في الحساب والموازين

الصفحة 114 

في الحساب والموازين(1)

قال الشيخ أبو جعفر اعتقادنا في الحساب أنه حق(2).

قال الشيخ المفيد - رحمه الله -: الحساب هو المقابلة بين الأعمال والجزاء عليها، والمواقفة للعبد على ما فرط منه، والتوبيخ له على سيئاته، والحمد له على حسناته، ومعاملته في ذلك باستحقاقه. وليس هو كما ذهبت العامة إليه من مقابلة الحسنات بالسيئات والموازنة(3) بينهما على حسب استحقاق الثواب والعقاب عليهما، إذ كان التحابط بين الأعمال غير صحيح، ومذهب المعتزلة فيه باطل غير ثابت، وما اعتمده(4) الحشوية في معناه غير معقول.

والموازين هي التعديل بين الأعمال والجزاء عليها، ووضع كل جزاء في موضعه، وإيصال كل ذي حق إلى حقه. فليس الأمر في معنى ذلك على ما ذهب إليه أهل الحشو، من أن في القيامة موازين كموازين الدنيا، لكل ميزان كفتان توضع الأعمال فيها، إذ الأعمال أعراض(5)، والأعراض لا يصح وزنها، وإنما توصف بالثقل والخفة على وجه المجاز، والمراد بذلك أن ما ثقل(6) منها هو ما

____________

(1) في بعض النسخ: الميزان.

(2) الاعتقادات ص 73.

(3) بحار الأنوار 7: 252.

(4) ( أ ) (ح) (ش) (ق): يعتمده، (ز): اعتمد.

(5) بحار الأنوار 7: 252.

(6) (ز): يثقل.

الصفحة 115 

كثر واستحق عليه عظيم الثواب، وما خف منها ما قل قدره ولم يستحق عليه جزيل الثواب.

والخبر الوارد في أن أمير المؤمنين والأئمة من ذريته - عليهم السلام - هم الموازين، فالمراد أنهم المعدلون بين الأعمال فيما يستحق عليها، والحاكمون فيها بالواجب والعدل. ويقال فلان عندي في ميزان فلان، ويراد به نظيره.

ويقال: كلام فلان عندي(1) أوزن من كلام فلان(2)، والمراد به أن كلامه أعظم وأفضل قدرا، والذي ذكره الله تعالى في الحساب والخوف منه إنما هو المواقفة على الأعمال، لأن من وقف على أعماله لم يتخلص من تبعاتها، ومن عفى الله تعالى عنه في ذلك فاز بالنجاة: (فمن ثقلت موازينه - بكثرة استحقاقه الثواب - فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه - بقلة أعمال(3) الطاعات - فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون)(4) والقرآن إنما أنزل بلغة العرب وحقيقة كلامها ومجازه، ولم ينزل على ألفاظ العامة وما سبق إلى قلوبها من الأباطيل(5).

____________

(1) (ق): عندنا.

(2) بحار الأنوار 7: 252.

(3) (ح) (ش) (ق): أعماله.

(4) المؤمنون: 102 - 103.

(5) بحار الأنوار 7: 252.