الباب الحادي والمائة ثواب زيارة أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضا عليه السلام بطوس

ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن داودَ الصِّرْميِّ(1) ، عن أبي جعفر الثّاني عليه السلام «قال : سمعته يقول : مَن زارَ قبر أبي فله الجنَّة» .

 2 ـ حدّثني الحسن بن عبدالله ، عن أبيه عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن داود الصِّرْميِّ ، عن أبي جعفر الثّاني عليه السلام «قال : سمعته يقول : مَن زارَ قبر أبي فَلَهُ

الجنَّة» .

 3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله قال : حدَّثني عليُّ بن إبراهيم الجعفريُّ ، عن حَمدان الدِّيوانيِّ(2) «قال : دخلت على أبي جعفر الثّاني عليه السلام فقلت : ما لِمن زارَ أباك بطوس؟ فقال عليه السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر(3) ، قال حَمدان : فلقيتُ بعد ذلك أيّوب بنَ نوح بن دُرَّاج فقلت له : يا أبا الحسين إنّي سمعت مولاي أبا جعفر عليه السلام يقول : مَن زار قبر أبي بطوس غَفَرَ الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر ، فقال أيّوب : وأزيدك فيه ؟ قلت : نَعَم ، قال : سمعته يقول : ذلك ـ يعني أبا جعفر ـ وأنّه إذا كان يوم القيامة نصب له مِنبرٌ بحذاء مِنبرِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى يفرغ النّاس من الحساب»(4) .

 4 ـ قال أبي ـ رحمه الله ـ : قال سعد: حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ الدَّقّاق قال : حدَّثني أبو صالِح شعيب بن عيسى قال : حدَّثني صالِح بن محمّد الهَمْدانيُّ قال : حدَّثني إبراهيمٌ بنُ إسحاقَ النَّهاونديُّ «قال : قال أبو الحسن الرِّضا عليه السلام : مَن زارَني على بُعدِ داري وشَطونِ(5) مَزاري ، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطِن حتّى اُخلّصِه من أهوالها : إذا تطايرت الكُتُبُ يميناً وشِمالاً ، وعند الصّراط ، وعند الميزان» . قال سعد : وسمعته بعد ذلك من صالِح بن محمّد الهَمْدانيّ .

 5 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد ، عن إبراهيم بن رَيّان قال : حدّثني يحيى بن الحسن الحُسَينيّ قال: حدَّثني عليُّ بن عبدالله بن قُطْرب ، عن أبي الحسن

موسى عليه السلام «قال : مرَّ به ابنه وهو شابٌّ حَدَثٌ ، وبَنوه مجتمعون عنده ، فقال : إنّ ابني هذا يموت في ارض غُربة ، فمن زارَه مسلّماً لأمره عارفاً بحقِّه ، كان عند الله عزَّوجَلَّ كشهداء بدر» .

 6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن يعقوبَ ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن حَمدانَ بن إسحاقَ «قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ؛ أو حكى لي عن رَجلٍ عن أبي جعفر ـ الشّكُّ مِن عليِّ بن إبراهيم ـ «قال : قال أبو جعفر عليه السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غَفر الله له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر ، فحَجَجت بعد الزّيارة ، فلقيت أيّوب بن نوح ، فقال لي : قال أبو جعفر [الثّاني] عليه السلام : مَن زار قبر أبي بطوس غفر الله ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر ، وبنى له منبراً بحَذاء منبر رسول الله وعَلي صلوات الله عليهما حتّى يفرغ الله مِن حساب الخلائق . فرأيت أيّوب بن نوح بعد ذلك وقد زار ، فقال : جئت أطلب المنبر !» .

 7 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغِيرَة ، عن الحسين بن سَيف بن عَميرَة ، عن محمّد بن أسلم الجبليِّ ، عن محمّد بن سليمان «قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رَجل حجّ حجّة الإسلام فدخل متمتّعاً بالعُمرَة إلى الحجّ ، فأعانه الله على حجّه وعلى عُمرته ، ثمَّ أتى المدينة فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمَّ أتاك عارفاً بحقّك يعلم أنّك حجّة الله على خلقه ، وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عَلَيكَ(6) ، ثمَّ أتى أبا عبدالله الحسين عليه السلام فسلّم عليه ، ثمَّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، ثمَّ انصرف إلى بلاده ، فلمّا كان وقت الحجّ رَزَقه الله ما يحجّ به فأيّهما أفضل ؟ هذا الَّذي قد حجَّ حَجّة الإسلام يرجع ويحجّ أيضاً أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليِّ بن موسى عليهما السلام فليسلّم

عليه ؟ قال : بل يأتي خراسان فليسلّم على أبي الحسن أفضل ، وليكن ذلك في رَجب ، ولكن لا ينبغي أن يفعلوا هذا اليوم ، فإنَّ علينا وعليكم خَوفاً من السّلطان وشُنْعةً(7)» .

 8 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليِّ بن مَهزيار «قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما لِمَن زار قبر الرِّضا عليه السلام ؟ قال : [فله] الجنَّة والله» .

 9 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر البِزَنطيّ «قال : قرأت في كتاب أبي الحسن الرِّضا عليه السلام : أبلغ شيعتي أنَّ زيارتي تَعدل عند الله ألفَ حجّة ، قال : فقلت لأبي جعفر عليه السلام : ألف حجّةٍ ؟ ! قال : إي والله ؛ وألف ألف حجّةٍ لمن زاره عارفاً بحقِّه»(8) .

 10 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين ؛ وعليُّ بن محمّد بن قولُوَيه ، عن عليِّ بن إبراهيمَ بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن زيد النَّرْسيِّ(9) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام «قال : مَن زار ابني هذا ـ وأومأ إلى أبي الحسن الرِّضا ـ فله الجنَّة» .

 11 ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ وغيرهما ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليِّ بن مَهزيار «قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : جُعِلتُ فِداك زِيارة الرِّضا أفضل أم زيارة أبي عبدالله حسين بن عليٍّ عليهما السلام ؟ قال :

زيارَة أبي أفضل ، وذلك أنَّ أبا عبدالله عليه السلام يزوره كلُّ النّاس ، وأبي لا يزوره إلاّّ الخواصّ من الشّيعة(10)» .

 وعنهم ـ رحمهم الله ـ عن عليّ بن إبراهيم ، عن حَمدان بن إسحاقَ «قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ؛ أو حكى لي رجل عن أبي جعفر عليه السلام ـ الشّكّ مِن عليٍّ ـ يقول : وذكر مثل حديث أيّوب بن نوح ، حديث المنبر .

 12 ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن عليّ بن الحسين النّيسابوريّ ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن عبدالرَّحمن بن سعيد المكّيّ ، عن يحيى بن سليمان المازنيِّ(11) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام «قال : مَن زار قبر وَلَدي كان له عند الله سبعون حَجّة مبرورة ، قال : قلت : سبعين حجّة؟! قال: نَعَم ؛ وسبعمائة حَجَّةٍ ، قلت : سبعمائة حَجّةٍ ؟ قال : نَعَم ؛ وسبعين ألف حَجّة ، قلت : وسبعين ألف حَجّة ، قال : نَعَم ؛ ورُبَّ حجَّةٍ لا تُقبل ، مَن زارَه وبات عنده ليلة كان كمن زارَ اللهَ في عَرشه ، قلت : كمن زارَ الله في عرشه ؟ ! قال : نَعَم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين ، أمّا الأربعة الّذين هم مِن الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، وأمّا الأربعة الّذين هم من الآخرين فمحمّدٌ وعليُّ والحسنُ والحسينُ

صلوات الله عليهم أجمعين ، ثمَّ يمدُّ المِضمار(12) فيقعد معنا مَن زار قبور الأئمّة ؛ ألا إنَّ أعلاهم دَرَجة وأقربهم حَبْوة(13) مَن زار قبرَ وَلَدي عليٍّ ـ عليه السلام » .

 حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله قال : حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ [قال : حدَّثني إبراهيم بن رئاب] بهذا الإسناد مثله.

____________

ـ الظّاهر كونه داود بن مافنّة الصّرميّ ـ بكسر الصّاد المهملة ـ ، كوفيّ ، روى عن الرّضا عليه السلام ، يكنّى أبا سليمان .

ـ حمدان الدّيوانيّ ، قال في اللّباب : «هذه النّسبة إلى ديوان ، سكّة بمرو» ، رواه الصّدوق (ره) في الفقيه (تحت رقم 3189) عن حمدان هذا خبراً في فضل زيارة الرّضا عليه السلام عنه . وما في النّسخ : «الدّسواني» تصحيف .

ـ «تقدّم وتأخّر» كلاهما فعل ماضٍ ، يعني ما تقدّم منك قديماً وحديثاً . وقد مرَّ الكلام فيه في ص 149 .

ـ في بعض النّسخ : «حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق».

ـ شطون على زنة فعول : البُعد .

ـ في العيون : «ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين عليه السلام عارفاً بحقّه يعلم أنّه حجّة الله على خلقه وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عليه ، ثمَّ أتى أبا عبدالله عليه السلام ـ إلخ » . (عيون أخبار الرضا عليه السلام ، طبع مكتبة الصّدوق ج2 ص637) وفي الكافي مثل ما في المتن .

ـ الشُّنْعة ـ بضمّ الشّين ثمّ السّكون ـ : الكراهة والفظاعة.

ـ لأنّ زيارتهم عليهم السلام موجبة لبقاء الحجّ.

ـ بفتح النّون وإسكان الرّاء المهملة : قرية من قرى الكوفة ، تنسب إليها الثِّياب النَّرْسيَّة ، ونهرٌ من أنهار الكوفة عليه عدّة قرى ، حفره نَرْس بن بهرام ، مأخذه من الفرات نسب إليها جمعٌ من المحدّثين بالكوفة ، وزيدٌ منهم ، وهو أحد أصحاب الاُصول وكتابه يوجد عندنا ، رواه عنه محمّد بن أبي عمير . (الأمينيّ ـ ره ـ)

10 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : «لعلّ هذا كان مختصّاً بذلك الزّمان ، فإنّ الشّيعة كانوا لا يرغبون في زيارته عليه السلام إلاّ الخواص منهم الّذين يعرفون فضل زيارته . فعلى هذا التّعليل في كلِّ زمان يكون إمامٌ من الأئمّة أقلّ زائراً يكون ثواب زيارته أكثر . أو المعنى أنّ المخالفين أيضاً يزورون الحسين عليه السلام ، ولا يزور الرّضا عليه السلام إلاّ الخواصّ وهم الشّيعة ، فتكون «من» بيانيّة . أو المعنى أنّ مِن فرق الشّيعة لا يزوره إلاّ من كان قائلاً بإمامة جميع الأئمّة ، فإنَّ من قال بالرّضا عليه السلام لا يتوقّف في مَن بعده ، والمذاهب النّادرة الّتي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها أثر . فالوجه في التّعليل إمّا قلّة الزّائرين أيضاً ، أو أنّ حضور المخالفين يصير سبباً لقلّة فضل الزّيارة ، كما يؤمي إلى التّعليل المتقدّم في نظره تعالى إلى زوّار الحسين عليه السلام قبل نظره إلى أهل الموقف» . وقال العلاّمة الأمينيّ ـ رحمه الله ـ مثله .

11 ـ حيّ من تميم أبوها مازن بن مالك بن عمرو بن تميم (الأميني ـ ره ـ)

12 ـ المضمار مَيدان السِّباق ، والّذي يضمر فيه الخيل ، ولعلّه كناية عن المجلس عبّر به عنه لسعته ، وفي بعض النّسخ : «المِطمار» ، والمطمار والمطمر خيط للبنّاء يقدّر به . وقد ورد في كثير من الأخبار في مثل هذا المقام هذه اللّفظة ، وهذا أظهر . ولعلّ مدّه ليدخل فيه مَن كان مِن أوليائهم ويخرج عنه مخالفوهم ، وفي بعض نسخ الكافي : «الطّعام» . (ملاذ الأخيار)

13 ـ الحبوة : العطيّة ، والحبوة أيضاً الاحتباء بالثّوب بأن يجمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ، وهنا يحتمل المعنيَين . (البحار)