الباب في تكليم الشمس عليا (عليه السلام) من طريق الخاصة

الصفحة 214 

وفيه ستة أحاديث

الأول: محمد بن العباس بن علي بن مروان بن ماهيار ثقة ثقة المعروف بابن الحجام بضم الجيم في تفسيره ما نزل في أهل البيت من القرآن عن محمد بن سهل العطار عن أحمد بن محمد عن أبي زرعة عبد الله بن عبد الكريم عن قبيصة بن عقبة عن سفيان بن يحيى عن جابر بن عبد الله قال: لقيت عمارا في بعض سكك المدينة فسألته عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فأخبر أنه في مسجده في ملأ من قومه وأنه لما صلى الغداة أقبل علينا فبينما نحن كذلك وقد بزغت الشمس إذ أقبل علي (عليه السلام) فقام إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل ما بين عينيه وأجلسه إلى جنبه حتى مست ركبتاه ركبتيه ثم قال: يا علي قم للشمس فكلمها فإنها تكلمك فقام أهل المسجد فقالوا: أترى عين الشمس تكلم عليا؟ وقال بعضهم: لا يزال يرفع حسيسة ابن عمه وينوه باسمه إذ خرج علي (عليه السلام) فقال للشمس: كيف أصبحت يا خلق الله؟

فقالت: بخير يا أخا رسول الله، يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شئ عليم، فرجع علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي تخبرني أو أخبرك؟ فقال: منك أحسن يا رسول الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما قولها لك: يا أول فأنت أول من آمن بالله، وقولها لك: يا آخر فأنت آخر من يعاينني على مغسلي، وقولها: يا ظاهر فأنت أول من يظهر على مخزون سري، وقولها: يا باطن فأنت المستبطن لعلمي، وأما العليم بكل شئ فما أنزل الله علما من الحلال والحرام والفرائض والأحكام والتنزيل والتأويل والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمشكل إلا وأنت به عليم، ولولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به، قال جابر: فلما فرغ عمار من حديثه أقبل سلمان فقال عمار: وهذا سلمان كان معنا، فحدثني سلمان كما حدثني عمار(1).

الثاني: محمد بن العباس هذا عن عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن علي بن حكيم عن الربيع بن عبد الله عن عبد الله بن الحسن عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال: بينما النبي ذات

____________

(1) نقله عنه المجلسي في البحار: 41 / 181 / ح 17.

الصفحة 215 

يوم ورأسه في حجر علي (عليه السلام) إذ نام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن علي (عليه السلام) صلى العصر فقامت الشمس تغرب فانتبه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فذكر له علي (عليه السلام) شأن صلاته فدعا الله فرد الله الشمس كهيئتها، وذكر حديث رد الشمس فقال له: يا علي قم فسلم على الشمس وكلمها فإنها تكلمك فقال له:

يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكيف أسلم عليها؟ فقال: قل: السلام عليك يا خلق الله، فقام علي (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا خلق الله فقالت: عليك السلام يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، يا من ينجي محبيه ويوبق مبغضيه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما ردت عليك الشمس، فكان علي كاتما عنه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): قل ما قالت لك الشمس، فقال له ما قالت، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الشمس قد صدقت، وعن أمر الله نطقت أنت أول المؤمنين إيمانا وأنت آخر الوصيين، ليس بعدي نبي ولا بعدك وصي، وأنت الظاهر على أعدائك، وأنت الباطن في العلم الظاهر عليه ولا فوقك فيه أحد، أنت عيبة علمي وخزانة وحي ربي وأولادك خير الأولاد، وشيعتك هم النجباء(1).

الثالث: السيد المرتضى في عيون المعجزات قال: حدثني ابن عباس الجوهري قال: حدثني أبو طالب عبيد الله بن محمد الأنباري قال: حدثني أبو الحسين محمد بن زيد التستري قال: حدثني أبو سمينة محمد بن علي الصيرفي قال: حدثني إبراهيم بن عمر اليماني عن حماد بن عيسى الجهني المعروف بغريق الجحفة قال: حدثني عمر بن أذينة عن أبان ابن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري قال: رأيت السيد محمدا (صلى الله عليه وآله) وقد قال لأمير المؤمنين ذات ليلة: إذا كان غدا اقصد إلى جبال البقيع وقف على نشز من الأرض، فإذا بزغت الشمس فسلم عليها فإن الله تعالى قد أمرها أن تجيبك بما فيك، فلما كان من الغد خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار حتى وافى البقيع ووقف على نشز من الأرض، فلما طلعت الشمس قال (عليه السلام): السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له، فسمعوا دويا من السماء وجواب قائل يقول: وعليك السلام يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، يا من هو بكل شئ عليم، فلما سمع أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار كلام الشمس صعقوا ثم أفاقوا بعد ساعات وقد انصرف أمير المؤمنين عن المكان، فوافوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الجماعة وقالوا: أنت تقول إن عليا بشر مثلنا وقد خاطبته الشمس بما خاطب البارئ به نفسه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): وما سمعتموه منها؟ فقالوا: سمعناها تقول: السلام عليك يا أول، قال: صدقت، هو أول من آمن بي، فقالوا:

سمعناها تقول: يا آخر قال: صدقت، هو آخر الناس عهدا بي يغسلني ويكفنني ويدخلني قبري

____________

(1) بحار الأنوار: 41 / 181 / ح 18.

الصفحة 216 

وقالوا: سمعنا تقول: يا ظاهر قال: صدقت، ظهر علمي كله له فقالوا: سمعناها تقول: يا باطن قال:

صدقت، بطن سري كله، قالوا: سمعناها تقول يا من هو بكل شئ عليم قال: صدقت هو عالم بالحلال والحرام والفرائض والسنن وما شاكل ذلك، فقاموا كلهم وقالوا: لقد وقعنا محمد في طخياء، وخرجوا من باب المسجد(1).

الرابع: صاحب ثاقب المناقب يرفعه إلى عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) إذ دخل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن أتحب أن نريك كرامتك على الله؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: فإذا كان غدا فانطلق إلى الشمس معي فإنها ستكلمك بإذن الله تعالى، قال: فماجت قريش والأنصار بأجمعهم، فلما أصبح صلى الغداة وأخذ بيد علي بن أبي طالب وانطلقا ثم جلسا ينتظران طلوع الشمس، فلما طلعت قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي كلمها فإنها مأمورة وإنها ستكلمك، فقال (عليه السلام): السلام عليك ورحمة الله وبركاته أيها الخلق السامع المطيع فقالت الشمس: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا خير الأوصياء، لقد أعطيت في الدنيا والآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فقال علي (عليه السلام): ماذا أعطيت؟ فقالت: لم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن الناس ولكن هنيئا لك العلم والحكمة في الدنيا والآخرة، وأما في الآخرة فأنت ممن قال الله *(فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)* وأنت ممن قال الله تعالى فيه: *(أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون)* فأنت المؤمن الذي خصك الله بالإيمان.

وروي أن الشمس كلمته ثلاث مرات(2).

الخامس: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا القاسم بن عباس قال: حدثنا أحمد بن يحيى الكوفي قال: حدثنا أبو قتادة الحراني عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن زاذان عن ابن عباس قال: لما فتح الله عز وجل مكة خرجنا ونحن ثمانية آلاف رجل فلما أمسينا صرنا عشرة آلاف من المسلمين فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهجرة وقال: لا هجرة بعد فتح مكة ثم انتهينا إلى هوازن فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: يا علي قم فانظر كرامتك على الله عز وجل كلم الشمس إذا طلعت قال ابن عباس: والله ما حسدت أحدا إلا علي بن أبي طلب ذلك اليوم وقلت للفضل: قم ننظر كيف يكلم علي بن أبي طالب الشمس، فلما طلعت الشمس قام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع الدائب في طاعة ربه فأجابته الشمس وهي

____________

(1) بحار الأنوار: 41 / 181 / ح 16. كتاب سليم بن قيس 453. عيون المعجزات 4.

(2) الثاقب في المناقب 255 / ح 3.

الصفحة 217 

تقول: وعليك السلام يا أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيه وحجة الله على خلقه قال: فانكب علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله عز وجل قال: فوالله لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام فأخذ برأس علي (عليه السلام) يقيمه ويمسح وجهه ويقول: قم حبيبي فقد أبكيت أهل السماء من بكائك، وباهى الله عز وجل بك حملة عرشه(1).

السادس: الشيخ علي بن يونس النباطي العاملي في كتاب الصراط المستقيم قال: روى محمد ابن مسلم عن الباقر عن جابر أن الشمس كلمت عليا سبع مرات: الأول قالت: يا أمير المؤمنين اشفع لي عند ربي لا يعذبني، الثاني: مرني بأن أحرق مبغضيك، الثالث: لما قال لها ببابل ارجعي قالت: لبيك، الرابع: قال لها: هل تعرفين لي خطيئة؟ قالت: وعزة ربي لو خلق الله الخلق مثلك لم يخلق النار، الخامس: لما اختلفوا في الصلاة في عهد أبي بكر فخالفوا عليا فقالت: الحق له وبيده ومعه، وسمعها قريش ومن حضر، السادس: لما جاءته بالسطل فتوضأ وقال: من أنت؟ قالت:

الشمس المضيئة، السابع: لما دنت وفاته جاءته فسلمت عليه وعهد إليها وعهدت إليه(2).

____________

(1) أمالي الصدوق 685 / مجلس 86 / ح 14.

(2) الصراط المستقيم: 1 / 204.