الباب في حديث السطل والإبريق من طريق الخاصة

الصفحة 232 

وفيه أربعة أحاديث

الأول: ابن بابويه قال: حدثنا صالح بن عيسى العجلي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن منده الأصفهاني قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجلان من أصحابه في ليلة مظلمة مكفهرة إذ قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): إئتوا باب علي، فأتينا باب علي (عليه السلام) فنقر أحدنا الباب نقرا خفيفا إذ خرج إلينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) متزرا بإزار من صوف مرتديا بمثله، في كفه سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لنا: أحدث حدث؟ قلنا: خير، أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نأتي بابك وهو بالأثر إذ أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي، قال: لبيك، قال: أخبر أصحابي بما أصابك البارحة؟ قال علي (عليه السلام): يا رسول الله إني لأستحيي فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الله لا يستحيي من الحق، قال علي: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول الله فطلبت في البيت ماء فلم أجد الماء، فبعثت الحسن كذا والحسين كذا فأبطئا علي فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف من سواد البيت: قم يا علي خذ السطل واغتسل فإذا أنا بسطل من ماء مملوء، عليه منديل من سندس فأخذت السطل واغتسلت ومسحت بدني بالمنديل ورددت المنديل على رأس السطل فقام السطل في الهواء فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي فوجدت بردها على فؤادي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت وخادمك جبرائيل، أما الماء فمن الكوثر وأما السطل والمنديل فمن الجنة، كذا أخبرني جبرائيل، كذا أخبرني جبرائيل، كذا أخبرني جبرائيل(1).

الثاني: الشيخ البرسي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) [ كان ] في بعض غزواته وقد دنت الفريضة ولم يجد ماء يسبغ به الوضوء فرمق بطرفه إلى السماء والناس قيام ينظرون فنزل جبرائيل وميكائيل (عليهما السلام) ومع جبرائيل سطل فيه ماء ومع ميكائيل منديل، فوضع السطل والمنديل بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) فأسبغ وضوءه من ذلك الماء ومسح وجهه الكريم بالمنديل، فعند ذلك عرجا إلى السماء والخلق

____________

(1) أمالي الصدوق 296 / مجلس 40 / ح 4.

الصفحة 233 

ينظرون إليهما(1).

الثالث: ثاقب المناقب عن عاصم بن شريك عن أبي البختري عن أبي عبد الله الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: أتى أمير المؤمنين منزل عائشة فنادى: يا فضة ايتنا بشئ من ماء نتوضأ، فلم يجبه أحد فولى عن الباب يريد منزل الموفقة السعيدة الحوراء الإنسية فاطمة (عليها السلام) فإذا هو بهاتف يهتف ويقول: يا أبا الحسن دونك الماء فتوضأ به فإذا هو بإبريق من ذهب مملوء ماء عن يمينه فتوضأ ثم عاد الإبريق إلى مكانه فلما نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي ما هذا الماء الذي أراه يقطر كأنه الجمان؟ قلت: بأبي وأمي أتيت منزل عائشة فدعوت فضة تأتينا بماء للوضوء ثلاثا فلم يجبني أحد فوليت فإذا بهاتف يهتف وهو يقول: يا علي دونك الماء فالتفت فإذا أنا بإبريق من ذهب مملوء ماء فقال: يا علي تدري من الهاتف؟ ومن أين كان الإبريق؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: أما الهاتف فحبيبي جبرئيل، وأما الإبريق فمن الجنة، وأما الماء فثلث من المشرق وثلث من المغرب وثلث من الجنة، وهبط جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الله يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ عليا السلام وقل: إن فضة كانت حائضا فقال النبي (صلى الله عليه وآله): منه السلام وإليه يعود مرد السلام وإليه طيب الكلام، ثم التفت إلى علي فقال: حبيبي علي هذا جبرئيل أتانا من عند رب العالمين وهو يقرئك السلام ويقول: إن فضة كانت حائضا فقال علي: اللهم بارك لنا في فضتنا(2).

الرابع: ابن شهرآشوب في المناقب عن ابن عباس وحميد الطويل عن أنس بن مالك قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما ركع أبطأ في ركوعه حتى ظننا أنه نزل عليه وحي فلما سلم واستند بالمحراب نادى: أين علي بن أبي طالب، وكان في آخر الصف يصلي فأتاه فقال: يا علي ألحقت الجماعة فقال: يا نبي الله عجل بلال الإقامة فناديت الحسن بوضوء فلم أر أحدا فإذا بهاتف يهتف: يا أبا الحسن أقبل عن يمينك فالتفت فإذا أنا بقدس من الذهب مغطى بمنديل أخضر معلقا فرأيت ماء أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل وألين من الزبد وأطيب ريحا من المسك، فتوضأت وشربت وقطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي فمسحت وجهي بالمنديل بعدما كان الماء يصب على يدي ولم أر شخصا ثم جئت نبي الله ولحقت الجماعة فقال النبي: القدس من أقداس الجنة والماء من الكوثر والقطرة من تحت العرش والمنديل لمن الوسيلة، والذي جاء به جبرائيل، والذي ناولك المنديل ميكائيل، وما زال جبرائيل واضعا يده على ركبتي يقول: يا محمد قف قليلا

____________

(1) أنظر الفضائل لشاذان بن جبرائيل القمي 111.

(2) الثاقب في المناقب 280 / ح 12.

الصفحة 234 

حتى يجئ علي فيدرك معك الجماعة(1).

والأحاديث في معاجز أمير المؤمنين (عليه السلام) في أنواع المعاجز لا تحصى من طريق العامة والخاصة، وكذا معاجز بنيه الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) من أراد الوقوف على كثير منها فعليه بكتابنا الموسوم بمدينة المعاجز فإن فيه كفاية للطالب مما لا مزيد عليه، ولكثرتها تركنا ذكرها في هذا الكتاب لأنه يطول بذكرها الكتاب.

____________

(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 81.