دعاؤه في الاستجارة باللّه

اَللَّهُمَّ اَنْتَ رَبّي واَنَا عَبْدُكَ، امَنْتُ بِكَ مُخْلِصاً لَكَ عَلى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، واَتُوبُ اِلَيْكَ مِنْ سُوءِ عَمَلي واَسْتَغْفِرُكَ لِذُنُوبِيَ الَّتي لايَغْفِرُها غَيْرُكَ، اَصْبَحَ ذُلّي مُسْتَجيراً بِعِزَّتِكَ، واَصْبَحَ فَقْري مُسْتَجيراً بِغِناكَ، واَصْبَحَ جَهْلي مُسْتَجيراً بِحِلْمِكَ، واَصْبَحَتْ قِلَّةُ حيلَتي مُسْتَجيرَةً بِقُدْرَتِكَ، واَصْبَحَ خَوْفي مُسْتَجيراً بِاَمانِكَ، واَصْبَحَ دائي مُسْتَجيراً بِدَوائِكَ. وَاَصْبَحَ سُقْمي مُسْتَجيراً بِشِفائِكَ، واَصْبَحَ حيني مُسْتَجيراً بِقَضائِكَ، واَصْبَحَ ضَعْفي مُسْتَجيراً بِقُوَّتَكَ، واَصْبَحَ ذَنْبي مُسْتَجيراً بِمَغْفِرَتِكَ، واَصْبَحَ وَجْهِيَ الْفانِي الْبالي مُسْتَجيراً بِوَجْهِكَ الْباقِي الدَّائِمِ الَّذي لايَبْلى ولايَفْنى. يا مَنْ لا يُواري(1) مِنْهُ لَيْلٌ داجٍ، ولا سَماءٌ ذاتُ اَبْراجٍ، ولا حُجُبٌ ذاتُ ارْتِجاجٍ(2)، ولا ماءٌ ثَجَّاجٌ(3)، في قَعْرِ بَحْرٍ عَجَّاجٍ(4)، يا دافِعَ السَّطَواتِ يا كاشِفَ الْكُرُباتِ يا مُنْزِلَ الْبَرَكاتِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ.  اَسْأَلُكَ يا فَتَّاحُ يا نَفَّاحُ يا مُرْتاحُ، يا مَنْ بِيَدِهِ خَزائِنُ كُلِّ مِفْتاحٍ، اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ(5)، واَنْ تَفْتَحَ لي خَيْرَ الدُّنْيا والْاخِرَةِ واَنْ تَحْجُبَ عَنّي فِتْنَةَ الْمُوَكَّلِ بي، ولاتُسَلِّطْهُ عَلَىَّ فَيُهْلِكَني، ولا تَكِلْني اِلى اَحَدٍ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَيَعْجِزَ عَنّي، ولاتَحْرِمْنِي الْجَنَّةَ، وارْحَمْني، وتَوَفَّني مُسْلِماً، واَلْحِقْني بِالصَّالِحينَ، واكْفُفْني بِالْحَلالِ عَنِ الْحَرامِ وبِالطَّيِّبِ(6) عَنِ الْخَبيثِ، يا اَرْحَمَ الرَّاحِمينَ. اَللَّهُمَّ خَلَقْتَ الْقُلُوبَ عَلى اِرادَتِكَ، وفَطَرْتَ الْعُقُولَ عَلى مَعْرِفَتِكَ، فَتَمَلْمَلَتِ الْاَفْئِدَةُ مِنْ مَخافَتِكَ، وصَرَخَتِ الْقُلُوبُ بِالْوَلَهِ اِلَيْكَ، وتَقاصَرَ وُسْعُ قَدْرِ الْعُقُولِ عَنِ الثَّناءِ عَلَيْكَ، وانْقَطَعَتِ الْاَلْفاظُ عَنْ مِقْدارِ مَحاسِنِكَ، وكَلَّتِ الْاَلْسُنُ عَنْ اِحْصاءِ نِعَمِكَ.  فَاِذا وَلَجَتْ بِطُرُقِ الْبَحْثِ عَنْ نِعْمَتِكَ بَهَرَتْها(7) حَيْرَةُ الْعَجْزِ عَنْ اِدْراكِ وَصْفِكَ، فَهِيَ تَتَرَدَّدُ فِي التَّقْصيرِ عَنْ مُجاوَزَةِ ما حَدَّدْتَ لَها، اِذْ لَيْسَ لَها اَنْ تَتَجاوَزَ ما اَمَرْتَها، فَهِيَ بِالْاِقْتِدارِ عَلى ما مَكَّنْتَها تَحْمَدُكَ بِما اَنْهَيْتَ اِلَيْها، والْألْسُنُ مُنْبَسِطَةٌ بِما تُمْلِيءُ عَلَيْها. وَلَكَ عَلى كُلِّ مَنِ اسْتَعْبَدْتَ مِنْ خَلْقِكَ اَنْ لا يَمَلوُّا مِنْ حَمْدِكَ، واِنْ قَصُرَتِ الْمَحامِدُ عَنْ شُكْرِكَ بِما(8) اَسْدَيْتَ اِلَيْها مِنْ نِعَمِكَ، فَحَمِدَكَ بِمَبْلَغِ طاقَةِ جُهْدِهِمُ الْحامِدُونَ واعْتَصَمَ بِرَجاءِ عَفْوِكَ الْمُقَصِّرُونَ، واَوْجَسَ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ الْخائِفُونَ، وقَصَدَ بِالرَّغْبَةِ اِلَيْكَ الطَّالِبُونَ، وانْتَسَبَ اِلى فَضْلِكَ الْمُحْسِنُونَ.  وَكُلٌّ يَتَفَيَّؤُا في ظِلالِ تَأْميلِ عَفْوِكَ، ويَتَضاءَلُ(9) بِالذُّلِّ لِخَوْفِكَ، ويَعْتَرِفُ بِالتَّقْصيرِ في شُكْرِكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ صُدُوفُ مَنْ صَدَفَ عَنْ طاعَتِكَ، ولا عُكُوفُ مَنْ عَكَفَ عَلى مَعْصِيَتِكَ اَنْ اَسْبَغْتَ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ، واَجْزَلْتَ لَهُمُ الْقِسَمَ، وصَرَفْتَ عَنْهُمُ النِّقَمَ، وخَوَّفْتَهُمْ عَواقِبَ النَّدَمِ، وضاعَفْتَ لِمَنْ اَحْسَنَ، وَاَوْجَبْتَ عَلَى الْمُحْسِنينَ شُكْرَ تَوْفيقِكَ لِلْاِحْسانِ، وعَلَى الْمُسييءِ شُكْرَ تَعَطُّفِكَ بِالْاِمْتِنانِ، ووَعَدْتَ مُحْسِنَهُمُ الزِّيادَةَ(10) فِي الْاِحْسانِ مِنْكَ. فَسُبْحانَكَ تُثيبُ عَلى ما بَدْؤُهُ مِنْكَ، وانْتِسابُهُ اِلَيْكَ، والْقُوَّةُ عَلَيْهِ بِكَ، والْاِحْسانُ فيهِ مِنْكَ، والتَّوَكُّلُ فِي التَّوْفيقِ لَهُ عَلَيْكَ. فَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ مَنْ عَلِمَ اَنَّ الْحَمْدَ لَكَ، واَنَّ بَدْأَهُ مِنْكَ، ومَعادَهُ اِلَيْكَ، حَمْداً لايَقْصُرُ عَنْ بُلُوغِ الرِّضا مِنْكَ، حَمْدَ مَنْ قَصَدَكَ بِحَمْدِهِ، واسْتَحَقَّ الْمَزيدَ لَهُ مِنْكَ في نِعَمِهِ، ولَكَ مُؤَيِّداتٌ مِنْ عَوْنِكَ، ورَحْمَةٌ تَخُصُّ بِها مَنْ اَحْبَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ. فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ واخْصُصْنا مِنْ رَحْمَتِكَ ومُؤَيِّداتِ لُطْفِكَ اَوْجَبَها(11) لِلْاِقالاتِ، واَعْصَمَها مِنَ الْاِضاعاتِ، واَنْجاها مِنَ الْهَلَكاتِ، واَرْشَدَها اِلَى الْهِداياتِ، واَوْقاها مِنَ الْافاتِ، واَوْفَرَها مِنَ الْحَسَناتِ، واثَرَها(12) بِالْبَرَكاتِ، واَزْيَدَها فِي الْقِسَمِ، واَسْبَغَها لِلنِّعَمِ، واَسْتَرَها لِلْعُيُوبِ، واَسَرَّها لِلْغُيُوبِ، واَغْفَرَها لِلذُّنُوبِ، اِنَّكَ قَرِيبٌ مُّجِيبٌ. وَصَلِّ عَلى خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وصَفْوَتِكَ(13) مِنْ بَرِيَّتِكَ، واَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ بِاَفْضَلِ الصَّلَواتِ، وبارِكْ عَلَيْهِ بِاَفْضَلِ الْبَرَكاتِ، بِما بَلَّغَ عَنْكَ مِنَ الرِّسالاتِ وصَدَعَ بِاَمْرِكَ، ودَعى اِلَيْكَ بِالدَّلائِلِ عَلَيْكَ بِالْحَقِّ الْمُبينِ، حَتّى اَتاهُ الْيَقينُ، وصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْاَوَّلينَ، وصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْاخِرينَ، وعَلى الِهِ واَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرينَ، واخْلُفْهُ فيهِمْ بِاَحْسَنِ ما خَلَّفْتَ بِهِ اَحَداً مِنَ الْمُرْسَلينَ، بِكَ يا اَرْحَمَ الرَّاحِمينَ. اَللَّهُمَّ ولَكَ اِراداتٌ لاتُعارِضُ دُونَ بُلُوغِها الْغاياتُ، قَدِ انْقَطَعَ مُعارَضَتُها بِعَجْزِ الْاِسْتِطاعاتِ عَنِ الرَّدِّ لَها دُونَ النِّهاياتِ، فَاَيَّةَ اِرادَةٍ جَعَلْتَها اِرادَةً لِعَفْوِكَ وسَبَباً لِنَيْلِ فَضْلِكَ واسْتِنْزالاً لِخَيْرِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ واَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، وصِلْهَا اللَّهُمَّ بِدَوامٍ، وابْدَأْها بِتَمامٍ، اِنَّكَ واسِعُ الْحِباءِ كَريمُ الْعَطاءِ، مُجيبُ النِّداءِ، سَميعُ الدُّعاءِ. 
*******
المصدر: الصحيفة العلوية
(1)لايواريه ليل "خ ل".
(2)اتراج "خ ل"، اقول: ترج: استتر، ارتج: إضطرب.
(3)ئجاج: سيال.
(4)بحر عجاج: اي لمائة صوت.
(5)الطاهرين الطيبين "خ ل".
(6)الطيب "خ ل".
(7) بهره: غلبه.
(8)على ما "خ ل".
(9) تضاءل: صغر وضعف.
(10)بالزيادة "خ ل".
(11)باوجبها "خ ل".
(12)انزلها "خ ل".
(13)صفوة الشيء: ما صفا منه.