المجلس الثاني أمير المؤمنين (ع) ليلة العشرين من شهر رمضان

القصيدة: للسيد محمد جمال الهاشمي النجفي

 

ت: 1392هـ

ذكـرى  لها نفس الشريعة تجزعُ      وأسـىً لـه عـينُ الهداية تدمعُ

رزءٌ لـه الإسـلامُ ضجَّ وحادثٌ      مـن  وقـعة قلب الهدى يتصدَّع

يـا  لـيلة القدرِ اذهبي مفجوعةً      فـلقد  قـضى فيك الإمامُ الأنزع

أدرى  ابنُ ملجَمَ حين سلَّ حسامه      لـلفتك بـالإيمان مـاذا يـصنع

أردى  بـه الـتوحيد في ملكوته      فـالعرش مـما قـد جنى متفجع

خُـرح أصاب الطهر في محرابه      مـن وقـعة قـلب الهدى يتوجع

لاقـى  الإلـه وذكـره بـلسانه      ومـضى إلـيه سـاجداً يتضرع

بـين  الـصلاة وتلك أرفع شارةٍ      يـقضى شـهيداً بـالدماء يُـلَفَّع

قـد  كـان مـا بين الأنام وديعةً      رجـعت  وأيُّ وديـعةٍ لا ترجع

ونـعاه لـلملأ الـمقدَّس صارخا      جـبريل قـد مات الإمامُ الأورع

وتهدمت في الأرض أركانُ الهدى      فـكيانه  مـن بـعده متضعضع

قـد  قـلَّ سـيفٌ للحقيقة صارمٌ      وانـهدَّ حصنٌ للشريعة أمنع(1)

 

(نصاري)

شـبح لـلموت عـينه او عـدل رجليه      وولاده او عـمـامـه داروا اعـلـيـه

صــاح  اوداعـة الله او مـدد إيـديه      او گضت روحه العزيزه او غمض العين

بچت  زيـنب او نـادت يـا ضـمدنه      يـا سـور الـحمه او عـزنه او عمدنه

يـبـو  الـحـسنين مـنـته الـدللتنه      مــن  عگبـك يـبويه اتـهدم الـدين

عگب مـا نـعت عـد لـيث الـعرينه      غـابـت روحـها او گعـدت حـزينه

شـافـت  نـعـش ابـوهـا شـايلينه      نــادت  ويــن نـيـتكم يـمـاشين

 

(أبوذية)

نـار  الـفاجعه يـا علي كبره      او جبرائيل صوت الحزن كبره

حسن وحسين وي زينب الكبره      دمـعهم  سـال وي دمك سويه

 

أمير المؤمنين (ع) ليلة العشرين من شهر رمضان

في هذه الليلة كان أمير المؤمنين (ع) في داره بين أولاده وأهل بيته والدماء كانت تنزف من رأسه الشريف.

يقول محمد بن الحنفية: فبينما نحن ليلة العشرين من شهر رمضان عند أبي عليٍّ (ع) وقد سرى السم (2) في بدنه الشريف وكان تلك الليلة يصلي من جلوس وهو يعزينا على نفسه ويوصينا بما هو أهله من أفعال الخيرات واجتناب الشرور ويكثر من ذكر الله تعالى وقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

قال الأصبغ بن نباته: غدونا على أمير المؤمنين (ع) ونحن نفر من أصحابه فسمعنا البكاء في منزله فبكيت حتى ارتفع صوتي بالبكاء، فخرج الحسن (ع) وقال: ألم أقل لكم انصرفوا؟ فقلت: لا والله يابن رسول الله لا تتابعني نفسي ولا تحملني رجلي أن أنصرف ولم أر سيدي ومولاي وبكيت. ودخل الحسن فلم يلبث أن خرج إليه فأدخلني، فإذا هو ـ أمير المؤمنين ـ مستند ومعصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفر وجهه فما أدري وجهه أشد صفرة أم العمامة فاكببت عليه فقبلته فقال لي: لا تبك يا أصبغ فإنها الجنة فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين إني أعلم انك صائر إلى الجنة ولكن أبكي لفراقك يا أمير المؤمنين ثم نظر الإمام إلى أولاده فرآهم تكاد أنفسهم تزهق من النوح والبكاء فجرت دموعه على خديه حتى امتزجت بدمه قال (ع): أتبكيا عليّ؟ ابكيا كثيرا واضحكا قليلا أما أنت يا أبا محمد ستقتل مظلوما مسموما مضطهدا وأما أنت يا أبا عبد الله فشهيد هذه الأمة وسوف تذبح ذبح الشاة من قفاك وترض أعضاؤك بحوافر الخيل ويطاف برأسك في مماليك بني أمية، وحريمُ رسول الله (ص) تسبى وإن لي ولهم موقفا يوم القيامة (3).

وأقبلت إليه أم كلثوم زينب وهما يندبانه ويقولان من للصغير حتى يكبر؟ ومن للكبير بين الملأ يا أبتاه حزننا عليك طويل وعبرتنا لا تبرح ولا ترقأ فضج من كان حاضرا بالبكاء وفاضت دموع أمير المؤمنين (ع) على خديه وهو يقلب طرفه وينظر إلى أهل بيته.


(مجردات)

صاحت يبويه اشهل مصيبه      مـطبور والـهامه خضيبه

راح الأبـو وامـنين اجيبه

 

وكأني بها هذه الليلة:

 

(مجردات)

هـالليلة  ابـونه امسى ابشده      او جرحه الذي ابراسه مضهده

والـسم  لـعد جـسمه تـعده      وابـروحه اشوفه ايلوج وحده

 

(مجردات)

لـونكم  يـخوتي تـجعدونه      او جـرح الـبراسه تشدونه

بـهداي  بـس لا تـلچمونه      او شـنهو اليهيسه اتسايلونه

بـلكن  اصـوابه اتعالجونه      او عيناك بس تغمض اعيونه

الــوادم بـعدما يـعرفونه      او عـند الـشدايد يـخذلونه


(أبوذية)

ابهيده  لا تلچمه الجرح شدّه      تدري اشسال منه ادموم شدّه

مثلها  ما جرت بالكون شدّه      انطبر  ويلاه حماي الحميه

 

وفي هذه الليلة أحضر عنده عروة السلولي وكان أعرف أهل زمانه بالطب فذبح شاة وأخرج منها عرقا فأدخله في جراحة الإمام ثم أخرجه وإذا عليه بياض الدما فقال الطبيب بعد أن استعبر وبكى: إعهد عهدك يا أمير المؤمنين فإن الضربة وصلت إلى الدماغ (4).

 

(مجردات)

بس  ما فحص جرحه طبيبه      صاح او دمعته عالخد سچيبه

يـشراف  مكه او فخر طيبه      امـن الـطبره والدكم الهيبه

مـسموم جـسمه ابهلمصيبه      عزوا النبي الهادي او حبيبه

وكأني بزينب تسأل أخاها الحسن عن أبيها.

 

(مجردات)

يـا  حـسن والدنه او ذخرنه      جـرحه  الطبيب اشگال عنه

حـين الـسمع مـنها المچنه      هـل  دمـعته او ظهره تحنه

گلـها  الـجسم مـسموم مبنه      امن الطبره يختي وحگ جدنه

او مـن والـدچ گطعي الظنه

 

(أبوذية)

دوه مـيفيد راسـك بـعد وطّـيب      او بعد ما شوف يبره الجرح وطّيب

نـكر زيـنك يـبويه اوياه وطّيب      او  يـطبرك يا امين الله او وصيه

***

مـصابٌ قد لوى للدين جيدا      وهـدَّ من الهدى رُكنا مشيدا

مصابٌ كُوِّرت شمسُ المعالي      لـه فـغدت لـه الأيام سودا

بـه  بات الهدى ينعى عميدا      وفـسطاطُ التقى ينعى عمودا


(1) ـ ديوان مع النبي وآله مجموعة قصائد للشاعر في مدح ورثاء النبي وآله.

(2) ـ لأن السيف كان مسموماً أثناء الضربة.

(3) ـ وفاة أمير المؤمنين (ع) للشيخ علي الخطي.

(4) ـ علي (ع) من المهد إلى اللحد للسيد كاظم القزويني. وفاة أمير المؤمنين (ع) للشيخ الخطي.