المجلس الأول الإمام محمد الجواد (ع) يموت مسموماً

القصيدة: للسيد محمد جمال الهاشمي

 

يـا تـاسع الأمناء الغرِّ قد وفدت      إلـيك شـيعةُ أهـل البيت تبتدرُ

فـأنت  مـفزعُها دنـياً وآخـرةً      وفيك يُكشف عنها الضرُّ والضرر

ألـست أنـت الذي بانت معاجزُه      كالشمس  آمن فيها البدوُ والحضر

أمسى ابن أكثم مذهولا بما سمعت      أذنـاه  منك وأعيى نطقه الحصر

لـقد عـلمتم عـلوم الأنبياء وما      تـضمُّ  في سرها الآيات والسور

مـن أين يُدركَ من كانت معارفُه      مـحدودةً عـالما بـالغيب يستتر

قـد رام إطفاء نور الله (معتصمٌ)      بـمـنهجٍ  شـقَّه آبـاؤُه الـغدر

فـدس  سمَّ الردى في كفّ غاويةٍ      إلـيك  كـي تحتفي آياتُك الغرر

لا عافت النارُ أمَّ الفضل حيث بما      قامت  به يلتظي في روحنا شرر

سمت  إمام الهدى فالأرضُ راجفةٌ      مـنه ووجه السما من ذاك مُعتكر

يـبقى  ثـلاثا بلا غُسلٍ ولا كفنٍ      كجدِّه  فهو فوق السطح منعفر(1)

 

(نصاري)

يعيني اعلى الجواد ابچي ابدمع دم      يگلـبي اعـله ابـو الهادي تلچّم

شباب او صايم او يفطر على السم      وحـيد ابـدار غربه مثل الحسين

يـصيح  الـماي والسم مرد كبده      طـلعت مـن وكت ما بگت عنده

ظـل  نـايم ابـسطح الدار وحده      على افراش المرض يصفج الكفين

ثـلث  تـيام ظـل مـيت ابداره      عـلى افـراشه بگه ليله او نهاره

مـثل احـسين ظل وسط المعاره      على  الرمضه او محد ينشد امنين

 

ولسان حال الحوراء زينب (ع):

(أبوذية)

اشچم اصواب انه ابگلبي ولمچان      انـه  ابكل دار الي ماتم ولمچان

اريد  انعه اعله ابو اليمه ولمچان      او نـنوح اعـليه كل احنه سويه

 

الإمام محمد الجواد (ع) يموت مسموماً

بعد موت المأمون بويع المعتصم بالخلافة فلما جلس على سرير الملك أخذ يتحين الفرصة لقتل الإمام الجواد (ع) الذي ظهرت فضائله ومناقبه للناس فراحوا يؤمنون به ويعتقدون بإمامته وهذا أمر يخيف السلاطين لذلك دعا المعتصم الإمام الجواد من المدينة المنورة إلى بغداد فلما عزم الإمام (ع) ترك المدينة والتوجه إلى بغداد خلف ابنه أبا الحسن الهادي (ع) عليها وهو صغير السن وسلم إليه المواريث والسلاح ونص على إمامته بمشهد من ثقاته وأصحابه ثم ودعه وودع قبر جده رسول الله وقبور آبائه (عليهم السلام) وكأنه يعلم سوف لا يعود إليها وانصرف إلى بغداد فلما وردها (ع) جعل المعتصم يعمل الحيلة في قتله وأشار على ابنة المأمون أم الفضل أن تسقيه السم وكانت منحرفة عن الإمام شديدة العداوة له لحب الإمام (ع) لوالدة الإمام الهادي السيدة سمانة المغربية التي كانت عارفة بحق الإمام الجواد (ع) فأجابته إلى ذلك فأرسل المعتصم إليها سماً قاتلاً فأخذت السم وجعلته في عنب رازقي وقيل في شراب الاترنج وكان الإمام (ع) صائما وعند الإفطار (2) وضعته بين يديه فلما تناول منه شيئا تغير حاله وأحس بذلك فقال (ع): ويلك قتلتيني قاتلك الله.

ثم أخذ إمامنا يتقلب على الأرض يمينا وشمالا من شدة الوجع ويجود بنفسه ويطلب جرعة من الماء ويقول بصوت ضعيف: ويلك إذا قتلتيني فاسقيني شربة من الماء فما سقت الإمام (ع) الماء بل أغلقت الباب وخرجت من الدار فبقي الإمام يوما وليلة يعالج سكرات الموت حتى قضى نحبه ولقي ربه، رحم الله من نادى: وا سيداه، وا إماماه، وا مسموماه.

 

(نصاري)

ظـل  نايم طريح اشلون محتار      طول الليل وحده ايون على الدار

بس  صلى الفجر واتگبل او دار      راسـه  وحَّـده او مدد الرجلين

ضـعفت مـهجته ابـونه شديده      حـين الـوى لـعد الموت جيده

عـدل رجـله يويلي او مدد إيده      تشاهد شهگ مات او فرّگ البين

اويلي  سمته او طلعت من الدار      او ظـل وحده يعالج ليل وانهار

عگب موته اليهل ادموعنه اعبار      ثـلث تـيام جسمه إبلا دفن تم

 

قال في نور الأبصار: فلما قضى نحبه أمر المعتصم بأن يرموا جسده الشريف من أعلى السطح إلى الأرض ومنع الناس أن يحملوه ويشيعوه ويدفنوه ويدنوا منه وبقي جسده على الأرض أياما بلا غسل ولا كفن ولا دفن فاجتمعت الشيعة وحلفوا على أن يقتلوا دونه أو يدفنوه فقال المعتصم: دعوهم وما يريدون فعملوا له شأنا عظيما حتى دفنوه.

 

(نصاري)

اجوا يمه ابحنين او لطم عالراس      طـلعوا بالجواد او فزعت الناس

لـمن  غـسّلوا صاحب النومان      حـفّوا بـالگبر كـلهم محزنين

 

أقل لم يبق كجده أبي عبد الله الحسين بعد موته ما حز رأسه ما رضت لخيل صدره.

 

وكأني بأخته الحوراء زينب (ع):

(نصاري)

يـا  نـاس ضـيعت البصيره      او  مثل حيرتي ما جرت حيره

ابـن والـدي مـاله عـشيره      يغسلونه او يچفنونه او يدفنون

***

قد قطعت أوصاله يا للهدى      بـشبا  الأعادي أيما تبديد


(1) ـ ديوان مع النبي وآله ص291.

(2) ـ المطالب المهمة ص274 علي الهاشمي.