الباب في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة

الصفحة 59   

وفيه ثمانية عشر حديثا

الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبو القاسم الحسيني قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حسان قال: حدثنا محمد بن مروان عن عبيد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله تعالى *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول تبارك وتعالى لي ولك: قوما فألقيا من أبغضكما وكذبكما في النار "(1).

الثاني: علي بن إبراهيم أيضا قال: حدثنا أبي عن عبد الله بن المغيرة الخزاز عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا سألتم الله فاسألوه إلي الوسيلة، فسألنا النبي (صلى الله عليه وآله) عن الوسيلة فقال: هي درجتي في الجنة وهي ألف مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة لؤلؤ إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين، فهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا شهيد ولا صديق إلا قال: طوبى لمن هذه درجته، فينادي المنادي ويسمع النداء جميع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين: هذه درجة محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأقبل يومئذ مؤتزرا بريطة من نور، على رأسي تاج الملك مكتوب عليه، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله المفلحون هم الفائزون بالله، فإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان، وإذا مررنا بالملائكة قالوا: هذان ملكان لم نعرفهما ولم نرهما، أو قالوا: هذان نبيان مرسلان، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني حتى إذا صرت في أعلى درجة منها وعلي أسفل مني وبيده لوائي، فلا يبقى يومئذ نبي ولا مؤمن إلا رفعوا رؤوسهم إلي يقولون: طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله فينادي المنادي يسمع النبيين وجميع الخلائق: هذا حبيبي محمد، وهذا وليي علي بن أبي طالب، طوبى لمن أحبه وويل لمن أبغضه

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 324.

الصفحة 60   

وكذب عليه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح(1) إلى هذا الكلام وأبيض وجهه وفرح قلبه، ولا يبقى أحد ممن عاداك ونصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا أسود وجهه واضطربت قدماه، فبينا أنا كذلك إذا بملكين قد أقبلا [ إلي ] أما أحدهما فرضوان خازن الجنان، وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو إلي رضوان فيسلم علي ويقول:

السلام عليك يا نبي الله، فأرد عليه السلام فأقول: من أنت أيها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم على ربه؟

فيقول: أنا رضوان خازن الجنة أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح الجنة، فخذها يا رسول الله(2)، فأقول: [ قد ] قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي، فادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، فيدفعها إليه ويرجع رضوان.

ثم يدنو مالك خازن النار فيسلم علي ويقول: السلام عليك يا حبيب الله، فأقول له: وعليك السلام أيها الملك، ما أنكر رؤيتك وأقبح وجهك! من أنت؟

فيقول: أنا مالك خازن النار أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح النار، فأقول: قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي وفضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، فيدفعها إليه، ثم يرجع مالك فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقعد على حجرة(3) جهنم ويأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها واشتد حرها [ وكثر شرارها ] فتنادي جهنم: يا علي جزني فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها علي: أقري يا جهنم، ذري هذا وليي، وخذي هذا عدوي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه فإن شاء يذهب به يمنة وإن شاء يذهب به يسرة ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق، وذلك أن عليا [ يومئذ ] قسيم الجنة والنار "(4).

الثالث: الشيخ في أماليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله عز وجل *(القيا في جهنم كل كفار عنيد مناع)* قال: " نزلت في وفي علي بن أبي طالب، وذلك إنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي ؤ وكساني وكساك يا علي. ثم قال لي ولك يا علي: ألقيا في جهنم كل من أبغضكما وأدخلا

____________

(1) أي وجد الراحة واللذة.

(2) في المصدر: يا محمد.

(3) في المصدر: يقف على شفير.

(4) تفسير القمي: 2 / 326، وتأويل الآيات: 1 / 148.

الصفحة 61   

الجنة كل من أحبكما، فإن ذلك هو المؤمن "(1).

الرابع: محمد بن يعقوب عن أحمد بن مهران عن محمد بن علي ومحمد بن يحيى عن أحمد ابن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم "(2).

الخامس: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد بن محمد بن جمهور القمي عن محمد بن سنان قال: حدثنا المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) ثم ذكر الحديث(3).

السادس: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد ابن الوليد شباب الصيرفي قال: حدثنا سعيد الأعرج قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر الحديث إلى أن قال (عليه السلام): " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم "(4).

السابع: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا أبو العباس القطان قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا عبد الله بن داهر قال: حدثنا أبي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): لم صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قسيم الجنة والنار؟

قال: " لأن حبه إيمان وبغضه كفر، وإنما خلقت الجنة لأهل الإيمان وخلقت النار لأهل الكفر، فهو (عليه السلام) قسيم الجنة والنار لهذه العلة، فالجنة لا يدخلها إلا أهل محبته، والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه " قال المفضل فقلت: يا بن رسول الله فالأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) كانوا يحبونه وأعداؤهم كانوا يبغضونه؟

قال: " نعم ".

قلت: فكيف ذلك؟

قال: " أما علمت أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ما يرجع حتى يفتح الله على يديه، فدفع الراية إلي علي (عليه السلام) ففتح الله عز وجل على

____________

(1) أمالي الطوسي: 368 / مجلس 13 / ح 33.

(2) أصول الكافي: 1 / 196 ح 1.

(3) المصدر السابق: 1 / 197.

(4) المصدر السابق: ح 2.

الصفحة 62   

يديه "؟

قلت: بلى.

قال: " أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أتي بالطائر المشوي قال: اللهم ايتني بأحب خلقك إليك وإلي يأكل معي من هذا الطائر، وعني به عليا (عليه السلام) "؟

قلت: بلى.

قال: " فهل يجوز أن لا يحب أنبياء الله ورسله وأوصياؤهم رجلا يحبه الله ورسوله "؟

فقلت له: لا.

قال: " فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أمتهم لا يحبون حبيب الله ورسوله وأنبياءه (عليهم السلام) "؟

قلت: لا.

قال: " فقد ثبت أن جميع أنبياء الله ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعلي بن أبي طالب محبين، وثبت أن أعداءهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبتهم مبغضين "؟

قلت: نعم.

قال: " فلا يدخل الجنة إلا من أحبه من الأولين والآخرين، ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين، فهو إذا قسيم الجنة والنار ".

قال المفضل بن عمر فقلت: يا بن رسول الله فرجت عني فرج الله عنك فزدني مما علمك الله.

قال: " سل يا مفضل ".

قلت له: يا بن رسول الله فعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يدخل محبه الجنة ومبغضه النار أو رضوان ومالك؟

فقال: " يا مفضل أما علمت أن الله تبارك وتعالى بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو روح إلى الأنبياء (عليهم السلام) وهم أرواح قبل أن يخلق الخلق بألفي عام "؟

قلت: بلى.

قال: " أما علمت أنه دعاهم إلى توحيد الله وطاعته واتباع أمره ووعدهم الجنة على ذلك، وأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار "؟

قلت: بلى.

قال: " أوليس النبي (صلى الله عليه وآله) ضامن لما وعد وأوعد عن ربه عز وجل "؟

قلت: بلى.

الصفحة 63   

قال: " أوليس علي بن أبي طالب خليفته وإمام أمته "؟

قلت: بلى.

قال: " أوليس رضوان ومالك من جملة الملائكة، والمستغفرين لشيعته الناجين بمحبته "؟

قلت: بلى.

قال: " فعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إذا قسيم الجنة والنار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر الله تبارك وتعالى، يا مفضل خذ هذا فإنه من مخزون العلم ومكنونه، لا تخرجه إلا إلى أهله "(1).

الثامن: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن عرفة بسر من رأى قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا محمد بن إسرائيل قال: حدثنا أبو صالح عن أبي ذر (رحمه الله) قال: كنت أنا وجعفر بن أبي طالب (عليه السلام) مهاجرين إلى بلاد الحبشة فأهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي (عليه السلام) تخدمه، فجعلها علي (عليه السلام) في منزل فاطمة، فدخلت فاطمة (عليها السلام) يوما فنظرت إلى رأس علي (عليه السلام) في حجر الجارية فقالت: " يا أبا الحسن فعلتها "؟

فقال (عليه السلام): " لا والله يا بنت محمد، ما فعلت شيئا فما الذي تريدين "؟

فقالت (عليها السلام): " تأذن لي في المسير إلى منزل أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".

فقال لها: قد أذنت لك، فتجلببت بجلبابها وتبرقعت ببرقعها وأرادت النبي (صلى الله عليه وآله) فهبط جبرائيل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: إن هذه فاطمة قد أقبلت إليك تشكو عليا فلا تقبل منها في علي شيئا، فدخلت فاطمة فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): " جئت تشكين عليا؟ " قالت: " أي ورب الكعبة " فقال: " ارجعي إليه فقولي له: رغم أنفي لرضاك " فرجعت إلى علي (عليه السلام) فقالت له: " يا أبا الحسن رغم أنفي لرضاك " تقولها ثلاثا فقال علي (عليه السلام): " تشكينني(2) إلى خليلي وحبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وا سوأتاه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أشهد الله يا فاطمة أن الجارية حرة لوجه الله وأن الأربعمائة الدرهم التي فضلت من عطائي صدقة على فقراء المدينة " ثم تلبس وانتعل وأراد النبي فهبط جبرائيل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك: قل لعلي قد أعطيتك الجنة بعتقك الجارية في رضا فاطمة والنار بالأربعمائة الدرهم التي تصدقت بها، فأدخل الجنة من شئت برحمتي(3)، فعندها قال علي (عليه السلام): " أنا قسيم الله بين الجنة والنار "(4).

____________

(1) علل الشرايع: 1 / 162 / باب 130 / ح 1.

(2) في المصدر: شكوتيني.

(3) في المصدر: بعفوي.

(4) علل الشرائع: 1 / 164 ح 2 باب 130.

الصفحة 64   

التاسع: الشيخ في أماليه عن أبي محمد الفحام قال: حدثني عمي قال: حدثني إسحاق بن عبدوس قال: حدثني محمد بن بهار بن عمار قال: حدثنا زكريا بن يحيى عن جابر عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عن أمير المؤمنين قال: " أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) وعنده أبو بكر وعمر، فجلست بينه وبين عائشة فقالت لي عائشة: ما وجدت إلا فخذي أو فخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

فقال (صلى الله عليه وآله): مه يا عائشة لا تؤذيني في علي فإنه أخي في الدنيا وأخي في الآخرة، وهو أمير المؤمنين، يجعله الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار "(1).

العاشر: الشيخ في أماليه قال أبو محمد الفحام: وفي هذا المعنى حدثني أبو الطيب محمد بن فرحان الدوري قال: حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان قال: حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش عن ابن المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): " يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما وأدخلا النار من أبغضكما وذلك قوله *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* "(2).(3)

الحادي عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عمر العسكري بالمصيصة قال: حدثنا عبد الله بن الهيثم عن عبد الله الأنماطي البغدادي بحلب قال: حدثنا الحسن بن سعيد النخعي بن عم شريك قال: حدثني شريك بن عبد الله القاضي قال: حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وسألوه عن حاله، فذكر ضعفا شديدا وذكر ما يتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى فأقبل عليه أبو حنيفة فقال: يا أبا محمد اتق الله وانظر نفسك فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها لكان خيرا لك، قال الأعمش: مثل ماذا يا نعمان؟ قال: مثل حديث عباية: أنا قسيم النار، قال: ولمثلي تقول يا يهودي؟ أقعدوني وسندوني، أقعدوني، حدثني - والذي إليه مصيري - موسى بن ظريف ولم أر أسديا كان خيرا منه قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي فقال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: " أنا قسيم النار أقول: هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه "، وحدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج وكان يشتم عليا شتما مقذعا - يعني الحجاج - عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا كان يوم القيامة يأمر الله عز وجل فأقعد أنا وعلي بن أبي طالب على الصراط ويقال

____________

(1) أمالي الطوسي 290 / 562.

(2) سورة ق: 24.

(3) أمالي الطوسي: 290 / 563.

الصفحة 65   

لنا: أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما ".

قال أبو سعيد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتول - أو قال - لم يحب عليا " وتلا *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)*(1) قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال: قوموا بنا لا يجيئنا أبو محمد بأطم من هذا. قال الحسين بن سعيد قال لي شريك بن عبد الله فما أمسى - يعني الأعمش - حتى فارق الدنيا.(2)

الثاني عشر: أبو عبد الله في الأحاديث الأربعين عن أربعين صحابيا قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي طالب هموسة الفزاري المقري قال: حدثنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسني الحافظ إملاء، أخبرنا أبو نصر أحمد بن مروان بن عبد الوهاب المقرئ المعروف بالخباز بقراءتي عليه، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الله الطبري المقرئ المعدل قراءة عليه وأنا أسمع، حدثنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن مالك الشيباني، حدثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي القاضي قال: كنا عند الأعمش في المرض الذي مات فيه فدخل عليه أبو حنيفة وابن أبي ليلى، فالتفت أبو حنيفة وكان أكبرهم وقال له: يا أبا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو أمسكت عنها لكان خيرا لك قال: فقال الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أسندوني، حدثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا النار من أبغضكما وأدخلا الجنة من أحبكما وذلك قوله تعالى *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* ".

قال فقام أبو حنيفة وقال: قوموا لا يأتي بما هو أطم من هذا، فوالله ما جزنا بابه حتى مات الأعمش رحمة الله عليه.(3)

الثالث عشر: محمد بن العباس (رحمه الله) عن أحمد بن هودة الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن شريك قال: بعث الأعمش وهو شديد المرض فأتيناه وقد اجتمع عنده أهل الكوفة وفيهم أبو حنيفة وابن قيس الماصر فقال لابنه: يا بني أجلسني فأجلسه فقال: يا أهل الكوفة إن أبا حنيفة وابن قيس الماصر أتياني فقالا: إنك قد حدثت في علي بن أبي طالب أحاديث فارجع عنها فإن التوبة مقبولة ما دامت الروح في البدن، فقلت لهما: مثلكما يقول لمثلي هذا؟ أشهدكم يا

____________

(1) سورة ق: 24.

(2) أمالي الطوسي 629 / 1294.

(3) بحار الأنوار 43 / 357 ح 66.

الصفحة 66   

أهل الكوفة فإني في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة أني سمعت عطاء بن رياح يقول: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله عز وجل *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا وعلي نلقي في جهنم كل من عادانا " فقال أبو حنيفة لابن قيس: قم بنا لا يجئ ما هو أعظم من هذا، فقاما وانصرفا.(1)

الرابع عشر: السيد المرتضى في كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن القاضي الأمين أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد الحلابي المغازلي قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الدباس عن علي بن محمد بن مخلد عن جعفر بن حفص عن سواد بن محمد عن عبد الله بن نجيع عن محمد بن مسلم البطايخي عن محمد بن يحيى الأنصاري عن عمه حارثة عن يزيد بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: دخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أرني الحق حتى أتبعه فقال (صلى الله عليه وآله): " يا بن مسعود لج المخدع فانظر ماذا ترى ". فولجت فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) راكعا وساجدا وهو يقول عقيب صلاته: اللهم بحرمة محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي، قال ابن مسعود: فخرجت لأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فوجدته راكعا وساجدا وهو يقول: " اللهم بحرمة عبدك علي اغفر للخاطئين من أمتي " قال ابن مسعود: فأخذني الهلع حتى غشي علي فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) رأسي وقال: " يا بن مسعود أكفر بعد إيمان؟ " فقلت: معاذ الله ولكني رأيت عليا يسأل الله تعالى بجاهك، ونظرت إليك وأنت تسأل الله تعالى بجاهه، فلا أعلم أيكما أوجه عند الله من الآخر فقال: " يا بن مسعود إن الله خلقني وعليا والحسن والحسين من نور عظمته قبل الخلق بألفي عام حين لا تسبيح ولا تقديس، وفتق نوري فخلق منه السماوات والأرض، وأنا أفضل من السماوات والأرض، وفتق نور علي فخلق منه العرش والكرسي وعلي أجل من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم، والحسن أجل من اللوح والقلم، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان والحور العين، والحسين أفضل منهما، فظلمت منهما المشارق والمغارب، فشكت الملائكة إلى الله عز وجل الظلمة وقالت: اللهم بحق هؤلاء الأشباح الذي خلقت إلا ما فرجت عنا هذه الظلمة، فخلق الله عز وجل روحا وقرنها بأخرى فخلق منهما نورا ثم أضاف النور إلى الروح فخلق منها الزهراء (عليها السلام)، فمن ذلك سميت الزهراء، فأضاء منها المشرق والمغرب. يا بن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لي ولعلي: أدخلا النار من شئتما وذلك قوله تعالى: *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* فالكفار من جحد نبوتي، والعنيد من

____________

(1) بحار الأنوار 24 / 273 ح 58.

الصفحة 67   

عاند عليا وأهل بيته وشيعته "(1).

الخامس عشر: شرف الدين النجفي قال ذكر: الشيخ في أماليه بإسناده عن رجاله عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله عز وجل *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* قال:

نزلت في وفي علي بن أبي طالب، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي، وكساني وكساك يا علي، ثم قال لي ولك يا علي *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما فإن ذلك هو المؤمن "(2).

السادس عشر: قال شرف الدين: ويؤيده ما روى بحذف الإسناد عن محمد بن حمران قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله *(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)* فقال: " إذا كان يوم القيامة وقف محمد وعلي على الصراط فلا يجوز عليه إلا من كان معه براءة " قلت: وما براءة؟ قال: " ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة من ولده (عليهم السلام)، وينادي مناد: يا محمد يا علي ألقيا في جهنم كل كفار بنبوتك وعنيد لعلي بن أبي طالب والأئمة من ولده "(3).

السابع عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا العباس بن معروف عن عبد الله بن المغيرة قال: حدثنا أبو حفص العبدي قال: حدثنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا سألتم الله لي فاسألوه الوسيلة " فسألنا النبي (صلى الله عليه وآله) عن الوسيلة، فقال: " هي درجتي في الجنة وهي ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد شهرا، وهي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين، فهي في درج النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته، فيأتي النداء من عند الله عز وجل يسمع النبيين وجميع الخلق: هذه درجة محمد، فأقبل أنا يومئذ متزرا بريطة من نور على تاج الملك وإكليل الكرامة، وعلي بن أبي طالب أمامي وبيده لوائي وهو لواء الحمد مكتوب عليه: لا إله إلا الله المفلحون هم الفائزون بالله، فإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما، وإذا مررنا بالملائكة قالوا: هذان نبيان مرسلان، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني حتى إذا صرت في أعلى درجة منها وعلي أسفل مني يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى لهذين

____________

(1) بحار الأنوار 36 / 44 ح 81.

(2) أمالي الشيخ الطوسي 368 / 782.

(3) بحار الأنوار 32 / 72 ح 23.

الصفحة 68   

العبدين، ما أكرمهما على الله! فيأتي النداء من قبل الله جل جلاله يسمع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين: هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي، طوبى لمن أحبه وويل لمن أبغضه وكذب عليه فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استروح إلى هذا الكلام وابيض وجهه وفرح قلبه، ولا يبقى أحد ممن عاداك أو نصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه.

فبينما أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان فيقول: السلام عليك يا أحمد، فأقول: عليك السلام أيها الملك، من أنت؟ فما أحسن وجهك وأطيب ريحك! فيقول: أنا رضوان خازن الجنة وهذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد، فأقول: قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، ثم يرجع رضوان فيدنو مالك فيقول: السلام عليك يا أحمد، فأقول السلام عليك أيها الملك، من أنت؟ فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك؟

فيقول: أنا مالك خازن النار وهذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد؟ فأقول:

قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، ثم يرجع مالك فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على عجزة جهنم وقد تطاير شررها وعلا زفيرها واشتد حرها، وعلي آخذ بزمامها وتقول له جهنم: جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي فيقول لها علي: قري يا جهنم وخذي هذا، واتركي هذا، خذي هذا عدوي واتركي هذا وليي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق "(1).

الثامن عشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النضر الفهري عن أبي عمر والأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أرمضتني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال: " يا جابر ألم اقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا؟ "

قلت: بلى يا بن رسول الله قال: " فلا تختلف إذا اختلفوا، يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيامه، يا جابر اسمع وع ".

قلت: إن شئت، قال: " اسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب

____________

(1) أمالي الصدوق 178 / 180، معاني الأخبار 116 / 1.

 

 

 

 

الصفحة 69   

الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه قال: الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول أن تتخيل ذاته لامتناعها عن التشبيه والتشاكل، بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على وجه الممازجة، وعلمها لا بالأداة لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره، بل كان عالما بمعلومه، إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا، نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه وأوجب قبوله على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، شهادتان، يرفعان القول ويضاعفان العمل، خف ميزان يرفعان منه وثقل ميزان يوضعان فيه، وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط، وبالشهادة يدخلون الجنة وبالصلاة ينالون الرحمة، أكثروا من الصلاة على نبيكم *(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)*(1) صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.

أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة، ولا كنز أغنى من القنوع، ومن تبصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة، والرغبة مفتاح التعب، والاحتكار مطية النصب، والحسد آفة الدين، والحرص داع إلى التقحم في الذنوب وهو داع إلى الحرمان، والبغي سائق إلى الحين، والشره داع لمساوي العيوب، ورب طمع خائب وأمل كاذب ورجاء يؤدي إلى الحرمان وتجارة تؤدي إلى الخسران، ألا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضعات النوائب، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن.

أيها الناس إنه لا كنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الأدب، ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل، ولا سوءة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت.

أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها، ومن هتك

____________

(1) الأحزاب: 56.

الصفحة 70   

حجاب غيره انكشف عورات بيته، ومن نسي زلله استعظم ذلك غيره، ومن يعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن سفه على الناس شتم، ومن خالط الأنذال حقر، ومن حمل ما لا يطيق عجز.

أيها الناس إنه لا مال هو أعوذ من العقل، ولا فقر هو أشد من الجهل، ولا واعظا أبلغ من النصيحة، ولا عقل هو كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر، ولا مظاهرة أوثق من المشاور، ولا وحشة أشد من العجب ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا حلم كالصبر والصمت.

أيها الناس في الإنسان عشرة خصال يظهرها لسانه: شاهد بخبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع يدرك به الحاجة، وواصف يعرف به الأشياء، وأمير يأمر بالحسن، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعز يسكن به الإخوان، وحاضر تجلى به الضغائن، وموثق تلتذ به الأسماع.

أيها الناس إنه لا خير في القول بالجهل، كما أنه لا خير في الصمت عن الحكم، واعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم، ومن لا يعلم يجهل، ومن لا يتحلم لا يحلم، ومن لا يرتدع لا يعقل، ومن لا يعقل يهن، ومن يهن لا يوقر ومن لا يوقر، يتوبخ، ومن يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره، ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم، ومن لم يعظ قاعدا منع قائما، ومن يطلب العز بغير حق يذل، ومن يغلب، بالجور يغلب ومن عاند الحق لزمه الوهن، ومن تفقه وقر، ومن تكبر حقر ومن لا يحسن لا يحمد.

أيها الناس إن المنية قبل الدنية، والتجلد قبل البلد، والحساب قبل العقاب، والقبر خير من الفقر، وغض البصر خير من كثير النظر، والدهر يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر، فكلاهما تمتحن.

أيها الناس أعجب ما في هذا الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن أهلكه الحرص اشتد به الإياس، وإن اشتد به الإياس قتله الأسف وإن عرض له الغضب اشتد به الغيض، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمر استلبته العزة، وإن جددت له نعمة أخذته العزة، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، وكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.

الصفحة 71   

أيها الناس، إنه من قل ذل، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس، ومن كثر حلمه نبل، ومن فكر في ذات الله تزندق، ومن أكثر من شئ عرف به، ومن كثر مزاحه استخف به، ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له أدب، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال، ليس من جالس الجاهل بذي معقول، ومن جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال، لن ينجو من الموت غني بماله، ولا فقير لإقلاله.

أيها الناس لو أن السلامة من الموت يشترى لاشتراه أهل الدنيا الكريم الأبلج واللئيم الملهوج(1).

أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم إلى المواعظ مما تدعو النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود إلى الرشاد، وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك، عليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه، لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم، ومن استقبل وجوه الردى عرف مواقع الخطأ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول، ومن حصن شهوته فقد صان قدره، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال، والأيام توضح لك السرائر الكامنة، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحطته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى، والصبر جنة من الفاقة والحرص علامة الفقر، والبخل جلباب المسكنة، والمودة قرابة مستفادة، ووصول معدم خير من جاف مكثر، والموعظة كهف لمن وعاها، ومن أطلق طرفه كثر أسفه وقد أوجب الدهر شكره على من نال صوله، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح وإحسان، ومن ضاق خلقه مله أهله، ومن قدر استطال، وقل ما يصدقك الأمنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق، كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه، انح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن، وفي خلاف النفس رشدك، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد، ألا وإن مع كل جرعة شرقا وإن في كل أكلة تغصصا، ولا تنال نعمة إلا بزوال أخرى، ولكل زمن قوت، ولكل حبة أكل، وأنت قوت الموت.

اعلموا أيها الناس أن من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار

____________

(1) الملهوج: الحريص.

الصفحة 72   

يتسارعان في هدم الأعمار، أيها الناس كفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شؤم، وإن من الكرم لين الكلام، ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام، إياك والخديعة فإنها من خلق اللئام، وليس كل طالب يصيب ولا كل غائب يؤوب، لا ترغب فيمن زهد فيك، رب بعيد أقرب من قريب، سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار، ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل، استر عورة أخيك كما تعلمها فيك، اغفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك، من غضب على من لا يقدر عليه علا ضره وطال حزنه، وعذب نفسه، ومن خاف ربه كف ظلمه.

وفي نسخة: من خاف ربه كفي عذابه، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، إن من الفساد إضاعة الزاد، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا، هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر وتصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد، وهيهات، لولا التقى كنت أدهى العرب.

أيها الناس إن الله عز وجل وعد نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) الوسيلة ووعده الحق ولن يخلف الله وعده، ألا وإن الوسيلة أعلى درج الجنة، وذروة ذوائب الزلفة، ونهاية غاية الأمنية لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام - وفي نسخة - ألف عام، وهو ما بين مرقاة دره إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجان إلى مرقاة كافور إلى مرقاه عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور، قد أنافت على كل الجنان ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قاعد عليها مرتد بريطتين: ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله، عليه تاج النبوة وإكليل الرسالة، قد أشرق بنوره المحشر، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته، وعلي ريطتان: ريطة من ارجوان النور، وريطة من كافور، والرسل والأنبياء قد وقفوا على المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا قد تجللتهم حلل النور والكرامة، ولا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بهت من نورنا وحجب من ضيائنا وجلالنا، وعن يمين الوسيلة عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) غمامة بسط البصر يأتي منها النداء: يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي العربي، ومن كفر به فالنار موعده، وعن يسار الوسيلة عن يسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظلة يأتي منها النداء: يا أهل

الصفحة 73   

الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي، والذي له الملك الأعلى لا فاز أحد ولا نال الروح والجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما والاقتداء بنجومهما، فأيقنوا يا أهل ولاية الله بياض وجوهكم وشرف مقعدكم وكرم مآبكم، وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين، ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون، وما من رسول سلف ولا نبي مضى إلا وقد كان مخبرا أمته بالمرسل الوارد من بعده، ومبشرا برسول الله (صلى الله عليه وآله) وموصيا قومه باتباعه ومحليه عند قومه ليعرفوه بصفته يتبعوه على شريعته ولئلا يضلوا فيه من بعده، فيكون من هلك وضل بعد وقوع الإعذار والإنذار عن بينة وتعيين حجة، ثم كانت الأمم في رجاء من الرسل وورود من الأنبياء، ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم مصائبهم وفجائعها بهم فقد كانت على سعة من الأمل، ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن الله ختم به الإنذار والإعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ومهيمنة الذي لا يقبل إلا به ولا قربه إليه إلا بطاعته وقال في محكم كتابه *(من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى)*.

ومن قوله: *(فما أرسلناك عليهم حفيظا)*(1) فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه، وشاهدا له على من اتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه والترغيب في تصديقه والقبول لطاعته لدعوته *(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)*(2) فاتباعه (صلى الله عليه وآله) محبة الله ورضاه غفران الذنوب، وكمال الفوز ووجوب الجنة، وفي التولي عنه والإعراض محادة الله وغضبه وسخطه والبعد منه مسكن النار وذلك قوله: *(ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده)*(3) يعني الجحود به والعصيان له، فإن الله تبارك وتعالى اسمه امتحن بي عباده وقتل بيده أضداده وأفنى بسيفي جحاده، وجعلني زلفة للمؤمنين وحياض موت على الجبارين، وسيفه على المجرمين وشد بي إزر رسوله، وأكرمني بنصره وشرفني بعلمه وحباني بأحكامه واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته فقال وقد حشده المهاجرون والأنصار وانغضت بهم المحافل.

أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فعقل المؤمنون عن الله نطق

____________

(1) النساء: 80.

(2) آل عمران: 31.

(3) هود: 17.

الصفحة 74   

الرسول إذا عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه، ولا كنت نبيا فاقتضي بنبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون (عليه السلام) حيث يقول: اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين، وقوله (صلى الله عليه وآله) حين تكلمت طائفة فقالت نحن موالي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حجة الوداع ثم صار إلى غدير خم فأمر فاصطلح له شبه المنبر، ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رؤي بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وكانت على ولايتي ولاية الله، وعلى عداوتي عداوة الله، وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم: *(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)*(1) فكانت بولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصا لي وتكرما نحلنيه وإعظاما وتفضيلا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) منحنيه وهو قوله: *(ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين)*(2) في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع، ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرآن كل منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين، فيجيبه الأشقى على رثوثه *(ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا)*(3) فأنا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والإيمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب ولأن رتعا في الحطام المنهزم والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار، لهما على شر ورود في أخيب وفود وألعن مورود، يتصارخان باللعنة، ويتناعقان بالحسرة، ما لهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحة، إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان يقيمون لها المناسك، وينصبون لها العتائر ويتخذون لها القربان، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام، ويستقسمون بالأزلام، عامهين عن الله عز ذكره، حائرين عن الرشا، مهطعين إلى البعاد وقد استحوذ عليهم الشيطان وغرهم سوء الجاهلية ورضعوا جهالة وانفظوا ضلالة، وأخرجنا الله إليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة وأسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه وتأييدا لمن صدقه، فتبؤوا العز بعد الذلة والكثرة بعد القلة وهابتهم القلوب والأبصار، وأذعنت لهم

____________

(1) المائدة 3.

(2) الأنعام: 62.

(3) الفرقان: 28 - 29.

الصفحة 75   

الجبابرة وطواغيتها وصاروا إلى أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة وأمن بعد خوف وجمع بعد كون، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان، وأولجناهم باب الهدى وأدخلناهم دار السلامة وأشملناهم ثوب الإيمان، وفلحوا بنا في العالمين، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام مجاهد ومصل قانت ومعتكف زاهد، يظهرون الأمانة ويأتون المثابة حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) ورفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة أو وميض من برقه، إلى أن رجعوا على الأعقاب، وانتكصوا على الأدبار، وطلبوا بالأوتار، وأظهروا الكتاب وردموا الباب وقلوا الديار وغيروا آثار الرسول (صلى الله عليه وآله) ورغبوا عن أحكامه وبعدوا عن أنواره واستبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه وكانوا ظالمين، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممن اختاره الرسول (صلى الله عليه وآله) لمقامه، وإن مهاجر آل أبي قحافة خير من مهاجري الأنصاري الرباني، ناموس هاشم بن عبد مناف، ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك وقالوا: إن رسول الله مضى ولم يستخلف، وكان رسول الله الطيب المبارك، أول مشهود عليه بالزور في الإسلام، وعن قليل يجدون غب ما أسسه الأولون، ولئن كانوا في مندوحة من المهل وشفاء من الأجل وسعة من المنقلب واستدراج من الغرور وسكون من الحال وإدراك من الأمل، فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عنود وبلعم بن باعور، وأسبغ عليهم نعمة ظاهرة وباطنة وأمدهم بالأموال والأعمار وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله وليعرفوا الإهابة له والإنابة إليه، ولينتهوا عن الاستكبار، فلما بلغوا المدة واستتموا الأكلة أخذهم الله عز وجل واصطلمهم، فمنهم من خصب ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من أحرقته الظلمة ومنهم من أوردته الرجفة ومنهم من أردته الخسفة *(فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)*(1) ألا وإن لكل أجل كتابا فإذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لكم عما هو إليه الظالمون وآل إليه الأخسرون لهربتم إلى الله مما هم عليه مقيمون، إليه صائرون.

ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون، وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح، وإني النبأ العظيم والصديق الأكبر وعن قليل ستعلمون ما توعدون، وهل هي إلا كلقمة الأكل ومذقة الشارب وخففة الوسنان، ثم تلتزمهم المفرات خزي في الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون، فما جزاء من تنكب محجته وأنكر حجته

____________

(1) التوبة: 70.

الصفحة 76   

وخالف هداته وحاد عن نوره واقتحم في ظلمه واستبدل بالماء السراب، وبالنعيم العذاب وبالفوز الشقاء، وبالسراء والضراء وبالسعة الضنك إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه، فليوقنوا بالوعد على حقيقته وليستيقنوا بما يوعدون: *(يوم تسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير يوم تشقق الأرض عنهم سراعا)*(1) إلى آخر السورة(2).

____________

(1) سورة ق: 43 - 44.

(2) الكافي 8 / 18 - 30.