السادس موسى الكاظم عليه السلام وهو أمور

1 - قال لعلي بن أبي حمزة: تلقى رجلا طويلا جسيما اسمه يعقوب، يسألك عني فأدخله علي، فلقيه في طوافه على الوصف والاسم فأدخله فقال عليه السلام: وقع بينك وبين أخيك خصومة فتشاتمتما وتقاطعتما فقطع الله عليكما أعماركما، وسيموت أخوك قبل أن تصل، وأنت وصلت عمتك فزاد الله في عمرك عشرين سنة قال ابن أبي حمزة: فلقيته من قابل فأخبرني أن أخاه مات ودفنه في الطريق.

2 - نازعه الأفطح في الإمامة فأضرم نارا وجلس في وسطها ساعة يحدث الناس، ثم قال: إن كنت إماما فافعل ذلك وخرج، ولم يفعل الأفطح.

وفي رواية أخرى أنه عليه السلام أدخل يده فلم يخرجها حتى احترق الحطب بعد أن أمر عبد الله الأفطح بذلك فلم يفعل.

الصفحة 190 

3 - أخبر رجلا من شيعته أنه يموت بعد سنتين ويموت أخوه بعده بشهر فكان كما قال عليه السلام.

4 - قال الحسن بن أبي العلا: اشتر لي جارية نوبية قلت: في علمي جارية حسنة إلا أنك لا تعرف لغتها، قال: اشترها فإنها تلد لي ولدا سخيا عابدا شجاعا فلما جئت بها إليه كلمها بلسانها ما اسمك! قالت: مونسة قال: كان اسمك حبيبة قالت: نعم، فولدت إبراهيم فكان كما أخبر عنه.

5 - اشتري له ثلاثين مملوكا من الحبشة فكلمهم بلغتهم فتعجب ابن أبي حمزة فقال: هذا قليل وما خفي من أمري أعجب، إن أعاجيب الإمام أكثر من أعاجيب البحر.

6 - كلم رجلا بكلام أهل الصين فتعجب إسحاق بن عمار فقال: الإمام يعلم منطق الطير، ومنطق كل ذي روح.

7 - أتاه من أهل الري رجل اسمه جندب، فقال له: ما فعل أخوك، قال:

بخير، قال عليه السلام: قد مات ودفع إلى زوجته مالا ليكون عندك فدفنته في البيت الذي كان فيه، فكان كما قال.

8 - مر برجل مغربي [ حاج ] وهو يصيح: مات حماري، فضربه بقضيب فعاش.

9 - أدخل رجل امرأة إلى بيته ليتمتع بها فأرسل الإمام إليه: أخرجها سريعا ولا تمسها فأخرجها وأتاه فقال: إنها من بني أمية أهل بيت اللعنة، فلا تعد، و تزوج ابنة لمولى أبي أيوب فإنها جمعت ما تريد للدنيا والآخرة فتزوجها فكان كما قال.

10 - قال علي بن أبي حمزة: مرت بي امرأة وأنا على بابه عليه السلام فقلت في نفسي: لولا أنه يعلم بمكاني لاتبعتها فتمتعت بها ودخلت عليه، فأخرج من تحت مرفقته صرة وقال: إلحقها فإنها تنتظرك على دكان العلاف، فصرت إليها فوجدتها كما قال فقالت: حبستني! فتمتعت بها.

11 - قال بكار التميمي: حججت ثم دخلت المدينة، فلقيني الإمام عليه السلام

الصفحة 191 

فدفع إلي صرة وقال: هذه نفقتك إلى الكوفة وكتابا أمرني أن أدفعه إلى ابن أبي حمزة وقال: اخرج الساعة إلى فيد(1) فإنك تجد رفقة، فخرجت فوجدتهم فلما قدمت أخبرت أن حانوتي قد سرق، فأتى ابن أبي حمزة وقال لي: سرق متاعك؟

قلت: نعم، قال: قد أخلفه الله عليك وقد أمرني مولاك ومولاي أن أعطيك أربعين دينارا ثم فتح الكتاب وإذا فيه أعطه قيمة حانوته أربعين دينارا، فحسبت ما ذهب مني فإذا هو أربعين دينارا.

12 - دخل عليه السجن أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة. فجاءه [ من قبل ] السندي بن شاهك، الموكل به، وقال: هل لك حاجة قال عليه السلام: لا، فلما خرج قال عليه السلام: إنه يموت الليلة، فمات فجاءة تلك الليلة، فتعجبا وقالا: هذا من الباب الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب.

13 - أخبر عليه السلام أبا بصير أنه يموت بزبالة فكان كما قال.

14 - أخبر بموت نفسه الشريفة في أيام كذا، فكان كما قال.

15 - أخبر عبد الله بن صالح أن الرشيد يحبسه وأنه سيخلصه، فحبسه فجاء إليه ليلا وأخرجه، وقال له: إن السلطان فينا كرامة من الله لنا.

16 - بعث ابن يقطين إسماعيل بن أحمد ورجلا آخر بدنانير وكتب إلى الإمام، فلما صار بالرملة خرج إليهما على بغلة وطلب الدنانير والكتب، وأخرج كتابا من كمه وقال: هذه أجوبتها انصرفا في حفظ الله قلنا: قد قربنا إلى المدينة وفني زادنا فأذن لنا أن ندخل المدينة ونزور الرسول صلى الله عليه وآله ونتزود فطلب بقية زادنا فقلبه بيده، وقال: يبلغكما الكوفة امضيا في حفظ الله فرجعنا فكان يكفينا.

17 - قدم رجل بمال ومسائل لجماعة من خراسان، فدخل المدينة، فأرشد إلى عبد الله الأفطح فقال: كم في المائة زكاة قال: درهمان ونصف، قال: فمن قال لامرأته: أنت طالق بعدد نجوم السماء من غير شهود؟ قال: طلقت، فرجع الرجل إلى منزله فأتاه رسول الكاظم عليه السلام قال: فدخلت عليه، فقال: هات ما معك، فوضعت كيسا فقال لي: افتحه ففتحته فأخرج منه دراهم شطيطة فقال: أقرئها السلام وادفع

____________

(1) فيد: منزل أو قلعة بطريق مكة.

الصفحة 192 

إليها هذه الصرة، ورد ما معك إلى أهله، فقد قبلته منهم، وفضلتكم به، فقال لي: قم إلى أصحاب الماضي فاسألهم عن نصه عليه، فسألت جماعة كثيرة فشهدوا بالنص عليه، فرجعت فوجدت جماعة ممن حملوا المال صاروا فطحية، ووجدت شطيطة تتوقع عودي، فأبلغتها سلامه وصرته فقالت: إنها كفني، فماتت بعد ثلاث.

18 - دخل هشام بن سالم وصاحب الصادق عليه السلام على عبد الله الأفطح فقالا:

كم في المائة زكاة؟ فقال: درهمان، فخرجا وبكيا، وقالا: إلى المرجئة؟ إلى المعتزلة؟ إلى الزيدية؟ فأومأ شيخ إلى هشام فتبعه فأدخله على الكاظم عليه السلام فابتدأه:

إلي إلي لا إلى المرجئة، ولا إلى المعتزلة؟ ولا إلى الزيدية، قال: عليك إمام؟

قال: لا، فسأله فإذا هو بحر لا ينزف.

19 - كلمه خراساني بالعربية ظنا بأنه لا يعرف بالفارسية، فرد عليه بالفارسية فتعجب فقال عليه السلام: إن الإمام لا يخفى عليه كلام شئ فيه روح.

20 - خلع الرشيد على علي بن يقطين دراعة مثقلة بالذهب فبعثها إلى الكاظم عليه السلام فردها وقال: ستحتاج إليها، فوشى غلامه إلى الرشيد بإرسالها إلى الكاظم عليه السلام فغضب على علي بن يقطين فطلبها منه فبعث غلاما فجاء بها فسكن غضبه وضرب الواشي حتى مات.

21 - بعث ابن يقطين إلى الكاظم عليه السلام يطلب صفة الوضوء، فكتب عليه السلام إليه بوضوء السنة، وكان قد نقل إلى الرشيد أن علي بن يقطين رافضي فتطلع على وضوئه، فقال الرشيد: كذب من زعم أنك رافضي فورد من الإمام توضأ الآن كما أمر الله: اغسل وجهك ويديك من مرفقيك، وامسح من فضل وضوئك بمقدم رأسك، وظاهر قدميك، فقد زال ما كنا نخاف عليك.

22 - جاء سبع فوضع يده على كفل بغلته، وهمهم، فأصغى الإمام إليه، ثم حول إلى جانب الطريق فهمهم الإمام وأومأ إليه فهمهم طويلا، فقال الإمام عليه السلام:

آمين، قال علي بن أبي حمزة كنت رفيقه فخفت عليه منه ثم تعجبت فسألته فقال عليه السلام: شكى إلي عسر ولادة لبوته، فدعوت لها فولدت ذكرا فبشرته فدعا

الصفحة 193 

وقال: امض فلم يسلط عليك وعلى ذريتك وشيعتك شئ من السباع.

23 - لقي الكاظم عليه السلام الحسن بن عبد الله فقال له: تفقه، فقرأ وجها فأعرض عليه، فأسقط كله، فطلب منه فأرشده إلى ما يجب لأمير المؤمنين والحسنين وعلي ومحمد وجعفر، ثم سكت فقال: من الإمام اليوم؟ فقال عليه السلام: إن أخبرتك تقبل؟ قال:

نعم، قال: أنا، قال: هل من علامة؟ قال عليه السلام: ادع الشجرة عن لساني فدعاها فأقبلت فأشار الإمام عليه السلام إليها بالرجوع فرجعت قال الحسن: وكنت قبل ذلك أرى الرؤيا الصالحة، وترى لي، فانقطعت فشكوت إلى الإمام عليه السلام انقطاعها فقال: لا تغتم إن المؤمن إذا رسخ في الإيمان ارتفعت عنه الرؤيا.

24 - أراد ابن يقطين أن يكتب إليه: الرجل يتنور، وهو جنب؟ فكتب عليه السلام ابتداء: النورة تزيد الرجل نظافة ولكن لا يجامع وهو مختضب.

25 - قال الصادق عليه السلام لعيسى حين سأله عن أبي الخطاب سل ابني موسى فأتيته وهو في الكتاب فقال لي مبتدئا: إن الله تعالى أخذ ميثاق النبيين والوصيين فلم يتحولوا وإن أبا الخطاب ممن أعير الإيمان، فرجعت وأخبرت الصادق عليه السلام فقال: لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم.

26 - قال هشام بن الأحمر: أعلمني الإمام برجل من المغرب، معه رقيق فأرسلني فاشتريت له جارية، فقال المغربي: لقيتني امرأة كتابية وقالت: لا ينبغي أن تكون هذه عندك بل عند خير أهل الأرض، ولم تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد له غلاما يدين له شرق الأرض وغربها، فولدت له الرضا عليه السلام.

28 - إسماعيل بن موسى قال: كنا مع الإمام عليه السلام في عمرة فحملنا يوما فقال: حطوا فستأتيكم ريح سوداء تطرد بعض الإبل، فكان كما قال.

28 - حفر المهدي بئرا للحجاج نحو مائة قامة فانخرق خرق لا يدرى قعره وهو مظلم وللريح فيه دوي فأدلى رجلين فخرجا متغيرا لونهما وقالا: رأينا هواء واسعا، وبيوتا قائمة، ورجالا ونساء، وإبلا وبقرا وغنما، وكلما مسسنا شيئا منها وجدناه هباء فسألوا الفقهاء عن ذلك، فلم يعلموا، فقدم الإمام عليه السلام فقال: هم

الصفحة 194 

أصحاب الأحقاف.

29 - رآه شقيق البلخي في طريق الحج فظنه يسأل الناس، فابتدأه بقوله.

(اجتنبوا كثيرا من الظن)(1) فجاءه بعدها يريد التوبة، فابتدأه بقوله تعالى: (و إني لغفار لمن تاب) الآية(2).

30 - سقطت ركوته في بئر فقال: رب ما لي سواها، فعلا الماء بها حتى أخذها ثم وضع الرمل فيها وأسقي السويق منها.

نكتة بديعة:

قيل: حضر مجلس الرشيد هندي حكيم، فدخل الكاظم عليه السلام فرفع الرشيد مقامه، فحسده الهندي وقال: اغتنيت بعلمك عن غيرك فكنت كما قال تعالى:

(كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى)(3)) فقال عليه السلام: أخبرني، الصور الصدفية إذا تكاملت فيها الحرارة الكلية، وتواترت عليها الحركات الطبيعية، واستحكمت فيها القوى العنصرية، صارت أخصاصا عقلية، أم أشباحا وهمية؟ فبهت الهندي وقبل رأس الإمام عليه السلام وقال: لقد كلمتني بكلام لاهوت، من جسم ناسوت. فقال الرشيد: كلما أردنا أن نضع أهل هذا البيت أبى الله إلا أن يرفعه، فقال عليه السلام:

(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواهم والله متم نوره ولو كره الكافرون(4)).