(المجلس السابع صفات أبي الفضل العباس (ع

القصيدة: للشيخ حسن بن علي السعدي النجفي

الشهير بقفطان، ت: 1279هـ

يـوم أبو الفضل استفزت بأسه      فـتيات فـاطم من بني ياسين

وأغـاث  صبيته الظما بمزادةٍ      من  ماء مرصود الوشيج معين

مـا ذاقـه وأخـوه صادٍ باذلا      نـفسا بـها لأخيه غير ضنين

حـتى  إذا قطعوا عليه طريقه      بـسداد جـيشٍ بـارزٍ وكمين

ودعـته أسـرار القضا لشهادةٍ      رسـمت  له في لوحها الكنون

حسموا يديه وهامه ضربوه في      عـمد  الحديد فخرَّ خير طعين

ومـشى  إليه السبط ينعاه كسر      ت الآن ظهري يا أخي ومعيني

عـباس  كبش كتيبتي وكنانتي      وسريُّ قومي بل أعزُّ حصوني

يـا  ساعدي في كل معتركٍ به      أسـطو وسيف حمايتي بيميني

لمن اللوا أعطي ومن هو جامع      شملي  وفي ظنك الزحام يقيني

وتـركتني  بين العدا لا ناصرٌ      يحمي  حماي ولا يحامي دوني

عباس  تسمع زينبا تدعوك من      لي  يا حماي إذا العدى سلبوني

او لست تسمع ما تقول سكينة      عـماه يوم الأسر من يحميني(1)


(هجري)

من وصل شيخ العشيره اتلگته زينب تصيح      وين أبو فاضل تركته ابيا أرض گلي طريح

گلـها عـلمسناة طـايح ياعقيله اعله النهر      الـسهم  نابت ابعينه او راسه بعمود انفطر

شـفته  امـدد يـخويه وانكسر مني الظهر      ازنـود  مـا من يلعقيله والجسم كله جريح

شـوفته ذوبت چبدي امگطع ابحد السيوف      جـوده  ابكتره يخويه امگطعه منه الچفوف

ردت  اشـيله للمخيم ما قِقَل يختي العطوف      گال خـليني ابـمچاني منها هلدنيه أستريح


(نصاري)

مـدري  اشگال يوم انضرب بعمود      عـلى راسه او هوه مگطوع الزنود

سـهم صـابه ابعينه او سهم بالجود      او فزعت بالمواضي اعليه الأرجاس

يـخويه انـته الذي ما تحمل اعتاب      يـخويه ابـهلوكت تـنراد الأحباب

يـخويه شـطِّي السكنه امن اجواب      تواعدها  او تصد يا صعب المراس


صفات أبي الفضل العباس (ع)

ذكر بعض الأكابر: أن أمير المؤمنين (ع) كان جالسا ذات يوم في مسجد النبي (ص) وهو يحدثهم ويشوقهم إلى الجنة ويحذرهم من النار إذ جاء اعرابي وعقل راحلته على باب المسجد ودخل وإذا عنده صندوق فجاء وسلم على أمير المؤمنين (ع) وقبل يديه وقال مولاي جئتك بهدية قال وما هي فأحضر أمامه الصندوق فأمر (ع) بفتحه وإذا فيه شيء ملفوف فأمر بفله وإذا هو سيف وله حمائل فأخذه الإمام (ع) بيده يقبله إذ دخل العباس فجاء وسلم على أبيه ووقف متأدبا وأخذ يطيل النظر إلى السيف فقال له أمير المؤمنين (ع) بني أتحب أن أقلدك بهذا السيف؟ قال له العباس: نعم يا أبه أحب ذلك فقال له ادن مني فدنى منه فقلده إياه فطالت حمائل السيف على العباس فقصرها عليه ثم جعل أمير المؤمنين (ع) ينظر إلى ولده العباس ويطيل النظر إليه ثم تحادرت دموعه على خديه وبكى فقيل وما يبكيك يا أمير المؤمنين فقال (ع) كأني بولدي هذا قد أحاطت به الأعداء وهو يُضرب بهذا السيف يمنه ويسرة حتى تقطع يداه ويضرب رأسه بعمد من الحديد ثم بكى وبكى من كان حاضرا(2).


أحـقُّ الناس أن يبكى عليه      فتى  أبكى الحسين بكربلاء

أخـوه وابـن والـده عليٍّ      أبو الفضل المضرَّج بالدماء

ومـن واساه لا يثنيه شيء      وجـاد له على عطشٍ بماء


ولهذا ورد في زيارته: (نعم الأخ المواسي لأخيه) لأن العباس كان في وسط الماء ولم يشرب، منه مواساة لأخيه أبي عبد الله الحسين (ع) وأطفاله الذين كانوا يكابدون العطش. نعم، ان هذه المواساة وهذا الوفاء، قابله الحسين (ع) بمواساة ووفاء ولهذا كان (ع) ينادي عند مصرع أبي الفضل وا أخاه وا عباساه وامهجة قلباه يعز والله عليَّ فراقك وقال بعضهم أغمي على الحسين (ع) من شدة البكاء(3).

وقال الخوارزمي في مقتل الحسين (ع): فأدركه الحسين وبه رمق الحياة فأخذ رأسه الشريف ووضعه في حجرة وجعل يمسع الدم والتراب عنه، ثم بكى بكاء عاليا وقال: الآن انكسر ظهري، الآن قلت حيلتي وشمت بي عدوي، ثم انحنى عليه وأعتنقه وجعل يقبل موضع السيوف في وجهه ونحره وصدره.

قد رام يلثمه فلم ير موضعا      لم يدمه عضُّ السلاح فيلثم

(نصاري)

يبو  فاضل يعزي او سيف نصري      يـشيال الـعلم يـا تـاج فـخري

عـمود الصاب راسك كسر ظهري      او هدم ركني او كلما چان إلي سور

اعـيون  اطـفالنا الـدربك رجيبه      تگول الـماي عـمي الـسا يجيبه

مـتدري اطـفالنا ابـعمهم ضريبه      او  مـخ راسه على الكتفين منثور


ثم حمل على القوم فأخذ يضرب فيهم وهو يقول: إلى أين تفرون وقد قتلتم عضدي، ثم رجع إلى أخيه وانحنى عليه يقبله ويبكي، ففاضت روح العباس ورأسه في حجر أخيه.

 (نصاري)

رد  احـسين يـندب يا عمامي      راح  الـضيغم اليحمي اخيامي

او ما لي من معين او لا محامي      يـحامي  دوني او يبره للخدور


أرباب العزاء: هناك من يقول: ان السر في بقاء العباس على المسناة ولم ينقله الحسين إلى خيمة الشهداء، أن العباس طلب منه ذلك كما مر عليك، وهناك من يقول: كثرة الجراحات هي التي منعت الحسين من حمله، حيث ان الإمام كلما حمل جانبا سقط الجانب الآخر، لأن الأعداء قطعوه بالسيوف إربا إربا، ويؤيد هذا القول ما روي عن بني أسد لما أتاهم زين العابدين لدفن الأجساد، قالوا له: بقي بطل مطروحا على المسناة، كلما حملنا جانبا سقط الجانب الآخر من كثرة الجراحات، ويقول بعضهم: ان مقتله قد هد الحسين وقصم ظهره ولم يكن عنده من يعينه ويساعده على حمله إلى المخيم، ولم يستطع حمله بنفسه فانهم ذكورا انه قام من عنده محني الظهر، منكسرا حزينا.


هوى فوقه رمحا فقام صفيحة      تـثلَّم مـنها حـدها وغراها


ويتساءل بعضهم ـ يا عشاق الحسين ـ فيقول: أصحيح أن الحسين ينظر إلى هذه الفجائع ومعه حياة ينهض بها؟ لم يبق الحسين بعد أبي الفضل إلا هيكلا شاخصا معرَّىً من لوازم الحياة.

قد عجبت من صبره الأملاك      ولا  يـحيط وصفه الإدراك

وبـان الانـكسار في جبينه      فـاندكت الـجبال من حنينه

وكـيف  لا هو جمال بهجته      وفـي مـحياه سرور مهجته

كـافل أهـله وساقي صبيته      وحـامل الـلوا بعالي همته

ــــــــــــــ

(1) ـ أدب الطف ج7 ص112.

(2) ـ النص الجلي في مولد العباس بن علي (ع) ص49 محمد علي الناصري البحراني.

(3) ـ تظلم الزهراء ص243.