المجلس الثاني السيدة أم كلثوم تدخل المدينة المنورة

القصيدة: للشيخ الحافظ البرسي الحلي

 

مـا هـاجني ذكر ذات البانِ والعلم      ولا  الـسلام عـلى سلمى بذي سلمٍ

لـكن  تـذكرت مولاي الحسين وقد      أضحى بكرب البلا في كربلاء ظمي

وراح  ثـم جـوادُ الـسبط يـندبه      عـالي  الـصهيل خليَّا طالب الخيم

فـمذ  رأتـه النساءُ الطاهرات بدى      يـكادم(1) الأرض فـي خدِّ له وفم

فـبرزن  نـادبةً حـسرى وثـاكلةً      عـبرى ومـعلولةً بـالمدمع السجم

فـجئن  والسبط ملقى والنصال أبت      مـن  كـف مـستلم أو ثـغر ملتثم

والـشمر  ينحَرُ منه النحر من حنقٍ      والأرض  تـرجف خوفا من فعالهم

فـتستُرُ الـوجه فـي كـمٍّ عقيلتُهم      وتـنحني فـوق قـلب والهٍ كَلِم(2

تدعو  أخاها الغريب المستضام أخي      ياليت طرف المنايا عن علاك عمي

أخـي لـقد كـنت غوثا للأرامل يا      غـوث اليتامى وبحر الجود والكرم

وتـستغيثُ  رسـول الله صـارخةً      يـا جدُّ أين الوصايا في ذوي الرَحِم

يـا  جدُّ لو نظرت عيناك من حزنٍ      لـلعترة  الـغزِّ بعد الصون والحَشَم

مـشردين  عين الأوطان قد قُهروا      ثكلى  أسارى حيارى ضُرِّجوا بدم

يُـسرى  بـهنَّ سـبايا بعد عزِّهمُ      فوق النياق كسبي الروم والخَدَم(3)

 

(نصاري)

بگت زيـنب تصيح ابگلب مفطور      اشلون امشي او يظل احسين معفور

خـذوها لـلركب والگلـب خفّاگ      تـعـاين  جـثته والـدمع دفـاگ

يـخويه اوداعـة الله هـذا الفراگ      بـعد هيهات اشوفن عگبك اسرور

مـشينه  امـودع الله والظعن سار      او  خـلينه عـزيز الـروح بالدار

او  كـل شـبّانه نـومه والأنصار      او  يـم الـعلگمي عـباس معفور

حـده  حـادي الظعن وينك يعباس      يـمن دومٍ نـخوتك تـرفع الراس

چي  تـرضه خواتك ترفج ارجاس      وانـته الـلي اليوم الضيج مذخور

نـاداهـا  يـبت راعـي الـحميه      اعـذريني  تـره غـصبن عـليه

اشـبيدي يـا عـزيزه اعله المنيه      عـتبتي او مـن يلومچ من تعتبين

 

(أبوذية)

أخـوچ  الما يچن غوجه ولاعن      اضـلوعي النخوتچ حنن ولاعن

لا يـسـره ولا يـمنه ولاعـين      بگت عندي او صعب عتبچ عليه

 

السيدة أم كلثوم تدخل المدينة المنورة

بعد خروج أهل المدينة لاستقبال الإمام علي بن الحسين (ع) وعماته وأخوته وخطاب الإمام في الناس، دخل آل الرسول إلى المدينة قال الراوي:

أما أم كلثوم (ع) فحين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول:

 

مـديـنة جـدنا لا تـقبلينا      فـبالحسرات والأحزان جينا

خـرجنا منك بالأهلين جمعا      رجـعنا لا رجـال ولا بنينا

وكنا في الخروج بجمع شملٍ      رجـعنا  حـاسرين مسلَّبينا

ومـولانا  الحسينُ لنا أنيس      رجـعنا  والحسينُ به رُزينا

فـنحن  الضائعات بلا كفيلٍ      ونـحن النائحات على أخينا

 

(مجردات)

صاحت  صوت نايح يا مدينه      وصلنه الكربلا او ذبحوا ولينه

طـلعنه ابـعزَّه وابـذلَّه لفينه      انكرينه او يحگلچ من تنكرينه

 

ثم أقبلت إلى مسجد رسول الله (ص) باكية العين، حزينة القلب، فقالت: السلام عليك يا جداه، إني ناعية إليك ولدك الحسين (ع)، وجعلت تمرغ خديها على المنبر والناس يعزونها، فحن القبر حنينا عاليا (4)، وضجت الناس بالبكاء والنحيب، وإلى نعيها أشار الحجة (ع) في زيارة الناحية المنسوبة إليه: فقام ناعيك عند قبر جدك الرسول (ص)، فنعاك إليه بالدمع الهطول قائلا: يا رسول الله قتل سبطك وفتاك، واستبيح أهلك وحماك، وسبيت بعدك ذراريك، ووقع المحذور بعترتك وذويك، فانزعج الرسول، وبكى قلبه المهول وجعلت أم كلثوم تقول:

 

رهطُك  يا رسول الله أضحوا      عـرايا بـالطفوف مـسلبينا

وقد ذَبحوا الحسين ولم يُراعوا      جـنابك يـا رسـول الله فينا

فـلو نظرت عيونُك للأسارى      عـلى قَـتَبِ الجمال محملينا

 

(نصاري)

اجـت  ويـلي تصب الدمع واتنوح      او خضَّب گبر جدها او غابت الروح

يـجدي  اعـزيزكم بـالطف مذبوح      ثـلث تـيام مرمي ابشمس واحرور

حـن گلب الرسول او سمعوا احنين      واعلن  بالبچه اعله امصاب الحسين

مـهو  ابنَّيه او عزيزه او گرَّة العين      الچان ايـقبله ابـنحره الـيشع نوره

 

ثم أقبلت إلى قبر أمها فاطمة الزهراء ورمت بنفسها على القبر وهي تقول: يا أماه أعزيك بولدك الحسين (ع) فقد قتلوه عطشانا (5).

 

(نصاري)

اخـبرچ  بـالمصاب الصار بينه      عگب ذبـحة هـلي وابنچ العينه

هـجوم ابـكربله هـجموا علينه      هجوم الگوم من هجموا على الدار

 

(مجردات)

بس  مالفت ويلي امن الشام      لـرض المدينه اوياهم ايتام

لامـنها  اجت والدمع سجّام      او نادت يبضعة سيد الأكرام

الـحسين عـاري ثلث تيام      او  عباس والأكبر او جسام

***

أفاطمُ لو خلت الحسينَ مجدلا      وقد مات عطشانا بشطّ فراتِ


(1) ـ يكادم: يعض.

(2) ـ كلم: مجروح.

(3) ـ الغدير: ج7 ص92.

(4) ـ ثمرات الأعواد ج2 ص67 عن بعض الخطباء.

(5) ـ ثمرات الأعواد ج2 ص67.