(المجلس الثالث رواية ثانية حول شهادة الإمام علي الهادي (ع

القصيدة: للشيخ حسن فرج العوامي

ت: 1364هـ

 

يـا تـقيَّ العباد يا ابن الجواد      رزؤُك الـيوم قد أذاب فؤادي

ودعـت  مقلتي تصبُّ دموعا      بـالـتهابٍ  وزفـرةٍ واتـقاد

إن هـماً أذاب قـلبي وجـدا      لـيس يُـقضى وماله من نفاد

كيف  يقضي وفادحات الليالي      مـالهنَّ انـتها بل في ازديار

حسبُك  الله يا صروف الليالي      قد  تركتي جفني حليف السهاد

وتـركتني قلبي يشب ضراما      لـلذي نـاله عـليُّ الـهادي

أخرجوه من أرض طيبة كُرها      أحـرموه  الـجوار لـلأجداد

بـعد ذا أنزلوه خان الصعاليك      ونـالـوه  بـالأذى والـعناد

صيَّروه في السجن كرها يري      دون  إطـفاء نـوره الـوقاد

جـرَّعوه سـما فـلهفي عليه      أفـتـديه بـالأهـل والأولاد

فـقضى نـحبه عليٌّ فأضحى      بـعده الـدين فـاقدا لـلعماد

وله  الكون كاسفُ اللون حزنا      ولـه  الـمجد لابـسٌ للسواد

ولـه الـعسكريُّ أصبح يدعو      آه وا والـدي وا سـنادي(1)

 

 

(أبوذية)

صحت ابصوت يا بالحسن ماته      هـله عـدهم خبر مسموم ماته

ابو العسكري انشيعه انريد ماته      او  لا يبگه طريح اعله الوطيه

 

(أبوذية)

عـلى  الـهادي عزه هليوم يارن      او عليه امن البواچي اگلوب يارن

الـشيعة اعـيونها عالنعش يارن      وتـشيل اجـنازته لـبن الزكيه

 

(أبوذية)

صـاح الناعي والشيعه علمها      او  نشرت للحزن أسود علمها

علي الهادي گضه معدن علمها      او تيتم شرع دين الله او نبيه

 

رواية ثانية حول شهادة الإمام علي الهادي (ع)

نقل الدرازي في كتابه وفاة الإمام علي الهادي (ع)، عن أحمد بن داود بن محمد بن عبد الله الطلحي القمي قال: حملنا مالا من خمس ونذر من عين وورق ودنانير وحلي وجواهر وثياب من (قم) وما يليها فخرجنا نريد أبا الحسن (ع) فلما صرنا إلى دسكرة الحكم تلقانا رجل راكب على جمل ونحن في قافلة عظيمة فقصدنا ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بجمله فقال: يا أحمد بن داود ويا محمد بن إسحاق معي رسالة إليكما فقلنا ممن؟ فقال: من سيدكما أبي الحسن الهادي (ع)، يقول لكما إني راحل إلى الله تعالى في هذه الليلة فأقيما مكانكما حتى يأتيكما أمر من أبي محمد الحسن (ع) فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وأخفينا ذلك ولم نظهره ونزلنا دسكرة الملك واستأجرنا منزلا وأحرزنا ما كان معنا فيه وأصبحنا والخبر شائع بوفاة إمامنا  (ع) فلما تعالى النهار رأينا قوما من شيعة علي أشد قلقا مما نحن فيه فلما جن الليل جلسنا بلا ضوء ولا سراج حزنا على الهادي (ع) نبكي ونشكو إلى الله فقده.

 

شفَّ  قلبي الأسى وذاب فؤادي      ودموعي جرت كسحب الغوادي

لـمصاب  الإمـام كنز العطايا      مـعدن  الـجور كـعبة الوفاد

مظهر المعجزات شمس المعالي      مـفزع  الـخلق عـلّة الإيجاد

ركـن ديـن الإله بدر الدياجي      بـضعة  المصطفى نجاة العباد

سـيد  الـكائنات غوث البرايا      شبل حامي الحمى عليِّ الهادي

 

قال القمي: وإذا نحن بيد داخلة علينا من الباب فأضائت بنا كما يضيء المصباح وقائل يقول: يا أحمد يا محمد هذا التوقيع فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسن المستكين لرب العالمين إلى شيعته المساكين أما بعد فالحمد لله على ما نزل بنا منه ونشكره إليكم على جميل الصبر إليه وهو حسبنا في أنفسنا وفيكم ونعم الوكيل(2)

قال الراوي: ولما انتقل الإمام علي الهادي (ع) إلى روح الله ورضوانه وقد سمه (المعتمد) في رمان وقيل في ماء فلما فاضت روحه المقدسة علا الصياح في داره وقامت الواعية في الهاشميين يلطمون الخدود ويخدشون الوجوه وينادون وا ضيعتاه، وا وحدتاه، من لليتامى والمساكين، من للفقراء والمنقطعين(3)

 

 

مات في سُرَّ من رأى مستظاما      نـازح الدار لم يجد من مفادي

فـبكته  السماءُ والأرضُ حزنا      ولـه  ذاب قـلب صمِّ الجماد

وأقـامت  لـه الـملائك طرا      مـأتم الـحزن فوق سبعٍ شداد

والـنبيون فـي الـجنان عليه      لـبسوا لـلعزا ثـياب حـداد

وعـليه  الـبتولُ ناحت بدمع      يجري كالسيل من صميم الفؤاد

مـات خيرُ الأنام أزكى البرايا      خـيرُ داع إلـى الإله وهادي

 

لكن أيها المحب كما علمت لقد قام الأعيان والوزراء وجمع من بني العباس بالإضافة إلى جمع من بني هاشم وسائر الشيعة من سامراء يتقدمهم الإمام العسكري (ع) هؤلاء جميعا قاموا بتجهيز الإمام الهادي على أكمل وجه حتى دفنوه في داره.

وكما ذكرت الروايات أن الإمام الهادي صُلِّي عليه مرتين مرة من قبل الإمام العسكري (ع) وأخرى من قبل الواثق والي العهد العباسي والحسين (ع) صلي عليه مرتين مرة من قبل الإمام السجاد ومرة من قبل السيوف والنبال والرماح كما يقول الشاعر:

 

صلت على جسم الحسين سيوفهم      فـغدا  لـساجدة الـضبا محرابا

صـلت  عليه اسيوف اميه      او داست الخيل ابن الزچيه

والأشـد  واعظم كل رزيه      سكنه  تصيح الحگ عليه

بـويه يبن راعي الحميه      لا والي عندي او لا تچيه

يضربوني  واشگف بديه

***

أبـرزت  حـاسرةً لكن على      حـالة لم تبق للجلد اصطبارا

لا  خـمارٌ يستر الوجه وهل      لـكريمات الهدى أبقوا خمارا

لم  تدع (يا سُلَّت الأيدي) لها      من حجابٍ فيه عنهم تتوارى


(1) ـ شعراء القطيف ص259.

(2) ـ 60/61.

(3)ـ المصدر السابق والصحيح هو المعتز لأن المعتمد بويع له سنة 256هـ.