الباب التّسعون إنَّ الحائر مِن المواضع الَّتي يحبُّ الله أنْ يُدعىُ فيها

1 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن الحسن بن مَتِّيل ، عن سَهل بن زياد ، عن أبي هاشم الجعفريِّ(1) «قال : بعث إليَّ أبو الحسن عليه السلام في مرضه ؛ وإلى محمّد بن حَمزة ، فسبقني إليه محمّد بن حمزة فأخبرني أنّه ما زال يقول : ابعثوا إلى الحائر(2) [ابعثوا إلى الحائر] ، فقلت لمحمّد : ألا قلت : أنا أذهب إلى الحائر ؟!

 ثمّ دخلت عليه فقلت له : جُعِلتُ فِداك أنا أذهب إلى الحائر ، فقال : انظروا

في ذلك(3) ، ثمَّ قال: إنَّ محمّداً ليس له سِرٌّ مِن زيد بن عليٍّ(4) ، وأنا أكره أن يسمع ذلك ، قال : فذكرت ذلك لِعليِّ بن بلال ، فقال : ما كان يصنع بالحائر وهو الحائر !

 فقدمت العَسكر فدخلت عليه ، فقال لي : أجلس ـ حين أردت القيام ـ ، فلمّا رأيته أنِسَ بي ذكرتُ قول عليّ بن بِلال ، فقال لي : ألا قلت له : إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يطوف بالبيت ويقبّل الحَجر ، وحرمة النَّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم والمؤمن أعظم من حُرمَة البيت ، وأمره الله أن يقِفَ بَعَرَفَة ، إنّما هي مواطن يحبُّ الله أن يذكر فيها ، فأنا اُحبُّ أن يُدعى لي حيث يحبُّ الله أن يُدعىُ فيها ، والحائر مِن تلك المواضع» .

 2 ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين ؛ وجماعة ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي هاشم الجعفريّ «قال : دخلت أنا ومحمّد بن حمزةَ عليه(5) نعوده وهو عليل ، فقال لنا : وجَهوا قوماً إلى الحائر مِن مالي ، فلمّا خرجنا من عنده قال لي محمّدُ بن حمزةَ : المشير يوجّهنا إلى الحائر وهو بمنزلة مَن في الحائر ، قال : فعدتُ إليه فأخبرته ، فقال لي : ليس هو هكذا ، إنَّ لله مواضع يحبُّ أن يعبد فيها ، وحائر الحسين عليه السلام من تلك المواضع» .

 3 ـ قال الحسين بن أحمدَ بن المغيرة: وحدَّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد بن عليٍّ الرَّازيّ المعروف بالوهورديُّ(6) بنيسابور بهذا الحديث ، وذكر في آخره غير ما مضى في الحديثين الأوّلين ، أحببت شرحه في هذا الباب لأنّه منه :

 قال أبو محمّد الوهورديُّ : حدَّثني أبو عليِّ محمّد بن همّام ـ رحمه الله ـ قال : حدَّثني محمّد الحميريُّ قال: حدَّثني أبو هاشم الجعفريُّ «قال : دخلت على أبي الحسن عليِّ بن محمّد عليهما السلام وهو محمومٌ عَليلٌ ، فقال لي : يا ابا هاشم ابعث رَجلاً

مِن موالينا إلى الحائر يدعو الله لي ، فخرجتُ من عِنده فاستقبلني عليُّ بن بِلال فأعلمتُه ما قال لي ، وسألته أن يكون الرَّجل الّذي يخرج ، فقال : السّمع والطّاعة ولكنّي أقول : أنّه أفضل مِن الحائر إذ كان بمنزلة مَن في الحائر ، ودعاؤه لنفسه أفضل مِن دعائي له بالحائر !

 فأعلمته عليه السلام ما قال ، فقال لي : قل له : كان رَسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أفضل من البيت والحَجر ، وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر ، وإنَّ لله تعالى بِقاعاً يحبّ أن يُدعىُ فيها فيستجيب لمن دَعاه ، والحائر منها» .

____________

1 ـ هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبو هاشم الجعفري ـ رحمه الله ـ ، من أهل بغداد ، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمّة عليهم السلام ، وقد شاهد الجواد والهادي والعسكريّ عليهم السلام . (جش ، ست ، صه)

2 ـ أي ابعثوا رجلاً إلى حائر الحسين عليه السلام يدعو لي ويسأل الله شفائي عنده . (البحار)

3 ـ قيل : أي تفكّروا وتدبّروا فيه بأن يقع على وجه لا يطّلع عليه أحدٌ للتّقية.

4 ـ «إنّ محمّداً» يعني ابن حمزة ، «ليس له سرّ» أي حصانة ، بل يفشي الأسرار . (البحار)

5 ـ يعني أبا الحسن العسكري عليه السلام.

6 ـ في البحار: «بالرّهورديّ» .