(أبو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام

الصفحة 177 

معرفة ولادته

قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة يوم الثلاثاء لخمس خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث من الهجرة (1)، وعلقت به أمه في سنة ثلاث، بعد ما ولدت الحسن أخوه بخمسين ليلة، وحملت به ستة أشهر فولدته، ولم يولد مولود لستة أشهر غير الحسين وعيسى بن مريم، وقيل: يحيى بن زكريا (2).

وكان مقامه مع جده ست سنين وأربعة أشهر، وبعد جده مع أبيه تسعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، ومع أخيه بعد أبيه عشر سنين وعشرة أشهر، وبعد أخيه أيام إمامته بقية ملك معاوية ومن أيام يزيد وهي عشر سنين وستة أشهر، وصار إلى كرامة الله (عز وجل) وقد كمل عمره سبعا وخمسين سنة في عام الستين من الهجرة، في المحرم يوم عاشوراء، وهو يوم الاثنين.

____________

(1) في إعلام الورى: 215، قال: وقيل ولد آخر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة. والذي عليه سائر المصادر أنه (عليه السلام) ولد لثلاث أو خمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وهو الموافق لما تقدم في تاريخ ميلاد الإمام الحسن (عليه السلام). انظر: الارشاد: 198، إعلام الورى: 214 - 215، مناقب ابن شهرآشوب 4: 76، سير أعلام النبلاء 3: 280.

(2) مثير الأحزان: 16، الكافي 1: 386 / 4 وليس فيه يحيى بن زكريا.

الصفحة 178 

وكان بينه وبين أخيه ستة أشهر (1).

وكان أشبه الناس بالنبي (صلى الله عليه وآله) ما بين الصدر إلى الرجلين (2).

وقتل بكربلاء غربي الفرات، قتله عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن بأمر يزيد بن معاوية، أتوه ومعهم اثنان وثلاثون أميرا، وأربعة عشر ألف فارس وراجل، وأصحاب الحسين (عليه السلام) يومئذ اثنان وثلاثون فارسا، وأربعون راجلا، منهم ثمانية وعشرون من رهط بني عبد المطلب، والباقون من سائر الناس.

وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): وجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وأربعون ضربة ووجد في جبة خز دكناء كانت عليه مائة خرق وبضعة عشر خرقا، وما بين طعنة وضربة ورمية (3).

وروي: مائة وعشرون.

رجع الحديث

وإن الله (عز وجل) أهبط إليه أربعة آلاف ملك، وهم الذين هبطوا عل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، وخير بين النصر وبين (4) لقاء رسول الله، فاختار لقاء رسول الله، فأمرهم الله (تعالى) بالمقام عند قبره، فهم شعث غبر ينتظرون قيام القائم (عليه السلام).

وروي أنه ما رفع حجر في ذلك اليوم إلا ووجد تحته دما عبيطا (5).

____________

(1) إعلام الورى: 215. المناقب لابن شهرآشوب 4: 76.

(2) سنن الترمذي 5: 660 / 3779، مسند أحمد بن حنبل: 1: 99، الذرية الطاهرة: 104 / 101، الارشاد:

198.

(3) مثير الأحزان: 76.

(4) في " ع، م ": خير بالنصر على أعدائه أو.

(5) نحوه في كامل الزيارات: 77 / 3، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 61، وإعلام الورى: 220، وتذكرة الخواص: 274، وكفاية الطالب: 444، والصواعق المحرقة: 194، وينابيع المودة: 357.

الصفحة 179 

وقال يزيد بن أبي زياد: كنت ابن أربع عشرة سنة حين قتل الحسين (عليه السلام)، فقطرت السماء دما، وصار على رؤوس الناس الدم، وأصبح كل شئ (1) ملآن دما (2).

رجع الحديث

قال: إن الله (عز وجل) هنأ نبيه بحمل الحسين وولادته، وعزاه بمصابه وقتله، فعرف ذلك لفاطمة (عليها السلام)، فكرهت حمله وولادته حزنا عليه للمصيبة، فأنزل الله (جل اسمه):

* (حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (3) وليس هذا في سائر الناس لأن حمل النساء تسعة أشهر، والرضاع حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وهي أربعة وعشرون شهرا، ومن النساء من تلد لسبعة أشهر، فيكون مع حولي الرضاع أحدا وثلاثين شهرا، وإن المولد لا يعيش لست ولا لثمان، وإن مولد الحسين (عليه السلام) كان لستة أشهر، ورضاعه أربعة وعشرون شهرا (4).

وقالت أم الفضل بنت الحارث: دخلت على رسول الله فقلت: يا رسول الله، إني رأيت حلما منكرا الليلة. قال: وما هو؟

قلت: إنه شديد. قال: وما هو؟

قلت: رأيت كان قطعة من جسدك انقطعت ووضعت في حجري.

فقال: خيرا رأيت، تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري كما قال: فدخلت به يوما عليه، فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة إليه (صلى الله عليه وآله)، فإذا عيناه تهرقان بالدموع، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، مالك؟

قال: هذا جبرئيل أخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا. فقلت: هذا؟

____________

(1) في " ط ": وعاء.

(2) البحار 45: 216، الصواعق المحرقة: 194 نحوه.

(3) الأحقاف 46: 15.

(4) الهداية الكبرى: 202، مناقب ابن شهرآشوب 4: 50 " قطعة منه ".

الصفحة 180 

قال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء (1).

وقال: إن أم سلمة أخرجت يوم قتل الحسين بكربلاء، وهي بالمدينة قارورة فيها دم (2)، فقالت: قتل - والله - الحسين. فقيل لها: من أين علمت (3)؟ قالت: دفع إلي رسول الله من تربته، وقال لي: إذا صار هذا دما فاعلمي أن ابني قد قتل، فكان كما قالت (4).

قبره (عليه السلام)

وقبره في البقعة المباركة، والربوة التي هي (5) ذات قرار ومعين، بطف كربلاء، بين نينوى والغاضرية، من قرى النهرين.

نسبه وتسميته (عليه السلام)

هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

وسماه في التوراة شبيرا، وهارون بن عمران لما سمع في التوراة (6) أن الله سمى الحسن والحسين سبطي محمد: شبرا وشبيرا سمى ابنيه بهذين الاسمين.

ويكنى:

أبا عبد الله.

____________

(1) الارشاد: 250.

(2) في " ط ": قارورة فإذا هي دم عبيط.

(3) في " ط ": انى علمت.

(4) إرشاد المفيد: 251 والبحار 45: 231 / 3 نحوه.

(5) (التي هي) ليس في " ع، م ".

(6) (في التوراة) ليس في " ط، ع ".

الصفحة 181 

 

ولقبه:

السبط وهو (1) الشهيد، والرشيد، والطيب، والوفي، والتابع لمرضاة الله، والدليل على ذات الله، والمطهر، والسيد، والمبارك، والبر، وسبط رسول الله، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، وأحد الكاظمين (2).

[نقش خاتمه (عليه السلام)]

وكان له خاتمان، فص أحدهما عقيق نقشه: إن الله بالغ أمره.

وعلى الخاتم الذي أخذ من يده يوم قتل: لا إله إلا الله عدة لقاء الله.(3)

من تختم بمثلهما كانا له حرزا من الشيطان.

وبوابه:

رشيد الهجري (رضي الله عنه) (4).

ذكر ولده (عليه السلام)

علي الأكبر قتل معه، وعلي الإمام زين العابدين، وعلي الأصغر، ومحمد، وعبد الله الشهيد، وجعفر، وله من البنات: زينب وسكينة وفاطمة (5).

[معجزاته (عليه السلام)]

96 / 1 - قال أبو جعفر: حدثنا محروز بن منصور، عن أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي قال: حدثنا عباس بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، قال:

لقيت (6) الحسين بن علي وهو يخرج إلى العراق، فقلت له: يا بن رسول الله، لا تخرج.

قال: فقال لي: يا بن عباس، أما علمت أن منيتي من هناك، وأن مصارع

____________

(1) في " ط ": السبط الثاني و.

(2) مناقب ابن شهرآشوب 4: 78، تذكرة الخواص: 232، كشف الغمة 2: 4.

(3) الكافي 6: 474 / 8، أمالي الصدوق 113 / 7.

(4) تاريخ الأئمة: 32، مناقب ابن شهرآشوب 4: 77.

(5) تاريخ الأئمة: 18، الارشاد: 253، مناقب ابن شهرآشوب 4: 77.

(6) في " ط ": أتيت.

الصفحة 182 

أصحابي هناك؟!

فقلت له: فأنى لك ذلك؟ قال: بسر سر لي، وعلم أعطيته (1).

97 / 2 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوى، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: أخبرني أنه كان مع زهير بن القين حين صحب الحسين (عليه السلام)، فقال له: يا زهير، إعلم أن ها هنا مشهدي، ويحمل هذا من جسدي - يعني رأسه - زحر بن قيس، فيدخل به على يزيد يرجو نواله (2)، فلا يعطيه شيئا (3).

98 / 3 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الأعمش، قال: قال لي أبو محمد الواقدي وزرارة بن جلح:

لقينا الحسين بن علي (عليهما السلام) قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث ليال، فأخبرناه بضعف الناس في الكوفة، وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء ونزل من الملائكة عدد لا يحصيهم إلا الله، وقال:

لولا تقارب الأشياء وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم علما أن من هناك مصعدي وهناك مصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي علي (4).

99 / 4 - قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن جنيد عن أبيه جنيد بن سالم بن جنيد، عن راشد بن مزيد، قال:

شهدت الحسين بن علي (عليه السلام) وصحبته من مكة حتى أتينا القطقطانة (5)، ثم استأذنته في الرجوع، فأذن لي، فرأيته وقد استقبله سبع عقور فكلمه، فوقف له فقال:

ما حال الناس بالكوفة؟

قال: قلوبهم معك وسيوفهم عليك.

____________

(1) إثبات الهداة 5: 205 / 66، مدينة المعاجز: 238 / 12.

(2) في " ع، م ": ويرجو نائله، وكلاهما بمعنى.

(3) إثبات الهداة 5: 206 / 67، مدينة المعاجز: 238 / 14.

(4) نوادر المعجزات: 107 / 1، اللهوف في قتلى الطفوف: 26، إثبات الهداة 5: 206 / 68، مدينة المعاجز: 238.

(5) القطقطانة: موضع في الطف، انظر " معجم البلدان 4: 374 ".

الصفحة 183 

قال: ومن خلفت بها؟

قال: ابن زياد، وقد قتل مسلم بن عقيل.

قال: وأين تريد؟ قال: عدن.

قال له: أيها السبع، هل عرفت (1) ماء الكوفة؟ قال: ما علمنا من علمك إلا ما (2) زودتنا.

ثم انصرف وهو يقول: وما ربك بظلام للعبيد، قال: كرامة من ولي وابن ولي (3).

100 / 5 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سعيد ابن شرفي بن القطان (4)، عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان، قال:

شهدت الحسين بن علي (عليهما السلام) وقد اشتهى عليه ابنه علي الأكبر عنبا في غير أوانه، فضرب يده إلى سارية المسجد فأخرج له عنبا وموزا فأطعمه، وقال: ما عند الله لأوليائه أكثر (5).

101 / 6 - قال أبو جعفر: وحدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح السمان (6) يقول: سمعت حذيفة يقول: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول:

والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية، ويقدمهم عمر بن سعد. وذلك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، فقلت له: أنبأك بهذا رسول الله؟ فقال لا. فأتيت النبي فأخبرته،

____________

(1) في " ع ": أحرت، وفي " م ": أحرت من، حار: رجع " المعجم الوسيط - حور - 1: 205 ".

(2) في " ع، م ": وبما.

(3) في النوادر: أشهد الله أنك ولي وابن ولي.

نوادر المعجزات: 107 / 2، إثبات الهداة 5: 206 / 69، مدينة المعاجز: 238 / 15.

(4) في " ع، ط ": القطامي.

(5) الحديث ليس في " ع ".

نوادر المعجزات: 108 / 3، إثبات الهداة 5: 206 / 70، مدينة المعاجز: 238 / 16.

(6) في " ع، ط ": التمار، وفي " م ": السماد، وكلاهما تصحيف، وهو ذكوان أبو صالح السمان الزيات، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة، روى عن جماعة من الصحابة، وروى عنه سليمان الأعمش، راجع تهذيب الكمال 8:

513.

الصفحة 184 

فقال: علمي علمه، وعلمه علمي، وإنا لنعلم (1) بالكائن قبل كينونته (2).

102 / 7 - قال أبو جعفر: حدثنا يزيد بن مسروق، قال: حدثنا عبد الله بن مكحول، عن الأوزاعي، قال:

بلغني خروج الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) إلى العراق، فقصدت مكة فصادفته بها، فلما رآني رحب بي وقال: مرحبا بك يا أوزاعي، جئت تنهاني عن المسير، وأبى الله (عز وجل) إلا ذلك، إن من ها هنا إلى يوم الاثنين منيتي (3) فسهدت في عد الأيام، فكان كما قال (4).

103 / 8 - قال أبو جعفر: حدثنا عيسى بن (5) ماهان بن معدان، قال: حدثنا أبو جابر كيسان بن جرير، عن أبي النباخ (6) محمد بن يعلى، قال:

لقيت الحسين بن علي (عليه السلام) على ظهر الكوفة وهو راحل مع الحسن يريد معاوية، فقلت: يا أبا عبد الله أرضيت؟

فقال: شقشقة هدرت، وفورة ثارت، وعربي منحى، وسم ذعاف (7)، وقيعان بالكوفة وكربلاء، إني والله لصاحبها، وصاحب ضحيتها، والعصفور في سنابلها (8)، إذا تضعضع نواحي الجبل بالعراق، وهجهج كوفان الوهل (9)، ومنع البر جانبه، وعطل

____________

(1) في " ع، م ": لأنه لا علم.

(2) نوادر المعجزات: 109 / 5، فرج المهموم: 227 عن الدلائل، إثبات الهداة 5: 207 / 71.

(3) في " ع، م ": مبعثي.

(4) نوادر المعجزات: 108 / 4، إثبات الهداة 5: 207 / 72، مدينة المعاجز: 238 / 18.

(5) في " ط " زيادة: معاذ.

(6) في " ع، م ": أبو جابر كيسان بن حريز، عن أبي التفاح.

(7) الذعاف: السم يقتل من ساعته " المعجم الوسيط 1: 312 ".

(8) في " ع، م ": أسبالها.

(9) الظاهر أن المراد: زجر كوفان ورد أهلها الفزع والخوف. انظر " النهاية - وهل - 5: 233، لسان العرب - هجج - 2: 386 ".

الصفحة 185 

بيت الله الحرام، وأزحف (1) الوقيذ (2)، وقدح (3) الهبيذ (4)، فيالها من زمر أنا صاحبها، إيه إيه أنى وكيف! ولو شئت لقلت أين أنزل، وأين أقيم.

فقلنا: يا بن رسول الله، ما تقول؟

قال: مقامي بين أرض وسماء، ونزولي حيث حلت الشيعة الأصلاب، والأكباد الصلاب، لا يتضعضعون للضيم، ولا يأنفون من الآخرة معضلا يحتافهم (5) أهل ميراث علي وورثة بيته (6).

104 / 9 - وروى هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسين (عليه السلام) لغلمانه: لا تخرجوا يوم كذا وكذا، اليوم قد سماه، واخرجوا يوم الخميس، فإنكم إن خالفتموني قطع عليكم الطريق، فقتلتم، وذهب ما معكم.

وكان قد أرسلهم إلى ضيعة له، فخالفوه وأخذوا طريق الحرة فاستقبلهم خصوص فقتلوهم كلهم، فدخل على الحسين (عليه السلام) والي المدينة (7) من ساعته، فقال له: قد بلغني قتل غلمانك ومواليك، فآجرك الله فيهم.

فقال: أما إني أدلك على من قتلهم، فاشدد يدك بهم.

قال: وتعرفهم؟!

قال: نعم، كما أعرفك، وهذا منهم. لرجل جاء معه (8)، فقال الرجل: يا بن

____________

(1) أزحف: أعيا، وانتهى إلى غاية ما طلب " أقرب الموارد - زحف - 1: 458. وفي " ط ": أرجف، أي خفق واضطرب اضطرابا شديدا " لسان العرب - رجف - 9: 112 ".

(2) الوقيذ: البطئ الثقيل، أو الذي غلبه النعاس، أو الذي يغشى عليه لا يدرى أميت أم لا " لسان العرب - وقذ - 3: 519 ".

(3) في " ع، م ": الرقاد واقدح.

(4) الهبيذ: المسرع " لسان العرب - هبذ - 3: 517 ".

(5) يحتافهم: من الحتف وهو الهلاك " المعجم الوسيط - حتف - 1: 154 ".

(6) إثبات الهداة 5: 207 / 73، مدينة المعاجز: 238 / 19.

(7) " ع، م ": ثم دخل إلى الوالي بالمدينة.

(8) (لرجل جاء معه) ليس في " ع، م ".

الصفحة 186 

رسول الله، كيف عرفتني وما كنت فيهم (1)؟!

قال: إن صدقتك تصدق (2)؟ قال: نعم، والله لأفعلن (3).

قال: أخرجت معك فلانا وفلانا. فسماهم بأسمائهم كلهم، وفيهم أربعة من موالي الوالي، والبقية من حبشان (4) أهل المدينة، قال الوالي: ورب القبر والمنبر، لتصدقني أو لأنشرن لحمك بالسياط. قال: والله ما كذب الحسين، كأنه كان معنا.

قال: فجمعهم الوالي فأقروا جميعا (5)، فأمر بهم فضربت أعناقهم (6).

105 / 10 - وروى الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خرج الحسين بن علي (عليه السلام) في بعض أسفاره ومعه رجل من ولد الزبير بن العوام يقول بإمامته، فنزلوا في طريقهم بمنزل (7) تحت نخلة يابسة، قد يبست من العطش، ففرش الحسين (عليه السلام) تحتها، وبإزائه نخلة أخرى عليها رطب، فرفع يده ودعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النخلة وعادت (8) إلى حالها، وأورقت وحملت رطبا، فقال الجمال الذي اكترى منه: هذا سحر والله، فقال الحسين (عليه السلام): ويلك، إنه ليس بسحر، ولكن (9) دعوة ابن نبي مستجابة.

قال: ثم صعدوا النخلة فجنوا منها ما كفاهم جميعا (10).

106 / 11 - وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن

____________

(1) في " ع، م ": ما أنا منهم.

(2) في " ط ": أتصدق.

(3) في " ط ": لأصدقن.

(4) الحبش والحبشان: جنس من السودان " لسان العرب - حبش - 6: 278 ". في " ط ": سائر.

(5) في " ع ": أجمعين.

(6) الهداية الكبرى: 205، الخرائج والجرائح 1: 247 / 3، الصراط المستقيم 2: 178 / 3.

(7) في " ع، م ": من تلك المنازل.

(8) في " ع، م ": وصارت.

(9) في " ط ": ولكنها.

(10) في " ع، م ": فصعدوا إلى النخلة حتى حووا منها كلهم فكفاهم، عيون المعجزات: 62، إثبات الهداة 5:

207 / 74، مدينة المعاجز: 239 / 22.

الصفحة 187 

القاسم، عن صباح المزني، عن صالح بن ميثم الأسدي، قال: دخلت أنا وعباية بن الربعي على امرأة من بني والبة، قد احترق وجهها من السجود، فقال لها عباية: يا حبابة، هذا ابن أخيك.

قالت: وأي أخ؟ قال: صالح بن ميثم.

فقالت: ابن أخي والله حقا، يا بن أخي ألا أحدثك بحديث سمعته من الحسين ابن علي (عليهما السلام)؟

قال: قلت: بلى يا عمة.

قالت: كنت زوارة الحسين بن علي (عليهما السلام)، فحدث بين عيني وضح، فشق ذلك علي واحتبست عنه أياما، فسأل عني: ما فعلت حبابة الوالبية؟ فقالوا: إنها حدث بها حدث بين عينيها. فقال لأصحابه: قوموا حتى ندخل عليها. فدخل علي في مسجدي هذا، وقال: يا حبابة، ما بطأ بك علي؟

قلت: يا بن رسول الله ما ذلك الذي منعني إن لم أكن اضطررت إلى المجئ إليك اضطرارا، لكن حدث هذا بي. وكشفت القناع فتفل عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) وقال: يا حبابة، أحدثي لله شكرا، فإن الله قد ذاده (1) عنك.

قالت: فخررت ساجدة، فقال: يا حبابة ارفعي رأسك وانظري في مرآتك.

قالت: فرفعت رأسي فلم أجد منه شيئا.

قالت: فحمدت الله وقال لي: يا حبابة نحن وشيعتنا على الفطرة، وسائر الناس منها براء (2).

107 / 12 - وروى أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي إسماعيل (3)، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ذكرنا (4) خروج الحسين (عليه السلام) وتخلف ابن الحنفية عنه، فقال: يا حمزة، إني سأحدثك من هذا الحديث بما لا تشك

____________

(1) ذاده عنه: طرده ودفعه " المعجم الوسيط 1: 317 "، وفي " ع ": ذواه.

(2) بصائر الدرجات: 291 / 6، الثاقب في المناقب: 324 / 267، مدينة المعاجز: 239 / 21.

(3) في بصائر الدرجات واللهوف: عن مروان بن إسماعيل.

(4) في " ط ": ذكرت.

الصفحة 188 

فيه بعد مجلسنا هذا، إن الحسين (صلوات الله عليه) لما فصل متوجها إلى العراق دعا بقرطاس وكتب فيه:

" بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى بني هاشم، أما بعد، فإنه من لحق بي استشهد، ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح والسلام " (1).

108 / 13 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد ابن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن الحسين الهاشمي قدم علينا من مصر، قال: حدثني القاسم بن منصور الهمداني بدمشق، عن عبد الله بن محمد التميمي، عن سعد بن أبي طيران (2)، عن الحارث بن وكيدة، قال:

كنت فيمن حمل رأس الحسين، فسمعته يقرأ سورة الكهف، فجعلت أشك في نفسي وأنا أسمع نغمة أبي عبد الله، فقال لي: يا بن وكيدة، أما علمت أنا معشر الأئمة أحياء عند ربنا نرزق؟

قال: فقلت في نفسي: أسرق رأسه، فنادى: يا بن وكيدة، ليس لك إلى ذاك سبيل، سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييرهم رأسي (3)، فذرهم فسوف يعلمون، إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (4).

109 / 14 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد ابن همام، عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لما منع الحسين (صلوات الله عليه) وأصحابه الماء نادى فيهم: من كان ظمآن فليجئ. فأتاه أصحابه رجلا رجلا فجعل إبهامه في راحة واحدهم (5) فلم يزل يشرب الرجل بعد الرجل حتى

____________

(1) بصائر الدرجات: 501 / 5، كامل الزيارات: 75 / 15 " نحوه "، نوادر المعجزات: 109 / 6، مناقب ابن شهرآشوب 4: 76، اللهوف في قتلى الطفوف: 28 عن كتاب الرسائل للكليني، مختصر بصائر الدرجات: 6.

(2) في " ط ": خيران.

(3) في " ع، م ": إياي.

(4) تضمين من سورة غافر 40: 71، نوادر المعجزات: 110 / 7، مدينة المعاجز: 239 / 24.

(5) في " ط ": في فم واحد.

الصفحة 189 

ارتووا كلهم (1)، فقال بعضهم لبعض: والله، لقد شربت شرابا ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا.

فلما قاتلوا الحسين، وكان في اليوم الثالث عند المغرب، أقعد الحسين رجلا رجلا منهم فيسميهم بأسماء آبائهم، فيجيبه الرجل بعد الرجل، فيقعدون حوله، ثم يدعو بالمائدة فيطعمهم ويأكل معهم من طعام الجنة، ويسقيهم من شرابها.

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): والله، لقد رآهم عدة من الكوفيين ولقد كرر عليهم لو عقلوا.

قال: ثم أرسلهم فعاد كل واحد منهم إلى بلاده، ثم أتى جبل (2) رضوي، فلا يبقى أحد من المؤمنين إلا أتاه، وهو (3) على سرير من نور، قد حف به إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الأنبياء، ومن ورائهم المؤمنون، ومن ورائهم الملائكة ينظرون ما يقول الحسين (صلوات الله عليه).

قال: فهم بهذه الحال إلى أن يقوم القائم (عليه السلام)، فإذا قام القائم وافوا فيما بينهم الحسين (عليه السلام) حتى يأتي كربلاء، فلا يبقى أحد سماوي ولا أرضي من المؤمنين إلا حف به، يزوره (4) ويصافحه ويقعد معه على السرير.

يا مفضل، هذه والله الرفعة التي ليس فوقها شئ ولا دونها شئ (5)، ولا وراءها لطالب مطلب (6).

110 / 15 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن الطبرستاني (7)، قال حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني، عمن حدثه عن

____________

(1) (كلهم) ليس في " ع، م ".

(2) في " ع، م ": بجبال.

(3) في " ط ": وسيقيم هنالك.

(4) في " ع، م ": إلا حفوا بالحسين (عليه السلام).

(5) (ولا دونها شئ) ليس في " ع، م ".

(6) نوادر المعجزات: 111 / 8، مدينة المعاجز: 239 / 25.

(7) في " م ": الطوستاني.

الصفحة 190 

أبي جعفر (عليه السلام). قال:

لما ولد الحسين (عليه السلام) هبط جبرئيل في ألف ملك يهنون النبي بولادته، وكان ملك يقال له (فطرس) في جزيرة من جزائر البحر بعثه الله في أمر من أموره فأبطأ عليه، فكسر جناحه وأزاله (1) عن مقامه، وأهبطه (2) إلى تلك الجزيرة، فمكث فيها خمسمائة عام، وكان صديقا لجبرئيل، فلما مضى قال له: أين تريد؟ قال له: ولد للنبي مولود في هذه الليلة، فبعثني الله في ألف ملك لأهنئه.

قال: احملني إليه لعله يدعو لي.

فلما أدى جبرئيل الرسالة ونظر النبي إلى فطرس، قال له: يا جبرئيل، من هذا؟ فأخبره بقصته فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: امسح جناحك على المولود. يعني الحسين (عليه السلام)، فمسح جناحه فعاد إلى حالته، فلما نهض قال له النبي (صلى الله عليه وآله): الزم أرض كربلاء وأخبرني بكل مؤمن رأيته زائرا إلى يوم القيامة.

قال: فذلك الملك يسمى (عتيق الحسين (عليه السلام)) (3).

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.

____________

(1) في " م ": أزيل.

(2) في " م ": وأهبط.

(3) عيون المعجزات: 68، ونحوه في روضة الواعظين: 155 وأمالي الصدوق: 118 / 8 وبشارة المصطفى:

219 والخرائج والجرائح 1: 252 / 6، والثاقب في المناقب: 338 / 284.