الباب في معرفة الملائكة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في السماوات من طريق العامة

الصفحة 323 

وفيه خمسة أحاديث

الأول: ابن شهرآشوب من طريق العامة عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: *(ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون)*(1) قال: " كان جبرائيل (عليه السلام) جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) على يمينه إذ أقبل علي بن أبي طالب، فضحك جبرائيل فقال: يا محمد هذا علي بن أبي طالب قد أقبل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرائيل، وأهل السماوات يعرفونه؟

قال: يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا إن أهل السماوات لأشد معرفة له من أهل الأرض، ما كبر تكبيرة في غزوة إلا كبرنا معه، ولا حمل حملة إلا حملنا معه، ولا ضرب بسيف إلا ضربنا معه، إن اشتقت إلى وجه عيسى وعبادته وزهد يحيى وطاعته وملك سليمان وسخاوته فانظر إلى وجه علي ابن أبي طالب، وأنزل الله: *(ولما ضرب ابن مريم مثلا)* يعني شبها لعلي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب شبها لعيسى ابن مريم *(إذا قومك منه يصدون)*(2) يعني يضجون ويعجبون "(3).

الثاني: من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عبد الله بن الحسن الحراني، حدثنا سويد بن سعيد عن حسن عن ابن عباس قال: ذكر عنده علي بن أبي طالب فقال:

إنكم لتذكرون رجلا كان يسمع وطء جبرائيل فوق بيته(4).

الثالث: يحيى بن عبد الحميد بإسناده عن ابن عباس أنه سئل عن علي بن أبي طالب فقال: ما تسألون عن رجل طالما يسمع وقع جبرائيل فوق بيته؟

وروى نحوا منه أحمد في الفضايل وقد خدمه جبرائيل (عليه السلام) في عدة مواضع.

الرابع: كتاب الفتح المبين في كشف اليقين في شرح دوحة المعارف تصنيف أبي عبد الله محمد ابن علي بن الحكيم الترمذي من رجال العامة نقله عن صاحب بحر المعارف قال (صلى الله عليه وآله): " أول

____________

(1) الزخرف: 57.

(2) الزخرف: 57.

(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 74.

(4) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / / 653 / ح 1112.

الصفحة 324 

من اتخذ علي بن أبي طالب أخا من أهل السماء إسرافيل ثم ميكائيل ثم جبرائيل، وأول من أحبه منهم حملة العرش، ثم رضوان خازن الجنة ثم ملك الموت، يترحم على محبي علي بن أبي طالب، كما يترحم على الأنبياء "(1).

الخامس: الترمذي في كتابه هذا قال: في التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري (رضي الله عنه) وعن آبائه الكرام وأجداده العظام: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جيشا ذات يوم لغزاة، وأمر عليا (رضي الله عنه) عليهم، وما بعث جيشا فيهم علي إلا جعله أميرهم، فلما غنموا رغب علي (عليه السلام) أن يشتري من جملة الغنيمة جارية، فجعل ثمنها في جملة الغنائم، وكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي وزايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه نظر إليهما إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك، فلما رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقف بريدة قدام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا رسول الله ألم تر أن ابن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء عن يمينه فقالها، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء عن يساره فقالها فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضبا شديدا لم ير قبله ولا بعده غضب مثله، وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت أعضاؤه وقال: " مالك يا بريدة آذيت رسول الله أما سمعت الله عز وجل: *(إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)*(2) " الآية قال بريدة: يا رسول الله ما علمت إني قصدتك بأذى، قال رسول الله: " أوتظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه، وإن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم، أنت أعلم أم الله عز وجل؟

أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟

أنت أعلم أم ملك الأرحام "؟

قال بريدة: بل الله أعلم، [ قال: أنت أعلم أم ] قراء اللوح المحفوظ أعلم؟ [ أنت أعلم أم ] ملك الأرحام أعلم؟!.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب "؟

قال: بل حفظة علي بن أبي طالب.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله وهذا جبرائيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه خطيئة منذ ولد، وهذا ملك الأرحام حدثني أنهم كتبوا قبل أن

____________

(1) أنظر: المناقب للموافق الخوارزمي: 72 ح 49.

(2) الأحزاب: 57.

الصفحة 325 

يولد حين استحكم في بطن أمه أنه لا يكون له خطيئة أبدا، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ: علي المعصوم من كل خطأ وزلة، فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة من المقربين، يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فإنه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين " إلى أن قال: " هيهات إن قدر علي (عليه السلام) عند الله أعظم من قدره عندكم "(1).

____________

(1) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): 136 / ح 70.