الباب الثّاني والعشرون قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّ الحسين عليه السلام تقتله اُمّته من بعده

 1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن صَفوانَ بن يحيى ؛ وجعفر بن عيسى ابن عُبَيد قالا : حدَّثنا أبو عبدالله الحسين بن أبي غُنْدَر ـ عمّن حدَّثه ـ عن أبي ـ عبدالله عليه السلام «قال : كان الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ذات يوم في حِجر النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يلاعِبُه ويضاحِكُه ، فقالت عائشة : يارسول الله ما أشدَّ إعجابك بهذا الصَّبيِّ ؟ فقال لها : ويلك ! وكيف لا اُحبّه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرَّة عيني ، أما إنّ اُمّتي ستقتله ، فمن زَاره بعد وفاتِه كتب الله له حجّة مِن حِججي ، قالت : يارسول الله حجّة من حِجَجِك ؟ ! قال : نعم ؛ حجَّتين من حججي ، قالت : يارسول الله حجّتين من حِججك ؟ ! قال : نعم ؛ وأربعة ، قال : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتّى بلغ تسعين حجّة مِن حِجج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأعمارها» .  

2 ـ حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن عليٍّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الاُصمّ ، عن مِسمَع بن عبدالمَلِك ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : كان الحسين عليه السلام مع اُمِّه تحمله ، فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : لَعَنَ اللهُ قاتِليك ولعنَ اللهُ سالِبيك ، وأهلَكَ الله المتوازِرين عليك ، وحكم الله بيني وبين مَن أعانَ عليك ، فقالتْ فاطمة: يا أبةِ أيّ شيء تقول ؟ قال : يابنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدَك من الأذى والظّلم والغَدر البَغي ، وهو يؤمئذٍ في عُصبة كأنّهم نجومُ السّماء ، يتهادون إلى القَتل ، وكأنّي أنظر إلى مُعَسْكَرهم وإلى موضع رِحالهم وتربتهم ، فقالتْ : يا أبة وأين هذا الموضع الَّذي تصف؟ قال : موضعيقال له : كربلاء ، وهي ذات كربٍ وبلاءٍ علينا وعلى الاُمّة ، يخرج عليهم شِرار اُمّتي ، ولو أنّ أحدهم يشفع له مَن في السّماوات والاُرضين ما شفّعوا فيهم وهم المخلّدون في النّار ، قالتْ : يا أبة فيقتل؟ قال : نَعَم يا بنتاه ما قتل قبله أحدٌ كان تبكيه السّماوات والأرضون والملائكة والوَحش والحِيتان في البحار والجبال ، لو يؤذن لها ما بقي على الاُرض مُتنفّس ، وتأتيه قومٌ مِن محبّينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقِّنا منهم ، وليس على ظَهر الأرض أحدٌ يلتفت إليه غيرهم ، اُولئك مصابيح في ظلمات الجَور ، وهم الشُّفعاء ، وهم واردون حوضي غَداً ، أعرفهم إذ أوردوا عليَّ بسيماهم ، وأهل كلِّ دين يطلبون أئمٌتهم وهم يطلبوننا ولا يطلبون غيرَنا ، وهم قِوامُ الأرض بهم ينزل الغَيث ـ وذكر الحديث بطوله ـ »(1) .  

3 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن أبي عبدالله زَكريا المؤمن ، عن أيّوب بن عبدالرَّحمن ؛ وزَيد بن الحسن أبي الحسن؛ وعَبّاد جميعاً ، عن سعد الإسكاف(2) «قال : قال أبو جعفر عليه السلام : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مَن سَرّه أن يحيى محياي ويموت مَماتي ويدخل جنّة عَدْنٍ فيلزم قضيباً غَرسَهُ ربّي بيده(3) فليتولَّ عليّاً والأوصياء مِن بعده وليسلّم لفضلهم ، فإنّهم الهُداة المرضيّون ، أعطاهم الله فهمي وعِلمي ، وهم عِترتي مِن لَحمي ودَمي ، إلى الله أشكو عدوَّهم مِن اُمَّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطِعين فيهم صِلتي ، والله ليقتلنَّ ابني ، لا أنالهم الله شفاعَتي» .  

4 ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن شجرة ، عن سَلامٌ الجعفيِّ ، عن عبدالله بن محمّد الصّنعانيِّ ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : كان رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا دخل الحسين عليه السلام جذَبه إليه ، ثمّ يقول لأمير المؤمنين عليه السلام : أمسكه ، ثمَّ يقع عليه فيقبّله ويبكي فيقول : يا أبه لم تبكي ؟ فيقول : يا بني اُقبّل موضع السّيوف منك وأبكي ، قال : يا أبه واُقتَل ؟ قال: إي والله وأبوك وأخوك وأنت ، قال : يا أبه فمصارعنا(4) شتّى؟ قال : نعم يا بنيَّ ، قال : فمن يزورنا مِن اُمّتك ؟ قال : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاّ الصّدِّيقون مِن اُمّتي » .  

5 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ(5) ، عن أبي سعيد الحسن ابن عليِّ بن زَكريّا العَدْوِيِّ البَصريِّ قال : حدّثنا عمر [و] بن المختار قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ بِشر ، عن القَوّام مولى قريش «قال : سمعت مولاي عُمَرَ بنَ هُبيرَة قال : رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والحسن والحسين في حِجرِه ـ يقبّل هذا مرَّةً وهذا مرَّةً ، ويقول للحسين : إنّ الويل(6) لمن يقتلك» .  

6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي سعيد القَمّاط(7) ، عن ابن أبي يَعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في منزل فاطمة ؛ والحسين في حِجره إذ بكى وخَرَّ ساجداً ، ثمَّ قال : يا فاطمة يا بنت محمّد إنّ العليَّ الأعلى ترائى(8) لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيْئَة فقال لي : يا محمّد أتحبُّ الحسين؟ قلت : يارَبِّ قُرَّةُ عَيني ورَيحانتي ، وثَمَرةُ فُؤادي ، وجَلْدَة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يَدَه على رأس الحسين عليه السلام ـ بُورك مِن مولودٍ عليه بَرَكاتي وصَلاتي ورَحمتي ورِضواني ،  [ونِقْمتي] ولَعْنَتي وسُخُطي وعَذابي وخِزْيي ونَكالي على مَن قَتَلَه وناصَبه وناواه(9) ونازَعَه ، أما إنّه سيِّد الشُّهداء مِن الاُوَّلين والآخرين في الدُّنيا والآخِرة ، وسيِّد شَباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين ، وأبوه أفضل منه وخيرٌ ، فاقرأهُ السَّلام وبَشِّره بأنّه رايةُ الهُداي ، ومَنارُ أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خَلْقي ، وخازِن علمي ، وحُجَّتي على أهل السَّماوات وأهل الأرَضين ، والثَّقَلَين الجنّ والإنس» .  

7 ـ حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن حمّاد الكوفيّ ، عن إبراهيمَ بن موسى الأنصاريّ قال : حدَّثني مُصْعَب(10) ، عن جابر ، عن محمّد بن عليٍّ عليهما السلام «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من سَرَّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنَّتي ـ جَنّة عدنٍ غرسَها ربّي بيده ـ فليتولّ عليّاً ويعرف فضله والأوصياء من بعده ، ويتبرّء مِن عَدوِّي . أعطاهم اللهُ فَهمي وعلمي ، هم عِترتي من لَحمِي ودَمي ، أشكو إلى رَبي عدوَّهم ، من اُمّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطِعين فيهم صلتي ، والله ليقتلنَّ ابني ، ثمّ لا تنالهم شفاعتي» .

____________

1 ـ راجع تفسير فرات بن إبراهيم .

2 ـ هو سعد بن طريف ، وكان صحيح الحديث.

3 ـ يأتي تحت رقم 7 وفيه : «ويدخل جنّتي جنّة عدن غرسها ربّي بيده فليتولّ عليّاً» .

4 ـ في بعض النّسخ : «فمصادرنا» ، والمصدر : المرجع ، والمصادر كناية عن القبور ، لاُنّها منها الرّجوع إلى الآخرة ، والأظهر أنّه تصحيف : «فمصارعنا» كما في المتن . (من البحار) .

5 ـ هو أبو جعفر القمّي ، كان ثقة وجهاً ، كاتب صاحب الأمر عليه السلام وسأله مسائل في أبواب الشّريعة . (جش ، صه) . 

6 ـ الوَيْل : الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب . (النّهاية).

7 ـ اختلف في اسمه ، والظّاهر هو خالد بن سعيد الكوفي الثّقة ، روى عن أبي عبدالله عليه السلام ، له كتاب ، روى عنه محمّد بن سنان (جش ، صه) ومحمّد بن عيسى هو العبيديّ اليقطينيّ .

8 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : «إنّ العليّ الأعلى» أي رسوله جبرئيل ، أو يكون التّرائي كناية عن غاية الظّهور العلميّ ، و «حسن الصّورة» كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له ، و «وضع اليد» كناية عن إفاضة الرّحمة ـ انتهى . أقول : يأتي مثله وفيه : «والله يزوره» ، وأيضاً : «إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوّار الحسين عليه السلام» ، ولكلّ واحدٍ منهما بيانٌ ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع الباب الثّامن والثّلاثين تحت رقم 4 ، والباب الثّامن والسّتين تحت رقم 1.

9 ـ أي عاداه ، وأصله الهمز.

10 ـ الظاهر هو مصعب بن يزيد الأنصاري ، وقال أبو جعفر بن بابويه : إنه عامل أمير المؤمنين عليه السلام . وشيخه ابن يزيد الجعفي.