باب 4- من يجب عليه الجهاد

1-  محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان عن سعد بن ظريف عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين ع كتب الله الجهاد على الرجال و النساء فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه حتى يقتل في سبيل الله و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و غيرته

2-  عنه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الحكم بن مسكين عن عبد الملك بن عمرو قال قال لي أبو عبد الله ع يا عبد الملك ما لي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك قال قلت و أين قال جدة و عبادان و المصيصة و قزوين فقلت انتظارا لأمركم و الاقتداء بكم فقال إي و الله لو كان خيرا ما سبقونا إليه قال قلت فإن الزيدية تقول ليس بيننا و بين جعفر خلاف إلا أنه لا يرى الجهاد فقال إني لا أرى بلى و الله إني لأراه و لكني أكره أن أدع علمي إلى جهلهم

3-  عنه عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال قلت له أخبرني عن الدعاء إلى الله عز و جل و الجهاد في سبيله أ هو لقوم لا يحل إلا لهم و لا يقوم به إلا من كان منهم أو هو مباح لكل من وحد الله تعالى و آمن برسوله ص و من كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز و جل و إلى طاعته و أن يجاهد في سبيل الله تعالى فقال ذلك لقوم لا يحل إلا لهم و لا يقوم بذلك إلا من كان منهم قلت و من أولئك قال من قام بشرائط الله عز و جل في القتال و الجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل و من لم يكن قائما بشرائط الله عز و جل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد و لا الدعاء إلى الله عز و جل حتى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد قلت فبين لي يرحمك الله قال إن الله تعالى أخبر في كتابه الدعاء إليه و وصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها ببعض و يستدل ببعضها على بعض فأخبر أنه تعالى أول من دعا إلى نفسه و دعا إلى طاعته باتباع أمره فبدأ بنفسه فقال عز و جل و الله يدعوا إلى دار السلام و يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ثم ثنى برسول الله ص فقال ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن يعني بالقرآن فلا يكون داعيا إلى الله عز و جل من خالف أمر الله و دعا إليه بغير ما أمر الله عز و جل في كتابه الذي أمر أن لا يدعى إلا به و قال لنبيه ص و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم يقول تدعو ثم ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تعالى إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم أي يدعو و يبشر المؤمنين ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده و بعد رسوله ص في كتابه فقال و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون ثم أخبر من هذه الأمة و ممن هي و أنها من ذرية إبراهيم و من ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم دعوة إبراهيم و إسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا الذين وصفناهم قبل هذا من صفة أمة محمد ص الذين عناهم الله تعالى في كتابه بقوله تعالى أدعوا إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني يعني أول من تبعه على الإيمان و التصديق له و بما جاء من عند الله عز و جل من الأمة التي بعث فيها و منها و إليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك ثم ذكر أتباع نبيه ص و أتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و جعلها داعية إليه

 فأذن له في الدعاء إليه فقال يا أيها النبي حسبك الله و من اتبعك من المؤمنين ثم وصف أتباع نبيه ص من المؤمنين فقال محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله و رضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل و قال يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يعني أولئك المؤمنين و قال قد أفلح المؤمنون ثم حلاهم و وصفهم لئلا يطمع في اللحوق بهم إلا من كان منهم فيما حلاهم و وصفهم الذين هم في صلاتهم خاشعون و الذين هم عن اللغو معرضون إلى قوله تعالى أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون و قال في وصفهم و حليتهم أيضا و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا ثم أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين و من كان على مثل صفتهم أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الإنجيل و القرآن ثم ذكر وفاءهم بعده بعهده و مبايعته فقال و من أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم فلما نزلت هذه الآية إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة قام رجل إلى النبي ص فقال يا نبي الله أ رأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أ شهيد هو فأنزل الله تعالى على رسوله ص التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين فبشر النبي ص المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة فقال التائبون من الذنوب العابدون الذين لا يعبدون إلا الله و لا يشركون به شيئا الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة و الرخاء السائحون و هم الصائمون الراكعون الساجدون الذين يواظبون على الصلوات الخمس الحافظون لها و المحافظون عليها بركوعها و سجودها و في الخشوع فيها و في أوقاتها الآمرون بالمعروف بعد ذلك و العاملون به و الناهون عن المنكر و المنتهون عنه قال فبشرهم من قتل و هو قائم بهذه الشرائط بالشهادة و الجنة ثم أخبر تعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله و ذلك أن جميع ما بين السماء و الأرض لله و لرسوله و لأتباعه من المؤمنين من أهل هذه الصفة فما كان من الدنيا في أيدي المشركين و الكفار و الظلمة و الفجار و أهل الخلاف لرسول الله ص و المولي عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا المؤمنين من أهل هذه الصفات و غلبوهم عليه مما أفاء الله عز و جل على رسوله ص فهو حقهم أفاء الله عليهم و رده عليهم و إنما معنى الفي‏ء كل ما صار إلى المشركين ثم رجع إلى ما قد كان عليه أو فيه فما

 رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عز و جل للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم أي رجعوا ثم قال و إن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم و قال و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي‏ء إلى أمر الله أي ترجع فإن فاءت أي رجعت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين يعني بقوله تفي‏ء ترجع فدل الدليل على أن الفي‏ء كل راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه و يقال للشمس إذا زالت فاءت الشمس حين يفي‏ء الفي‏ء و ذلك عند رجوع الشمس إلى زوالها و كذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فكذلك قوله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ما كان المؤمنون أحق به منهم و إنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها و ذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما و لا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا و لا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي شرطها الله على المؤمنين و المجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل كان مؤمنا فإذا كان مؤمنا كان مظلوما و إذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقوله عز و جل أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله على نصرهم لقدير فإن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن ينبغي و يجب جهاده حتى يتوب و ليس مثله مأذونا له في الجهاد و الدعاء إلى الله عز و جل لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن الله لهم في القرآن بالقتال فلما نزلت هذه الآية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا في المهاجرين الذين أخرجوهم أهل مكة من ديارهم و أموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم و أذن لهم في القتال فقلت هذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فيما نالهم أو في قتال كسرى و قيصر و من دونهما من مشركي قبائل العرب فقال لو كان إنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى و قيصر و غير أهل مكة من قبائل العرب سبيل لأن الذين ظلموهم غيرهم و إنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم و أموالهم بغير حق و لو كانت الآية أنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد و كان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد و ليس كما ظننت و لا كما ذكرت و لكن المهاجرين ظلموا من وجهين ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم و أموالهم فقاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك و ظلمهم كسرى و قيصر و من كان دونهم من قبائل العرب و العجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم فقد قاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك و بحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان و إنما أذن الله للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عز و جل من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان و الجهاد و من كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن و هو مظلوم مأذون له في الجهاد بذلك المعنى و من كان على خلاف ذلك فهو ظالم و ليس من المظلومين و ليس بمأذون له في القتال و لا بالنهي عن المنكر و الأمر بالمعروف لأنه ليس من أهل ذلك و لا مأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل و لا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنين بجهاده و حظر الجهاد عليه و منعه منه و لا يكون داعيا إلى الله عز و جل من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لا يأمر بالمعروف

 من قد أمر أن يؤمر به و لا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز و جل التي قد وصف بها أهلها من أصحاب النبي ص و هو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم لأن حكم الله عز و جل في الأولين و الآخرين و فرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حادث يكون و الأولون و الآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء و الفرائض عليهم واحدة يسأل الآخرون عن أداء الفرائض كما يسأل عنه الأولون و يحاسبون به كما يحاسبون و من لم يكن على صفة من أذن الله عز و جل له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد و ليس بمأذون له فيه حتى يفي‏ء بما شرط الله عليه فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد فليتق الله عبد و لا يغتر بالأماني التي نهى الله عز و جل عنها في هذه الأحاديث الكاذبة على الله تعالى التي يكذبها القرآن و يتبرأ منها و من حملتها و رواتها و لا يقدم على الله بشبهة و لا يعذر بها فإنه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها و هي غاية الأعمال في عظم قدرها فليحكم امرؤ من نفسه و ليرها كتاب الله عز و جل و يعرضها عليه فإنه لا أحد أعلم بامرئ من نفسه فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليها في الجهاد فليقدم على الجهاد فإن علم تقصيرها فليقمها على ما فرض الله عز و جل عليها في الجهاد ثم ليقدم بها و هي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها و بين جهادها و لسنا نقول لمن أراد الجهاد و هو على خلاف ما وصفناه من شرائط الله على المؤمنين و المجاهدين أن لا يجاهدوا و لكنا نقول قد علمناكم ما شرط الله على أهل الجهاد الذين بايعهم و اشترى منهم أنفسهم و أموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك و ليعرضها على شرائط الله فإن رأى أنه قد وفى بها و تكاملت فيه فإنه ممن أذن الله عز و جل له في الجهاد فإن أبى إلا أن يكون على ما فيه من الإصرار على المعاصي و المحارم و الإقدام على الجهاد بالتخبط و العمى و القدوم على الله عز و جل بالجهل و الروايات الكاذبة فقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل إن الله عز و جل ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم فليتق الله امرؤ و ليحذر أن يكون منهم فقد بين لكم و لا عذر بعد البيان في الجهل و لا قوة إلا بالله و حسبنا الله و عليه توكلنا و إليه المصير