الباب في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي ستغدر بك الأمة من بعدي وما يلاقيه (عليه السلام) من الشدة من بعده وأمره له بالصبر وأمره له بقتال الناكثين والقاس

الصفحة 32   

وفيه خمسة أحاديث

الأول: السيد المرتضى (رضي الله عنه) في كتاب الشافي قال: روى إبراهيم الثقفي عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن عمرو بن حريث عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني عن علي (عليه السلام) قال:

سمعته يقول: كان فيما عهد إلي النبي الأمي أن الأمة ستغدر بك الأمة بعدي(1).

الثاني: السيد أيضا في الشافي قال: روى إبراهيم بن إسماعيل بن عمرو البجلي قال: حدثنا هشام بن بشر الواسطي عن إسماعيل عن أبي إدريس الأودي عن علي (عليه السلام) قال: لئن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أحب إلي من أن أقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم أسمعه قال لي: يا علي ستغدر بك الأمة بعدي(2).

الثالث: السيد في الشافي قال: وروى زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) كان علي (عليه السلام) يقول: بايع الناس أبا بكر، وأنا أولى بهم مني بقميصي هذا، فكظمت غيظي وانتظرت أمري وألصقت كلكلي بالأرض، ثم إن أبا بكر هلك واستخلف عمر وقد والله علم أني أولى الناس بهم مني بقميصي هذا، وكظمت غيظي وانتظرت أمري وألزقت كلكلي بالأرض، ثم إن عمر هلك وجعلها شورى وجعلني فيهم، ثم كان من أمر القوم بعد بيعتهم لي ما كان، سادس ستة كسهم الجدة فقال: اقتلوا الأقل [ وما أراد غيري ] فكظمت غيظي وانتظرت أمري وألصقت كلكلي بالأرض حتى ما وجدت إلا القتال أو كفرت بالله(3).

الرابع: الشيخ في أماليه قال: حدثنا بإسناده عن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني محمد ابن أبي القاسم عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمرو عن أبي عبد

____________

(1) الغارات: 2 / 487.

(2) بحار الأنوار: 28 / 375، وتلخيص الشافي: 3 / 44.

(3) بحار الأنوار: 29 / 579، والأمالي للمفيد: 154.

الصفحة 33   

الله الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: بلغ أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أن مولى لها ينتقص عليا ويتناوله فأرسلت إليه، فلما صار إليها قالت له: يا بني بلغني إنك تنتقص عليا وتتناوله، قال: نعم يا أماه، قالت له: اقعد ثكلتك أمك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم اختر لنفسك، إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتيت الباب فقلت: أدخل يا رسول الله؟ قال: لا، قالت: فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة أو نزل في شئ من السماء، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثانية فقلت: أدخل يا رسول الله؟

فقال: لا، فكبوت كبوة أشد من الأولى، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخلي يا أم سلمة، فدخلت وعلي جالس بين يديه وهو يقول: فداك أبي وأمي يا رسول الله إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟ قال آمرك بالصبر، ثم أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصبر فأعاد عليه القول ثالثة فقال له: يا علي، يا أخي إذا كان ذلك منهم فسل سيفك وضعه على عاتقك واضرب قدما قدما حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم، ثم التفت (عليه السلام) إلي فقال: لي تالله ما هذه الكآبة يا أم سلمة؟ قلت: الذي كان من ردك إياي يا رسول الله، فقال لي: والله ما رددتك من موجدة وإنك لعلى خير من الله ورسوله، ولكن أتيتني وجبرائيل يخبرني بالأحداث التي تكون بعدي، فأمرني أن أوصي بذلك عليا، يا أم سلمة اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة.

يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي في الدنيا وحامل لواء الحمد غدا في القيامة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين قلت: يا رسول الله من الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة قلت: ومن القاسطون؟

قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام، قلت: من المارقون؟ قال أصحاب النهروان، فقال مولى أم سلمة: فرجت عني فرج الله عنك والله لا سببت عليا أبدا(1).

وروى هذا الحديث من طريق العامة موفق بن أحمد من أعيان العامة بإسناده عن أبي بكر أحمد ابن موسى بن مردويه، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السري بن يحيى التميمي حدثنا المنذر

____________

(1) أمالي الطوسي: 425 / 952، أمالي الصدوق: 463 / 619.

الصفحة 34   

ابن محمد بن المنذر بن محمد بن المنذر، وحدثنا أبي، حدثنا عمي الحسين بن سعيد بن محمد ابن المنذر بن أبي الجهم، حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن علي عن محمد بن المنكدر عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وكانت ألطف نسائه وأشدهن له حبا قال: وكان لها مولى يحضنها ورباها وكان لا يصلي صلاة إلا سب عليا وشتمه فقالت له: يا أبة ما حملك على سب علي؟ قال:

لأنه قتل عثمان وشرك في دمه.

قالت: إنه لولا أنك مولاي ربيتني وأنت عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر رسول لله (صلى الله عليه وآله)، ولكن اجلس حتى أحدثك عن علي وما رأيته منه، إعلم أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يومي وإنما كان نصيبي في تسعة أيام يوم واحد فدخل النبي صلى الله عليه وآله مخللا أصابعه في أصابع علي (عليه السلام) واضعا يده عليه وقال: يا أم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام ولا أدري ما يقولان حتى إذا قلت: قد انتصف النهار أقبلت فقلت: السلام عليكم ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لا تلجي وارجعي مكانك، ثم تناجيا طويلا حتى قام عمود الظهر فقلت: ذهب يومي، وشغله علي عني، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب فقلت:

السلام عليكم، ألج؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله) لا تلجي فرجعت وجلست مكاني حتى إذا قلت: قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة ويذهب يومي ولم أرقط أطول منه، فأقبلت أمشي حتى وقفت وقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فنعم فلجي، فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أدنى فاه من أذن النبي (صلى الله عليه وآله) وفم النبي على أذن علي يتساران وعلي يقول:

أفأمضي وأفعل؟ والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول: نعم فدخلت وعلي معرض وجهه حتى دخلت وخرج وأخذني النبي (صلى الله عليه وآله) وأقعدني في حجره وألزمني فأصاب ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار، ثم قال: يا أم سلمة لا تلوميني فإن جبرائيل أتاني من الله تعالى يأمر أن أوصى به عليا من بعدي وكنت بين جبرائيل وعلي، وجبرائيل عن يميني وعلي عن شمالي، فأمرني جبرائيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة فاعذريني ولا تلوموني، إن الله عز وجل اختار من كل أمة نبيا واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذه الأمة وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي.

وهذا ما شاهدت من علي الآن يا أبتاه فسبه أو فدعه فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار ويقول:

اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي فإن وليي ولي علي وعدوي عدو علي، وتاب المولى توبة نصوحا وأقبل فيما بقي من دهره يدعو الله تعالى أن يغفر له(1).

____________

(1) مناقب الخوارزمي: 146 - 147 / 171.

الصفحة 35   

الخامس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمار أبي العباس قال: حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال: حدثنا جعفر بن أبي سليمان يعني الضبعي قال: حدثنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بما يلقى بعده فبكى (عليه السلام) وقال: يا رسول الله أسألك بحقي عليك وحق قرابتي وحق صحبتي لما دعوت الله عز وجل أن يقبضني إليه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتسألني أن أدعو ربي لأجل مؤجل، قال: فعلى ما أقاتلهم؟ قال: على الإحداث في الدين(1).

وروى هذا الحديث من طريق العامة موفق بن أحمد قال: أخبرنا الشيخ والإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمرودي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد بأصبهان فيما أذن لي في الرواية عنه، حدثنا الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن أحمد بن مردويه الأصفهاني، قال أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمرودي، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصفهاني في كتابه إلي من أصفهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا محمد بن علي بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا بنهان بن عياد، أخبرنا جعفر بن سليمان عن أبي هارون عن أبي سعيد قال ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) ما يلقي بعده قال: فبكى وقال: أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي إلا ما دعوت الله أن يقبضني إليه، فقال له: يا علي تسألني أن أدعو الله لأجل مؤجل، قال: فقال: يا رسول الله على ما أقاتل القوم؟ قال: على الإحداث في الدين(2).

____________

(1) أمالي الطوسي: 50 / 1098.

(2) مناقب الخوارزمي: 175 / 211.