في التقية

الصفحة 137 

قال أبو جعفر: باب التقية... إلى آخره(1).

قال الشيخ المفيد: التقية: كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو(2) الدنيا(3)، وفرض ذلك إذا علم بالضرورة أو قوي في الظن، فمتى لم يعلم ضررا بإظهار الحق ولا قوي في الظن ذلك لم يجب فرض التقية.

وقد أمر الصادقون - عليهم السلام - جماعة من أشياعهم بالكف(4) والامساك عن إظهار الحق، والمباطنة والستر له عن أعداء الدين، والمظاهرة لهم بما يزيل الريب عنهم(5) في خلافهم. وكان ذلك هو الأصلح لهم، وأمروا طائفة أخرى من شيعتهم بمكالمة الخصوم ومظاهرتهم ودعائهم إلى الحق، لعلمهم بأنه لا ضرر عليهم في ذلك، فالتقية تجب بحسب ما ذكرناه، ويسقط فرضها في مواضع أخرى - على ما قدمناه - وأبو جعفر أجمل القول في هذا(6) ولم يفصله - على ما بيناه - وقضى بما أطلقه فيه من غير تقية على نفسه لتضييع الغرض في التقية، وحكم

____________

(1) الاعتقادات ص 107.

(2) في بقية النسخ: و.

(3) أنظر (أوائل المقالات - ص 96). چ.

(4) (ق): بالكتم.

(5) (ح) (ش): منهم.

(6) في المطبوعة: ذلك.

الصفحة 138 

بترك الواجب في معناها، إذ قد كشف نفسه فيما اعتقده من الحق بمجالسه المشهورة، ومقاماته التي كانت معروفة، وتصنيفاته التي سارت في الآفاق، ولم يشعر [ بمناقضته بين أقواله وأفعاله، ولو وضع القول في التقية موضعه، وقيد من لفظه فيه ما أطلقه لسلم من المناقضة، وتبين للمسترشدين حقيقة الأمر فيها، ولم يرتج عليهم بابها، ويشكل بما ورد فيها معناها، لكنه على مذهب أصحاب الحديث في العمل على ظواهر الألفاظ، والعدول عن طريق الاعتبار. وهذا رأي يضر صاحبه في دينه، ويمنعه المقام عليه عن الاستبصار.