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل.

وأسند الشيرازي من أعيانهم إلى قتادة عن الحسن البصري في قوله (هذا صراطي مستقيما) قال: يقول: هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم ودين مستقيم فاتبعوه، تمسكوا به فإنه واضح لا عوج فيه.

وفي تفسير وكيع عن السدي ومجاهد عن ابن عباس في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) معناه أرشدنا إلى حب النبي وأهل بيته.

وفي تفسير الثعلبي وكتاب ابن شاهين: الصراط محمد وآله وأسند ابن جبر في نخبه إلى ابن عباس في قوله تعالى (وستعلمون من أصحاب الصراط السوي و من اهتدى(2)) الصراط السوي هو والله محمد وأهل بيته.

وأسند أيضا عن حمزة بن عطا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل(3)) قال: هو علي بن أبي طالب يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم.

وأسند أيضا إلى ابن عباس وزيد بن علي في قوله: (ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم(4)). يعني ولاية علي بن أبي طالب.

وأسند إلى جابر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وآله أشار إلى علي وقال: هذا صراط مستقيم فاتبعوه، وأسند أيضا إلى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحكم وعلي بين يديه ورجل عن يمينه وآخر عن يساره فقال: اليمين والشمال مضلة والطريق المستوي الجادة، هذا - وأشار إلى علي بيده - فاتبعوه.

وأسند عن الحسن أن ابن مسعود وعظ فسئل عن الصراط المستقيم فقال:

طرفه في الجنة وناحيته عند محمد وعلي وأسند إلى أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى

____________

(1) الأنعام: 153.

(2) طه: 135.

(3) النحل: 76.

(4) يونس: 25.

الصفحة 285 

(فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم(1)) يعني على ولاية علي وهو الصراط المستقيم.

وفي الخصائص عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون(2)) قال: عن ولايتنا. وأسند محمد بن جعفر المشهدي إلى عبد الله بن عباس قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي: أنت صاحب حوضي ولوائي، وزوج ابنتي، ووارث علمي، ومستودع مواريث الأنبياء، وأمين الله في أرضه، وحجته على خلقه، وركن الإيمان، ومصباح الدجى، ومنار الهدى، والعلم المرفوع لأهل الدنيا، من تبعك نجا، ومن تخلف عنك هلك، وأنت الطريق الواضح و الصراط المستقيم.

وأسند أيضا إلى عبد الله ابن عمر أنه قال: قال لي أبي: اتبع هذا الأصلع فإنه أول الناس إسلاما والحق معه فإني سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول في قوله تعالى: (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم(3)) علي صراط مستقيم فالناس مكبون على الوجوه غيره، لأنهم يحتاجون إلى هداه وفقهه، فإذا كان هو الصراط المستقيم إلى الله وأهل البيت هو أعلاهم كان أولى بالاتباع والتقديم وأحرى من غيره بالتحكيم، عند كل ذي عقل سليم، و هذه غاية لا مزيد عليها، ولا يمكن المحيد عنها، والطعن فيها، قال أبو الفتح الواسطي:

 

هذا علي النبأ العظيم تفهموا     وهو الصراط المستقيم إلى الهدى

هذا علي دنيا وديني فاعلموا     فليستحيد لجيده المستنقدا

 

تذنيب:

ذكر صاحب المصالت عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: إنهم عن الصراط لناكبون. قال عليه السلام: الأول والثاني والثالث عن الولاية معرضون.

____________

(1) الزخرف: 43.

(2) المؤمنون: 75.

(3) الملك: 22.

الصفحة 286 

ومنها قوله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى(1)) أسند ابن جبر في نخبه إلى الرضا عليه السلام قول النبي صلى الله عليه وآله من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى، فليتمسك بحب علي بن أبي طالب وروى أيضا في نخبه:

العروة الوثقى ولاية علي بن أبي طالب.

إن قلت: إن الله تعالى جعلها الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، ولم يذكر عليا؟ قلت: رد ذلك إلى الرسول أوجب حيث يقول: (ولو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم(2)) ولو كان من كفر بالطاغوت وآمن بالله حسب حصل بالعروة الوثقى، لم يبق بالاقرار بالنبوة فائدة وهو باطل بالاجماع، وحيث وجب التمسك بالنبي وجب بمن عينه النبي. قال ابن حماد:

 

علي المعلى القدر عند مليكه   وإن أكثرت فيه الغواة ملامها

وعروته الوثقى التي من تمسكت        يداه بها لم يخش قط انفصامها

 

ومنها قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا(3)) أسند ابن جبر في نخبه إلى العبدي أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وآله عن هذه الآية فأخذ بيد علي وقال:

هذا حبل الله فاعتصموا به، وأسند مثله إلى الباقر عليه السلام.

وأسند أيضا إلى الباقر عليه السلام في قوله تعالى: ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس(4)). قال عليه السلام: حبل من الله كتابه، وحبل من الناس علي ابن أبي طالب.

وأسند الثعلبي في تفسيره إلى الصادق عليه السلام: نحن حبل الله الذي قال فيه (واعتصموا بحبل الله) وإذا أمر الله ورسوله بالاعتصام به فقد هلك من لم يعتصم به، ومن تأمر عليه لم يعتصم به، فهلك من تأمر عليه، قال الحميري:

 

إنا وجدنا له فيما نخبره          بعروة العرش موصولا بها سببا

حبلا متينا بكفيه له طرف        شد العراق إليه العقد والكربا

 

____________

(1) البقرة: 256.

(2) النساء: 82.

(3) آل عمران: 103.

(4) آل عمران: 122.

الصفحة 287 

 

من يعتصم بالعرى من حبله فله         أن لا يكون غدا في الحال منعطبا

 

ومنها قوله تعالى: (وصالح المؤمنين(1)) أسند ابن جبر في نخبه إلى ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وآله: علي باب الهدى بعدي، والداعي إلى ربي، وصالح المؤمنين.

وأسند إلى زيد بن علي أن الناصر للحق وصالح المؤمنين علي بن أبي طالب، وروى نحوه السدي عن ابن عباس والخضرمي عن أبي جعفر والثعلبي عن أبي جعفر وعن الباقر عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وذكره الثعلبي في تفسيره.

إن قيل: فصالح لا يدل على الأصلح، قلنا: بل العرف يوجب ذلك لأن قولنا فلان عالم قومه وزاهد بلده، يراد به أعلم وأزهد، ولأنه أخبر أنه ناصر نبيه، وجبرائيل عند وقوع التظاهر ذكر [ مع ] صالح المؤمنين ولا يذكر في النصر إلا من كان في الدفاع أمنعهم وفي الذب عنه أنفعهم إذ لا يليق ذكر ضعيف ولا متوسط في النصرة فإن الملك لا يهدد من يروم سلطانه بمثلها بل بمن هو الأعلى في مرتبة النصرة، ولهذا إن عليا هدد معاوية بمالك الأشتر حيث إنه معروف بالشجاعة مشهور بالبراعة، وإذا كان علي أصلح، فتقديمه أنجح، لأنه الأرجح، فالقول بإمامته الأربح.

ومنها (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم(2)) روت الفرقة المحقة أنها في علي عليه السلام ورواه الثعلبي في تفسيره.

قالوا: الآية في أبي بكر وأصحابه لأنهم الذين قاتلوا المرتدين. قلنا:

تنزيل الآية على اليقين المستقيم أولى من تنزيلها عن الظن والترخيم، والمحبة(3)

____________

(1) التحريم: 4.

(2) المائدة: 57.

(3) والحجة، خ ل.

الصفحة 288 

له سنذكرها عند فتح خيبر، والمبالغة فيها عند خبر الطائر المشوي والذلة على المؤمنين لم تصدق على أبي بكر وصاحبيه. بما أحدثوا في فاطمة وبنيها ورد جماعة من المؤمنين بالسيف عن شهادتها، والعزة على الكافرين إنما هي نعتا له، ولم يكن لأبي بكر حظا في جهادهم إذ لم نعرف له قتيلا بل ولا جريحا منهم وإنما شاع ذلك من علي فيهم، فإذا كذبت هذه الأوصاف عليهم، كيف يقال إن الآية نزلت فيهم، وإذا اجتمعت لعلي عليه السلام كيف يقال إنه معزول عن هذا المقام.

والمشهور في اللسان أن [ زمان ] سوف أنفس من زمان السين، وزمان حرب علي بعد أبي بكر أنفس من زمان أبي بكر، وقد روي عن عمار وحذيفة وغيرهما قوله عليه السلام في البصرة: والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم وتلا (ومن يرتد منكم عن دينه) الآية.

ومنها: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحمل الانسان(1)) روى محمد بن الحسن برجاله إلى الصادق عليه السلام أن الأمانة في الآية هي الولاية لعلي ابن أبي طالب عليه السلام.

ومنها: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم(2)) أسند محمد بن يحيى إلى الصادق عليه السلام قال: (آمنوا) بما جاء به محمد من الولاية (ولم يلبسوا أيمانهم بظلم) لم يخلطوه بولاية فلان وفلان.

ومنها: (يا أيها الذين أتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا(3)) أسند علي بن إبراهيم إلى الصادق عليه السلام أنها كانت آمنوا بما نزلناه في علي.

ومنها: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به - في علي - لكان خيرا لهم(4) هكذا أسندها علي بن إبراهيم إلي أبي جعفر عليه السلام.

ومنها: (هذان خصمان اختصموا في ربهم(5) أسند البخاري في آخر كراس

____________

(1) الأحزاب: 72.

(2) الأنعام: 82.

(3) النساء: 47.

(4) النساء: 65.

(5) الحج: 19.

الصفحة 289 

من الجزء الخامس من صحيحه أن عليا عليه السلام قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة.

ومنها: (بل تؤثرون الحياة الدنيا(1)) يعني ولايتهم (والآخرة خير وأبقى) ولاية علي، هكذا أسنده معلى إلى الصادق عليه السلام.

ومنها: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم(2)) ولاية علي (استكبرتم ففريقا كذبتم) من آل محمد (وفريقا تقتلون) أسنده إلى أبي جعفر عليه السلام.

ومنها: (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه(3)) من ولاية علي هكذا أسنده الحسين بن محمد إلى الرضا عليه السلام.

ومنها: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض(4)) قال الشيرازي في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر عن ابن مسعود: الخلافة من الله لثلاثة: آدم (إني جاعل في الأرض خليفة(5)) داود: (إنا جعلناك خليفة(6)) علي عليه السلام (ليستخلفنهم في الأرض(7)).

ومنها: (وربك يخلق ما يشاء ويختار(8)) وسيأتي أيضا قال في الكتاب المذكور قال النبي صلى الله عليه وآله اختارني وأهل بيتي فجعلني الرسول وجعل عليا الوصي.

ومنها: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا(9) أسند أحمد بن مهران إلى أبي جعفر عليه السلام الطريقة هي ولاية علي والأوصياء.

ومنها: (إنما أعظكم بواحدة(10)) أسند الحسين بن محمد إلى أبي جعفر عليه السلام أنها ولاية علي عليه السلام.

ومنها: (الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا(11))

____________

(1) الأعلى: 16.

(2) البقرة: 87.

(3) الشورى: 13.

(4) النور: 55.

(5) البقرة: 30.

(6) ص: 26.

(7) النور: 55.

(8) القصص: 68.

(9) الجن: 16.

(10) السبأ: 46.

(11) النساء: 137.

 

 

 

 

الصفحة 290 

أسند معلى ابن محمد إلى الصادق عليه السلام أنها نزلت في فلان وفلان آمنوا بالنبي فلما قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) كفروا ثم آمنوا بالبيعة لعلي عليه السلام ثم كفروا بعد مضي النبي ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من تابعه بالبيعة وهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ.

ومنها: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى(1)) بإسناد معلى إلى الصادق عليه السلام أنها في فلان وفلان ارتدوا عن ولاية علي عليه السلام.

ومنها: (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله(2) قال الصادق عليه السلام:

نزلت والله فيهما وفي أتباعهما كرهوا ما أنزل الله في علي عليه السلام.

ومنها: (ومن يرد فيه بالحاد بظلم(3)) نزلت فيهم حيث تعاقدوا في الكعبة على جحودهم ما أنزل في علي عليه السلام.

ومنها: (فلنجزين الذين كفروا(4)) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام: كفروا بولاية علي عليه السلام.

ومنها: (إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك(5)) أسند محمد بن يحيى إلى أبي جعفر عليه السلام القول المختلف الولاية يؤفك عن الجنة من قد أفك عنها.

ومنها: (فلا اقتحم العقبة وما أدريك ما العقبة فك رقبة(6)) أسند الحسين ابن محمد إلى الصادق عليه السلام أن ولاية أمير المؤمنين فك رقبة.

ومنها: (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار(7)) أسند علي بن إبراهيم إلى أبي جعفر عليه السلام كفروا بولاية علي عليه السلام.

ومنها: (هنالك الولاية لله الحق(8)) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام أنها ولاية علي عليه السلام.

____________

(1) القتال: 25.

(2) القتال: 26.

(3) الحج: 25.

(4) فصلت: 27 فيه: ولنذيقن الذين كفروا.

(5) الذاريات: 9.

(6) البلد: 13.

(7) الحج: 19.

(8) الكهف: 45.

الصفحة 291 

ومنها: (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة(1)) أسند محمد بن يحيى إلى الصادق عليه السلام أن الله تعالى أصبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق.

ومنها: (فأبى أكثر الناس إلا كفورا(2)) أسند عبد العظيم إلى أبي جعفر عليه السلام: فأبى أكثر الناس إلا كفورا بولاية علي قال: وهكذا نزلت.

قال: ونزلت: (فقل الحق من ربكم) في ولاية علي عليه السلام.

ومنها: (وحبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم(3) فعن الصادق عليه السلام يعني به أمير المؤمنين [ عليا ] عليه السلام.

ومنها: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك(4)) عن الصادق عليه السلام أي لئن أشركت في ولاية علي عليه السلام غيره وسيأتي في حديث الغدير.

ومنها: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته(5)) قال: جحدوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

ومنها: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا(6)) أسند محمد ابن يحيى إلى الصادق عليه السلام العهد ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده.

ومنها: (من يطع الله ورسوله(7) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده قال: وهكذا نزلت.

ومنها: (يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله(8) روى الحسين بن محمد عنهم عليهم السلام لا تؤذوا رسول الله في ولاية علي والأئمة من بعده.

____________

(1) البقرة: 138.

(2) أسرى: 89، الفرقان: 50.

(3) الحجرات: 7.

(4) الزمر: 65.

(5) البقرة: 81.

(6) مريم: 87.

(7) النور: 52.

(8) الآية ليست هكذا بل في القرآن: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده. الأحزاب: 33.

الصفحة 292 

ومنها: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات) الآية(1) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام الآيات المحكمات هو أمير المؤمنين والأئمة والأخر المتشابهات فلان وفلان [ وفلان ] (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.

ومنها: (فأقم وجهك للدين حنيفا(2)) أسند علي ابن إبراهيم إلى أبي جعفر عليه السلام أنه الولاية.

ومنها: (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم(3)) عن أبي جعفر عليه السلام هو الولاية لعلي عليه السلام.

ومنها: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم(4)) أسند علي بن محمد إلى أبي الحسن الماضي يريدون ليطفئوا نور الله ولاية أمير المؤمنين والله متم نوره قال: متم الإمامة له.

ومنها: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق(5)) قال: أرسله بالولاية لوصيه وهي دين الحق (ليظهره على الدين كله) عند قيام القائم (ولو كره الكافرون) لولاية علي عليه السلام.

ومنها: (وقفوهم إنهم مسؤولون(6) بطريق الحافظ أبي نعيم إلى ابن عباس وابن سلام ومجاهد أي مسؤلون عن ولاية علي ابن أبي طالب عليه السلام ومثله في الفردوس للديلمي عن الخدري ومثله في الآيات المنتزعات عن ابن عباس.

وعن الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم(7)) قال: عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ومن مناقب ابن المغازلي (وإنه لذكر

____________

(1) آل عمران: 7.

(2) الروم: 30.

(3) يونس: 2.

(4) الصف: 8.

(5) براءة: 33.

(6) الصافات: 24.

(7) التكاثر: 8.

الصفحة 293 

لك ولقومك وسوف تسئلون(1)) عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وغير الإمام لا يسئل عن ولايته، ولهذا إن ابن عباس عند موته كان يتقرب إلى الله بولايته، و يجعلها خاتمة ما يكتسب له من عمله، مع كونه كنيفا مملوءا علما كما قال علي عليه السلام فيه.

وفي كتاب أبي نعيم الذي استخرجه من كتاب الإستيعاب لابن عبد البر الأندلسي في قوله تعالى: (واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا(2)) أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما أسري بي إلى السماء جمع الله تعالى بيني وبين الأنبياء وقال: سلهم على ما بعثتم؟ فسألتهم فقالوا: على شهادة أن لا إله إلا الله وعلى الاقرار بنبوتك و الولاية لعلي بن أبي طالب، وإذا كان الله تعالى بعث الأنبياء على ذلك كيف يرضى لنفسه بالعدول عن ذلك، وفي هذا كفاية لمن أراد نجاته وعدل مألوف آبائه و وهمياته وقد سلف ذلك في الفصل الخامس والعشرين من الباب السابع.

ومنها: (والذي جاء بالصدق وصدق به(3)) روى ابن المغازلي عن مجاهد أن الذي صدق به علي بن أبي طالب ورواه غير واحد وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أول أهل الجنة دخولا علي بن أبي طالب وقال لأبي دجانة:

أما علمت أن لله لواءا من نور، وقصورا من ياقوت، مكتوب بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله محمد خير البرية. صاحب اللواء وإمام القيامة هذا، وضرب بيده على علي بن أبي طالب.

ومنها: (في بيوت أذن الله أن ترفع(4)) أسند الثعلبي إلى أنس وبريدة أنها بيوت الأنبياء فقال أبو بكر يا رسول الله هذا البيت منها؟ - يعني بيت علي وفاطمة - قال: نعم، من أفاضلها.

قلت: المقصود من البيوت أهلها إذ لا فضيلة لها بمجردها قال شاعر:

 

ألا يا بيت في العلياء بيت        ولولا حب أهلك ما أتيت

 

____________

(1) الزخرف: 44(2) الزخرف: 45.

(3) الزمر: 33.

(4) النور: 36.

الصفحة 294 

 

ألا يا بيت أهلك أوعدوني       بأني كل ذنبهم جنيت

 

فظاهر حديث النبي صلى الله عليه وآله أنه جعل عليا من أفاضل الأنبياء فيستحق التقدم وهو بين لمن ترك الهوى.

ومنها: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه(1)) أسند ابن المغازلي إلى ابن عباس أنه سأل الله بحق الخمسة ولولا أنه علم أشرفيتهم عند ربهم لما توسل إليه بهم.

ومنها: (ولتعرفنهم في لحن القول(2)) أسند الحافظ إلى الخدري: لحن القول بغض علي عليه السلام.

ومنها: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين(3)) أسند أبو نعيم إلى أبي هريرة مكتوب على العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ابن أبي طالب.

قلت: فمن عدل عنه عدل عن تأييد دينه وإيمانه، وسقط في غي قرينة و شيطانه.

ومنها: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين(4)) في طريق أبي نعيم الحافظ أنها نزلت في علي بن أبي طالب.

ومنها: (ومن عنده علم الكتاب(5)) أسند بطريق أبي نعيم وتفسير الثعلبي أنما هو علي بن أبي طالب، وهذا نص يوجب التقديم لإحاطته بعلم الكتاب دون غيره، فيستحق التقديم على جاهل ميراث الجد وغيره (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع) الآية وقد استوفيت الكلام على هذه الآية في الفصل الثامن عشر من الباب السابع فليطلب منه.

ومنها: (وأورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا(6)) أسند ابن مردويه

____________

(1) البقرة: 37.

(2) القتال: 30.

(3) الأنفال: 63.

(4) الأنفال: 64.

(5) الرعد: 43.

(6) فاطر: 32.

الصفحة 295 

إلى علي عليه السلام أنه قال: نحن هم.

ومنها: (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه(1)) أسند أبو نعيم إلى ابن عباس: أول من يكسى من حلل الجنة إبراهيم ومحمد ثم علي يزف بينهما ثم قرء الآية.

قلت: ولا يساويهما في الكرامة، إلا من له منزلة الإمامة.

ومنها: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد(2)) قيل: سئل النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال صلى الله عليه وآله: أنا وعلي نقوم على يمين العرش فيقول الله لنا: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. أي من أبغضكما وكذبكما. وقد كذبه من اعتقد إمامة غيره لأنه ادعاها لنفسه ونصبه النبي صلى الله عليه وآله عن أمر ربه.

ومنها: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى(3)) أسند ابن مردويه أن من بعد ما تبين له الهدى في أمر علي.

ومنها (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)(4) قال الإمام الطبرسي:

أسند الحسكاني إلى الأصبغ بن نباتة أن ابن الكواء سأل عليا عليه السلام عن هذه الآية فقال عليه السلام: ويحك نحن نقف بين الجنة والنار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه وأدخلناه الجنة ومن أبغضنا عرفناه بسيماه وأدخلناه النار.

وقد أسند ابن البطريق في العمدة قول النبي صلى الله عليه وآله ينصب الصراط على شفير جهنم ثم يجز عليه إلا من معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب.

 

فهذه قطرة مما منحت به        على مزايا خواص أنت منطبع

فكن بها منقذي من هول مطلعها        يوما وأنت على الأعراف تطلع

 

ومنها: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون(5)) قال علي بن

____________

(1) التحريم: 8.

(2) ق: 24.

(3) النساء: 114.

(4) الأعراف: 180.

(5) الأعراف: 45.

الصفحة 296 

أبي طالب عليه السلام: هم أنا وشيعتي.

ومنها: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا(1)) أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن النور ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.

ومنها: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم(2)) الآية أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدت فيها على قتل علي ودفعوها إلى أبي عبيدة الجراح أمير قريش فنزلت الآية فطلبها النبي صلى الله عليه وآله منه فدفعها إليه فقال: أكفرتم بعد إسلامكم فحلفوا بالله لم يهموا بشئ منه فأنزل الله (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا(3)) ولما حكم الله بكفرهم عند الهم على قتله علم أن الله اختاره للولاية على خلقه، إذ المقرر في الشريعة أن الهم بقتل غيره غير موجب لتكفيره.

ومنها: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد(4)) الآية روى سلمان بن عبد الله عن الصادق عليه السلام هم الذين كذبوا بولاية علي بن أبي طالب الوصي) والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) لتكذيبهم بولاية علي عليه السلام (فصدوا عن سبيل الله) والسبيل وصي رسول الله) ذلك بأنهم آمنوا) برسالتك (ثم كفروا) بولاية وصيك.

ومنها: (كمشكاة فيها مصباح(5)) أسند ابن المغازلي إلى أبي الحسن: المشكاة فاطمة، والمصباح الحسن، والزجاجة الحسين، والشجرة إبراهيم (يكاد زيتها يضئ) قال: يكاد العلم ينطق منها إمام بعد إمام (يهدي الله لنوره من يشاء) قال يهدي لولايتنا من يشاء.

ومنها (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة(6)) روى الإصفهاني الأموي من عدة طرق إلى علي عليه السلام أنه قال: السلم، ولايتنا أهل البيت، وعن

____________

(1) التغابن: 8(2) المجادلة: 7.

(3) براءة: 75.

(4) المنافقون: 1.

(5) النور: 35.

(6) البقرة: 208.

الصفحة 297 

الباقر والعابد عليهما السلام نحوه، وعن الباقر: أمروا والله بولاية علي بن أبي طالب.

ولقد قال بعض الأعيان في هذا الشأن:

 

أصغ واستمع آيات وحي تنزلت         بمدح إمام بالهدى خصه الله

ففي آل عمران المباهلة التي     بإنزالها أولاه بعض مزاياه

وأحزاب حم وتحريم هل أتى  شهود بما أثنى عليه وزكاه

وإحسانه لما تصدق راكعا       بخاتمه يكفيه من نيل حسناه

وفي آية النجوى التي لم يفز بها          سواه سنا رشد به تم معناه

وأزلفه حتى تبوأ منزلا  من الشرف الأعلى وآتاه تقواه

وأكنفه لطفا به من رسوله        بوارق إشفاق عليه ورباه

وأرضعه أخلاف أخلاقه التي    هداه بها نهج الهدى فتوخاه

وأنكحه الطهر البتول وزاده      بأنك مني يا علي وآخاه

وشرفه يوم الغدير وخصه        بأنك مولى كل من كنت مولاه

ولو لم يكن إلا قضية خيبر      كفت شرفا فيما تراءت سجاياه