صفات الله

الصفحة 40   

صفات الله(1)

فصل: في صفات الذات وصفات الأفعال

قال الشيخ أبو جعفر - رحمه الله -: كل ما وصفنا الله تبارك وتعالى به من

____________

(1) إذا توسعنا في تدقيق صحائف الكتاب والسنة حق التوسع لم نجد هذا التقسيم الاصطلاحي:

أي تقسيم صفات الله إلى صفات الذات، وصفات الفعل، وصفات النقص، وبعبارة أخرى:

الكمالية والجلالية والتنزيهية، أو بحسب المشهور الصفات الثبوتية والزائدة والسلبية.

نعم، نجد المنشأ الحقيقي لهذا التقسيم الثلاثي موجودا في القرآن والحديث، وهو أن الصفات بعضها ثابتة لله سبحانه بوجه عام، من دون استثناء وقت أو فرد كالعلم، فإنه - عز شأنه - بكل شئ عليم، عليم في كل أين وآن، وفي كل مكان وزمان، لم يزل عالما بكل شئ ولا يزال.

والقسم الثاني من المعاني منفية عن الله كذلك منفية بوجه عام وبدون استثناء وقت أو مقام كالظلم، فلا يظلم ربك أحدا، فكما أن العلم ثابت له ولا يزال، كذلك الظلم منفي عنه على الإطلاق في كل حال.

والقسم الثالث من صفات الله وسط بين القسمين، فلا هو كلي الثبوت، ولا هو كلي السلب، مثل الإرادة، فإنها قد تثبت لربنا - عز وجل - بالنظر إلى شئ، وقد تنتفي عنه بالنظر إلى شئ آخر، كما في آية: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة: 186) ومتى كان المعنى يستحق الثبوت تارة ويستحق النفي أخرى فهو غير ضروري الايجاب، كما هو غير ضروري السلب.

هذه ثلاثة أقسام في صفات الله يمتاز كل منها عن البقية بحسب ظواهر الكتاب والسنة، بل وبحسب ضرورة العقل أيضا، إذ كل وصف قيس إلى ذات، فإما أن يكون ضروري الثبوت لها، أو يكون ضروري السلب عنها، أو يكون غير ضروري الثبوت للذات كما هو غير ضروري السلب عنها، الأمر الذي دعا شيوخ أسلافنا إلى القسمة الثلاثية في صفات الله وتسميتهم القسم الأول بصفات الذات أو الثبوتية. والقسم الثاني بصفات التنزيهية أو السلبية. والقسم الثالث بصفات الفعل أو الزائدة، ويريدون بالفعل ضد الشأن، وإن كان الأنسب عندنا تسمية الأقسام بالذاتية والنسبية والسلبية. ش.

الصفحة 41   

صفات ذاته(1).

قال الشيخ المفيد - رحمه الله -: صفات الله تعالى على ضربين:

أحدهما: منسوب إلى الذات، فيقال: صفات الذات.

وثانيهما(2): منسوب إلى الأفعال، فيقال: صفات الأفعال، والمعنى في قولنا صفات الذات: أن الذات مستحقة لمعناها استحقاقا لازما لا لمعنى سواها، و معنى صفات الأفعال: هو أنها تجب بوجود الفعل ولا تجب قبل وجوده، فصفات الذات لله تعالى هي الوصف له بأنه حي، قادر، عالم ألا ترى أنه لم يزل مستحقا لهذه الصفات ولا يزال. ووصفنا له تعالى بصفات الأفعال كقولنا خالق، رازق، محيي، مميت، مبدئ، معيد، ألا ترى أنه قبل خلقه الخلق لا يصح وصفه بأنه خالق وقبل إحيائه(3) الأموات لا يقال إنه محيي. وكذلك القول فيما عددناه، والفرق بين صفات الأفعال وصفات الذات: أن صفات الذات لا يصح لصاحبها الوصف بأضدادها ولا خلوه منها، وأوصاف الأفعال يصح الوصف لمستحقها بأضدادها وخروجه عنها، ألا ترى أنه لا يصح [ وصف الله ](4) تعالى بأنه يموت، ولا [ بأنه يعجز، ولا بأنه يجهل ](5) ولا يصح الوصف له بالخروج عن كونه حيا عالما قادرا، ويصح الوصف بأنه غير خالق اليوم، ولا رازق لزيد، ولا محيي لميت بعينه، ولا مبدئ لشئ في هذه الحال، ولا معيد له. ويصح الوصف له - جل وعز - بأنه يرزق ويمنع ويحيي ويميت ويبدئ ويعيد ويوجد ويعدم، فثبتت العبرة في أوصاف الذات وأوصاف الأفعال(6)، والفرق بينهما ما ذكرناه.

____________

(1) الاعتقادات ص 27.

(2) ( أ ) (ح) (ش) (ق): والضرب الآخر، (ز): والآخر.

(3) ( أ ) (ز) (ش): إحياء.

(4) (ز): وصفه، (ق): الوصف لله.

(5) (ح) (ز): يعجز ولا يجهل، ( أ ) (ق): يعجز ويجهل.

(6) ( أ ) (ح) (ز) (ش): الفعل.