رواية الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه في عظمة عيد الغدير وحقيقته الالهية الملكوتية

رُوي عن الرضا صلوات الله وسلامه عليه قال: إذا كان يوم القيامة زفت أربعة أيام الى الله كما تزف العروس الى خدرها, قيل: ما هذه الايام؟ قال: يوم الاضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة ويوم الغدير, وإن يوم الغدير بين الأضحى والفطر والجمعة كالقمر بين الكواكب, وهو اليوم الذي نجا فيه ابراهيم الخليل من النار, فصامه شكراً لله, وهو اليوم الذي أكمل الله به الدين في إقامة النبي صلوات الله وسلامه عليه علي
اً أمير المؤمنين عَلماً وأبان فضيلته ووصايته فصام ذلك اليوم, وانه ليوم الكمال ويوم مرغمة الشيطان, ويوم تقبل أعمال الشيعة ومحبي آل محمد, وهو اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عمله المخالفون فيجعله هباء منثوراً. 
وهو اليوم الذي يأمر جبرئيل ع أن يُنصب كرسي كرامة الله بازاء بيت المعمور ويصعده جبرئيل ع وتجتمع إليه الملائكة من جميع السماوات ويثنون على محمد ويستغفرون لشيعة أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام ومحبيهم من ولد آدم ع, وهو اليوم الذي يأمر الله فيه الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن محبي أهل البيت وشيعتهم ثلاثة أيام من يوم الغدير, ولا يكتبون عليهم شيئاً من خطاياهم كرامة لمحمد وعلي والأئمة, وهو اليوم الذي جعله الله لمحمد وآله وذوي رحمه, وهو اليوم الذي يزيد الله في حال من عبد فيه ووسع على عياله ونفسه وإخوانه ويعتقه الله من النار, وهو اليوم الذي يجعل الله فيه سعى الشيعة مشكوراً وذنبهم مغفوراً وعملهم مقبولاً. 
وهو يوم تنفيس الكرب ويوم تحطيط الوزر ويوم الحباء والعطية ويوم نشر العلم ويوم البشارة والعيد الأكبر, ويوم يستجاب فيه الدعاء, ويوم الموقف العظيم, ويوم لبس الثياب ونزع السواد, ويوم الشرط المشروط ويوم نفي الهموم ويوم الصفح عن مذنبي شيعة أمير المؤمنين, وهو يوم السبقة, ويوم إكثار الصلاة على محمد وآل محمد, ويوم الرضا, ويوم عيد أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله, ويوم قبول الاعمال, ويوم طلب الزيادة ويوم استراحة المؤمنين ويوم المتاجرة, ويوم التودد, ويوم الوصول الى رحمة الله, ويوم التزكية, ويوم ترك الكبائر والذنوب ويوم العبادة ويوم تفطير الصائمين, فمن فطر فيه صائماً مؤمناً كان كمن أطعم فئاماً وفئاماً إلى أن عد عشراً, ثم قال: أوتدري ما الفئام؟ قال: لا, قال: مائة ألف, وهو يوم التهنئة, يعني بعضكم بعضاً, فإذا لقى المؤمن أخاه يقول: الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام, وهو يوم التبسم في وجوه الناس من أهل الايمان, فمن تبسم في وجه أخيه يوم الغدير نظر الله إليه يوم القيامة بالرحمة وقضى له ألف حاجة, وبنى له قصراً في الجنة من درة بيضاء, ونضر وجهه. 
وهو يوم الزينة, فمن تزين ليوم الغدير غفر الله له كل خطيئة عملها, صغيرة أو كبيرة, وبعث الله إليه ملائكة يكتبون له الحسنات ويرجعون له الدرجات إلى قابل مثل ذلك اليوم, فان مات مات شهيداً وان عاش عاش سعيداً, ومن أطعم مؤمناً كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصديقين, ومن زار فيه مؤمناً أدخل الله قبره سبعين نوراً ووسع في قبره ويزور قبره كل يوم سبعون ألف ملك ويبشرونه بالجنة. 
وفي يوم الغدير عرض الله لولاية علي أهل السماوات السبع فسبق إليها أهل السماء السابعة فزين بها العرش, ثم سبق إليها أهل السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور, ثم سبق إليها أهل السماء الدنيا فزينها بالكواكب, ثم عرضها على الارضين فسبقت مكة فزينها بالكعبة, ثم سبقت إليها المدينة فزينها بالمصطفى محمد صلى الله عليه وآله, ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه, وعرضها على الجبال فأول جبل أقر بذلك ثلاثة جبال: جبل العتيق وجبل الفيروزج وجبل الياقوت, فصارت هذه الجبال جبالهن وأفضل الجواهر, ثم سبقت إليها جبال أخر, فصارت معادن الذهب والفضة, وما لم يقر بذلك ولم يقبل صارت لا تنبت شيئاً, وعرضت في ذلك اليوم على المياه فما قبل منها صار عذباً وما أنكر صار ملحاً أجاجاً, وعرضها في ذلك اليوم على النبات فما قبله صار حلواً طيباً, وما لم يقبل صار مراً, ثم عرضها في ذلك اليوم على الطير فما قبلها صار فصيحاً مصوتاً وما أنكرها صار أخرس مثل اللكن , ومثل المؤمنين في قلوبهم ولاء أمير المؤمنين في يوم غدير خم كمثل الملائكة في سجودهم لآدم, ومثل من أبى ولاية أمير المؤمنين في يوم الغدير مثل ابليس, وفى هذا اليوم أُنزلت هذه الاية: {اليوم اكملت لكم دينكم} وما بعث الله نبياً الا وكان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده وعرف حرمته إذ نصب لأمته وصياً وخليفة من بعده في ذلك اليوم. 

إقبال الأعمال ج2 ص260، عنه البحار ج27 ص262

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية