الباب في تبليغ أمير المؤمنين (عليه السلام) سورة براءة وعزل أبي بكر وفيه من الباب الأول من طريق العامة

الصفحة 39   

ومنه ثلاثة وعشرون حديثا

الأول: من مسند أحمد بن حنبل عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين قال: حدثنا جابر عن سماك عن حبيش عن علي (عليه السلام) قال: " لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي دعا النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فأذهب إلى أهل مكة واقرأه عليهم فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله نزل في شئ؟

قال: لا ولكن جبرائيل جائني فقال لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك "(1).

الثاني: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الفضل بن الحباب قال: حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه ورده وقال: " لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي " فبعث عليا (عليه السلام)(2).

الثالث: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو الجهم العلا بن موسى الباهلي سنة سبع وعشرين ومائة قال: عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر بسورة براءة على المواسم وأربع كلمات إلى الناس فلحقه علي في الطريق فأخذ السورة والكلمات فكان علي مبلغا وأبو بكر على الموسم فإذا قرأ السورة نادى ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يقرب المسجد مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد فأجله مدته حتى قال رجل: لولا أن نقطع الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف لبدأنا بك، فقال علي (عليه السلام) (عليهم السلام) " لولا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن لا أحدث شيئا حتى آتيه لقتلتك "(3).

الرابع: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: حدثنا عمر بن طلحة

____________

(1) مسند أحمد: 1 / 151، وكنز العمال ح 4400.

(2) كنز العمال: 2 / 431 ح 4421، ومسند أحمد: 1 / 331 وفيه: إلا رجل مني وأنا منه.

(3) مسند أحمد: 2 / 299 بتفاوت، وفضائل الصحابة لأحمد: 2 / 460 ح 1088.

الصفحة 40   

عن أسباط بن نظر عن سماك عن حبيش عن علي (عليه السلام): " إن النبي (صلى الله عليه وآله) حين بعثه ببراءة فقال:

يا نبي الله إني لست باللسن ولا بالخطيب، قال: فما بد أن أذهب بها أنا وتذهب بها أنت، قال: فإن كان ولابد فسأذهب بها أنا، قال: فانطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك، قال: ثم وضع يده على فمه "(1).

الخامس: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الفضل بن الحباب قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه ورده وقال: " لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي " فبعث عليا (عليه السلام)(2).

السادس: من صحيح البخاري في الجزء الأول منه على حد ثلثه الأول في باب ما يستر من العورة قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن أخي شهاب عن عمه قال: أخبرني حميد ابن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة مؤذنا بين الناس يوم النحر أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يأمره أن يؤذن ببراءة قال أبو هريرة: فأذن علي معنا في أهل منى يوم النحر ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان(3).

السابع: ومن الجزء الخامس من صحيح البخاري أيضا في باب قوله تعالى: * (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله) * قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب: فأخبرني حميد(4) بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في المؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، قال حماد: ثم أردف النبي (صلى الله عليه وآله) بعلي (عليه السلام) وأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة فأذن علي في أهل منى يوم النحر ببراءة وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان(5).

الثامن: ومن تفسير الثعلبي في تفسير سورة براءة قوله تعالى: * (براءة من الله ورسوله) * محمد بن إسحاق عن مجاهد وغيرهما نزلت في أهل مكة وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عاهد قريشا يوم الحديبية على أن يضعوا الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، فدخلت خزاعة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودخلت بنو بكر في عهدة قريش، وكان مع هذا عهود بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين

____________

(1) مسند أحمد: 1 / 150 ط. صادر بيروت.

(2) تقدم الحديث في نفس الباب وهو الثاني منه.

(3) صحيح البخاري: 5 / 203.

(4) في المصدر: حماد قال حميد.

(5) صحيح البخاري: 5 / 202 ط. تركيا 1401 هـ.

 

 

 

 

الصفحة 41   

قبائل العرب خصائص، فعدت(1) بنو بكر وقريش على خزاعة فقتلت منها ورفدتهم قريش بالسلاح، فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضا عهدهم خرج عمر بن سالم الخزاعي حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال شعرا.

 

يا رب إني ناشد محمدا          حلف أبينا وأبيه إلا تلدا

قد كنتم ولدا وكنا والدا ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا اعتدا     وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا        ابيض مثل السيف ينحو صعدا

إن يم خسفا وجهه تربدا         في فيلق كالبحر يجري مزبدا

إن قريشا أخلفوك الموعدا      ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وزعموا أن لست تدعو أحدا    وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا في الحطيم هجدا      وقتلونا ركعا وسجدا

 

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا نصرت إن لم أنصركم " فخرج يجهز إلى مكة ففتح الله مكة وهي سنة ثمان من الهجرة ولما خرج إلى غزوة تبوك وتخلف من تخلف من المنافقين وأرجفوا الأراجيف جعل المشركون ينقضون عهودهم وأمر الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم ليؤذنوا بالحرب وذلك قوله عز وجل: * (وأما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) * فلما كانت سنة تسع أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحج ثم قال: " إن يحضر المشركون فيطوفون عراة ولا أحب أن أحج، لا يكون ذلك " فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر تلك السنة على الموسم ليقيم الناس الحج وبعث معه أربعين آية من صدر براءة فيقرأها على المواسم فلما سار دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فقال: " أخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذن في الناس إذا اجتمعوا " فخرج علي (عليه السلام) على ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغضبا(2) حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة وأخذها منه ورجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أنزل في شأني شئ قال: " لا ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني "(3).

التاسع: قال الثعلبي: قال الشافعي: حدثني محرز بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي حيث بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) ينادي فكان اضمحل صوته ناديت، قلت: بأي شئ كنتم تنادون قال: بأربع:

لا يطوف بالكعبة عريان ومن كان له عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهدا فعهده إلى مدته ولا يدخل الكعبة إلا

____________

(1) في نسخة: فغدت.

(2) في نسخة: الغضباء.

(3) العمدة: 163 عن التفسير المخطوط، والأبيات في مجمع الزوائد: 6 / 163 مع تفاوت في الحديث.

الصفحة 42   

نفس مؤمنة ولا يحج بعد عامنا مشرك، قالوا فقال المشركون: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب، وطفقوا يقولون: اللهم إنا قد منعنا أن نتبرك، ثم لما كانت عشر حج النبي (صلى الله عليه وآله) حجة الوداع وقفل إلى المدينة ومكث بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وليالي من شهر ربيع الأول حتى لحق بالله عز وجل(1).

العاشر: ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري في الجزء الثاني في تفسير سورة براءة من صحيح أبي داود وهو السنن وصحيح الترمذي قال: عن ابن عباس (صلى الله عليه وآله) قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وأمره أن ينادي في المواسم ببراءة ثم أردفه عليا فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغضبا فقام أبو بكر فزعا يظن أنه حدث أمر فدفع إليه علي كتابا من رسول الله أن عليا ينادي بهؤلاء الكلمات فإنه لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي، فانطلق فقام علي (عليه السلام) أيام التشريق ينادي " ذمة الله ورسوله بريت من كل مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت بعد العام عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ".

قال: وكان علي (عليه السلام) ينادي بها فإذا أعيا أمر غيره فنادى(2).

الحادي عشر: الموفق بن أحمد من أعيان العامة قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا الشيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا الباغندي حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن عباد بن العوام عن سفير بن حسين عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث أبا بكر (رضي الله عنه) ببراءة وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه عليا فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) القصوى فخرج أبو بكر (رضي الله عنه) فزعا فظن أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا هو علي فدفع إليه كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمره على الموسم وأمر عليا أن ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجا فقام علي أيام التشريق فنادى فقال: " إن الله ورسوله بريئان من كل مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان ولا يدخل [ الجنة ] إلا مؤمن " قال: وكان ينادي فإذا بح قام أبو هريرة فنادى(3).

الثاني عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا الحسين بن كسران

____________

(1) تفسير الطبري: 10 / 82 مورد الآية.

(2) السنن الكبرى للبيهقي: 9 / 224، وسنن الترمذي: 4 / 339، وفتح الباري: 8 / 241.

(3) المصدر السابق.

الصفحة 43   

أخبر أبو عمرو بن السماك حدثنا حنبل بن إسحاق حدثني أبو عبد الله وهو أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: قال إسرائيل قال أبو إسحاق عن يزيد بن تبيع عن أبي بكر (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعثه ببراءة إلى أهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ومن كان بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدة فأجله إلى مدته والله برئ من المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي إلحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت، ففعل فلما قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) أبو بكر بكى وقال: يا رسول الله أحدث في شئ قال: " لا، ولكن أمرت أن لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني "(1).

الثالث عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو ظاهر الفقيه محمد بن الحسين الحدابادي أبو قلاية، حدثنا عبد الصمد وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا حماد ابن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث سورة براءة مع أبي بكر (رضي الله عنه) ثم أرسل فأخذها فدفعها إلى علي وقال: " لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي "(2).

الرابع عشر: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أنبأني الشيخ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد ابن عبد القادر قال: أنبأني الحافظ أبو الفرج عبد الله بن علي بن الجوزي قال: أنبأنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن الحصين بقراءة الحافظ محمد بن ناصر السلامي قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن المذنب، أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال: أنبأنا الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني قال: حدثني أبي قال: أنبأنا وكيع قال: قال إسرائيل:

قال أبو إسحاق عن يزيد بن تبيع عن أبي بكر بن أبي قحافة أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعثه ببراءة إلى أهل مكة:

لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ومن كانت بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته والله برئ من المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي (عليه السلام): " إلحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت " قال: ففعل، قال: فلما قدم أبو بكر على النبي (صلى الله عليه وآله) وبكى وقال: يا رسول الله حدث في شئ قال: " ما حدث فيك إلا خير ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني "(3).

الخامس عشر: الحمويني هذا قال: أنبأني أبو عبد الله بن يعقوب بن أبي الفرج الأرجي، أنبأنا أبو طالب عبد الرحمن بن عبد السميع الهاشمي إجازة، أنبأنا شاذان بن جبرائيل القمي بقراءتي

____________

(1) إرواء الغليل: 4 / 302 ومناقب الخوارزمي: 165.

(2) تقدم الحديث من طرق.

(3) مسند أحمد: 1 / 3، وفضائل الصحابة: 2 / 640 وتفسير الطبري: 10 / 46.

الصفحة 44   

عليه، أنبأنا محمد بن أحمد بن علي التطيري قال: أنبأنا أبو علي الحداد قال: أنبأنا أبو نعيم قال:

أنبأنا أحمد بن القاسم بن الريان البصري بالبصرة قال: أنبأنا أحمد بن القاسم بن إسحاق بن إبراهيم ابن نبيط بن شريط أبو جعفر الأشجعي بمصر قال: حدثني أبي إسحاق عن أبيه عن جده نبيط بن شريط قال: خرجت مع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ومعنا عبد الله بن عباس فلما صرنا إلى بعض حيطان الأنصار وجدنا عمر جالسا ينكث في الأرض فقال له علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا أمير المؤمنين ما الذي أجلسك وحدك هاهنا؟

فقال: لأمر همني قال علي (عليه السلام): أفتريد أحدنا، فقال عمر: إن كان عبد الله، قال فتخلف معه عبد الله بن العباس ومضيت مع علي (عليه السلام) فأبطأ علينا ابن عباس ثم لحق بنا فقال له علي (عليه السلام) ما ورائك؟

قال: يا أبا الحسن أعجوبة من عجائب أمير المؤمنين أخبرك بها واكتم علي، قال: فهلم، قال: لما أن وليت وعمر ينظر إلى أثرك قال: آه آه آه، فقلت: ممن تتأوه يا أمير المؤمنين؟

قال: من أجل صاحبك وابن عمك وقد أعطي ما لم يعط أحد من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولولا ثلاث هن فيه ما كان لهذا الأمر من أحد سواه، قلت: ما هن يا أمير المؤمنين؟

قال: كثرة دعابته وبغض قريش له وصغر سنه، قال: فما رددت عليه، قال: داخلني ما يدخل ابن العم لابن عمه فقلت يا أمير المؤمنين: أما كثرة دعابته فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يداعب ولا يقول إلا حقا وأين أنت حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ونحن حوله صبيان وكهول وشيوخ وشبان يقول للصبي سنانا سنانا ولكل ما يعلمه الله يشتمل على قلبه، وأما بغض قريش له فوالله ما يبالي ببغضهم له بعد أن جاهدهم في الله حين أظهر الله دينه فقصهم أقرانها وكسر آلهتها وأثكل نسائها في الله لأمه من لأمه، وأما صغر سنه فقد علمت أن الله تعالى حيث أنزل عليه (براءة من الله ورسوله) ووجه النبي (صلى الله عليه وآله) صاحبه ليبلغ عنه فأمره الله أن لا يبلغ عنه إلا رجل من أهله فوجهه به فهل استصغر الله سنه؟

قال: فقال عمر: لابن عباس إمسك علي واكتم فإن سمعتها من غيرك لم أنم بين لابتيها(1).

السادس عشر: بالإسناد عن زيد بن تبيع عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أنزلت براءة بأربع لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا ومن كانت بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد فهو إلى مدته ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة "(2)

السابع عشر: وبالإسناد عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة

____________

(1) فرائد السمطين: 1 / 34(3) 336.

(2) مسند أحمد: 1 / 3 والمستدرك: 2 / 331.

الصفحة 45   

فلما قفل دعاه فبعث عليا (عليه السلام) وقال: " لا يبلغها إلا رجل من أهلي "(1).

الثامن عشر: وبالإسناد عن الزهري عن أنس بن مالك قال: أرسل رسول الله أبا بكر ببراءة يقرأها على أهل مكة فنزل جبرائيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد لا يبلغ عن الله تعالى إلا أنت أو رجل منك فلحقه علي (عليه السلام) فأخذها منه(2).

التاسع عشر: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن محمد بن جابر عن حبش عن علي (عليه السلام) قال لما نزلت عشر آيات من براءة دعا النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر فبعثها معه ليقرأها على أهل مكة دعاني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال لي " أدرك أبا بكر فحيث ما لحقت فخذ الكتاب منه فاذهب إلى مكة فأقرأها عليهم " فلحقته بالجحفة وأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله نزل في شئ فقال:

" لا ولكن جبرائيل (عليه السلام) جائني وقال لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك "(3).

العشرون: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أنس بن مالك قال: أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر ببراءة يقرأها على أهل مكة فنزل جبرائيل على محمد (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد لا يبلغ عن الله تعالى إلا أنت أو رجل منك فلحقه علي (عليه السلام) فأخذها منه "(4).

الحادي والعشرون: ومن الجزء الثاني من أجزاء اثنين من المغازي لمحمد بن إسحاق في وسط المجلدة بالإسناد قال: خرج علي بن أبي طالب (عليه السلام) على ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغضبا حتى أدرك أبا بكر بالطريق فلما رآه أبو بكر سلم براءة إليه ومضيا حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند الجمر فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " أيها الناس إنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو له إلى مدته وأجل الناس أربعة أشهر "(5).

الثاني والعشرون: ومن كتاب فضائل الصحابة بالإسناد عن أنس قال لما بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة براءة مع أبي بكر فلما بلغ ذا الحليفة أرسل فردها فأخذها منه فدفعها إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: " لا يقوم إلا أنا أو رجل من أهل بيتي "(6).

الثالث والعشرون: ابن شهرآشوب ذكره عن جماعة من العامة قال: الاستنابة والولاية من رسول

____________

(1) مناقب الخوارزمي: 165 ح 196، وتفسير الطبري: 10 / 46.

(2) مسند أحمد: 1 / 151، وفضائل الصحابة: 2 / 562 ح 946.

(3) كنز العمال: 2 / 422 وتقدم الحديث.

(4) مصنف ابن أبي شيبة ح 12184.

(5) سيرة النبي لابن هشام: 4 / 973 (188)، والسيرة النبوية لابن كثير: 4 / 69.

(6) فضائل أحمد: 2 / 562.

الصفحة 46   

الله (صلى الله عليه وآله) في أداء سورة براءة وعزل به أبا بكر بإجماع المفسرين ونقلة الأخبار رواه الطبري والبلاذري والترمذي والواقدي والشعبي والسدي والثعلبي والواحدي والقرطبي والقشيري والسمعاني وأحمد بن حنبل وابن بطة ومحمد بن إسحاق وأبو يعلى الموصلي والأعمش وسماك بن حرب في كتبهم عن عروة بن الزبير وأبي هريرة وأنس وأبي نافع وزيد بن نفيع وابن عمر وابن عباس واللفظ له: أنه لما نزل براءة من الله ورسوله إلى تسع آيات أنفذ النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر إلى مكة لأدائها فنزل جبرائيل قال: إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): " إركب ناقتي الغضبا والحق أبا بكر وخذ براءة من يده " قال ولما رجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) جزع وقال: يا رسول الله أنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه فلما توجهت له رددتني عنه، فقال عليه السلام: الأمين هبط إلي عن الله تعالى أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني ولا يؤدي عني إلا علي(1).

____________

(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 391 ط. النجف.