الباب في ذكر ما استدل به الشيخ الفاضل القاضي على إمامة القائم الحجة والجواب على الاعتراضات في الغيبة

الصفحة 135 

الباب في ذكر ما استدل به الشيخ الفاضل القاضي العلامة كمال الدين أبو عبد الله محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن النصيبي الشافعي في كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، وما استدل به على إمامة القائم الحجة والجواب على الاعتراضات في الغيبة، ومثله لا يتهم في ذلك من الروايات في الحجة والجواب في الغيبة وهو جواب حسن. قال محمد بن طلحة هذا قال في آخر هذا الكتاب: الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا (عليه السلام).

 

فهذا الخلف الحجة قد أيده الله هداه منهج الحق وآتاه سجاياه

وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه    وآتاه حلى فضل عظيم فتجلاه

وقد قال رسول الله قولا قد رويناه        وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه

ترى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه         وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه

ويكفي قوله مني لإشراق محياه ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه

ولم يبلغ بما أوتيه أمثال وأشباه فمن قال هو المهدي ما ماتوا بمافاه

 

وقد رتع من النبوة في أكناف عناصرها، ورضع من الرسالة اخلاف واصرها ونزع من القرابة بسجال معاصرها، وبرع في صفات الشرف وعقدت عليه بخناصرها، واقتنى من الأنساب شرف نصابها، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها، واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطهر البتول المجزوم بكونها بضعة من الرسول، فالرسالة أصلها وإنها أشرف العناصر والأصول.

فأما مولده: فبسر من رأى في ثالث وعشرين رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائتين للهجرة.

وأما نسبه أبا وأما فأبوه أبو محمد الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي ابن علي المرتضى أمير المؤمنين، وقد تقدم ذكر ذلك مفصلا، وأمه أم ولد تسمى صقيل وقيل

الصفحة 136 

حكيمة(1) [(2) وقيل: غير ذلك(3).

وأما اسمه: فمحمد.

وكنيته: أبو القاسم(4). ولقبه: الحجة، والخلف الصالح(5)، وقيل: المنتظر(6).

وأما ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في المهدي من الأحاديث الصحيحة.

فمنها: ما نقله الإمامان أبو داود والترمذي (رض) كل واحد منهما بسنده في صحيحه، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويملك سبع سنين)(7).

ومنها: ما أخرجه أبو داود بسنده في صحيحه، يرفعه إلى علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا)(8).

ومنها: ما رواه أيضا أبو داود في صحيحه، يرفعه بسنده إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) قالت:

سمعت رسول الله (ص) يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة)(9).

ومنها: ما رواه القاضي أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (رضي الله عنه) في كتابه المسمى بشرح السنة، وأخرجه الإمامان البخاري ومسلم (رض) كل واحد منهما بسنده في صحيحه، يرفعه إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟)(10).

ومنها: ما أخرجه أبو داود والترمذي بسندهما في صحيحيهما، كل واحد منهما يرفعه بسنده إلى عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا مني، أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما).

____________

(1) تاريخ ابن الخشاب: 202.

(2) من هنا سقط من أصل المخطوط استدركناه من المطالب.

(3) تاريخ ابن الخشاب: 201، المجدي في أنساب الطالبين: 130، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 99، نور الأبصار: 185.

(4) وهو المشهور.

(5) تاريخ ابن الخشاب: 202.

(6) الكامل في التاريخ في حوادث سنة 260 ه، سير أعلام النبلاء 13: 119، مناقب آل أبي طالب 4: 455، تذكرة الخواص: 363، مروج الذهب 4: 112.

(7) سنن أبي داود 4: 107 / 4285، صحيح الترمذي 5: 506 / 2232.

(8) سنن أبي داود 4: 107 / 4283.

(9) سنن أبي داود 4: 107 / 4284.

(10) شرح السنة 8: 352 / 4277، صحيح البخاري 4: 143، صحيح مسلم 1: 137 / 246.

الصفحة 137 

وفي رواية أخرى: (لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).

وفي رواية أخرى: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (يأتي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).

هذه الروايات عن أبي داود والترمذي (رض)(1).

ومنها: ما نقله الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (رض) في تفسيره يرفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (نحن ولد عبد المطلب سادة الجنة: أنا، وحمزة، وجعفر، وعلي، والحسن، والحسين، والمهدي)(2).

فإن قال معترض: هذه الأحاديث النبوية الكثيرة بتعدادها المصرحة بجملتها وأفرادها، متفق على صحة إسنادها، ومجمع على نقلها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإيرادها، وهي صحيحة صريحة في إثبات كون المهدي من ولد فاطمة (عليها السلام)، وأنه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنه من عترته، وأنه من أهل بيته، وأن: اسمه يواطئ اسمي، وأنه يملأ الأرض قسطا وعدلا، وأنه من ولد عبد المطلب، وأنه من سادات الجنة، وذلك مما لا نزاع فيه، غير أن ذلك لا يدل على أن المهدي الموصوف بما ذكره (صلى الله عليه وآله) من الصفات والعلامات هو هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجة الخلف الصالح (عليه السلام)، فإن ولد فاطمة (عليها السلام) كثيرون، وكل من يولد من ذريتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنه من ولد فاطمة، وأنه من العترة الطاهرة، وأنه من أهل البيت (عليهم السلام) فيحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلى زيادة دليل على أن المهدي المراد هو الحجة المذكور ليتم مرامكم.

فجوابه: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما وصف المهدي (عليه السلام) بصفات متعددة من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمة (عليها السلام) وإلى عبد المطلب، وأنه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، وعدد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصحيحة المذكورة آنفا، وجعلها علامة ودلالة على أن الشخص الذي يسمى بالمهدي وثبتت له الأحكام المذكورة وهو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه، ثم وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة ودلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره، فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له وأنه صاحبها، وإلا فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل ولا يثبت ما هو مدلوله قدح ذلك في نصبها علامة ودلالة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك ممتنع.

فإن قال المعترض: لا يتم العمل به بالعلامة والدلالة إلا بعد العلم باختصاص من وجدت فيه بها

____________

(1) سنن أبي داود 4: 106 / 4282 - 4283، صحيح الترمذي 5: 505 / 2230 - 2231.

(2) تفسير الثعلبي: 209 (مخطوط) في سورة الشورى، آية المودة.

الصفحة 138 

دون غيره وتعينه لها، فأما إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحكم له بالدلالة، ونحن نسلم أنه من زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ولادة الخلف الصالح الحجة محمد (عليه السلام) ما وجد من ولد فاطمة (عليه السلام) شخص جمع تلك الصفات التي هي العلامة والدلالة غيره، لكن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا عند ظهور الدجال ونزول عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وذلك سيأتي بعد مدة مديدة ومن الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجددة، وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمة (عليها السلام) كثرة يتعاقبون ويتوالدون إلى ذلك الأوان، فيجوز أن يولد من السلالة الطاهرة والعترة النبوية من يجمع تلك الصفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة، ومع هذا الاحتمال والإمكان كيف يبقى دليلكم مختصا بالحجة محمد المذكور (عليه السلام)؟

فالجواب: إنكم إذا عرفتم أنه إلى وقت ولادة الخلف الصالح وإلى زماننا هذا لم يوجد من جمع تلك الصفات والعلامات بأسرها سواه فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملا بالدلالة الموجودة في حقه، وما ذكرتموه من احتمال أن يتجدد مستقبلا في العترة الطاهرة من يكون بتلك الصفات، لا يكون قادحا في أعمال الدلالة، ولا مانعا من ترتيب حكمها عليها، فإن دلالة الدليل راجحة لظهورها واحتمال تجدد ما يعارضها مرجوح، ولا يجوز ترك الراجح بالمرجوح فإنه لو جوزنا ذلك لامتنع العمل بأكثر الأدلة المثبتة للأحكام (الشرعية)(1)، إذ ما من دليل إلا واحتمال تجدد ما يعارضه متطرق إليه، ولم يمنع ذلك من العمل به وفاقا.

والذي يوضح ذلك ويؤكده أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما أورده الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه، يرفعه بسنده قال لعمر بن الخطاب: (يأتي عليك مع أمداد أهل اليمن أويس بن عامر من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)(2).

فالنبي (صلى الله عليه وآله) ذكر اسمه ونسبه وصفته، وجعل ذلك علامة ودلالة على أن المسمى بذلك الاسم، المتصف بتلك الصفات لو أقسم على الله لأبره، وأنه أهل لطلب الاستغفار منه، وهذه منزلة عالية ومقام عند الله عظيم.

فلم يزل عمر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعد وفاة أبي بكر يسأل أمداد اليمن عن الموصوف بذلك، حتى قدم وفد من اليمن فسألهم فأخبر بشخص متصف بذلك، فلم يتوقف عمر في العمل بتلك العلامة والدلالة التي ذكرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل بادر إلى العمل بها واجتمع به وسأله الاستغفار،

____________

(1) ليس في (ط).

(2) صحيح مسلم 7: 189.

الصفحة 139 

وجزم أنه المشار إليه في الحديث النبوي لما علم تلك الصفات فيه مع وجود احتمال أن يتجدد في وفود اليمن مستقبلا من يكون بتلك الصفات، فإن قبيلة مراد كثيرة والتوالد فيها كثير وعين ما ذكرتموه من الاحتمال موجود، وكذلك قضية الخوارج لما وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصفات ورتب عليها حكمهم، ثم بعد ذلك لما وجدها علي (عليه السلام) موجودة في أولئك في واقعة حروراء والنهروان، جزم بأنهم هم المرادون بالحديث النبوي وقاتلهم وقتلهم، فعمل بالدلالة عند وجود الصفة مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم، وأمثال هذه الدلالة والعمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة، فعلم أن الدلالة الراجحة لا تترك لاحتمال المرجوح.

ونزيده بيانا وتقريرا فنقول: لزوم ثبوت الحكم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه أمر يتعين العمل به والمصير إليه، فمن تركه وقال بأن صاحب الصفات المراد بإثبات الحكم له ليس هو هذا، بل شخص غيره سيأتي، فقد عدل عن النهج القويم ووقف نفسه موقف المليم، ويدل على ذلك أن الله عز وجل لما أنزل في التوراة على موسى أنه يبعث النبي العربي في آخر الزمان خاتم الأنبياء، ونعته بأوصافه وجعلها علامة ودلالة على إثبات حكم النبوة له، وصار قوم موسى (عليه السلام) يذكرونه بصفاته ويعلمون أنه يبعث، فلما قرب زمان ظهوره وبعثه صاروا يهددون المشركين به ويقولون: سيظهر الآن نبي نعته كذا وصفته كذا ونستعين به على قتالكم.

فلما بعث (صلى الله عليه وآله) ووجدوا العلامات والصفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوته أنكروه(1) وقالوا: ليس هذا هو، بل هو غيره وسيأتي.

فلما جنحوا إلى الاحتمال وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة وجنحوا إلى الاحتمال، وهذه القصة من أكبر الأدلة، وأقوى الحجج على أنه يتعين العمل بالدلالة عند وجودها، وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الأدلة فيه.

فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت تلك الأحكام المذكورة موجودة في الحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) تعين إثبات كون المهدي المشار إليه من غير جنوح إلى الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال.

فإن قال المعترض: نسلم لكم أن الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعين العمل بها، ولزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح

____________

1 - في نسخة (ط): أنكروا ذلك.

الصفحة 140 

محمد (عليه السلام)، فإن من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة أن يكون اسم أبيه مواطئا لاسم أب النبي (صلى الله عليه وآله) هكذا به صرح الحديث النبوي على ما أوردوه، وهذه الصفة لم توجد فيه، فإن اسم أبيه الحسن واسم أب النبي (صلى الله عليه وآله) عبد الله، وأين الحسن من عبد الله؟

فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة، وإذا لم يوجد جزء العلة لا يثبت حكمها، فإن الصفات الباقية لا تكفي في إثبات تلك الأحكام، إذ النبي (صلى الله عليه وآله) لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلا لمن اجتمعت تلك الصفات فيه كلها التي جزؤها مواطاة اسمي الأبوين في حقه، وهذه لم تجتمع في الحجة الخلف، فلا تثبت تلك الأحكام له وهذا إشكال قوي.

فالجواب: لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبتني عليهما الغرض:

الأول: إنه شائع ](1) في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى وقد نطق القرآن المكرم بذلك فقال تعالى *(ملة أبيكم إبراهيم)*(2) وقال تعالى حكاية عن يوسف *(واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق)*(3) ونطق بذلك النبي (صلى الله عليه وآله) وحكاه عن جبرائيل (عليه السلام) في حديث الإسراء أنه قال: قلت: من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم، فعلم أن لفظه الأب تطلق على الجد وإن علا، فهذا أحد الأمرين.

الأمر الثاني أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما كل واحد منهما يرفع ذلك بسنده إلى سهل بن سعد الساعدي أنه قال عن علي (عليه السلام) " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه " فأطلق لفظة الاسم على الكنية ومثل ذلك قول الشاعر:

 

أجل قدرك أن تسمى مؤنبة     ومن كناك فقد سماك للعرب(4)

 

ويروى: ومن يصفك، فأطلق التسمية على الكناية والصفة وهذا شائع ذائع في كلام العرب، فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين فاعلم أيدك الله بتوفيقه أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان له سبطان أبو محمد الحسن وأبو عبد الله الحسين ولما كان الحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) من ولد بن أبي عبد الله الحسين ولم يكن من ولد أبي محمد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبي (صلى الله عليه وآله) على الكنية لفظة الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه، وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه قال: يواطئ

____________

(1) إلى هنا مستدرك من المطالب المطبوع: 153 إلى 159.

(2) الحج: 78.

(3) يوسف: 38.

(4) انظر: ديوان المتنبي: 341.

الصفحة 141 

اسمه اسمي فهو محمد وأنا محمد وكنية جده اسم أبي إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) وهذا بيان شاف كاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه(1).

وأقول: أيضا قد ذكر الشيخ علي بن محمد المالكي في كتاب الفصول المهمة(2) الاستدلال على إمامة الحجة القائم المهدي محمد بن الحسن المذكور بروايات كثيرة، ذكرها يطول بها الكتاب وهو من أعيان علماء العامة مالكي المذهب، وبالجملة إمامة الأئمة الاثني عشر الذين، أولهم علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وبنيه الأحد عشر الذين آخرهم القائم المهدي مما اتفق عليه العامة والخاصة وتواترت به الأخبار عند الفريقين، وعدول العامة عنهم خسران مبين.

____________

(1) مطالب السؤول 2 / 152 - 160.

(2) الفصول المهمة: 283 - 288.