الباب الثّامن والمائة نَوادر الزِّيارات

ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ(1) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال لي : إنَّ عندكم ـ أو قال : في قُرْبكم ـ لفضيلة ما اُوتي أحدٌ مثلها ، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها ، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها ، وإنَّ لها لأهلاً خاصّة قد سمّوا لها ، واُعطوها بلا حول منهم ولا قوّة إلاّ ما كان من صنع اللهِ لهم وسعادة حَباهم [الله] بها ورحمة ورأفة وتقدّم .

 قلت : جُعِلت فِداك وما هذا الّذي وصفتَ لنا ولم تُسمّه ؟ قال : زيارة جدَّي الحسين [بن عليٍّ] عليهما السلام فإنّه غريب بأرض غُرْبَة ، يبكيه من زارَه ، ويحزنُ له من لم يَزُرْه ، ويحرق له مَن لم يشهده ويرحمه مَن نظر إلى قبر ابنه عندَ رِجله في أرض فَلاة ، لا حميم قربه ولا قريب ، ثمَّ منع الحقّ وتوازَرَ عليه أهل الرِّدَّة حتّى قتلوه وضَيّعوه وعرضوه للسّباع ، ومَنعوه شُربَ ماءِ الفُرات الَّذي يشربه الكِلاب ، وضيّعوا حَقَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصيّته به وبأهل بيته ، فأمسى مَجفُوّاً في حفرته ، صَريعاً بين قرابته ، وشيعته بين أطباق التّراب ، قد أوحش قربه في الوحدة والبُعد عن جدِّه ، والمنزل الَّذي لا يأتيه إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان وعرَّفه حقّنا .

 فقلت له : جُعِلتُ فِداك قد كنتُ آتيه حتّى بليتُ بالسّلطان وفي حفظ أموالهم وأنا عندهم مشهورٌ فتركت للتّقية إتيانه وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير ،

فقال : هل تدري ما فضل من أتاه وماله عندنا من جَزيل الخير ؟ فقلت : لا ، فقال : أمّا الفضل فيباهيه ملائكةُ السّماء ، وأمّا ما له عندنا فالتّرحم عليه كلِّ صباح ومساء .

 ولقد حدَّثني أبي أنّه لم يَخلُ مكانه منذ قُتِل مِن مُصلٍّ يصلّي عليه من الملائكة ، أو مِن الجِنّ ، أو مِن الإنس ، أو مِن الوَحش ، وما مِن شيءٍ إلاّ وهو يغبط زائره ويتمسّح به ويرجو في النَّظر إليه الخير لنظره إلى قبره [عليه السلام] ، ثمّ قال: بلغني أنَّ قوماً يأتونه مِن نواحي الكوفة و[اُ] ناساً من غيرهم ونِساء يَنْدُبْنَه ، وذلك في النّصف من شعبان ، فمن بين قارىء يقرء ، وقاصٍّ يقصّ ، ونادبٍ يندب ، وقائل يقول المراثي .

 فقلت : نَعَم جُعِلتُ فِداك قد شَهدتُ بعض ما تصف ، فقال : الحمدُ للهِ الّذي جعل في النّاس مَن يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا ، وجعل عَدؤنا من يطعن عليهم مِن قرابتنا وغيرهم يَهْذؤنهم(2) ويقبّحون ما يصنعون» .

 2 ـ وبهذا الإسناد ، عن عبدالله الأصمّ ، عن عبدالله بن بُكَير الأرجاني(3) «قال : صَحبت أبا عبدالله عليه السلام في طريق مكّة من المدينة فنزلنا منزلاً يقال له : عُسْفان(4) ثمّ مررنا بجبل أسود عن يسار الطّريق موحشٍ ، فقلت له : يا ابن رَسول الله ما أوحش هذا الجبل ! ما رأيت في الطّريق مثل هذا ، فقال لي : يا ابن بُكَير أتدري أيّ جبل هذا؟ قلت : لا ، قال: هذا جبل يقال له : «الكمد» وهو على 

وادٍ من أودية جهنّم ، وفيه قَتَلَة أبي ؛ الحسين عليه السلام ، استودعهم ، فيه تجري من تحتهم مياه جَهنّم من الغِسلين والصَّديد والحَميم وما يخرج من جبّ الجوّي(5) وما يخرج من الفَلق من آثام(6) وما يخرج من الخَبال(7) وما يخرج من جَهنّم ومايخرج من لَظى(8) ومن الحُطَمَة ، وما يخرج من سَقَر وما يخرج من الحميم ، وما يخرج من الهاوية ، وما يخرج من السّعير ، وما مَرَرت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلاّ رأيتهما يستغيثان إلي وإني لأنظر إلى قَتَلَة أبي ، وأقول لهما(9) : إنّما هؤلاء فعلوا ما أسّستما لم ترحمونا إذ ولّيتم وقتلتمونا وحرمتمونا ووثبتم على قتلنا(10) واستبددتم بالأمر دوننا ، فلا رَحِمَ الله مَن يرحمكما ، ذوقا وبال ما قدّمتما ، وما الله بظلاّم للعبيد ، وأشدّهما تضرُّعاً واستكانة الثّاني ، فربّما وقفت عليهما ليتسلّى عنّي بعض ما في قلبي ، وربّما طويت الجبل الّذي هما فيه وهو جبل الكمد ، قال : قلت له : جُعِلتُ فِداك فإذا طويت الجبل فما تسمع؟ قال : أسمع أصواتهما يناديان : عرّج علينا نكلّمك فإنّا نتوب ، وأسمع من الجبل صارخاً يصرخ بي : أجبهما وقل لهما : اخسؤوا فيها ولا تكلّمون ! قال : قلت له : جُعِلتُ فِداك ومن معهم؟ قال : كلّ فرعون عَتا على الله وحكى الله عنه فِعاله ، وكلُّ من علّم العباد الكفر ، فقلت : مَن هُم ؟ قال : نحو «بولس» الّذي علّم اليهود أنَّ يد الله مغلولَة ، ونحو

«نسطور» الَّذي علّم النّصارى أنَّ عيسى المسيح ابن الله ، وقال لهم : هم ثلاثة ، ونحو فرعون موسى الَّذي قال : أنا رَبُّكم الأعلى ، ونحو نمرود الَّذي قال : قهرتُ أهل الأرض وقتلتُ مَن في السَّماء ، وقاتل أمير المؤمنين ، وقاتل فاطمة ومحسن ، وقاتل الحسن والحسين ، فأمّا معاوية وعَمرو(11) فما يطمعان في الخلاص ، ومعهم كلُّ من نصب لنا العّداوة ، وأعان علينا بلسانه ويده وماله ، قلت له : جعلت فداك فأنت تسمع ذا كلّه لا تفزع ؟ قال : يا ابن بُكير إنَّ قلوبنا غير قلوب النّاس ، إنّا مطيعون مصفّون مصطفون ، نرى ما لا يرى النّاس ، ونسمع ما لا يسمع النّاس ، وأنّ الملائكة تنزل علينا في رِحالنا ، وتتقلّب في فُرُشنا ، وتشهد طعامنا ، وتحضر موتانا ، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون ، وتصلّي معنا ، وتدعو لنا وتلقى علينا أجنحتها ، وتتقلّب على أجنحتها صبياننا ، وتمنع الدَّوابِّ أن تصل إلينا ، وتأتينا ممّا في الأرضين مِن كلِّ نباتٍ في زَمانه ، وتسقينا مِن ماء كلِّ أرض نجد ذلك في آنيتِنا ، وما مِن يوم ولا ساعةٍ ولا وقت صَلاةٍ إلاّ وهي تتهيّأ لها(12) ، وما مِن لَيلة تأتي علينا إلاّ وأخبار كلّ أرض عِندنا ، وما يحدث فيها وأخبار الجنّ وأخبار أهل الهَوى من الملائكة ، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلاّ أتانا خبره ، وكيف سيرته في الَّذين قبله ، وما مِن أرضٍ مِن سِتَّة أرضين إلى السّابِعة إلاّ ونحن نؤتى بخبرهم ، فقلت : جُعلتُ فداك فأين منتهى هذا الجبل؟ قال: إلى الأرض السّابعة (13) ، وفيها جهنّم على وادٍ من أوديته ، عليه حفظة أكثر من نجوم السّماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثّرى ، قد وُكِّل كل ملك منهم بشيء وهو مقيم عليه لا يفارقه ، قلت : جُعِلْتُ فِداك إليكم جميعاً يلقون الأخبار ؟ قال : لا إنّما يلقى ذلك إلى صاحب الأمر ، إنّا لنحمل ما لا يقدر العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه فمن

لم يقبل حكومتنا جَبَرتْه الملائكة على قولنا وأمرتِ الَّذين يحفظون ناحيته أن يَقْسِروه(14) على قَولنا ، وإن كان من الجنّ من أهل الخلاف والكفر أوثَقْتَه وعذّبته حتّى يصير إلى ما حكمنا به ، قلت : جُعلتُ فِداك فهل يرى الإمام ما بين المشرق والمغرب ؟ فقال : يا ابن بُكَير فكيف يكون حُجّة الله على ما بين قطريها وهو لا يَراهم ولا يحكم فيهم ؟ ! وكيف يكون حجّةً على قوم غيّب لا يقدر عليهم ولا يقدرون عليه ؟ وكيف يكون مؤدّياً عن الله وشاهداً على الخلق وهو لا يراهم؟ وكيف يكون حجّةً عليهم وهو محجوب عنهم؟ وقد جعل(15) بينهم وبينه أن يقوم بأمر رَبّه فيهم ، والله يقول : «وَما أرْسَلْناكَ إلاّ كافَّةً لِلنّاسِ(16)» يعني به مَن على الأرض والحجَّة مِن بعد النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقوم مقام النَّبيِّ مِن بعده وهو الدَّليل على ما تشاجَرَتْ فيه الاُمّة ، والأخذ بحقوق النّاس ، والقيام بأمر الله ، والمنصف لبعضهم مِن بعضٍ ، فإذا لم يكن معهم مَن ينفذ قوله وهو يقول : «سَنُريِهمْ آياتِنَا في الآفاق وَفي أنْفُسِهِمْ(17)» ، فأيُّ آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق وقال : «ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إلاّ هي أكْبر مِنْ اُخْتِها(18)» ، فأيُّ آية أكبر منّا ، والله إنَّ بني هاشم وقريشاً لتعرف ما أعطانا الله ولكنَّ الحسد أهلكهم كما أهلك إبليس ، وإنّهم ليأتوننا إذا اضطرّوا وخافوا على أنفسهم فيسألونا فنوضح لهم فيقولون : نشهد أنّكم أهل العلم ، ثمَّ يخرجون فيقولون : ما رأينا أضلَّ ممَّنِ اتَّبع هؤلاء ويقبل مقالتهم !

 قلت : جُعِلتُ فِداك أخبرني عن الحسين عليه السلام لو نُبشَ(19) كانو يجدون في

قبره شيئاً ؟ قال : يا ابن بكير ما أعظم مسائلك ! الحسين عليه السلام مع أبيه واُمّه وأخيه الحسن في منزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، يحبون كما يحبى ، ويرزقون كما يرزق ، فلو نبش في أيّامه(20) لَوُجِد ؛ وأمّا اليوم فهو حَيٌّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسْكره وَينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله وأنّه لعلى يمين العرش متعلّق(كذا) يقول : يا رَبّ أنجزْ لي ما وَعدتَني ، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره وهو أعرف بهم وبأسماء آبائهم وبدرجاتهم وبمنزلتهم عند الله من أحدكم بولده وما في رَحله وأنّه ليرى مَن يبكيه فيستغفر له رحمةً له ، ويسأل أباه الاستغفار له ويقول : لو تعلم أيّها الباكي ما أعدَّ لك لفرحتَ أكثر ممّا جزعتَ ، فليستغفر له كلُّ مَن سمع بُكاءَه مِن الملائكة في السَّماء وفي الحائر ، وينقلب وما عليه مِن ذنبٍ» .

 3 ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن عدَّة من أصحابه ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال(21) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : ما مِن نَبيٍّ ولا وصيّ نبيِّ يبقى في الأرض بأكثر مِن ثلاثة أيّام ثمَّ ترفع روحُه وعَظْمُه ولَحمُه إلى السّماء ، وإنّما تؤتى مواضع آثارهم ويبلّغونهم مِن بعيدٍ السَّلامَ ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب»(22) .

 وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن يعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى ؛ وغيره ، عن أحمدَ بنِ محمّد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن زياد ، عن أبي عبدالله عليه السلام ـ مثله(23) .

 4 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع ـ عن بعض أصحابه ـ رَفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام «قال : قلت : نكون بمكّة أو بالمدينة أو بالحائر أو المواضع الّتي يُرجى فيها الفضل فربّما يخرج الرَّجل يتوضّأ فيجيء الآخر فيصير مكانه ، قال: مَن سبق إلى موضع فهو أحقّ به يومه وليلته» .

 5 ـ حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن مَنيع ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن صَفوانَ بن مِهرانَ الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : أهون ما يكسب زائر الحسين عليه السلام في كلِّ حسنة ألف ألف حسنةٍ ، والسّيّئة واحدة ، وأين الواحدة من ألف ألف ؟ ! ثمَّ قال : يا صَفوانُ أبشر فإنَّ ‏لله ملائكةٌ معها قضبان من نور فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين عليه السلام سيّئة ، قالت الملائكة للحفظة : كفّي ، فتكفّ ، فإذا عمل حسنة قالت لها : اكتبي اُولئك الَّذين يبدُّل الله سيّئاتهم حسنات» .

 6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن

عيسى ، عن أبي يحيى الواسطيّ ، عن أبي الحسن الحَذّاء «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : إنّ إلى جانبكم مقبرة يقال لها : «براثا»(24) يحشر منها عشرون ومائة ألف شهيدٍ كشهداء بدر» .

 7 ـ وروى عن محمّد بن مَروان قال : حدَّثنا محمّد بن الفضل(25) «قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول : مَن زارَ قبر الحسين عليه السلام في شهر رَمضان ومات في الطّريق لم يعرض ولم يحاسب ، ويقال له : ادخل الجنّة آمناً» .

 8 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهما الله ـ جميعاً ، عن الحسين بن سعيد قال : حدّثنا عليُّ بن السّحت الخّزّاز قال : حدَّثنا حفص المزنيُّ ، عن عُمَر بن بياض ، عن أبان بن تَغلب «قال : قال لي جعفر بن محمّد عليهما السلام : يا أبان متى عهدك بقبر الحسين عليه السلام ؟ قلت : لا والله يا ابن رسول الله ؛ ما لي به عهد منذ حين ، فقال: سبحان الله العظيم وأنت مِن رُؤساء الشِّيعة تترك زيارة الحسين عليه السلام ، لا تزوره ؟!! مَن زارَ الحسين عليه السلام كتب الله له بكلِّ خُطْوةٍ حسنةً ، ومحى عنه بكلِّ خطوة سيّئة ، وغفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر ، يا أبان لقد قُتل الحسين عليه السلام فهبط على قبره سبعون ألف ملكٍ شُعْث غُبر يبكون عليه وينوحون عليه إلى يوم القيامة» . حدَّثني الحسين بن محمّد بن عامِر ، عن المعلّى بن محمّد البَصريّ ، عن عليِّ بن أسباط ، عن الحسن بن الجَهْم «قال : قلت لأبي الحسن الرِّضا عليه السلام : أيّهما أفضل : رَجلٌ يأتي مكّة ولا يأتي المدينة ، أو رجل يأتي النَّبيِّ ولا يأتي مكّة (26) ؟ قال : فقال لي : أيُّ شيء تقولون أنتم؟ فقلت : نحن نقول في الحسين عليه السلام ، فكيف في النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ ! قال : أما لئن قلت ذلك لقد شهد أبو عبدالله عليه السلام عيداً بالمدينة فانصرف فدخل على النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فسلّم عليه ، ثمَّ قال لمن حضره : أما لقد فضّلنا

أهل البلدان كلّهم مكّة فمن دونها لسلامنا على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم» .

 10 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ـ عن بعض أصحابه ـ يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام «قال : قلت : نكون بمكّة أو بالمدينة أو بالحائر أو المواضع الّتي يرجى فيها الفضل ، فربّما يخرج الرَّجل ليتوضّأ فيجيء آخر فيصير مكانه ، قال : مَن سبق إلى موضع فهو أحقُّ به يومه وليلته» .

 11 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ(27) ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه السّلام «قال : لمّا اُسرِي بالنَّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى السّماء قيل له : إنّ الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صَبرُك ، قال : أسلم لأمرك يا رَبِّ ولا قوَّة لي على الصَّبر إلاّ بك فما هُنَّ ؟ قيل له : أوَّلهنَّ الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة ، قال : قبلت يا رَبِّ ورضيت وسلَّمت ومنك التَّوفيق والصَّبر ، وأمّا الثّانية فالتّكذيب والخوف الشَّديد وبذلُكَ مُهْجَتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصَّبر على ما يصيبك منهم مِن الأذى ومِن أهل النِّفاق ، والألم في الحرب والجراح ، قال : قبلتُ يا رَبِّ ورضيت ومنك التَّوفيق والصَّبر ، وأما الثالثة فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل ، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل ، فقال : يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر ، وأمّا ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقُّها غَصباً الَّذي تجعله لها وتُضرَب وهي حامل ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ثمَّ يمسّها هوان وذلٌّ ، ثمَّ لا تجد مانعاً وتطرح ما في بطنها من الضَّرب وتموت من ذلك الضَّرب ، قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، قَبلتُ يا ربِّ وسلّمت ومنك التَّوفيق والصَّبر ، ويكون لها مِن أخيك ابنان

يقتل أحدهما غَدْراً ويُسلب ويطعن ، تفعل به ذلك اُمَّتك ، قلت : يا رَبِّ قبلتُ وسلّمتُ إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ومنك التّوفيق للصّبر .

 وأمّا ابنها الآخر فتدعوه اُمَّتك للجِهاد ثمَّ يقتلونه صَبراً ، ويقتلون وُلده ومَن معه مِن أهل بيته ، ثمَّ يسلُبون حَرمه ، فيستعين بي وقد مضى القضاء منّي فيه بالشَّهادة له ولمن معه ، ويكون قتله حُجّةً على من بين قطريها ، فيبكيه أهل السّماوات وأهل الأرضين جَزَعاً عليه ، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته ، ثمَّ أخرج مِن صلبه ذكراً به أنصرك وأنَّ شبحه عندي تحت العرش(28) يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط ، يسير معه الرُّعب ، يقتل حتّى يشكّ فيه ، قلت : إنّا لله !

 فقيل : ارفع رأسك ، فنظرت إلى رَجلٍ أحسن النّاس صورةً وأطيبهم ريحاً ، والنّور يسطع مِن بين عَينيه ومِن فوقه ومن تحته ، فدعوته فأقبل إليَّ وعليه ثياب النُّور وسيما كلِّ خير حتى قَبَّل بين عَيني ، ونظرت إلى الملائكة قد حفّوا به ، لا يحصيهم إلاّ الله عزَّوجَلَّ ، فقلت : يارَبِّ لمن يغضب هذا ولمن أعددت هؤلاء ؟ وقد وعدتَني النَّصر فيهم فأنا انتظره منك؟ وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتَني ممّا يلقون مِن بعدي ولئن شئتَ لأعطيتني النًّصر فيهم على مَن بغى عليهم ، وقد سلَّمتُ وقبلتُ ورضيت ومنك التّوفيق والرِّضا والعون على الصَّبر ، فقيل لي : أمّا أخوك فجزاؤه عندي جنّة المأوى نُزُلاً بصبره ، أفلح حجّته على الخلائق يوم البعث ، واُولّيه حَوضَك يسقي منه أولياءَكم ويمنع منه أعداءَكم ، وأجعل جهنَّم عليه بَرداً وسلاماً ، يدخلها فيُخرج مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة مِن المودَّة ، وأجعل منزلتكم في درجةٍ واحدةٍ في الجنّة ، وأمّا ابنك المخذول المقتول ، وابنك المعذور المقتول صبراً ، فإنّهما ممّا اُزيّن بهما عرشي ، ولهما من الكَرامة سِوى ذلك ممّا لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء فعليّ فتوكّل ، ولكلِّ مَن أتى قبرَه مِن الخلق من الكرامة لأنَّ زوَّاره زوَّارك و زوَّارك زوَّاري ، وعليَّ كَرامة زوَّاري(29) وأنا اُعطيه ما سأل وأُجزيه جزاءً يغبطه مَن نظر إلى عظمتي إيّاه ، وما أعددت له مِن كرامتي .

 وأمّا ابنتك فإنّي أوقفها عند عرشي فيقال لها : إنَّ الله قد حكمكِ في خلقه فمن ظلمكِ وظلم وُلدكِ فاحكمي فيه بما أحببتِ فإنّي اُجيز حكومتكِ فيهم ، فتشهد العرصة فإذا وقف مَن ظَلَمها أمرتُ به إلى النّار ، فيقول الظّالم : واحسرتا ! على ما فرَّطْتُ في جنب الله ، ويتمنّى الكَرَّة(30) ، ويعضّ الظّالم على يديه ويقول : يا ليتني اتّخذت مع الرَّسول سَبِيلاً ، يا ويلتي ليتني لَم أتّخِذ فلاناً خليلاً ، وقال : حتّى إذا جاءَنا قال : يا ليت بَيني وبَيْنَك بُعْدَ المَشرِقين فَبِئس القَرين ، ولَنْ يَنفعَكم اليَومَ إذ ظلَمْتُم أنّكم في العذاب مُشتَركون ، فيقول الظّالم : أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلِفون ، أو الحكم لغيرك ، فيقال لهم : ألا لعنة الله على الظّالمين الّذين يَصُدُّون عن سبيل الله ويَبغُونها عِوَجاً وهم بالآخرة كافِرون ، وأوَّل من يحكم فيه ـ حسن بن عليٍّ عليه السلام في قاتله ، ثمَّ في فتفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط مِن نار ، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مَغربها ، ولو وضعت على جبال الدُّنيا لذابت حتّى تصير رماداً فيضربان بها ، ثمَّ يجثو أمير المؤمنين عليه السلام بين يدي الله للخصومة مع فلان في جبّ فيطبق عليهم ، لا يراهم أحد ولا يرون أحداً فيقول الّذين كانوا في ولايتهم : ربّنا أرنا اللَّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس ، نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ، قال الله عزّوجَلَّ : «وَلَن يَنْفَعَكُمُ اليْومَ إذْ ظَلَمْتُمْ أنَّكم في الْعَذابِ مُشْتركُون(31)» فعند ذلك ينادون بالوَيل والثُّبُور(32) ، ويأتيان الحوض فيسألان عن أمير المؤمنين عليه السلام ومعهم حفظة فيقولان : اعف عنّا واسقنا وتخلّصنا ، فيقال لهم : فلمّا راؤه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا ، وقيل : هذا الَّذي كنتم به تدّعون بإمرة المؤمنين ، ارجعوا ظماء مظمئين إلى النّار فما شرابكم إلاّ الحميم

والغسلين وما تنفعكم شفاعة الشّافعين» .

 12 ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن جدِّه «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : جُعِلتُ فِداك أيّما أفضل : الحجّ أو الصّدقة ؟ قال : هذه مسألة فيها مسألتان ، قال : كم المال؟ يكون ما يحمل صاحبَه إلى الحجّ ؟ قال : قلت : لا ، قال : إذا كان مالاً يحمل إلى الحجّ فالصَّدقة لا تعدل الحجّ ، الحجّ أفضل ، وإن كانت لا يكون إلاّ القليل فالصَّدقة ، قلت : فالجهاد ؟ قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض في وقت الجِهاد ، وقال: ولا جِهاد إلاّ مع الإمام ، قلت : فالزِّيارة ؟ قال: زيارة النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وزيارة الأوصياء وزيارة حمزة ، وبالعِراق زيارة الحسين عليه السلام ، قلت : فما لمن زار الحسين عليه السلام ؟ قال : يخوض في الرَّحمة ، ويستوجب الرِّضا ، ويصرف عنه السّوء ، ويدرّ عليه الرّزق ، وتشيّعه الملائكة ، ويلبس نوراً تعرفه به الحفظة ، فلا يمرُّ بأحدٍ من الحفظة إلاّ دعا له» .

 13 ـ وروى أحمد بن جعفر البلديُّ ، عن محمّد بن يزيدَ البكريّ ، عن منصور بن نصر المدائني ، عن عبدالرَّحمن بن مسلم « قال : دخلت على الكاظم عليه السلام فقلت له : أيّما أفضل : زيارة الحسين بن عليٍّ أو أمير المؤمنين عليهما السلام ؟ أو الفلان وفلان ، وسمّيت الأئمّة واحداً واحداً ؟ فقال لي : يا عبدالرَّحمن مَن زار أوَّلنا فقد زارَ آخرنا ومَن زارَ آخرنا فقد زارَ أوَّلنا ، ومن تولّى أوَّلنا فقد تولّى آخرنا ، ومَن تولّى آخرنا فقد تولّنا أوَّلنا ، ومن قضى حاجةً لأحدٍ من أوليائنا فكأنما قضاها لأجمعنا ، يا عبدالرَّحمن أحبّنا وأحبَّ مَن يُحبّنا وأحبَّ فينا ، واحبب لنا وتولّنا وتولَّ مَن يتولاّنا ، وأبغض مَن يبغضنا ، ألا وإنَّ الرَّادّ علينا كالرَّادّ على رسول الله جدِّنا ، ومَن رَدَّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد رَدّ على اللهِ ، ألا يا عبدالرَّحمن ومَن أبغضنا فقد أبغض محمّداً ومَن أبغض محمّداً فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله عزَّوجلَّ كان حقّاً على الله أن يصليه النار وماله مِن نصير» .

 14 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد ، عن محمّد بن الحسن

الصَّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن عبدالرّحمن الأصمّ ، عن الحسين(33) ، عن الحلبيّ «قال : قال لي أبو عبدالله عليه السلام لما قتل الحسين عليه السلام سمع أهلنا قائلاً بالمدينة يقول : اليوم نزل البلاء على هذه الاُمّه فلا ترون فرحاً حتّى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم ويقتل عدوَّكم ، وينال بالوتر أوتاراً ، ففزعوا منه وقالوا : إنَّ لهذا القول لحادثاً قد حدث ما لا نعرفه(34) ، فأتاهم خبر قتل الحسين عليه السلام بعد ذلك فحسبوا ذلك ، فإذا هي تلك اللَّيلة الَّتي تكلّم فيها المتكلّم ، فقلت له : جعلت فداك إلى متى أنتم ونحن في هذا القتل والخوف والشِّدَّة ؟ فقال : حتّى مات سبعون فرخاً أخوأب(35) ويدخل وقت السَّبعين ، فإذا دخل وقت السّبعين أقبلت الآيات(36) تترى كأنّها نظام ، فمن أدرك ذلك الوقت قرَّت عينه .

 إنّ الحسين عليه السلام لمّا قتل أتاهم آتٍ وهم في المُعَسْكر فصرخ فزَبَر ، فقال لهم : وكيف لا أصرخ ورَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائم ينظر إلى الأرض مرَّة ، وإلى حزبكم مرَّة ، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلك فيهم ، فقال بعضهم لبعض : هذا إنسان مجنون .

 فقال التّوَّابون : تاللهِ ما صَنَعنا لأنفسِنا ، قتلنا لابن سُمّيّة سيّد شبابِ أهل الجنّة ، فخرجوا على عبيدالله بن زياد ، فكان مِن أمرهم ما كان .

 قال : فقلت له : جعلت فداك مَن هذا الصّارخ؟ قال : ما نراه إلاّ جبرئيل ، أما إنّه لو أذن له فيهم لصاحَ بهم صَيحةً يخطف به أرواحهم مِن أبدانهم إلى النّار ، ولكن أمهل ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ أليمٌ ، قلت : جُعلتُ فِداك ما تقول فيمن يترك زِيارته وهو يقدر على ذلك ؟ قال : إنّه قد عقّ رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعقّنا واستخفّ بأمرٍ هو له ، ومَن زارَه كان الله له مِن وراءِ حوائجه ، وكَفاه ما أهمّه

مِن أمر دنياه ، وإنّه ليجلب الرِّزق على العبد ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له ذنوب خمسين سنة ، ويرجع إلى أهله وما عليه ذنبٌ ولا خطيئة إلاّ وقد محيتْ مِن صحيفته ، فإن هلك في سفره نزلتِ الملائكة فغسّلنه ، وفتح له بابٌ إلى الجنَّة حتّى يدخل عليه روحها حتى ينشر ، إن سلّم فتح الباب الّذي ينزل منه رِزقه فيجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم ، وذخر له ذلك ، فإذا حشر قيل له : بكلِّ درهم عشرة آلاف درهمٍ ، وإنَّ الله تبارك وتعالى قد ذخرها لك عنده» .

 الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين .

____________

ـ كذا في النّسخ ، ولا يخفى ما في السّند ، وهو إمّا أن يكون «البصريّ» مصحّف «الأنصاري » ، أو الواسطة سقطت من النّسخ ، والثّاني أظهر بالمقام ، لأنّه أقلّ ما يكون بينه وبين الصّادق عليه السلام واسطة . وعليّ بن محمّد بن سليمان يروي عن أبي جعفر الثّاني والعسكريّ عليهما السلام.

ـ هذأه يَهْذَأه ، هذأ العدوّ : أهلكهم ، وفلاناً بلسانه ، آذاه واسمعهم ما يكره . وفي بعض النّسخ : «يهدرونهم» على بناء يضرب ويكرم ، أي يبطلون دمهم.

ـ في بعض النّسخ : «عبدالله بن بكر» ، وفي كتب الرّجال : عبدالله بن بكر الأرّجاني مرتفع القول ، ضعيف (قاله العلاّمة) ، وكذا عبدالله بن بكير الأرجانيّ ، وبكلى العنوانين موجودٌ ، وأمّا المراد بـ «بكير» ولو قلنا بصحّته هو غير بكير بن أعين الشِّيْبانيّ.

ـ عسفان ـ بالضّمّ ثمّ السّكون ـ : قرية على مرحلتين من مكّة على طريق المدينة ، وقرية جامعة على ستّة وثلاثين ميلاً من مكّة . (معجم البلدان)

ـ أي المتغيّر المنتن . وفي بعض النّسخ : «جبّ الحوى» ،

 وقال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : لعلّه تصحيف «جبّ الحزن» لما روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : «تعوّذوا بالله من جبّ الحزن» وهو اسم جبّ في جهنّم.

ـ وفي رواية شيخنا المفيد ـ رحمه الله ـ : «وما يخرج من آثام» وهو جزاء الإثم وعقوبته ، كما في قوله تعالى : «ومن يفعل ذلك يلق أثماً» . والمراد ما يخرج من المجرمين في عقوبتهم من القيح والدَّم . (العلاّمة الأمينيّ ـ ره ـ)

ـ هي سديد أهل النّار . وفي البحار : «وما يخرج من طينة الخبال».

ـ لَظى اسمٌ من أسماء النّار ، ولاينصرف للعلمية والتأنيث. (النهاية).

ـ قيل : المراد بهما قابيل وعاقر ناقة صالح.

10 ـ في بعض النّسخ : «على حقّنا» .

11 ـ هو ابن العاص كما في رواية المفيد أو غيره في كتابه «الاختصاص».

12 ـ في رواية غير المؤلّف : «وهي تمنّيها لها».

13 ـ في بعض النّسخ : «السّادسة» .

14 ـ قَسَره على الأمر : قهره وأكرهه عليه.

15 ـ في لفظ غير المؤلّف : «قد حيل».

16 ـ سبأ : 28.

17 ـ فصّلت : 53 ، وقال الاُستاذ الغفّاريّ ـ أيّده الله ـ : المراد بـ «الآيات» على ما يظهر مِن سياق الكلام الآيات التخويفيّة ، يعني القحط والغلاء والنّكبات والأمراض ، وضمير «هم» يرجع إلى الكفّار والمشركين ، والله يعلم .

18 ـ الزّخرف : 48.

19 ـ تقدّم هذه الفقرة من قوله : «قلت : جعلت فداك» إلى آخر الخبر في ص 110 تحت رقم 7 .

20 ـ بيّنها الحديث الآتي بعد هذا الحديث .

21 ـ في بعض النّسخ : «زياد بن جلاّل» وفي بعضها : «أبي الجلال» ، وكلاهما تصحيف . وما في المتن ـ بالحاء المهملة ـ معنون في رجال الشّيخ تارةً من أصحاب الباقر واُخرى من أصحاب الصّادق عليه السلام ، وهو ثقة .

22 ـ قال استاذنا الغفّاريّ ـ أيّده الله ـ : هنا شبهة مشهورة ، وهي أنّ نوح عليه السلام نقل عظام آدم عليه السلام من الماء ، أو سرنديب إلى الغري ، وكذا موسى عليه السلام نقل عِظام يوسف عليه السلام من مصر إلى بيت المقدِس ، ورأس الحسين عليه السلام نقل من كربلاء إلى الشّام و من الشّام إلى النّجف أو كربلاء ، وأنّ بعض أهل الكتاب كان يأخذ عظم نبيٍّ من الأنبياء عليهم السلام بيده ويستسقى وكان بإذن الله ينزل المطر حتّى أخذ منه ذلك العظم فما نزل بعد ذلك باستسقائه ، وقد نطقت الأحاديث بتلك الوقايع . ووجّه بإمكان العود بعد تلك الأيّام ، ولا يخفى ما فيه ومنافاته لتتمّة الخبر.

 واحتمل الفيض ـ قدّس سرّه ـ في الوافي بأن يكون المراد باللّحم والعظم المرفوعين المثاليّين منها أعني البرزختين ، وذلك لعدم تعلّقهم بهذه الأجساد العنصرية فكأنّهم وَهم بعدُ في جلابيب من أبدانهم قد نفضوها وتجرّدوا عنها فضلاً عمّا بعد وفاتهم ، والدّليل على ذلك من الحديث قولهم عليهم السلام : «إنّ الله خلق أرواح شيعتنا ممّا خلق منه أبداننا» ، فأبدانهم عليهم السلام ليست إلاّ تلك الأجساد اللّطيفة المثالية ، وأمّا العنصريّة فكأنّها أبدان الأبدان ـ ثمّ أيّد قوله بما تقدّم من إخراج نوح عظام آدم عليهما السلام ، وكذا خبر موسى وإخراجه عظام يوسف عليهما السلام ، وقال: ـ فلو لا أنّ الأجسام العنصرية منهم تبقى في الأرض لما كان لاستخراج العظام ونقلها من موضع إلى آخر بعد سنين مديدة معنى ، وإنّما يبلّغونهم من بعيد السّلام لأنّهم في الأرض وهم عليهم السلام في السّماء ـ إلخ . وقيل : لعلّ صدور أمثال هذا الخبر لنوع مصلحة توريةً لقطع أطماع الخوارج وبني أميّة وأضرابهم بالنّبش ، والله يعلم .

23 ـ الخبر مذكور في الكافي والتّهذيب والفقيه وبصائر الدّرجات بتفاوت يسير في اللّفظ .

24 ـ كذا ، و «براثا» من أشرف المساجد في جبّانة تقع بين بغداد والكاظمين .

25 ـ كذا في بعض النّسخ ، وفي بعضها : «عبيد بن عقيل» ، وفي البحار : «محمّد بن الفضيل» ، وفي المنقول عن الشّيخ : «عبيد بن الفضل».

26 ـ في البحار : «ولا يبلغ مكّة» .

27 ـ هو بصريّ ، قال النّجاشيّ والعلاّمة : هو ضعيف ، غال ، ليس بشيء .

28 ـ وفي بعض النّسخ : «ثمّ أخرج من صلبه ذكراً انتصر له به وأنَّ شبحه عندي تحت العرش» .

29 ـ في بعض النّسخ : «زائري».

30 ـ أي الرّجوع .

31 ـ الزّخرف : 39 .

32 ـ الثُّبُور : الهلاك والفساد .

33 ـ الظّاهر كونه ابن سعيد الأهوازيّ.

34 ـ في البحار : «قد حدث ما لا نعرفه».

35 ـ في بعض النّسخ : «حتى يأتي سبعون فرجاً أجواب» وفي بعضها : «حتى مات سبعين فرحاً أخوأب».

36 ـ في بعض النّسخ : «أقبلت الرّايات» .

ـ الحمد لله تعالى على ما منّ به عليَّ ووفَّقني لتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه وتذييله ، حمد معترفٍ بلطفه وإحسانه وإنعامه ـ جلَّ جلاله ـ ، حيث يستر لي اُهبته وأتاح لي فرصته ، ووفّقني لإتمامه وإبرازه على هذا النّمط الرّائق والشّكل الفائق ، مضبوطة الألفاظ ، مفسّرة الغرائب ، مترجمة الرّواة ، مبلجة الأنوار ، دانية القطوف ، وكلّ ذلك بمعاضدة الاُستاذ علي أكبر الغفّاري ـ أبقاه الله تعالى ـ ، وعملت كلَّ ذلك بإرشاده ومشاورته وتأييده ، ونسأل الله عزّوجلّ أن يوفّقنا لتحقيق أمثال هذا الأثر ، وهو وليّ التّوفيق ، والصَّلاة على محمَّدٍ وأهل بيته الطّاهرين ، آمين ربّ العالمين .