كتاب الْوقوف و الصّدقات

61-  باب أنّه لا يجوز بيْع الْوقْف

1-  محمّد بْن يعْقوب عنْ محمّد بْن جعْفر الرّزّاز عنْ محمّد بْن عيسى عنْ أبي عليّ بْن راشد قال سألْت أبا الْحسن ع قلْت جعلْت فداك اشْتريْت أرْضا إلى جنْب ضيْعتي فلمّا وفّرْت الْمال خبّرْت أنّ الْأرْض وقْف فقال لا يجوز شراء الْوقْف و لا تدْخل الْغلّة في مالك ادْفعْها إلى منْ أوقفتْ عليْه قلْت لا أعْرف لها ربّا قال تصدّقْ بغلّتها

2-  الْحسيْن بْن سعيد عنْ فضالة عنْ أبان عنْ عجْلان أبي صالح قال أمْلى أبو عبْد اللّه ع بسْم اللّه الرّحْمن الرّحيم هذا ما تصدّق به فلان بْن فلان و هو حيّ سويّ بداره الّتي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع و لا توهب حتّى يرثها وارث السّماوات و الْأرْض و إنّه قدْ أسْكن صدقته هذه فلانا و عقبه فإذا انْقرضوا فهي على ذوي الْحاجة من الْمسْلمين

3-  محمّد بْن يعْقوب عنْ حميْد بْن زياد عن الْحسن بْن سماعة عنْ أحْمد بْن عبْدوس عنْ أبان عنْ عبْد الرّحْمن بْن أبي عبْد اللّه عنْ أبي عبْد اللّه ع مثْله

4-  الْحسيْن بْن سعيد عنْ محمّد بْن عاصم عن الْأسْود بْن أبي الْأسْود الدّؤليّ عنْ ربْعيّ بْن عبْد اللّه عنْ أبي عبْد اللّه ع قال تصدّق أمير الْمؤْمنين ع بدار له في بني زريْق بالْمدينة فكتب بسْم اللّه الرّحْمن الرّحيم هذا ما تصدّق به عليّ بْن أبي طالب و هو حيّ سويّ تصدّق بداره الّتي في بني زريْق صدقة لا تباع و لا توهب حتّى يرثها اللّه الّذي يرث السّماوات و الْأرْض و أسْكن هذه الصّدقة فلانا ما عاش و عاش عقبه فإذا انْقرضوا فهي لذوي الْحاجة من الْمسْلمين

5-  فأمّا ما رواه محمّد بْن محمّد و سهْل بْن زياد عن الْحسيْن بْن سعيد عنْ عليّ بْن مهْزيار قال كتبْت إلى أبي جعْفر ع أنّ فلانا ابْتاع ضيْعة فأوْقفها و جعل لك من الْوقْف الْخمس و سأل عنْ رأْيك في بيْع حصّتك من الْأرْض أوْ تقْويمها على نفْسه بما اشْتراها أوْ يدعها موْقوفة فكتب ع إليّ أعْلمْ فلانا أنّي آمره ببيْع حقّي من الضّيْعة و إيصال ثمن ذلك إليّ و أنّ ذلك رأْيي إنْ شاء اللّه أوْ تقْويمها على نفْسه إنْ كان ذلك أوْفق له و كتبْت إليْه أنّ الرّجل كتب أنّ بيْن منْ وقف بقيّة هذه الضّيْعة عليْهم اخْتلافا شديدا و أنّه ليْس يأْمن أنْ يتفاقم ذلك بيْنهمْ بعْده فإنْ كان ترى أنْ يبيع هذا الْوقْف و يدْفع إلى كلّ إنْسان منْهمْ ما كان وقف له منْ ذلك أمرْته فكتب بخطّه إليّ و أعْلمْه أنّ رأْيي له إنْ كان قدْ علم الاخْتلاف ما بيْن أصْحاب الْوقْف أنّ بيْع الْوقْف أمْثل فإنّه ربّما جاء في الاخْتلاف تلف الْأمْوال و النّفوس

 فالْوجْه في هذا الْخبر أنْ نحْمله على جواز بيْع ذلك إذا كان بالشّرْط الّذي تضمّنه الْخبر منْ أنّ كوْنه وقْفا يؤدّي إلى ضرر و وقوع اخْتلاف و هرْج و مرْج و خراب الْوقْف فحينئذ يجوز بيْعه و إعْطاء كلّ ذي حقّ حقّه على أنّ الّذي يجوز بيْعه إنّما يجوز لأرْباب الْوقْف لا لغيْرهمْ و الْخبر الْأوّل الّذي ذكرْناه في صدْر الْباب الظّاهر منْه أنّه كان باعه غيْر الْموْقوف عليْه فلذلك لمْ يجزْ بيْعه على كلّ حال و الّذي يؤكّد ما قلْناه

6-  ما رواه أحْمد بْن محمّد عن الْحسن بْن محْبوب عنْ عليّ بْن رئاب عنْ جعْفر بْن حنان قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عنْ رجل أوْقف غلّة له على قرابة منْ أبيه و قرابة منْ أمّه فللْورثة أنْ يبيعوا الْأرْض إذا احْتاجوا و لمْ يكْفهمْ ما يخْرج من الْغلّة قال نعمْ إذا رضوا كلّهمْ و كان الْبيْع خيْرا لهمْ باعوا

62-  باب منْ وقف وقْفا و لمْ يذْكر الْموْقوف عليْه

1-  عليّ بْن مهْزيار قال قلْت له روى بعْض مواليك عنْ آبائك ع أنّ كلّ وقْف إلى وقْت معْلوم فهو واجب على الْورثة و كلّ وقْف إلى غيْر وقْت جهْل مجْهول فهو باطل على الْورثة و أنْت أعْلم بقوْل آبائك فكتب ع هو عنْدي كذا

 قال محمّد بْن الْحسن الْوقْف متى لمْ يكنْ مؤبّدا لمْ يكنْ صحيحا على ما تضمّنه الْأخْبار الْأوّلة في الْباب الْأوّل الْمتضمّنة لشرْط كتاب الْوقْف و متى لمْ يكنْ مؤبّدا لا يصحّ على حال و الْمعْنى في هذا الْخبر أنْ يكون قوْله كلّ وقْف إلى وقْت معْلوم فهو واجب معْناه أنّه إذا كان الْموْقوف عليْه مذْكورا لأنّه إذا لمْ يذْكرْ في الْوقْف موْقوفا عليْه بطل الْوقْف و لمْ يردْ بالْوقْت الْأجل و كان هذا تعارفا بيْنهمْ و الّذي يدلّ على ذلك

2-  ما رواه محمّد بْن الْحسن الصّفّار قال كتبْت إلى أبي محمّد ع أسْأله عن الْوقْف الّذي يصحّ كيْف هو فقدْ روي أنّ الْوقْف إذا كان غيْر موقّت فهو باطل مرْدود على الْورثة و إذا كان موقّتا فهو صحيح فمضى و قال قوْم إنّ الْموقّت هو الّذي يذْكر فيه أنّه وقْف على فلان و عقبه فإذا انْقرضوا فهو للْفقراء و الْمساكين إلى أنْ يرث اللّه عزّ و جلّ الْأرْض و منْ عليْها قال و قال آخرون هذا موقّت إذا ذكر أنّه لفلان و عقبه ما بقوا و لمْ يذْكرْ في آخره للْفقراء و الْمساكين إلى أنْ يرث اللّه الْأرْض و منْ عليْها و الّذي هو غيْر موقّت أنْ يقول هذا وقْف و لمْ يذْكرْ أحدا فما الّذي يصحّ منْ ذلك و ما الّذي يبْطل فوقّع ع الْوقوف بحسب ما يوقفها إنْ شاء اللّه

63-  باب منْ تصدّق على ولْده الصّغار ثمّ أراد أنْ يدْخل معهمْ غيْرهمْ

1-  محمّد بْن يعْقوب عنْ محمّد بْن إسْماعيل عن الْفضْل بْن شاذان عن ابْن أبي عميْر عنْ عبْد الرّحْمن بْن الْحجّاج عنْ أبي عبْد اللّه ع في الرّجل يجْعل لولْده شيْئا و همْ صغار ثمّ يبْدو له أنْ يجْعل معهمْ غيْرهمْ منْ ولْده قال لا بأْس

2-  فأمّا ما رواه أحْمد بْن محمّد عن الْحسن بْن عليّ بْن فضّال عن ابْن بكيْر عن الْحكم بْن أبي غفيْلة قال تصدّق أبي عليّ بدار و قبضْتها ثمّ ولد له بعْد ذلك أوْلاد فأراد أنْ يأْخذها منّي فيتصدّق بها عليْهمْ فسألْت أبا عبْد اللّه ع عنْ ذلك و أخْبرْته بالْقصّة فقال لا تعْطها إيّاه قلْت فإنّه إذا يخاصمني قال فخاصمْه و لا ترْفعْ صوْتك عليْه

 فالْوجْه في هذا الْخبر أنّه ممّا لمْ يجزْ له نقْضها منْ حيْث كانتْ مقْبوضة و الْأوّل لمْ يكنْ كذلك فجاز له أنْ يغيّر ذلك و لمْ يسغْ له تغْيير هذه و ليْس لأحد أنْ يقول أ ليْس قدْ روى محمّد بْن مسْلم أنّ قبْض الْوالد قبْض الصّغار لأنّه الْمتولّي عليْهمْ و لا يجوز له نقْضه فما قوْلكمْ في الْجمْع بيْن هذه الْأخْبار

3-  روى ذلك أحْمد بْن محمّد عنْ عليّ بْن الْحكم عن الْعلاء عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أبي جعْفر ع أنّه قال في الرّجل يتصدّق على ولْد له و قدْ أدْركوا إذا لمْ يقْبضوا حتّى يموت فهو ميراث و إنْ تصدّق على منْ لمْ يدْركْ منْ ولْده فهو جائز لأنّ والده هو الّذي يلي أمْره و قال لا يرْجع في الصّدقة إذا ابْتغى بها وجْه اللّه تعالى و قال الْهبة و النّحْلة يرْجع فيها إنْ شاء حيزتْ أوْ لمْ تحزْ إلّا لذي رحم فإنّه لا يرْجع فيه

 قيل له الّذي تضمّن هذا الْخبر أنّ الصّدقة على الْأوْلاد الصّغار جائزة و ليْس فيه أنّه لا يجوز تغْييرها و نحْن و إنْ جوّزْنا تغْيير هذه الصّدقة فلا يجوز نقْضها جمْلة و نقْلها إلى غيْرهمْ و إنّما يسوغ أنْ يدْخل فيها معهمْ غيْرهمْ و على هذا الْوجْه لا تتناقض الْأخْبار و الّذي يكْشف عمّا ذكرْناه

4-  ما رواه أحْمد بْن محمّد بْن عيسى عنْ محمّد بْن سهْل عنْ أبيه قال سألْت أبا الْحسن الرّضا ع عن الرّجل يتصدّق على بعْض ولْده بطرف منْ ماله ثمّ يبْدو له بعْد ذلك ليدْخل معه غيْره منْ ولْده قال لا بأْس

5-  عنْه عن الْحسن بْن عليّ بْن يقْطين عنْ أخيه الْحسيْن عنْ أبيه عليّ بْن يقْطين قال سألْت أبا الْحسن ع عن الرّجل تصدّق على بعْض ولْده بطرف منْ ماله ثمّ يبْدو له بعْد ذلك أنْ يدْخل معه غيْره منْ ولْده قال لا بأْس بذلك و عن الرّجل يتصدّق ببعْض ماله على بعْض ولْده و يبينه له أ له أنْ يدْخل معهمْ منْ ولْده غيْرهمْ بعْد أنْ أبانهمْ بصدقة فقال ليْس له ذلك إلّا أنْ يشْترط أنّه منْ ولد فهو مثْل منْ تصدّق عليْه فذلك له

 و الّذي يدلّ أيْضا على أنّ الْأوْلاد إذا كانوا صغارا لمْ يكنْ له الرّجوع فيه أصْلا

6-  ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر بْن سويْد عن الْقاسم بْن سليْمان عنْ عبيْد بْن زرارة عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال في رجل تصدّق على ولْد له قدْ أدْركوا فقال إذا لمْ يقْبضوا حتّى يموت فهو ميراث فإنْ تصدّق على منْ لمْ يدْركْ منْ ولْده فهو جائز لأنّ الْوالد هو الّذي يلي أمْره و قال لا يرْجع في الصّدقة إذا تصدّق بها ابْتغاء وجْه اللّه

7-  محمّد بْن عليّ بْن محْبوب عنْ عليّ بْن السّنْديّ عن ابْن أبي عميْر عنْ جميل بْن درّاج قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع رجل تصدّق على ولْده بصدقة و همْ صغار أ له أنْ يرْجع فيها قال لا الصّدقة للّه

8-  أحْمد بْن محمّد عنْ صفْوان بْن يحْيى عنْ أبي الْحسن ع قال سألْته عن الرّجل يوقف الضّيْعة ثمّ يبْدو له أنْ يحْدث في ذلك شيْئا فقال إنْ كان أوْقفها لولْده و لغيْرهمْ ثمّ جعل لها قيّما لمْ يكنْ له أنْ يرْجع و إنْ كانوا صغارا و قدْ شرط ولايتها لهمْ حتّى يبْلغوا فيحوزها لهمْ لمْ يكنْ له أنْ يرْجع فيها و إنْ كانوا كبارا و لمْ يسلّمْها إليْهمْ و لمْ يخاصموا حتّى يحوزوها فله أنْ يرْجع فيها لأنّهمْ لا يحوزونها و قدْ بلغوا

 -  باب منْ تصدّق بمسْكن على غيْره يجوز له أنْ يسْكن معه أمْ لا

1-  أبان عنْ أبي الْجارود قال قال أبو جعْفر ع لا يشْتري الرّجل ما تصدّق به و إنْ تصدّق بمسْكن على ذي قرابته فإنْ شاء سكن معهمْ و إنْ تصدّق بخادم على ذي قرابته خدمتْه إنْ شاء

2-  فأمّا ما رواه عليّ بْن الْحسن بْن فضّال عنْ عمْرو بْن عثْمان عنْ عبْد اللّه بْن الْمغيرة عنْ طلْحة بْن زيْد عنْ أبي عبْد اللّه عنْ أبيه ع أنّ رجلا تصدّق بدار له و هو ساكن فيها فقال الْحين اخْرجْ منْها

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل لأنّ الْوجْه في أمْره بالْخروج من الدّار إنّما أراد به صحّة الْوقْف لأنّا قدْ بيّنّا أنّ منْ صحّته تسْليم الْوقْف إلى منْ وقف عليْه و لمْ يكن الْغرض بذلك أنّه محرّم عليْه محْظور و لا ينافي ذلك

3-  ما رواه عليّ بْن الْحسن عنْ يعْقوب بْن يزيد الْكاتب عن ابْن أبي عميْر عنْ أبي الْمغْراء عنْ أبي بصير عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته عنْ صدقة ما لمْ يقْبضْ و لمْ يقْسمْ قال يجوز

 لأنّ الْوجْه في هذا الْخبر أنّه يجوز صدقة ما لمْ يقْبضْ و نحْن لمْ نقلْ إنّ ذلك غيْر جائز و إنّما قلْنا إنّه لا يلْزم الْوفاء به و يكون صاحبه مخيّرا في ذلك

65-  باب السّكْنى و الْعمْرى

1-  الْحسن بْن محمّد بْن سماعة عنْ غيْر واحد عنْ أبان عنْ عبْد الرّحْمن بْن أبي عبْد اللّه عنْ حمْران قال سألْته عن السّكْنى و الْعمْرى فقال النّاس فيه عنْد شروطهمْ إنْ كان شرط حياته سكن حياته و إنْ كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتّى يفْنوْا ثمّ يردّ إلى صاحب الدّار

2-  أحْمد بْن محمّد عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ محمّد بْن الْفضيْل عنْ أبي الصّبّاح عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سئل عن السّكْنى و الْعمْرى فقال إنْ كان جعل السّكْنى في حياته فهو كما شرط و إنْ كان جعلها له و لعقبه حتّى يفْنى عقبه فليْس لهمْ أنْ يبيعوا و لا يورثوا ثمّ ترْجع الدّار إلى صاحبها الْأوّل

3-  عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عنْ حمّاد عن الْحلبيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع في الرّجل يسْكن الرّجل داره و لعقبه منْ بعْده قال يجوز و ليْس لهمْ أنْ يبيعوا و لا يورثوا قلْت فرجل أسْكن داره حياته قال يجوز ذلك قلْت فرجل أسْكن داره و لمْ يوقّتْ قال جائز و يخْرجه إذا شاء

4-  عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عنْ حسيْن بْن نعيْم عنْ أبي الْحسن موسى ع قال سألْته عنْ رجل جعل دارا سكْنى لرجل أيّام حياته أوْ جعلها له و لعقبه منْ بعْده هلْ هي له و لعقبه كما شرط قال نعمْ قلْت فإن احْتاج يبيعها قال نعمْ قلْت فينْقض بيْعه الدّار السّكْنى قال لا ينْقض بالْبيْع السّكْنى كذلك سمعْت أبي ع قال قال أبو جعْفر ع لا ينْقض الْبيْع الْإجارة و لا السّكْنى و لكنْ يبيعه على أنّ الّذي يشْتريه لا يمْلك ما اشْترى حتّى ينْقضي السّكْنى على ما شرط و كذلك الْإجارة قلْت فإنْ ردّ على الْمسْتأْجر ماله و جميع ما لزمه من النّفقة و الْعمارة فيما اسْتأْجره قال على طيبة النّفْس و رضا الْمسْتأْجر بذلك فلا بأْس

 -  فأمّا ما رواه الْحسن بْن محْبوب عنْ خالد بْن نافع الْبجليّ عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته عنْ رجل جعل لرجل سكْنى دار له حياته يعْني صاحب الدّار فمات الّذي جعل السّكْنى و بقي الّذي جعل له السّكْنى أ رأيْت إنْ أراد الْورثة أنْ يخْرجوه من الدّار لهمْ ذلك قال فقال أرى أنْ تقوّم الدّار بقيمة عادلة ثمّ ينْظر إلى ثلث الْميّت فإنْ كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدّار فليْس للْورثة أنْ يخْرجوه و إنْ كان الثّلث لا يحيط بثمن الدّار فلهمْ أنْ يخْرجوه قيل له أ رأيْت إنْ مات الرّجل الّذي جعل له السّكْنى بعْد موْت صاحب الدّار أ تكون السّكْنى لورثة الّذي جعل له السّكْنى قال لا

 فما تضمّن صدْر هذا الْخبر منْ قوْله يعْني صاحب الدّار فهو منْ كلام الرّاوي و قدْ غلط في التّأْويل و وهم لأنّ الْأحْكام الّتي ذكرها بعْد ذلك إنّما تصحّ إذا كان قدْ جعل السّكْنى مدّة حياة منْ أسْكنه فحينئذ تقوّم و ينْظر باعْتبار الثّلث و زيادته و نقْصانه و لوْ كان الْأمْر على ما ذكره الرّاوي الْمتأوّل للْحديث منْ أنّه كان جعله مدّة حياة صاحب الدّار لكان حين مات بطلت السّكْنى و لمْ يحْتجْ معه إلى تقْويمه و اعْتباره بالثّلث و قدْ بيّنّا ما يدلّ على ذلك

6-  فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ يوسف بْن عقيل عنْ محمّد بْن قيْس عنْ أبي جعْفر ع أنّ أمير الْمؤْمنين ع قضى في الْعمْرى أنّها جائزة لمنْ أعْمرها فمنْ أعْمر شيْئا ما دام حيّا فإنّه لورثته إذا توفّي

 فلا ينافي ما قدّمْناه لأنّ قوْله فإنّه لورثته إذا توفّي يعْني الّذي جعل الْعمْرى دون الّذي جعل له ذلك و لوْ أراد الّذي جعل له الْعمْرى لما قال إنّه لورثته لأنّه إذا مات عادت الْعمْرى إلى صاحبها إنْ كان حيّا و إلى ورثته إنْ كان ميّتا اللّهمّ إلّا أنْ يجْعل له و لولْده و لعقبه ما بقي منْهمْ أحد على ما بيّنّاه و يحْتمل أنْ يكون الْمراد بذلك إذا جعل الْعمْرى لغيْره مدّة حياته هو فإذا مات السّاكن فهو لورثته إلى أنْ يموت هو أيْضا ثمّ يعود ميراثا على ما قدّمْنا الْقوْل فيه

66-  باب منْ وهب لولْده الصّغار

1-  عليّ بْن الْحسن بْن فضّال عنْ جعْفر بْن محمّد بْن حكيم عنْ جميل بْن درّاج عنْ أبي عبْد اللّه ع عنْ رجل وهب لابْنه شيْئا هلْ يصْلح أنْ يرْجع فيه قال نعمْ إلّا أنْ يكون صغيرا

2-  محمّد بْن يعْقوب عنْ محمّد بْن إسْماعيل عن الْفضْل بْن شاذان عن ابْن أبي عميْر عنْ عبْد الرّحْمن قال سألْت أبا الْحسن ع عن الرّجل تصدّق على بعْض ولْده و همْ صغار بالْجارية ثمّ تعْجبه الْجارية و همْ صغار في عياله أ ترى أنْ يصيبها أوْ يقوّمها قيمة عدْل فيشْهد بثمنها عليْه أمْ يدع ذلك كلّه فلا يعْرض لشيْ‏ء منْه قال يقوّمها قيمة عدْل و يحْتسب بثمنها لهمْ على نفْسه و يمسّها

3-  فأمّا ما رواه عليّ بْن الْحسن بْن فضّال عن الْعبّاس بْن عامر عنْ داود بْن الْحصيْن عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته هلْ لأحد أنْ يرْجع في صدقة أوْ هبة قال أمّا ما تصدّق به للّه فلا و أمّا الْهبة و النّحْلة فيرْجع فيها حازها أوْ لمْ يحزْها و إنْ كانتْ لذي قرابة

4-  أحْمد بْن محمّد عن الْحسيْن عنْ صفْوان بْن يحْيى قال سألْت الرّضا ع عنْ رجل كان له على رجل مال فوهبه لولده فذكر له الرّجل الْمال الّذي له عليْه فقال له ليْس عليْك منْه شيْ‏ء في الدّنْيا و الْآخرة يطيب ذلك له و قدْ كان وهبه لولد له قال نعمْ يكون وهبه له ثمّ نزعه فجعله هبة لهذا

 فالْوجْه في هذيْن الْخبريْن أنْ نحْملهما على أنّه إذا كان الْولْد كبارا جاز له الرّجوع في الْهبة و إنّما منعْنا في الرّجوع فيما يهب الصّغار منْهمْ

5-  و أمّا ما رواه أحْمد بْن محمّد عن ابْن أبي نصْر عنْ حمّاد عن الْمعلّى بْن خنيْس قال سألْت أبا عبْد اللّه ع هلْ لأحد أنْ يرْجع في صدقة أوْ هبة قال أمّا ما تصدّق به للّه فلا و أمّا الْهبة و النّحْلة يرْجع فيهما حازهما أوْ لمْ يحزْهما و إنْ كانتْ لذي قرابة

 فالْوجْه في هذا الْخبر ما قلْناه في الْخبريْن الْأوّليْن سواء

67-  باب الْهبة الْمقْبوضة

1-  محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ موسى بْن عمر عن الْعبّاس بْن عامر عنْ أبان عنْ أبي بصير عنْ أبي عبْد اللّه ع قال الْهبة لا تكون أبدا هبة حتّى يقْبضها و الصّدقة جائزة عليْه

2-  عنْه عنْ إبْراهيم عنْ عبْد الرّحْمن بْن حمّاد عنْ إبْراهيم بْن عبْد الْحميد عنْ أبي عبْد اللّه ع قال أنْت بالْخيار في الْهبة ما دامتْ في يدك فإذا خرجتْ إلى صاحبها فليْس لك أنْ ترْجع فيها

3-  عليّ بْن الْحسن بْن فضّال عن الْعبّاس بْن عامر عنْ داود بْن الْحصيْن عنْ أبي عبْد اللّه ع قال الْهبة و النّحْلة ما لمْ تقْبضْ حتّى يموت صاحبها قال هو ميراث فإنْ كانتْ لصبيّ في حجْره و أشْهد عليْه فهو جائز

 -  فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عن الْعلاء عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أبي جعْفر ع قال الْهبة و النّحْلة يرْجع فيهما صاحبهما إنْ شاء حيزتْ أوْ لمْ تحزْ إلّا لذي رحم فإنّه لا يرْجع فيها

5-  أحْمد بْن محمّد عن ابْن فضّال عن ابْن بكيْر عنْ عبيْد بْن زرارة قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن الرّجل يتصدّق بالصّدقة أ له أنْ يرْجع في صدقته فقال إنّ الصّدقة محْدثة إنّما كان النّحْلة و الْهبة و لمنْ وهب أوْ نحل أنْ يرْجع في هبته حيز أوْ لمْ يحزْ و لا ينْبغي لمنْ أعْطى شيْئا للّه تعالى أنْ يرْجع فيه

 فلا تنافي بيْن هذيْن الْخبريْن و ما جرى مجْراهما و الْأخْبار الْأوّلة لأنّ الْأخْبار الْأوّلة محْتملة أشْياء منْها أنّه إنّما لمْ يجزْ إذا قبضت الرّجوع فيها إذا كان عيْن الشّيْ‏ء قد اسْتهْلك و لا يكون قائما بعيْنه يدلّ على ذلك

6-  ما رواه عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عنْ جميل عنْ أبي عبْد اللّه ع و حمّاد بْن عثْمان عن الْحلبيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إذا كانت الْهبة قائمة بعيْنها فله أنْ يرْجع و إلّا فليْس له

 و منْها أنْ تكون يعوّض منْها فإنّه إذا كان كذلك لمْ يجزْ له أيْضا الرّجوع فيها يدلّ على ذلك

7-  ما رواه عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عنْ عبْد اللّه بْن سنان عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إذا عوّض صاحب الْهبة فليْس له أنْ يرْجع

8-  الْحسيْن بْن سعيد عنْ فضالة بْن أيّوب عنْ أبان عنْ عبْد الرّحْمن بْن أبي عبْد اللّه و عبْد اللّه بْن سنان قالا سألْنا أبا عبْد اللّه ع عن الرّجل يهب الْهبة أ يرْجع فيها إنْ شاء أمْ لا فقال تجوز الْهبة لذوي الْقرْبى و الّذي يثاب عنْ هبته و يرْجع في غيْر ذلك إنْ شاء

 و منْها أنْ يكون ذلك مخْصوصا بذوي الْأرْحام الْبالغين لأنّ ذلك إذا قبضوها لا يجوز له الرّجوع فيها و قدْ بيّنّاه فيما تقدّم و يزيد ذلك بيانا

9-  ما رواه أحْمد بْن محمّد عنْ عثْمان بْن عيسى عنْ سماعة قال سألْته عنْ رجل تصدّق بصدقة على حميم أ يصْلح له أنْ يرْجع فيها قال لا و لكنْ إن احْتاج فلْيأْخذْ منْ حميمه منْ غيْر ما تصدّق به عليْه

 و منْها أنْ يكون ذلك محْمولا على الْكراهية دون الْحظْر يدلّ على ذلك

10-  ما رواه محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ إبْراهيم عنْ عبْد الرّحْمن بْن حمّاد عنْ إبْراهيم بْن عبْد الْحميد عنْ أبي عبْد اللّه ع قال قال رسول اللّه ص منْ يرْجع في هبته كالرّاجع في قيْئه

11-  الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر بْن سويْد عن الْقاسم بْن سليْمان عنْ جرّاح الْمدائنيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع قال قال رسول اللّه ص منْ رجع في هبته فهو كالرّاجع في قيْئه

12-  الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر عن الْقاسم بْن سليْمان عنْ جرّاح الْمدائنيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال في الرّجل يرْتدّ في الصّدقة قال كالّذي يرْتدّ في قيْئه

13-  عنْه عن ابْن أبي عميْر عنْ حمّاد عن الْحلبيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع قال قال رسول اللّه ص إنّما مثل الّذي يرْجع في صدقته كالّذي يرْجع في قيْئه

14-  فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ فضالة عنْ أبان عنْ أبي مرْيم قال إذا تصدّق الرّجل بصدقة أوْ هبة قبضها صاحبها أوْ لمْ يقْبضْها علمتْ أوْ لمْ تعْلم فهي جائزة

15-  عنْه عنْ فضالة عنْ أبان عنْ عبْد الرّحْمن بْن سيابة عنْ أبي عبْد اللّه ع مثْله

16-  يونس بْن عبْد الرّحْمن عنْ أبي الْمعْزى عنْ أبي بصير قال قال أبو عبْد اللّه ع الْهبة جائزة قبضتْ أوْ لمْ تقْبضْ قسمتْ أوْ لمْ تقْسمْ و النّحْل لا يجوز ذلك حتّى تقْبض و إنّما أراد النّاس ذلك فأخْطئوا

 فالْوجْه في هذه الْأخْبار ضرْب من الاسْتحْباب دون الْوجوب على أنّ الْخبر الْأخير تضمّن الْفرْق بيْن النّحْل و الْهبة و قدْ بيّنّا أنّه لا فرْق بيْنهما و يجوز أنْ يكون خرج مخْرج التّقيّة لأنّه مذْهب بعْض الْعامّة و الّذي يزيد ما ذكرْناه بيانا

17-  ما رواه أحْمد بْن محمّد عن الْحسن بْن محْبوب عنْ عليّ بْن رئاب عنْ زرارة عنْ أبي عبْد اللّه ع قال إنّما الصّدقة محْدثة إنّما كان النّاس على عهْد رسول اللّه ص ينْحلون و يهبون و لا ينْبغي لمنْ أعْطى للّه عزّ و جلّ شيْئا أنْ يرْجع فيه قال و ما لمْ يعْطه للّه و في اللّه فإنّه يرْجع فيه نحْلة كانتْ أوْ هبة حيزتْ أوْ لمْ تحزْ و لا يرْجع الرّجل فيما يهب لامْرأته و لا للْمرْأة فيما تهب لزوْجها حيزا أوْ لمْ يحازا لأنّ اللّه تعالى يقول و لا يحلّ لكمْ أنْ تأْخذوا ممّا آتيْتموهنّ شيْئا و قال فإنْ طبْن لكمْ عنْ شيْ‏ء منْه نفْسا فكلوه هنيئا مريئا

 و هذا يدْخل في الصّداق و الْهبة

 -  فأمّا ما رواه محمّد بْن يعْقوب عنْ محمّد بْن إسْماعيل عن الْفضْل بْن شاذان عن ابْن أبي عميْر عنْ معاوية بْن عمّار قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن الرّجل يكون له على الرّجل الدّراهم فيهبها له أ له أنْ يرْجع فيها قال لا

 فالْوجْه في هذا الْخبر أيْضا ما قلْناه في الْأخْبار الْأوّلة سواء و يحْتمل أيْضا أنْ يكون محْمولا على الاسْتحْباب