الباب الرَّابع والثّمانون وَداع قبر الحسين بن عليِّ عليهما السلام

1 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد . وحدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد . وحدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فَضالَةَ بن أيّوب ، عن نُعَيْم بن الوليد ، عن يوسفَ الكُناسيِّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا أردتَ أن تُودِّعَ الحسين بن عليِّ عليهما السلام فقل : «السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، أَسْتَودِعُك اللهَ وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ ، آمَنّا بِاللهِ وَ وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيهِ ، وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ ، فَاكْتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ ، اللّهُمّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّا وَمِنْهُ ، اللّهُمَّ إنّا نَسْأَلُكَ أنْ تَنْفَعَنا بِحُبِّهِ ، اللّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً تَنْصُرُ بِهِ دِينَكَ وَتَقْبُلُ بِهِ عَدُوَّكَ ، وَتُبِيرُ بِهِ مَنْ نَصَبَ حَرْباً لآلِ مُحَمَّدٍ(1) فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ ذلِكَ ، وَأنْتَ لا تُخلِفُ المِيعادَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ شُهَداءُ نُجَباءُ ، جاهَدْتُمْ في سَبيل اللهِ َقاتلتُمْ عَلى مِنْهاج رَسُولِ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً ، أنْتُمُ السّابِقُونَ وَالمهاجِرُونَ وَالأنْصارُ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ وأنْصارُ رَسُولِهِ ، فَالحَمْدُ للهِ الَّذي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وأراكُمْ ما

تُحبُّونَ ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، اللّهُمَّ لا تَشْغَلْني في الدُّنْيا عَنْ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ ، لا بإكْثارِ تُلْهِيَني عَجائِبُ بَهْجَتِها ، وَتَفْتِنَني زَهَراتُ زينَتِها(2) ، وَلا بإقْلالٍ يَضُرُّ بِعَمَلي كَدُّهُ ، وَيَمْلأُ صَدْري هَمُّهُ ، أعْطِني مِنْ ذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ ، وَبَلاغاً أنالُ بِهِ رِضاكَ ، ياأرْحَمَ الرَّاحِمينَ ، وَصَلّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ ، وَعَلى أهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الأخْيارِ ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ»» .

 2 ـ حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بنِ الحسين العَسكريُّ ـ بـ «عَسْكَر مُكْرَم»(3) ـ عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن ابيه ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن محمّد بن مَروانَ ، عن أبي حمزة الثُّماليّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا أردتَ الوداع بعد فَراغِك مِن الزِّيارات فأكثر منها مَا اسْتَطَعتَ ، ولْيَكنْ مقامك بالنِّينوى أو الغاضِريَّة ، ومتى أردتَ الزِّيارة فاغتسل وزُرْ زَرْوَة الوَداع ، فإذا فَرَغْتَ مِن زيارتك فاستقبل بِوجْهِك وَجْهَه والتمس القبر وقل :

 «السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، أنْتَ لي جُنَّةٌ مِنَ الْعَذابِ ، وَهذا أوانُ أنْصِرافي عَنْكَ ؛ غَيرَ راغِبٍ عَنْكَ ، وَلا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ سِواكَ ، وَلا مؤثِرٍ عَلَيْكَ غَيرَكَ ، وَلا زاهِدٍ في قُرْبِكَ(4) ، جُدْتُ بِنَفْسي لِلْحَدَثانِ(5) ، وَتَرَكْتُ الاُهْلَ وَالأوطانَ ، فَكُنْ لي يَومَ حاجَتي وَفَقْرِي ، وَفاقَتي ، يَومَ لا يُغْني عَنّي والِدي وَلا وَلَدي ، وَلا حَميمِي ولا قَرِيبي ، أسْألُ اللهَ الَّذي قَدَّرَ وَخَلَقَ أنْ يُنَفِّسَ بِكَ كَرْبي ، وَأسْألُ اللهَ

الَّذي قَدَّر عَليَّ فِراقَ مكانِكَ أنْ لا يَجْعَلهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي وَمِنْ رَجْعَتي(6) ، وَأسْألُ اللهَ الَّذي أبْكى عَلَيْكَ عَيْني أنْ يَجْعَلَهُ سَنَداً لي(7) ، وَأسْألُ اللهَ الَّذي نَقلَني إلَيْكَ مِنْ رَحْلي وَأهْلي أنْ يَجْعَلَهُ ذُخْراً لي ، وَأسْألُ اللهَ الَّذي أراني مَكانَكَ وَهَداني للتَّسْليم عَلَيْكَ وَلِزيارَتي إيّاك أنْ يُورِدَني حَوْضَكُمْ ، وَيَرْزُقَني مُرافِقَتَكُمْ في الجِنانِ مَعَ آبائِكَ الصّالِحينَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعين ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ [وَابْنَ صَفْوَتِه] ، السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ ، حَبيبِ اللهِ وَصَفْوَتِهِ ، وَأميِنِه وَرَسُولِهِ ، وَسَيِّدِ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلى أمير المؤمنين وَوَصيّ رَسُولِ رَبِّ العالمين ، وَقائدِ الغُرِّ المحجِّلينَ ، السَّلامُ عَلَى الأئمَّةِ الرَّاشِدينَ والمَهْدِيّينَ ، السَّلام عَلى مَنْ في الحائِر مِنْكُم(8) [وَرَحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ] ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الباقِينَ المقِيمِينَ ، الَّذينَ هُمْ بِأمْرِ رَبِّهِمْ قائِمونَ ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللهِ الصّالِحينَ ، وَالحمْدُ لله رَبِّ العالَمِين» .

 وتقول :(9) «سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقرَّبينَ وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ ، وَعِبادِهِ الصّالِحينَ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلى ذُرِّيَّتك وَمَنْ حَضَرَكَ مِنْ أوليائِكَ ، أسْتَودِعُكَ اللهَ وَأسْترعِيك(10) وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ ، آمَنّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبما جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِاللهِ ، اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ» ،

 وتقول(11) : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَلا تَجْعَلُهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِن زيارَتي ابْن رَسُولِكَ ، وَارْزُقني زيارَتَهُ أبَداً ما أبْقَيْتَني ، اللّهُمَّ انْفَعْني بِحُبِّهِ يا رَبَّ العالمِينَ ، اللّهُمَّ ابْعَثْهُ(12) مَقاماً محمُوداً إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسْألُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأنْ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارَتي إيّاهُ ،

فَإِنْ جَعَلْتَهُ يا رَبِّ فَاحْشُرني مَعَهُ وَمَعَ آبائِهِ ، وَإنْ أبْقَيْتَني يا رَبِّ فَارْزُقْني الْعَوْدَ إلَيْهِ ثُمَّ الْعَوْدَ بِرَحمتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين ، اللّهُمَّ اجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في أولِيائِكَ ، وَحَبِّبْ إليَّ مَشاهِدَهُمْ(13) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ ، وَلا تَشْغَلْني عَنْ ذِكْركَ بإكْثار مِنَ الدُّنْيا تَلْهِيَني عَجائبَ بَهْجَتِها وَتُفْتِنَني زَهْراتُ زِينَتها ، وَلا بإقْلالٍ يَضُرُّني بِعَمَلي كَدُّهُ ، وَيَملأُ صَدْري هَمُّهُ ، وَأعْطِني بِذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ ، وَبَلاغاً أنالُ بِهِ رِضاكَ يا رَحْمُنُ ، والسَّلامُ عَلَيْكمْ يا مَلائِكَةَ اللهِ وزُوّارَ قَبرِ أبي عَبْدِالله عَلَيْه السّلامُ» ،

 ثمّ ضَع خَدَّك الأيمن على القبر مرَّةً والأيسر مرَّة ، وألحَّ في الدُّعاء والمسألة ، فإذا خرجت فلا تُوَلِّ وَجْهَك عن القبر حتّى تخرج» .

____________

1 ـ أباره أي أهلكه .

2 ـ قال في النّهاية : «الزّهرة : البياض النيِّر ، وزهرة الدُّنيا وزينتها ، أي حُسْنها وبَهْجَتِها وكَثْرة خَيْرها».

3 ـ عَسْكَرُ مُكْرَم ـ بضمِّ الميم وسكون الكاف وفتح الرّاء ـ : وهو بلد مشهور من نواحي خوزستان منسوب إلى مكرم بن معزاء الحارث أحد بني جَعْوَنَة بن الحارث بن نُمَير بن عامر بن صَعْصَة . (من معجم البلدان).

4 ـ زهد فيه ، كمنع وسمِع وكرم : ضدُّ رَغِبَ . (القاموس).

5 ـ أي بذلت نفسي لحدثان الزّمان ، وجعلتها عرضة لها باختيار السّفر لا سيّما هذا السّفر في تلك الأزمان المخوفة . (ملاذ الأخيار) وفي القاموس : «جاد بنفسه : قارب أن يقضي» .

6 ـ في بعض النّسخ : «رجوعي».

7 ـ أي معتمداً . (المجلسيّ ـ ره ـ) وفي القاموس : «السَّنَد محرّكة : مُعْتَمد الإنسان».

8 ـ الظّاهر أنّ الخطاب متوجّهٌ إلى الأئمّة ، والمراد الحسين عليه السلام ، أو المراد من أهل بيتكم وأولادكم . (ملاذ الأخيار)

9 ـ في التّهذيب : «ثمّ أشر إلى القبر بمسبحتك اليُمنى وقلْ : إلخ».

10 ـ أي اطلب من الله حفظك ، واسترعاه إيّاه استحفظه.

11 ـ في التّهذيب : «ثمّ ارفع يديك إلى السّماء وقل : ـ إلخ».

12 ـ زيد في بعض النّسخ : «أبعثني معه» .

13 ـ قوله : «مشاهدهم» أي مواطن حضورهم وظهورهم أحياء وأمواتاً . (البحار)