الباب الثّالث والمائة زيارة أبي الحسن عليِّ بن محمَّدٍ الهادي وأبي محمَّدٍ الحسن بن عليٍّ العسكريّ عليهم السلام بـسُرَّ مَن رأى

ـ روي عن بعضهم عليهم السّلام أنّه قال: «إذا أردت زيارة أبي الحسن الثّالث عليِّ بن محمّد وأبي محمّد الحسن بن عليٍّ عليهم السلام تقول بعد الغسل إن وصلت إلى قبريهما؛ وإلاّ أومأتَ بالسَّلام مِن عند الباب الَّذي على الشّارع الشّباك(1) تقول :

 «السَّلامُ عَلَيْكُما يا وَليي الله ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا حُجَّتي الله ، السَّلامُ عَلَيكُما يا نُورَي اللهِ في ظُلُمات الأرْضِ ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا مَنْ بَدا للهِ في شَأْنِكُما ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا حَبيبَي اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا إمامَي الْهُدى ، أتَيتُكُما عارفاً بحقِّكُما ، مُعادِياً لأعْدائِكُما ، مُوالياً لأوْلِيائكُما ، مُؤمِناً بما آمَنْتُما بِهِ ، كافِراً بما كَفَرتما بِهِ ، محقِّقاً لما حقَّقْتُما ، مُبْطلاً لما أبْطَلْتُما ، أسْأَلُ الله رَبي وَرَبَّكُما أنْ يجعَلِ حَظّي مِنْ زيارَتِكُما الصَّلاةَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأنْ يَرزُقَني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين ، وأسأله أن يعتق رقبتي من النار ، ويرزقني شَفاعَتَكُما وَمُصاحِبَتَكُما ، وَيعرِّفَ بيْني وَبَيْنَكُما ، وَلا يَسْلُبَني حُبَّكُما وَحُبَّ آبائِكُما الصّالحينَ ، وَأن لا يجعَلهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زيارَتِكُما ، وَيحشُرَني مَعَكُما في الجنَّةِ بِرَحْمَتِهِ ، اللّهُمَّ ارْزُقْني حُبَّهما وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهما ، اللّهمَّ الْعَنْ ظالمي آل مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَانْتَقِمْ مِنْهُمْ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الأوَّلينَ مِنْهُمْ وَالآخِرين ، وَضاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذابَ ، وأبْلِغْ بِهِمْ

وَبِأشْياعِهِمْ وَأتْباعِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَمُتَّبِعيهِمْ ، أسْفَلَ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيم ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَدير ، اللّهُمَّ عَجِّل فَرَجَ وَليِّكَ ، وَاجْعَلْ فَرَجَنا مَعَ فَرَجِهمْ ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ»؛

 وتجتهد في الدُّعاء لنِفسك ولوالديك وتخيّر مِنَ الدُّعاء ، فإن وصلت إليهم صلّى الله عليهما فَصَلِّ عند قبرهما رَكعتين ، وإذا دخلت المسجد وصلّيت دعوت الله بما أحببت ، إنّه قريبٌ مجيبٌ ، وهذا المسجد إلى جانب الَّدار وفيه كان يصلّيان ـ عليهما الصّلاة والسّلام(2) .

____________

ـ قال شيخ الطائفة ـ رحمه الله ـ : «هذا الّذي ذكره من المنع من دخول الدّار هو الأحوط والأولى ، لأنّ الدّار قد ثبت أنّها ملكَ للغير ، ولا يجوز لنا أن نتصرّف فيها بالدّخول فيها ولا غيره إلاّ بإذن صاحبها ، ولم ينقطع العذر لنا بإذنهم عليهم السلام في ذلك ، فينبغي التّوقّف في ذلك والامتناع منه ، ولو أنّ أحداً يدخلها لم يكن مأثوماً خاصّة إذا تأوّل في ذلك ما روي عنهم عليهم السلام من أنّهم جعلوا شيعتهم في حلٍّ من مالهم ، وذلك على عمومه ، وقد روي في ذلك أكثر من أن يحصى» .

ـ ذكر الصّدوق هذه الزّيارة بعينها في الفقيه إلاّ أنّه أسقط قوله : «السّلام عليكما يا من بدا في شأنكما» ، ثمّ قال : «وتجتهد في الدّعاء لنفسك ولوالديك وصلّ عندهما لكلِّ زيارة ركعتين ركعتين ، وإن لم تصلّ إليهما دخلت بعض المساجد وصلّيت لكلّ إمامٍ لزيارته ركعتين ، وادعو الله بما أحببت إنّ الله قريبٌ مجيبٌ» .

 وقال الشّيخ المفيد ـ قدّس الله روحه ـ على ما ينسب إليه من كتاب المزار : «إذا وردت مشهدهما صلّى الله عليهما فاغتسل لزّيارة ، ثمّ امض حتّى تقف على باب القبّة واستأذن وادخل مقدِّماً رجلك اليُمنى وقف على قبريهما وقل : «ثمّ ذكر الزيّارة بعينها إلاّ أنّه بدّل قوله : «يا من بدا لله في شأنكما» بقوله : «يا أميني الله» ، ثمّ ذكر الوداع ، ثمّ قال : «ثمّ اخرج ووجهك القبرين على أعقابك» .

 أقول : أمّا «البداء» في أبي محمّد الحسن عليه السلام فقد مضى في باب النّصّ عليه أخبار كثيرة [البحار ج50 ص239] بأنّ البداء قد وقع فيه وفي أخيه الّذي كان أكبر منه ومات قبله ، كان في موسى وإسماعيل ، وأمّا في أبيه عليه السلام فلم نر فيه شيئاً يدلّ على البداء ، فلعلّه وقع فيه شيء من هذا القبيل ، أو من القيام بالسّيف أو غيرهما ، أو نسب هذا البداء إلى الأب أيضاً ، لا التّنصيص على الإمامة يتعلّق به . وأمّا الدّخول في الدّار للزّيارة فالأظهر جوازه لما ذكره الشّيخ ـ رحمه الله ـ ، ولرواية ابن قولويه هذه ، ولما سيأتي في الزّيارات الجامعة من الوقوف عند القبر واللّصوق به والانكباب عليه ، ولِعَمل القُدماء الأصحاب وأرباب النُّصوص منهم ، تجويزهم ذلك ، والله يعلم . (العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ)