(المجلس الثاني محاولات المنصور العباسي لقتل الإمام جعفر الصادق (ع

القصيدة: للسيد محسن الأمين

 

تـبكي الـعيون بـدمعها المتورِّد      حـزناً  لـثاوٍ فـي بـقيع الغرقد

تـبكي  الـعيون دمـا لفقد مبرَّزٍ      مـن آل أحـمد مـثله لـم يُـفقد

أيُّ  الـنواظر لا تـفيضُ دموعُها      حـزنا لـمأتم جـعفر بـن محمد

الـصادق الصدِّق بحر العلم مص      بـاح الـهدى والـعابد الـمتهجد

رزءٌ  لـه أركـان ديـن مـحمدٍ      هـدَّت ونـاب الحزن قلب محمد

رزءٌ لـه تـبكي شـريعةُ أحـمدٍ      وتـنـوح مـعولةً بـقلب مـكمد

رزءٌ بـقلب الـدين أثـبت سهمه      ورمـى  حُـشاشة قلب كلِّ موحِّد

مـاذا جـنت آل الطليق وما الذي      جرَّت على الإسلام من صنعٍ ردي

كـم  أنـزلت مـرَّ البلاء بجعفر      نـجم الـهدى مأمون شرعة أحمد

كـم  شـردته عـن مـدينة جدِّه      ظـلما تـجشِّمُه الـسرى في فدفد

لـم  يـحفظوا المختار في أولاده      وسـواهم  مـن أحمد لم يُولَد(1)

 

(نصاري)

عـلى  الـمسموم يـا گلبي تفطّر      او ذوب امن الهظم لاجله او تحسر

تفطّر  يا گلب لمصاب جعفر      وانته  يا جفن هل دمعتك دم

ابـد  ما عفه المنصور عنّه      لمن  بالسم تگاضه النذل منه

گعد عنده اوليده او جذب ونّه      او سالت دمعته والدمع عندم

 

(أبوذية)

الـما يـعترف بسم الله وسمه      ابسقر طاح السعه ابكتله وسمه

اشـلون اتجرع الصادق وسمه      او عليه تنعى او تون الجعفريه

 

(أبوذية)

يـالصادق  يـسمونك وتنصاب      او مـآتم شيعتك تبني وتنصاب

او عليك ادموع تتجاره وتنصاب      او  بسمك كل بلد نصبوا عزيه

 

محاولات المنصور العباسي لقتل الإمام جعفر الصادق (ع)

قال العلامة المجلسي في بحاره: قال الربيع صاحب المنصور حججت مع أبي جعفر المنصور فلما كان في بعض الطريق قال لي: يا ربيع إذا نزلت المدينة فاذكر لي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين فو الله العظيم لا يقتله أحد غيري احذر أن تدع تذكرتي به قال: لما صرنا إلى المدينة أنساني الله عز وجل ذكره فلما صرنا إلى مكة قال لي: يا ربيع ألم آمرك أن تذكرني بجعفر بن محمد إذا دخلت المدينة قال فقلت: نسيت ذلك يا مولاي يا أمير المؤمنين، قال: فقال لي: إذا رجعت إلى المدينة فذكرني به فلابد من قتله فإن لم تفعل لأضربن عنقك فقلت: نعم يا أمير المؤمنين ثم قلت: لغلامي وأصحابي ذكروني بجعفر بن محمد إذا دخلت المدينة فلم يزل غلماني وأصحابي يذكرونني به في كل وقت بين يديه وقتل: يا أمير المؤمنين جعفر بن محمد، قال: فضحك، وقال لي: نعم يا ربيع فاتني به ولا تأتني به إلا مسحوبا قال فقلت: يا مولاي حبا وكرامة وأنا أفعل ذلك طاعة لأمرك، قالت: ثم نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك، قالت: فأتيت الإمام الصادق جعفر بن محمد وهو جالس في وسط داره فقلت له: جعلت فداك إن أمير المؤمنين يدعوك قال دعني ألبس ثيابي، قلت: ليس إلى ذلك سبيل، قال: فأخذت بطرف كمه أسوقه حافيا حاسراً إليه فلما أدخلته عليه رأيته وهو جالس على سريره وفي يده عمود من حديد يريد أن يقتله به ونظرت إلى جعفر وهو يحرّك شفتيه فلم اشك أنه قاتله ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر يحرك شفتيه به فوقفت أنظر إليهما.

فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له المنصور ادن مني يا ابن عمي وتهلل جهه وقرَّبه منه حتى أجلسه معه على السرير ثم قال: يا غلام ائتني بالحقة فأتاه بالحقة فيه قدح الغالية فغلفه منها بيده ثم حمله على بغلة وأمر له ببدرة وخلعة ثم أمره بالانصراف.

هذه مرة دفع الله عز وجل عن إمامنا أبي عبد الله كيد المنصور ومرة أخرى دفع الله عنه كيده لما آلى على نفسه أو لا يمسي عشيته او يقضي على أبي عبد الله الصادق (ع).

يقول محمد بن عبد الله الاسكندري: قال المنصور الدوانيقي: آليت على نفسي أن لا أمسي عشيتي هذه أو أفرغ منه (من جعفر بن محمد) ثم دعا سيافا وقال له: إذا أنا أحضرت أبا عبد الله الصادق وشغلته بالحديث ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه.

ثم أحضر أبا عبد الله في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار فرأيت المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه يحمر ساعة يصفر أخرى وأخذ بعضد أبي عبد الله الصادق وأجلسه على سرير ملكه وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه ثم قال: يا ابن رسول الله ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ قال: أنت دعوتني. قال ما دعوتك والغلط من الرسول ثم قال: سل حاجتك فقال: أسألك أن لا تدعوني لغير شغل قال: لك ذلك وغير ذلك ثم انصرف أبو عبد الله.

وهكذا بقي المنصور يرسل خلف الإمام جعفر بن محمد (ع) وفي كل مرة يريد قتله ولكن لم يتمكن من قتله بنفسه لذا بعث سما قاتلا إلى والي المدينة محمد بن سليمان وأمره أن يعطيه السم بواسطة العنب فأخذ عنبا ووضعه في السم حتى صار مسموما فقدمه للإمام. وفعلا سم (ع) بذلك العنب المسموم ومرض مرضا شديدا ووقع في فراشه.

قيل: فدخل عليه أحد أصحابه فلما رأى الإمام مسجى على فراش الموت وقد ذبل فبكى فقال (ع): لأي شيء تبكي؟ فقال: ألا أبكي وأنا أراك على هذه الحالة؟ فقال: لا تفعل فإن المؤمن يعرض عليه كل خير إن قطعت أعضاؤه كان خيرا له وإن ملك ما بين المشرق والمغرب كان خيرا له.

وفي جنات الخلود: سقي السم مرارا عديدة وفي آخر مرة سقي سما نقيعا في عنب ورمان (2) فمرض مرضا شديدا وعارضه وجع شديد في بطنه وأحشائه وأمعائه.

قال عمرو بن زيد: دخلت عليه أعوده فرأيته متكئا وقد أدار وجهه إلى الحائط والباب وراء ظهره فلما دخلت عليه قال: وجهني إلى القبلة، فوجهته وأردت أن أسأله عن الإمام بعده وعن الحجة فقال: لا أجيب الآن وستعلمن نبأه بعد حين ثم عرق جبينه وسكن أنينه وقضى نحبه ولقي ربه مسموما شهيدا صابرا محتسبا، أي وا إماماه، وا سيداه، وا صادقا.

 

(نصاري)

رده  الـيثرب او آمـر بـسمه      عگب ذيچ الهظيمه او فوگ همه

گضـه  مسموم وابنه اينوح يمه      او نـصب له للعزه ابفرگاه ماتم

 

ثم غسله ولده الإمام الكاظم وحنطه وكفنه في خمسة أثواب وصلى عليه ثم دفنه عند والده وجده في البقيع وكان يوماً عظيما على المسلمين.

 

أقـول  وقـد راحوا به يحملونه      عـلى  كاهل من حامليه وعاتق

أتدرون  ماذا تحملون إلى الثرى      ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق

غداة  حثا الحاثون فوق ضريحه      تـرابا وأولى كان فوق المفارق

 

يقول الراثي: أيها المشيعون أتحثون التراب على إمامكم وملاذكم وسيدكم لقد كان الأحرى بكم أن تحثوا التراب على رؤوسكم لأنكم دفنتم إمامكم بأيديكم وواريتموه تحت أطباق الثرى (3).

 

(موشح)

گام او غسله الكاظم او شگ لحده      او بيده نزله او ظل ينتحب عنده

بـس  احـسين محد غسله وحده      ثلث  تيام مطروح ابشهر عاشور

 

(أبوذية)

الچتـل احسين دوم الدمع ينسل      او كل شيعي يحگله اعليه ينسل

مـتى سيفك يشبل الحسن ينسل      او  تاخذ ثارك امن اعلوج اميه

 

(تخميس)

مـولاي  يـا أملاً ما غادر الزمنا      الـظلم  أجـهدنا والـصبر أرَّقنا

والـهجر  أرهقنا والكفر حاط بنا      يا صاحب العصر أدركنا فليس لنا

ورد هـنيُّ ولا عـيش لـنا رغد


(1) ـ المجالس السنية ج2 ص516.

(2) ـ وفاة الإمام جعفر الصادق ص37 للشيخ حسين بن الشيخ محمد البحراني.

(3) ـ نور الأبصار للحائري. أئمتنا ج2 للشيخ علي محمد علي دخيل.