باب 11- تطهير المياه من النجاسات

قال الشيخ أيده الله تعالى و إذا غلبت النجاسة على الماء فغيرت لونه أو طعمه أو رائحته وجب تطهيره بنزحه إن كان راكدا و بدفعه إن كان جاريا حتى يعود إلى حاله في الطهارة و يزول عنه التغيير و من توضأ منه قبل تطهيره بما ذكرناه أو اغتسل منه لجنابة و شبهها ثم صلى بذلك الوضوء و الغسل لم تجزه الصلاة و وجب عليه إعادة الطهارة بماء طاهر و إعادة الصلاة و كذلك إن غسل به ثوبا أو ناله منه شي‏ء ثم صلى فيه وجب عليه تطهير الثوب منه بماء طاهر يغسله به و لزمه إعادة الصلاة قد بينا في الباب الذي قبله أن ما حل الماء من النجاسة فغير لونه أو طعمه أو رائحته فإنه لا يجوز استعماله إلا مع زوال ذلك و ما لم يغير لونه أو طعمه أو رائحته إن كان الماء في غدير أو قليب و كان الماء زائدا على الكر فإنه لا ينجس بما يحله و إن كان ناقصا عن الكر فإنه لا يجوز استعماله و بقي أن ندل على وجوب تطهير مياه الآبار فإن من استعملها قبل تطهيره يجب عليه إعادة ما استعمله فيه إن وضوءا فوضوءا و إن غسلا فغسلا و إن كان غسل الثياب فكذلك قال محمد بن الحسن عندي أن هذا إذا كان قد غير ما وقع فيه من النجاسة أحد أوصاف الماء إما ريحه أو طعمه أو لونه فأما إذا لم يغير شيئا من ذلك فلا يجب إعادة شي‏ء من ذلك و إن كان لا يجوز استعماله إلا بعد تطهيره و الذي يدل على ذلك أنه مأمور باستعمال المياه الطاهرة في هذه الأشياء فمتى استعمل المياه النجسة فيجب أن لا يكون مجزيا عنه لأنه خلاف المأمور به

1-  و يدل عليه أيضا ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن معاوية عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول لا يغسل الثوب و لا تعاد الصلاة مما وقع في البئر إلا أن ينتن فإن أنتن غسل الثوب و أعاد الصلاة و نزحت البئر

 -  سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبي طالب عبد الله بن الصلت عن عبد الله بن المغيرة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع في الفأرة تقع في البئر فيتوضأ الرجل منها و يصلي و هو لا يعلم أ يعيد الصلاة و يغسل ثوبه فقال لا يعيد الصلاة و لا يغسل ثوبه

3-  أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال سئل عن الفأرة تقع في البئر لا يعلم بها إلا بعد ما يتوضأ منها أ يعاد الوضوء فقال لا

4-  سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن أبي عيينة قال سئل أبو عبد الله ع عن الفأرة تقع في البئر فقال إذا خرجت فلا بأس و إن تفسخت فسبع دلاء قال و سئل عن الفأرة تقع في البئر فلا يعلم بها أحد إلا بعد ما يتوضأ منها أ يعيد وضوءه و صلاته و يغسل ما أصابه فقال لا قد استقى أهل الدار منها و رشوا

5-  أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن أبي أسامة و أبي يوسف يعقوب بن عثيم عن أبي عبد الله ع قال إذا وقع في البئر الطير و الدجاجة و الفأرة فانزح منها سبع دلاء قلنا فما تقول في صلاتنا و وضوئنا و ما أصاب ثيابنا فقال لا بأس به

6-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي أسامة عن أبي عبد الله ع في الفأرة و السنور و الدجاجة و الطير و الكلب قال ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء فإن تغير الماء فحده حتى يذهب الريح

7-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا ع فقال ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح منه حتى يذهب الريح و يطيب طعمه لأن له مادة

8-  و روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الكريم عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع بئر يستقى منها و توضئ به و غسل منه الثياب و عجن به ثم علم أنه كان فيها ميت قال لا بأس و لا يغسل الثوب و لا تعاد منه الصلاة

 قال الشيخ أيده الله تعالى و إن مات إنسان في بئر أو غدير ينقص ماؤه عن مقدار الكر و لم يتغير بذلك الماء فلينزح منه سبعون دلوا و قد طهر بعد ذلك ذكره للغدير مع البئر يريد به غديرا له مادة بالنبع من الأرض و ما هذا سبيله فحكمه حكم الآبار فأما إذا لم يكن له مادة فلا يجوز استعماله إذا وقع فيه ما ينجسه متى نقص عن الكر و يدل على ما ذكره

9-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال و عمرو بن عثمان عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله ع عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر فقال ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا و ما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكثره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا و أقله العصفور ينزح منها دلو واحد و ما سوى ذلك فيما بين هذين

 ثم قال أيده الله تعالى فإن مات فيها حمار أو بقرة أو فرس و أشباهها من الدواب و لم يتغير بموته الماء نزح منها كر من الماء فإن كان الماء أقل من ذلك نزح كله

10-  أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن يحيى و الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه محمد بن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمر بن يزيد قال حدثني عمرو بن سعيد بن هلال قال سألت أبا جعفر ع عما يقع في البئر ما بين الفأرة و السنور إلى الشاة فقال كل ذلك يقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار و الجمل فقال كر من ماء

 ثم قال أيده الله تعالى و ينزح منها إذا مات فيها شاة أو كلب أو خنزير أو سنور أو غزال أو ثعلب و شبهه في قدر جسمه أربعون دلوا فإذا مات فيها حمامة أو دجاجة أو ما أشبههما نزح منها سبع دلاء يدل على ذلك

11-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي قال سألت أبا عبد الله ع عن الفأرة تقع في البئر قال سبع دلاء قال و سألته عن الطير و الدجاجة تقع في البئر قال سبع دلاء و السنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا و الكلب و شبهه

 قوله ع و الكلب و شبهه يريد به في قدر جسمه و هذا يدخل فيه الشاة و الغزال و الثعلب و الخنزير و كل ما ذكر و يدل عليه أيضا

12-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى بالإسناد المتقدم عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألت أبا عبد الله ع عن الفأرة تقع في البئر أو الطير قال إن أدركته قبل أن ينتن نزحت منها سبع دلاء و إن كان سنور أو أكبر منه نزحت منها ثلاثين دلوا أو أربعين دلوا و إن أنتن حتى يوجد ريح النتن في الماء نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء

 و ليس لأحد أن يقول كيف عملتم على أربعين دلوا في السنور و الكلب و شبههما و في الدجاجة و الطير على سبع دلاء و في هذين الخبرين ليس القطع على أربعين دلوا بل إنما يتضمن على جهة التخيير و هلا عملتم بغير هذين الخبرين مما يتضمن نقصان ما ذهبتم إليه لأنا إذا عملنا على ما ذكرنا من نزح أربعين دلوا مما وقع فيه الكلب و شبهه و نزح سبع دلاء مما وقع فيه الدجاج و شبهه فلا خلاف بين أصحابنا في جواز استعمال ما بقي من الماء و يكون أيضا الأخبار التي تتضمن أقل من ذلك داخلة في جملته و إذا عملنا على غير ذلك نكون دافعين لهذين الخبرين جملة و صائرين إلى المختلف فيه فلأجل ذلك عملنا على نهاية ما وردت به الأخبار و مما ورد من الأخبار التي يتضمن نقصان ما ذكرناه من عدة النزح

13-  ما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله و أبي جعفر ع في البئر يقع فيها الدابة و الفأرة و الكلب و الطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب و توضأ

14-  و روى محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسين بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا ع كان يقول الدجاجة و مثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان أو ثلاثة فإذا كانت شاة و ما أشبهها فتسعة أو عشرة

15-  و روي أيضا عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي أسامة عن أبي عبد الله ع في الفأرة و السنور و الدجاجة و الطير و الكلب قال فإذا لم يتفسخ أو لم يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء و إن تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح

16-  و روي عن القاسم عن أبان عن أبي العباس الفضل البقباق قال قال أبو عبد الله ع في البئر يقع فيها الفأرة أو الدابة أو الكلب أو الطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم يشرب منه و يتوضأ

17-  و روى سعد بن عبد الله عن أيوب بن نوح النخعي عن محمد بن أبي حمزة عن علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال سألته عن البئر تقع فيها الحمامة أو الدجاجة أو الفأرة أو الكلب أو الهرة فقال يجزيك أن تنزح منها دلاء فإن ذلك يطهرها إن شاء الله تعالى

18-  محمد بن علي بن محبوب عن العباس بن معروف عن عبد الله بن المغيرة عن أبي مريم قال حدثنا جعفر قال كان أبو جعفر ع يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت قال و قال جعفر ع إذا وقع فيها ثم أخرج منها حيا نزح منها سبع دلاء

 ثم قال الشيخ أيده الله تعالى و إن ماتت فيها فأرة نزح منها ثلاث دلاء و إن تفسخت فيها أو انتفخت و لم يتغير بذلك الماء نزح منها سبع دلاء

19-  أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد و فضالة عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الفأرة و الوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلاث دلاء

20-  و روي هذا الحديث عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع مثله

21-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و الحسن بن موسى الخشاب جميعا عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الفأرة و العقرب و أشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء و يتوضأ منه قال يسكب منه ثلاث مرات و قليله و كثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه و يتوضأ منه غير الوزغ فإنه لا ينتفع بما يقع فيه

 هذا إذا لم يكن الفأرة قد تفسخت فأما إذا تفسخت فينزح من الماء سبع دلاء و الذي يدل عليه الخبران المتقدمان اللذان

 روى أحدهما الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي قال سألت أبا عبد الله ع عن الفأرة تقع في البئر قال سبع دلاء

 و الخبر الذي رواه أيضا

 الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألت أبا عبد الله ع عن الفأرة تقع في البئر أو الطير قال إن أدركته قبل أن ينتن نزحت منها سبع دلاء

و إنما حملنا هذين الخبرين على أن المراد بهما إذا تفسخت الفأرة لئلا تتناقض الأخبار و لا نكون دافعين لما رويناه مما يتضمن ثلاث دلاء و قد جاء حديث آخر دالا على ما ذهبنا إليه

22-  أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عثمان بن عبد الملك عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله ع قال إذا وقعت الفأرة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء

 فكان هذا الحديث مفسرا للحديثين المتقدمين

23-  فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن أبي خديجة عن أبي عبد الله ع قال سئل عن الفأرة تقع في البئر قال إذا ماتت و لم تنتن فأربعين دلوا و إن انتفخت فيه و نتنت نزح الماء كله

 فقوله إذا لم تنتن نزح أربعين دلوا محمول على الاستحباب بدلالة ما قدمناه من الأخبار

24-  فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد عن بعض أصحابنا قال كنت مع أبي عبد الله ع في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبد الله ع دلوا فخرج فيه فأرتان فقال أبو عبد الله ع أرقه قال فاستقى آخر فخرجت فيه فأرة فقال أبو عبد الله ع أرقه قال فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شي‏ء فقال صبه في الإناء فصبه في الإناء

 فأول ما في هذا الحديث أن علي بن حديد رواه عن بعض أصحابنا و لم يسنده و هذا مما يضعف الحديث و يحتمل مع تسليمه أن يكون أراد بالبئر المصنع الذي فيه من الماء ما يزيد مقداره على الكر فلا يجب نزح شي‏ء منه ثم لم يقل إنه توضأ منه بل قال صبه في الإناء و ليس في قوله صبه في الإناء دلالة على جواز استعماله في الوضوء و يجوز أن يكون إنما أمره بالصب في الإناء لاحتياجهم إليه للشرب و هذا يجوز عندنا عند الضرورة ثم قال الشيخ أيده الله تعالى و إن مات فيها بعير نزح جميع ما فيها فإن صعب ذلك لغزارة الماء و كثرته تراوح على نزحه أربعة رجال يستقون منها على التراوح من أول النهار إلى آخره و قد طهرت بذلك فإن وقع فيها خمر و هو الشراب المسكر من أي الأصناف كان نزح جميع ما فيها إن كان قليلا و إن كان كثيرا تراوح على نزحه أربعة رجال من أول النهار إلى آخره على ما ذكرناه الدليل على ذلك أنه إذا وقع البعير في الماء أو الخمر فقد نجس الماء بلا خلاف فيجب أن لا يحكم عليها بالطهارة إلا بدليل قاطع و لا دليل يقطع به في الشريعة على شي‏ء مقدر فيجب أن ينزح جميعها و يؤكد ذلك أيضا

25-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إذا سقط في البئر شي‏ء صغير فمات فيها فانزح منها دلاء قال فإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء فإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح الماء كله

 -  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال إن سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء فإن مات فيها ثور أو نحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله

27-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن يحيى و الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه محمد بن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها بول أو خمر فقال ينزح الماء كله

 فما يتضمن هذا الخبر من ذكر بول الصبي أو صب البول فيه محمول على أنه إذا غير طعم الماء أو رائحته لأنه متى لم يتغير الماء فإن له قدرا مقدرا ينزح منه و نحن نذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى

28-  فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي إسحاق عن نوح بن شعيب الخراساني عن ياسين عن حريز عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله ع بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر قال الدم و الخمر و الميت و لحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا فإن غلبت الريح نزحت حتى تطيب

29-  و الخبر الذي رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن زياد عن كردويه قال سألت أبا الحسن ع عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال ينزح منها ثلاثون دلوا

 فهما خبر واحد و لا يمكن لأجله دفع هذه الأخبار كلها و نحن إذا عملنا على ما تقدم من الأخبار نكون عاملين على هذين الخبرين أيضا لأنه إذا نزح الماء كله أو كر منه فقد دخل فيه الثلاثون دلوا و لو عملنا على هذين الخبرين كنا دافعين لتلك جملة و غير آخذين بشي‏ء من أحكامها فأما ما اعتبره من تراوح أربعة رجال على نزح الماء إذا صعب نزح الجميع يدل عليه الخبر الذي رويناه فيما تقدم

 عن عمرو بن سعيد عن ابن هلال قال سألت أبا جعفر ع عما يقع في البئر و عد أشياء إلى أن قال حتى بلغت الحمار و الجمل قال كر من ماء

و إذا كان كثيرا تراوح عليه أربعة رجال على نزح الماء يوما يزيد على كر من ماء و لا ينقص و يجب أن يكون مجزيا و لأن تراوح الرجال معتبر فيما يقع في الماء فيغير لونه أو طعمه و يصعب نزح جميعه أ لا ترى إلى

30-  ما أخبرنا به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله ع في حديث طويل قال و سئل عن بئر يقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير قال ينزف كلها يعني إذا تغير لونه أو طعمه بدلالة ما تقدم من اعتبار أربعين دلوا في هذه الأشياء ثم قال أعني أبا عبد الله ع فإن غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل و قد طهرت

 ثم قال الشيخ أيده الله تعالى فإن بال فيها رجل نزح منها أربعون دلوا يدل عليه

31-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله ع قال سألته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر فقال دلو واحد قلت بول الرجل قال ينزح منها أربعون دلوا

 ثم قال فإن بال فيها صبي نزح منها سبع دلاء يدل عليه

32-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد الحميد عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم قال حدثني عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال ينزح منها سبع دلاء إذا بال فيها الصبي أو وقعت فيه فأرة أو نحوها

 ثم قال فإن بال فيها رضيع لم يأكل الطعام بعد نزح منها دلو واحد يدل عليه

 خبر علي بن أبي حمزة المتقدم و أنه قال سألته عن بول الفطيم قال دلو واحد

ثم قال أيده الله تعالى فإن وقعت فيها عذرة يابسة لم تذب فيها و لم تقطع نزح منها عشر دلاء و إن كانت رطبة أو ذابت و تقطعت فيها نزح منها خمسون دلوا و إن ارتمس فيها جنب وجب تطهيرها بنزح سبع دلاء يدل عليه

 -  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله و محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان قال حدثني أبو بصير قال سألت أبا عبد الله ع عن الجنب يدخل البئر يغتسل فيها قال ينزح منها سبع دلاء و سألته عن العذرة تقع في البئر فقال ينزح منها عشر دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا

34-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن العلاء عن محمد عن أحدهما ع في البئر تقع فيها الميتة قال إذا كان لها ريح نزح منها عشرون دلوا و قال إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء

35-  و بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء

 ثم قال الشيخ أيده الله تعالى فإن وقع فيها دم و كان كثيرا نزح منها عشر دلاء و إن كان قليلا نزح منها خمس دلاء فمأخوذ من الخبر الذي

36-  أخبرنا به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا ع عن البئر يكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شي‏ء من عذرة كالبعرة أو نحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقع ع في كتابي بخطه ينزح منها دلاء

 وجه الاستدلال من هذا الخبر هو أنه قال ينزح منها دلاء و أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب أن نأخذ به و نصير إليه إذ لا دليل على ما دونه ثم قال الشيخ أيده الله تعالى فإن وقع فيها حية فماتت نزح منها ثلاث دلاء و كذلك إن وقع فيها وزغة

37-  أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد و فضالة عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الفأرة و الوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلاث دلاء

38-  محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن يعقوب بن عثيم قال قلت لأبي عبد الله ع سام أبرص وجدناه قد تفسخ في البئر قال إنما عليك أن تنزح منها سبع دلاء قلت فثيابنا التي قد صلينا فيها نغسلها و نعيد الصلاة قال لا

39-  و سأل جابر بن يزيد الجعفي أبا جعفر ع عن السام أبرص في الماء فقال ليس بشي‏ء حرك الماء بالدلو

 قال محمد بن الحسن المعنى فيه إذا لم يكن تفسخ لأنه إذا تفسخ نزح منها سبع دلاء على ما بيناه في الخبر الأول ثم قال أيده الله تعالى و إن وقع فيها عصفور و شبهه نزح منها دلو واحد فقد مضى فيما تقدم في حديث

 عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله ع قال سئل أبو عبد الله ع و ذكر الحديث إلى أن قال و أقل ما يقع في البئر عصفور ينزح منها دلو واحد

ثم قال أيده الله تعالى و إن سقط فيها بعر غنم أو إبل أو غزلان و أبوالها لم ينجس بذلك و كذلك الحكم في أرواث ما يؤكل لحمه و أبواله فإنه لا يفسد الماء به و لا ينجس الثوب و لا الجسد بملاقاته إلا ذرق الدجاج الجلالة خاصة فإنه إن وقع في الماء القليل نزح منها خمس دلاء و إن أصاب الثوب أو البدن وجب غسله بالماء إذا ثبت بما قدمناه من الآية و الأخبار أن ما وقع عليه إطلاق اسم الماء فهو على حكم الطهارة إلا أن يطرأ عليه ما يتيقن أنه نجاسة فيجب عليه الاجتناب من استعماله و هذه الأشياء التي ذكرها ليس في الشريعة ما يمنع من استعمال الماء الذي أصابته أو حلته فيجب أن يكون حكم الطهارة عليه باقيا و كذلك ما يحكم بملاقاته الثوب عليه بالنجاسة يحتاج إلى دليل شرعي و ليس في الشرع دليل على تنجيس هذه الأشياء الثياب فيجب أن يكون حكمها على ظاهر الطهارة و يؤكد ذلك أيضا من جهة الأثر ما رواه

40-  محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن موسى بن جعفر ع قال سألته عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين أ يصلح الوضوء منها قال لا بأس و سألته عن رجل كان يستقي من بئر ماء فرعف فيها هل يتوضأ منها قال ينزف منها دلاء يسيرة ثم يتوضأ منها

41-  و أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة أنهما قالا لا تغسل ثوبك من بول ما يؤكل لحمه

 -  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ع قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أ يغسله أم لا قال يغسل بول الفرس و الحمار و البغل فأما الشاة و كل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله

 قوله ع لا بأس ببول كل ما يؤكل لحمه عام و لا يختص الثياب دون المياه يجب أن يكون جاريا على عمومه على كل حال ثم قال أيده الله تعالى و الإناء إذا وقع فيه نجاسة أو خالطه وجب إهراق ما فيه من الماء و غسله فالوجه فيه أن الماء إذا كان في إناء و حلته النجاسة نجس بها لأنه أقل من الكر و قد بينا أن ما نقص عنه ينجس بما يلاقيه من النجاسة ثم ذكر حكم ولوغ الكلب في الإناء و قد مضى الكلام عليه مستوفى ثم قال أيده الله تعالى و من أراد الطهارة بشي‏ء مما ذكرناه فلا يتطهر به و لا يقربه و ليتيمم لصلاته فإذا وجد ماء طاهرا تطهر به من حدثه الذي كان تيمم له و استقبل ما يجب عليه من الصلاة و ليس عليه إعادة شي‏ء مما صلى بتيممه على ما قدمناه فقد مضى شرح ذلك في باب التيمم و فيه كفاية إن شاء الله تعالى قال الشيخ أيده الله تعالى و لا بأس أن يشرب المضطر من المياه النجسة بمخالطة الميتة لها و الدم و ما أشبه ذلك و لا يجوز شربها مع الاختيار و ليس الشرب منها مع الاضطرار كالتطهر بها لأن التطهر قربة إلى الله تعالى و التقرب إليه لا يكون بالنجاسات و لأن المتوضي و المغتسل من الأحداث يقصد بذلك التطهر من النجاسة و لا تقع الطهارة بالنجس من الأشياء و لأن المحدث يجد في إباحة الصلاة بدلا من الماء و لا يجد المضطر بالعطش في إقامة رمقه بدلا من الماء غيره و لو وجد ذلك لم يجز له شرب ما كان نجسا من المياه يدل على استباحة شرب هذه المياه في حال الاضطرار أن الله تعالى أباح كل محرم عند ضرورة أ لا ترى أنه أباح أكل الميتة حيث قال تعالى حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه فبين أنه لا إثم على متناول هذه المحظورات عند الضرورة و ليس كذلك الوضوء لأن عند عدم الماء الطاهر انتقل فرضه إلى التيمم بالتراب فلا يجوز أن يستعمل الماء النجس مع أن فرضه في الطهارة في استعمال غيره قال الشيخ أيده الله تعالى و لو أن إنسانا كان معه إناءان فوقع في أحدهما ما ينجسه و لم يعلم في أيهما هو يحرم عليه الطهور منهما جميعا و وجب عليه إهراقهما و الوضوء بماء من سواهما فإن لم يجد غير ما أهرقه من الماء تيمم و صلى و لم يكن له استعمال ما أهرقه منهما و حكم ما زاد على الإنائين في العدد إذا تيقن أن في أحدها نجاسة على غير تعيين حكم الإنائين سواء فقد مضى فيما تقدم ما يدل عليه من الاعتبار و الخبر و يدل عليه أيضا

43-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله ع في حديث طويل قال سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو و ليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما جميعا و يتيمم

 -  و روى أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو و ليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما و يتيمم