الباب في قلعه الأصنام عن ظهر الكعبة من طريق الخاصة

الصفحة 282 

وفيه حديثان

الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أبو علي بن أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا بشر بن سعيد بن قلبويه المعدل بالرافقة قال: حدثنا عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني قال: سمعت محمد بن حرب الهلالي قال: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني، وإن شئت قل قال: قلت له: يا بن رسول الله وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ قال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول الله عز وجل *(إن في ذلك لآيات للمتوسمين)* وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله قال: فقلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبرني بمسألتي قال: أردت أن تسألني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم لم يطق حمله علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند حط الأصنام من سطح الكعبة مع قوته وشدته وما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يركب الناقة والفرس والحمار وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون علي (عليه السلام) في القوة والشدة؟ قال: فقلت له: عن هذا والله أردت أن أسألك يا بن رسول الله فأخبرني؟

قال: نعم، إن عليا (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه وآله) تشرف وبه ارتفع وبه وصل إلى أن أطفأ نار الشرك وأبطل كل معبود من دون الله عز وجل ولو علاه النبي (صلى الله عليه وآله) لحطة الأصنام لكان (عليه السلام) بعلي مرتفعا ومتشرفا وواصلا إلى حط الأصنام ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه، ألا ترى أن عليا (عليه السلام) قال: لما علوت ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) شرفت وارتفعت حتى لو شئت أن أنال السماء لنلتها؟ أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدى به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله وقد قال علي (عليه السلام): أنا من أحمد كالضوء من الضوء؟ أما علمت أن محمدا وعليا صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام، وأن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع فقالوا:

إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة،

الصفحة 283 

أما النبوة لمحمد عبدي ورسولي وأما الإمامة فلعلي حجتي ووليي، ولولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفع يد علي بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم؟ وقد احتمل الحسن والحسين (عليهما السلام) يوم حظيرة بني النجار فلما قال له بعض أصحابه ناولني أحدهما يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: نعم الراكبان، وأبوهما خير منهما، وإنه يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلما سلم قيل له يا رسول الله قد أطلت هذه السجدة.

فقال (عليه السلام): إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعاجله حتى ينزل، وإنما أراد (عليه السلام) بذلك رفعهم وتشريفهم فالنبي (صلى الله عليه وآله) إمام ونبي، وعلي (عليه السلام) إمام ليس بنبي ولا رسول فهو غير مطيق لأثقال حمل النبوة، قال محمد بن حرب الهلالي فقلت له: زدني يا بن رسول الله؟ فقال: إنك لأهل للزيادة، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمل عليا (عليه السلام) على ظهره يريد بذلك أنه أبو ولده وإمام الأئمة من صلبه كما حول رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنه تحول الجدب خصبا قال: قلت له: زدني يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: حمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يريد أن يعلم بذلك قومه أنه الذي يخفف عن ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما عليه من الدين والعداة والأداء عنه من بعده.

قال: فقلت له: يا بن رسول الله زدني فقال: احتمله ليعلم بذلك أنه قد احتمله، فما حمل إلا لأنه معصوم لا يحمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي وذلك قوله عز وجل *(ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر)* أنزل الله عز وجل عليه *(عليكم أنفسكم)* قال النبي (صلى الله عليه وآله): أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وعلي نفسي وأخي، أطيعوا عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى ثم تلا هذه الآية: *(قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين)* قال محمد بن حرب: ثم قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): أيها الأمير ولو أخبرتك بما في حمل النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) عند حط الأصنام عن سطح الكعبة من المعاني التي أرادها به لقلت: إن جعفر بن محمد لمجنون فحسبك من ذلك ما قد سمعت، فقمت إليه وقبلت رأسه وقلت له: الله أعلم حيث يجعل رسالته(1).

الثاني: شرف الدين النجفي قال: ذكر الشيخ الطوسي (رحمه الله) بإسناده عن رجاله عن نعيم بن حكيم عن أبي مريم الثقفي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: انطلق بي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى بي إلى الكعبة فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منكبي ثم قال لي: انهض فنهضت فلما رأى مني ضعفا قال: اجلس

____________

(1) علل الشرائع: 1 / 173 / باب 139 / ح 1.

الصفحة 284 

فنزل ثم قال لي: يا علي اصعد على منكبي فصعدت على منكبه ثم نهض بي رسول الله وخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: ألق الصنم الأكبر وكان من نحاس موتدا بأوتاد حديد، فقال لي رسول الله: عالجه فعالجته ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال لي:

اقذفه فقذفته فتكسر، فنزلت من فوق الكعبة وانطلقت أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم(1).

____________

(1) أنظر: مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سلمان الكوفي 606.