(عَدِي بن حاتم الطائي (رضوان الله عليه

اسمه وكنيته ونسبه :

عَدِي بن حاتِم الطائي بن عبد الله .. بن يَعرُب بن قحطان ، ويُكنَّى بـ( أبي طَريف ) و( أبي وَهب ) .

ولادته :

بناءً على أنَّ عمره حين وفاته ( 120 ) سنة ، تكون ولادته ما بين سنة ( 51 ) و( 54 ) قبل الهجرة النبويَّة المباركة .

نشأته :

نشأ عَدِي بن حاتِم منذ طفولته في الجاهلية ، وسط بيت يشخص فيه والده المعروف بالكرم ، فقد كان أحد الثلاثة الذين ضُرب بهم المثَل في الجود زمن الجاهلية .

أخباره :

تزوَّج حاتم امرأة تُدعى النوار ، وكانت تلومه على كرمه ، فتزوَّج ماويّة بنت عفزر ، من بنات ملوك اليمن ، وكانت تحبُّ الكرم وتوقِّر الكرماء ، فأنجبت له عَدِيّاً .

وقد ورث عَدِيٌّ تلك الخصال الحميدة عن أبيه ، الذي رَوى فيه الإمامُ الرضا ( عليه السلام ) أنَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لعدي : ( رُفِعَ عن أبيك العَذاب بِسَخَاوَةِ نَفسِه ) .

ونشأ على تلك المكارم حتَّى هذَّبها له الإسلام ، فانتهت إليه رئاسة طَيء بعد أبيه .

وفي ذلك يقول الشاعر :

شابَهَ حاتِماً عَدِيٌّ في الكَرَمْ  **  ومَن يُشابِهْ أبَهُ فما ظلَمْ

ومن أخبار جُود عَدِي أنه سمع رجلاً من الأعراب يقول : يا قوم ، تصدَّقوا على شيخٍ مُعيل ، وعابرِ سبيل ، شَهِد له ظاهرُه ، وسمع شكواه خالقُه ، بدنُه مطلوب ، وثوبُه مسلوب .

فقال له عَدي : مَن أنت ؟

قال : رجلٌ من بني سعد ، في ديةٍ لَزِمَتْني .

قال : فكم هي ؟

قال : مِائة بعير .

قال عَدي : دوَنكَها في بطن الوادي .

وأرسل الأشعث بن قيس إلى عَدي يستعير منه قُدورَ حاتم أبيه ، فأمر بها عدي فمُلِئت ، وحملها الرجال إلى الأشعث .

فأرسل الأشعث إليه : إنَّما أردناها فارغة ، فأرسل إليه عَدي : إنَّا لا نُعيرها فارغة .

ما قيل فيه :

ومن هنا وَصَفه ابن عبد البَر بأنه : كان سَيِّداً ، شريفاً في قومه ، فاضلاً ، كريماً ، خطيباً ، حاضر الجواب .

وقال فيه ابن كثير : كان حاتم جواداً مُمدَّحاً في الجاهلية ، وكذلك ابنُه في الإسلام .

وقال ابن حجر العسقلاني يُعرِّفه : وَلَد الجواد المشهور ، أبو طَريف ، وكان جواداً .

وقال ابن الأثير : وكان جواداً ، شريفاً في قومه ، معظَّماً عندهم ، وعند غيرهم .

وقال الزركلي يتابع : عَدِي بن حاتم أميرٌ ، صَحَابي ، من الأجواد العُقَلاء ، كان رئيس طَيء في الجاهلية والإسلام .

صفاته :

كان عَدِي بن حاتم رجلاً ، جسيماً ، أعور ، ولم يكن العَوَر خِلقةً فيه ، بل طرأ عليه أثناء حروبه إلى جانب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

فشهد واقعة الجمل ، وفيها ذهبت إحدى عينيه ، وشهد وقعة صِفِّين فذهبت فيها الأُخرى .

ويبدو أنَّ ذهاب العين لم يكن كاملاً ، لأن عديّاً اشترك في معركة النهروان ، وعاصر ما بعدها من الأحداث ، لكنَّ العرب يعبِّرون عن انقلاب الجفن ، وما شابهه من العيوب ، التي تُصيب العين ولا تذهب بالبصر كلّه ، بـ( العَوَر ) .

قِصَّة إسلامه :

كان عَدِي قبل البعثة على دين النصرانيَّة أو الركوسيّة ، وهو دين بين النصرانية والصابئية  .

ولم يكن وثنيّاً ، وكانت له زعامة قومه ورئاستهم ، وقد حاول أن يحتفظ بمنصبه في طَيء ، وبين قبائل العرب .

لكنَّ الخلُق النبوي جعله يدخل الإسلام ويعتنقه ، ويعتقده اعتقاد قَلبٍ وجَنان .

إيمانه وولاؤه :

كان عدي بن حاتم على جانب عظيم من الوثاقة ، ومن خُلَّص أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ومن بعده وَلدِه الإمام الحسن ( عليه السلام ) .

وكانت له مواقف مشرِّفة ، وكلمات صادقة ، تحكي مَدَى إيمانه بالله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وشِدَّة انشداده إلى أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .

وكان مِمَّن اعتقدوا ورَوَوا أنَّ الأئمة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) اثنا عشر إماماً ، كُلُّهم من قريش .

وفي مناشدة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين قال : ( أُنشد اللهَ مَن شَهِد يومَ غدير خُمٍّ إلاَّ قام، ولا يقوم رجل يقول نُبّئتُ أو بَلَغني ، إلاَّ رجلٌ سمِعت أُذُناه ، ووعاه قلبه ) .

فقام سبعة عشر رجلاً ، وكان منهم عَدِي بن حاتم .

فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( هَاتُوا مَا سَمِعتُم ) .

فنقلوا واقعة الغدير حتَّى انتهَوا إلى القول : ثمَّ أخذ ( صلى الله عليه وآله ) بيدك يا أمير المؤمنين ، فرفعها وقال : ( مَن كنتُ مَولاهُ فَهَذا علي مَولاه ، اللَّهمَّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ) .

 فقال علي ( عليه السلام ) : ( صَدَقتُم ، وأنَا عَلى ذلك من الشَّاهِدِين ) .

وفاته :

قيل أن وفاته ( رضوان الله عليه ) إما في سنة ( 66 هـ ) أو ( 69 هـ ) ، وذكر بعض المؤرّخين أنه ( رضوان الله عليه )  توفّي في أيام المختار الثقفي .

 علماً أنَّ المختار كانت حكومته على الكوفة ( 18 ) شهراً ، وهي من ربيع الأول سنة ( 66 هـ ) إلى النصف من شهر رمضان سنة ( 67 هـ ) .