التاسع علي بن محمد الهادي وهو أمور

1 - حديث عبد الرحمن الإصفهاني قال: كنت بباب المتوكل فأمر بإحضاره عليه السلام ليقتله فرأيته فجئته فابتهلت الله في نفسي بأن يدفع عنه فنظر إلي وقال:

قد استجاب الله دعاك وطول عمرك وأكثر مالك وولدك، فارتعدت ووقعت بين أصحابي وسألوني ما شأنك؟ فلم أخبرهم وكان كما قال عليه السلام فقلت بإمامته.

2 - يحيى بن هرثمة الحشوي: بعثني المتوكل إلى المدينة في ثلاثمائة رجل لنحضر الهادي مكرما فقال رجل من أصحابي خارجي لكاتبي الشيعي: إن من قول صاحبكم أنه لا يخلو بقعة من قبر فمن أين لنا بأن على هذه البرية قبورا؟ فسكت فضحكنا ثم دخلنا على الإمام عليه السلام فأعلمناه فخرج معنا بالخفاتين والبرانس واللبابيد فتعجبت ونحن في تموز وهو حر الحجاز وتعجبت من الرافضة حيث قالت بإمامته مع قصور فهمه.

فلما وصلنا إلى موضع المناظرة في القبور، ارتفعت سحابة وأرسلت علينا بردا كالصخور(1) فشد عليه وعلى غلمانه الثياب، ودفع إلي لبادة وإلى الكاتب برنسا قال: فقتل من أصحابي ثمانون بتلك البردة فقال لي: انزلوا ادفنوهم هكذا يملأ الله هذه البرية قبورا فرميت نفسي وقبلت ركابه، وشهدت له بالخلافة، ولزمت خدمته إلى أن مضى عليه السلام.

____________

(1) البرد - بالتحريك - حب الغمام، فقد يكون كبيرا كالحصاة وقد يكون أكبر مثل الصخور.

الصفحة 203 

3 - هبة الله الموصلي: دعا المتوكل يوسف بن يعقوب النصراني فخافه ونذر مائة دينار للهادي قال: فلم دخلت قلت: كيف أسأل عن الهادي وأخاف أن يكون ذلك زيادة فيما أحاذر، فوقع في نفسي أن أركب حماري ولا أمنعه حيث ذهب فركبته فجعل يخرق الأسواق ووقف بدار فجهدت أن يزول فلم يزل.

فقلت: لمن الدار؟ قيل: لابن الرضا عليه السلام قلت هذه أولا فخرج خادم وقال:

أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم، وهذه ثانية فدخل وخرج وقال: هات الدنانير في الكاغد من كمك فقلت: وهذه ثالثة ثم أدخلني عليه فقال: ما آن لك؟ قلت:

قد ظهر ما فيه كفاية، قال: إنك لا تسلم ولكن يسلم ولدك اذهب فسترى ما تحب فكان كما قال.

قال هبة الله: فلقيت ابنه فأخبرني أن أباه مات نصرانيا وأنه أسلم بعده، و كان يقول: أنا بشارة مولاي.

4 - كان ليحيى بن زكريا حمل فقال له: ادع الله أن يرزقني ابنا فقال: رب ابنة خير من ابن فولد له بنت.

5 - شكا إليه أيوب بن نوح ما يناله من الأذى فكتب إنك تكفاه إلى شهرين فعزل في الشهرين.

6 - أصاب رجلا برص فجلس في طريقه ليسأله العافية فلما قدم قام إليه ولم يسأله فقال له ثلاث مرات: تنح عافاك الله فانصرف فنام ليلته، فلما أصبح لم ير على بدنه شيئا منه.

7 - حضر عند المتوكل مشعبذ فقال: إن أخجلت علي بن محمد أعطيتك ألف دينار، فقال: اخبز لي رقاقا فأحضرها وأحضره، ففعل، فأراد الإمام تناول واحدة فطيرها المشعبذ في الهواء فأراد ثانية فطيرها فأراد ثالثة فطيرها فضحك الناس فضرب عليه السلام بيده إلى صورة أسد وقال: خده فابتلعت الرجل وعادت صورة.

فسأل المتوكل رده فقال عليه السلام: لا يرى بعدها تسلط أعداء الله على أولياء الله؟

فلم ير بعدها.

الصفحة 204 

8 - قال زرافة: زار المتوكل الهادي عليه السلام فقال: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام! فقال لي رجل شيعي: إن المتوكل سيموت بعد ثلاث فأخذت متاعي من داره وفرقت ما كان عندي، فمات بعد ثلاث فتشيعت وخدمت الإمام عليه السلام.

9 - قال الجعفري: كان للمتوكل مجلس فيه طيور لا يسمع أحد شيئا من أصواتها فإذا دخل الهادي أمسكت فإذا خرج عادت، وكان له فراريج(1) تتفل فإذا دخل الإمام أمسكت.

10 - قال الجعفري: جاءت امرأة إلى المتوكل وزعمت أنها زينب بنت فاطمة البتول فأحضر الهادي عليه السلام وأعلمه بها فقال عليه السلام: إن كانت صادقة تنزل إلى بركة السباع، فإن لحوم الفاطميين حرام عليها، فقالت: إنه يريد قتلي فطلبوا أن ينزل عليه السلام فنزل فتمسحت به السباع وبسطت أيديها بين يديه فمسح عليها، فأقرت المرأة أنها كاذبة، فأراد أن يلقيها إلى السباع فشفعت أمه فيها.

11 - قال خيران الأسباطي: قدمت المدينة على الهادي عليه السلام فقال: ما فعل الواثق؟ قلت: في عافية، قال: فابن الزيات؟ قلت: الأمر له فقال عليه السلام: مات الواثق وقتل ابن الزيات بعد خروجك بستة أيام فكان كما قال 12 - نزل عليه السلام عن الفرس ليكتب كتابا فصهل ثلاثا فقال له الإمام عليه السلام بالفارسية: اذهب إلى موضع كذا فبل ورث وعد! ففعل.

قال أحمد بن هارون: فوسوس إلي الشيطان، فقال الإمام عليه السلام: لا يعظم عليك إنما أعطى الله آل محمد أكبر مما أعطى داود وسليمان.

13 - أحمد بن عيسى: رأيت النبي صلى الله عليه وآله في النوم فأعطاني كف تمر فعددته خمسة وعشرين تمرة، فلما قدم الهادي عليه السلام دخلت عليه فأعطاني كف تمر وقال:

لو زادك رسول الله لزدتك، فعددته، فإذا هو خمسة وعشرون.

14 - قال ابن أورمة: دخلت على الهادي عليه السلام الحبس وقد عزموا على قتله فبكيت قال: لم؟ قلت: مما أرى، فقال عليه السلام: لا تبك فإنه لا يلبث أكثر من

____________

(1) الفروج - كتنور - فرح الدجاجة خاصة، والجمع فراريج.

الصفحة 205 

يومين حتى يسفك دمه فكان كما قال عليه السلام.

15 - أمر الخليفة العسكر أن يحضر بأحسن زينة وأكمل عدة، ليرهب الإمام به، فقال: كل يأخذ في مخلاته من هذا التراب ويصبه في موضع كذا، ففعلوا فإذا به تل، فصعده وأصعد الإمام ليريه فقال عليه السلام: وأنا أعرض عليك عسكري فأراه ملائكة ما بين المشرق والمغرب فغشي عليه، فلما أفاق قال: لا عليك نحن لا ننافسكم في الدنيا بل مشغولون بالآخرة.

16 - قال أبو العباس: لما خرجنا مع الهادي إلى العراق، خفنا خوفا شديدا وأخذنا عطش وتعبنا، فنظر إلينا وقال: عرسوا وكلوا واشربوا فتعجبت حيث لا شجر ولا ماء، فأخذت القطار لأنيخه وإذا بشجرتين عظيمتين، يستظل بهما عالم من الناس، وعيون ماء تسيح في أرض نعرفها، وفينا من سلكها مرارا فجعلت أنظر إليه وأتأمله وهو ينظر إلي ويتبسم، وزوي عني وجهه، فدفنت سيفي في الموضع وعلمته بحجرين وغائط، فلما رحلنا ساعة فرجعت فلم أجد شيئا مما كان، ووجدت السيف، فلما لحقته قال: فعلتها؟ قلت: نعم، وقد كنت شاكا فأصبحت متيقنا.

17 - بعث المتوكل إليه وقد هيا له من يقتله، فلما قدم نزل إليه ورحب به، وخضع له ورده مكرما، وقال للقوم: لم لم تقتلوه؟ قالوا: رأينا حوله أكثر من مائة سياف.

18 - قال أبو هاشم: دخلت على الهادي عليه السلام فكلمني بالهندية فلم أحسن فمص عليه السلام حصاة ودفعها إلي فمصصتها فتكلمت بثلاث وسبعين لسانا.

19 - قال الجعفري: شكوت إليه ضيق يدي فقبض كفا من الرمل وقال:

اتسع بهذا واكتم فإذا هو ذهب.

20 - أنزل الإمام عليه السلام المتوكل في خان فقال صالح بن سعيد: في كل الأمور يريد التقصير بك، فأومأ بيده فإذا أنهار وجنات، فيها ولدان وخيرات، فتعجبت فقال: حيث كنا هذا لنا.